المظاهر الحضارية لبلاد المغرب القديم

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: تاريخ و حضارة المغرب القديم
Livre: المظاهر الحضارية لبلاد المغرب القديم
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Sunday 5 May 2024, 18:32

1. المظهر السياسي

نظام الحكم

 ساد النظام الملكي الوراثي في الممالك الامازيغية القديمة،   وكانت الملكية ملكا لإحدى العائلات التي تنتمي بالذكور إلى جد مشترك، يتولى الحكم كبير العائلة الملكية، و بوفاته ينتقل الحكم للاكبر، فالملك يعين وفق هذه القاعدة و لا يوجد بحسب ستيفان قزال أي نص يشير إلي مشاركة قانونية للرعايا في تعينه. 

مهام  الملك:

  يحمل الملك في اللغة الليبية  اسم الاقليد وفق ما ورد في  النقوش و ما يستخدم في اللهجات اﻷمازيغية  الحالية، وعن مدى تمتع الملوك النوميديين بالسلطة المطلقة فيرى ستيفان قزال أن الملك النوميدي لم يتمتع بالسلطة المطلقة، وهذا عائد إلى طبيعة مملكته التي تفتقد الانسجام، وهو ما ذهب إليه كل من فنتر وديكريه (MH.Fantar, Decert)  عندما أشارا إلى محاولة الملك ماسينيسا لفرض السلطة المطلقة، لكن سعة المملكة وصعوبة الاتصال وكذا النظام القبلي و  اختلاف  نمط  المعيشة  بين  الحضر و الرحل وقفت حائلا أمام قيام  سلطة  مركزية مطلقة ، في حين يرى البعض الأخر أن هذه التجمعات القبلية عارضت السلطة الملكية لاّن زعماء القبائل النوميدية لا يريدون أن يكونوا مجرد رعايا فقط بل أرادوا المشاركة في السلطة.

 وكانت من مهام الملك ضمان الامن وتنمية العلاقات التجارية و قيادة الجيوش فهناك من يرى في المملكة النوميدية إمرة حربية و الملك النوميدي رجل حرب اكثر مما هو ديبلوماسيا لكننا نجد هذا الملك النوميدي و في سبيل حفاظه و ضمان استمرارية سلطته لم يكتف باستعمال القوة التي أخبرنا عنها قزال ، و إنما وظف أيضا الجانب السياسي و الديني هذا الأمر الذي يتضح في  استعماله للتحالفات ، اعتماده على الوسطاء و كذلك سياسة الإغراء و الروابط الزوجية.

 

 

2. الجيش

 كانت القوة العسكرية  مكمّلة ومدعمة لسلطة الملوك النوميديين ، وكان هناك انسجام كبير بين المؤسسة السياسية و المؤسسة العسكرية ،هذه الأخيرة التي ساهمت في تفعيل القرار السياسي النوميدي سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي  وينقسم الجيش النوميدي الى :

1) الجيش البّري:

ويتشكل من الجيش الدائم ، وحدات الاحتياط و من المرتزقة .

أ‌)    الجيوش الدائمة:

  يتركب الجيش النوميدي الدائم من المشاة و الفرسان ، و تزخر الكتابات الكلاسيكية بالنصوص التي تصف الأساليب القتالية و المعدات الحربية للمشاة و الفرسان النوميديين ، الذين خدموا في فرق مساعدة في الجيوش الرومانية و القرطاجية.   

 تميز الفرسان و المشاة النوميديون بالخفة و السرعة في تنفيذ العمليات الحربية إلى درجة أن قال عنهم تيتوس ليفيوس"  إنهم أسرع من الأحصنة نفسها"  .  

ب) وحدات الاحتياط:

  تجند عند اندلاع الحرب و تسرح بمجرد انتهاء الحرب أو توقفها، و كانت هذه الوحدات الإضافية من المجندين تقدمها القبائل و هو ما يفسر قيادة رؤساء القبائل لهذه الجموع من المحاربين في المعارك و التي تعزز و تكمل صفوف الجيوش النظامية.

ج) المرتزقة:

  استخدم الملوك النوميديون الجند المأجور في جيوشهم منذ يوغرطة على الأقل، إذ تحدث سالوستيوس عن وجود ليقوريين و تراقيين في  جيش يوغرطة ، كما استعان يوبا الأول بالمرتزقة  لتقوية جيشه ، إذ قام يوبا الأول  بوضع 200 ألف  فارس إسباني و غالي الذين كانوا يشكلون حرسه الشخصي تحت تصرف ضابطه سابورا (Saburra).

2)  البحرية النوميدية:

   إن الإشارات التي تدل على وجود بحرية نوميدية  قليلة ، أقدمها يعود إلى الفترة السابقة للمماليك   النوميدية، تمثل في نقش غائر لسفينة ليبو- بونية على الحوانيت (Haouanet)، و كانت هذه  السفن الممثلة ثلاثية و خماسية الدفع، غير أن الاهتمام الفعلي بالبحرية ظهر في عهد الملك  "ماسينيسا" ،اذ نجد نصوصا تتحدث عن اسطول هذا العاهل الذي يجوب عباب البحر الأبيض المتوسط فبالإضافة الى دور هذا الأسطول في التجارة ، كان عليه دفع القرصنة و صد الأعداء

3. المظهرالاقتصادي

 توفر لنا النصوص القديمة امثلة و تسرد لنا و قائع تمكننا من تصور الوضع الاقتصادي لفترة الملوك النوميديين :

الزراعة :                                              

عرف المغاربة الزراعة  منذ اواخر ماقبل التاريخ ، وقد حظيت بعناية  و اهتمام الملك ماسينيسا الذي عمل على الحد من اراضي الرعي ، فقد ارسل ماسينيسا كميات هائلة من القمح الى الجيش الروماني ، و ارسل ميكيبسا القمح الى سردينيا ، هذا و ان دل على شيء فهو يدل على وفرة إنتاج الحبوب ( القمح و الشعير)التي كانت تحتل مكانة الصدارة في الزراعة النوميدية، التي شملت ايضا البقول ( الفول ، الحمص، العدس و الجلبان)، البصل ، الثوم،إضافة إلى الفواكه التي يكون الفينيقيون و من بعدهم القرطاجيون قد جلبوها من الشرق و نشروا زراعتها في بلاد المغرب مثل التفاح و الرومان.

و يمكننا علم الاثار من معلومات و افرة حول الاقتصاد و المجتمع في نوميديا فان الجرار المكتشفة في المواقع النوميدية و خاصة الجرار التابعة لرودز تبرز اهمية التبادل الاقتصادي بين نوميديا و بقية منطقة  البحر المتوسط، وعن طريق مدينة شمتو، ندرك ان الفترة مابين القرنين الثالث و الثاني كانت فترة رفاه اقتصادي و اجتماعي.

اما فيما يتعلق بالملكية الزراعية  تدل النصوص  على وجود أراضي تابعة للملك، و أخرى تابعة للأمراء، وأراضي تابعة للمعابد و أخرى للأعيان، وان كنا مازلنا نجهل كيفية و شروط استغلالها.

الصناعة

ساد ت مجموعة من الحرف في بلاد المغرب القديم و التي عرفناها خاصة عبر نقوش معبد الحفرة و تمثلت في حرفة النساج، حرفة صانع التماثيل الفخارية حرفة النجارة ، و يشير الباحث بيكار الى صناع الملابس و الدباغين و صانعي الجلود و الاحذية .

 كما عرف السكان الصناعات التحويلية منذ فترة مبكرة كتحويل الزيوت و تجفيف الاسماك و استغلال الحديد و النحاس اضافة الى حرف اخرى كصناعة الحلي باشكاله المختلفة خواتم اقراط و خلاخل و عقود و اساور من معادن مختلفة فقد حدثنا هيرودوت عن استخدام الليبيات لاقراط من الجلد وتحدث سترابون على حسن تذوق المور للحلي الذهبية و الحلي لم يكن حكرا على النساء فقد تحدثت النصوص عن استخدام الرجال للاقراط فقد اشار بلوتارخوس الى قرط يوغرطة الذهبي و الأسلحة بنوعيها الهجومية و الدفاعية كان اشهرها سلاح الرمح الذي اعتبره البعض السلاح الوطني للمغاربة و الذي كان موجودا بكثرة في القبور حسب ما كشفته الاعمال الاثرية اضافة الى ذكره من طرف معظم الكتاب القدامى

التجارة

وتنقسم الى: التجارة الداخلية و الخارجية

التجارة الداخلية

 كانت تتم بين  ثلاثة اصناف من الباعة و المشترين في الوقت ذاته

ا الرعاة: يقدمون الصوف و الجلود مقابل الحصول على الحبوب اما عن طريق المقايضة او الدفع 

المدنيون:

الذين يوجد في صفوفهم حرفيون مختلفون يقدمون للفلاحين ادوات العمل كالمجرافة و المحراث و المنجل

المزارعين:

الذين يقدمون الحبوب في الاسواق الموجودة في المدن  والتي كانت نقطة التفاء اطراف العملية التجارية السابق ذكرهم  حيث يجدون فيها مستلزماتهم من ماكل و مواد ووسائل ، و لهذا الغرض انتظمت الاسواق في شكل معارض اسبوعية في بعض المدن و في اوقات معلومة.

التجارة الخارجية:

 احتلت الحبوب الصدارة في الصادرات النوميدية ،التي شملت ايضا الانتاج الحيواني كالفيلة النوميدية وايضا تجارة العاج الذي كان رائجا باسم العاج النوميدي ،اضافة الى الفيلة يمكننا الحديث عن الخيول و اعتمادا على تيتوس ليفيوس نجد ماسينيسا فد عقد صفقات مع روما موزعة مابين سنتي 200-170ق.م

كما ازدهرت تجارة الحيوانات المفترسة

 وكانت المبادلات التجارية تتم اساسا مع الرومان فقد اشرنا إلى كميات الحبوب التي كان يصدرها ماسينيسا الى روما وفق صفقات تجارية نوميدية رومانية ،كما تعاملت نوميديا مع بلاد الاغريق فقد عقد ماسينيسا صفقات مع رودس التي كانت مركزا تجاريا شهيرا ، ولقد تم العثور على نقود هذه الاخيرة في الجزائر ، كما أقام الروديين  تماثيل تشريفية للملوك النوميديين وان دل على شيء فهو يدل على التعامل التجاري الواسع بين نوميديا و بلاد الإغريق  الذي يعود الى عهد الاقليد ماسينيسا و استمر إلى أواخر عهد المملكة ، اما المبادلات التجارية فقد تمثلت اساسا في القمح و الشعير و الاخشاب ، وقد استورد النوميديون من بلاد الاغريق المصابيح و الاواني التي عثر عليها في نوميديا .

 كما ربطت نوميديا علاقات تجارية مع شبه جزيرة ايبيريا و غالة و مصر .

 

4. المظهر الاجتماعي

امتازت حياة النوميديين بنمطها الحضري في زمن كان فيه سكان الجنوب البدو الجيتول يعيشون معيشة نصف بدوية من اجل التأقلم مع محيطهم ، و كان الحضر يعيشون خاصة في مساكن متفرقة خاصة و ان المناخ يفرض نوعا من الفلاحة و تربية الماشية الملائمة للبيئة المحيطة،  تميزت حياتهم حسب ما ذكره سترابون بالبساطة وكان لباسهم مصنوع من جلود الحيوانات خاصة الماعز و استخدموا الملابس النسيجية ابتداء من القرن الخامس عشر و الرابع عشرا.

اشتهر الليبيون بقوة بنيتهم و طول اعمارهم، حيث   توفرت ليبيا على قوة بشرية هائلة ، وهذا راجع الى ارتفاع الولادات التي وصفها قزال  (Gsell. S) بالقوية والى أعمار السكان  الطويلة، فالليبيون و بشهادة هيرودوت هم اصح الناس جميعا، هذه الصحة التي تمتع بها النوميديون الذين يعتبرون جزءا من هذه الأمة الليبية.

5. المظهر الديني

المعتقدات اللوبية – النوميدية :

أ‌-  مجمع الهة:

كان اللوبيون النوميديون يقدسون عناصر الطبيعة شانهم في ذلك شان الشعوب القديمة ، لاسيما الشمس و القمر و الماء و الجبل ، فقد تضرع الملك ماسينيسا الى الشمس كاله أعلى حسب ما اوردته النصوص القديمة، واعتبروا جبل الاطلس الهة ، و يطلق تسمية الطبيعية على ديانة المرحلة قبل البونية،كما عبدوا فيما بعد الحيوان ( الكبش ، الثور و يضيف البعض التنين و الاسد)والجماد او الاحيائية فقد كان للمغارات الاله يفرو، و المياه الاله ثيليلوا ، كما عرفوا عبادة الأسلاف و الملوك ،

 و قد تطورت معتقداتهم لتشمل سبعة الهة و الهة وقد تكون رمزا للانجاب ، و يقدر عدد الالهة الذكور ستة او سبعة ، بينما يبدو ان عدد الالهة الاناث لم يتجاوز الاثنتين .

الآلهة الرئيسية: و تمثلت في بعل –حمون، تانيت و بعل ايدير

الالهة الثانوية:

تمثلت في الالهة الماورية التي انشرت عبادتها في البلاد عثر عليها في تبسة ، مداوروش ،باجة ،لملباز،خنشلة.

الهة الجيتولية- الماورية، الهة الجيتوليين، الهة افريقيا و الهة ليبيا.

اماكن العبادة :                                 

اما عن اماكن العبادة فقد كانوا يتعبدون في الاماكن العالية من قمم الجبال و المغارات  او بالقرب من العيون و الاشجار المقدسة التي مثلت مواقع العبادة الاولى ، ثم الاراضي المسورة  التي كانت تقام في الهواء الطلق ، اما تشييد المعابد فهو عائد الى قترة الملوك النوميديين ، ومن المعابد النوميدية معبد ثوقة و شمتو.

  الصورة رقم 01:  معبد ثوقة

6. المظهر الفكري

اللغة :          

  تصنف اللغة الليبية ضمن المجموعة الحامية التي تشمل إضافة إلى اللغة الليبية ، اللغة المصرية القديم و الكوشية ( لغة ايثيوبيا و الصومال).

 انتشر استعمال اللغة الليبية في المنطقة الممتدة من سيوة شرقا إلى جزر الكناري غربا،ومن ضفاف البحر المتوسط شمالا إلى أطراف مالي و النيجر جنوبا.

انحدرت من اللغة الليبية مختلف اللهجات المتكلم بها في مختلف مناطق بلاد المغرب حاليا ( الريفية ،الشلحية في المغرب الاقصى ،القبائلية ،الشاوية ، الميزابية، الشنوية في الجزائر، وكذا السواحلية في موريطانيا و لغة الغوانش في جزر الكناري).

الكتابة:

 تختلف الكتابة الليبية عن الكتابة الفينيقية و الايبيرية ، وقد تعرفنا على الكتابة الليبية من خلال النقوش الإهدائية المزدوجة في ثوقة، وهي تتواجد في كامل مجال تواجد اللغة الليبية

استخدمت هذه الكتابة من طرف الممالك الليبية ومن طرف المواطنين وكذا في الشؤون السياسية و الدينية

 تتميز الكتابة اللوبية بعلامات ذات اشكال هندسية حادة وهي تكتب عموما في صفوف عمودية متوازية من الاسفل الى الاعلى و البداية من اليسار،و باستخدام رموز منفصلة فهي لاتعرف الربط و لا اداة الوصل.

 

 الصورة:  نقيشة مزدوجة  لوبية - بونية في ثوقة ( تونس)