المداخل النظرية لدراسة الاتصال التنظيمي

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: الاتصال في المؤسسة
Livre: المداخل النظرية لدراسة الاتصال التنظيمي
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Saturday 23 November 2024, 04:14

1. المدرسة الكلاسيكية

ترجع جذورها إلى بدايات القرن العشرين واستمرت تحظى بالقبول والاهتمام حتى أواخر الثلاثينيات من نفس القرن. وقد تطورت في جو يتسم بظهور وتبلور الاقتصاد الرأسمالي القائم على المنافسة الحرة. حيث اعتمدت المدرسة الكلاسيكية في دراستها للمنظمات على مجموعة من الافتراضات نذكر منها:

-         نظرت للإنسان نظرة ساذجة محدودة واعتبرته كائن اقتصادي.

-         نظرت للمنظمة على أنها نظام مغلق.

-         اعتبرت الأعمال على أنها معروفة وذات طبيعة روتينية.

-         اعتبرت معيار الكفاءة الإنتاجية فقط للحكم على المنظمات.

-         كما تم إغفال الجانب الإنساني والحوافز المعنوية في الاتصالات الإدارية.

     وتضم هذه المدرسة اتجاهين رئيسيين هما: الإدارة العلمية والبيروقراطية.

الجزء 1 من المحتوى1  - الإدارة العلمية:

      ومن أهم روادها فريدريك تايلور وزملائه فرانك وليليان جلبرت، جانت، اميرسون، وهنري فايول.

      ترى الإدارة العلمية أن الاتصال وجد لتسهيل عملية القيادة والرقابة على المنظمة من خلال القنوات الرأسية، كما أكدت أن الاتصالات يجب أن تكون رسمية متسلسلة ومخطط لها بهدف القيام بالعمل وزيادة الإنتاجية.

     وتعد أطروحات فريدريك تايلور (1919) ذات أثر كبير في صياغة توجهات حركة الإدارة العلمية، فالتنظيم يتألف من هرمية رسمية تعتمد على الوظيفة والمكانة والسلطة والأقسام والتخصصات إضافة إلى إنجازات الأفراد بما تقدمه من خلال مدى مساهمتها في تحقيق أهداف التنظيم ككل.

    أما فايول فإنه يرى أن "أسس الإدارة تتضمن: تقسيم العمل- السلطة- والمسؤولية- الطاعة- أحادية التوجيه- أحادية القيادة- أسبقية مصالح التنظيم على الأفراد".

   ويعد فايول أول من جاء بمصطلح (الجسر أو المعبر) لعوائق الاتصال بين الأطراف داخل التنظيم، وذلك عندما وصف قنوات الاتصال الرسمية بين أعضاء التنظيم، حيث أن الاتصال يأخذ بإجراءات مستندية أو مكتبية طويلة ومعقدة، وهو ما يؤدي إلى عدم فعالية الاتصال، وعليه يقترح فايول أنه من الممكن عمل ما يطلق عليه بالجسر أو المعبر، وهو يقترح نظام الاتصالات الجانبية، بدلا من الاتصالات الرأسية السائدة في ذلك الوقت.

    ومن سلبيات الإدارة العلمية على عملية الاتصالات نذكر مايلي:

  • إغفال الجانب الإنساني من حيث النظرة للعامل.
  • إغفال العوامل النفسية والاجتماعية للعامل.
  • إغفال جانب الاتصال غير الرسمي للتنظيم.

الجزء 2 من المحتوى 1 - المدرسة البيروقراطية:

     قدم نموذجها الألماني ماكس فيبر، والتي تعني حكم المكاتب حسب التعبير الحرفي لها، وحسب مفهوم البيروقراطية، فإن أعمال المنظمات تعتمد على التخصيص السليم، والتسلسل الرئاسي للسلطات، ووجود الأنظمة واللوائح المنظمة للعملية الإدارية، وعليه فإن ماكس فيبر زعم أنها الطريقة المثلى والأسلوب الإداري المتفوق على أي نظم إدارية أخرى، ذلك لأن البيروقراطية تؤدي إلى الانضباط والتهذيب وإلى الدقة المحكمة في أداء العمل وإلى الاعتماد والثقة، كذلك تؤدي إلى الثبات والاستقرار.

    ومع هذا الزعم فإن للبيروقراطية تأثير سلبي على المحيط الوظيفي بشكل عام وعلى عملية الاتصالات بشكل خاص، حيث نجد أن:

1-    معظم الاتصالات تبدأ من المستويات العليا وتركز على الأنظمة والقواعد والأوامر مما يجعل عملية الاتصالات صعبة.

2-    محدودية تبادل الأفكار والآراء لعدم وجود اتصالات بين الأفراد في نفس المستوى.

3-    تجاهل سلوكيات الأفراد من دوافع ورغبات واحتياجات تطويرية.

4-    تجاهل وجود اتصالات غير رسمية مما قد تسببه هذه الاتصالات من مشاكل إدارية غير مرغوب فيها.

5-    عملية الاتصال بطيئة ومشوهة لكبر حجم الهرم الوظيفي والبيروقراطية المطبقة.

6-    انعدام استخدام الاتصالات الشفوية، وعدم ضمان تطبيق التعليمات والأوامر.

7-    عملية الاتصالات تأخذ طابع غير شخصي مما يؤدي إلى مشاكل بين الموظفين.

      وفي الأخير يمكننا أن نقول أن مساهمة النظرية الكلاسيكية في الاتصالات محدودة إذ اهتمت بالشكل الرسمي للاتصالات دون الخوض في الاعتبارات السلوكية لأطراف الاتصال وتدفق الاتصال ومعوقاته وأساليبه.

2. المدرسة السلوكية

     وقد جاءت هذه المدرسة كرد فعل على المدرسة الكلاسيكية متهمة أياها بإهمال العنصر الإنساني، وبدأت هذه الحركة بدراسات هوثورن التي أجراها إلتون مايو وزملاؤه. والتي أكدت على أهمية الديناميكية الداخلية للجماعات وأهمية المجموعات غير الرسمية والمؤثرات الفردية كمحددات للرضا والإنتاجية وركزت على قنوات الاتصال غير الرسمية، وبشكل خاص ركزت على استخدام الاتصال وجها لوجه كوسيلة من وسائل ديناميكية نقل المعلومات الدقيقة.

    فقد استطاعت أن تثبت من خلال تجارها أن للاتصالات تأثيرا قويا على العلاقات الاجتماعية، والتفاعلات ورضا ودافعية الأفراد في عملهم. كما أثبتت أن المقابلات الشخصية بين القائد ومرؤوسيه ذات أثر واضح على إشباع حاجاتهم الاجتماعية.

   ويمكن القول أن الطريقة الحديثة في الاتصالات تعزى إلى حركة العلاقات الإنسانية والتي تبعت تجارب هوثورن في الثلاثينيات، ففي حركة العلاقات الإنسانية، وخاصة عندما احتوت النظرية الاجتماعية الاهتمام تحول إلى الأشياء غير الرسمية وقليلا بالأشياء الرسمية، وفيما يتعلق بنموذج الاتصال فالمجهودات تركزت على فهم سبب التشويش والفجوة التي تظهر باستمرار بين المرسل والمستقبل، وكذلك ركزت الدراسات على صفات المرسل والمستقبل مثل الدافعية والاتجاه والتلميحات والقولبة، وعما إذا كانت الصفات غير الرسمية تؤثر في المرسل والمستقبل، وبحيث لاحظ روجرز أن الاتصال ليس عملية فعل ورد فعل، ولكنها عملية الاتصال بأنه عملية تبادل للمعاني.

    ومثل هذا التبادل يتطلب معرفة بالتكوين النفسي الاجتماعي للمستقبل والمرسل على السوء، فالمستقبل كما هو المرسل يتكون من خليط معقد من الأماني والتوقعات والأسس والقيم والمشاكل.

    والكلمات المراد تبادلها تعطى رموز معينة، ولكي يتم الاتصال، فالفرد يجب أن يقوم بإعطاء صورة عقلية للشيء وإعطائه اسم. وتطوير شعور نحوه، والشخص الآخر على الجهة المقابلة يجب أن ينبه إلى ذلك الاسم أو الفكرة ويجب أن يشعر بها إذا أرد للاتصال أن يكون فعالا.

    فالاتصال هو وسيلة للتعرف على العالم الداخلي للعمل وللأفراد، وكوسيلة لإقناعهم بآدميتهم، وكوسيلة لرفع كفاءة العمل والرضا عنه. وهذا ما أكدته "ماري باركر فوليت" على ضرورة وجود التنسيق في التنظيم، وقد أشارت فوليت إلى أربعة جوانب مهمة في مجال التنسيق هي:

  • إن أفضل تنسيق يتم عن طريق الاتصال المباشر بين الأفراد.
  • لابد أن تكون عملية التنسيق عملية مستمرة.
  • التنسيق مهم في المراحل الأولى للمجهود البشري.
  • لابد أن يغطي التنسيق جميع العلاقات المتبادلة، ولكل جوانب الموقف.

3. مدرسة النظام الاجتماعي

    كثيرا ما يحدث خلط بين هذه المدرسة ومدرسة السلوك الإنساني، نظرا لأن المدرستين نتجتا من تطور الفكر الإداري القائم على أساس علوم السلوك.

    ويمثل هذا المدخل نظاما للعلاقات الثقافية المتداخلة، بمعنى أن هذا النظام الاجتماعي يضم بين جوانبه حلقات متداخلة من الخلفيات الثقافية والحضارية للأفراد، لذلك فإن المطلوب هو كشف التجمعات الحضارية في المنظمة، أي المجموعات المتشابهة في الثقافة والحضارة والعمل على توحيد هذه المجموعات في بوتقة واحدة أو نظام اجتماعي متكامل. والاعتقاد الجوهري في مدرسة النظام الاجتماعي هو الحاجة إلى التغلب على القيود البيولوجية والمادية والاجتماعية الخاصة بالفرد وبيئته وذلك عن طريق التعاون، والكثير من أنصار هذه المدرسة يستخدم مفهوم النظام التعاوني، والذي يطلق عليه عادة اصطلاح التنظيم الرسمي، وحسب هذا المفهوم فإن التنظيم الرسمي هو أي نظام تعاوني حيث يوجد أشخاص قادرون على الاتصال ببعضهم البعض وراغبين في المساهمة في العمل نحو تحقيق هدف مشترك.

    ويعتبر ليشستر برنارد وهنري سيمون من المديرين الممارسين الذين أعطوا دفعة جديدة لنمو هذا الفكر من خلال إضافاتهم المتعددة. ومن أجل الوصول إلى تعريف مناسب لطبيعة العملية الإدارية، طور برنارد ما يمكن أن يسمى بنظرية التعاون، تستند على أن إشباع احتياجات الفرد الطبيعية والحيوية والاجتماعية تحتم عليه التعاون مع الآخرين.

   وإن تعريف برنارد لمضمون التنظيم الرسمي يقوم على أساس أنه نظام من النشاطات المتداخلة والمستقلة لمجموعات مختلفة من الأفراد يعملون جميعا تحت أنماط توجيهية من أجل تحقيق الأهداف المشتركة.

    ويعتبر الكثير من باحثي الإدارة أن برنارد هو صاحب النظرية الأساسية للاتصال، لأنه من أوائل الذين تعرضوا بالشرح والنقد والتمحيص لطبيعة الاتصال ومكوناته وخصائصه وعلاقته بنظام السلطة التنظيمية الرسمية وغير الرسمية.

4. مدرسة النظم

إن المنظمة وفقا لهذا المدخل عبارة عن نظام اجتماعي يضم أفرادا وأهدافا واتجاهات نفسية ودوافع مشتركة بين الأفراد، فترى أن النظام الاجتماعي لن يستقيم دون وجود اتصالات تؤثر فيه بحيوية، ومن رواد هذا الاتجاه كاتز وكان وويك، وترى نظرية النظم:

1-    أن الاتصالات هي جزء من النظام الاجتماعي للعمل، تؤثر فيه وتتأثر به.

2-    أن الاتصالات هي الوسيلة لربط النظام الاجتماعي للعمل بالبيئة المحيطة به من منظمات أخرى.

3-    يعتمد التوازن داخل النظام الاجتماعي للعمل على وجود نظام متكامل من الاتصالات، الذي يربط أجزاءه وأفراده.

4-    أنه باختلاف الظروف يمكن أن يختلف نظام ووسائل الاتصال.

      ومن أهم المداخل في هذا الاتجاه، نجد المدخل الظرفي، الذي يفترض عدم وجود قانون ثابت يحكم كل المنظمات، فلا توجد طريقة واحدة في تنظيم المنظمة أو في إدارتها. حيث أن الفرصة الأساسية لهذا المدخل هي وجوب وجود حالة الانسجام بين المنظمة وبيئتها، من أجل تحقيق النجاح للمنظمة. وهي بذلك تؤكد أهمية اختلاف الظروف والبيئة المحيطة على عملية الاتصال. ومن هنا فإن العامل الأساسي لإنجاح أي منظمة هو مدى استطاعتها على التكيف مع بيئتها، ومدى مرونة التصميم الداخلي، والمستوى الهيكلي لها. وإزاء ذلك لابد لإدارة المنظمة من أن تفكر بمدى إمكانية تطوير أساليبها الرقابية والإشرافية والتغذية العكسية لتحديد متطلبات البيئة والإحساس بتغيراتها من أجل التكيف معها عند الضرورة. 

      فقد لوحظ أن للبيئة الخارجية تأثيرا على تغيير النمط الهيكلي للمنظمة، حيث وجدت "برتر وستولكر" أن هناك نمطين من الهياكل التنظيمية هما:

-         الهيكل الميكانيكي أو الآلي.

-         الهيكل العضوي.

      فحسب نوع البيئة يكون اختيار الهيكل التنظيمي، والتنظيم الآلي للمنظمة يكون في البيئة المستقرة، والتنظيم العضوي يكون في البيئة الديناميكية.

5. المدرسة الموقفية .

      تفترض هذه النظرية أنه ليس هناك طريقة واحدة مثلى لأداء العمل أو للإدارة، وأن هناك طرقا عديدة لذلك، ويسند ذلك على نوع العمل والأفراد والظروف المحيطة، حيث أن كل منظمة تحتاج أن تراعي المناخ والبيئة الذي تعمل فيه، وتحتاج المنظمة الواحدة إلى تطبيق جميع المفاهيم التنظيمية طبقا لطبيعة عناصر إدارتها البشرية المختلفة، ويمكن الوصول إلى مناخ مفضل عن طريق استخدام اتصالات جيدة، ولا يتم ذلك إلا إذا سادت المنظمة روح التفاهم والتعامل الأخلاقي ونمو الاتصال مع الآخرين، ووجود اتصالات جيدة يمكن أفراد المنظمة في الإدارات المختلفة من التفاعل والتعامل من أجل الارتقاء بمستوى المنظمة.

     وقد تطور هذا الاتجاه منذ بداية السبعينات من القرن العشرين بعد تعدد الدراسات والأبحاث، ومما دعت إليه هذه النظرية هو وجوب تطبيق المبادئ والمفاهيم الإدارية بشكل يتلازم مع الظروف التي تمر بها المنظمة، بمعنى أنه يجب اختيار المنهج الذي تلاءم وطبيعة المرحلة والحالة التي تمر بها المنظمة. وعليه فإن النظرية الموقفية تعتمد اعتمادا كبيرا على وجود مناخ مريح وجيد بين جميع الإدارات في التنظيم الإداري.