مدخل مفاهيمي للاشهار
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | الإشهار |
Livre: | مدخل مفاهيمي للاشهار |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | Friday 22 November 2024, 21:02 |
1. التطور التاريخي للاشهار
أولا: التطور التاريخي للإعلان :
إن التعرض لنشأة و تطور الإشهار لا يتم بمعزل عن التطورات و الفترات التاريخية المميزة بخصائصها الاجتماعية و الاقتصادية، كما أن صياغة الإشهار يسمح لنا بالإطلاع على جوانب تلك الخصائص من جهة، بالإضافة إلى معرفة كيف تطور "الإشهار" من ممارسات بسيطة عبر التاريخ القديم ليتسع بعدها لمعاني جديدة جعلت منه اليوم مفهوما و فنا يرتبط بالعديد من العلوم من جهة أخرى.
لقد كان الإشهار (بالمعنى التجاري) حاضرا دائما في الحياة الإنسانية، إذ أن أول إشهار يعود تاريخه إلى 3000 سنة قبل الميلاد و ذلك في الحضارة البابلية Babylione، وكانت دعامتهاSupport عبارة عن لوحة Ardoise ، و كان محتواها " الترويج" لصناعة أحذية كان يدعي متانة وجودة منتجه[1].
و قد استحدث اليونانيون أيضا ما يسمى في لغة اليوم بالأغنية المقفاة Jingle وهي قصيدة منظومة تلحن و تؤدي بأصوات جماعية أو فردية،[2] و هي تعني بذلك الموسيقى أو الأغنية التي ترافق عرض المنتج، كما عرف اليونانيون القدامى طريقة "المنادي" Crieurs و هم الذين كانوا يعلنون بالهتاف عن وصول سفن السلع مثلا، و ذلك برفقة عازف موسيقي لتسجيل إيقاع يجعل من العملية أكثر قبولا لدى المستمعين، و في روما كان هناك شكل من أشكال الإشهار أيضا، حيث وجد علماء الآثار أول أشكال الملصقات Affichage في بومباي Pompéi[3] .
و قد عرف العرب القدامى أيضا طريقة المنادي، خاصة في المدن، إلا أن وسيلة الملصقات لم تنتشر و لم يعرف شكلها الحقيقي إلا في القرن 17 م في إنجلترا و كان ذلك على شكل توجيهات و نصائحEnseigne.و ظهر أول قانون حول الملصقات حوالي سنة 1614.
و كان محتواه ألا تتجاوز الملصقات التي تعلن و تبيع المنتجات ثمانية أقدام في الطريق، و بطريقة لا تزعج المارة و ألا تكون صاخبة.
لقد كان لاكتشاف المطبعة أثرا هاما في التحولات السياسية و الاجتماعية و كذا الاقتصادية التي أصابت المجتمع الأوربي ثم العالم ككل. إلا أن هذا الأمر لم يجعلها تستعمل مباشرة أو على الفور لأغراض اشهارية، و كان يجب انتظار سنة 1525م، أين قام مواطن ألماني بطبع صفحات يعلن فيها عن مستحضره في القدرات و الفعالية الخارقة أو الساحرة كما كان يزعم.
و كان يجب انتظار أيضا، ظهور أول جريدة أو صحيفة سنة 1622 "the weekly news of London" و التي أدخلت أولى الإشهارات الحقيقية في صفحاتها ثلاث سنوات بعد صدورها. و كانت تسمى بـ "SIQUIS" لأن كل إشهار فيها كان يبدأ بالعبارة اللاتينيةSiquisو التي تعني: "إلى من يرغب أو إلى من يريد".[4]
كانت هذه أولى الممارسات المبتدئة للعملية الإشهارية، أما الإشهار الحديث فقد ظهر مع الثورة الصناعية، و يقال أن أول معلن كان اسم"Quaker Oats" ، وهو اسم تجاري موجود لحد الآن بالولايات المتحدة الأمريكية،[5] و قد كان أول منتج تصور علامة Marque لمنتجاته و تغليفها و التعريف بها عن طريق الإشهار ، و في حوالي سنة 1870كان "كوايكر واتس" يقوم بالإشهار على مستوى كل القارة الأمريكية، و كان متبوعا أو مرفقا من طرف العديد من المعلنين الآخرين و الذين لازالت علاماتهم ترن في الأسماع إلى يومنا هذا، مثلا :
- Chocolat Mernier – de mennen – des Pianos Fisher – de Bulington -American Express…. [6]
و بعد هذه البداية أخذ الإشهار يتطور على ريتم النشاط الاقتصادي، واستفاد بصورة كبيرة من تطور و تحسن وسائل الاتصال، فبالنسبة للجرائد و الصحف اليومية كانت أزمة 1929 تاريخا وصل الإشهار فيها إلى أوج تقدمه خاصة من حيث الكم.
كما ساهمت وسائل الاتصال الجديدة في تطور الإشهار، بحيث أنه مع ظهور الإذاعة سنة 1929و التلفزيون سنة 1952 في الولايات المتحدة الأمريكية، تاريخ لم يعد فيه لإنتاج و لتصنيع لأجهزة التلفزيون أي حدود.
و في فرنسا تعد سنة 1968 سنة إدخال إشهار العلامة demarque publicité
و السماح به على القناة التلفزيونية الأولى[7]TF1 .
أما في العالم العربي فيرجع المؤرخون بداية الإشهار في البلاد العربية إلى عهود قديمة ارتبطت بقول الشعر، وهي الانطلاقة للمرحلة الشفوية في تاريخ الإشهار العربي وتعززت فيم بعد باستخدام:
v المناداة:
تعد المناداة من أولو وسائل الإعلان التي استخدمها الإنسان العربي في المدن القديمة مثل بغداد، القاهرة وبعض المدن العريقة في الجزائر كالعاصمة، قسنطينة، تلمسان حيث كان "البراح" يعلن في الأسواق.([8])
وفي العصور الوسطى أصبحت المناداة على البضائع مهنة منظمة لها نقابة ورئيس وتعترف بها السلطات المختصة.
ونظرا لحدة المنافسة التي كانت تميز السوق العربية آنذاك، اهتدى بعض التجار إلى استخدام أسلوب آخر في التشهير لتجارتهم:
v الإشارات والرموز:
كانت الخطوة التالية في تطور الإعلان هي استخدام الرموز والإشارات "التعبير المرئي" لاسم البائع أو الصانع، وهذا للدلالة على مكان التاجر ونوع بضاعته أو شخصية الصانع.
وكان الحافز الأكبر لاستخدامها هو زيادة حدة المنافسة بين الصناع والتجار وكذلك انتشار الأمية وعدم معرفة القراءة والكتابة بين غالبية الأفراد، ومع ظهور الطباعة تطور الإعلان، وتوفرت له إمكانيات أكبر للاتصال بأعداد هائلة من الجمهور الذي يتخطى حدود المنطقة الواحدة، وبهذا انتقل من المرحلة الشفوية إلى :([9])
v الإعلان المكتوب:
لقد كان لمصر فصل السبق في العلم العربي في استخدام الكتابة في الإعلان، وأول إعلان مكتوب هو إعلان مصري قديم مسجل على الورق البردي، يرجع تاريخه إلى إلف عام قبل الميلاد([10])
ويوجد في مدينة بغداد بعض الإعلانات المكتوبة على الجلود الثمينة على أشياء معروضة للبيع، كما عثر في اليمن أيضا على أثار منسوخة باليد تحمل أخبار الزواج والمواليد........([11])
ويعتبر أول إعلان ظهر في تاريخ مصر الحديث ذلك الذي صدر في أول صحيفة عرفتها مصر إبان الحملة الفرنسية سنة 1798م، وكان إعلان عن كيفية الاشتراك في الصحيفة.
وفي عام 1875 كثرت هجرة الصحفيين من الشام ولبنان إلى مصر، وفي هذه الفترة نشأت جريدة الأهرام وكان لها السبق في مجال الإعلان الحديث.
وهكذا تطور الإعلان والإشهار في أغلبية البلدان العربية، وهذا بالرغم من الأزمات التي سببتها ا لحروب التي نتج عنها ندرة الورق وغلاء ثمنه.
وعلى العموم يكمن إدراج بعض العوامل التي ساهمت بدورها في خلق جو مناسب لإدراك أهمية وقيمة الإشهار وساعدت على انتشارها ومن أهمها مايلي:
1) ارتفاع مستوى التعليم بين الجماهير.
2) كثرة السفر إلى الخارج بين أفراد الطبقات المتوسطة والمثقفة مما يجعلها أسهل اقتناعا بفكرة الإشهار.
3) تزايد عدد سكان الحضر بالمدن وهم عادة الفئة التي تتأثر بالإشهار.
4) زيادة حجم الإنتاج من ناحية الكميات والأصناف والعلامات.
5) انتشار الأسواق ووجود عنصر المنافسة.
6) انتشار وسائل الإشهار الحديث كالإذاعة، التلفزيون.([12])
أما في التلفزيون الجزائري، فإن الإشهار التجاري و خاصة منه إشهار العلامة، فقد شهد انطلاقته مع انفتاح السوق الجزائرية على مختلف السلع و الأنشطة التجارية وبداية التعددية في الممارسة السياسية و الإعلامية و تخلي الدولة جزئيا عن تحمل أعباء بعض المؤسسات الإعلامية الثقيلة كالراديو و التلفزيون، و أصبحت شاشة التلفزيون الجزائري تستجيب لسعي المنتجين و التجار إلى عدم إبقاء منتجاتهم غير معروفة نظرا للمنافسة التي ما فتئت تشتد بين السلع المستوردة ذاتها و بينها و بين السلع المحلية. ونشير هنا أن التلفزيون الجزائري كان، قبل هذا التغيير العام، يقتصر بثه في ميدان الومضات على مجرد أشكال من الاتصال الاجتماعي التي تسعى إلى النوعية العامة و الإرشاد في الميادين الفلاحية و الصحية مثلا استجابة لمتطلبات التنمية بالمفهوم الذي يتخذه النظام الأحادي السائد آنذاك.
إن عرض التطور في الممارسة الإشهارية و كيفيته من حصر مجموعة من المراحل المتتابعة و المتميزة عن بعضها البعض في طرق تلك الممارسة و تتحدد كما يلي:
أ- مرحلةالتمخض:
و هي فترة طويلة في التاريخ تمتد عبر التاريخ القديم إلى العصور الوسطى، وقد تحددت فيها الجذور السياسية و الدينية للإشهار. و الأمر يبرر بميزة هذه المرحلة المتعلقة بنشر الأفكار و المبادئ الدينية و هو ما يعرف بالدعوة أو الدعاية، إذ تتبع هذه الأخيرة نفس أساليب الإشهار التجاري مثلا من حيث أنها تحاول جذب المتلقي بإظهار مزايا وفوائد تلك الديانة أو غيرها كأن ينال رضا الله و يفوز بعيش كريم مطمئن و يفوز بالجنة بعد موته، و لهذا اعتبرDastot 1973عن هذا التقارب بين الإشهار و الدعاية بقوله: "إن الإشهار هو وليد الدعاية".[13]
و قد شهدت هذه المرحلة الطويلة أيضا ظهور أول ملصقة إشهارية Annonce.وكان محتواها دعوة للمواطنين من أجل المشاركة في حفل الكنيسة المخصص للصفح والعفو لأحد رموز الديانة المسيحية، و كانت إيقونتيها تحمل أسلحة التاج المالكي و البابا وصورة لمريم العذراء تحمل طفلها.
و بقيت الملصقات في يد السلطة آنذاك إلى أن جاءت الثورة الفرنسية عام 1789 أين اعتبر الإشهار كأحد دعائم حرية التعبير لدى المواطنين...
ثم تمتد هذه المرحلة الطويلة من تاريخ الإشهار إلى قرن كامل بين سنتي 1750-1850 و هي مدة كانت فيها البدايات الأولى للطابع الاقتصادي للإشهار، حيث منذ أن تمكن فرنسي يدعىThéophraste Renaudotسنة 1630 من فتح أول مكتب للإشهارات الصغيرة، و أصبحت صحيفته La Gazetteتنشر أولى الإشهارات Réclame ابتداءً من عددها السادس، بدأت أول صحيفةMonsieur Universel سنة 1789 في أول نشر لأسعار المساحات الإشهارية ، و بدأ الحديث عن استخدام أو الاستعانة بالإشهار كمصدر مالي هام للصحافة ، و كان معه ميلاد الإشهار المحمول على وسائل الإعلام الجماهيري.[14]
ب- مرحلة اعتماد الإشهار على علم النفس التطبيقي:
في بداية الإشهار و في مرحلته الطويلة أعلاه، لم تكن ممارسته مبنية على أسس نظرية، و لم يتم ذلك إلاّ مع سنوات 1930-1950 حيث بدأ علم النفس في بناء تأسيس الإشهار علميا، ليعتمد على عدة نظريات تفسر عمله...كما تتمثل هذه المرحلة فترة تمتد بين سنتي 1930-1970 عرفت فيها نظريات مختلفة مفسرة للآثار التي يحدثها الإشهار من عدة زوايا:
السيميولوجية (أعمالR.Barthers)) الاجتماعية (أعمال Eco Umbréto, B. Cathelat) أو من الناحية النفسية (أعمال Dichter et Pachard).
ج- مرحلة انفجار الاتصال الإشهاري:
و هي المرحلة الممتدة من ما بعد الحرب العالمية الثانية 1945 إلى يومنا هذا، و في هذه الفترة تمكن الإشهار من احتلال مساحات ما فتئت تزداد باستمرار في مختلف أجهزة الاتصال الجماهيرية من أجل الوصول إلى أكبر عدد من الجمهور، وبهذا أصبح الإشهار ذي أهمية استعماليه و وظيفية في ذات الوقت، فهو يشكل جزءا أساسيا من أجزاء "مجتمع الاتصال" الذي نعيشه.
و من خلال هذا العرض يمكننا أن نلاحظ كيف تطور الإشهار من مجرد كلمات دعوة تحملها صفحات تعلق على الجدران إلى ممارسة اتصالية تؤطّرها النظريات العلمية و تحتل جميع وسائل الاتصال الجماهيرية مستغلة بذلك مميزات كل واحدة، و لهذا تعد أهم العوامل التي ساعدت على تطور الإشهار:
v ازدياد معدل التصنيع و ارتفاع حجم الطاقة الإنتاجية، الأمر الذي جعل التوسع في المبيعات و تنشيط الأسواق ضرورة حتمية للتخلص من فائض الإنتاج.
v ظهور ظاهرة الأسواق الكبيرة و التي تشمل أعدادا هائلة من المستهلكين، تلك الأسواق التي تجعل الإشهار ضرورة، حيث يستحيل على المنتج الاتصال بملايين المستهلكين و إبلاغهم المعلومات اللازمة عن منتجاته إلا من خلال وسائل الاتصال المختلفة. [15]
v استمرار تراكم التطور الفني و التكنولوجي الذي أسهم في زيادة القدرة على إنتاج العديد من السلع و المنتجات الجديدة، و هذا استدعى ضرورة رسم خطط تسويقية و إشهارية متطورة لترويج مبيعاتها.
v الزيادة المطردة في الدخل القومي و كذلك الدخل الفردي المتاح للإنفاق، يجعل الميل نحو الاستهلاك لدى الأفراد أعلى و بالتالي يزداد إقبالهم على الشراء، إن تلك الزيادة في الطلب الفعال تخلق لدى البائعين - و المنتجين بصفة عامة - رغبة في الحصول على حصة أكبر من هذا الطلب الفعال و من هنا يشتد التنافس من خلال النشاط الإشهاري لكسب ثقة أكبر عدد ممكن من المستهلكين، لغرض إقناعهم بشراء ماركات معينة.[16]
2. تعريف الاشهار
ثانيا: تعريف الإعلان:
تجدر الإشارة أنه في القاموس[1]: تشتق كلمة "إعلان" من الفعل الثلاثي علن، و يعني خلاف الخفي و السر، و علن إليه الأمر، أي أظهر له وجاهر به.
أما الفعل الثلاثي شهر فيعني: ذكره و عرفه به (الشيء)، وشهر كذا: أي ذكره و عرفه، و فلانا: فضحه وجعله شهرة، و أشهر في مكان: أي أقام فيها شهرا، ولا يوجد في القاموس اشتقاق "إشهار"[2].
كما يجب الإشارة إلى وجود اختلاف بين المشرق العربي حيث يستخدم كلمة "إعلان" و بين المغرب العربي الذي يستخدم كلمة "إشهار" و يحدث هذا الاختلاف صعوبة للباحثين في الاعتماد على المراجع و الاقتباسات، باعتبار أن الكم الأكبر للمراجع في الموضوع مصدرها المشرق العربي، فيجد الباحث عندنا نفسه متأرجحا بين التسميتين، هذا ما يؤدي إلى استخدام الباحثين للتسميتين .
لهذا ارتأينا المزاوجة في استخدام الكلمتين "إعلان" و "إشهار"في هذه الدراسة، بحكم شيوع استخدام اللفظ"إعلان" في أغلب المراجع التي تم الاعتماد عليها والتي كان مصدرها المشرق العربي،أما لفظ إشهار فقد تم ذكره في أغلب المراجع الجزائرية التي تم الاعتماد عليها.
أ- لغة :الإعلان من مصدر الفعل أعلن وأصل مادته علن[3] وتفيد المادة اللغوية للفظ علن وما أشتق منها عدة معان متقاربة منها :
*الإظهار :يقال علن الأمر علونا وعلنا وعلانية واعتلن ظهر وعلنته وأعلنته أظهرته[4].وجاء في معجم مقاييس اللغة العين و اللام والنون أصل صحيح يدل على إظهار الشيء والإشارة إلى ظهوره [5].
*الجهر :يقال عالنه معالنة وعلانا جاهره وجاء في لسان العرب العلان والمعالنة والإعلان المجاهرة [6].
ب-اصطلاحا :يعرف محمد رفيق البرقوقي الإعلان على أنه "الوسيلة المدفوعة تخلق حالة من الرضى النفسي في الجماهير أو المساعدة في جمع سلعة أو خدمة معينة أو كسب موافقة على قبول فكرة أو توجيهه وجهة بذاته [7].
ويعرف أيضا على أنه "وسيلة اتصال غير شخصية مدفوعة القيمة لنشر رسائل معينة وغالبا ما تقوم به وكالات الإعلان والاتصال يهدف إلى الإرشاد عن منتج ما للتأثير على الجمهور المستهدف وإقناعه بالشراء ،مع الإفصاح عن شخصية المعلن الذي يأمل زيادة المبيعات من خلال المردود الإعلاني العاجل أو الأجل "أي أن للإعلان جانبين متكاملين فهو من جهة عملية نشر المعلومات ومن جهة أخرى طرق وتقنيات تستعمل في الاتصال والنشر [8].
3. اهمية ووظائف الاشهار
ثالثا: أهمية الإعلان (الاشهار):
يعد الإعلان أكسيجينَ العصر، حسب مقولة روبير كيران: "إنّ الهواءَ الذي نستنشِقُه مُكوّنٌ من الأكسجين، النّيتروجين، الإشهار".([1])
وفي هذا الإطارِ سنتطرّق إلى أهمِّيةِ الإشهار بالنِّسبةِ لمُتلقّيه (المُستهلك)، وبالنِّسبةِ للمرسِل أي (المُنتِج)، ثُم ُنعرِّج على أهمية الإشهار اقتِصاديا واجتِماعيا.
- أهمِية الإشهارِ للمُستهلِك:
إن المستهلك بحاجة دائِمة لمعرفةِ السِّلعِ الجديدةِ المعروضة في السُّوق، خاصّة السلع المُتّصِلة بالاستعمالِ الشّخصي، فالإشهارُ وكما جاءَ في العديدِ من المراجِعِ يسهل من مهمة الاختيار بين السلع، حيث أن المستهلك يكون في حالة [حيرة] كبيرة خلال عمليّة انتقاء السلع، والإشهار يوفر معلومات وافِية تساعده في عملية الانتقاء، إضافة إلى ذلك فإن للإشهار دور كبير في إبلاغ المُستهلك بمكان توافر السلعة ووقت توفرها، إضافة إلى أنّه يزوِد المُستهلكين بنصائح وطرق استعمال المنتوجِ، فهو يساهم في تخليص المُستهلك من متاعب كثيرة.
- أهمية الإشهار بالنسبة للمنتج:
لقد أدى التطور الصناعي المكثف وتعدد المُنتجاتِ وتشابهها وزيادة أزمات التوزيع، ومشاكل تكدس الإنتاج إلى زيادة حاجة المشروعات إلى الإشهار، فلم تعد المنافسة تقع في ساحة الإنتاج وأساليب التسويق والترويج والتأثير على المستهلك بقصد دفعه إلى شراء منتج ما دون غيره، ومع تطور الأسواق أصبح الإشهار أداة للمنافسة التي يحاول بها المنتج توصيل صوته إلى الجمهور.
ويقوم الإشهار بهذا الدور عن طريق تعريف المستهلكين بالمنتجات والخدمات الجديدة وفوائدها في استعمالاتها عند إشباع حاجاتهم المادِية أو المعنويّة وخلق عادات وقِيم استِهلاكيّة جديدة، وإذا نجح الإشهارُ فإنه يؤثِّرُ في قانون العرض والطلب، ويقنع الموزعين بالتعامل مع المنتج.([2])
- الأهمية الاقتصادية للإشهار:
لا جِدال بين أغلب الاقتصاديين المعاصرين في أن الإشهارَ أصبح يلعب دوراً هامّاً في تنمِية الأسواق، بل يلعب دور المنشط الّرئيسي في التّعريف بالمُنتجات والتّرويجِ لها، وتتجلّى أهمية الإشهارِ الاقتصادية في المبالِغِ الماليةِ التي يديرُها هذا القطاع، والتي يمكِنُ قِياسها بحجمِ ميزانياتِ كبريات الشركات في المجتمعات الصناعيةِ الغربية، حيث يتِم متابعة هذه الظاهرةِ بشكل دقيق، ونظرا للإنتِشارِ الواسِعِ للإشهار واتساع نطاقه ليدخل في كافة المجالات والميادين، فللإشهار آثارٌ إيجابيةٌ على النشاط الاقتصادي، فهو يدفع بِهِ إلى الإمام من خلالِ الترويج للمنتجات والمساهمة في تسويقِها بخلق حالة من الرضا والقبول لدى المستهلِكين، بالإضافة إلى مساهمته في التعريفِ بها لدى مختلف أطراف العملية الإنتاجية، بالإضافة إلى تشجيع الدعاية الإعلانيّةِ للزبائن، وحثهم على الشراء تتيح للمُنتِجين فُرصة تخفيض أسعار منتجاتهم، وهذا من شأنه أن ينعكس إيجابيا على ميزانية الأفراد.
- الأهمية الاجتماعية للإشهار:
الإشهاُر منتُوج اجتماعي يؤثِّر في المُجتمعِ ويتأثّر به، فهُو يمثل إحدى حاجات المُجتمع، ووجد لتلبية حاجاتِ الكثير من الناس في المجتمع، وبالتالي فمن شروط نجاحه وتحقيقه لأغراضه ألا يتعارض مع ما تعارف عليهِ الناس في المجتمع من قيمٍ وعادات وتقاليد وقوانين، على الرغم من انتشار وسائل الاتصال الحديثة، وخاصة القنوات الفضائية، وتوسع وسيطرة اقتصاد السوق وحرية التجارة والتبادل بين الشعوب والأمم... غير الكثير من المفاهيمِ حول علاقة الإشهارِ بقِيمِ المجتمع، فقد أصبحت هذهِ الوسائِل تفرِض على المُشاهد تقبل صُور من الإشهار قد تناقض ما تعارف عليه في ثقافة هذا المجتمع أو ذاك، أو تخدش شُعور فئة معينة من النّاس أو حتّى تتعارض مع مُعتقداتِهِم الدِّينيّة.
وعلى العموم، فللإشهار أهمية كبرى تبرُزُ في النِّقاط التّالية:
- الإشهار قوّةٌ تعليمية هائلة.
- الإشهار وسيلة لترويج المبادِئِ الإنسانيّةِ والاجتماعيّة بين أفراد المُجتمع.
- الإشهار يساعد على إتاحة الفرص المُتكافئة لمختلف أفراد المجتمع وفئاته.
- الإشهار يقرب بين الشعوبِ والمجتمعات.
- الإشهار يغرس عند الأفراد علاقات جديدة.
- الإشهار وسيلة من وسائل الإشهار الاجتماعي والثقافي.([3])
رابعا: وظائف الإعلان:
إن للنشاط الإعلاني مجموعة من الوظائف المختلفة و المتعددة، سواء بالنسبة للمستهلك أو بالنسبة للمنتج، و من أهم الوظائف نذكر:
أ- بالنسبة للمستهلك:
- يعد الإعلان المحور الأساسي لمعلومات المستهلك عن المنتجات التي تشبع حاجاته و بالتالي فهو يرشده و يساعده على الحصول عما يرغب فيه موفرا عليه الوقت و الجهد.[4]
- تسهيل مهمة الاختيار بين السلع والخدمات مما يعني مساعدته على عملية المفاضلة والاختيار الأنسب.
- إعلام المستهلكين بأماكن تواجد المنتجات و ذلك حتى يقتصد المستهلك ماله و وقته بحثا عن المحلات و الأسواق التي تقوم بعرض و بيع المنتجات المعلن عنها، فهو إذن بمثابة المرشد للمستهلك.
- تزويد المستهلك بمهارات مفيدة و ذلك بتقديم النصائح و التعليمات التي تساهم في تخليص المستهلك من متاعب كثيرة[5].
ب- بالنسبة للمنتج:
يعتبر الإعلان بالنسبة للمنتجين من أهم الوسائل التي تربطهم بعلاقات دائمة مع جمهور المستهلكين، فهو يحث المستهلك على شراء سلعة أو تحصيل خدمة، فهو حل لمشكلة الكساد، و للإعلان أهمية كبيرة في إثارة الطلب عن المنتجات السلعية أو الخدماتية المنافسة إلى منتجاتها بفضل قدرته على الإغراء و الإقناع[6].
خامسا: أهداف الإعلان (الإشهار):
هدف الإشهار هو المهمّة المحدّدة في مجالِ عمليّة إعلامِ الجمهورِ المستهدف خلال فترة زمنيّة محدّدة، ويُمكِنُ تصنيف أهدافه كما يلي:
أوّلا: تحقيق الزِّيادةِ المُستمرّةِ في المبيعات:يمكن للإشهارِ أن يؤدّي إلى زيادةِ الطّلبِ على المنتجات أو الخدمات المعلن عنها بثلاث طرق أساسيّة:
- إقناع المستخدمين الحاليّين للمنتج أو الخدمة بزيادة معدّلات استهلاكهم الحاليّة.
- أن يركّزَ الإشهارُ على تقديمِ خدمات واستخدامات جديدة للمُنتج.
- محاولة جذبِ مُستخدمين جدد للمُنتج.
ثانِياً: خلق وعي طيّب واهتِمام إيجابي بمُنتجات الشّركة:وذلك بما يحرِّك رغباتَ الشِّراء عند المُستهلكين.
ثالثا: تشجيع طلباتِ الاستفسارِ عن مُنتجاتِ الشّركة:حيثُ يهدِف الإشهار إلى زِيادة عدد الأفراد الذين يتردّدون على بعض متاجر التّجزئة حيث قد يستخدم الإشهار لإعطاء فكرة للمستهلك المحتمل على السّلعة قبل قيام رجل البيع بإتمام عمليّة البيع.
رابِعا: خلق صورة ذهنيّة طيّبة لسمعة الشّركة: حيث يعمل على محاولة تعديل أو القضاء على بعض الانطِباعات السيِّئة عن المنتج أو الخدمة، والتي توجد في نصّ المستهلك، ومحاولة خلق صورة ذهنيّة أفضل عنهُ، كما قد يقوم بخلق درجة عالية من الثِّقة والاعتزاز بالمنتج لدى العامِلين بالشّركة، عندما يرون منتجاتهم يُعلنُ عنها في وسائل الاتِّصال والإعلام.
خامِساً: تبليغ الموزّعين عن دعم منتجات الشّركة بنشاطِهِم الإشهاري والبيعي، حيثُ يهدِفُ الإشهارُ إلى مُحاولةِ إقناعِ المُوزِّعينَ والوُسطاءِ بشِراءِ وتخزينِ كمِّياتٍ أكبر من السِّلعةِ موضوعَ الإعلان.
سادِساً: مُواجهةُ أو التّخفيفُ من أثرِ إشهاراتِ المُنافِسين:عن طريقِ عرضِ منافِعَ ومُميِّزاتِ السِّلعةِ التي تجعلُها تتفوّقُ على مثيلاتِها في السُّوقِ وخلقِ درجةٍ من التعدُّدِ وسُهولةِ تمييزِ الغلافِ أو العلامةِ الخاصّةِ بالسِّلعة.([7])
وحسبَ أحدِ الأبحاثِ التي أُجريتْ على عيِّنةٍ من 300 شرِكة تعملُ في قِطاعاتٍ مُختلفةٍ أنّ الأهدافَ التي تصبوا إليها الشّرِكاتُ من خلالِ نشاطِها الإعلاني عديدةً ومُتنوِّعةً وكانت أبرزُها ما يلي:
1) تحقيقُ زيادةٍ مستمرّةٍ في المبيعات.
2) خلقُ وعيٍ طيِّبٍ واهتِمامٍ إيجابي بمُنتجاتِ الشّركةِ وخدماتِها بما يُحرِّكُ رغباتَ الشِّراء.
3) خلقُ صُورةٍ ذِهنيّةٍ مُستحبّةٍ لسُمعةِ الشّركة.
4) تشجيعُ المُوزِّعينَ على دعمِ مُنتجاتِ الشّركةِ بنشاطِهِم الإعلاني والبيعي.
5) دعمُ الرُّوحِ المعنويّةِ لرِجالِ البيع.
6) تأكيدُ أهمِّيةِ الشّركةِ في نظرِ المُوردين.
7) تشجيعُ المُوزِّعين على قُبولِ توزيعِ منتُوجاتِ الشّركة.
8) إنشاءُ حالةِ توزيعٍ للنّوعيّةِ المُعلنِ عنها.
9) جعلُ المُشترين يطلُبون نوعيّةً مُحدّدة.
10) تحويلُ طلبِ المُشترينَ من الأصنافِ المُنافِسةِ إلى الصِّنفِ المُعلنِ عنه.
11) توسيعُ قاعِدةِ المُستهلِكينَ عن طريقِ تشجيعُ العُملاءِ المُرتقبينَ على تجرِبةِ الصِّنفِ لأوّلِ مرّة.
12) زيادةُ الاستِهلاكِ عِندَ المُستهلِكين الحاليّين.
التّذكيرُ المُستمِرُّ للمُستهلِكينَ بخُصوصِ شِراءِ السِّلعة.([8]