المبحث الثاني مكانة العقود التجارية

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: العقود التجارية -أ. بن خليفة
Livre: المبحث الثاني مكانة العقود التجارية
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: vendredi 4 juillet 2025, 20:49

Description

تتمتع العقود التجارية بمكانة خاصة تميزها عن غيرها من العقود الأخرى سيما المدنية منها، الأمر الذي يدفعنا إلى دراسة هذا العنصر من خلال إبراز أهمية العقود التجارية في المطلب الأول، ثم معايير إضفاء الصفة التجارية على العقد في مطلب ثان. 

1. المطلب الأول أهمية العقود التجارية

تظهر أهمية العقود التجارية في كونها الطريقة الأسهل والأسرع والأكثر تماشيا وطبيعة العمل التجارية وما يقتضيه من سرعة وائتمان، كما أن دراستها ستساهم في الكشف عن مختلف الثغرات الموجودة في النصوص القانونية ومنه سد النقائص وتعديل النصوص القانونية بما يخدم أطراف العلاقة.

2. المطلب الثاني معايير إضفاء الصفة التجارية على العقد

أولا- من حيث القانون الذي تخضع له العقود التجارية  

لا يوجد في القانون الجزائري اصطلاح للعقود التجارية ومنه فإنها تخضع لأحكام الأمر رقم 75-59 المؤرخ في 26 سبتمبر سنة 1975 المتضمن القانون التجاري وكافة القوانين التي تنظم المعاملات التجارية في الجزائر، بما يتماشى مع المميزات التي يتمتع بها العقد التجاري من سرعة وائتمان، وسهولة اثبات...

ثانيا- من حيث انعقاد العقد

يشترك العقد التجاري مع العقد المدني في طريقة الابرام فهو يتطلب وجود طرفين أو أكثر يتمتعان بالأهلية اللازمة، وكذا التعبير عن إرادة الأطراف السليمة خالية من عيوب الإرادة (الغلط، التدليس، الإكراه والاستغلال)، بالإضافة إلى ضرورة أن يكون للعقد محل ممكن ومشروع وسبب بين ومشروع كذلك، إلا أن هناك بعض الخصوصية تتعلق بإبرام العقود التجارية مثل تبسيط قواعد التعبير عن الرضا على نحو يتلاءم مع سرعة المعاملات التجارية، فالسكوت مثلا كقاعدة عامة لا يعتبر قبولا ومع ذلك يعد السكوت قبولا في بعض العقود التجارية إذا ارتبط بتعاملات سابقة بين المتعاقدين.

ثالثا- من حيث طلب البطلان بسبب الاستغلال أو الغبن في العقد التجاري

طلب إبطال العقد لعيوب في الرضا يندر في مجال العقود التجارية نظرا لخبرة التجار وظروف السوق وميزة المعاملات التجارية التي تتجسد أساسا في عنصري السرعة والثقة (الائتمان).

رابعا- من حيث الإثبات

تماشيا مع ما تقتضيه التجارة من سرعة وائتمان وسهولة وتبسيط للإجراءات فإن المشرع الجزائري سهل وبسط عملية الإثبات في المواد التجارية، حيث أجاز إثباتها حسب نص المادة 30 من الأمر 75- 59 المتضمن القانون التجاري بـ :

-السندات الرسمية،

- السندات العرفية،

- الفواتير المقبولة،

- بالرسائل،

- بدفاتر الطرفين،

- بالإثبات بالبينة أو بأية وسيلة أخرى إذا رأت المحكمة وجوب قبولها.

كما رسخت المادة 333 من الأمر رقم 75-58 المتضمن القانون المدني مبدأ حرية الاثبات في المواد التجارية بقولها : "في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانون تزيد قيمته عن 100.000 دينار جزائري أو كان غير محدد القيمة، فلا يجوز الاثبات بالشهود في وجوده أو انقضائه ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك". 

ومن الحالات التطبيقية لمبدأ حرية الاثبات ما نصت عليه المادة 31 فقرة 1 ق. ت بقولها : "يثبت الرهن المتمم من تاجر أو غير تاجر لأجل عمل من الأعمال التجارية تجاه الغير وبالنسبة للمتعاقدين طبقا لأحكام المادة 30 أعلاه...".

وعليه يتضح أن رهن المنقولات في القانون التجاري يجوز اثباته بكافة طرق الاثبات. 

كذلك نص المادة 795 مكرر 2 ق. ت بقولها: "ويمكن اثباتها بكل الوسائل" ويلاحظ على هذا النص القانوني أن المشرع التجاري لم يشترط اثبات شركة المحاصة بعقد مكتوب.

وعليه يتضح أن المشرع الجزائري خول أطراف العلاقة حرية الاثبات بما يتماشى مع سرعة المعاملات التجارية.

غير أن هذا المبدأ لم يأتي على إطلاقه بل ترد عليه بعض الاستثناءات التي تقتضيها ضرورات تتعلق بحماية المعاملات التجارية والتي بدورها تقيد الإثبات كما يلي:

-          الاثبات في الأوراق التجارية لا يكون إلا بالورقة التجارية عملا بمبدأ الكفاية الذاتية للورقة التجارية الذي جاء لحماية حامل الورقة وطمأنته  من جهة، وتشجيعا للتعامل بالأوراق التجارية من جهة أخرى.

-          أوجب المشرع الجزائري الكتابة في بعض التصرفات القانونية كعقد الشركة (المادة 545 ق. ت) ورهن المحل التجاري (المادة 120 ق. ت) وعقود الإيجار التجارية (المادة 187 مكرر ق. ت) وبيع المحل التجاري (المادة 79 ق. ت)، وعقود التأمين البرية والبحرية.

خامسا- من حيث الاختصاص القضائي

يعتبر الاختصاص القضائي السلطة الممنوحة لجهة معينة للفصل في المنازعات من خلال اتباع اجراءات معينة وهو ينقسم إلى اختصاص نوعي وآخر اقليمي.

أ- الاختصاص النوعي: تنظر المنازعات التجارية على مستوى المحكمة التي لها الولاية العامة في نظر كل المنازعات التي تدخل ضمن نطاق القانون الخاص، وذلك حسب نص المادة 32 من ق.إ.م.إ : "المحكمة هي الجهة القضائية ذات الاختصاص العام وتتشكل من أقسام..."

ويختص القسم التجاري البحري تحديدا بنظر المنازعات ذات الطابع التجاري، حيث يتم جدولة القضايا على مستواه حسب طبيعة النزاع، غير أنه المحاكم التي لم تنشأ فيها الأقسام يبقى القسم المدني المختص بنظر المنازعات التجارية، كما أنه يمكن أن ينظر القسم التجاري البحري في المنازعات البحرية وذلك عند الاقتضاء وذلك حسب نص المادة 53 من ق. ت.

في حالة جدولة قضية أمام قسم غير القسم المختص تحال القضية مباشرة إلى القسم المختص عن طريق أمانة ضبط المحكمة بعد إخبار رئيس المحكمة مسبقا.

هناك بعض المنازعات تختص بالنظر فيها الأقطاب المتخصصة حصريا وهي المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية، الإفلاس والتسوية القضائية، المنازعات المتعلقة بالبنوك، ومنازعات الملكية الفكرية، والمنازعات البحرية والنقل الجوي ومنازعات التأمينات.

ب- الاختصاص الإقليمي:  تنص المادة 532 من ق. إ. م: "تطبق على القسم التجاري، أحكام الاختصاص الإقليمي المنصوص عليها في هذا القانون والقواعد الواردة في القانون التجاري والقانون البحري والنصوص الخاصة".

- تقضي القواعد العامة حسب نص المادة 37 ق.إ.م أن الاختصاص الإقليمي يؤول للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها:

  • موطن المدعى عليه.
  • آخر موطن له إذا لم يكن له موطن معروف.
  • الموطن المختار.

كما تضيف المادة 39 من القانون نفسه أن الاختصاص الإقليمي يؤول إلى الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها:

  • الوعد أو،
  • تسليم البضاعة أو،
  • مكان الوفاء أو،
  • مكان أحد فروع الشركة في الدعاوى المرفوعة ضد بالشركة. 

كما تقضي المادة 40 أن الدعاوى المتعلقة بالإفلاس أو التسوية القضائية للشركات، الدعاوى المتعلقة بمنازعات الشركاء ترفع أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان افتتاح الإفلاس أو التسوية القضائية أو المقر الاجتماعي للشركة.

سادسا- من حيث التضامن

يعد التضامن أحد أهم الضمانات الممنوحة للدائن كونها تعطيه الحق في مطالبة المدين الأكثر يسرا والأكثر استعدادا للوفاء بكامل مبلغ الدين، ويعد التضامن من الضمانات الشخصية التي تشكل عبئا ثقيلا على عاتق المدين، ونظرا لقسوة هذا الالتزام جعل المشرع التضامن في المسائل المدنية لا يكون إلا بنص أو باتفاق حسب نص المادة 217 قانون مدني، بينما أقر بافتراض مبدأ التضامن في بعض المسائل التجارية فقط وليس كلها، فلا يوجد نص صريح ضمن القانون التجاري الجزائري يفيد بافتراض التضامن في المعاملات التجارية وإنما هناك نصوص متفرقة تقضي بافتراض التضامن وذلك في بعض المعاملات التجارية، كالتعامل بالأوراق التجارية حسب نص المادة 432 ق. ت بقولها : "إن صاحب السفتجة وقابلها ومظهرها وضامنها الاحتياطي ملزمون جميعا لحاملها على وجه التضامن.

ويكون للحامل حق الرجوع على هؤلاء الأشخاص منفردين أو مجتمعين بدون أن يكون مرغما بمراعاة الترتيب الذي توالت عليه التزاماتهم..." وشركات التضامن المادة 551 بقولها للشركاء بالتضامن صفة التاجر، وهم مسؤولون ومن غير تحديد وبالتضامن عن ديون الشركة" والشركات في طور التأسيس حسب نص المادة 449 بقولها : "لا تتمتع الشركة بالشخصية المعنوية إلا من تاريخ قيدها في السجل التجاري. وقبل إتمام الإجراء يكون الأشخاص الذين تعهدوا باسم الشركة ولحسابها متضامنين من غير تحديد في أموالهم إلا إذا قبلت الشركة بعد تأسيسها بصفة قانونية أن تأخذ على عاتقها التعهدات المتخذة فتعتبر التعهدات بمثابة تعهدات الشركة منذ تأسيسها".

سابعا- من حيث الاعذار

يكون الإعذار في المسائل التجارية بإعذار المدين أو إخطاره بإنذار رسمي أو برسالة مضمونة بعلم الوصول، ويجوز أيضا خاصة في أحوال الاستعجال أن يكون بواسطة الفاكس أو ببرقية أو غيرها من وسائل الاتصال السريعة، على عكس المواد المدنية التي يجب أن تكون بإنذار بموجب ورقة رسمية تبلغ إليه عن طريق محضر قضائي.

ثامنا- عدم مجانية العقد التجارية

وهذا يعود إلى كون العقد التجاري عقد معاوضة وليس من عقود التبرع كما تتوفر فيه صفة الربحية.

تاسعا- مهلة الوفاء بالدين

العديد من الأحكام التجارية مشمولة بالنفاذ المعجل رغم قابلية الحكم للطعن فيه، وعليه لا يوجد في المعاملات التجارية نظرة الميسرة أو المهلة القضائية إلا ما تعلق بالتسوية القضائية التي يتسفيد منها التاجر المفلس حسن النية الذي توقف عن دفع ديونه، وذلك بإمهاله مهلة للوفاء بديونه والوقوف بتجارته من جديد، أما في المواد المدنية فيجوز للقاضي أن يمنح المدين بدين مدني الذي توقف عن دفع ديونه مهلة لتنفيذ التزامه وذلك حسب نص المادة 210 ق. م .