الرقابة على دستورية القوانين

3. المبحث الثالث: الرقابة على دستورية القوانين في ظل التجربة الدستورية الجزائرية

المجلس الدستوري في ظل دستور 1963 : وتقرر انشاء مجلس دستوري في ظل دستور 1963 رغم انه لم ينشا في الواقع.

ّتكوين المجلس : يتكون المجلس حسب المادة 63 من سبعة (07) اعضاء هو:

- الرئيس الاول للمحكمة العليا.

- رئيسا الغرفتين المدينة والادارية فيالمحكمة العليا.

- ثلاثة نواب يعينهم المجلس الوطني كممثلين للسلط التشرعية .

- وعضو يعينه رئيس الجمهورية.

اما رئيس المجلس فينتخبه الاعضاء من بينهم وليس له صوت مرجح.

اختصاصات المجلس :

للمجلس ان يفصل ف دستورية القوانين الصدرة من امجلس الوطني من جهة والاوامر التشريعية الصادرة عن رئيس الجمهورية من جهة اخرى.

وهذا حسب المادة 64 من الدستور.

الملاحظة : قلة المهام المنوطة به وعدم توسيع لرقابة مطابقة المعاهدات للدستور والنزاع الانتخابي.

المجلس الدستوري في ظل دستور 1976 :

لم يتناول دستور 1976 موضوع الرقابة على دستورية القوانين على الاطلاق وهذا تاثرا بالاستراكية من جهة ,ولوكن الحكم عن طريق الحزب الواحد تجسد بصورة قوية في هذا الدستور, والذي ابتعد مبدئيا عن العمل بمبدأ الفصل بن السلطات وأخذ بمبدأ وحدة السلطة.

رغم ان المؤتمر الخامس لحزب جهة التحرير الوطني والمنعقد ما بين 19 و 22 ديسمبر 1983, انتبه ودعا في احدى توصياته الى انشاء هيئة عليا للفصل ف دستورية القوانين ةذلك من اجل ضمان احترام الدستور و سموه وتدعيم  شرعية القوانين وسيادتها.

المجلس الدستوري في ظل دستور 1989:

تم انشاء المجلس بموجب المادة 153

تكوين المجلس :

يتكون المجلس الدستوري حسب المادة 154 من سبعة اعضاء.

اثنان منهم يعينهما رئيس الجمهورية,واثنان ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني وانثنان نتنخبهما المحكمة من بين اعضائها.يعين رئيس الجمهورية رئيس المجلس الدستوري.

مدة العضوية ست سنوات غير قابلة للتجديد.

إخطار المجلس:

نصت المادة 156 على ان الاخطار يكون إما من طرف رئيس الجمهورية او رئيس المجلس الشعبي الوطني (فقط)

إختصاصاته:

اختصاصات المجلس الدستوري متنوعة , فهو يقوم بدوره الاساسي كجبهة مختصة بالرقابة على دستورية القوانين ,كما يؤدي دور المحكمة الانتخابية بالاصافة الى مهامه الاستشارية في بعض الحالات ثم معاينة حالة شغور رئاسة الجمهورية وتولي رئيسه لرئاسة الدولة عند الاقتضاء.

المجلس الدستوري في ظل دستور 1996: قبل التعديل الاخير (06 مارس سنة 2016)

نصت المادة 163 من الدستور على انشاء المجلس الدستوري

تكوين المجلس :

حسب المادة 164,يتكون المجلس الدستوري من تسعة (09) اعضاء وهم:

-         ثلاثة (05)اعضاء من بينهم رئيس المجلس يعينهم رئييس الجمهورية

-         وإثنان(02) ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني

-         وثنان (02) ينتخبهما مجلس الامة

-         وعضو واحد (01) تنتخبه المحكمة العليا

-         وعضو واحد (01) ينتخبه مجلس الدولة

مدة العضوية ستة(06) سنوات غير قابلة التجديد,ويحدد نصف عدد اعضاء المجلس الدستوري كل ثلاثة (03) سنوات.

إخطار المجلس :

نصت المادة 166 على ان الاخطار يتم اما من طرف رئيس الجمهورية او من طرف رئيس المجلس الشعبي الوطني او رئيس مجلس الامة.

إختصاصات المجلس :

الرقابة على دستورية القوانين : عملا بالمادة 165 فإن المجلس الدستوري يفصل في دستورية المعاهدات والقوانين , والتنظيمات اما براي قبل ان تصبح واجبة التنفيذ , او بقرار في الحالة العكسية.

كما يفصل ايضا في مطابقة النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للدستور.الاان المجلس يبدي رايه وجوبا بعد ان يخطره رئيس الجمهورية فيدستورية القوانين العضوية بعد ان يصادق عليها البرلمان(المادة 165).

بالاضافة الى هذه الحالة,فان راي المجلس يكون ملزما,وهذا ما تضمنته المادة 168 اذ نصت"اذا إرتأي المجلس الدستوري عدم دستورية معاهدة او اتفاق او اتفاقية,فلا يتم التصديق عليها"

كما ان راي المجلس يكون في حال التعديل الدستوري طبقا لاحكام المادة 176 التي تنص:

 

"إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، و لا يمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات و المؤسسات الدستورية، و علل رأيه، أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي، متى أحرز ثلاثة(3/4) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان".

بالإضافة الى الرقابة على دستور القوانين، فان للمجلس اختصاصات أخرى و هي:

المجلس كمحكمة انتخابية: نصت المادة 163: "يسهر المجلس الدستوري على صحة عمليات الاستفتاء، و انتخاب رئيس الجمهورية، و الانتخابات التشريعية، و يعلن نتائج هذه العمليات".

ان مراقبة صحة الاستشارات السياسية تشمل على دراسة الترشيحات (بالنسبة للانتخابات الرئاسية) و الطعون و تمتد كذلك الى مراقبة حسابات الحملة الانتخابية.

كما يصدر قرارات تتعلق باستحلاف أعضاء في البرلمان على اثر شغور مقاعدهم بسبب الوفاة أو الاستقالة أو حدوث مانع قانوني لهم.

المجلس كسلطة استشارية: في حالة الطوارئ، أو الحصار، يقوم رئيس الجمهورية باستشارة رئيس المجلس الدستوري طبقا للمادة 91.

أما في الحالة الاستثنائية فيتم استشارة المجلس الدستوري (المادة 93). نفس الأمر في حالة حصول مانع لرئيس الجمهورية، و في حالة وفاته أو استقالته (المادة 88).

و اذا اقترنت اسقالة رئيس الجمهورية أو وفاته بشغور رئاسة مجلس الأمة يتولى رئيس المجلس الدستوري مهام رئيس الدولة (المادة 88).

يستشار أيضا المجلس في حالة تمديد الفترة النيابية (المادة 102)، و في حالة التعديل الدستوري (المادة 176).

بعض الملاحظات:

في عجالة، يمكن أن نبدي بعض الملاحظات البسيطة و التي تتمحور فيما يلي:

  • يتجلى بوضوح السمة السياسية للمجلس، اذ يتبني المؤسس الدستوري "المجلس الدستوري" تم اختيار هذا الأسلوب (الرقابة السياسية)، و من ثم استبعاد الرقابة القضائية.
  • من حيث تشكيل المجلس:
  • اختيار جل أعضاء المجلس يتم حسب الاعتبار السياسي، فمن ضمن تسعة أعضاء، اثنان منهم فقط يمثلون القضاء (واحد من المحكمة العليا، و واحد من مجلس الدولة) و لرئيس الجمهورية أن يختار ثلاثة أعضاء من بينهم رئيس المجلس (المادة 164)، فهو اختيار شخصي و سياسي و عليه يقترح ترك انتخاب رئيس الجلس بين أعضائه و ليس من اقتراح و تعيين رئيس الجمهورية.
  • و يلاحظ على هذه التشكيلة أن جميع السلطات ممثلة فيه بصفة غير متوازنة، فالسلطة التنفيذية يمثلها ثلاثة أعضاء، بينما يثل السلطة التشريعية أربعة أعضاء، أما السلطة القضائية فيمثلها عضوان و يترجم ذلك المكانة المكانة التي تحتلها السلطة القضائية في النظام السياسي باعتبارها أقل السلطات تمثيلا في المجلس.

من حيث جهة الاخطار:

-   لفتح المجال للمعارضة في حالة خرق الدستور، لا سيما أن المجلس لا يمكن أن يخطر نفسه من تلقائه، يستحسن توسيع مجال الاخطار الى كل من الوزير الأول (صاحب المبادرة باقتراح القوانين الى جانب النواب) و عدد محدد من البرلمانيين، كما هو الحال في فرنسا مثلا منذ التعديل الدستوري لعام 1974.

-   أما بانسبة لحق الأفراد في الاخطار "فاننا  لسنا متحمسين لها" (الأستاذ فوزي و نحن نؤيده) و ذلك راجع لمعطيات عديدة كنسبة الأمية المرتفعة (حوالي 70%) في بلدنا مما ينجر عنه سوء استعمال هذا الحق.

من حيث موضوع الاخطار:

-         مجال الاخطار واسع جدا، الا أن الواقع أثبت كما بينه الأستاذ شاوش يلس أنه يشمل

الا الأعمال البرلمانية و بالضبط النصوص التي يجب مراقبتها (القوانين العضوية المحدثة          بموجب دستور 1996 و الأنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان و المعاهدات الدولية) فلا أثر للأعمال التنظيمية (حسب الدراسة) رغم كثرتها.

هنا يتبادل تساؤل هو لماذا لم يخول هذه الرقابة لمجلس الدولة المؤسس بمقتضى دستور 1996.

بالنظر الى ما سبق يمكن اعتبار المجلس الدستوري ذو صلاحيات واسعة و فرص قليلة لممارستها.

-   حسب المادة 176 من الدستور فانه في حالة تعديل الدستور، فان المجلس يحل عمليا محل الشعب، و الذي يمارس هذه المهمة عن طريق الاستفتاء أصلا.

-   ملاحظة أخرى تلفت الانتباه هي أن الاخطار يتم متى رأت الجهة المختصة بذلك، مناسبا القيام به، فالمجلس غير مقيد من حيث الوقت في الفصل رغم أن النص قد يكون قد دخل منذ أمد حيز التنفيذ و رتب أثاره، و مثال ذلك القرار رقم 12/ق.أ./م.د/2000 المؤرخ في 27 فبراير 2000 و الذي يتعلق بدستورية الأمر رقم 97-15 المؤرخ في 31 ماي 1997 الذي يحدد النظام الخاص لمحافظة الجزائر (ج.ر.07-مؤرخة في 2000.02.28) أي بعد ثلاث سنوات.

"رغم استبعاد امكانية الأخطار الذاتي، الا أن الواقع سجل في بعض المناسبات، ابداء المجلس رأيه دون أن يتم اخطاره و هذا يعتبر خرقا للدستور، و لتوضيح ما نقوله نرد فيما يلي مثالين:

-         في بيان صادر من المجلس الدستوري بتلريخ 25 يوليو 1995، جاء ما يلي:

ان المجلس يذكر و يتمسك بقرار سابق له و الذي مفاده (قرار مؤرخ في 20 غشت 1989) "ان شروط ارفاق التصريح بالترشيح لرئاسة الجمهورية بشهادة الجنسية الجزائرية الأصلية لزوج المترشح غير مطابق للدستور".

الا أن هذا التدخل ورد بعد انعقاد اجتاع للمجلس بنفس التاريخ دون أن تقوم أي جهة مختصة دستوريا باخطاره، هذا ما جعل رئيس الدولة انذاك و بتاريخ 29 يوليو 1995 يستدرك الأمر و يقوم بعد أربعة أيام من اصدار البيان من اخطار المجلس.

فكان رد المجلس هو تثبيت القرار المذكور أعلاه (القرار رقم 01ق.أ.م.د.95 مؤرخ في 6 غشت 1995 يتعلق بدستورية البند السادس من المادة 108 من قانون الانتخابات).

-   لقد أفضى رأي المجلس الدستوري الصادر بخصوص مطابقة القانون الأساسي للقضاء الدستور، الى تساؤلات، لاسيما الشطر الثاني منه، بعدما أبدى توجيها للحكومة بالاستئناس بتوجيهات اللجنة الوطنية لاصلاح العدالة، و هذا يعنبر خرقا و تجاوزا لصلاحيات المجلس الدستوري (حامي الدستور). و لقد استدرك رئيس ذات المؤسسة ذلك، و تبريرا لهذا التجاوز أدلى  السيد محمد بجاوي، في حوار لجريدة الوطن، و معتبرا أن البيان الصحفي و الذي تم تحريره بسرعة هو مصدر اللبس (لا أكثر و لا أقل).

و ردا عن هذا التدخل، انتقد السيد فكاير نور الدين هذا التدخل و صرح بما يلي: "و المجلس الدستوري، ليس له أن يبدي توجيها للحكومة لا نجد له سندا في أحكام الدستور و لا في سوابق عمله.

ان تنصيص المجلس الدستوري، بالاضافة الى كونه يشكل تجاوزا لصلاحياته الدستورية، بعد سابقة تثير العديد من التساؤلات حول: فاذا كانت أراء أو قرارات المجلس الدستوري ملزمة لكافة السلطات و غير قابلة ظلي طعن فيها، فما هي القوة الالزامية لهذه الاستشارة و التوجيه بالنسبة للحكومة و البرلمان عند اعداد القانون الأساسي و المجلس الأعلى للقضاء من جديد، و ما هي أثار عدم الأخذ بها عندما يحال من جديد على المجلس الدستوري؟.

و في الأخير يقول السيد فكاير:

"ألا يعد توجيها سياسيا لأعمال الحكومة و البرلكان، و بشكل في الوقت نفسه تجاوز من المجلس الدستوري لصلاحياته و خرقا لأحكام الدستور"

-   يفهم من نص المادة 168 من الدستور أن هذا النوع الأخير من المعاهدات لا يخضع للرقابة الدستورية لأنها لا تخضع من جهتها لاجراء التصديق.

و بالتالي فالنعاهدات التي تخضع لرقابة المجلس الدستوري هي تلك التي تخضع لاجراء التصديق، سواء تلك المنصوص عليها في المادة  131 من الدستور أو غيرها من المعاهدات.

-   اعترف السيد محمد بجاوي، رئيس المجلس الدستوري السابق في منتدى يومية المجاهد، بمحدودية صلاحيات هيئته، و حمل مسؤولية هذه المحدودية للمواطنين الذين استفتوا حول الدستور و صادقوا عليه، متناسيا هفوة شرعية الذي هو واحد منهم، كونه شارك في اعداد دستور 1996 بعيوبه القانونية.

و أوضح بجاوي أن الهيئة التي يرأسها باشرت عملها الفعلي ابتداءا من 1996، رغم أن شأنها كانت في 1989، معتبرا فترتها الأولى لا معنى لها.

و كشف أن هيئته أصدرت منذ 1996، ستة قرارات، 21 رأيا منها 17 باخطار من رئيس الجمهورية و ثلاثوباشعار من رئيس المجلس الشعبي الوطني، و واحد باخطار من رئيس مجلس الأمة، و المقصود به السيد بشير بومعزة حين دخل في صراع مع الرئيس بوتفليقة حول كيفية تعيين و عدد أعضاء الثلث الرئاسي في المقاعد الشاغرة.

و بخصوص هذا الصراع، لا سيما عملية استخلاف رئيس مجلس الأمة و طريقة استبداله، أثارت دهشة و استغرابا عميقين من طرف رجال القانون، فالى جانب الاستناد الخاطئ للمادة 181 من الدستور لتبرير الطريقة المتبعة فقد وقع خرق فظيع لأحكام النظام الداخلي لمجلس الأمة الذي صادق عليه أعضاء مجلس الأمة. فنصت المادة 181 فقرة 2: من الدستور "... لا تشمل القرعة رئيس مجلس الأمة الذي يمارس العهدة الأولى مدة ست(6) سنوات".

هذا ما جعل الدكتور بوكرا يقول:

ان ما وقع عند استبدال رئيس مجلس الأمة يطرح مسألتين في غاية من الأهمية:

-   المجلس الدستوري ضمان للفصل بين السلطات: و في حالتنا، و كما تجلى من خلال الاختلاف بين رئيس مجلس الأمة و رئيس الجهورية حول مسألة التجديد الجزئي لأعضاء مجلس الأمة، و كذا الاختلاف حول تفسير نص الفقرة 2 المادة 181 من الدستور بين المؤسستين، فان الفصل في النزاع بين مؤسستين دستوريتين هو من صمي صلاحية المجلس الدستوري، باعتباره ضامنا للفصل بين السلطات، و لهذا الغرض و طبقا لنص المادة 166 من الدستور، باعتباره ضامنا للفصل بين السلطات، و لهذا الغرض و طبقا لنص المادة 166 من الدستور قام رئيس مجلس الأمة باخطار المجلس الدستوري لتفسير نص الفقرة 2 المادة 181 و من هنا فان قيام هيئة التنسيق (الخميس 12 أفريل 2001) و دون مراعاة هذا الاخطار الذي قام به رئيس مجلس الأمة، و دون انتظار موقف المجلس الدستوري من موضوعه، يعد تعديا على صلاحيات المجلس الدستوري، و احتقارا لهييئة دستورية من جهة.

و انكارا لأحد المبادئ القانونية المتعارف عليها في مجال اجراءات التقاضي: و لما كان اأمر معروضا على المجلس الدستوري للفصل طبقا للدستور، كان يتعين على جميع الأطراف ارجاء اتخاذ أي اجراء بشأن رئاسة مجلس الأمة الى غاية الفصل في المسألة من طرف المجلس الدستوري الذي يرجع له وحده أمر الفصل في المسألة.

و ختاما، فان هذه المخالفات التي تأتي من أعلى المؤسسات الدستورية في الدولة و التي تأتي من ممثلي الأمة من شأنها احداث الشك في مصداقية المؤسسات و عملها، و القضاء على الثقة التي ينبغي أن تبقى دائمة و مثليها حفاضا على سمو الدستور و دعما لبناء دولة القانون.

المجلس الدستوري في ضل التعديل الأخير (06 مارس سنة 2016):

أأحدث التعديل الأخير عدة مستجدات بالنسبة للمجلس الدستوري، تجعلها كفيلة لدعم مكانته و دوره في مسار بناء دولة القانون و تعميق الديمقراطية التعددية و حماية الحقوق و الحريات الفردية و الجماعية.

و يمكن اجمال ذلك فيما يلي:

نصت المادة 192 منه:

"المجلس الدستوري هيئة مستقلة تكلف بالسهر على احترام الدستور.

كما يسهر المجلس الدستوري على صحة عمليات الاستفتاء، و انتخاب رئيس الجمهورية، و الانتخابات التشريعية. و يعلن نتائج هذه العمليات.

و ينظر في جوهر الطعون التي يتلقاها حول النتائج المؤقتة للنتخابات الرئاسية و الانتخابات التشريعية و يعلن النتائج النهائية لكل العمليات المنصوص عليها في الفقرة السابقة.

يتمتع المجلس الدستوري بالاستقلالية الادارية و المالية".

يستخلص من نص المادة المذكورة أعلاه ما يلي:

-         التأكيد على استقلالية الهيئة.

-   من واجب المجلس دراسة مختلف الطعون التي يتسلمها حول النتائج المؤقتة للانتخابات التشريعية و الرئاسية و ذلك دعما لمصداقية الانتخابات.

-         تعميق الاستقلالية بمنحة الاستقلالية الادارية و المالية.

و بالفعل تم اصدار نص بهذا الصدد : أنظر: المرسوم الرئاسي رقم 16-201 المؤرخ في 16 يوليو سنة 2016، يتعلق بالقواعد الخاصة بتنظيم المجلس الدستوري (ج ر رقم 43 مؤرخة في 17 يوليو 2016).

تكوين المجلس: حسب المواد:

المادة 183:"يتكون المجلس الدستوري من اثني عشر (12) عضوا:

أربعة (4) أعضاء من بينهم رئيس المجلس و نائب رئيس المجلس يعينهم رئيس الجمهورية.

و اثنان (2) ينتخبهما المجلس الوطني.

و اثنان (2) ينتخبهما مجلس الأمة.

و اثنان (2) تنتخبهما المحكمة العليا.

و اثنان ينتخبهما مجلس الدولة.

في حالة تعادل الأصوات بين أعضاء المجلس الدستوري، يكون صوت رئيسه مرجحا.

بمجرد انتخاب أعضاء المجلس الدستوري أو تعيينهم يتوقفون عن ممارسة أي عضوية أو أي وظيفة أو تكليف أو مهمة أخرى، و نائب رئيس المجلس الدستوري لفترة واحدة مدتها ثماني (8) سنوات.

يضطلع أعضاء المجلس الدستوري بمهامهم مرة واحدة مدتها ثماني (8) سنوات، و يجدد نصف عدد أعضاء المجلس الدستوري كل أربع (4) سنوات.

     يؤدي أعضاء المجلس الدستوري اليمين أمان رئيس الجمهورية قبل مباشرة مهامهم، حسب النص الاتي:

"أقسم بالله العلي العظيم أن أمارس وظائفي بنزاهة و حياد، و أحفظ سرية المداولات و أمتنع عن اتخاذ موقف علني في أي قضية تخضع المجلس الدستوري".

المادة 184:"يجب على أعضاء المجلس الدستوري المنتخبين أو المعينين ما يأتي:

-         بلوغ سن (40) سنة كاملة يوم تعيينهم أو انتخابهم.

-   التمتع بخبرة مهنية مدتها خمس عشرة (15) سنة على الأقل في التعليم العالي في العلوم القانونية، أو في القضاء، أو في مهنة محام لدى المحكمة العليا أو لدى مجلس الدولة أو في وظيفة عليا في الدولة".

المادة 185:"يتمتع رئيس المجلس الدستوري و نائب الرئيس، و أعضاؤه خلال عهدتهم بالحصانة القضائية في المسائل الجزائية.

و لا يمكن أن يكونوا محل متابعات أو توقيف بسبب ارتكاب جناية أو جنحة الا بتنازل صريح عن الحصانة من المعني بالأمر أو بترخيص من المجلس الدستوري".

ما سبق يتضح:

-   اعادة النظر في تنظيم المجلس الدستوري، لا سيما في تشكيلته، بزيادة عدد أعضائه لضمان تمثيل متوازن للسلطات الثلاثة بداخله (جميع السلطات : التنفيذية، التشريعية، و القضائية ممثلة كل سلطة بصفة متوازنة أربع أعضاء لكل واحدة منها).

-         استحداث وظيفة نائب رئيس المجلس الدستوري لضمان استمرار و ديمومة المؤسس.

-   دعم المركز القانوني لأعضائه من خلال تمديد مدة العهدة بهدف اعتماد المعايير الدولية في هذا المجال، و اقرار شروط السن و التأهيل و الكفاءة و الخبرة للعضوية في المجلس الدستوري و اخضاع أعضاء مجلس الدستوري لالزامية أداء اليمين أمام رئيس الجمهورية.

اخطار المجلس: نصت المواد:

المادة 187: "يخطر المجلس الدستوري رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الأمة أو رئيس المجلس الشعبي الوطني أو الوزير الأول.

كما يمكن اخطاره من خمسين (50) نائبا أو ثلاثين (30) عضوا في مجلس الأمة.

لا تمتد ممارسة الاخطار المبين في الفقرتين السابقتين الى الاخطار بالدفع بعدم الدستورية المبين في المادة 188 أدناه"

مما سبق يتضح:

     توسيع اخطار المجلس الدستوري الى الوزير الأول و الأقلية البرلمانية (امكتنية اخطار المجلس الدستوري بخصوص القوانين المصادق عليها من قبل البرلمان: 50 نائب أو ثلاثين عضوا في مجلس الأمة).

المادة 188:"يمكن اخطار المجلس الدستوري بالدفع بعدم الدستورية بناءا على احالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة، عندما يدعي أحد الأطراف في المحاكمة أمام جهة قضائية أن الحكم التشريعي الذي يتوقف عليه مال النزاع ينتهك الحقوق و الحريات التي يضمنها الدستور.

تحدد شروط و كيفيات تطبيق هذه الفقرة بموجب قانون عضوي".

يستخلص من نص المادة المذكورة أعلاه ما يلي:

السماح باخطار المجلس الدستوري بالدفع بعدم الدستورية بناءا على احالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة عندما يدعي أحد الأطراف في المحاكمة أمام جهة قضائية أو الحكم التشريعي الذي توقف عليه مال النزاع.

اختصاصات المجلس: حسب المواد:

المادة 186:"بالإضافة إلى الاختصاصات الأخرى التي خولتها اياه صراحة أحكام أخرى في الدستور، يفصل المجلس الدستوري برأي في دستورية المعاهدات و القوانين و التنظيمات.

يبدي المجلس الدستوري، بعد أن يخطره رئيس الجمهورية، رأيه وجوبا في دستورية القوانين العضوية بعد أن يصادق عليها البرلمان.

     كما يفصل المجلس الدستوري في مطابقة النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للدستور، حسب الاجراءات المذكورة في الفقرة السابقة".

المادة 189: "يتداول المجلس الدستوري في مطابقة النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للدستور، حسب الاجراءات المذكورة في الفقرة السابقة".

المادة 198: "يتداول المجلس الدستوري في جلسة مغلقة، و يعطي رأيه أو يصدر قراره  في ظرف ثلاثين (30) يوما من تاريخ الاخطار. و في حالة وجود طارئ و بطلب من رئيس الجمهورية، يخفض هذا الأجل الى عشرة (10) أيام.

     عندما يخطر المجلس الدستوري على أساس المادة 188 أعلاه، فان قراره يصدر خلال الأشهر الأربعة (4) التي تلي تاريخ اخطاره. و يمكن تمديد هذا الأجل مرة واحدة لمدة أقصاها أربعة (4) أشهر، بناء على قرار مسبب من المجلس و يبلغ الى الجهة القضائية صاحبة الاخطار.

     يحدد المجلس الدستوري قواعد عمله".

المادة 190: "اذا ارتأى المجلس الدستوري عدم دستورية اتفاق، أو اتفاقية، فلا يتم التصديق عليها".

المادة 191: "اذا ارتأى المجلس الدستوري أن نصا تشريعيا أو تنظيميا غير دستوري، يفقد هذا النص أثره ابتداءا من يوم قرار المجلس".

     اذا اعتبر نص تشريعي ما غير دستوري على أساس المادة 188 أعلاه، فان هذا النص يفقد أثره ابتداءا من اليوم الذي يحدده قرار المجلس الدستوري.

     تكون اراء المجلس الدستوري و قراراته نهائية و ملزمة لجميع السلطات العمومية و السلطات الادارية و القضائية".

من خلال النصوص السالفة، يمكن اجمال صلاحيات المجلس الدستوري فيما يلي:

-   الرقابة على دستورية القوانين: عملا بالمادة 186 فان المجلس الدستوري يفصل في دستورية المعاهدات و القوانين، و التنظيمات برأي.

كما يفصل أيضا في مطابقة النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للدستور. الا أن المجلس يبدي رأيه وجوبا بعد أن يخطره رئيس الجمهورية في دستورية القوانين العضوية بعد أن يصادق عليها البرلمان (المادة 186).

بالاضافة الى هذه الحالة، فان رأي المجلس يكون ملزما، و هذا ما تضمنته المادة 190 اذ نصت "اذا ارتأى المجلس الدستوري عدم دستورية معاهدة أو اتفاق، أو اتفاقية، فلا يتم التصديق عليها".

كما أن رأي المجلس  يكون ملزما في حالة التعديل الدستوري طبقا لأحكام المادة 210 التي تنص:

"اذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، و حقوق الانسان و المواطن و حرياتهم، ولا يمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات و المؤسسات الدستورية، و علل رأيه، أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي، متى أحرز ثلاثة أرباع (3/4) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان".

بالاضافة الى الرقابة على دستورية القوانين، فان للمجلس اختصاصات أخرى و هي:

المجلس كمحكمة انتخابية: نصت المادة 182: "كما يسهر المجلس الدستوري على صحة عمليات الاستفتا، و انتخاب رئيس الجمهورية، و الانتخابات التشريعية. و يعلن نتائج هذه العمليات.

و ينظر في جوهر الطعون التي يتلقاها حول النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية و الانتخابات التشريعية و يعلن النتائج النهائية لكل العمليات المنصوص عليها في الفقرة السابقة".

ان مراقبة صحة الاستشارات السياسية تشمل على دراسة الترشيحات (بالنسبة للانتخابات الرئاسية) و الطعون و تمتد كذلك الى مراقبة حسابات الحملة الانتخابية.

كما يصدر قرارات تتعلق باستخلاف أعضاء في البرلمان على اثر شغور مقاعدهم بسبب الوفاة أو الاستقالة أو حدوث مانع قانوني لهم.

المجلس كسلطة استشارية:في حالة الطوارئ أو الحصار، يقوم رئيس الجمهورية باستشارة رئيس المجلس الدستوري طبقا للمادة 105.

أما في الحالة الاستثنائية فيتم استشارة المجلس الدستوري (المادة 107).

نفس الأمر في حالة حصول مانع لرئيس الجمهورية، و في حالة وفاته أو استقالته (المادة 102).

و اذا اقترنت استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته بشغور رئاسة مجلس الأمة، يتولى رئيس المجلس الدستوري مهام رئيس الدولة (المادة 102).

يستشار أيضا المجلس في حالة تمديد الفترة النيابية (المادة 119)، و في حالة التعديل الدستوري (المادة 210).