المحاضرة الثانية

الموقع: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
المقرر: مناهج وتقنيات البحث في علوم الاعلام والاتصال - السداسي الاول -
كتاب: المحاضرة الثانية
طبع بواسطة: Visiteur anonyme
التاريخ: Friday، 22 November 2024، 7:43 PM

الوصف

سنتطرق في هذا الجزء الى:   

1-  الدراسات الاستطلاعية أو البحوث الاستكشافية

2-  الدراسات الوصفية

3-  الدراسات التجريبية

4-  الدراسات الوثائقية

1. الدراسات الوثائقية

هي عملية منظمة لاكتشاف حقائق ومعلومات من الدراسات حول الظاهرة الاعلامية حدثت في الماضي ،وتحليلها ونقدها وتقييمها للخروج باستنتاجات تساعد على فهم الظاهرة وموقعها في السياق التاريخي وأحداثه ومن أمثلة هذا النوع من الدراسات تلك التي تتناول على سبيل المثال :نشأة وتطور الصحافة والقضايا التي تناولتها في فترات تاريخية سابقة ومواقفها واتجاهاتها من بعض الأحداث الهامة ( محمد منير حجاب ،،2006 ص ،ص16،15)

 تهدف هذه الدراسات الى التوصل الى الحقائق والمبادئ الجديدة من خلال تحليل دراسة الوثائق والسجلات ،ويستخدم هذا النوع من الدراسات على نطاق واسع في كثير من الموضوعات الأكاديمية وأن كان أكثر استخداما بصفة خاصة في دراسة التاريخ والأدب واللغويات والإنسانيات عموما ،وقد اقترنت هذه الدراسات بالمنهج التاريخي وتسمى أيضا بالبحوث التاريخية .

ويعتمد البحث التوثيقي أساسا على تجميع الحجج المستخلصة من الوثائق والسجلات بهدف تكوين استنتاجات قد تؤدي الى :

  • تدعيم و ابراز حقائق مجهولة في الوقت الحاضر .
  • تقديم تفسيرات تتعلق بالأحداث الماضية أو الحاضرة وبالدوافع والخصائص المتصلة بالأفكار البشرية وهو ما يفيد في دراسة حاضرنا ومستقبلنا عموما ( المرجع نفسه ، ص ،ص72،71)
  • وفي مجال الدراسات الاعلامية ،تزداد أهمية الدراسات التاريخية كما يقول الدكتور السيد عمر فعلى الرغم من التراجع الواضح الذي شهدته الدراسات الاعلامية في استخدامها منهج البحث التاريخي بسب الاهتمام المتزايد بالمناهج الأخرى ،الا أنه مازال للتاريخ دور مهم في مجال الدراسات الاعلامية ،اذ يندر أن يكون هناك بحث اعلامي في اي مجال من مجالات الاعلام إلا ويكون مستندا الى رؤية أو خلفية تاريخية ،سواء اكان ذلك في تتبع النشأة الأولى للظاهرة الاعلامية قيد البحث أو في استعراض ومراجعة الدراسات السابقة ،هذا من جهة ومن جهة أخرى فالبحث الاعلامي التاريخي يزود الباحثين بالجذور التاريخية لنظريات الاعلام ،ونظريات الاتصال وتطورها والممارسات الاعلامية التي تطورت وانتشرت وتنوعت ،كما أنه يوفر للباحثين في أنواع البحوث الأخرى المادة العلمية اللازمة لهم لإدراك الصلة الوثيقة بين الاعلام وبيئاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية بكل مكوناتها والعوامل المختلفة التي تؤثر فيها وتتأثر بها ،وبالتالي يمكن القاء الضوء على بعض الاتجاهات الحاضرة والمستقبلة كالمشكلات الاعلامية وديناميكة التطور الاعلامي وتقنياته وما الى  ذلك ( المرجع نفسه ، ص ،ص72)

 

2. الدراسات التجريبية

أو (أبحاث العلاقات السببية) تقوم ابحاث العلاقات السببية بين المتغيرات على اختبار علاقات التأثير والتأثر بين متغيرات الظاهرة الواحدة أو مجموعة الظواهر المختلفة .فالباحث لا يكتف فيها بحدود استكشاف الظاهرة في حيزها الواقعي ،أو وصفها في وضعها الطبيعي ،بل يذهب الى أبعد من ذلك ليقوم بدراسة عواملها المختلفة المتحكمة فيها ،والتي كانت وراء وجودها على هذا الشكل أو نحو ذلك ( نفس المرجع ، ص،ص،54)

ان تحقيق أهداف الضبط المحكم للظواهر العلمية والتوقع يظل محدودا ويتسم بندرة البحوث التي تتناول هذه المجالات ،نظرا لصعوبة الضبط والتحكم والتجريب نتيجة تعقد الظاهرة الاعلامية  وتركيبها ،وتعدد ارتباطاتها بالإضافة الى خصائص عناصرها ،وبصفة خاصة جمهور المتلقين الذي يتسم بالضخامة والتشتت والانتشار وعدم التجانس ،وصعوبة تطبيق آليات التجريب على الأفراد في الظروف المعملية ،لأن الانسان حر متغير بطبيعته ،يصعب التجريب المباشر للتأثير على سلوكه وعلى التأثيرات الاجتماعية الأخرى ( محمد عبد الحميد  ،مرجع سبق كره ،ص12)

ان الباحث في قيامه بأبحاث اختبار العلاقات السببية يستخدم الفرضيات التي يحتمل فيها مسبقا العوامل الكامنة وراء حدوث الظاهرة في شكل نتائج للبحث ،حتى يضمن لنفسه التوجيه السليم من حيث اختيار نوع المعلومات ذات العلاقة بتحقيق الفرض وإجراء التحليل وفق مساره المحقق لذلك

ان تصميم ابحاث العلاقات السببية يتطلب دقة علمية متناهية ،من حيث اعداد الاشكالية بصورة دقيقة واضحة ،كما تتطلب اعتماد خطة علمية واضحة ،يتمكن الباحث من خلالها من البرهنة بصورة جلية على ما اقترحه من فرضيات في البداية ،مدعما جهده بتقديم البيانات والحقائق اللازمة بأسلوب تحليلي واضح مقنع وغير متناقض الطرح. ( لارامي  ،مرجع سابق ،ص275)

فالدراسات التجريبية تسعى الى تحقيق ثلاث وظائف :

  1. البرهنة على وجود علاقة وظيفية بين المتغيرات المدروسة
  2. التحكم بشكل آلي في متغيرات الدراسة
  3. تسمح بتوقع الأحداث في الموقف التجريبي ( المرجع نفسه ، ص،275)

التاريخي ،ومنهج دراسة الحالة والمنهج التتبعي ، إلا أنها تعتمد بصورة أساسية على المنهج التجريبي نظرا لما يوفره من اجراءات تمكن الباحث من التحكم الدقيق في المتغيرات المؤثرة في الظاهرة وفق متطلبات دراسته ( أحمد بن مرسلي   ،مرجع سابق ،ص56)

 

3. الدراسات الوصفية

 ان هدف الدراسات الوصفية  هو توضيح خصائص اي ظاهرة  ،أي حدث ،أي وضعية او جماعة ونستطيع ان نضيف لهذا الغرض غرضا آخر يتمثل في تحديد سرعة ظهور أو تكرار أية ظاهرة .وخلافا للدراسات الاستطلاعية التي تعد مقاربة لتحديد مشكل دقيق ،تركز الدراسات الوصفية على تفسير الأوجه البارزة لأية ظاهرة ،وتعتبر هذه الأخيرة انشغالها الرئيس ،لأنه لوصف أية ظاهرة أو اي حادث لابد من تجنب الانحرافات المنظمة والتأكد من مصداقية المعلومات المحصل عليها .

وعكس الدراسات الاستطلاعية تفرض الدراسات الوصفية معرفة جيدة مسبقة للمشكل المزمع دراسته ،وينبغي أن يكون للباحثين القدرة على تحديد ما يريدون قياسه بوضوح وايجاد المناهج المناسبة للقيام بذلك ولابد أن تكون كل من :من و ماذا اللتين تفيدان التقييم على المستوى المفهومي والإجرائي محددتين بطريقة دقيقة ( المرجع نفسه ، ص،239)

ان الهدف الأول والنهائي للأبحاث الوصفية هو الحصول على معلومات كافية ودقيقة عن الموضوع محل الدراسة ،كما هو في الحيز الواقعي ،اي وصف ما هو موجود في الواقع من زوايا مختلفة محققة للأهداف المتوخاة من اجراء الدراسة دون التدخل في الأسباب الكامنة وراء وجود هذه الظاهرة المدروسة في هذه الوضعية أو تلك أو التحكم فيها بصورة  جزئية أو كلية .وهنا لابد من الاشارة الى ان الدراسات الوصفية ليست مجرد جمع للبيانات عن الواقع المدروس ،بل هي ايضا عملية تصنيف هذه البيانات الى عناصرها الرئيسية والفرعية ،وتفسيرها تفسيرا شاملا من أجل استخلاص النتائج في شكل دلالات تساعد الى الوصول الى تعميمات حول المواقف المدروسة ،وعلى بناء الأرضية التي يقوم عليها وضع الفرضيات بالنسبة للدراسات التفسيرية للعلاقات السببية ( أحمد بن مرسلي مرجع سابق ، ص،51)

وهكذا فان الدراسات الوصفية لا تتمتع بمرونة الدراسات الاستطلاعية ،لأنه لوصف اي شيء لابد ان تكون المناهج المستخدمة مخططة بعناية ،وذلك أن هدف الدراسات الوصفية هو الوصول الى معلومات مقبولة من طرف مجموعة من الباحثين ،لذلك يجب أن يتضمن مخطط البحث احتياطات أكثر لمواجهة الافكار المسبقة التي لا تتطلبها الدراسات الاستطلاعية ( لارامي أ. ،ب. فالي ،مرجع سابق ، ص،ص،240 ،239)

وفي الدراسات الاعلامية تستخدم الدارسات الوصفية لأغراض الوصف المجرد والمقارن للأفراد والجماعات ووصف الاتجاهات والدوافع والحاجات واستخدامات وسائل الاعلام والتفضيل والاهتمام وكذلك وصف النظم والمؤسسات الاعلامية والوقائع والأحداث ثم وصف وتفسير العلاقات المتبادلة بين هذه العناصر وبعضها في اطار علاقات فرضية يمكن اختبارها

وتتسم هذه الدراسات بالآتي :

  • وصف الظاهرة وعناصرها وعلاقتها في وضعها الراهن
  • هدف الوصف يتعدى الوصف المجرد للظاهرة وحركتها وعناصرها ولكن يمتد ليشمل وصف العلاقات والتأثيرات المتبادلة والوصول الى نتائج تفسر العلاقات السببية وتأثيراتها للوقوف على الأسباب والمقدمات في علاقتها بالنتائج وهذا هو جوهر عملية التشخيص الذي يشير بالتالي الى أنسب الحلول للمشكلات الخاصة بالظاهرة نفسها أو علاقتها.
  • هذه الدراسات وان كانت تهتم في معظم اجراءاتها المنهجية بعملية جمع البيانات وتسجيلها ،إلا ان ذلك لا يمثل الهدف الأساسي حيث يجب أن تكتمل الدراسات الوصفية بأهداف التحليل والتفسير المقارن.
  • لا تعتمد هذه الدراسات على الأساليب الكمية فقط ولكنها تعتمد أيضا على الأساليب الكيفية ،وان كانت الصدارة دائما للأساليب الكمية والتحليل الاحصائي في تفسير البيانات   ( محمد عبد الحميد ، 2004 ، ص،13)

ان الهدف العلمي للأبحاث الوصفية هو تصويري للواقع المدروس ،ومن ذلك فهي لا تستخدم الفرضيات في تحقيق نتائجها النهائية ،لكونها ليست ابحاثا تفسيرية للعلاقات السائدة بين المتغيرات ،بل تستخدم التساؤلات حتى يتمكن الباحث من الحفاظ على التطوير السليم لمسارات البحث وفق ما يستجيب لأهدافه النهائية ،من خلال الارتباط دائما بما يتطلبه التساؤل من اجابة على مستوى كل محور من محاور الدراسة ،ومن هنا كان منهج المسح والأساليب الكمية هي الادوات التحليلية الأكثر ملائمة للاستجابة لهذا النوع من الأبحاث ،لكونها أدوات تعتمد على المسح الدقيق للمعطيات والتعبير عن النتائج بطرق خاصة ،تستند فيها الى وحدات القياس الكمي التي يتم فيها تسجيل المعطيات ،وعدها في مرحلة أولى ثم الاعتماد على الطرق الاحصائية في تبويبها وجدولتها وتحليلها ،لاستخراج المؤشرات التي تحتويها في مرحلة ثانية .

وبما أن الدراسات الوصفية تستخدم في التعرف على وسائل الاعلام وعلى ما تبثه من مضامين مختلفة على جماهيرها المتنوعة ،فهي تعتمد الى الجانب منهج المسح على منهج دراسة العلاقات المتبادلة الذي يوظف في دراسة الحالة ،او في الدراسات السببية المقارنة(دراسة المواقف المختلفة ثم المقارنة بينها)،أو في الدراسات الارتباطية (تأكيد أو نفي ما اذا كانت هناك علاقات ارتباطية بين المتغيرات) ،وعلى منهج الدراسات التطورية (وصف الوضع الراهن والتغييرات التي حدثت خلال فترة زمنية معينة). ( أحمد بن مرسلي ،مرجع سابق ،ص،ص،52،51)

 

4. الدراسات الاستطلاعية والاستكشافية

تتمثل الدراسات الاستطلاعية كما يعبر عنها اسمها في استكشاف مسالك البحث على غرار ما يفعل المغامر تقريبا الذي يستكشف بيئة جديدة لا يعرف عنها الشيء الكثير ،أما أهدافها فتكمن أولا في التعرف على ظاهرة جديدة أو تطوير هواجس جديدة حولها ،وثانيا في البحث عن صياغة واستكشاف قضايا اكثر دقة تسمح بطرح فرضيات ،لذلك يتمثل الانشغال الكبير لهذه الدراسات في الحدس والبحث عن الأفكار ،ومن ثمة يجب على الباحث الذي يريد القيام بدراسة استطلاعية أن يعد مخطط بحث مرن يسمح له أن يتأمل عدة اوجه متباينة للظاهرة نفسها . ( المرجع نفسه ، ص،221)

ويستخدم هذا النوع من الأبحاث في تحديد اشكالية البحث بصورة دقيقة قبل معالجتها ،او اختيار الفرضيات الخاصة بطرح معين ،وهي بذلك الخطوة الأولى في عملية البحث لاستكشاف الظواهر غير المعروفة كليا او جزئيا دون الذهاب الى أبعد من ذلك ،وهي تكون في شكل الاجابة عن سؤال واحد يتناول نقطة بعينها لا غير ،وبالتالي فان بناءها الفني يتم بصورة مرنة لا يتطلب الكثير من الاجراءات البحثية او التصميم الهيكلي المعقد ،كما أن هذه الأبحاث لا تتطلب استخدام التساؤلات او الفرضيات ،لكونها كما سبق تعالج نقطة واحدة في شكل اجابة على سؤال لا يخش الدارس في معالجته الخروج عن مسار ما هو بصدد السعي اليه ( أحمد بن مرسلي ، 2007 ، ص،49)

وتعتبر مناهج البحوث الاستطلاعية مفيدة جدا في علوم الاعلام والاتصال ،لأن الباحث في هذه العلوم لا يجد أمامه الكثير من الدراسات السابقة والمسالك المدروسة ،فنظرياتها اما عامة جدا أو جد مفرطة في الخصوصية مما قد لا يجعلها صالحة لتوجيه البحث بدقة ووضوح ،كما يسمح  البحث الاستطلاعي باكتساب الخبرة التي تساعد على اعداد الفرضيات الملائمة لدراسات نهائية أكثر انجازية.