نظريات القوة البرية و المدرسة الألمانية
الموقع: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
المقرر: | جيوسياسية العلاقات الدولية |
كتاب: | نظريات القوة البرية و المدرسة الألمانية |
طبع بواسطة: | Visiteur anonyme |
التاريخ: | Friday، 22 November 2024، 11:37 PM |
1. توطئة للنظريات القوة البرية
كان أول من استخدم الجيوبولتيك في الماضي المفكر السويدي رودولف كيلين مطلع القرن الميلادي الماضي وعرّفه بأنّه “ البيئة الطبيعية للدولة والسلوك السياسي “ بينما عرّفه مفكر آخر جاء بعده يدعى كارل هوسهوفر بأنّه : "دراسة علاقات الأرض ذات المغزى السياسي، بحيث ترسم المظاهر الطبيعية لسطح الأرض الإطار للجيوبوليتيكا الذي تتحرك فيه الأحداث السياسية “. ومن أراى المهمة لمصطلح الجيوسياسية نجد فريدريخ راتزل بأنها عبارة عن “ الاحتياجات السياسية التي تتطلبها الدولة لتنمو حتى ولو كان نموها يمتد إلى ما وراء حدودها “.
بناء على ماسبق ماهي الاسهامات النظرية لكل من راتزال ، كيلين ، كارل هاوسهوفر في مجال التفكير الجيوسياسية العلاقات الدولية؟
2. الرجل الاول لعلم الجغرافيا السياسية : فريدريخ راتزل
مثلت نهاية القرن التاسع عشر، بداية تزايد إهتمام الألمان بالقوة البرية ، ففي ظل هذه الاجواء التي طبعت هذه الحقبة جاء 'فريدريخ راتزل' أستاذ الجغرافيا في جامعة لايبزيغ Leipzig Friedrich Ratzel بأول صياغة للجغرافيا السياسية. وقدم جملة من الافكر نذكر اهما:
دينامكية الدولة كالكائن الحي
اصل الفكرة
تبرز كتابات الجغرافي الألماني فردريك راتزل مدى تاثره بافكار و تنبيهات عالم الاحياء تشارلز دارون ، ويقول أن فكرة داروين عن الصراع من اجل البقاء يمكن مساواتها بالصراع من اجل المكان،
فكل اشكال الحياة على كوكب كانت تشارك في السعي للمجال الحيوي،و كان تطبيق هذه الفكرة على الجيوبولتيك الأوروبي يتطلب نظرية حيوية لتكوين و تطور الدولة و هذا المفهوم الذي قمه راتزل ثم طوره كيلين بعد ذلك
2.1. جوهر فكرة الدولة ككائن حي
في كتابه الجغرافيا السياسية والذي ظهر عام 1897 قدّم راتزل فكرته الكبرى، بأن الدولة كائن عضوي يكبر وتزداد احتياجاته باستمرار، وأن الحدود هي أشبه بجلد الكائن العضوي، والذي يجب أن يتمدد باستمرار مع نموه.
ولم يكن راتزل يتحدث من فراغ، فقد كانت ألمانيا حينها تموج بالنشاط الصناعي، وهي بحاجة للمواد الخام والأسواق، وبالتالي قدم راتزل نظريته لتكون في خدمة ألمانيا، فالحدود هنا ليست نهايات الدول، ولكنها محطة من محطات نمو الدولة، فكلما كبرت احتياجات الدولة حق لها أن تلتهم جيرانها لتواصل نموها.
والنظرية أعطت مبرراً للحراك النازي الكبير لاجتياح أوروبا، ورغم أن العالم استقر بعد الحرب العالمية الثانية نظرياً على ثبات الحدود وضرورة احترامها، ولكن علمياًبقيت الحدود سيالة، ولا زالت التغييرات الحدودية جارية في العالم، واستعيضعن فكرة الحدود المادية بفكرة الحدود الشفافة.
2.2. التميز بين امتلاك المكان و الرغبة في المكان
يري رتزال انه يجب التميز بين امتلاك المكان و الرغبة في المكان، مثلا وجود دولة كبيرة مهددة مثل الإمبراطورية العثمانية او الروسية - ، يظهر ان القوة لا تتحقق بالضرورة من مجرد امتلاك المكان فلو كان الامر كذلك لكانت الدول الكبيرة تنمو دائما عل حساب الصغيرة بفضل ميزتها الأولية – يمعني امتلاك المكان لا يعيني دائما امتلاك القوة الجيوسياسية وانما الرغبة في امتلاك المكان هي القوة الحقيقة.
و لهذا يدعي راتزل ان الدولة القوية هي التي تتمتع بقدرات سكانية و اقصادية و ثقافية تتخطي حدودها الإقليمية القائمة، و هاته المميزات لابد ان تولد لها ميول توسعية و تدفعها لزيادة مجالها الحيوي حيث تتحدد قوة الدولة بطموحاتها الإقليمية و ليس
بمساحتها الأرضية
مثال مقارن بين دولة الالمانيا و روسيا
دولة مثل كالمانيا بمساحة 357الف كلم 2مع دولة كروسيا ب 17مليون كلم2 ،برغم من ان روسيا ذات قوة مبدئية اكبر من الماني،الا انها لم ترغب في توسع نحو المانيا،لان حجمها مقارنة مع مميزاتها السكانية و الاقتصادية و الثقافية لا يدفعا للرغبة في التوسع الإقليمي بل يجعلها عرضة للأطماع الدول المنافسة الأصغر منها ،و اكبر دليل عزو المانيا بقيادة فهرر هتلر للاتحاد السوفياتي USSR في عملية بارباروسا كما هو موضح في كتاب أدولف هتلر "كفاحي" الذي كتبه في سنه 1926-1925أظهر بوضوح اطماعه في غزو الاتحاد السوفيتي وبنائها على معتقداته ان الألمان يحتاجون "مجال حيوي" بعبارة أخرى أرض ومواد خام و موارد طاقوية
2.3. قوانين راتزال السبعة المرتبطة بتطور الدولة
تتأسس الرؤية الراتزالية على صياغة ما سماه بالقوانين السبعة المرتبطة بتطور الدولة والمتمثلة في:
-
يرافق نمو المساحة الأرضية territorial للدولة نموا في ثقافتها
-
المساحة الأرضية territoire للدول تنمو في نفس الوقت بنمو إديولجتها أو إقتصادها
-
الدول تتوسع بضم مجموعات سياسية أكثر صغرا
-
الحدود هي عضو حي وعنصر بارز في قوة الدولة
-
التوسع في المساحات الارضية territorial هو منطقي ، والذي يهدف إلى إمتصاص المناطق الحيوية بالنسبة له؛
-
الدولة محكوم عليها بالتوسع إذا ما كان جيرانها أقل تحضرا منها؛
-
ضم الأطراف الأكثر ضعفا له أثر تجميعي cumulatif، فعملية الضم تؤدي إلى عمليات ضم أخرى
-
3. رودولف كيلين مبلور كينونة الدولة ككائن حي و حيز المجال الحيوي
لقد طور 'رودلف كيلين'، فكرته التي يعتبر فيها "الدولة كائن حي" عن راتزل ، بالقول، " أن الدولة ليست كائن حي وحسب، بل هي أيضا كائنا ذا شعور مزدوج، بقدرات فكرية وأخلاقية عظيمة. حيث تمثل الأرض التي يعيش عليها هذا الكائن بالجسد، وتكون العاصمة القلب والرئتين، وتمثل الطرق والأنهار الأوردة والشرايين، ومناطق التعدين والإنتاج الزراعي هي بمثابة الأطراف . وبالرغم أنَّه حاول تقديم تعريف موسع على ما قدمه"راتزل"، إلا أنه يتفق معه بأن الهدف النهائي الذي تسعى الدولة لتحقيقه هو أن تكون دولة قوية يهابها الجمي
نظرية الدولة حسب رودولف كيلين
وقد طور كيلين أبحاثه إلى ما عرف فيما بعد باسم نظرية الدولة، وقد قسم الدراسات المرتبطة بالدولة إلى الموضوعات التالية:
-
(أ) السياسة الأرضية : الجيوبوليتيكا Geopolitik.
-
(ب) السياسة الشعوبية: إتنوبوليتيكا Ethnopolitik .
-
(ج) السياسة الاجتماعية : Sozialpolitik.
-
(د) السياسة الاقتصادية : Oekopolitik.
-
(ع) السياسة الإدارية : Kratopolitik.
وقد كتب 'بيار سليرييه' في شأن هذه النظرية يقول:"شبه كيليين الدولة بالإنسان، وأجرى مقارنة بين أعضائهما، وشبه سلوك الدول في علاقاتها مع بعضها البعض، بسلوك البشر إزاء بعضهم البعض". وأضاف :"شدد كيليين على الطرح القائم على مبدأ تفوق العرق الجرماني وأمتلاكه لخاصية إدراك كنه المجال الحيوي".
4. مدرسة ميونخ و كارل هاوسهوفر : المرتكزات الفكرية ومصطلحات الجيبولتيكا
ويعتبر 'ردولف كيليين' مخترع مصطلح الجيبولتيكا الأب الروحي لــــ 'هاوسهوفر'، و'فريدريك راتزل' الذي وظف مصطلح المجال الحيوي. كما من العوامل الأخرى المساعدة على توفير جو فكري ثقافي وعلمي مناسب للجيبولتيكا راتزل الصغير كما سمي انه كان '- اي هاوسهوفر-' يعمل أستاذا للجغرافيا بمعهد ميونخ والتاريخ الحربي في جامعة ميونخ سنة 1920 . وفي عام 1924 أسس مجلة"السياسة و الجيوبوليتيكا" وجذب معه مجموعة من كبار أساتذة الجغرافيا الألمانية مثل 'إيريخ أوبست' و 'جوستاف فوشلر هاوكه' O. Jessen و'أوتو يسن' G. F. Hauke وغيرهم كثير.
أفكار هاوسهوفر الجيبولتيكية لما بعد راتزل
من أكثر المصطلحات الجديدة التي عبرت عن آراء مدرسة ميونخ — التي تصادف أنها أيضا كانت مهد ومكانة ولادة النازية الهتلرية— هي مصطلحات توسيعية أو ذات »صبغة استراتيجية حربية « ، ومن أكثر المصطلحات شيوعًا تلك التي تعبر عن فكرة المجال الحيوي Lebensraumm التي تدعوا لأن يكون لألمانيا – وغيرها من القوى التي أهلها هاوسهوفر للنمو — مجال تمد فيه جذورها الاقتصادية والسياسية، كذلك كان مصطلح الكفاية الذاتية الإقتصادية من المصطلحات الشائعة في كتابات هذه المدرسة في فترة بناء ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى. لكن هاوسهوفر لم يحدد الكيفية التي تتوسع بها ألمانيا في مجالها الحيوي.
4.1. هاوسهوفر و الأسس العامة للجيبولتيكا الألمانية
يمكن تلخيص المبادئ العامة للجيبولتيكا المدرسة الالمانية بناء على ماطوره هاوسهوفر من المفاكر الاساسين السابيقين في النقاط الاساسية الاتية :
أ- الدولة كائن حي: فبعد راتزل جاء تشخيص 'هوسهوفر' للأمراض التي تشكو منها الدولة مبينا مشكلة الارض التي تحتلها. ولهذا ظهر مبدأ 'المجال الحيوي' للدولة التي يدعوها للتوسع الأرضي من اجل إيجاد حلول لأمراضها السكانية والإقتصادية والعسكرية، ويحسن موقعها وعلاقاتها المكانية الأرضية.
ب- مبدأ الكفاية الإقتصادية للدولة: تضمنت النظرية التي صاغها 'هاوسهوفر' أربعة مقاييس أساسية اعتبرها من مقومات الدولة القوية وهي: عدد السكان يكون كبيرا، إرتفاع نسبة الولادات،السكان من سلالة واحدة أو متجانسة، توازن بين سكان الريف والمدن.
ت- العاصمة رمز قوة الدولة: ترى مدرسة ميونيخ بانه ولدواعي استرتجية ضروري نقل العاصمة إلى المناطق الأكثر أمنا (نقل العاصمة الروسية من سانت بترسبرغ إلى لننغراد إلى موسكو. ففي أي نزاع يسعى المتحاربون للسيطرة على العاصمة فما إن يتم لهم ذلك تصبح الدولة كلها في قبضتهم، فعلى سبيل المثال حينما احتل الألمان العاصمة باريس في الحرب العالمية الثانية عجل ذلك بسقوط فرنسا. بل حتى في النزاعات الداخلية والإنقلابات يسعى المعارضون للسيطرة على العاصمة لتأكيد سيطرتهم على البلاد شاملة.
ث- الموقع واليابسة الأولى استراتجيا: يرى 'هاوسهوفر' أن القوات البحرية والجوية مكملة للقوة البرية الأساسية والحاسمة. فالممار والمضائق البحرية لم تعد تحظى بالأهمية التي كانت تحتلها في السابق. فقناتي "بنما" أو "السويس" لا تعني الشيئ الكثير إذا لم يتم التحكم في البلدان التي تقع فيها، أي مصر وبنما.
ج- مايحصل داخل الدول يحدد مصير مناطق الصدام. ترى هذه المدرسة أن سعي الدول نحو الهيمنة والسيطرة ينتهي إلى صدام حول مناطق نفوذ بينهم. على سبيل المثال، وقوع الفلبين بين الصراع الأمريكي الياباني، فالتنسيق والولاء أو الدعوة إلى الابتعاد عنها يرتبط بما يجري على مستوى السياسات الداخلية في اليابان فكلما حاولت اليابان السيطرة عليها إتجهت الفلبين للتحالف مع الولايات المتحدة، وكلما خاب هذا المسعى كلما سعت الفليبين للإبتعاد عن الولايات المتحدة.
5. في نقد المدرسة الالمانية و نظريات القوة البرية
-
ان فكرة المجال الحيوي عند راتزل تمثل مفهوم نظريا و ليس جغرافيا بالتحديد حيث تم تطبيق هاته الفكرة لاضفاء الشرعية على طموحات الإقليمية الألمانية خاصة في الشرق، القائمة حول الأسطورة الألمانية القديمة حول الزحف نحو الشرق و تسخيرها في اطار اللغة العلمية لجيوبوليتكس راتزال.
-
افضت اراء و افكار النظرية للمدرسة الالمانية في اندلاع الحرب العالمية الثانية خصوصا افكار هاوهوفر اساسا المطورة من اراء راتزل وقود للقائد الالماني ادولف هتلر في اطار سياسية المجال الحيوي و الرغبة في السيطرة على العالم،
اججت افكار النظرية دات الصبغة المتطرفة -النازية- الي أكثر الصراعات العسكرية دموية على مر التاريخ - الحرب العالمية الثانية - والذي قُدّر إجمالي عدد ضحاياها بأكثر من 60 مليون قتيل مثلوا في ذلك الوقت أكثر من 2.5% من إجمالي تعداد السكان العالمي، المانيا النازية سابقا فقط وصل عدد الاجمالي للقتلي ب 7 ملايين الي 9 ملايين قتيلا بنسبة 64 بالمئة من ضحايا دول العالم.