القيم الفردية

الموقع: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
المقرر: السلوك التنظيمي
كتاب: القيم الفردية
طبع بواسطة: Visiteur anonyme
التاريخ: Monday، 6 May 2024، 11:05 AM

1. مقدمة ومفهوم القيم

مقدمة:

تعد القيم من المواضيع المهمة في حياة الأفراد الخاصة و العملية، فهي إحدى المكونات الأساسية للشخصية. كما أنها تؤثر في سلوك الأفراد، واتجاهاتهم، وعلاقاتهم داخل المنظمات وخارجها، ولذلك نالت هذه الأخيرة حظا وافرا من البحث والدراسة في المجالات العلمية المختلفة مثل علم النفس، علم الاجتماع، علم الاقتصاد، علم الفلسفة، أما في علم الإدارة، فإنها كانت من الموضوعات الحديثة نسبيا. ولكل ذلك بدأ بعض الباحثين والمهتمين بالسلوك التنظيمي مؤخرا في توظيف الكثير من تلك الدراسات التي قدمها علماء النفس و الاجتماع في موضوع القيم لتحسين أداء الأفراد في منظماتهم.

1-مفهوم القيم:

يرى "سميث" أن القيمة تطلق على كل ما هو جدير باهتمام الفرد لاعتبارات مادية أو معنوية أو اجتماعية أو أخلاقية أو دينية أو جمالية.

ويرى "حامد زهران" أن القيمة هي عبارة عن تنظيمات لأحكام عقلية انفعالية وهي مفهوم ضمني غالبا يعبر عن الفضل أو الامتياز أو درجة الفضل الذي يرتبط بالأشخاص أو الأشياء أو المعاني أو أوجه النشاط.

ويعرفها "سعد عبد الرحمن" بأنها عبارة عن مجموعة من الديناميات التي توجه سلوك الفرد في حياته اليومية، حيث يستخدمها في الحكم على الأحداث و الأشياء، مادية كانت أو معنوية، في مواقف التفضيل و الاختيار.

القيم الشخصية هي عبارة عن تلك المعتقدات و التفضيلات والمفاهيم المجردة التي يحملها الفرد للأشياء و المعاني و أوجه النشاط المختلفة، والتي تعمل على توجيه رغباته واتجاهاته نحوها، حيث تساعده في تحديد السلوكيات ما هو مقبول و ما هو مرفوض، ما هو صائب و ما هو خاطئ، وتتصف بالثبات النسبي.

2. مكونات القيم

تحتوي القيم من منظور "روكيتش" على ثلاثة عناصر لا يمكن فصل إحداها عن الأخرى لأنها تندمج وتتداخل لتعبر في النهاية عن وحدة الانسان و السلوك:

  1. المكون المعرفي: والذي يتضمن إدراك موضوع القيمة وتمييزه عن طريق العقل و التفكير ومن حيث الوعي بما هو جدير بالرغبة و التقدير، ويمثل معتقدات الفرد و أحكامه و أفكاره ومعلوماته عن القيمة، أو بمعنى آخر وضع أحد موضوعات التفكير على بعد أو أكثر من أبعاد الحكم.
  2. المكون الوجداني: ويشمل الانفعالات و المشاعر و الأحاسيس الداخلية، وعن طريقه يميل الفرد إلى قيمة معينة، ويتصل هذا المكون بتقدير القيمة والاعتزاز بها، وفي هذا الجانب يشعر الفرد بالسعادة لاختيار القيمة ويعلن الاستعداد للتمسك بالقيمة على الملأ.
  3. المكون السلوكي: وهذا الجانب هو الذي تظهر فيه القيمة، فالقيمة هنا تترجم إلى سلوك ظاهري، ويتصل هذا الجانب بممارسة القيمة أو السلوك الفعلي، والقيم بناء على هذا التصور تقف كمتغير وسيط أو كمتغير مرشد للسلوك أو الفعل.

3. أهمية القيم

حديثا أدرك السلوكيون أهمية القيم لفهم السلوك الانساني. أشار كل من "قوث" و "تاجيري" 1965، إلى تأثير القيم الشخصية على عملية اختيار سياسة أو استراتيجية معينة من بين مجموعة من البدائل. فأي جهاز إداري لا يعمل في فراغ، بل يحصل على منسوبيه من مجتمعه الخارجي، هؤلاء الأشخاص يحضرون معهم إلى العمل توقعات وقيم مختلفة تحدد نوعية الدور الذي يقومون به وطريقة تفاعلهم مع الغير. لذا فأهمية دراسة القيم الشخصية تنبع من الاعتبارات التالية:

-  تؤثر القيم الشخصية على الطريقة التي ينظر بها المدير إلى الأفراد و الجماعات لذا فالعلاقات الشخصية تتأثر بقيم الفرد.

- تؤثر قيمة الفرد على إدراكه للمواقف والمشاكل التي يواجهها.

- تؤثر قيم المدير على قراراته والحلول التي يقترحها لحل المشاكل التي تواجهه بمعنى آخر يختار البديل أو الحل الذي يتفق مع قيمه.

- تحدد القيم الشخصية أخلاقيات العمل، فقيم المدير تحدد ما هو مقبول وما هو مرفوض من سلوكيات العمل.

- تحدد قيم الشخص المقبول والمرفوض من المعايير و الأنماط السلوكية التي تضعها المنظمة أو الجماعات غير الرسمية التي ينتمي إليها الفرد.

-  تلعب قيم الشخص دورا في تحديد مستوى الانجاز المرضي وغير المرضي.

-  تمثل قيم الانسان الأساس الذي يبنى عليه قراره، فيما يتعلق بالانضمام إلى هذه المجموعة أو تلك.

4. خصائص القيم

تتمثل القيم لدى الفرد الأساس لأي تصرف أو سلوك فردي أو تنظيمي. فللقيم مجموعة من الخصائص منها:

  1. القيم ليست هدفا في حد ذاتها، إنما تستخدم كمعيار للمفاضلة بين عدة خيارات. فالشخص يكافح من أجل تحقيق الأشياء التي تتفق مع قيمه.
  2. للقيم من القوة و التأثير على الفرد والجماعة ما يوصلها إلى درجة الإلزام و أي خروج عنها قد يعتبر انحرافا سلوكيا. لكن الانسان ينمو ويتغير كما هو الحال بالنسبة لبيئته. هذه القدرة على التطور تعني ضرورة المراجعة المستمرة من قبل الانسان لقيمه ومدى ملاءمتها لظروف و أحوال بيئته الخارجية، و إحداث أي تغيير قد يراه حتميا لإيجاد نوع من التوافق بين مقاصده و أهداف الجماعات الأخرى الرسمية أو غير الرسمية، والتي هو في حالة تفاعل مستمر معها.
  3. على الرغم مما تتصف به القيم من الرسوخ والتأصل، إلا أن ذلك يبقى ضمن إطار من النسبية. بمعنى أن البعد القيمي للإنسان ليس جامدا في جميع مكوناته. خاصة وأن الأجيال الجديدة التي تلتحق سنويا بالأجهزة الإدارية تحمل معها قيمها الجديدة التي قد لا تتفق مع قيم من سبقهم للعمل، لذا لابد لقيادة هذه الأجهزة من تفهم هذه القيم والتفاعل معها إيجابيا إذا ما رغبت استثمار هذه الطاقات البشرية بما يخدم ويحقق أهداف المنظمة.

5. مصادر القيم

تتعدد مصادر القيم لدى الفرد حسب الوسط الاجتماعي والحقبة الزمنية التي يحيا فيها، وبوجه عام من أهم هذه المصادر:

  1. القيم مردها إلى الإطار الثقافي الذي يعيش فيه الأفراد، فهي من صنع المجتمع وحاجات الأفراد.
  2. القيم أساسها العادات والخبرة الهادفة.
  3. الممارسة هي ينبوع بناء القيم.
  4. اختلاف متطلبات الحياة وحاجات الأفراد صحبها اهتزاز في القيم والاتجاهات القديمة واستبدلت بمفاهيم وقيم جديدة، فما كان خطأ في الماضي أصبح مقبولا الآن، وما كان غير مرغوب فيه أو غير معقول في زمن ما أصبح متقبلا الآن وهكذا.
  5. التغيرات الثقافية المتلاحقة التي تميز بها عالم اليوم والتي تعتبر نتيجة حتمية للثورة الإعلامية و وسائلها ذات التطور المذهل أدت إلى تحول في القيم و الاتجاهات والأنماط السلوكية.
  6. الدين: أغلب المجتمعات تنظر إلى القيم الروحية النابعة من الدين على أنها نبراس الهداية وأساس سعادة البشرية، لذلك لابد أن يتم سلوك الشخص سواء بمفرده، عضو في جماعة أو تنظيم رسمي في إطار هذه القيم الدينية.
  7. المجتمع: لكل مجتمع خصائص، ملامح ومكونات تميزه عن غيره من المجتمعات، تمثل هذه السمات أحد مصادر القيم الرئيسية لأفراده.
  8. الأسرة: تمثل الأسرة اللبنة الأولى في بناء قيم الفرد. فالشخص ينمو داخل إطار أسرته ومنها يتعلم الصح والخطأ والمقبول والمرفوض وما يجب عمله وما ينبغي اجتنابه إلى غير ذلك من الأمور التي تمثل حجر الأساس في قيم الفرد.

6. أنواع القيم+ خلاصة

هناك العديد من التصنيفات التي وضعها الباحثون في هذا المجال بناء على معايير مختلفة. ويذكر "المعايطة" الأسس التي اعتمد عليها في تصنيف القيم  على النحو التالي:

  1. تصنيف القيم حسب المحتوى: إذ تنقسم إلى قيم نظرية، اقتصادية، جمالية، اجتماعية، سياسية، دينية.
  2. تصنيف القيم حسب مقصدها: إذ تنقسم إلى قيم وسائلية (أي تعتبر وسائل لغايات أبعد)،و قيم غائية أو نهائية.
  3. تصنيف القيم حسب شدتها: إذ تنقسم إلى قيم ملزمة أي ما ينبغي أن يكون، وقيم تفضيلية أي يشجع المجتمع أفراده على التمسك بها ولكن لا يلزمهم بها.
  4. تصنيفها حسب العمومية: إذ تنقسم إلى قيم عامة يعم انتشارها في المجتمع كله، وقيم خاصة تتعلق بمناسبات أو مواقف اجتماعية معينة.
  5. تصنيفها حسب وضوحها: إذ تنقسم إلى قيم ظاهرة أو صريحة، وهي القيم التي يصرح بها ويعبر عنها بالسلوك أو بالكلام، وقيم ضمنية وهي التي يستدل على وجودها من خلال ملاحظة الاختيارات و الاتجاهات التي تتكرر في سلوك الأفراد.
  6. القيم حسب ديمومتها: إذ تنقسم إلى صنفين هما: القيم الدائمة وهي التي تدوم زمنا طويلا، وقيم عابرة وهي التي تزول بسرعة.

خلاصة:

تؤثر القيم على أنشطة المديرين و الأفراد الذين يشتركون في صنع القرارات لذا يعمل هؤلاء على تطوير وتعديل القيم التي يمتلكونها في منظماتهم بما يحقق الأهداف المطلوبة. ومن الأمور الحيوية أن يدرك المدراء القيم العليا لموظفيهم حيث أن معرفة تلك القيم هو أمر مهم في الحياة العملية للموظفين، فهناك قيم يسعى كل فرد في عمله إليها، على أن المديرين الذين يتمتعون بشخصيات قوية تؤثر قيمهم فيهم سلبا أو إيجابا على الأجهزة التي يديرونها.