جرائم المخدرات في التشريع الجزائري

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: المخدرات والمجتمع
Livre: جرائم المخدرات في التشريع الجزائري
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Saturday 23 November 2024, 04:56

1. تطور تجريم المخدرات وفق التشريع الجزائري

إن المتمعن في التشريع الجزائري يجده من بين التشريعات التي كانت سباقة في مكافحتها للمخدرات، وهذا بموجب انضمام الجزائر للاتفاقية الوحيدة لسنة  ،1961وهذا بمقتضى المرسوم رقم  342-63المؤرخ في  ،1963/09/11المتضمن انضمام الجزائر لبعض الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمؤثرات العقلية، منها الاتفاقية الدولية المبرمة بجنيف بتاريخ  19فيفري  ،1925وكذلك التعديلات التي طرأت على بروتوكول الاتفاق الممضي بنيويورك بتاريخ  ،1949/12/11والمتعلقة بالحد وتنظيم توزيع المخدرات.

وقد تضمن المرسوم بانضمام الجزائر بتحفظ للاتفاقية الوحيدة المتعلقة بالمخدرات الممضاة بتاريخ30 مارس1961وتماشيا مع الاتفاقيات الدولية أسست في  1971/07/15اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات طبقا للمرسوم رقم  ،198-71وقد تضمن تسعة مواد، والمتمعن في القوانين الجزائرية لاسيما قانون العقوبات الصادر سنة  1966المعدل والمتمم يجد أنه لم يجرم المخدرات، غير أنه بموجب إصدار الأمر رقم 09-75المؤرخ في فبراير  1975المتضمن قمع الاتجار والاستهلاك المحظورين لمواد سامة، قام المشرع بتحديد عقوبة الجاني في هذا النوع من الجرائم دون الإشارة إلى المواد التي يمكن اعتبارها مخدرات، ليليه بعد ذلك الأمر  79-76أو ما يعرف بقانون الصحة العمومية، فالأمر  140-76والذي تم خلاله تنظيم المواد السامة والمخدرات في جداول وأخضع النشاطات والعمليات المتعلقة بالمواد المخدرة إلى رخص وقيود قصد التحكم في نقلها وتداولها، وتكملة لهذه النصوص كلها، أصدر قرار الصحة العمومية في 1984-07-08 المتعلق بضبط شروط حفظ وتسليم المواد المخدرة، وهذا النص موجه للأطباء والصيادلة. وبتاريخ  1985-02-16صدر القانون رقم  05-85المتعلق بحماية الصحة وترقيتها، ونتيجة لعدم استجابة هذا القانون للتطورات التي عرفتها ظاهرة انتشار المخد ارت ولأنه لم ينص على الجريمة إلا في ثلاث مواد فقط، كما لم يعرف المشرع من خلاله لا المخد ارت ولا المؤث ارت العقلية، بالإضافة إلى أنه لم يفرق بين المستهلك، الناقل، التاجر والمزارع. قام المشرع الجزائري بإصدار القانون  18-04المتضمن الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروعين بها، وقد تضمن هذا القانون 39 مادة، حصر فيها المشرع كافة جرائم المخدرات. 

2. السياسة الوطنية المتبعة لمكافحة جرائم المخدرات

أدرك المشرع الجزائري أن نجاح أي استراتيجية لمكافحة المخدرات لا يجب أن يعتمد على القوانين الردعية فقط، بل يجب اتخاذ إجراءات وقائية بالموازاة مع الإجراءات العقابية للحد من ظاهرة الاتجار غير المشروع، واذا اتبعنا تطور الجهود التشريعية الجزائرية في مجال مكافحة المخدرات نجدها اتخذت اتجاهين:

الاتجاه الأول: هو الوقاية للحيلولة دون انتشار ظاهرة المخدرات.

الاتجاه الثاني: هو تشديد العقاب على جرائم المخدرات.

ان مشكلة المخدرات في الجزائر لم تعـد تشـكل منطقة عبور فحسب بل ومنطقة استهلاك، ويسعى مروجو المخدرات إلى تحويلها إلى منطقة إنتاج، الأمر الذي دفع بالسلطات العمومية الى انشاء لجنتين وطنيتين لمعالجة ملف المخدرات فكانت الأولى سنة  1971والثانية في  .1992وصولا إلى إنشاء الديوان الوطني لمكافحـة المخد ارت وادمانها، والذي جاء تنصيبه رسميا في  02أكتوبر  ،2002وفي  2006نقلت وصايته الى وزارة العدل بمقتضى المرسوم الرئاسي رقم  06-181المؤرخ في  31ماي  ،2006ومن بين مهامه إعداد السياسـة الوطنية واقت ارحها لمكافحة المخد ارت وادمانها في مجال الوقايـة والعـلاج واعـادة الإدماج والقمع والسهر على تطبيقها، واجراء الدراسات والبحوث اللازمة بغية التعمق في معرفة الجوانب المختلفة الظاهرة منها والخفية لآفة المخدرات.

كما بذلت الجزائر وفي إطار سياستها لمكافحة المخدرات شرعت وازرة الصحة والسكان واصلاح المستشفيات منذ سنة  2007بإعداد برنامج على عدة سنوات يهدف لإنجاز  53مركز وسيطي لعلاج المدمنين، و 15مركز لإزالة الإدمان.

أما بالنسبة للتعاون الدولي فقد أبرمت الجزائر والمغرب اتفاقية ثنائية بينهما لمكافحة المخدرات، بالإضافة إلى ذلك هناك تعاون بين الجزائر والدول المجاورة للبحر المتوسط لاسيما فرنسا، اسبانيا، ايطاليا والبرتغال يتجه نحو التعزيز لتسهيل تبادل المعلومات والطرق العملية المتبعة للكشف على شبكات التهريب ولتنسيق نشاط قمعها وتفكيكها .وفي هذا الإطار أنشئت في سنة  2005شبكة للتعاون الأوروبي المتوسطي، هذه الشبكة التي كانت في البداية مكونة من فرنسا وهولندا والجزائر والمغرب، توسعت في الآونة الأخيرة لتضم البلدان التالية بالإضافة للأعضاء السابق ذكرهم، اسبانيا، ايطاليا، البرتغال، لبنان، وتونس. والجدير بالذكر في هذا المقام أن الجزائر غلقت حدودها مع المغرب سنة  ،1994ومع ذلك تكشف الإحصائيات عن تزايد الكميات الكبيرة التي تهرب سنة بعد أخرى.