المنطلقات الاساسية الدوركايمية لرصد منهج علمي في الظواهر الانسانية
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | مناهج العلوم الانسانية |
Livre: | المنطلقات الاساسية الدوركايمية لرصد منهج علمي في الظواهر الانسانية |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | Saturday 23 November 2024, 03:52 |
Description
1. الظواهر الاجتماعية كأشياء :
نسجت الفلسفة الوضعية التي عبر عنها كونت عن تصوره لعلم الاجتماع خيوط فكر دوركايم، ويتبدى هذا بوضوح في تأكيده على ضرورة تناول الظاهرات الاجتماعية كأشياء، وهو التأكيد الذي يعني صراحة أو ضمنا محاكاة العلوم الطبيعية وتطبيق نظرتها وتصوراتها للظاهرات الطبيعية على الظاهراتويتأكد هذا التوجه لدى دوركايم من أخذه بالفكر العضوي الذي أقام مماثلة بين الظاهرة الاجتماعية، والظاهرة البيولوجية.
أي أن دوركايم يؤكد على أن علم الإجتماع ما كان له أن يوجد إلاّ عندما شعر المفكرين بأن الظواهر الاجتماعية أشياء ذات وجود حقيقي وبأنه يمكن دراستها حتى وإن لم تكن أشياء مادية بمعنى الكلمة . يقول دوركايم:" إن الظواهر الإجتماعية أشياء ويجب أن تدرس على أنها أشياء ، وإذا أردنا البرهنة على صدق هذه القضية فلسنا في حاجة إلى دراسة طبيعة هذه الظواهر دراسة فلسفية "
يوضح دوركايم معنى الشيئية بقوله :" إننا لا نقول في الواقع أن الظواهر الاجتماعية أشياء مادية ، ولكننا نقول إنها جديرة بأن توصف بأنها كالظواهر الطبيعية تماما ... ، ومعنى أن نعتبر الظواهر الاجتماعية على أنها أشياء هو دراستها بنفس الطريقة التي تدرس بها الظواهر الطبيعية ، أن نتحرر من كل فكرة سابقة حول هذه الظواهر ، وأن تأتي معرفتنا بها من الخارج عن طريق الملاحظة والمشاهدة ، وليس من الداخل عن طريق التأمل والاستبطان ، وليس معنى أننا نعالج طائفة خاصة من الظواهر على أنها أشياء هو أننا ندخل هذه الظواهر في طائفة خاصة من الكائنات الطبيعية ، بل معنى ذلك أننا نسلك حيالها مسلكا عقليا خالصا أي أننا نأخذ في دراستها وقد تمسكنا بهذا المبدأ الآتي ، وهو أننا نجهل كل سيء عن حقيقتها ، وأننا لا نستطيع الكشف عن خواصها الذاتية وعن الأسباب المجهولة التي تخضع لها عن طريق الملاحظة الداخلية مهما بلغت هذه الطريقة مبلغا كبيرا من الدقة .
2. الضمير الجمعي في المجتمع
الضمير الجمعي في المجتمع
كان كتاب قواعد المنهج في علم الاجتماع العمل الرئيسي الثاني لدور كايم و الذي قدم فيه تصورا ً جديدا ً ل الضمير الجمعي و يؤكد دور كايم أنه ينتج عن تجمع عقول الأفراد و التحامها ، نوع من الوحدة السيكولوجية تتميز عن الأفراد ذاتهم و هذا النتاج الجمعي ليس هو مجموع الأجزاء ، ذلك أن الجماعة تمارس أنماطا ً من التفكير و الشعور و السلوك مختلفة تماما ً عن الأفراد الذين يكونونها ، و هذا هو الذي يجعل من الضروري أن يبدأ تحليل سلوك الجماعة بدراسة ظواهر جمعية بدلا ً من دراسة الأفراد .
فمن العسير أن نفسر الظواهر الاجتماعية على أساس العمليات النفسية للفرد ، لأن هذه العمليات لا تستطيع بذاتها أن تؤدي إلى إيجاد تصورات جمعية للعواطف و غير ذلك من الميول الجماعية .
و هذه الظواهر الجمعية تمارس ضغطا ً قويا ً على الأفراد بحيث تصبح السمات العامة المميزة لأعضاء الجماعة نتيجة مترتبة عن هذا الضغط ، على الرغم من أن ذلك لا يبدو واضحا ً للأفراد، و لقد أوضح وجهة نظره في كتابه " قواعد المنهج في علم الاجتماع " باعتبارها تمثل تعديلا ً جزئيا ً للموقف الذي تبناه في كتاب " تقسيم العمل الاجتماعي " فقد ذهب في كتابه هذا إلى أن الضمير الجمعي يتألف من التصورات و العواطف الشائعة بين الأفراد و الذين يكونون غالبية أعضاء الجماعة أما في " قواعد المنهج " فنجد أن التماثل العقلي و العاطفي بين غالبية الأعضاء مستمد من الضغط الذي يمارسه الضمير الجمعي على كل منهم
و أصدق مثال على ذلك أنه في وقت الثورات التي تقوم بها الشعوب ضد نظام ما فإن هناك عقل جمعي يحركها مما يجعلها تتصرف كفرد واحد و ما إن تتولى السلطة حتى توقع الجزاءات و بطريقة آلية دون تفكير في حق كل من كان يخالفها ، و لعل الثورة الفرنسية نفسها التي لمس دور كايم مخاطرها تدلنا على ذلك ، و لكن بعد مضي فترة من الزمن يبدأ هذا العقل الجمعي بالتغير البطيء لدخول عناصر عديدة تغير من خطه الذي بدأه حتى يتشكل عقلا ً جمعيا ً آخر قد يكون مخالف تماما ً للعقل الجمعي الذي كان هو المحرك الأساسي للثورة .
3. انواع الانتحار كظاهرة اجتماعية :
انواع الانتحار كظاهرة اجتماعية :
اختار دوركايم دراسة ظاهرة الانتحار بدلاً عن العديد من الظواهر الاجتماعية الأخرى لانه ظاهرة ملموسة ومحددة. كما أن هنالك قدر جيد من المعلومات عن الانتحار ويعتبر بواسطة العديد من الناس فعلاً خاصاً وشخصياً.
شرح دوركايم فكرة التيارات الاجتماعية في كتابه قواعد المنهج الاجتماعي لكنه استخدمها كمؤشر توضيحي أساسي في دراسة ميدانية أصبحت نموذجاً لتطور الدراسات الميدانية الأمريكية. حيث وضح دوركايم أن الحقائق الاجتماعية وخاصة التيارات الاجتماعية مستقلة عن الفرد وقاهرة له. يعتقد دوركايم أنه إذا تمكن من توضيح أن لعلم الاجتماع دور يلعبه في توضيح ما يبدوأنه فعل فردى مثل الانتحار فإنه يصبح من الممكن توسيع مجال علم الاجتماع لدراسة ظواهر هى أكثر انفتاحاً للتحليل السوسيولوجى. أخيرا اختار دوركايم دراسة الانتحار لأنه إذا تمكن من إقناع المجتمع العلمي بدراسته لهذه الظاهرة سيكون لعلم الاجتماع فرصة أكبر في الحصول على الاعتراف من العالم الأكاديمي.
كعالم اجتماع لم يكن دوركايم مهتماً بدراسة لماذا أن شخصاً محدداً ينتحر. هذا يجب أن يترك لعالم النفس. لكن دوركايم كان مهتماً بتوضيح التباين في معدلات الانتحار، أي أنه كان مهتما بلماذا نجد أن مجموعة معينة لها معدل انتحار أعلى من الأخرى. يفترض دوركايم أن العوامل البيولوجية، والنفسية الاجتماعية تبقى ثابتة من مجموعة لأخرى ومن وقت لاخر. وإذا كانت هنالك اختلافات في معدل الانتحار من مجموعة لأخرى أو من وقت لأخر يرى دوركايم أن الاختلاف يرجع إلى الاختلاف في العوامل الاجتماعية وتحديدا ً التيارات الاجتماعية.
وكملتزم بالبحث الميداني لم يكتف دوركايم بإبعاد الأسباب الأخرى التى ربما تؤدى إلى الاختلاف في معدلات الانتحار وإنما قام باختبار تلك الأسباب ميدانيا ً .
بدأ كتابه عن الانتحار بسلسلة من الأفكار المغايرة عن أسباب الانتحار. من ذلك الحالة المرضية النفسية للفرد، العرق، الوراثة والمناخ .
في حين أن دوركايم عرض قدراً واسعاً من الحقائق ورفضها كمسبب لاختلاف معدلات الانتحار، لكن حجته الأوضح والتي تنسجم مع مجمل تصوره كانت حول علاقة العوامل العرقية مع تلك الاختلافات. أحد أسباب رفض العرق هو أن معدلات الانتحار تتباين وسط المجموعات ذات الأصل العرقي الواحد. وإذا كان العرق سبباً مؤثرا في تباين معدلات الانتحار فيمكننا أن نفترض أن له أثراً مشابها على مختلف المجموعات. دليل آخر ضد أهمية العرق في تباين معدلات الانتحار هو التغير في تلك المعدلات وسط عرق معين عندما ينتقل من مجتمع إلى آخر. وإذا كان العرق حقيقة اجتماعية ذات علاقة يجب أن يكون لها نفس الأثر في مختلف المجتمعات. بالرغم من أن حجة دوركايم هنا ليست كافية جداً وربما تكون حججه حول العوامل الأخرى التى رفضها أضعف ،. ثم نظر في المعلومات الخاصة بالعامل الجغرافي و خلص إلى أنه ليس له أي أهمية. قبل دوركايم أن انتحار بعض الأفراد ربما يكون بسبب التقليد، لكن هذا عامل ضعيف جداً وليس له أي تأثير على معدلات الانتحار الكلية. وأخيراً رفض نظرية التقليد كعامل هام لرؤيته أن حقيقة اجتماعية ما تكون فقط نتيجة حقيقة اجتماعية أخرى. وبما أن التقليد عامل اجتماعي نفسي لن يكون له في نسقه أية أهمية في تباين معدلات الانتحار وخلص إلى أن "معدلات الانتحار الاجتماعي يمكن توضيحها فقط سوسيولوجيا.ً". من ناحية فهو يقول أن المجموعات المختلفة لها ضمير جمعي مختلف وتمثلات جمعية مختلفة أيضاً. من الناحية الأخرى هذا ينتج تيارات اجتماعية متباينة ذات أثر تبايني على معدلات الانتحار. إحدى طرق دراسة الانتحار هي المقارنة بين مختلف المجتمعات أو الأنواع الأخرى من المجموعات. من ناحية أخرى يري دوركايم أن التغير في الضمير الجمعي يقود إلى تغير في التيارات الاجتماعية والتي بدورها تؤدي إلى التباين في معدلات الانتحار. أدى هذا إلى الدراسة التاريخية للتغيرات في معدلات الانتحار ضمن مجموعة معينة. في كلتا الحالتين، ثقافياً أو تاريخياً فأن منطق الحجة هو نفسه التباين أو التغير في الضمير الجمعي الذي يؤدي إلى تباين أو تغير في التيارات الاجتماعية وهذا بدوره يؤدي إلى تباين في معدلات الانتحار.
ملاحظة :
كان دوركايم واضحا حول الدور الأساسي الذي تلعبه التيارات الاجتماعية في تسبيب الانتحار كل مجموعة اجتماعية لها استعداد جماعي للفعل، خاص بها، وهو مصدر الاستعداد الفردي وليس نتيجته. وهو يتكون من تيارات من الأنانية، الإيثار أو اللامعيارية تتخلل كل المجتمع. هذه النزعات للجسم الاجتماعي ككل، وبتأثيرها علي الأفراد تدفعهم إلى الانتحار
3.1. مختلف انواع الانتحار
الانتحار الأناني
فالمجتمعات ذات الضمير الجمعي القوي تمنع التيارات الاجتماعية الوقائية والشاملة التي تنبع من ذلك الضمير حدوث وانتشار الانتحار الأناني فيها. عندما تضعف هذه التيارات الاجتماعية يتمكن الأفراد وبسهوله من تجاوز الضمير الجمعي ويفعلون ما يريدون. في الوحدات الاجتماعية الكبرى ذات الضمير الجمعي الضعيف، يترك الأفراد للجري وراء مصالحهم الخاصة بأي طريقة يريدونها. مثل هذه الأنانية غير المكبوحة "غالبا ما تقود إلى قدر كبير من الاستياء والضجر بما أنه لايمكن إشباع كل الحاجات وحتى التي يمكن إشباعها تنتج حاجات أكثر وأكثر، كما أنها تنتج الاستياء المطلق للعديد من الناس كما تدفع بعضهم إلى الانتحار.
وما هو مثير للاهتمام أن دوركايم هنا يعيد تأكيد أهمية العوامل الاجتماعية، حتى في الانتحار الأناني الذي يعتقد فيه أن الفرد حر من كل قيود اجتماعية. الفاعلون ليسوا أحراراً أبداً من قوة الجماعة " مهما كان الإنسان فرديا يبقي هناك دائماً شئ جماعي- الكآبة والسوداوية الناتجة من المبالغة في الفردية. إن الأنسان يؤثر علي المشاركة من خلال الحزن عندما لا يكون لديه ما يمكن تحقيقه بها "
تنبيه :
إن حالة الانتحار الأناني تشير إلى أنه حتى في أكثر الأفعال فردية وخصوصية تكون الحقائق الاجتماعية هي المحدد الأساسي.
الانتحار الإيثاري
النوع الثاني من الانتحار الذي ناقشه دوركايم هو الانتحار الإيثاري. في حين أن الانتحار الأناني غالباً ما يحدث عندما يكون الاندماج الاجتماعي ضعيف جداً اما الانتحار الإيثاري يحدث عندما يكون "الاندماج الاجتماعي قوي جداً." الفرد يجبر حرفيا علي ارتكاب فعل الانتحار
وبشكل عام إن الذين يرتكبون فعل الانتحار الإيثاري يفعلون ذلك لأنهم يحسون أن ذلك هو واجبهم.. مثلما في الانتحار الأناني اعتبر دوركايم أن التيارات الاجتماعية السوداوية هي سبب معدلات الانتحار الإيثاري العالية. في حين أن معدلات الانتحار الأناني العالية تنتج من التمزق والاكتئاب الحزين فإن الزيادة في معدلات الانتحار الإيثاري تأتى من الأمل لأنها تعتمد علي الاعتقاد في التصور الجميل لما بعد هذه الحياة
مثال :
ربما يكون أفضل نموذج للانتحار الإيثاري ذلك الانتحار الجماعي لاتباع "ريفيرنيد جيم جونز " في جونزتاون، غيانا. لقد تناولوا وبوعي كامل مشروب سام وفي بعض الحالات سقوا أطفالهم أيضا. من الواضح أنهم ارتكبوا الانتحار لأنهم دفعوا بقوة أو بهدوء إلى الموت من أجل اتباع جمعية جونز المتعصبة.
الانتحار اللامعياري
النوع الأساسي من أنواع الانتحار الذي ناقشه دوركايم هو الانتحار اللامعياري ويحدث عندما تضطرب ضوابط المجتمع. وترتفع معدلات الانتحار اللامعياري إذا كانت طبيعة الاضطراب إيجابية (الانتعاش الاقتصادي مثلا ) أو سلبية (الكساد الاقتصادي ). كلا النوعين من الاضطراب يؤدى إلى التعطيل المؤقت للجماعة عن أداء دورها السلطوي علي الأفراد. وتقود هذه التيارات إلى الزيادة في معدلات الانتحار المعياري. من السهل تصور هذا في حالات الكساد. إغلاق مصنع نتيجة للكساد الاقتصادي ربما يؤدي إلى فقدان وظيفة ونتيجة ذلك أن الفرد ينقطع عن تأثير ضوابط الشركة والوظيفة. الانفصال عن مثل هذه البنيات – لأسرة, الدين, الدولة مثلاً – يترك الفرد فريسة لأثر تيارات اللامعيارية. يبدو أنه من الصعب تخيل أثر الانتعاش الاقتصادي. في هذه الحالة يمكن القول أن النجاح المفاجئ ربما يقود الأفراد بعيداًً عن البنيات التقليدية التى نشأوا فيها. النجاح الاقتصادي ربما يقود الفرد إلى ترك عمله والانتقال إلى مجتمع جديد وربما يتخذ زوجة جديدة. كل هذه التغيرات تؤدى إلى اضطراب أثر ضوابط البنيات الموجودة وتترك الفرد في فترات الانتعاش الاقتصادي فريسة للتيارات الاجتماعية اللامعيارية. الزيادة في معدلات الانتحار اللامعيارى خلال فترات اضطراب الحياة الاجتماعية منسجمة مع رؤية دوركايم عن الأثر الضار لنزوات الفرد عندما يتحرر من القيود الخارجية. فعندما يتحرر الناس يصبحون عبيداً لنزواتهم ونتيجة لذلك، يرى دوركايم أنهم يقومون بسلسلة واسعة من الأفعال المدمرة تشمل قتل أنفسهم في أعداد أكبر مما هو معتاد
الانتحار القدري
ناقشه دوركايم في إحدى حواشي كتابه (الانتحار). ففي حين أن الانتحار اللامعيارى يحدث في الحالات التى تضعف فيها الضوابط فان الانتحار القدري يحدث في الحالات التى تكون فيها الضوابط متجاوزة للحد المرغوب فيه. وصف دوركايم الذين يرتكبون فعل الانتحار القدري بأنهم "أشخاص مستقبلهم مغلق بقسوة ونزواتهم خنقت بعنف عن طريق نظام قهري " المثال التقليدي هو الرقيق الذى يقتل نفسه بسب عدم الأمل المصاحب للضوابط القاهرة لكل أفعاله. الزيادة في الضوابط – القهر – تطلق العنان لتيارات السوداوية والتي بدورها تتسبب في ارتفاع معدلات الانتحار القدري
4. الدين كظاهرة اجتماعية
الدين كظاهرة اجتماعية
في كتابه الأشكال الأولية للحياة الدينية صاغ دوركايم أفكاره عن الظاهرة الدينية و حللها من خلال مناقشة فكرة كيفية ممارسة الأفراد للمعتقدات و الطقوس الدينية للسيطرة على بعضهم البعض.
و يلاحظ أن الصفة المميزة للدين هي تقسيم العالم إلى مملكتين المملكة الأولى تتضمن كل ما هو مقدس وروحي و المملكة الثانية تحتوي على كل ما هو مدنس
ويعرف دوركايم الدين بأنه " نسق موحد من المعتقدات و الممارسات تتحد في مجتمع أخلاقي واحد و فريد يسمى الكنيسة ويضم كل الذين يرتبطون به".
لكن الأسر المندمجة بقوة،كالمجموعات الدينية و الجماعات السياسية تتعامل كهيئات ذات ضمير جمعي قوي ولا تشجع الانتحار "الدين يحمي الإنسان من الرغبة في تحطيم الذات. ما يكّون الدين هو وجود عدد من المعتقدات والممارسات التقليدية المشتركة بين كل المؤمنين، و لذا فهي ملزمة. وكلما تعددت هذه الحالة العقلية الجمعية وقويت كلما ازداد الاندماج في المجموعة الدينية وكذلك ازدادت القيمة الواقية . الاعتبار الأول الذي يؤخذ فيهذه الوجهة أن دوركايم ناقش هذه القضية-
أي ظاهر الدين من منظور معاداته للدين . وليس كما هي موجودة في الواقع ,إذ لا يمكن تقسيم الظاهرة التي قام بها دوركايم على جميع الظواهر المتشابهة...وكان يفترض أن يدرس الظاهرة الدينية في جميع تجلياتها الاجتماعية كما هي موجودة في الواقع الاجتماعي ويترك للموضوعية وحدها فرض نتائج البحث أنى كانت , مما يجعل نتائج التحليل الاجتماعي تتمتع بالشروط العلمية ذات المصداقية والقابلية للتقييم.
يرى دور كايم في خصوصية المجتمع على أنه مجموعة من العلاقات والروابط الاجتماعية تعمل على ظهور توقعات حول أنماط السلوك ... والمجتمع بالنسبة لدور كايم هو نسق منظم يعمل على التوافق والتكيف وأهم صفة مميزة له هو التوازن حيث يشير أن المجتمعات تكون ثابتة ومنظمة إلى أن يقع حدث أو تغير آخر وعندما يحدث تغير يعمل المجتمع على التكيف مع الموقف الجديد لكي تقم عملية بناء التوازن وهذه الفكرة قائمة على افتراض أن المجتمع هو بمثابة كائن
حي .