مفهوم الإلتزام وأنواعه المختلفة

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: -الالتزامات -مصادر الالتزام
Livre: مفهوم الإلتزام وأنواعه المختلفة
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Friday 19 April 2024, 06:18

1. أولا

تعريف الالتزام:

يتنازع تعريف الالتزام مذهبان: مذهب شخصي ينظر إلى الالتزام على أنه رابطة بين شخصين و يمثل المدرسة اللاتينية ومذهب مادي ينظر إلى الالتزام على أنه رابطة بين ذمتين ماليتين يمثل المدرسة الجرمانية.

أ-المذهب الشخصي في الالتزام: يغلب هذا المذهب الناحية الشخصية في الالتزام على حساب محل الالتزام، حيث يعتبره رابطة بين شخص المدين وشخص الدائن، ويؤخذ فيها خصوصا شخص المدين بعين الاعتبار، وعليه يعطي هذا المذهب للدائن سلطة على شخص المدين تشبه السلطة المقررة لصاحب الحق العيني على الشيء محل الحق فقد كان القانون الروماني يعتبر المدين ملزما شخصيا بالدين، وبالتالي يجوز في ظله للدائن حبس المدين واسترقاقه وحتى قتله، أن هو لم يسدد الدين الذي عليه اتجاه الدائن.

ويترتب على الأخذ بهذا المذهب عدم جواز انتقال من ناحية الدائن ( باعتباره حقا) عن طريق حوالة الحق، ومن ناحية المدين( باعتباره التزاما ودينا) عن طريق حوالة الدين على حد سواء، كما لا يمكن تصور نشوء التزام بدون أحد طرفيه( الدائن) خلافا للمذهب المادي.

ب-المذهب المادي في الالتزام:

يغلب هذا المذهب الناحية المادية في الالتزام على حساب الناحية الشخصية حيث ينظر إلى الالتزام باعتباره رابطة قانونية مادية بين ذمتين ماليتين أي باعتباره يمثل حقا في ذمة الدائن والتزاما ودينا في ذمة المدين وعليه لا يعطي هذا المذهب أي اعتبار لشخص الدائن وشخص المدين .

ويترتب على الأخذ بهذا المذهب امكان نشوء الالتزام دون وجود كلا طرفيه، طالما وجد محل الالتزام في ذمة شخص المدين، كما هو الحال في الوعد بجائزة الموجه للجمهور والاشتراط لمصلحة من سيوجد مستقبلا ( وجود فقط المدين وقت نشوء الالتزام)

كما يترتب على الأخذ بهذا المذهب قابلية الالتزام للانتقال باعتباره حقا عن طريق حوالة الحق أ وباعتباره دينا عن طريق حوالة الدين كما يقبل الانتقال بعد الوفاء باعتباره حقا إلى الورثة.

v    موقف المشرع الجزائري:

أخذ المشرع الجزائري كقاعدة عامة بالمذهب الشخصي في الالتزام ويتجلى ذلك أساسا من خلال التعريف الوارد بنص المادة 54 من القانون المدني:" ... بموجبه يلتزم شحص أو عدة أشخاص آخرين نحو شخص أو عدة أشخاص آخرين". فهو ينظر إلى الالتزام على أنه رابطة بين أشخاص.

واستثناء من ذلك أخذ المشرع بأهم تطبيقات المذهب المادي وذلك من خلال امكان حوالة الحق م 239  ق م، وامكان قيام الالتزام دون وجود دائن معين وقت نشوئه كما في الوعد بجائزة طبقا للمادة 115 ق م ، والاشتراط لمصلحة شخصا مستقبلا أو هيئة مستقبلية طبقا للمادة 118 ق م.

واليك الفيدو الموالي لتعمق معارفك أكثر حول تعريف الاتزام

2. ثانيا

خصائص الالتزام:

يتميز الالتزام بالخصائص التالية:

أ- الالتزام رابطة بين أشخاص: الالتزام رابطة بين طرفين ، طرف ايجابي وهو الدائن وطرف سلبي هو المدين حيث يلتزم مدينا معينا بعمل شيء محدد لمصلحة دائن معين وهو بهذا يتميز ويتخلف عن الالتزام العام المجرد الذي تفرضه القاعدة القانونية، حيث يلزم شخصا بعينه فهو موجه إلى جميع الناس كما يختلف عن الحق العيني الذي هو سلطة مباشرة لشخص معين على شيء بذاته.

ولا يشترط في الالتزام وجود كلا طرفيه الدائن والمدين إلا عند تنفيذه إذ يمكن أن ينشأ الالتزام بوجود المدين فقط والعكس غير صحيح.

ب-  محل الالتزام هو القيام بأداء مالي معين: هذا الأداء قد يتمثل في قيام المدين باعطاء شيء أو القيام بعمل معين لحساب الدائن كدفع مبلغ من النقود أو وضع شيء وقد يكون الامتناع عن عمل معين كان يجوز للمدين القيام به قبل نشوء الالتزام كامتناع تاجر معين ( مدين) عن منافسة تاجر آخر ( دائن) في نشاط معين...

وما يميز هذا الأداء أنه يمكن تقويمه بالنقود وهو بهذا يختلف عن الواجب القانوني العام كواجب أداء الخدمة الوطنية لذا اعتبر بعض الفقهاء الالتزام واجب قانوني خاص.

ويترتب على اعتبار الالتزام أداء مالي يقوم بالنقود قابليته للانتقال من شخص لآخر أثناء الحياة وبعد الموت، حيث ينتقل أثناء الحياة عن طريق حوالة الحق من دائن لآخر وبطريق حوالة الدين من مدين لآخر ، كما ينتقل إلى الورثة بوفاة الدائن باعتباره حقا، حيث لا تنتقل إلى الورثة إلا الحقوق أما الديون المدين فتسدد من تركته و لا تلزم الورثة بعد وفاته.

جـ- الالتزام رابطة قانونية: أي يعتد به قانونا بحيث يمثل واجب قانوني في ذمة المدين وعليه إذا لم يقم المدين بتنفيذه باختياره وطواعية كان بوسع الدائن اجباره على تنفيذه بالطرق القانونية وهذا ما يميزه عن الالتزام الخلقي أو الديني وعن الالتزام الطبيعي.

3. ثالثا

أركان الالتزام:

يتكون الالتزام من ركنين هما : ركن المديونية وركن المسؤولية.

أ-ركن المديونية: هو الواجب الذي يفرض على المدين القيام بأداء معين لمصلحة شخص آخر هو الدائن، حيث من خلال هذه المديونية تعتبر ذمة المدين مشغولة بدين معين، وتبرأ ذمته بالوفاء الاختياري و لا يستطيع الدائن الاستناد إلى عنصر المديونية لاجبار المدين على الوفاء بالالتزام.

ب- ركن المسؤولية: ويتمثل في الحماية القانونية التي يقرها القانون لشخص الدائن حيث إذا لم يوف المدين بالتزامه باختياره جاز للدائن اجباره على تنفيذه وعليه ركن المسؤولية هو الذي يسند ويدعم ركن المديونية حيث لا توجد مسؤولية دون مديونية وعليه فالمديونية تأخذ حكم الغاية والمسؤولية تأخذ حكم الوسيلة الموصلة إليها.

والأصل في كل التزام توفر عنصري المسؤولية والمديونية ومع هذا يمكن أن توجد مديونية دون مسؤولية تدعمها، كما هو الحال في الالتزام الطبيعي حيث لا يمكن للدائن اجبار المدين على الوفاء بالالتزام الطبيعي على الرغم من قيام عنصر المديونية وهذا لتخلف عنصر المسؤولية ومع هذا إذا وفى المدين بالتزام طبيعي باختياره مع علمه بذلك كان وفاؤه صحيحا، ولا يعتبر متبرعا فهو يفي بدين مشغولة به ذمته وبالتالي لا يمكنه رد ما أداه للدائن.

ويمكن أن تقوم المسؤولية عن مديونية غير ذاتية، حيث يكون الشخص مسؤولا عن دين ليس في ذمته هو وإنما في ذمة شخص آخر ويجبر على الوفاء به، كما هو الحال بالنسبة للكفيل الشخصي أو العيني حيث يضمن الكفيل الوفاء بدين في ذمة شخص آخر هو المدين المكفول . فاذا لم يوف هذا الأخير بالدين( الالتزام) الذي في ذمته جاز للدائن مطالبة الكفيل به، على الرغم من أنه ليس مدينا شخصيا بهذا الدين.

4. رابعا

أنواع الالتزام:  تختلف أنواع الالتزام وذلك بحسب الجهة التي ينظر إليه منها إلى الأنواع التالية:

1-من حيث الحماية القانونية: يقسم الإلتزام  من حيث الحماية القانونية التي يتمتع بها الدائن إلى إلتزام مدني والتزام طبيعي:

- فالمدني هو ذلك الالتزام الذي يتكون من عنصري المسؤولية والمديونية معا، لذا يمكن للدائن انطقا من عنصر السؤولية اجبار المدين على تنفيذ ما التزم به بالطرق القانونية، وبهذا فالدائن في الالتزام القانوني يتماع بالحماية القانونية الكافية التي تضمن له استيفاء حقه من الدين.

- أما الالتزام الطبيعي فهو ذاك الالتزام الذي يتكون فقط من عنصر المديونية ويفتقد عنصؤر المسؤولية، حيث إذا لم يوفي المدين بالالتزام طواعية لم يكن في وسع الدائن اجباره على الوفاء به وذلك لافتقاده عنصر المسؤولية، وبذلك نقول أن الالتزام الطبيعي لا يتمتع بالحماية القانونية.و ذلك كما في حالة انقضاء الالتزام المدني بالتقادم

2-الالتزام من حيث محل الالتزام: يقسم الالتزام من حيث محل الالتزام إلى ثلاثة أنواع تتمثل في:

- الالتزام بإعطاء شيء: وهو التزام بإنشاء حق عيني أو بنقله، كالتزام المالك بإنشاء حق ارتفاق ، والتزام البائع بنقل ملكية الشيء المبيع ....

- الالتزام بالقيام بعمل : يمكن أن يكون محل الالتزام قيام المدين بعمل معين لحساب الدائن أو غيره، ويكون هذا في الحالات التي يتعهد فيها المدين بممارسة نشاط معين لحساب الدائن مثل تعهد بصنع شيء ما أو اصلاحه، أو نقل سلعة ما ....ومثلما يكون هذا العمل مادي يمكن أن يكون عمل قانوني كالتزام الوكيل بابرام تصرف قانوني معين نيابة عن الاصيل ولحسابه.

- الالتزام بالامتناع عن عمل:في هذا النوع من الالتزام يتعهد المدين بعدم القيام بعمل معين كالتزام أحد الأشخاص بعدم إقامة جدار في أرضه لأن إقامته ستؤدي إلى حجب الهواء و النور عن جاره،  فهذا الشخص يكون منفذاً لالتزامه تنفيذاً عينياً طالما لم يقم ببناء هذا الجدار،أما إذا قام بالبناء فيكون مخلا بالتزامه و يمكن للدائن في هذه الحالة المطالبة بإلزامه بإزالة هذا البناء.

3-الالتزام من حيث الارتباط الموجود بين ما يلتزم به المدين وغاية المدين: وينقسم الالتزام من هذه الناحية إلى :

- الالتزام بتحقيق نتيجة: هو الذي يكون فيه مضمون التزام المدين يمثل الغاية التي يسعى الدائن إلى تحقيقها من جراء الزام المدين: مثل التزام البائع بنقل الملكية والتزام المشتري بدفع الثمن .

- الالتزام ببذل عناية: فهو الذي لا يكون فيه مضمون أداء المدين هو الغاية والهدف النهائي الذي يسعى الدائن الى تحقيقه من وراء الزام المدين به بل يمثل فقط الوسيلة التي تؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق غاية الدائن وهدفه النهائي ولهذا يسمى هذا الالتزام أيضا التزاما بوسيلة مثل التزام الطبيب فهو لا يتعهد بشفاء المريض ( الدائن) وإنما يتعهد فقط بعلاجه حسب الأصول الطبية لأجل الوصول إلى الهدف النهائي للمريض وهو الشفاء .

4- من حيث دور الارادة في إنشاء الالتزام: يقسم الالتزام إلى قسمين:

- التزامات إرادية: فهي تلك التي تتجه الإرادة إلى انشائها خاصة ارادة المدين وتنشأ عن العقد بتوافق ارادة الدائن والمدين وعن الارادة المنفردة للمدين كما في الوعد بالجائزة .

- التزامات غير الارادية: وهي تلك التي تنشأ من دون أن تتجه الارادة المدين إلى احداثها وتنشأ هذه الالتزامات عن القانون والعمل غير المشروع وعن الإثراء بلا سبب.