المفهوم ، الخصائص المبادئ

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: حملات الاتصال العمومي /السنة الثالثة /رغيس إناس
Livre: المفهوم ، الخصائص المبادئ
Imprimé par: Guest user
Date: Monday 22 July 2024, 23:22

Description

مفاهيم الاتصال العمومي:

   الاتصال العمومي: يعتبر من المفاهيم المثيرة للجدل والنقاش العلمي في الأوساط الأكاديمية، حيث تعتريه الكثير من الضبابية، الغموض، الالتباس والتداخل مع مفاهيم آخرى على غرار الاتصال الاجتماعي والسياسي، لذا فقد تعددت التعاريف والمفاهيم التي حاولت توصيف ومُساءلة مفهوم الاتصال العمومي، حيث أفرزت توصيفات متنوعة تعكس تباين الآراء والاتجاهات المحتكمة لتباين السياقات الفكرية والتاريخية والاجتماعية والسياسية.

     وعليه فالاتصال العمومي كظاهرة مجتمعية تتسم بطابعها المركب، والتي تتداخل فيها المستويات السياسية والإعلامية والمؤسساتية، وحقل بحثي تتجاذبه عدة تخصصات علمية تفرض صعوبة وخطورة اختزال الظاهرة في أبعادها التقنية والمهنية والإجرائية الصرفة من خلال حصرها في المستوى الأداتي، وعلى ضوء هذا يمكن تقديم مجموعة من التعاريف بوصف الاتصال العمومي Communication publique ممارسة ضمن ما يسمى بالفضاء العام  Espace publique  بمعنى أن الاتصال العمومي يرتبط بالقضايا والاهتمامات المشتركة التي يفرزها الانتماء إلى الدولة، بناءا على   هذا، عمدنا إلى إفراد حيز واسع بالعرض والتفصيل في الاتصال العمومي والمفاهيم ذات الصلة (الاتصال الاجتماعي والسياسي).

2-1 تعريف الاتصال العمومي:

  • يشار إلى الاتصال العمومي على أنه تبادل للمعلومات، فالاتصال لا يعني الإعلام والاستعلام فقط وإنما يعني الإقناع، أي تغيير آراء و سلوك الآخرين، وكثيرا ما يستعمل كمرادف للاتصال الاجتماعي، فالاتصال العمومي يصبح اجتماعيا عندما يبحث عن تغيير أو تعديل لصالح المجتمع برمته، فالاتصال العمومي هو علم نقل الأفكار الجديدة من طرف إلى طرف ثاني، وهو الركيزة الأولى للسلطة التي تستعمله من أجل تطوير المعارف ودفع الوعي الاجتماعي عن طريق  المنظمات العمومية أو الجمعيات التي تخدم المجتمع بصفة عامة [1]
  • فالحديث عن الاتصال العمومي يبقى أيضا مرتبطا إلى حد كبير بمعنى ودلالة ما هو عمومي، ففي فرنسا تقول Marianne messager  أنه لا يمكن الحديث عن اتصال دون الرجوع إلى أصول وتاريخ الحياة الجماعية، ومن ثمة التوجه إلى البحث عن اتصال متميز، فوجوب الإعلام عن الحقوق والواجبات رافقه التمكين من الاطلاع على الوثائق الإدارية وتبرير القرارات وعرض نشاطات المؤسسات العمومية ونشر المعلومات اللازمة للحياة اليومية بالإضافة إلى المشاركة في الإجراءات الهامة للدولة [2].

l’ensemble des phénomènes de production, de traitement, de diffusion et de rétroaction de l’information qui reflète, crée et oriente les débats et les enjeux publics ; la communication publique étant non seulement le fait des médias mais aussi des institutions, entreprises, mouvements et groupes qui interviennent sur la place publique[3].

 يرى" ميشال بوشون"(Michel Beauchamp ) ورفاقه في هذا التعريف أن الاتصال العمومي هو مجموعة من الظواهر الخاصة بإنتاج ومعالجة ونشر المعلومات التي تعكس ردود الفعل، وخلق وتوجيه المناقشات حول الرهانات العامة، والاتصال العمومي ليس فقط نشاط اتصالي خاص بممارسات وسائل الإعلام، إنما هو قضية خاصة بجميع الفاعلين "مؤسسات، شركات، الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، والمجموعات الناشطة في المجال العام"،  يستنبط من هذا التعريف إلى أن ممارسة الاتصال العمومي لا تتوقف عند حدود المؤسسة التي تمتلك السلطة داخل المجتمع، بل يتحول إلى نشاط اتصالي متعدد الأطراف، أي عملية مكتملة وعلى خلاف التصور الذي يميزه عن الاتصال السياسي، الدعائي والتجاري الذي يتميز بكونه عملية خطية بالأساس.

   من جهته يرى "بيار زيمور"   «  Pierre zémor» على أنه" الاتصالات الرسمية التي تميل إلى تبادل واقتسام المعلومات ذات القيمة العمومية بهدف الحفاظ على الروابط الاجتماعية، وهذا من مسؤولية المؤسسات العامة، أو الهيئات المكفولة لأداء المهام ذات المصلحة الجماعية أو العامة".[4] أضفى زيمور في هذا التعريف صفة الرسمية للمعلومات ذات المنفعة العمومية، كما أسند مهمة الاتصال العمومي إلى الهيئات والمؤسسات ذات الطابع العمومي، حيث بناءا على هذا تتحدد طبيعة المضامين والمحتويات الاتصالية التي يراد تقديمها.

    فشرعية الاتصال العمومي حسب " زيمور" تتحدد على أساس المصلحة العامة، أي أن جوهر الاتصال العمومي هو" المصلحة العامة " أو ما يسمى بالمنفعة العامة، ويقصد بها ذلك النوع من التناسق والانسجام في المصالح بين الأفراد والمجتمع من جهة والدولة من جهة أخرى، ولا يمكن في رأيه الحديث عن الاتصال العمومي إلا ضمن نظام سياسي ديموقراطي يعترف بحقوق الأفراد ويحاول التوفيق بينها وبين التشريعات والنصوص القانونية المنظمة للمجتمع والدولة، بهذا الشكل يصبح الاتصال العمومي أقرب للتوعية بالحقوق والواجبات منه للدعاية التي تميز علاقة الاتصال بين الدولة ومواطنيها في المجتمعات غير الديمقراطية، ويضيف زيمور zémor أن الاتصال العمومي يرتبط بشكل وثيق بتقديم الخدمة العمومية من المؤسسات والهيئات العمومية إلى المواطن، والذي يختلف عن الزبون والمستهلك، فالفعل الاتصالي العمومي يتمثل في توفير المعلومات اللازمة والكافية بأعمال الإدارة التي تكون لها علاقة بالشؤون العامة وهي تستهدف المواطن، فنجد أن هذا المفهوم قد أقصى أطراف فاعلة في عملية الاتصال العمومي مؤكدا على طابعه الرسمي وخضوعه للتقنين.

     تأسيسا لما سبق من توصيفات، نلاحظ تباين التصورات الضابطة للاتصال العمومي إن كانت على المستوى النظري أو على المستوى الممارساتي، هذه التصورات التي كانت محملة بالسياقات التاريخية، الفكرية، المعرفية والحضارية وحتى السياسية، فبالعودة مثلا للتصور الأوروبي( الفرنسي والايطالي والبلجيكي)الذي يمثله (زيمور /كاب كوم ) الذي حصر الاتصال العمومي كممارسة ترتبط بالهيئات العمومية (المركزية /غير المركزية ) دون غيرها من المؤسسات المجتمعية بعيدا عن سمة التنافسية، في حين اقترح المنظور الكندي والأمريكي تصورا للاتصال العمومي باعتباره نتاج المؤسسات العمومية مع إقحام كل الفاعليين العموميين (Acteurs publiques )  للقيام بما يسمى الفعل الاتصالي العمومي ((Action de la communication publique دون أن يحصرها في نطاق المؤسسات ذات الطابع العمومي، بما في ذلك مؤسسات القطاع الخاص، الحركات الجمعوية، وسائل الإعلام وكل من يندرج ضمن ما يسمى الفضاء العام.   فتبني دول أمريكا الشمالية (و. م. أ و كندا) لهذا التصور قد كان لظروف تاريخية معينة، فرضتها طبيعة الأنظمة السياسية والاقتصادية السائدة، بما فيها هيمنة الفكر الليبرالي على التسيير، أدت في نهاية الأمر إلى إقحام أطراف كثيرة باعتبارها عناصر فاعلة ومعنية بالقضايا ذات الطابع المشترك والصالح العام، انطلاقا من فكرة تقديم المعلومة الصحيحة والمشاركة والمساهمة في توجيه السياسات العامة للدولة بما يخدم الجميع.

    من منطلق ما تم تقديمه من تعاريف ومفاهيم ورؤى التي حاولت تحديد مفهوم الاتصال العمومي ومختلف التمظهرات التي استبغت به وتلخيص مدلولاته التي يحملها في طياته تم التوصل إلى ما يلي:

  • أن الاتصال العمومي هو عملية اتصالية متكاملة العناصر من حيث الجهة المنتجة للرسالة، رسالة، قناة، وجهة مستقبلة(المرسل "الهيئات العمومية في التصور الفرنسي ، وتنوع الفاعلين في التصور الأمريكي، الرسالة" معلومات وحقائق ترتبط بالصالح العام، وسائل" وسائل الإعلام " ومستقبل " المواطنين".
  • أن الاتصال العمومي صادر في كثير من الأحيان عن الهيئات العمومية التابعة للدولة.
  • أن السمة الأساسية للاتصال العمومي هو الخصوصية الأخلاقية من خلال ارتباطاته القوية بقضايا الشأن العام أو القضايا ذات الاهتمام المشترك داخل الدولة الواحدة.
  • يسعى الاتصال العمومي إلى تحقيق فكرة حق المواطنين في النفاذ لمختلف المعلومات التي ترتبط بالمصلحة العامة، وإشراكه في السياسات العامة التي تنتهجها.
  • التأكيد على الطابع غير الربحي الاتصالي العمومي على خلاف الأنماط الاتصالية الأخرى باعتبار أنه يشتغل على قضايا الصالح العام.
  • تعتبر وسائل الإعلام التقليدية والفضاء العام قنوات تصريف الرسائل الاتصالية العمومية.

 

 

 

 

 

الجدول رقم (01) يلخص خصائص التعريفات المتعلقة بالاتصال العمومي .

الباحثين الذين عرفوا الاتصال العمومي

الجهة القائمة على الاتصال العمومي

 

     الوظيفة

      الهدف

Pierre zémor

المؤسسات العمومية المركزية

تبادل واقتسام المعلومات ذات المنفعة العامة.

الحفاظ على الرابط الاجتماعي

Cap’ com

Dominique   Megard

المؤسسات المركزية واللامركزية

-تجسيد روح وثقافة المواطنة.

-التعريف بالعمل الذي تقوم به هذه المؤسسات.

إعلام ومشاركة المواطنين في الحياة السياسية والحركة التنموية والاقتصادية والاجتماعية.

تقريب مصالح الخدمة العمومية من المواطنين.

تثمين مؤهلات الاقليم وتنميته والمساهمة في المحافظة على قيم هويته.

Michel le net 

المؤسسات العمومية

تغيير الآراء والسلوك نحو الافضل

-عرض وشرح القرارات والانجازات المتعلقة بالفعل العمومي.

-الدفاع عن القيم المتعارف عليها

-ترقية شرعية المؤسسات والمساهمة في الحفاظ على الترابط الاجتماعي.

Michel Bouchamp

 

المؤسسات العمومية والخاصة وسائل الإعلام الحركات الجمعوية.

انتاج ومعالجة ونشر ورجع الصدى للمعلومات التي تعكس وتوجه النقاش العام.

فتح المجال لكل فئات المجتمع للنقاش والتشاور حول المسائل التي تهم المصلحة العامة.

 

  المصدر : جمال بوشاقور: دور الاتصال العمومي في تدعيم المشاريع التنموية - دراسة وصفية تحليلية لنموذج القطاع السياحي بولايات الهضاب العليا- ، أطروحة دكتوراة غير منشورة، كلية علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر- 3-، 2017/2018،ص(32).

 

مبادئ  الاتصال العمومي :

الاتصال العمومي المبادئ والأسس:

     لقد عرف حقل الاتصال العمومي في السنوات الأخيرة تطورات هائلة سواء كحقل للممارسة المهنية أو كمجال للبحث العلمي، حيث أضحى أكثر نضجا وتطورا بعد أن استقر على مبادئ وأسس وصفت على أساس أنها منطلقات أولية منذ البدايات الأولى لهذا المجال ، وفي هذا السياق يرى "بيار ماري فيدال "بأن الاتصال العمومي أصبح أكثر توجها نحو الابتكار والتجديد خصوصا في السنوات الأخيرة ، بفعل انتشار الثورة التكنولوجية التي توجتها الشبكة العنكبوتية العالمية ،ولكن رغم هذه التطورات لم تمس بالمبادئ الأساسية التي انطلق منها الاتصال العمومي والتي تشكل جوهره في الأصل ،لذلك فمهما تغيرت أشكال وممارسات الاتصال العمومي فإنها تبقى مستندة على الدوام إلى مبادئ تتجسد بالأساس حسب بيار زيمور في[5] :

  • عدم اختزال المواطن إلى مستهلك : حيث يرى بيار زيمور على  المؤسسات العمومية التي تقدم الخدمة العمومية أن تتجنب نظرة المؤسسات الهادفة للربح –التجارية – للمواطن بوصفه مستهلك في مجال القضايا العامة .

    وفي هذا الاتجاه يكشف زيمور في دراسة على أن هناك مشكلة كبيرة في نظرة المؤسسات العمومية للمواطن في فرنسا، كما كشفت نتائج هذه الدراسة أن 17%  من المواطنين الخاضعين للدراسة أن المؤسسات العمومية تنظر إليهم كزبائن، و33% يعتبرون بأنها تنظر إليهم كمستخدمين يبحثون عن اشباعات،  فيما يرى 47% أن هذه الهيئات تنظر إليهم كمواطنين أو ناخبين أو دافعي ضرائب. ومن هنا فمهمة الاتصال العمومي هي تجاوز كل هذه الرؤى وتكريس وتعزيز فكرة المواطن بوصفه صاحب حق وملزم بواجبات معينة.

  • التميز عن الاتصال السياسي: يؤكد في هذا الاتجاه على ضرورة تمييز الاتصال العمومي عن الاتصال السياسي في أداءه باعتبار هذا الأخير يرتبط بممارسات السلطة والتموقعات السياسية ، فالاتصال العمومي من حيث المبدأ مختلف تماما عن الاتصال السياسي لأنه يختص بنشاط المؤسسات التي تبحث عن شرعيتها من منطلق تقديمها للحق في الخدمة العمومية، وليس الشرعية المتأتية من الانتخابات، بينما يرتبط الاتصال العمومي بالمؤسسات العمومية المستقلة التي لا تتبع أي جهة سياسية وهو في ذلك يبحث عن إحداث التناسق والتفاهم اللازم لتسيير الفعل العمومي والخدمة العمومية.
  • تقاسم الوظيفة الإعلامية مع وسائل الإعلام:   تسيطر وسائل الإعلام على وظيفة الإعلام داخل الفضاءات العامة، ولكن يجب الإشارة إلى خصوصية دور وسائل الإعلام الذي لا يرتبط بتقديم الخدمة العمومية، ولكنه يميل أكثر لما يسمى »بالبراد يغم الصحفي « ، فإن المؤسسات العمومية مخولة أكثر من الناحية القانونية لتقديم المعلومات والبيانات ذات الطابع العمومي، وتوجيه النقاش العام نحو المواضيع الأكثر أهمية، ونحو شفافية إجراءات الفعل العمومي،  والتقليل من الدور التقريبي لوسائل الاعلام[6]، فمهمة إدارة الفضاء العام لا يجب أن يترك لوسائل الاعلام وحدها لأنها محكومة في كل الأحوال بغايات اقتصادية، وعليه فإن الاتصال العمومي يمثلا بديلا من خلال تقديم المعلومة بكل شفافية وبما يتناسب والصالح العام.
  • المراهنة على إشراك المواطن : إن تقاسم المعلومات والبيانات عبر الاتصال العمومي يهدف إلى غاية نهائية هي الدفع بالمواطن نحو المشاركة والانخراط في الشأن العام بشكل مستمر ويومي من خلال ممارسة ديموقراطية تشاركية وليس ديموقراطية تمثيلية، ويشير مفهوم الديموقراطية التشاركية كمصطلح سياسي على "مشاركة المواطنين بصورة مباشرة لا من خلال ممثليهم في رسم السياسة العامة وصنع القرارات ، وقد أشارت ريان  فوت Rian Voet " في كتابها "النسوية والمواطنة " إلى أن الديموقراطية التشاركية الكاملة – كما وصفتها – تتطلب قدرا كبيرا من العمل التطوعي من كل مواطن عادي[7]،  فالمواطن ليس بديلا للحكومة ، ولكن حتى يكون القرار ملائما ورشيدا ينبغي لصناع القرار استشارة الناس المعنيين بهذه السياسة، وتتطلب الديموقراطية التشاركية وجود المشاركة السياسية ، فالعلاقة  بين المفهومين وثيقة ، تستلزم حسب الباحثين في مجال السياسة : تأكيد سياسة الشعب وسلطته ،التعدد التنظيمي المفتوح، تعميق مفهوم المواطنة و تحقيق العدالة الاجتماعية والتداول على السلطة.

   إن كل هذه المتطلبات مجتمعة ، يمكنها تحقيق مفهوم الديموقراطية التشاركية في جو ايجابي سواء كان من جهة الشعب الذي يمثلونه ، ذلك أن الهدف الأساسي لتكريس مبدأي العدالة الاجتماعية ، وتعميق مفهوم المواطنة خصوصا هو الضمان للصيرورة الصحيحة للمسار الديموقراطي ، والحفاظ على مبدأ التداول على السلطة في شفافية  ومشاركة سياسية فعالة في صنع القرار ، خاصة إذا ما تعلق الأمر بقضايا مصيرية .لذلك يمكن القول أن لا ديموقراطية تشاركية بدون مشاركة سياسية ولا مشاركة سياسية بدون ديموقراطية تشاركية ذلك لأن إحداهما تضمن الأخرى وتعزز الثقة السياسية بين الحاكم والمحكوم.

  • §        التحكم في آلية الانترنيت:

      يشكل هذا المبدأ تحديدا الوجه المعاصر للاتصال العمومي، حيث ساهمت الانترنيت في تكريس التفاعل في تناقل المعلومات، وفي دعم المشاركة الفاعلة في نشر المعرفة وفي إبداء الرأي وتنشيط الحوار بين مختلف أطراف العملية الاتصالية، وبذلك أصبحت الشبكة العنكبوتية مرحلة متطورة في مجال المشاركة في تبادل المعلومات، ويجسم الأسلوب الديموقراطي في تسيير الشؤون العامة من خلال تعزيز مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومة ، وإعطاء النقاش العمومي دفعة قوية من خلال التشجيع لمواطنة جديدة قائمة على الممارسة النقدية والاحتجاج وحرية الرأي العام، وإمكانية المشاركة في النقاش العام.

    فظهور وسائل الإعلام الجديدة  قد أفضى إلى إعادة تحديد أنماط مشاركة المواطنين في الشأن العام ، فقد سمحت الأشكال التواصلية الجديدة للمواطنين بالانخراط في الفضاء العام  واثارة النقاشات حول المسائل العمومية باستخدام أدوات جديدة كالشبكات الاجتماعية، المدونات ،منتديات النقاش.....، هذا المتغير الذي أفرز واقعا جديدا من شأنه أن يؤثر على ممارسة الاتصال العمومي لأنه يدفع إلى تحسين المعلومة وتحسين النقاش العمومي على الدوام.

 

 

 



[1] - نبيلة بوخبزة ،تطبيقات تقنيات الاتصال العمومي المطبقة في الحملات العمومية المتلفزة ،أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراة دولة، مذكرة منشورة، كلية علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر، 2006-2007، ص (46).

 

 

 

[2]-Pierre Zémor ,La communication publique en pratique, ed d’organisation ,Paris ,1995,p.p (13-14).

[3] -Michel Beauchamp (ed).Communication  publique et société .Repères pour la réflexion l’action, Boucherville, Quebec ,1991pp.)04-05)

[4] - Harmel Laurent. Pierre zémor .la communication publique .In :politiques et management public. vol .13 .N 02 .1995.50 N  de cahier 1 .P .)152 ( .

[5] -عواج سامية :مرجع سابق، ص. ص (15-16).

[6] -Pierre zémor :Ethique et déontologie de la communication publique ,Legicom ,Vol 1 ,N 11,1996 ,p).52(.

[7] - أيمن بكر سمر الشيشكلي، مترجما، النسوية والمواطنة، القاهرة : المجلس الأعلى للثقافة،  2004ص(195 ) نقلا عن: زكرياء حريزي، المشاركة السياسية للمرأة العربية ودورها في محاولة تكريس الديمقراطية التشاركية-الجزائر نموذجا-، مذكرة ماجستير في العلوم السياسية، تخصص سياسات عامة وحكومات مقارنة،  قسم العلوم السياسية،  كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الحاج لخضر باتنة، 2010-2011، ص(36).

1. مفاهيم الاتصال العمومي

مفاهيم الاتصال العمومي:

   الاتصال العمومي: يعتبر من المفاهيم المثيرة للجدل والنقاش العلمي في الأوساط الأكاديمية، حيث تعتريه الكثير من الضبابية، الغموض، الالتباس والتداخل مع مفاهيم آخرى على غرار الاتصال الاجتماعي والسياسي، لذا فقد تعددت التعاريف والمفاهيم التي حاولت توصيف ومُساءلة مفهوم الاتصال العمومي، حيث أفرزت توصيفات متنوعة تعكس تباين الآراء والاتجاهات المحتكمة لتباين السياقات الفكرية والتاريخية والاجتماعية والسياسية.

     وعليه فالاتصال العمومي كظاهرة مجتمعية تتسم بطابعها المركب، والتي تتداخل فيها المستويات السياسية والإعلامية والمؤسساتية، وحقل بحثي تتجاذبه عدة تخصصات علمية تفرض صعوبة وخطورة اختزال الظاهرة في أبعادها التقنية والمهنية والإجرائية الصرفة من خلال حصرها في المستوى الأداتي، وعلى ضوء هذا يمكن تقديم مجموعة من التعاريف بوصف الاتصال العمومي Communication publique ممارسة ضمن ما يسمى بالفضاء العام  Espace publique  بمعنى أن الاتصال العمومي يرتبط بالقضايا والاهتمامات المشتركة التي يفرزها الانتماء إلى الدولة، بناءا على   هذا، عمدنا إلى إفراد حيز واسع بالعرض والتفصيل في الاتصال العمومي والمفاهيم ذات الصلة (الاتصال الاجتماعي والسياسي).

2-1 تعريف الاتصال العمومي:

  • يشار إلى الاتصال العمومي على أنه تبادل للمعلومات، فالاتصال لا يعني الإعلام والاستعلام فقط وإنما يعني الإقناع، أي تغيير آراء و سلوك الآخرين، وكثيرا ما يستعمل كمرادف للاتصال الاجتماعي، فالاتصال العمومي يصبح اجتماعيا عندما يبحث عن تغيير أو تعديل لصالح المجتمع برمته، فالاتصال العمومي هو علم نقل الأفكار الجديدة من طرف إلى طرف ثاني، وهو الركيزة الأولى للسلطة التي تستعمله من أجل تطوير المعارف ودفع الوعي الاجتماعي عن طريق  المنظمات العمومية أو الجمعيات التي تخدم المجتمع بصفة عامة [1]
  • فالحديث عن الاتصال العمومي يبقى أيضا مرتبطا إلى حد كبير بمعنى ودلالة ما هو عمومي، ففي فرنسا تقول Marianne messager  أنه لا يمكن الحديث عن اتصال دون الرجوع إلى أصول وتاريخ الحياة الجماعية، ومن ثمة التوجه إلى البحث عن اتصال متميز، فوجوب الإعلام عن الحقوق والواجبات رافقه التمكين من الاطلاع على الوثائق الإدارية وتبرير القرارات وعرض نشاطات المؤسسات العمومية ونشر المعلومات اللازمة للحياة اليومية بالإضافة إلى المشاركة في الإجراءات الهامة للدولة [2].

l’ensemble des phénomènes de production, de traitement, de diffusion et de rétroaction de l’information qui reflète, crée et oriente les débats et les enjeux publics ; la communication publique étant non seulement le fait des médias mais aussi des institutions, entreprises, mouvements et groupes qui interviennent sur la place publique[3].

 يرى" ميشال بوشون"(Michel Beauchamp ) ورفاقه في هذا التعريف أن الاتصال العمومي هو مجموعة من الظواهر الخاصة بإنتاج ومعالجة ونشر المعلومات التي تعكس ردود الفعل، وخلق وتوجيه المناقشات حول الرهانات العامة، والاتصال العمومي ليس فقط نشاط اتصالي خاص بممارسات وسائل الإعلام، إنما هو قضية خاصة بجميع الفاعلين "مؤسسات، شركات، الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، والمجموعات الناشطة في المجال العام"،  يستنبط من هذا التعريف إلى أن ممارسة الاتصال العمومي لا تتوقف عند حدود المؤسسة التي تمتلك السلطة داخل المجتمع، بل يتحول إلى نشاط اتصالي متعدد الأطراف، أي عملية مكتملة وعلى خلاف التصور الذي يميزه عن الاتصال السياسي، الدعائي والتجاري الذي يتميز بكونه عملية خطية بالأساس.

   من جهته يرى "بيار زيمور"   «  Pierre zémor» على أنه" الاتصالات الرسمية التي تميل إلى تبادل واقتسام المعلومات ذات القيمة العمومية بهدف الحفاظ على الروابط الاجتماعية، وهذا من مسؤولية المؤسسات العامة، أو الهيئات المكفولة لأداء المهام ذات المصلحة الجماعية أو العامة".[4] أضفى زيمور في هذا التعريف صفة الرسمية للمعلومات ذات المنفعة العمومية، كما أسند مهمة الاتصال العمومي إلى الهيئات والمؤسسات ذات الطابع العمومي، حيث بناءا على هذا تتحدد طبيعة المضامين والمحتويات الاتصالية التي يراد تقديمها.

    فشرعية الاتصال العمومي حسب " زيمور" تتحدد على أساس المصلحة العامة، أي أن جوهر الاتصال العمومي هو" المصلحة العامة " أو ما يسمى بالمنفعة العامة، ويقصد بها ذلك النوع من التناسق والانسجام في المصالح بين الأفراد والمجتمع من جهة والدولة من جهة أخرى، ولا يمكن في رأيه الحديث عن الاتصال العمومي إلا ضمن نظام سياسي ديموقراطي يعترف بحقوق الأفراد ويحاول التوفيق بينها وبين التشريعات والنصوص القانونية المنظمة للمجتمع والدولة، بهذا الشكل يصبح الاتصال العمومي أقرب للتوعية بالحقوق والواجبات منه للدعاية التي تميز علاقة الاتصال بين الدولة ومواطنيها في المجتمعات غير الديمقراطية، ويضيف زيمور zémor أن الاتصال العمومي يرتبط بشكل وثيق بتقديم الخدمة العمومية من المؤسسات والهيئات العمومية إلى المواطن، والذي يختلف عن الزبون والمستهلك، فالفعل الاتصالي العمومي يتمثل في توفير المعلومات اللازمة والكافية بأعمال الإدارة التي تكون لها علاقة بالشؤون العامة وهي تستهدف المواطن، فنجد أن هذا المفهوم قد أقصى أطراف فاعلة في عملية الاتصال العمومي مؤكدا على طابعه الرسمي وخضوعه للتقنين.



[1] - نبيلة بوخبزة ،تطبيقات تقنيات الاتصال العمومي المطبقة في الحملات العمومية المتلفزة ،أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراة دولة، مذكرة منشورة، كلية علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر، 2006-2007، ص (46).

 

 

 

[2]-Pierre Zémor ,La communication publique en pratique, ed d’organisation ,Paris ,1995,p.p (13-14).

[3] -Michel Beauchamp (ed).Communication  publique et société .Repères pour la réflexion l’action, Boucherville, Quebec ,1991pp.)04-05)

[4] - Harmel Laurent. Pierre zémor .la communication publique .In :politiques et management public. vol .13 .N 02 .1995.50 N  de cahier 1 .P .)152 ( .