تأصيل التاريخي

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: البيوإتيقا
Livre: تأصيل التاريخي
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Saturday 23 November 2024, 03:23

Description

يحتوي هدا القسم على أهم المشكلات التي ساهمت في بروز البيواتيقا كعلم في الآونة المعاصرة   

1. الحضارات الشرقية القديمة

في العصر القديم نجد إيحاءات كثيرة حول الإشكالية والمفهوم منذ زمن الحضارات الشرقية القديمة، فالصينيون يتكلمون عن الثقة كأساس لبناء المنظومات الاجتماعية أما في بلاد الرافدين فإن التفاني في العمل الطبي يعد أكثر من ضرورة ويعاقب عليه المخالفون وهذا ما أثبتته المنظومات القانونية الموجودة في بابل قانون حامورابي، أما في اليونان فيلقب الطبيب بالحكيم وستبقون الحكمة على الطب، نظرا لأن عمل الطبيب يتجاوز ما ألفته العادة في النظر وتوجيه الفعل خاصة عندما يتعلق الأمر بالعورات والأدوية ويستوجب القسم الذي أتى به أبقراط، لا يتحمل الأطباء منذ القديم إلى اليوم في أغلب الأحيان نتائجهم العملية

.

2. في الحضارة الإسلامية

ارتبط الطب تماما بالإملاء الديني ولا يمكن فصله عن الممارسات الإعتقادية للفرد المسلم، بل وسع المسلمون دائرة البحث العلمي إلى أقصى حدوده فأجازوا العمليات الجراحية التي كان ممنوعة عند نظرائهم المسيحيين بحيث أن أمر قيصر بفتح عنق الرحم من أجل إنقاذ الأم والابن معا أو على الأقل إنقاذ الأم تسبب في قتله، بل أولى المسلمون حفظ حياة البشر على الممارسات الاعتقادية وقد خلد أبو حامد الغزالي موقف الاسلام بقوله "حفظ الأبدان قبل حفظ الأديان"، في حين أن فتوى المسيحيين بقداسة الجسد منعت أي تطور للطب وعرف المسلمون البوادر الأولى في عمليات تعتبر إشكاليات بيوايتقية إلى اليوم.

2.1. تطور علم الإخصاب عند المسلمين

فأول عمل قد اعتبر مشكلة بيوايتقية هي عملية الإخصاب في سلالة الأحصنة والنعاج" النعاج المورسكية -التي توافدت برحيل المسلمين الأندلوسيين في حروب الاضطهاد الإسباني- بالكباش الجزائرية مما ولد صنف مايعرف بأولاد جلال أفضل أصناف الكباش في العالم " والبقر والهدف منها تحسين الجنس وتطوير النوعية في حين أن الطرح المسيحي كان يرفض التفريق بين الشهوة والإنجاب ويجب أن يكونا مثلا متلازمين في الطرح الكاثوليكي أما ابن سينا فقد لاقى صعوبات كثيرة في عملية التشريح وكذلك التجريب على الحيوانات الراقية.وقد أوصى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالتباعد في الزواج إذ قال "تباعدوا تصحوا"وهي أنجع الطرق للحد من التشوهات والأمراض الوراثية بالإضافة إلى اعتماد مرضعة أجنبية قوية لإرضاع الأطفال .

والملفت للنظر عند المسلمين أنهم استوجبوا على الطبيب فحص غير المسلمين اعتقادا منهم أن الطب إنساني كما هي الأمراض متداولة بين كل البشر ويقول أبو الحسن علي بن رضوان في كتابه "عيون الأنباء في طبقات " كانت صناعة الطب عن أبي اصيبعة كنزا وذخيرة ويكنزها الآباء ويدخرونها للأبناء وكانت في بيت واحد منسوب إلى استقل ... وأقدم الأطباء اليونانيين أبقراط هو الولد السادس عشر، فلما حصلت له معرفة صناعة الطب بالتجربة وبقية عنده أمور منها... وشرع في تعليمها لأولاده وأقاربه وعهد إليهم أن لا يعلموا هذه الصناعة لأحد إلا لأولادهم، ولمن هو من نسل اسق ليبوس لا غير، ومن حكم أبقراط يقول:" خذ بعين الاعتبار جديا موارد مريضك القليلة أو الكثيرة وامنح خدمتك بغير مقابل أحيانا ذاكر إحسانا سابقا أو رضا تناله في الحال"، كما أن المسلمين قد ربطوا بين المرض المعنوي والحسي ورأوا أن المعنوي يكون دواؤه سماوي والأرضي دواؤه مادي طبيعي، واعتبروا القلب بمفهومه الواسع هو الجامع بين الطبين وأن مرضه المعنوي قد يؤدي إلى مرض حسي وهذا ما يمكن إثباته في الطب المعاصر وقد اعتبرت روح التفاؤل والرضا بالأقدار والسعي دون كلل أو ملل أفضل الأدوية.

3. أخلاقيات العلم المعاصر

أول مبادرة  بيوإتيقية في العالم المعاصر

أشرنا سابقا إلى أن المشكلات البيوإتيقية متجذرة في عمق البشرية ولكن بقيت إيحاءات ولم ترقى إلى ما وصلت إليه اليوم، وأول مرة في العالم أفرد لها مقال متخصص بموضوع ومنهج ومصطلح وغاية سنة 1970م على يد العالم الأمريكي فان بوتر van Peter »  « الذي كتب كتاب عنوانه Bioéthiques the science of survival البيوايتيقا علم البقاء على قيد الحياة.

3.1. من البيوايتيقا إلى البيوسياسة.

      لقب مؤرخو القرن 20 الفلسفة بأنها في عصرها الأكسيولوجي الذهبي بحيث أن المشاكل الأخلاقية بدأت تتجذر بعلاقتها بالعلم، بدءا بالداروينية النيتشوية ثم مخلفات إبداعات اينشتاين النووية وما صاحبها من عواقب وخيمة على الوجود البشري، إضافة إلى بعض الفلسفات البائدة التي أعلنت موت الإنسان والحضارة وفتحت أبواب التشاؤم وما صاحبها من أراء شاذة تهدد الجنس البشري ككل وخاصة في مخابر التجميل والمفاعل النووي وأخطارها على البشرية، وكذلك ظهور نخبة تدعو إلى السير في هذه الطريق التي تهدد الإنسان فقد كانت الفاشية والنازية بيد نيتشه والحربية النوويتين بيد اينشتاين وإلى اليوم بعد أن وجدت هذه التجارة أموال تجنيها في العالم ككل والعالم الأنجلوسكسوني بالخصوص تدعو الولايات المتحدة ناسها أمام عرض كثير من قضاياها أمام مجلس الشيوخ من أجل إفضاء أو عدم إضفاء الشرعية على هذه الأمور لتنتقل من البيوايتيقا إلى البيوسياسة.

3.2. من نظرية البيوايتيقا إلى مشكلة بيوتطبيق.

 

       

المؤتمر الدولي « Assilomar »"نسبة إلى مدينة أسيلومار بالولايات المتحدة الأمريكية" وامتد الصراع بين المشاركين حول المشكلات العالقة في هذا العصر وعلاقتها بالبيواتيقا وفي الكلمة الختامية تمت الإشارة إلى خطورة الأبحاث التي تمارس في مخابر الهندسة الوراثية وكوارثها الناجمة من التطبيق وخطورتها الأخلاقية والخلقية فانتقلت الإشكالية من جديد من بيوايتيقا إلى بيوتطبيق.

       بعد أن نجح الأطباء في زرع أعضاء الغير جنسية من شخص لآخر خاصة عدسة العين  والكلية والتي لقيت ترحيبا اجتماعيا ودينيا كبيرين ولكن لم تطل الفرحة عندما وصل الأمر للأعضاء الجنسية وتأزمه أكثر عندما ارتبطت بالمنحرفين أخلاقيا "تشبيب العجائز " والمنحرفين جنسيا"تغيير الجنس" والرغبة في الإنجاب تبديل صورة الوجه من أنثوي إلى ذكري أو العكس .

       فاتسعت بعد ذلك المشكلة لتشمل المعتقد والقانون في إشكالية النسب (المبيض المستعار- المني المتطوع به .زرع الخصية والقضيب.   الرحم والمهبل    ) وقد أعيد النظر من جديد في أخلاقيات الطب la reforme l’éthique médicale، ونظرا لاتساع هذه المعضلة فقد تجاوزت حتى حدود الابستومولوجيا المعاصرة وأصبحت تكتسي الصبغة العالمية وارتبطت بعلم البيئة النمو الديمغرافي، المصير الكوني للكائنات النباتية والحيوانية والإنسانية المهجنة.

         وقد استقى البعض التعريف من عمق الميتولوجيا بدلالتها الرمزية، خاصة بالحديث حول طغيان البشر وتجاوزهم لكل الحدود.وعلى سبيل المثال لا للحصر  وقف علماء الإسلام كلهم ضد هذه العمليات التي تفسد الجنس البشري  وتختلط بذلك الأنساب  البشرية وهذا ما يتعلق بأصل من أصول الدين التي سطرها الشاطبي –رضي الله عنه-ونجملها فيما يلي (حفظ النسل .النفس العرض العقل والمال).

3.3. نقلة الأفكار من البيوايتيقا إلى البيوميتولوجيا.

       وقد استقى البعض التعريف من عمق الميتولوجيا بدلالتها الرمزية، خاصة بالحديث حول طغيان البشر وتجاوزهم لكل الحدود

Pro méthious "العقل المتقدم الذي يهدد بالدمار لكل البشرية "، Faost " الذي تعاقد مع الشيطان لارضاء نفسه بالمعرفة"

Frenkichtain  "  فرنكشتاين "وهي أسطورة تتحدث على مجانين العلماء  الذين يهددون مصير الكون عامة ومصير البشرية بالخصوص"

3.4. علاقة البيوايتيقا بالاقتصاد

       حتى لو حرم أخلاقيا فإنه يلقى ترحيبا من الجانب الاقتصادي، بنوك عالمية للتجارة بالمني والبويضات، تبديل الجنس، تتلقى أموال طائلة وفوائد عجيبة، فانتقل الإشكال إلى سيناريو المنفعة بعد أن كان محصورا في حلقة الأخلاق.

3.5. البيوايتيقا والإكولوجيا

     

  تدعو إلى أن يكون الإنسان سليما 100% يولد ويعيش بالطريقة الطبيعية ويعمل الإكولوجييون أن يكون الإنسان والتصرفات الاجتماعية نابعة من عمق المجتمع= أقوياء المناعة، في حين أطفال الأنابيب يكون العكس.

وثبت علميا أن كل منطقة لها غذاء دواءها.(لبن النوق  والتمر دواء واقي من أمراض الصحراء)

التهجين والتعديل في الجينة الوراثية وما يخلقه من تشوهات وتغيرات في طبيعة النباتات والحيوانات.

صناعة الفيروسات والفيروسات المضادة، ومخلفاتها على البشر وربما تجيب عن هذه الأسئلة بعض مقولات المفكرة "جاكلين" في كتابها (الفكر الأخلاقي المعاصر) "كيف نفهم فكرة حق أخلاقي نظري للطبيعة (المادة الطبيعية، بوصفها واقعا جديرا بالاحترام تلك أفكار قد تبدو غريبة أو مستهجنة داخل الثقافة، ثقافتنا التي تضم في الغالب الحق الإنسانية." الشخص إن أخلاق النظرية البيئية العميقة برعاية "اليونيسكو" ترد فكرة امتياز خاص للإنسان، إذ يجب إعلان الحقوق الطبيعية برفض مركزية التشبيه الإنساني، وهكذا توسع الأخلاق النظرية مفهوم الغاية بذاتها حتى تشمل الطبيعة، الاعتراف بأن الإنسان وحده غاية لذاته وأنه يملك قيمة مطلقة، فإن الطبيعة أيضا تطالب بأن تعامل معاملة وسيلة وفوق حقوق الفاعل العاقل تتراكب حقوق الكرة الأرضية ونحن مكلفون برعايتها.وهي عودة إلى الكانطية(اعتبار الإنسان غاية لا وسيلة)

إضافة إلى كوارث الحرائق وفساد التربة بمنتجاتها الغذائية وهي الأمطار المسمومة التي تصحب معها مواد وأخطار كيميائية خطيرة "حادثة تشرنوبيل"بأوكرانيا  وما صاحبها من أمطار مسمومة أهلكت أوكرانيا وجيرانها.

انفجار وتحطم سفن ناقلات البترول في المحيط الأطلسي.

التجارب النووية في أعماق المحيطات وموت ملايين الأسماك المهددة بالانقراض (الحوت الأزرق).

أما الهواء فهو الناقل الأسرع للأمراض والتلوثات الناجمة عن التصنيع المفرط فيه، انفلونزا الطيور.

3.6. خاتمة

      تمثل المشكلات السابقة الدكر أول المبادرات التي مهدت لظهور البيواتيقا المعاصرة ولقد كانت منجزات العلم المعاصر وراء استفحال المعضلة خاصة أمام الصراعات الكبرى الناجمة بين علماء الهندسة الوراثية وتهديدات الأسلحة التي صاحبتها همجية الشركات الكبرى التي أصبحت لا تراعي أي شيء أمام المصالح المالية