: دور القانون الدولي الإنساني في حماية البيئة .

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: القانون الدولي للبيئة
Livre: : دور القانون الدولي الإنساني في حماية البيئة .
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Saturday 23 November 2024, 09:33

Description

     تقوم مسألة حماية البيئة في حالة السلم على مبدأين رئيسيين الأول هو أن الدول ملزمة بعدم إلحاق ضرر بالبيئة بما يتجاوز المنطقة التي تدخل ضمن سيادتها أو اختصاصها الإقليمي، وهذا ما أكدته الممارسات القضائية المتعددة كقضية "كورفو" و"مصنع ترايل"، أما المبدأ الثاني فهو أن الدول تلتزم بالمحافظة على البيئة بشكل عام بغض النظر عن وضعها الجغرافي أو نظامها القضائي التي تخضع له كما تعتبر مسألة حماية البيئة جزءا من الحقوق الأساسية للأفراد معترف به على المستوى الداخلي والدولي، إذ يمثل الحفاظ على البيئة نوعا من الحفاظ على حق الإنسان في الحياة بحيث تمثل الإطار الذي يمارس فيه حياته وأنشطته المختلفة.

     أما في حالة الحرب أو النزاعات المسلحة والتي تميزت بتطور سريع في مجال الأسلحة بأنواعها الكيمياوية، البيولوجية، النووية، وكذا تطور وسائل وأساليب القتال والتي تسببت في تدهور وتلوث البيئة ما أثر على خواص ونوعية المياه وتقليل منافعها، كما عرَّض الاستعمالات البحرية والثروات الحية وصحة الإنسان والأماكن السياحية إلى المزيد من الأضرار ما استدعى البحث عن وسيلة للحد من هذه الأضرار والآثار غير المرغوب فيها على البيئة في إطار القانون الدولي الإنساني الذي هدفه ليس منع الحروب، وإنما "أنسنة" الحرب، وقد أكد خبراء الصليب الأحمر في فيينا سنة 1972 على حق الدولة في الحماية الضمنية والصريحة لحماية البيئة من خلال قواعد القانون الدولي الإنساني(1).

    كما تجدر الإشارة إلى أن الشكل الجديد للحروب لا يعتمد على جبهة واحدة للقتال بل أصبح يعتمد على القصف البري والجوي والبحري هذا ما يلحق بالبيئة أضرارا كبيرة و معتبرة نتيجة لتفجير القنابل النووية والكيمياوية وقصف ناقلات البترول، والغابات ...الخ.

        سنتناول في هذه المحاضرة تطور القانون الإنساني ودوره في حماية البيئة أثناء النزاعات المسلحة زمنيا (كرونولوجيا). يعد اللجوء إلى استخدام أعمال مضرة وخطيرة على البيئة لتحقيق أهداف عسكرية أسلوبا قديما، إلا أنه مازال متواصلا إلى حد السنوات الأخيرة مثل تدمير المنشآت البترولية في إيران أثناء الحرب الإيرانية العراقية، وتلويث البيئة البحرية وإشعال النار في المنشآت البترولية الكويتية أثناء حرب الخليج عام 1991، وتدمير الجسور وخزانات الوقود في لبنان من قبل إسرائيل عام 2006، وما سنقوم به هو عرض و تحليل قواعد أهم الإتفاقيات الدولية ضمن القانون الدولي الإنساني التي قامت بحماية البيئة بداية من اتفاقيات لاهاي لعام 1899 و 1907 وصولا إلى إتفاقيات جنيف الأربع سنة 1949 والتي اتسمت بالحماية غير المباشرة للبيئة، ثم المرحلة الأخيرة التي بدأت عام 1977 بصدور بروتوكول جنيف الأول وإتفاقيةحظر استخدام تقنيات تغيير البيئة.



(1)عمر محمود عمر ــ ( حماية البيئة في القانون الدولي الإنساني ) المجلة الأردنية للعلوم التطبيقية ، جامعة العلوم التطبيقية ــ عمان( الأردن)-  العدد الأول ــ سنة 2008 ص 02 .

1. المطلب الأول: الحماية غير المباشرة للبيئة

كان القانون الدولي الإنساني من الناحية التقليدية يركِّز على البشر من حيث نطاقه ومن حيث مجال دراسته لذلك فإن البيئة لم يسبق أن ذُكرت في تلك النصوص، غير أنه وبطريقة غير مباشرة هناك نصوص تحمي البيئة ومنها على سبيل المثال الأحكام المتعلقة بحماية الأملاك الخاصة، وحماية الأعيان المدنية، وأيضا الأحكام  الخاصة بتحريم بعض الأسلحة(1).

الفرع الأول: مرحلة إهتمام القانون الدولي الإنساني بالأفراد المدنيين.

        منذ نشأة القانون الإتفاقي الإنساني وهو يركز على حماية البشر والمدنيين وتنظيم أساليب ووسائل الحرب، فلم يكن يهتم بالبيئة على اعتبار أنه مفهوم حيث النشأة، غير أن ذلك لم يمنع من حماية هذه الأخيرة بطريقة غير مباشرة، وهذا ما يتضح من الإتفاقيات الآتية:

أولا: إتفاقية لاهاي الثالثة 1899 .

نجح مؤتمر 1899 في اعتماد إتفاقية بشأن قوانين الحرب البرية وأعرافها و ألحقت بها لائحة، وتتضمن هذه اللائحة (اللائحة المتعلقة بالحرب البرية) وهي مجموعة القواعد المتعلقة بجميع جوانب الحرب البرية التي تمكنت الدول المتعاقدة من التوصل إلى اتفاق بشأنها، ومنها ما يتعلق بحماية البيئة الذي ذكر بطريقة غير مباشرة ومن أبرز ما ذكرت المادة 25 الحظر المفروض على قصف المدن المجردة من وسائل الدفاع، والأعيان الثقافية .....الخ(1).

ثانيا : إتفاقية لاهاي لسنة 1907.

خرج مؤتمر لاهاي الثاني للسلام بـ 13 إتفاقية أغلبها متعلق بالحروب البحرية وهي 08 ومن أهم ما جاءت به هذه الإتفاقيات.

1    ـ وضعية السفن التجارية في الحروب: تحدثت الإتفاقية السادسة عن وضع السفن التجارية، وتقوم الإتفاقية على مبدأ التمييز بين السفن التجارية والسفن البحرية عند انطلاق العمليات العدائية، أما الإتفاقية السابعة فتتعلق بتحويل السفن البحرية إلى سفن حربية، حيث أنه ومن خلال استقراء هذه الاتفاقية فإنه لا يظهر أي أثر مباشر أو نية لحماية البيئة البحرية، ما جعل هذه الأخيرة عرضة للتلوث أثناء الحربين العالميتين(2).

2         زرع الألغام: شملت الاتفاقية الثامنة المتعلقة باستخدام ألغام التماس البحرية الاتوماتيكية والتي فرضت قيودا معينة على استخدام هذه الألغام وعلى استخدام الطربيدات وكانت هذه القيود في غالب  الأحيان لصالح السفن التجارية(3).

غير أنه مع التطور العلمي والتكنولوجي ظهرت أنواع جديدة من الألغام المغناطيسية السمعية، والعاملة بالضغط، ومرتكنة إلى مرساة، وأكثر هذه الأنواع لم تشملها اتفاقية لاهاي الثامنة لأنها لم تكن معروفة يوم توقيع الاتفاقية، حيث تمنع المادة 02 من هذه الاتفاقية الحصار عن طريق الألغام بزرعها أمام مداخل الشواطئ الموانئ للدول المعادية بهدف منع الملاحة البحرية، وهذا نظر لما أحدثته من دمار هائل بالبيئة البحرية لهذه الدول وبسواحلها.

3 ــ القصف البحري: نظَّمته الاتفاقية التاسعة التي نقلت إلى الحرب البحرية قواعد القصف البرية حيث تذكر الاتفاقية في مادتها الأولى الحظر على قصف المدن المجردة من وسائل الدفاع، وتورد مادتها الثانية تعريف للأعيان مثل المنشآت البحرية والأشكال الهندسية التي يمكن استعمالها في تلبية احتياجات الأسطول الحربي المعادي والتي رغم وجودها في نطاق هذه المدن المجردة من وسائل الدفاع تعتبر أهدافا عسكرية ومن ثمة يجوز قصفها مع مراعاة القيام بإنذار مسبق بالقصف، وباحترام المستشفيات، ومؤسسات الإحسان والمؤسسات العلمية والأثرية والأبنيةالدينية(1).

الفرع الثاني : مرحلة إهتمام القانون الدولي الإنساني بالبيئة بصورة غير مكتملة.

        يتجسد هذا الاهتمام في بروتوكولجنيفلعام 1925، حيث يحظر استخدام الغازات السامة والوسائل البيولوجية في الحرب وأصبح ساري المفعول في عام 1928 وكذلك ما يتعلق باتفاقية الأسلحة البيولوجية لعام 1972 بالإضافة إلى اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 التي تمنح حماية ضمنية للبيئة من خلال الحماية المقررة للسكان المدنيين والمقاتلين وقت الحرب، ومنع تدمير الأموال المنقولة وغير المنقولة.

أولا : بروتوكول جنيف 1925.

في بداية القرن العشرين حصلت اكتشافات في التكنولوجيا الأمر الذي جعل الدول تنتبه لأهمية الأسلحة البيولوجية والوسائل والغازات السامة ولقدرتها التدميرية الهائلة فبدأت تتسابق لتطوير هذا السلاح لاستخدامه في الحرب، ما حذى بالمجتمع الدولي إلى الإسراع لوضع بروتوكول يحرم استخدام هذا السلاح الذي يفتك بالإنسان والحيوان والنبات وبالنظر كذلك إلى لا محدوديته وسرعة انتشاره بفعل العوامل الطبيعية، ولقد اعترف هذا البروتوكول بأن استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الوسائل والمواد والأجهزة المشابهة قد أدين من قبل الرأي العام للعالم المتحضر، وأن استخدامها محظور في المعاهدات الدولية(2).

إضافة إلى ما تقدم فإن استعمال هذه الأسلحة يؤدي إلى الإضرار بالبيئة بأنواعها الثلاثة البرية، الجوية والبحرية، كما يقوم بروتوكول جنيف بحظر استعمال الأسلحة الجرثومية غير أنه لا يحظر إنتاج أو تخزين وتطوير مثل هذه الأسلحة، وهذا ما تمت إعادة معالجته في الاتفاقية المبرمة سنة 1972، ويمكن الكشف عن الآثار التي تطال البيئة من جراء استخدام الوسائل الحربية البيولوجية مثلما حدث جرَّاء التجربة البريطانية في جزيرة "Gruinar" والتي تم إجراء تجارب على البكتيريا التي تسبب مرض ( الجمرة) وهو مرض يصاب به الإنسان والحيوان على حد السواء وقد جعلت هذه التجربة الجزيرة مكانا غير صالح للسكن حتى اليوم، والسبب يعودإلى النمو والتكاثر الكبير لهذه المكروبات الدقيقة التي أُدخلت إلى الجزيرة والتي عدت جزءا من نظامها البيئي(1).

    تجدر الإشارة إلى أنه وحتى عام 2007 كانت هناك 134 دولة قد صادقت على بروتوكول جنيف، ومع ذلك فقد تحفظت أغلبية الأطراف بحق الرد بالمثل إذا اُستخدمت الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية ضدها، فقد صادقت الولايات المتحدة الأمريكية على البروتوكول سنة 1975 متحفظة في ذلك الوقت بحق استخدام الأسلحة الكيميائية في الرد بالمثل على الدول التي لا تتقيد بالبروتوكول، ثم ألغت ذلك التحفظ وصار الإلغاء نافذ المفعول مع التوقيع على اتفاقية الأسلحة الكيمائية في يناير 1993، و من الدول التي سحبت تحفظها بشأن الأسلحة الجرثومية والسمية بريطانيا سنة 1991، وكوريا الجنوبية سنة 2002 وغيرها من الدول(2).

   كتقييم لأحكام البروتوكول فإنه نص على تحريم استعمال الأسلحة البيولوجية بالإضافة إلى أنه يحظر استحداث أو إنتاج أو تخزين الأسلحة البيولوجية، غير أنه لا ينص

على آليات أو إجراءات تتبع في حال انتهكت أيا من الدول نصوص البروتوكول مستخدمة السلاح البيولوجي في نزاعاتها المسلحة(3).

ثانيا: إتفاقية الأسلحة البيولوجية لعام 1972.

اجتمع في جنيف في أغطس 1969 ممثلو أثنى عشر (12) دولة من دول عدم الانحياز مطالبين بصدور قرار من الأمم المتحدة يمنع استعمال الأسلحة الكيماوية والبيولوجية في أية منازعة دولية، حيث أسفرتالمفاوضات التي قامت بها لجنة نزع السلاح إلى عقد اتفاق دولي أقرت الجمعية العامة نصه في ديسمبر 1971 وفي العاشر من أبريل 1972 فتح باب التوقيع على الاتفاقية ودخلت حيز النفاذ في 26 مارس 1975(1)،   وحسب تعريف الأمم المتحدة في العام 1969 تعد الأسلحة البيولوجية كائنات حية تتنوع طبائعها، أو مواد ملوثة مشتقة من تلك الأجسام هدفها هو التسبب في الإصابة بأمراض أو في موت البشر أو الحيوانات أو النباتات، بفاعلية تتوقف على قدرتها على التوالد في أجسام البشر أو الحيوانات أو النباتات المتعرضة للهجوم، وتنقسم الأسلحة البيولوجية إلى 05 أنواع هي الفيروسات، البكتيريا، الأجسام الدقيقة، السموم المشتقة من الفطريات، التوكسينات.

  تتكونالإتفاقية من ديباجة وخمس عشر مادة وهذه المعاهدة تناولت في أحكامها التعهدات والتدابير الواجب على الدول اتخاذها للوصول إلى نزع شامل وكامل للأسلحة البيولوجية من خلال عدم إنتاج أو استحداث أو تخزين أو نقل أو التشجيع على تصنيعها(2).

  كما أدرجت الإتفاقية ضرورة التشاور والتعاون فيما بين الدول لحل أي مشاكل تتعلق بالإتفاقية، كما يحق لأي دولة طرف أن تقترح إدخال تعديلات عليها والتي تصبح نافذة المفعول متى نالت قبول أغلبية الدول الأطراف(3).

  ويمكن تلخيص أهم ما دارت حوله الاتفاقية في التدمير أي التزام الدول بنزع السلاح عن طريق تدمير جميع العوامل والتكسينات والمعدات ووسائل الإيصال المذكورة في المادة الأولى منها أو تحويلها إلى أغراض سلمية ووقائية، كذلك دار موضوع الإتفاقية حول التدابير التنفيذية الوطنية والمتمثلة في التدابير اللازمة لحظر ومنع استحداث أو إنتاج أو تخزين أو إنتاج هذه الأسلحة، ثم مبدأ التشاور والتعاون، وتقديم المساعدة في حالة تعرض طرف في الاتفاقية للخطر نتيجة خرق الإتفاقية والذي يستوجب تقديم شكوى .

ثالثا: إتفاقيات جنيف الأربع 1949 وبروتوكولاتها.

بعد استقراء إتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949 لا نجد أي نص صريح متعلق بالبيئة والتي نصت بشكل محوري على حماية المدينين وممتلكاتهم خلال النزاعات المسلحة والإحتلال والذين يجب أن تتم حمايتهم، حيث تنص المادة 147 من إتفاقية جنيف الرابعة أن الأفعال كالقتل، والتعذيب والمعاملة اللإنسانية وتعمد إحداث آلام شديدة أو إلحاق أضرار خطيرة بالسلامة البدنية أو بالصحة تجاه الأشخاص المحميين بهذه الاتفاقية وباقي الأعمال من نفس الصنف لا تبرره ضرورات حربية، ويعتبر خرقا صارخا لهذه الاتفاقية كما نصت المادة 53 من نفس الإتفاقية على أنه يحظر على دولة الإحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة، ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة أو المنظمات الإجتماعية أو التعاونية إلا إذا كانت العمليات الحربية حتما تقتضي ذلك(1) .

    يدخل ضمن ما نصت عليه المادتان سالفتا الذكر المصادر الطبيعية للبيئة التي غالبا ما تكون ملكا للأشخاص الخواص المدنيين، ويعتبر الاعتداء عليها أو تحطيمها جريمة ولا تبرره ضرورة عسكرية، وكمثال على ذلك حرق الأشجار وتدمير السفن في البحر(2).

   أما بالنسبة لبروتوكول جنيف الأول لسنة 1977 فإن القاعدة الأساسية لحماية الأعيان المدنية من أثار الأعمال العدائية حسب ما ورد في نص المادة 48 ، فإنها بطريقة غير مباشرة توفر حماية للبيئة كذلك بقولها على أن تعمل أطراف النزاع على التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية ، ومن ثم توجه عملياتها ضد الأهداف العسكرية دون غيرها، وذلك من أجل تأمين احترام وحماية السكان والأعيان المدنية وكذا المادة 54 التي تنص في فقرتها الثانية على حظر مهاجمة المناطق الزراعية التي تنتج والمحاصيل والماشية وشبكات وأشغال الري كأسلوب لتجويع المدنيين في الحرب.

   كما تضمن البروتوكول الثاني لسنة 1977 اتفاقيات جنيف حماية للبيئة بطريقة غير مباشرة كذلك لاسيما في نصوص المواد 14 المتعلقة بحماية الأعيان اللازمة لحياة الإنسان، والمادة 15 حول حماية الأشكال الهندسية والمنشآت المحتوية، والمادة 16 لحماية الأعيان الثقافية وأماكن العبادة(1).



(1)بن سالم رضا، حماية البيئة البحرية أثناء النزاعات المسلحة في البحار،  مذكرة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة الجزائرـ الجزائر، 2004، ص 22.

(1)فريتس كالسهوفن ــ ضوابط تحكم خوض الحرب ــ مدخل للقانون الدولي الإنساني ــ دار الوثائق والكتب القوميةــ اللجنة الدولية للصليب الأحمر ــ ب.ط ــ جنيف ــ 2004 ، ص 26.

(2)بن سالم رضاــ نفس المرجع السابق ، ص 25.

(3)فريتسكالسهوفن ــ نفس المرجع السابق ، ص 29.

(1)فريتسكالسهوفن ــ نفس المرجع السابق.

(2)أ.هنون حسن محمد رمضان ــ الأسلحة البيولوجية في ضوء القانون الدولي العام ــ دار الكتب القانون ــ مصر ـ ب.ط ــ سنة 2012 ، ص 75.

(1)بن سالم رضا– نفس المرجع السابق ، ص 32.

(2)من الدول التي سحبت تحفظها ايرلندا ( 1972)، استراليا(1989)، نيوزيلاندا(1989)، منغوليا (1990)، تشيكوسلوفاكيا(1990)، بلغاريا(1991)، كندا ( 1991) ، شيكي (1991)، رومانيا (1991)، بريطانيا (1991) .

(3)أ. هنوف حسن محمد رمضان ــ نفس المرجع السابق ، ص 78.

(1)أ. هنوف حسن محمد رمضان ـ نفس المرجع السابق ، ص 81.

(2)المادة الأولى من اتفاقية خطر استحداث وانتاج الأسلحة البكتريولوجيةوالتكسينية وتدميرها .

(3)المادة 05 و 11 من الاتفاقية .

(1)UNEP-protecting the environmentduringarmedconflict – novembre  2009-page 17.

(2)نفس المرجع السابق ـ ص 17.

(1)نفس المرجع السابق ــ ص 18-19.

2. المطلب الثاني: مرحلة الإهتمام الفعلي لحماية البيئة.

ساهم مؤتمر استوكهولم 1972 حول البيئة إلى إجراء تعديلات على القانون الاتفاقي الإنساني وذلك لإعطاء الحماية للبيئية الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، بحيث ركزت مجمل الإتفاقيات السابقة على حماية المدنيين والأعيان المدنية من خلال منع استعمال الأسلحة المحرمة والقصف العشوائي واستخدام الألغام البحرية، ومن خلال التطور الحاصل في مفهوم البيئة أبرمت اتفاقيات دولية إنسانية تعالج موضوع حماية البيئة أو الطبيعية .(2)

الفرع الأول : الإتفاقية المتعلقة بمنع التقنيات المعدلة للبيئة لغايات عسكرية أو عدائية .

أبرمت هذه الاتفاقية في العاشرديسمبر 1976 كردة فعل على قيام الو.أ.م بتدمير الغابات والحقول الزراعية في الفيتنام خلال الحرب الأمريكية الفيتنامية من أجل القضاء على الثوار ما أثر على حالة المناخ وتغيير طبيعة تلك المنطقة، هذه الأفعال أدت إلى وعي العالم وانشغاله بخطورة هذه التصرفات المضرة بالبيئة.

ما كان حافزا لعقد اتفاقية دولية تمنع استخدام تقنيات تحدث تغيرات بالبيئة، اتفاقية 1976 والتي دخلت حيز التنفيذ في 05/10/1978 مع إمكانية تطبيقها في وقت السلم والحرب(3).

وتتضمن الإتفاقية من عشرة (10) مواد ومرفق للإتفاقية، ويندرج في مقدمة الأحكام المتضمنة في الاتفاقية حسب نص المادة الأولى.

1-    تتعهد كل دولة طرف في هذه الاتفاقية بعدم استخدام تقنيات التغيير في البيئة ذات الأثر الواسع أو الطويلة البقاء أو الشديدة لأغراض عسكرية أو لأية أغراض عدائية كوسيلة لإلحاق الدمار الخسائر أو الأضرار بأية دولة طرف أخرى .

2-    تتعهد كل دولة طرف في هذه الإتفاقية بأن لا تساعد أو تشجع أو تحض أية دولة أو مجموعة من الدول أو أية منظمة دولية على الإضطلاع بأنشطة منافية لأحكام الفقرة 1 وعرَّفت نفس المادة المقصود بتقنيات تغيير البيئة بأنها أي تقنية لإحداث تغيير عن طريق التأثير المتعمد في العمليات الطبيعية، أو في دينامكية الكرة الأرضية أو تركيبها أو تشكيلها، بما في ذلك مجموعات أحيائها المحلية وغلافها الصخري وغلافها المائي وغلافها الجوي أو في دينامكية الفضاء الخارجي أو تركيبه أو تشكيله(1).

ويتضح من نص المادة الأولى من الإتفاقية أن المحظور هو الإستعمال، حيث لا يندرج في نطاق الحظر التحضير لهذه النشاطات الممنوعة ولا البحوث المتعلقة بها ، كما يشير الحال إلى أن العسكريين متمسكون بمتابعة بحوثهم في هذا الميدان، وكان من الأجدر أن تقوم بهذه البحوث أجهزة مدنية، وأن تكون نتائجها معلنة(2) .  كما يلاحظ أن النص المعمول به يشوبه الغموض ويتضح ذلك من خلال اشتراط الاتفاقية أن تكون التعديلات التي تتعرض لها البيئة ذات نطاق واسع أو خطير، وحدد الإتفاق التوضيحي للمادة الأولى من الاتفاقية أن المقصود باستخدام تقنيات التغيير في البيئة واسعة الإنتشار بواسطة استخدام التقنيات العدائية المعدلة للبيئة الطبيعية يجب أن تقاس بعدة مئات الأميال المربعة، أما الفترة الزمنية المطلوبة حتى يعتبر الضرر دائما ومن ثم محظورا هو أن يمتد إلى عدة شهور أو ما يقارب الفصل، أما كلمة "خطيرا " فالمقصود بها الإختلاف أو الضرر الحقيقي الذي يهدد حياة البشر والمصادر الطبيعية والاقتصادية أو أي موارد أخرى، ولم يرد أي ذكر لموضوع التهديد باستخدام الوسائل المعدلة للبيئة لغايات عسكرية أو التحضير لهذه الأعمال ضمن نصوص هذه الاتفاقية.(3)

كما ألزمت هذه الاتفاقية الدول الأطراف بتيسير أوسع لتبادل ممكن للمعلومات العلمية والتقنية عن استخدام تقنيات التغيير في البيئة للأغراض السلمية، ويكون إسهام الدولة في ذلك إما فرادى أو مع غيرها من الدول أو المنظمات الدولية على سبيل صون البيئة وتحسينها واستخدامها في الأغراض السلمية(4) .

كما نصت هذه الاتفاقية على مبدأ التشاور و التعاون فيما بين الدول بحل المشاكل كما يحق لكل دولة طرف في هذه الاتفاقية أن تتقدم بشكوى إذا رأت أن لديها ما يدعوها إلى الاعتقاد بأن دولة طرفا أخرى تنتهك الالتزامات الناشئة عن أحكام هذه الاتفاقية(1).

لقد تعرضت هذه الاتفاقية إلى انتقادات من عدة جوانب على أساس أنها تضعف الحماية المقررة لبيئة الإنسان في مواجهة استخدام القوة المسلحة في إطار نزاع مسلح أو لمجرد محاولة المساس المتعمد بالبيئة لأغراض عسكرية أو عدائية، حيث أن الاتفاقية لم تشمل تغيير البيئة الناتج عن الاستعمال المباشر أو العرضي لوسائل الحرب التقليدية أو أسلحة الدمار الشامل، كما اقتصر الخطر المحتوى في الاتفاقية على الأغراض والغايات العسكرية أو أية أغراض أخرى عدائية، وعليه الحظر هنايتبع النيةوهي عنصر ذاتي، بالإضافة إلى أن أحكام الاتفاقية لا تحظر الاستخدام السلمي لهذه التقنيات لتصنيفها على أنها تدبير للحد من سباق التسليح(2) .

وتنص المادة 08 من الاتفاقية على إجراءات مراجعة دورية لدراسة تطبيق الاتفاقية، وقد عقد المؤتمر الأول للمراجعة في جنيف 1984، غير أنه وفي ضوء الأضرار التي لحقت البيئة أثناء حرب الخليج الثانية ثار الجدل بخصوص هذه الاتفاقية فضلا عن الانتقادات التي وجهت إليها ومن بينها أن مجال تطبيقها لا يغطي الأضرار اللاحقة بالبيئة بسبب وسائل القتال التقليدية تم عقد المؤتمر الثاني للمراجعة عام 1992(3).

الفرع الثاني: بروتوكول جنيف الأول لسنة 1977.

  من الثابت كذلك أن هذا الملحق جاء كرد فعل على الحرب الفيتنامية الأمريكية ويتعلق مضمون هذا البروتوكول بتحريم الحرب الإيكولوجية، حيث يتضمن مادتين تعالجان على وجه التحديد مسألة حماية البيئة في فترة النزاع المسلح الدولي وقد أُدرجت هاتين المادتين إدراكا لأهمية احترام البيئة الذي اتسمت به مرحلة السبعينات وذلك لغاية توفير وتأمين الحماية للبيئة بذاتها، حيث تنص المادة 35 على أنه : " يحظر استخدام وسائل أو أساليب للقتال، يقصد بها أو قد يتوقع منها أن تلحق بالبيئة الطبيعية أضرارا بالغة واسعة الانتشار، طويلة الأمد" تتعلق هذه المادة بالوسائل وأساليب أو وسيلة من أساليب القتال التي تؤدي إلى أضرار جسيمة بالبيئة حتى ولو كان ذلك عرضيا(1).

كما تضمنت المادة الالتزام بحماية البيئة الطبيعية من خلال ما ورد في المادة 55 من البروتوكول الأول ينصها على أنه :

  1. تراعى أثناء القتال حماية البيئة الطبيعية من الأضرار البالغة واسعة الانتشار وطويلة الأمد، وتتضمن هذه الحماية حظر استخدام أساليب أو وسائل القتال التي يقصد بها أو يتوقع منها أن تسبب مثل هذه الأضرار بالبيئة الطبيعية ومن ثمة تضر بصحة أو بقاء الإنسان.
  2. تحظر هجمات الردع التي تشن ضد البيئة الطبيعية .

ومن المهم الإشارة إلى أن هذه المادة تستهدف حماية المدنيين من الأثار العدائية، إضافة إلى شمولها سياقا أوسع وهو سياق حماية الممتلكات ذات الطابع المدني التي يتناولها الفصل الثالث من البروتوكول الأول ، وقد عبرت تعليقات شبه رسمية نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر حول نصوص البروتوكولين الأهمية الحيوية للطبيعة والحاجة إلى إدخال بعض قواعد حمايتها المقررة في وقت السلم إلى قانون المنازعات، وقد لاحظ بعض الفقهاء أن إغفال نص المادة 55 إضافة وصف المدنيين كان متعمدا وقصد به التأكيد على أن الأضرار التي تصيب البيئة يمكن أن تصيب السكان المدنيين والعسكريين على حد السواء.(2)

 

 

 

 

 

 



(2) بن سالم رضاــ نفس المرجع السابق ، ص 34.

(3)عمر محمود أحمد ــ ( حماية البيئة في القانون الدولي الإنساني وقت النزاع المسلح ) المجلة الأردنية للعلوم التطبيقية ، جامعة العلوم التطبيقية ـ العدد الأول ـ عمان ــ الأردن ــ سنة 2008 ، ص 04 .

(1)ـ المادة الثالثة من الاتفاقية .

(2)ــ نفس المرجع السابق ، ص 36.

(3)عمر محمود أعمر ــ نفس المرجع السابق ، ص 04.

(4) المادة 03 من الاتفاقية.

(1)المادة 05 من الاتفاقية .

(2)د. صلاح الدين عامرــ(حماية البيئة إبان النزاعات المسلحة) المجلة المصرية للقانون الدولي ـ عدد 49 – سنة 1993، ص 38.

(3)نفس المرجع السابق ــ ص 38.

(1) بن سالم رضا ـ نفس المرجع السابق، ص 39.

(2)بن سالم رضا ــ نفس المرجع السابق، ص 44.