مفهوم العقد و اركانه

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: مصادر الالتزام
Livre: مفهوم العقد و اركانه
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Tuesday 30 April 2024, 12:36

Description

نتطرق إلى تعريف العقد و تطور نظريته ثم نتناول أركانه و شروط صحته 

1. تعريف العقد

التعريف القانوني للعقد

ﻋﺮﻓﻪ ﺍﻟﻘﺎنوﻥ ﺍﻟمدﻧﻲ الجزائري ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 54 ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﻪ " ﺍﺗﻔﺎﻕ ﻳﻠﺘﺰﻡ بموجبه شخص ﺃو عدة ﺃﺷﺨﺎﺹ ﺁﺧﺮﻳﻦ بمنح ﺃﻭ ﻓﻌﻞ ﺃﻭ عدم ﻓﻌﻞ شيء ﻣﺎ ". يستخلص من هذا التعريف أن العقد هو اتفاق يهدف إلى إحداث أثار قانونية. العقد اتفاق: هناك من يميز بين العقد و الاتفاق لاعتبارات مختلفة إلا أن هذا التمييز في الحقيقة ليس له أي أهمية من الناحية القانونية أو العملية بل يكفي الإشارة إلى أن الاتفاق يكون عقدا متى استوفى الخاصيتين التاليتين أن يكون خاضعا لأحكام القانون المدني و أن يتعلق بمصالح مالية، و بذلك يخرج من دائرة العقد كل الاتفاقات التي يبرمها أشخاص القانون العام و التي لا تخضع للقانون الخاص، و كذلك الاتفاقات التي لا تتناول مصالح مالية كالاتفاق الذي يحصل بين الناخب و نائبه. العقد يهدف إلى إحداث أثار قانونية: أي يهدف إلى إيجاد وضع جديد يرتب حقوق وواجبات في ذمة الطرفين أو ينهيها، و ما لم يهدف الاتفاق إلى إحداث مثل هذا الأثر فلا يعد عقدا. مثال:لا يعتبر اتفاق شخصين لحضور مأدبة عشاء عقدا لأن الطرفان في هذه الحالة لا يرغبان في تحمل التزامات قانونية و تكون الاستجابة للدعوة من باب المجاملة فقط. يتبين ﻣﻦ ﺧﻼﻝ هذه ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻱ قد ﺟﻤﻊ ﺑﻴﻦ تعريف العقد ﻭ ﺗﻌﺮﻳفﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ، إلا أن اﻻﻟﺘﺰﺍﻡ هو رابطة أو علاقة قد تنشأ عن العقد،ﺃﻣﺎ العقد فهو اتفاق ﻳقوﻡ ﺑﻴﻦ ﺷﺨﺼﻴﻦ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺇﻧشاء ﺭﺍبطة ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺃﻭ تعدﻳﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﺇﻧﻬﺎﺋﻬﺎ.

تطور نظرية العقد: مرت نظرية العقد على مجموعة من التطورات 1 النظرية التقليدية للعقد: و هي المبادئ التي استقر عليها العقد أثناء فترة ازدهاره في ضل المذهب الفردي و الذي يقوم على أفكار تقدس الفرد وتكرس المجتمع لخدمته و تجسدت أفكارهم في الميدان القانوني من خلال مبدأ يحكم العقد و هو مبدأ سلطان الإرادة، و مفاده أن الإنسان لا يلزم إلا في حدود إرادته و في الحدود التي يريدها و بالكيفية التي يختارها.و يحكم هذا المبدأ العقد سواء من حيث التكوين حيث تخضع العقود في تكوينها إلى مبدأ الرضائية و مفاده أن المتعاقدين يتمتعان بحرة كاملة في كيفية التعبير عن إرادتهما قصد انجاز العقد، كما للمتعاقدين الحرية الكاملة في تحديد مضمون العقد و تعيين بنوده و أحكامه، مع مراعاة أحكام النظام العام و حسن الآداب فقط . كما يحكم هذا المبدأ العقد من حيث أثاره، ويتجسد ذلك من خلال مبدأ إلزامية العقد و مفاده أن المتعاقدين ملزمين بتنفيذ العقد و لا يمكن تعديله و لا نقضه ولا إنهاؤه من قبل متعاقد دون رضا الطرف الأخر و هذا طبقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين ، بالإضافة إلى مبدأ نسبية العقد و معناه أن العقد لا تنصرف أثاره إلا للمتعاقدين. 2_القيود الواردة على مبدأ سلطان الإرادة: أدى تطور المجتمع من الناحية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية إلى إظهار نقائص المذهب الفردي و تجلى ذلك من الناحية القانونية من خلال تغير القواعد التي تحكم العقد منها:_الحد من الحرية التعاقدية بطرق مختلفة مثل التعاقد الإجباري، او فرض مضمون العقد، أو فرض بعض بنوده و أحكامه. _الحد من الأثر النسبي للعقد حيث أصبح التعاقد يباشر بواسطة جماعات فتنصرف أثاره إلى أطراف كثيرة._فرض بعض الشكليات لمراقبة المعاملات. _مراقبة القاضي لشروط العقد، و مراجعتها في بعض الحالات....

بعد تعريف العقد نتطرق غلى اركانه وهي التراضي و المحل و السبب بالاضافة الى ركن الشكلية في بعض العقود 

2. الركن الاول: التراضي

التراضي هو تطابق الارادتين الايجاب و القبول حيث نصت المادة 59 من ق.م على أنه "يتم العقد بمجرد أن صورة توضح بالتفصيل أركان العقديتبادل الطرفان التعبير عن ارادتهما المتطابقتين دون الاخلال بالنصوص القانونية" ، وحتى يكون التراضي صحيحا يجب ان يكون: 1_ صادرا من أشخاص يتمتعون بالأهلية الكاملة و المنصوص عليها في المادة 40 من القانون المدني الجزائري.

"كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه،يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية. وسن الرشد تسعة عشر 19 سنة كاملة". أي أن يكونوا اشخاص أهل للتعاقد حسب ما نصت عليه

توضح هذه الصورة اركان العقد بالتفصيل.

المادة 78 قانون مدني."كل شخص اهل للتعاقد مالم يطرا على اهليته عارض يجعله ناقص الاهلية او فاقدها بحكم القانون."

2_ و أن تكون إرادتهما خالية من أي عيب من عيوب الإرادة وهي: 1 الغلط: وهو وهم يقوم في ذهن المتعاقد يصور له أمر ا على غير حقيقته ويكون هو الدافع الى التعاقد 2 التدليس : هو استعمال طرق احتيالية بقصد ايقاع المتعاقد في غلط ، أي ايهامه بغير الحقيقة ودفع الى التعاقد بناء على هذا الوهم. 3 الاستغلال : هو التفاوت الكبير بين ما يعطيه أحد المتعاقدين وقيمة ما يحصل عليه نتيجة لاستغلال المتعاقد الاخر طيشه البين او هواه الجامح. 4الاكراه : هو رهبة تتولد في نفس الإنسان نتيجة تهديده بإيقاع أذى به أو بغيره بدون حق اذا لم يبرم عقدا معينا ، فيحمله ذلك على إبرام العقد.

هام:إذا كان الرضا غير صحيح بسبب وجود عيب من العيوب السالفة الذكر أو بسبب نقص الأهلية يصبح العقد قابلا للإبطال لمصلحة ناقص الأهلية أو من وقع في عيب من عيوب الرضا، و هذا ما يعرف بالبطلان النسبي. أما انعدام الأهلية بسبب قصر السن أو الجنون أو العته فيؤدي إلى إنعدام ركن التراضي وبالتالي بطلان العقد بطلانا مطلق. وهذه صورة توضيحية.

ولكي يحقق لنا ركن التراضي لابد من وجود الارادة و التعبير عنها من جهة و تطابق الارادتين من جهة اخرى. 1_ وجود الإرادة والتعبير عنها المقصود بوجود الإرادة سواء كانت إيجابا أو قبولا هو صدورها من شخص لديه إرادة ذاتية يعقد بها القانون بنية احداث اثر قانوني معين فاذا كان الشخص قادرا على ان يرضى جرى البحث عن أمر أخز هو توافر النية لدى هذا الشخص في ترتيب اثر قانوني اذ قد يكون هازلا او مجاملا و في كلتا الحالتين لا يكون ملتزما، و قد تنعدم الارادة لدى الشخص فعلا كمن فقد الوعي لسكر او مرض او غيبة عقلية، كما انه قد تتحقق الارادة الذاتية لدى الشخص فعلا و لكنها لا تكون منتجة لأثرها القانوني لعدم اعتداد القانون بها ذلك ان القانون لا يعتد إلا بإرادة الشخص المميز، فلا ينعقد العقد مع فاقد التمييز كالطفل غير المميز و المجنون و كذا في حالات انعدام الارادة او عدم جديتها و قاضي الموضوع هو الذي يقرر توافر هذه النية او عدم توافرها.

و عرفت الإرادة على أنها" ظاهرة نفسية تتمثل في قدرة الإنسان على اتخاذ قرار أو موقف يستند إلى اعتبارات معقولة مما يستدعي وجود الإدراك و حسن التدبير عند صاحب الإرادة".

وتجدر الإشاره أن المشرع لا يعتد إلا بالإرادة الجدية، و لا تكون كذلك إلى إذا صدرت من شخصية قانونية مؤهلة، ترغب في إحداث أثار قانونية و يقصد بذلك أن تصدر من شخص طبيعي أو معنوي يكون أهل للتعاقد حسب ما نصت عليه المادة 78 من القانون المدني، و الذي يسعى من خلالها إلى تحمل واجبات نحو شخص أخر، أو اكتساب حقوق على الغير، أو التنازل على حقوق مكتسبة. 

و يتم التعبير عن الإرادة إما صراحة أو ضمنيا و هذا ما نصت عليه المادة 60 من القانون المدني الجزائري: "يكون التعبير عن الإرادة إما باللفظ أو بالكتابة بالإشارة المتداولة عرفا كما يكون باتخاذ موقف لا يدع أي شك في دلالته على مقصود صاحبه"

و يلاحظ من خلال نص المادة68 من القانون المدني أنه يمكن اعتبار السكوت قبولا من خلال ثلاث حالات: 1.إذا كانت طبيعة المعاملة أو العرف التجاري تدل على أن الموجب لم يكن لينتظر تصريح بالقبول .

مثل : تاجر الجملة الذي اعتاد أن يرسل بضاعة لتاجر التجزئة مرفوقة بأسعار جديدة قبول التاجر لهذه السلعة يعني أن التاجر وافق على الأسعار الجديدة .

إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين و اتصل الإيجاب بهذا التعامل. 3إذا كان الإيجاب لمصلحة من وجه إليه فسكوت2 هذا الأخير يعتبر قبول.

مثل : شخص عرض على شخص آخر أنه سيهبه شيء ما دون مقابل فسكوت الطرف الآخر يعني قبول هذه الهبة .

2

توافق الإرادتين : لكي ينعقد العقد لابد من تطابق الإرادتين الإيجاب و القبول. أ_ الإيجاب: هو العرض الذي يتقدم به شخص ليعبر به على وجه الجزم عن إرادته في إبرام عقد معين، فينعقد العقد بمجرد صدور القبول. 1_ شروط الإيجاب: يشترط في الإيجاب أن يكون: _ عرض محدد ودقيق: أي يجب أن يتضمن كل العناصر الأساسية و الجوهرية للعقد المراد إبرامه بما يسمح للموجب له بالتعرف على مضمون العقد المراد إبرامه، و بالتالي ينعقد هذا العقد بينهما بمجرد صدور القبول دون إضافة أي شيء أخر، وهذا ما يميزه عن الدعوى للتعاقد و هي مرحلة تتقدم الإيجاب تهدف إلى بدا المفاوضات و تقديم عروض كاملة لإبرام عقد معين و التي يمكن أن تختتم بلا أي نتيجة وقد تنتهي بإيجاب. _ عرض بات و جازم: يعبر عن الإرادة القطعية للموجب في إنجاز العقد المرغوب فيه بصفة لا رجعة فيها.

ملاحظة:

تعتبر التحفظات التي تمكن صاحبها من الامتناع عن التعاقد في أي وقت مجرد دعوى للتعاقد وليست إيجاب لأنها تنال من قطعية الإيجاب. كأن يكون العرض مقترن بشرط الموافقة. أما التحفظات التي لا تمكن صاحبها من الامتناع عن التعاقد في كل الأوقات فلا تنال من قطعية الإيجاب. كأن تكون البضائع موضوع الإيجاب الموجه للجمهور محدودة.

2_ القيمة القانونية للايجاب: ميز المشرع الجزائري في هذا الشأن بين الإيجاب المقترن بأجل و الإيجاب الصادر في مجلس العقد. _ الإيجاب المقترن بأجل: نصت عليه المادة 63 قانون مدني جزائري و يكون في هذه الحالة الموجب ملزم بالبقاء على إيجابه ما لم ينقضي الأجل المحدد، أو يعلن الموجب له عن رفضه للإيجاب. _ الإيجاب الصادر في مجلس العقد: أي أن التعاقد يكون بين حاضرين و الذي يعني اجتماع المتعاقدين في مجلس عقد واحد حقيقي (نفس المكان و الزمان) بحيث يسمع كل منهما الآخر مباشرة ،أو مجلس عقد حكمي كأن يعاقدا عن طريق الهاتف . وقد نصت عليه المادة 64 من القانون المدني و التي تشترط أن أن يصدر القبول فورا بعد الإيجاب و إلا سقط هذا الأخير، إلا أن ذلك يسبب نوع من الإضرار في القبول ( لا توجد فترة اتخاذ قرار ) . لذلك أجازت الفقرة2 من هذه المادة أن يتأخر القبول بعد الإيجاب بشرط أن يصدر القبول قبل انقضاء مجلس العقد و ألا يكون هناك ما يدل أن الموجب تراجع عن إيجابه. ب_ القبول هو تعبير عن الإرادة يخضع لأحكامها العامة ما لم يوجد نص يقضي بخلاف ذلك، و يتمثل في الرد الإيجابي من طرف الموجب له. 1_ شروط القبول: يشترط في القبول _ مطابقة القبول للإيجاب: في الأصل يجب أن يكون القبول مطابق للإيجاب تمام المطابقة أي هو موافقة عن الشروط الموجودة في الإيجاب دون زيادة أو نقصان، فإذا لم يأتي القبول مطابقا تماما للإيجاب أعتبر ذلك إيجابا جديدا، و هذا ما نصت عليه المادة 66 من القانون المدني، لكن المشرع الجزائري أورد عن هذا المبدأ استثناء و هو ما يعرف بالاتفاق الجزئي.

و الذي نصت عليه المادة 65 من القانون المدني " إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد و احتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد و لم يشترطا أن لا أثر للعقد عن عدم الاتفاق عليها، اعتبر العقد منبرما إذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الإتفاق عليها، فإن المحكمة تقضي فيها طبقا لطبيعة المعاملة و لأحكام القانون، و العرف، و العدالة".

أن يصدر القبول قبل انقضاء الإيجاب: فإذا كان هذا الأخير مقترن بأجل فلابد أن يصدر القبول قبل انقضاء الأجل، أما إذا كان الإيجاب صادر في مجلس العقد فلابد أن يصدر القبول بعد الإيجاب فورا، أو قبل إنقضاء مجلس العقد إذا لم يكن هناك ما يدل أن الموجب لم يعدل عن إيجابه. 2 _تعاقد بين غائبين : ذلك العقد لذي يتم بين شخصين لا يجمعهما اتصال مباشر (مجلس عقد واحد ) التعاقد عن طريق إرسال رسول – رسائل بريدية – و هذا الأمر الذي يتطلب مرور فترة زمنية طالت أم قصرت ما بين صدور التعبير من أحدهما و وصوله إلى الطرف الآخر . لذلك ثار خلاف بين الفقهاء حول الوقت الذي ينعقد فيه القد في هذه الحالة و هذا ما أدى إلى ظهور هذه عدة نظريات: نظرية إعلان القبول : طبقا لهذا المذهب فإن العقد يتم في الوقت و المكان اللذان يعلن فيهما الموجب له عن قبوله.(الموجب له يعلن القبول للموجب ) الانتقادات : قد يتراجع الموجب له عن قبوله قبل أن يصل إلى الموجب . نظرية تصدير القبول : العقد يعتبر قد تم في الوقت الذي يصدر فيه القابل رسالته المتضمنة القبول على أساس أنه في هذا الوقت لا يمكن له أن يتراجع عن قبوله . الانتقادات : حتى لو أنه لم يتراجع الطرف الآخر لم يصل له القبول بعد قد يتراجع . نظرية استلام القبول : العقد تم في الوقت و المكان الذي يصل فيه القبول للموجب و لو لم يعلم بذلك. الانتقادات : قد تصله الرسالة و لم يطلع عليها الموجب . نظرية العلم بالقبول: العقد يعتبر قد تم في الوقت و المكان الذي يصل فيه القبول إلى علم الموجب و يطلع على القبول. موقف المشرع الجزائري: أخد بنظرية العلم بالقبول، و اعتبر وصول القبول قرينة بسيطة على علم الموجب بالقبول.

و هذا ما نصت عليه المادة 67 ق م "يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم في المكان و في الزمان اللذان يعلم فيهما الموجب بالقبول ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بذلك...و يفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان، و في الزمان اللذين وصل إليه فيهما القبول".

3. الركن الثاني: المحل

لم يتضمن القانون المدني الجزائري تعريفا محدد لمحل الالتزام ، حيث أن محل الالتزام هو الذي ينشئه محل العقد الذي هو العملية القانونية التي تراضى الطرفان على تحقيقها ( كالبيع ، الإيجار ، التأمين ) ، أما محل الالتزام فهو ما يتعهد به المدين في مواجهة الدائن و هذا الأداء قد يكون نقل حق عيني لصالح الدائن ، و قد يكون قيام بعمل معين أو الامتناع عن عمل بنقل حق عيني لصالح الدائن ، وقد يكون قيام بعمل معين أو الامتناع عن عمل ومثال الالتزام بإعطاء نقل أو إنشاء حق عيني ، كالتزام البائع بنقل حق عيني كحق الرهن أو حق الارتفاق - مثال الالتزام بعمل كالتزام ممثل بالقيام بتمثيل دور معين في تمثيلية معينة ، و التزام مهندس معماري بعمل تصميمات هندسية لمستشفى و مثال الالتزام بامتناع عن العمل التزم ممثل بعدم التمثيل في فرقة أخرى و التزام تاجر بعدم منافسة تاجر آخر. شروط المحل: يلزم في محل الالتزام توافر شروط معينة تضمنها المواد 92 ، 96 من القانون المدني الجزائري و هذه الشروط هي: أن يكون محل الالتزام ممكنا غير مستحيل المادة 93 قانون مدني. أن يكون معينا أو قابلا للتعيين . المادة 94 قانون مدني. أن يكون المحل مشروعا ، أي غير مخالف للنظام للنظام العام و الآداب المادة 96 قانون مدني. 1_أن يكون محل الالتزام ممكنا غير مستحيل : و يعني أن يكون محل الالتزام موجودا أن يكون شيء الذي يرد عليه الحق أو يتعلق به العمل موجودا وقت إبرام العقد ، يترتب على ذلك بطلان العقد بطلانا في خالة ما يتعاقد الطرفان على اعتبار أن هذا الشيء موجود وقت العقد ، و يتبين أنه ملك قبل التعاقد ، كما في بيع منزل تبين أنه هلك قبل العقد بفعل صاعقة ، لكن إذا هلك الشيء محل الالتزام بعد نشوء الالتزام ، فإن الالتزام ينشأ صحيحا و ينعقد العقد ، و إنما نكون في هذه الحالة بصدد استحالة تنفيذ الالتزام ، بالتالي إذا كانت الاستحالة هذه ليست راجعة لعمل المدين هو إنما لقوة قاهرة ، فإن العقد ينفسخ من تلقاء نفسه ، أما إذا كانت راجعة إلى فعل المدين ، فإن الالتزام لا ينقضي و يلتزم بالتالي المدين بالتعويض و يدخل ضمنه هذا الشرط إمكان وجود الالتزام ، أي لا يكون محل الالتزام مستحيلا م 93 ق.م.ج و الاستحالة قد تكون مطلقة حيث يعجز كل الناس على القيام بمحل الالتزام كأن يتعهد محام برفع استئناف عن حكم و اتضح أن ميعاد الاستئناف قد انقضى ، و قد تكون الاستحالة نسبية ، أي بالنظر إلى شخص المدين ، كأن يتعهد أحد الأشخاص برسم لوحة فنية و هو يجهل الرسم كما يجوز أن يكون محل الالتزام مستقبلا.

و هذا ما جاء في نص م 92 ق.م.ج " يجوز أن يكون محل الالتزام مستقبلا و محققا ".

إذا أصبح بالإمكان بيع المحصولات المستقبلية قبل أن تنضج ، سواء بثمن جزافا أو بسعر الوحدة ، و كذلك في حالة ما يشترط شخص دار من شخص آخر لم يبدأ البناء فيها بعد ، فالدار هنا أمر مستقبل. حيث يشترط القانون في جواز التعامل بالأشياء المستقبلية أن تكون محققة الوجود ،و إلا اعتبر العقد باطلا بطلانا مطلقا، إلا أن القانون المدني الجزائري ، استثنى من قاعدة جواز التعامل بالأموال المستقبلية التعامل في تركة إنسان حي حتى و لو برضاه، إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون .

وهذا ما يتضح في نص المادة 92/02 " غير أن التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة باطل و لو كان برضاه إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون ".

_ أن يكون المحل معينا أو قابلا للتعيين : لابد من توافر هذا الشرط أيا كانت صورته أو ما تفرضه طبيعة الاشياء ، فإذا ورد الالتزام على شيء معين بالذات يجب ان تحدد ذاتية الشيء على وجه يميزها عن غيرها و يمنع الاختلاط بغيرهما فإذا كانت أغراضا مثلا يعين موقعها و تاريخ صنعها و لونها ، أما إذا ورد الالتزام على شيء معين بنوعه و صنفه و مقداره ، كأن يذكر مثلا أنه حبوب ، نوعه قمح ، مقداره 70 قنطارا . و إلا اعتبر العقد باطلا بطلانا مطلقا، و هذا طبقا لنص المادة 94/ 01 ق.م.ج و إذا كان الشيء محل الالتزام نقودا يجب تعيين مقداره ، يلتزم المدين بقدر عددها المذكور في العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو انخفاضها وقت الوفاء أي أثر وفقا لنص المادة 95 ق.م.ج أما إذا كان محل الالتزام عملا أو امتناعا عن عمل فيجب أن يكون هذا العمل الامتناع معينا ، أو قابلا للتعيين ، فإذا تعهد مقاول ببناء منزل ، فلابد تحديد أوصافه على الأقل ، أو أن يكون قابلا للتعيين من ملابسات على الأقل ، أو أن يكون قابلا للتعيين من ملابسات التعاقد مثل إذا كان المحل بناء مدرسة أو مستشفى أو مصنع أو ما إلى ذلك. 3_أن يكون المحل مشروعا:وهذا ما نصت عليه المادة 96 قانون مدني جزائري." إذا كان محل الالتزام مخالفا للنظام العام ، و الآداب كان العقد باطلا ".

يتضح من هذا النص يلزم توافر شرط المشروعية في محل الالتزام ، بمعنى أن يكون سائغا قانونيا فإذا كان المحل غير مشروع لا يقوم الالتزام و بطل العقد لانتفاء محله. النظام العام و الآداب : و مناط مشروعية محل الالتزام مشروعيتهم ، هو مخالفته للنظام العام و حسن الآداب و أساس النظام العام ، المصلحة العامة ، التي تتضمن المصلحة الاجتماعية و السياسية و السياسية و الأدبية و الاقتصادية. و أساس حسن الآداب هو الرأي العام ، و ما يتأثر به منه مثل العليا ، و مبادئ أخلاقية و اجتماعية مبنية على الدين و العرف و التقاليد و من المعروف أن النظام العام و حسن الآداب هما من الأفكار المبنية و المتطورة و تختلف من مجتمع إلى آخر في نفس المجتمع ، فهما يتأثران بالظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الخلقية ، ومن أبرز الأمثلة على ذلك عقد التأمين على الحياة ، فقد اعتبر في أول ظهوره مخالفا للنظام العام و الآداب ، و في العصر الحديث نجده أكثر شيوعا و الاسترقاق الذي أصبح مخالفا للآداب . و زواج المتعة الذي تجيزه المذاهب الشيعية و عدم جوازه في المذاهب السنية أما عن تطبيقات فكرة النظام العام، فهي متناثرة هنا و هناك. جميع العلاقات التي ينظمها القانون العام ، جميع العلاقات التي يرتبط معها الإنسان مع مجتمعه و مع الأفراد و في نطاق القانون العام. جميع العلاقات التي ينظمها القانون العام تتعلق بالنظام العام و بالتالي لا يجوز مخالفتها ، فبالنسبة لما يقرره القانون الدستوري من قواعد دستورية و حريات عامة تتعلق بالنظام العام ، كحق الترشح و العمل و حرية التجارة و بالنسبة للقانون الإداري فتعتبر كل قواعده المنظمة للوظيفة و تنظيم المرافق العامة و غير ذلك من المسائل التي ينظمها هذا القانون من النظام العام ، و بالتالي كل اتفاق يخالف أحكام القانون الدستوري و الإداري يعتبر باطلا بطلانا مطلقا لمخالفته للنظام العام . و كذلك القوانين المتعلقة بالضرائب أو تنظيم النقد أو تحديد سعر العملة ، وكذلك أحكام القانون الجنائي ، يضاف إلى ذلك النظام القضائي من حيث تحديد الاختصاص النوعي للمحاكم و طرق الطعن في الحكم إلى غير ذلك من الإجراءات - أما في نطاق روابط لا القانون الخاص ، فنجد أن غالبيتها تتلق بفكرة النظام العام و من ثم لا يجوز الاتفاق بما يخالفها ، فالحالة الشخصية للإنسان من حيث الحالة المدنية له : اسمه و جنسيته و من حيث أهليته ، و علاقته بأسرته كلها تتعلق بالنظام العام ، فلا يجوز الاتفاق على تعديل الجنسية أو التنازل عنها و كذلك الاسم أو أحكام الأهلية و أحكام الأسرة فكل اتفاق يخالف ذلك يعتبر باطلا بطلانا مطلقا. أما تطبيقات الآداب العامة فهي كثيرة من أمثلتها : العلاقات الجنسية غير المشروعة فكل اتفاق على مواصلة علاقة أو إقامة علاقة جنسية غير مشروعة يعتبر باطلا بطلانا مطلقا كذلك فيما يتعلق ببيوت الدعارة ، فكل الاتفاقات المتعلقة بالبيوت تعتبر باطلة لمخالفتها للآداب العامة ، وكذلك المقامرة. و يستثنى منه الرهان الرياضي و السباق و ما شابه ذلك .

4. الركن الثالث: السبب

و هو الغرض الذي يقصد الملتزم الوصول إليه وراء رضائه التحمل بالالتزام، ويوجد في هذا الشأن نظريتين: النظرية التقليدية وتأخذ بالسبب المباشر ففي العقود الملزمة للجانبين سبب التزام كل طرف هو ما التزم به الطرف الآخر وفي التبرعات نجد أن السبب هو نية التبرع. النظرية الحديثة: وتأخذ بالسبب غير المباشر أي الباعث الدافع إلى انشاء التصرفات القانونية فالسبب في عقود التبرع (حسب النظرية التقليدية) هو نية التبرع لذلك فهو مشروع دائماً، أما في النظرية الحديثة وباعتباره الباعث الدافع للتعاقد، فهو يختلف من شخص لآخر فقد يكون مشروعا وقد يكون غير مشروع .أما المشرع الجزائري فانه يفترض مشروعية السبب افتراضا ، و يعني هذا ، أن كل التزام في الأصل يقوم على سبب مشروع ، إلى أن يقام الدليل على عكس ذلك ، ومعنى أن القرينة التي وضعها المادة 98 من ق.م.ج و التي تقرر بأن " كل التزام مفترض أن له سبب مشروعا ، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك " تعتبر قرينة ضعيفة يجوز إثبات عكسها ، وعبء الإثبات يقع على عاتق من يدعي عدم مشروعية السبب ، وفي حالة ذكر السبب في العقد ، يعتبر هو السبب الحقيقي للاتفاق ، إلا إذا قام الدليل على عكس ذلك ، و بهذا تقول الفقرة الثانية من المادة 98 من ق.م.ج " و يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي من يوم الدليل على ما يخالف ذلك " فإذا ثبتت صورته السبب المذكور في العقد فعلى من يدعي أن للالتزام سبب آخر مشروعا أن يقيم الدليل على ذلك ، و هذا ما قررته الفقرة 2 من المادة 98 في الجزء الثاني منها على انه " إذا قام الدليل على صورته السبب فعلى من يدعيها أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيه

5. الركن الرابع: الشكلية

الشكلية حالة استثنائية عن مبدأ الرضائية الذي أخذ المشرع به في المادة 59 من القانون المدني.

و التي نصت على أنه: " يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتهما المتطابقتين دون الإخلال بالنصوص القانونية".

ويقصد بها تلك التي تكون ركنا في العقد, والمقصود بالشكلية كركن في العقد هو ذلك التصرف القانوني الذي يكون فيه الشكل ركنا من أركانه إذ لابد منه لقيام التصرف وبالتالي يشترط في العقد الشكلي, إضافة إلى التراضي والمحل والسبب, ركن رابع هو ركن الشكلية وتدعى هذه الشكلية بالمباشرة لأنها تتصل مباشرة بتكوين التصرف القانوني, حيث يترتب عن انعدامها إنعدام التصرف إذ يقول محمود زواوي : " بأن هناك تلازم بين الرضا والشكل وتأثير متبادل بينهما, فدور الإرادة هو تحديد الآثار الموضوعية للتصرف بينما يتولى الشكل إبراز هذه الوقائع بصورة معينة فالشكل ليس هو العنصر الوحيد في التصرف بينما يتولى الشكل إبراز هذه الوقائع بصورة معينة, فالشكل ليس هو العنصر الوحيد في التصرف الشكلي كما كان الوضع في الشرائع القديمة بل لا بد من وجود الرضا " إن الفرق بين التصرف الشكلي والتصرف الرضائي لا تقتصر فقط على كون التعبير عن الإرادة مقيدا بشكل بالنسبة للتصرف الأول, وحرا للتصرف الثاني, بل بالعقد الرضائي له ثلاثة أركان : (التراضي, المحل والسبب) والعقد الشكلي له أربعة أركان (التراضي, المحل, السبب والشكلية ) وللشكلية المباشرة صورتان: تتمثل الصورة الأولى في الكتابة والصورة الثانية في فعل ما.

يؤدي عدم توفر ركن من هذه الأركان إلى انعدام العقد و اعتباره كأنه لم يكن، و هذا ما يعرف بالبطلان المطلق. ويتضح ذلك من خلال هذه الصورة

.