العبادات والشعائر الدينية

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: حضارة بلاد الرافدين
Livre: العبادات والشعائر الدينية
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Saturday 18 May 2024, 13:18

Description

من خلال هذا المحور يتعرف الطالب على مختلف العبادات التي مارسها سكان بلاد الرافدين إضافة إلى الشعائر الدينية التي كانت تصاحب هذه العبادات 

مقدمة

إن أصل النشوء الأول في حضارة وادي الرافدين كان من المياه وأن النصوص السومرية هي التي تكتشف عن ذلك، والواقع أن فكرة نشوء الموجودات من الماء نجدها فقط في واد الرافدين، وهناك أديان أخرى كثيرة في الحضارات المجاورة لبلاد الرافدين وحضارات أخرى تؤكد على محتوى هذه الفكرة، فقد اعتقد عدد من فلاسفة الإغريق أن المياه هي السبب لأول في نشوء الكون، وكان "طاليس" (تـ 540 ق.م) أن المادة الأولى لجميع الموجودات هي الماء وأن المياه الأزلية هي مصدر الآلهة والبشر. كما يرى "أكونو فانيس" أن جميع الأشياء نشأت من الماء.

كما أن "إنكسميندر" يؤكد على أن مصدر الآلهة والبشر هي المياه الأزلية في قوله "ولدت المخلوقات الحية من العنصر الرطب".

أما ما يخص تطور الديانة فقد قال "جفري بارندر" "لا بد أن التطور الديني قد خضع لنفس التطور الذي خضع له الإنسان، فاختلف وفقا لمراحل كثيرة لارتباطه بالإطار الثقافي الذي وجد فيه"

 



الألهة

 كان الناس في بلاد ما بين النهرين يعتقدون أن من يفعلون الخير  و يتمسكون بالأخلاق الطيبة ، تكافئهم الآلهة بالسعادة وطول العمر و الثروة وكثرة الاولاد ، وتحميهم من الاخطار المختلفة .

ومن الأساطير التي كانت واسعة الانتشار في بلاد  سومر و سيطرت على نفوس وعقول الناس، الاسطورة التي  تقول أن الآلهة خلقت الإنسان منعما سعيدا ، ولكنه ارتكب الخطايا و ظل عن سواء السبيل مما أسخط الآلهة .وقد صبت الآلهة نقمتها على البشر المذنبين ، بأن أرسلت عليهم طوفانا مروعا أهلك الحرث و النسل. ولم تكن النذور و القرابين و الالتزام بالأصول الدينية هو كل ما تطلبه الآلهة من المؤمنين بها ولم يكن ذلك كافيا بحد ذاته و انما ينزل عطف و بركات الآلهة على أولئك الذين يحبون حياة طيبة وهم الاباء الصالحون الذين يلتزمون بالمعروف و يأتون الأعمال الصالحة و كانت الألهة تقدم للإنسان الملتزم بالإيمان الصادق و السلوك القيم المساعدة و الحماية و السعادة و الثروة و الأبناء الكثيرين، و العمر الطويل و بذلك كان الدين حافز للإنسان على التمسك بأهداب الفضيلة و فعل الخير و الخضوع للآلهة

يثبت لنا أن سكان بلاد الرافدين لم يتساءلوا على الإطلاق عن نوعية القوة التي قامت بخلق الآلهة الرئيسية بل إعتبروا وجودها من الأمور الأزلية التي لا تحتاج الى نقاش و ان الآلهة هي التي قامت بخلق الكون و الإنسان ، لدينا معلومات نود تقديمها وهي من ابرز الآلهة :

أ-الاله أنو : إله السماء نظرا لأهميته فهو يأتي في قمة الآلهة السوحارية يكتب اسمه بعلامة المسمارية (المسمار) في صورة تشبه النجمة ذات 8 رؤوس و معنى هذا الرؤوس الثمانية هي مؤشرات الى جميع جهات  الكون الجغرافي و هي تعبر عن شمول و تأكيد على أن الآله موجود في كل مكان من الكون و هو والد العديد من الآلهة منهم إله الهواء أنليل والد الجو أشكور و آلهة الحب و الحياة أنانا

ب-الاله أنليل : إله الهواء يأتي في المرتبة بعد إله أنو يعرف بلقب أبي الآلهة بالجبل الكبير فلم يفصل السماء عن الأرض الذي خلق الفأس أداة العمل وهو الذي قرر الفيضان على الأرض الذي أباد كل البشر.

ج-الاله أنكي: إله الأرض و المياه الجوفية و يعرف بأنه اله الحكمة و بحوزته القوى لإلآهية التي تسمى سومريا «مي» كانت الآلهة تستشره في المواقف الصعبة و تطلب منه النصح و المساعدة .

د-الاله اوتو: إله الشمس وما يلفت النظر في الموضوع هذا الاله هو أن الحرارة التي تسببها الشمس في آخر فصل الصيف لم تنسب إلى إله شمس بل اعتبروا الاله نركال أحد آلهة العالم السفلي هو سبب في ذلك فهو  يغور في البحر ليلا و يطلع من الجبال في الصباح

صور لألهة ومعابد :

الكهنة

    كان الكهنة يحظون بمكانة سامية لدى الجماهير إذ كانوا يعتبرون و وسطاء بين الناس و الآلهة العظيمة ، وكان كبار كهنة المعابد الهامة شخصيات لها قدرها فكان يتطلع الى شغل مراكزهم أبناء الأمراء وكان رجال الكهنوت ينقسمون حسب مراتبهم و درجاتهم الى ثلاثة أنواع :

أـ السحرة: ومهمتهم استعطاف الآلهة و طرد الأرواح الشريرة و شفاء المرضى  عن طريق الرقى و السحر, وكان  السحرة يلتمسون في تعاويذهم "أيا" ثم مردوخ فيما بعد .الأمراض عادة ليست في اعتقادهم  بسبب عضوي بل هي من فعل أرواح خبيثة يجب القضاء عليها  عن طريق تلاوة التعاويذ . و كان الساحر  يستخدم الى جانب  التعاويذ أدوات أخرى معنوية  ليستعين بها على الاشقاء  ومنها تقديم الصلوات للمعبودات و سكب السكائب و تقديم التضحيات أو أدوات مادية كدمية تكسر او تحرق فيكسر أو يحرق نظيرها مما يراد عمل السحر ضده او يحرق.

ب ـ المنجمون و العرافون : و مهمتهم التنبؤ بالمستقبل و قراءة النحت بواسطة مراقبة النجوم و الظواهر الطبيعية ، او  النظر في أكباد الحيوانات (يعتبر كبد الحيوان في اعتقادهم مقر الحياة  وهو يسمح للمرء أن يرى فيه نوايا الآله الذي تقبل الحيوان المضحي كتقدمة) أو دراسة انتشار نقطة منة الزيت على سطح الماء.

وكانت معرفة الغيب أمرا مهما لا في حياة الافراد فقط بل في الامور العامة كذلك  فلم يكن الملك يقبل على أمرهم دون استخارة المعبود ، وكانت مهام المنجم وراثية و يجب الا يكون فيه عيب جسماني

المعابد

يعتبر المعبد هو نقطة ارتكاز على المدينة حيث كانت ممالك المدن تحت حماية اله المدينة وكان الحاكم ممثلا له فيها وخادم المعبد وحامي ممتلكات الإله وكنوزه فالمعبد إذن هو مملكة الإله على الأرض وهو مالك الأرض والإنسان والماسية وحامي المدينة وظهور الأديان وبناء المعابد والزاقورات يقودنا إلى أن تتناول تأثيرات المناخ والمادة المستعملة في البناء كما سنتناول أيضا بشيء من التفصيل مبنى الزاقورة  وخصائصها المعمارية والفنية

ومن تأثيرات المناخ على البناء نجد أن بلاد الرافدين كانت تتميز بكثرة سقوط الأمطار مما أدى بالطبع إلى استخدام الآجر المحروق في البناء لان الآجر الغير المحروق لا يتحمل هطول الأمطار وكان يستعمل هذا الأخير في بناء القصور الضخمة والبوابات المهيبة والحجارة والمعابد ذات القواعد المتعددات المستويات إضافة ندرة الخشب في بلاد الرافدين وتتوفر الطين بكميات كبيرة للطمي المتراكم الذي يجلبه مجر نهر دجلة والفرات عند الفيضانات الموسمية ساعد هذا أعلى استخدام الطين في صناعة الآجر العادي والمحروق والذي استعمل بدوره في بناء القصر والبيوت والعابد والزاقورات وغيرها من المباني

ومن الفنون التي برع فيها سكان بلاد الرافدين هو استخدامهم للآجر والبلاطات الخزفية المطلية بطبقة شفافة من الألوان البراقة من اجل وأشهر وأعظم الأمثلة المستخدمة فيها الآجر الملون هي التي وجدت في قصر سرجون الثاني وكذلك مدينة بابل والمتمثل في بوابة عشتار الشهيرة

ومع تطور الفكر الديني وطقوسه المرافقة له تطور المخطط الأساس لهذه المعابد فهي عبارة عن قاعة واسعة مستطيلة الشكل تقع في مركز المعبد يوجد في احد جوانبها القصيرة منصة شيدت جدرانها بالآجر وفي الجانب المقابل توجد كتلة مكعبة الشكل شيدت جدرانها بالآجر كذلك تعد بمثابة مذبح آو قاعة للإضافة تحيط بالقاعة غرفة عديدة صغيرة تستخدم بعضها لطقوس العبادة وأخرى  كمخازن لهدايا المعبد ويتم الدخول إلى القاعة بواسطة سلم يقع وسط الجانب العريض من القاعة وتحتوي مسار الجدران الخارجية للمعبد على تجاويف منتظمة تمتد إلى جميع الواجهات.

انتشرت مجمعات المعبد الكبيرة التي تتوسطها الزقورة  المدرجة بشكل واسع في معظم مدن وادي الرافدين الرئيسية.حتى بلغ عددها 36 زقورة تقريبا وسوف نتطرق بإيجاز إلى أكثرها شهرة ، فلدينا معبد زقورة خفاجي ، في منطقة ديالي و الذي يمثل نموذجا معماريا نادرا و هو معبد بيضاوي الشكل حيث بني هذا المعبد فوق طبقات عديدة من الرمل النظيف بعدما أزيل حوالي 64000 متر3 من الطبقات الأرضية الطبيعية و لا نجد تفسيرا إنشائيا لهذه العملية ، ربما يتعلق الأمر ببعض طقوس العبادة ، يتكون مجمع المعبد البيضاوي من السور الأول بنصب بوابته العالية ، ثم سور ثاني بيضاوي الشكل اعلي من السور الأول بنصب بوابته العالية ثم سور ثاني بيضوي الشكل اعلي من السور الأول شبه داخل السور الثاني معبد مستطيل الشكل على مصطبة ب 6 أمتار ويوجد ضمن نطاق السور الأول بيت كبير يسكن فيه الكهنة وشيدت الزقورة باختيارها المكان المقدس في المجمع في الجانب الخلفي للمعبد ، تصل إليها كافة سلالم المعبد.

في هذه الحقيقة التاريخية اكتملت معالم المخطط الأساس للمعبد والزاقورة وفق متطلبات طقوس العبادة حيث أحيطت الزقورة بباحة واسعة ولا تقام فيها الطقوس إلا في المناسبات الدينية وشيد في الواجهة الجنوبية من باحة الزقورة نصب بوابة كبيرة تعتبر بمثابة مقر إقامة المحاكم وسماع الدعاوى كما أنها كانت مكانا لإجتماع وجهاء المدينة للتشاور واتخاذ القرارات وكانت الاحتفالات السنوية تقام في باحة كبيرة تقع في الجانب الشمالي الشرقي من المجمع.

إذن فالمعابد والزاقورات وان اختلف بناؤها فكانت وظيفتها واحدة والمتمثلة في مقر الآلهة هذه الأخيرة تخدمها مجموعة موظفين متمثلين في الكهنة ابرزهم شانكوم قادشتوم انيستوم إضافة إلى التماثيل أهمها تمثلان من اور معظمها تماثيل نسائية حيث ظهرت في منطقة الشرق الأدنى حيث ساعدت ملامحها المتميزة علماء الآثار عن معرفة الثقافات والشعوب المتعددة في المنطقة إضافة إلى نوع من التماثيل تسمى السحلية وذلك نظرا لمظهرها المشابه للزواحف والذي يعود أساسا إلى شكل عيونها المشابه لحبوب القهوة وتمثال لرجل ملتح ومن الواضح انه صنع لغرض ديني والتمثال محفوظ حاليا في المتحف البريطاني

خصائص الديانة

الحيوية:

الاعتقاد بوجود قوة وأرواح كاهنة في المظاهر الطبيعية المختلفة وتجسيدها على هيئة آلهة، فقد جسدت تلك المظاهر ذات التأثير الأكبر في حياة الإنسان، فكانت تلك السماء إلها الأرض إلها، والشمس إلها والنجوم إلها.

تعدد الآلهة:

ارتبط عدد الآلهة بالظواهر الطبيعية، ووضع البابليون لأنفسهم جداول لأسماء آلهتهم الكثيرة، ونظمت إلى مجاميع وذكرت علاقتها ببعضها البعض، وقسموا الكون إلى مناطق يحكم منها إله أو مجموعة من الآلهة.

الاستمرارية:

تعتبر من الصفات البارزة في الحضارة، لأن الشعوب التي أتت بعدها زاولت تلك المعتقدات وأفكار ونظم ويعيشون ضمن إظهارها العام، مع بعض الإضافات.

التشبيه:

هي النظر إلى الآلهة وكأنها بشر وإعطاء صفات ومميزات الإنسان على الآلهة فهي تأكل وتشرب، تتزوج وتفرح، تحزن وتمرض...، فكانت الآلهة تمثل أفضل الجوانب البشرية.

لكل إله معبد:

كان يقام في كل مدينة معبد رئيسي لعبادة إله المدينة، وهناك من المدن ما تضمن عشرين معبدا.