علاج الادمان على المخدرات

الموقع: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
المقرر: مخاطر تعاطي المخدرات
كتاب: علاج الادمان على المخدرات
طبع بواسطة: Visiteur anonyme
التاريخ: Sunday، 24 November 2024، 4:45 PM

الوصف

 نتناول في هذه المحاضرة مراحل علاج المخدرات والاجراءات العلاجية المناسبة في العلاج

1. علاج الادمان على المخدرات

أ‌-  مرحلة التخلص من السموم: وهي مرحلة طبية في الأساس، ذلك أن جسد الانسان في الأحوال العادية انما يتخلص تلقائيا من السموم، ولذلك فان العلاج الذي يقدم للمتعاطي في هذه المرحلة هو مساعدة الجسم على القيام بدوره الطبيعي و أيضا التخفيف من الام الانسحاب، ثم علاج الأعراض الناتجة والمضاعفة لمرحلة الانسحاب هذا، وقد تتداخل هذه المرحلة مع المرحلة التالية لها و هي العلاج النفسي والاجتماعي، ذلك أنه من المفيد البدء مبكرا بالعلاج النفسي الاجتماعي فور تحسن الحالة الصحية للمتعاطي.

ب‌-  مرحلة العلاج النفسي والاجتماعي: اذا كان الادمان ظاهرة اجتماعية ونفسية في الأساس، فان هذه المرحلة تصبح ضرورة، فهي تعتبر العلاج الحقيقي للمدمن، فانها تنصب على المشكلة ذاتها، بغرض القضاء على أسباب الادمان، تتضمن هذه المرحلة العلاجية العلاج النفسي الفردي للمتعاطي، ثم تمتد إلى الأسرة ذاتها لعلاج الاضطرابات التي أصابت علاقات أفرادها، سواء كانت هذه الاضطرابات من مسببات التعاطي أم من مضاعفاتها، كما تتضمن هذه المرحلة تدريبات عملية للمتعاطي على كيفية اتخاذ القرارات وحل المشكلات ومواجهة الضغوط، وكيفية الاسترخاء والتنفس والتأمل والنوم الحي. كما تتضمن أيضا علاج السبب النفسي الأصلي لحالات التعاطي فيتم على سبيل المثال علاج الاكتئاب اذا وجد أو غيره من المشكلات النفسية، كما يتم تدريب المتعاطي على المهارات الاجتماعية لمن يفتقد منهم القدرة والمهارة، كما تتضمن أخيرا العلاج الرياضي لاستعادة المدمن كفاءته البدنية وثقته بنفسه وقيمته، واحترام نقاء جسده وفاعليته بعد ذلك.

ت‌- مرحلة التأهيل والرعاية اللاحقة: وتنقسم هذه المرحلة الى 3 مكونات أساسية أولهما:

1- مرحلة التأهيل العملي: وتستهدف هذه العملية استعادة المدمن لقدراته وفاعليته في مجال عمله، وعلاج المشكلات التي تمنع  عودته الى العمل، أما اذا لم يتمكن من هذه العودة، فيجب تدريبه وتأهيله لأي عمل اخر متاح، ختى يمارس الحياة بشكل طبيعي.

2- التأهيل الاجتماعي: وتستهدف هذه العملية إعادة دمج المدمن في الأسرة والمجتمع، وذلك علاجا لما يسمى (بظاهرة الخلع) حيث يؤدي الإدمان إلى انخلاع المدمن من شبكة العلاقات الأسرية والاجتماعية، ويعتمد العلاج هنا على تحسين العلاقة بين الطرفين ( المدمن من ناحية، والأسرة من والمجتمع من ناحية أخرى)، وتدريبها على تقبل وتفهم كل منهما الآخر، ومساعدة المدمن على استرداد ثقة أسرته ومجتمعه فيه، وإعطاءه فرصة جديدة  لإثبات جديته وحرصه على الشفاء والحياة الطبيعية.

3- الوقاية من النكسات: ويقصد بها المتابعة العلاجية لمن شفي لفترات تتراوح بين ستة أشهر وعامين من بداية العلاج، مع تدريبه وأسرته على الاكتشاف المبكر للعلامات المنذرة لاحتمالات النكسة لسرعة التصرف الوقائي اتجاهها.

4- اجراءات علاجية حتى التأهيل: ان اعادة التأهيل والعلاج وجهان لعملة واحدة، فلا يمكن الاكتفاء بمرحلة العلاج دون الوصول الى الهدف الأسمى للعلاج ألا وهو "اعادة التأهيل" لتحويل هذا الفرد المدمن الى عضو فاعل في المجتمع، فتوفير العلاج والتأهيل المتكامل طبيا ونفسيا واجتماعيا، هو الشيء المطلوب بالنسبة للمدمنين، ويجب على الدولة بمقتضى الاتفاقيات الدولية التي هي طرف فيها، أن يهتم بالعلاج وإعادة التأهيل للمدمنين، وإكمال الطريق إلى نهايته، مبتدئا بالوقاية، ثم العلاج، ومنتهيا بعد ذلك بإعادة التأهيل.

إلا أنه للوصول إلى مرحلة إعادة التأهيل لابد من المرور بعدة مراحل هي:

1-4 الإجراءات الاسعافية: وهي إجراءات تتخذ في مواجهة بعض الحالات التي قد تتعرض لما يسمى بحالات التسمم المرضية الحادة، فقد تنتاب الشخص نوبة عنف واضح فيها اتجاه بعض الأشخاص القريبين منه، أو محاولة إتلاف بعض الأثاث أو الممتلكات المادية وذلك على أثر تعاطي جرعة من الكحوليات أو المثبطات أو المهلوسات وتحدث هذه النوبات للإفراط في الجرعة أو لحداثة عهد المتعاطي بالتعاطي أو لمروره حديثا بأزمة وجدانية شديدة الوطأة، وفي هذه الحالة لابد، أن يتناوله برعاية طاقم طبي  مدرب يقوم بطمأنته والحيلولة بينه وبين أن يؤذي نفسه أو الغير، وربما اضطر إلى أن يستخدم  لهذا الغرض بعض التدخل الدوائي.

كذلك قد تتعرض الحالات بشكل مفاجئ أيضا لما يسمى بأعراض الذهان العصبي فتظهر لدى الشخص بعض الخداع الحسي، كما قد تظهر بعض الهلاوس والضلالات وفي هذه الحالات قد يحتاج الطبيب الى قدر محدود من التدخل الدوائي.

4.2- إجراءات تطهير البدن: ويطلق عليها أحيانا سحب المخدر وهي إجراءات تتوقف من ناحية على نوع المخدر ومن ناحية أخرى على المعالج في تطبيقها، فقد تتخذ الخطة  شكل سحب المخدر سحبا بطيئا متدرجا وفي هذه الحالة لا يحتاج المعالج المشرف على العملية الى أي تدخل دوائي ويكتفي بإرشاد المتعاطي خطوة بخطوة مع طمأنته وتشجيعه. وتتراوح المدة التي تنتهي منها من أربعة أيام حتى سبعة أيام في حالة المواد ذات الفاعلية قصيرة المدى كالهيروين، و10 أيام في حالة المواد ذات الفاعلية طويلة المدى كالأفيون فقد تطول من عشرة أيام الى ستة أسابيع.

3.4- إجراءات علاج المضاعفات الطبية للتعاطي: وهي مجموعة الاجراءات الطبية التي لا بد من القيام بها في مواجهة بعض المضاعفات الصحية التي يعاني منها كثير من المدمنين دون أن تكون من الآثار المترتبة مباشرة على تعاطي هذه المادة أو من تلك المواد الادمانية، كسوء التغذية فانتشار سوء التغذية بين المدمنين ظاهرة ملحوظة لأسباب متعددة أوضحها أن بعض المدمنين يصل به الأمر أحيانا الى ضرورة المفاضلة بين انفاق المبالغ المحدودة التي في حوزته على المخدر أو على الطعام والغالبية أن ترجح كفة المخدر وهناك مضاعفات مرتبطة بطرق التعاطي كأن يكون التعاطي عن طريق التدخين فلهذه الطرق جميعا مضاعفاتها الطبية التي كثيرا ما تواجه الطبيب المعالج وعليه أن يعنى بابراء مريضه منها إلى جانب الإجراءات الاسعافية وإجراءات تطهير البدن.

 

2. العلاج المتكامل

جـ-  العلاج المتكامل: يتألف العلاج المتكامل من ثلاثة مكونات أساسية أحدهما طبي والآخر نفسي والثالث اجتماعي

1- المكون الطبي:يقوم المكون الطبي على أحد مبدأين رئيسيين:

مبدأ الفطام التدريجي للمدمن من المخدر الذي أدمنه

مبدأ سد القنوات العصبية التي يسلكها المخدر داخل جسم المدمن للتأثير على سلوكياته و للطبيب المعالج أن يختار أحد المبدأين بناء على اعتبارات متعددة تختلف من حالة لأخرى

الإستراتيجية الأولى: الفطام التدريجي وهو طريق الفطام التدريجي فانه ينتقي للقيام بهذه المهمة مخدرا أضعف بكثير من المخدر الذي أدمنته الحالة ولكن من الفصيلة نفسها ويتولى الإشراف على إعطاؤه للحالة بدلا من المخدر الأصلي بجرعات وعلى فترات محددة وعلى أن يتم تخفيض الجرعة وإطالة الفترات بين الجرعات تدريجيا حتى ينتهي الأمر غالبا إلى فطام كامل للحالة، والشائع بين الأطباء في كثير من دول العالم أنهم يختارون عقار الميثادون  لأداء مهمة الفطام التدريجي بالنسبة لمدمني الأفيون ومشتقاته بما في ذلك الهيروين وذلك على أساس أن الميثادون نفسه هو أحد مشتقات الأفيون ولكن قوته على إحداث الإدمان أضعف بكثير من الهيروين والمورفين والأفيون.

الإستراتيجية الثانية سد القنوات العصبية: وفيها ينتقى لذلك عقار مثل عقار النالتركسون يتولى الإشراف على إعطائه للحالة بجرعات محددة وعلى فترات محددة ويتلخص تأثير النالتركسون في سد المستقبلات العصبية المعدة أساسا في مخ المدمن لاستقبال الأفيون أو مشتقاته ثم توزيع أثارها العصبية السلوكية في جسم المدمن ومعنى ذلك أن المدمن الذي يتناول النالتركسون لن يتأثر بالأفيون أو أي من مشتقاته اذا تعاطاه مادام تأثير النالتركسون قائما ويستمر الطبيب في اعطاء هذا  العقار  حسب نظام محدد ولفترة محدودة حتى ينتهي الأمر بالمدمن الى أن يعود بجسمه إلى حالة التوازن الفسيولوجي دون حاجة إلى وجود الأفيون أو مشتقاته ويصحب ذلك انتهاء اللهفة إلى المخدر.

المكون النفسي: توجد أساليب متعددة للعلاج النفسي لحالات الإدمان على اختلاف أنواعها، ومن أشهر العلاجات النفسية الحديثة في الميدان ما يعرف بمجموعة العلاجات السلوكية للإدمان وهذا  العلاج النفسي يستلزم درجة عالية من التعاون بين المدمن والمعالج مع قدر من الإجراءات العلاجية المعقدة ومواظبة ومثابرة على تلقي هذا الإجراء لفترة زمنية تصل الى عدة شهور تتبعها فترة أخرى، وتمتد المتابعة فيها بضع سنوات بهدف التقويم الدوري والتدخل من حين لآخر للصياغة والانعكاسات المحتملة.