مفهوم العقد و اركانه

2. الركن الاول: التراضي

التراضي هو تطابق الارادتين الايجاب و القبول حيث نصت المادة 59 من ق.م على أنه "يتم العقد بمجرد أن صورة توضح بالتفصيل أركان العقديتبادل الطرفان التعبير عن ارادتهما المتطابقتين دون الاخلال بالنصوص القانونية" ، وحتى يكون التراضي صحيحا يجب ان يكون: 1_ صادرا من أشخاص يتمتعون بالأهلية الكاملة و المنصوص عليها في المادة 40 من القانون المدني الجزائري.

"كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه،يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية. وسن الرشد تسعة عشر 19 سنة كاملة". أي أن يكونوا اشخاص أهل للتعاقد حسب ما نصت عليه

توضح هذه الصورة اركان العقد بالتفصيل.

المادة 78 قانون مدني."كل شخص اهل للتعاقد مالم يطرا على اهليته عارض يجعله ناقص الاهلية او فاقدها بحكم القانون."

2_ و أن تكون إرادتهما خالية من أي عيب من عيوب الإرادة وهي: 1 الغلط: وهو وهم يقوم في ذهن المتعاقد يصور له أمر ا على غير حقيقته ويكون هو الدافع الى التعاقد 2 التدليس : هو استعمال طرق احتيالية بقصد ايقاع المتعاقد في غلط ، أي ايهامه بغير الحقيقة ودفع الى التعاقد بناء على هذا الوهم. 3 الاستغلال : هو التفاوت الكبير بين ما يعطيه أحد المتعاقدين وقيمة ما يحصل عليه نتيجة لاستغلال المتعاقد الاخر طيشه البين او هواه الجامح. 4الاكراه : هو رهبة تتولد في نفس الإنسان نتيجة تهديده بإيقاع أذى به أو بغيره بدون حق اذا لم يبرم عقدا معينا ، فيحمله ذلك على إبرام العقد.

هام:إذا كان الرضا غير صحيح بسبب وجود عيب من العيوب السالفة الذكر أو بسبب نقص الأهلية يصبح العقد قابلا للإبطال لمصلحة ناقص الأهلية أو من وقع في عيب من عيوب الرضا، و هذا ما يعرف بالبطلان النسبي. أما انعدام الأهلية بسبب قصر السن أو الجنون أو العته فيؤدي إلى إنعدام ركن التراضي وبالتالي بطلان العقد بطلانا مطلق. وهذه صورة توضيحية.

ولكي يحقق لنا ركن التراضي لابد من وجود الارادة و التعبير عنها من جهة و تطابق الارادتين من جهة اخرى. 1_ وجود الإرادة والتعبير عنها المقصود بوجود الإرادة سواء كانت إيجابا أو قبولا هو صدورها من شخص لديه إرادة ذاتية يعقد بها القانون بنية احداث اثر قانوني معين فاذا كان الشخص قادرا على ان يرضى جرى البحث عن أمر أخز هو توافر النية لدى هذا الشخص في ترتيب اثر قانوني اذ قد يكون هازلا او مجاملا و في كلتا الحالتين لا يكون ملتزما، و قد تنعدم الارادة لدى الشخص فعلا كمن فقد الوعي لسكر او مرض او غيبة عقلية، كما انه قد تتحقق الارادة الذاتية لدى الشخص فعلا و لكنها لا تكون منتجة لأثرها القانوني لعدم اعتداد القانون بها ذلك ان القانون لا يعتد إلا بإرادة الشخص المميز، فلا ينعقد العقد مع فاقد التمييز كالطفل غير المميز و المجنون و كذا في حالات انعدام الارادة او عدم جديتها و قاضي الموضوع هو الذي يقرر توافر هذه النية او عدم توافرها.

و عرفت الإرادة على أنها" ظاهرة نفسية تتمثل في قدرة الإنسان على اتخاذ قرار أو موقف يستند إلى اعتبارات معقولة مما يستدعي وجود الإدراك و حسن التدبير عند صاحب الإرادة".

وتجدر الإشاره أن المشرع لا يعتد إلا بالإرادة الجدية، و لا تكون كذلك إلى إذا صدرت من شخصية قانونية مؤهلة، ترغب في إحداث أثار قانونية و يقصد بذلك أن تصدر من شخص طبيعي أو معنوي يكون أهل للتعاقد حسب ما نصت عليه المادة 78 من القانون المدني، و الذي يسعى من خلالها إلى تحمل واجبات نحو شخص أخر، أو اكتساب حقوق على الغير، أو التنازل على حقوق مكتسبة. 

و يتم التعبير عن الإرادة إما صراحة أو ضمنيا و هذا ما نصت عليه المادة 60 من القانون المدني الجزائري: "يكون التعبير عن الإرادة إما باللفظ أو بالكتابة بالإشارة المتداولة عرفا كما يكون باتخاذ موقف لا يدع أي شك في دلالته على مقصود صاحبه"

و يلاحظ من خلال نص المادة68 من القانون المدني أنه يمكن اعتبار السكوت قبولا من خلال ثلاث حالات: 1.إذا كانت طبيعة المعاملة أو العرف التجاري تدل على أن الموجب لم يكن لينتظر تصريح بالقبول .

مثل : تاجر الجملة الذي اعتاد أن يرسل بضاعة لتاجر التجزئة مرفوقة بأسعار جديدة قبول التاجر لهذه السلعة يعني أن التاجر وافق على الأسعار الجديدة .

إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين و اتصل الإيجاب بهذا التعامل. 3إذا كان الإيجاب لمصلحة من وجه إليه فسكوت2 هذا الأخير يعتبر قبول.

مثل : شخص عرض على شخص آخر أنه سيهبه شيء ما دون مقابل فسكوت الطرف الآخر يعني قبول هذه الهبة .

2

توافق الإرادتين : لكي ينعقد العقد لابد من تطابق الإرادتين الإيجاب و القبول. أ_ الإيجاب: هو العرض الذي يتقدم به شخص ليعبر به على وجه الجزم عن إرادته في إبرام عقد معين، فينعقد العقد بمجرد صدور القبول. 1_ شروط الإيجاب: يشترط في الإيجاب أن يكون: _ عرض محدد ودقيق: أي يجب أن يتضمن كل العناصر الأساسية و الجوهرية للعقد المراد إبرامه بما يسمح للموجب له بالتعرف على مضمون العقد المراد إبرامه، و بالتالي ينعقد هذا العقد بينهما بمجرد صدور القبول دون إضافة أي شيء أخر، وهذا ما يميزه عن الدعوى للتعاقد و هي مرحلة تتقدم الإيجاب تهدف إلى بدا المفاوضات و تقديم عروض كاملة لإبرام عقد معين و التي يمكن أن تختتم بلا أي نتيجة وقد تنتهي بإيجاب. _ عرض بات و جازم: يعبر عن الإرادة القطعية للموجب في إنجاز العقد المرغوب فيه بصفة لا رجعة فيها.

ملاحظة:

تعتبر التحفظات التي تمكن صاحبها من الامتناع عن التعاقد في أي وقت مجرد دعوى للتعاقد وليست إيجاب لأنها تنال من قطعية الإيجاب. كأن يكون العرض مقترن بشرط الموافقة. أما التحفظات التي لا تمكن صاحبها من الامتناع عن التعاقد في كل الأوقات فلا تنال من قطعية الإيجاب. كأن تكون البضائع موضوع الإيجاب الموجه للجمهور محدودة.

2_ القيمة القانونية للايجاب: ميز المشرع الجزائري في هذا الشأن بين الإيجاب المقترن بأجل و الإيجاب الصادر في مجلس العقد. _ الإيجاب المقترن بأجل: نصت عليه المادة 63 قانون مدني جزائري و يكون في هذه الحالة الموجب ملزم بالبقاء على إيجابه ما لم ينقضي الأجل المحدد، أو يعلن الموجب له عن رفضه للإيجاب. _ الإيجاب الصادر في مجلس العقد: أي أن التعاقد يكون بين حاضرين و الذي يعني اجتماع المتعاقدين في مجلس عقد واحد حقيقي (نفس المكان و الزمان) بحيث يسمع كل منهما الآخر مباشرة ،أو مجلس عقد حكمي كأن يعاقدا عن طريق الهاتف . وقد نصت عليه المادة 64 من القانون المدني و التي تشترط أن أن يصدر القبول فورا بعد الإيجاب و إلا سقط هذا الأخير، إلا أن ذلك يسبب نوع من الإضرار في القبول ( لا توجد فترة اتخاذ قرار ) . لذلك أجازت الفقرة2 من هذه المادة أن يتأخر القبول بعد الإيجاب بشرط أن يصدر القبول قبل انقضاء مجلس العقد و ألا يكون هناك ما يدل أن الموجب تراجع عن إيجابه. ب_ القبول هو تعبير عن الإرادة يخضع لأحكامها العامة ما لم يوجد نص يقضي بخلاف ذلك، و يتمثل في الرد الإيجابي من طرف الموجب له. 1_ شروط القبول: يشترط في القبول _ مطابقة القبول للإيجاب: في الأصل يجب أن يكون القبول مطابق للإيجاب تمام المطابقة أي هو موافقة عن الشروط الموجودة في الإيجاب دون زيادة أو نقصان، فإذا لم يأتي القبول مطابقا تماما للإيجاب أعتبر ذلك إيجابا جديدا، و هذا ما نصت عليه المادة 66 من القانون المدني، لكن المشرع الجزائري أورد عن هذا المبدأ استثناء و هو ما يعرف بالاتفاق الجزئي.

و الذي نصت عليه المادة 65 من القانون المدني " إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد و احتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد و لم يشترطا أن لا أثر للعقد عن عدم الاتفاق عليها، اعتبر العقد منبرما إذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الإتفاق عليها، فإن المحكمة تقضي فيها طبقا لطبيعة المعاملة و لأحكام القانون، و العرف، و العدالة".

أن يصدر القبول قبل انقضاء الإيجاب: فإذا كان هذا الأخير مقترن بأجل فلابد أن يصدر القبول قبل انقضاء الأجل، أما إذا كان الإيجاب صادر في مجلس العقد فلابد أن يصدر القبول بعد الإيجاب فورا، أو قبل إنقضاء مجلس العقد إذا لم يكن هناك ما يدل أن الموجب لم يعدل عن إيجابه. 2 _تعاقد بين غائبين : ذلك العقد لذي يتم بين شخصين لا يجمعهما اتصال مباشر (مجلس عقد واحد ) التعاقد عن طريق إرسال رسول – رسائل بريدية – و هذا الأمر الذي يتطلب مرور فترة زمنية طالت أم قصرت ما بين صدور التعبير من أحدهما و وصوله إلى الطرف الآخر . لذلك ثار خلاف بين الفقهاء حول الوقت الذي ينعقد فيه القد في هذه الحالة و هذا ما أدى إلى ظهور هذه عدة نظريات: نظرية إعلان القبول : طبقا لهذا المذهب فإن العقد يتم في الوقت و المكان اللذان يعلن فيهما الموجب له عن قبوله.(الموجب له يعلن القبول للموجب ) الانتقادات : قد يتراجع الموجب له عن قبوله قبل أن يصل إلى الموجب . نظرية تصدير القبول : العقد يعتبر قد تم في الوقت الذي يصدر فيه القابل رسالته المتضمنة القبول على أساس أنه في هذا الوقت لا يمكن له أن يتراجع عن قبوله . الانتقادات : حتى لو أنه لم يتراجع الطرف الآخر لم يصل له القبول بعد قد يتراجع . نظرية استلام القبول : العقد تم في الوقت و المكان الذي يصل فيه القبول للموجب و لو لم يعلم بذلك. الانتقادات : قد تصله الرسالة و لم يطلع عليها الموجب . نظرية العلم بالقبول: العقد يعتبر قد تم في الوقت و المكان الذي يصل فيه القبول إلى علم الموجب و يطلع على القبول. موقف المشرع الجزائري: أخد بنظرية العلم بالقبول، و اعتبر وصول القبول قرينة بسيطة على علم الموجب بالقبول.

و هذا ما نصت عليه المادة 67 ق م "يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم في المكان و في الزمان اللذان يعلم فيهما الموجب بالقبول ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بذلك...و يفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان، و في الزمان اللذين وصل إليه فيهما القبول".