نظريات الاكتساب اللغوي

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: علم اللغة النفسي
Livre: نظريات الاكتساب اللغوي
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Sunday 22 December 2024, 22:47

1. النظرية السلوكية

   من أهم أعلامها  بورهوس فريدريك سكينر (Burrhus Frederic Skinner) والتي ظهرت في منتصف القرن العشرين ثورة على علم النفس التقليدي، وتنطلق من فرضية أساس، مفادها أن السلوك اللغوي هو سلوك مكتسب بالدرجة الأولى، فاللغة عند الطفل في مراحله الأولى تكتسب من خلال المحيط والبيئة، وهي عبارة عن مجموعة من الصور التي تؤخذ من تقليد الكبار أو عن طريق التكرار.

   وتفترض النظرية السلوكية عامة أنه ينبغي أن تولي الاهتمام بالسلوكيات القابلة للملاحظة والقياس ولا يركزون اهتمامهم على الأبنية العقلية أو العمليات الداخلية التي تولد الأبنية اللغوية والمشكلة الأساسية في هذا المنظور هي أنه نظرا لأن الأنشطة العقلية لا يمكن أن ترى فأنهما لا يمكن أن تعرف أو تقاس، فالسلوكيون لا ينكرون وجود هذه العملية ولكنهم يرون أنه لا يمكن دراسة ما لا يمكن أن تلاحظه ومن ثم فالسلوكيين يبحثون عن السلوكيات الظاهرة التي تحدث مع الأداء اللغوي.

   ويرى السلوكيون أن اللغة شيء يفعله الطفل وليس شيء يملكه الطفل، ويرون كذلك أن اللغة متعلمة  بالتقليد والتعزيز وفقا للمبادئ المستخدمة في تدريب الحيوانات.

   لا شك أن التعزيز والتقليد يلعبان دورا في النمو اللغوي لدى الطفل إلا أنه لا يمكن ال إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليهما بوصفهما التفسير الوحيد لنمو الطفل من الناحية اللغوية.

  والمثال الذي عزز به سكينر آرائه حول النظرية هو نموذج بافلوف وهو:

"En 1890 pavlov fait une expérience avec des chiens:un chien qui salive quand on lui présente de la poudre de viande salivera par réflex dés qu’il entendre le tintemant de la clochette qui était associée à chaque fois qu’on lui présentait la poudre de viande."

     يشير هذا المثال إلى العلاقة الكامنة بين كل من التحفيز S (المثير)، والاستجابة R، ونعبر عن هذه العملية بالرمز: SR.

 

    أدَّت هذه التجربة إلى ظهور ما يسمَّى بعملية الإشراط الكلاسيكي نهاية القرن التاسع عشر، فقد اكتشف "بافلوف" من خلال تجربته أن كلبه يستجيب عبر سيلان لُعابه بمجرد سماعه مثير (الجرس)، والتجربة على الشكل الآتي:

1- إعطاء الكلاب الطعام، وقياس كمية اللعاب.

2- إسماع الكلاب صوتَ جرس معين قبل تقديم الطعام في كل مرة.

3- تَكْرار العملية مدة معية؛ الجرس يعني: الطعام.

3- المرحلة الأخيرة من التجربة: قام "بافلوف" بإسماع صوت الجرس للكلاب دون تقديم الطعام، وكانت النتيجة الطبيعية لذلك سيلان لعاب الكلاب توقُّعًا منها لوجود وجبة الطعام.



2. النظرية الفطرية

  يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الإنسان يولد مزوداً بقدرة على اكتساب اللغة ودليل ذلك وجود عموميات اللغة  Language Universals لدى البشر بغض النظر عن الخلفية اللغوية والجنسية والعرقية والبيئية. كما يعتقد أصحاب هذه النظرية بوجود أجزاء بيولوجية في دماغ الإنسان مسؤولة عن اكتساب مكونات اللغة. ولمزيد من إلقاء الضوء على هذا الاتجاه نعرض فيما يأتي لأهم وجهتي نظر لتشومسكي Chomsky وكراشن Krashen .

 

2.1. نظرية القواعد العمومية لتشومسكي

    يعتقد تشومسكي أن الإنسان يولد مزوداً  بمعرفة لغوية عمومية خاصة به سماها القواعد العمومية. والدليل على وجود هذه القواعد مستمد من مصدرين:

       أ- المصدر النظري Theory-driven وفيه يجادل تشومسكي بضرورة وجود معرفة لغوية كامنة سابقة تفسر سرعة اكتساب اللغة ومنطقية ذلك الاكتساب ضمن أطر ومراحل مضطردة. ويضيف تشومسكي بأن المؤثرات اللغوية الخارجية التي يتعرض لها الإنسان لا تكفي، وغير ملائمة، وحدها لتفسير اكتساب اللغة وتوليدها وفق قواعد اللغة السليمة. وقد تم استخلاص القواعد العمومية بعد دراسة الخصائص اللغوية الخاصة بلغة معينة ولغات أخرى. فهي مبادئ مجردة تقيد استعمال اللغة وتتألف من قواعد خاصة بلغة معينة وقواعد عامة تشترك فيها كل اللغات الإنسانية، ومن الجدير ذكره أنها قواعد بسيطة محددة لكنها تفسر ظواهر لغوية معقدة.

      ب- المصدر التجريبي Data-driven ويهتم هذا المنحى بدراسة البُنى السطحية للغات شتى لتحديد تباين اللغات واختلافها واستخلاص قواعد خاصة وعامة تفسر هذا التباين (Greenberg 1966, 1974).

  ويُلحظ تكامل المصدرين السابقين، حيث إن المصدر التجريبي يدّعم المصدر النظري بنتائج عملية واقعية كما أن الإطار النظري يساعد في تفسير هذه النتائج وفهمها.

        ويمكن للباحث أن يستخلص من هذين المصدرين عدداً من المبادئ العامة تكشف عن نمطية تعلم اللغة واكتسابها وكذلك عن قابلية تعلمها وتدريسها.

2.2. نظرية النموذج الموجه لكراشن

    لقد كانت هذه النظرية أكثر النظريات شيوعاً في السبعينيات والثمانينيات من هذا القرن حيث بدأت في الأصل نموذجاً لدراسة الأداء اللغوي Performance ولكنها تطورت بعد ذلك لتصبح النظرية الشائعة في حينها التي تحاول تفسير اكتساب اللغة وليس مجرد أدائها.

    يعد كراشن التعلم والاكتساب عمليتين مختلفتين؛ حيث إن وظائف التعلم هي التوجيه والتنقيح، وتبدأ عملية التعلم عندما يُطلب إحداث تغيير في شكل الأداء اللغوي بعد إنتاجه Production.

    بينما يُعد الاكتساب مسؤولاً عن توليد Initiate الكلام وطلاقة Fluency المتحدث. وهكذا يُعتقد أن النموذج الموجِّه Monitor Model يُعِدّ المخرجات قبل إنتاج الكلام كتابة أو نطقاً والتي يولدها أساساً النظام اللغوي المكتسب. ولمزيد من توضيح النموذج السابق يمكن القول بوجود نظامين معرفيين منفصلين لدى المتعلم. يُسمى النظام الأول، وهو الأهم، النظام المكتَسب Aqcuired System ويتشكل من قدرات خاصة، بتعلم اللغة، موجودة لدى الإنسان إضافة إلى معرفة لغوية لا شعورية Unconcious مكتسبة من قواعد اللغة المتعلَّمة، أما النظام الثاني فيُدعى النظام المتعلَّم Learned System ويتشكل نتيجة للتدريس والتعليم في المؤسسات التربوية، وهو شعوري مُدرَك Concious، ويقوم بدور المراقب والموجه Monitor للنظام المكتَسب، ولتفعيله يَشترط كراشن ما يأتي: (1) توفر الوقت الكافي لاستعمال قواعد اللغة، (2) التركيز على الشكـل أو سلامـة اللغـة، (3) معرفـة القواعد اللغوية .

 

3. النظرية الجاشطالتية

     ظهرت في العقد الثاني من القرن العشرين في ألمانيا، وترى هذه النظريةُ أن اللغة تُتعلَّم بشكل كلي، وليس بمجموع أجزاء، فالطفل يجب أن يتعلم الكلمات والجمل، ثم الحروف ثانيًا، وليس العكس كما هو شائع.

    إن هذه النظرية تتمحور حول مبدأ: "الكل يسبق الجزء"، فالضرورة تحتم على الموضوع في جملته، وبعد ذلك عرض الأجزاء تلو الأجزاء.

    وتقوم هذه النظرية على مفاهيم متنوعة من قبيل:

    الاستبصار: كلُّ ما يؤدي إلى اكتساب الفهم في كل الأبعاد ومعرفة الترابطات بين الأجزاء وضبطها.

    الدافعية الأصلية: تعزيز التعلم لا يكون مصدره خارجيًّا، بل هو نابع من الداخل.

    الفهم والمعنى: يتحقق التعلم عند تحقق الفهم، الذي هو كشف جميع العلاقات المترابطة بالموضوع، والانتقال من الغموض نحو الوضوح.




4. النظرية البيئية

   وهي التي تفسر اكتساب اللغة وتعلمها على أنه وليد البيئة والتنشئة الاجتماعية؛ حيث ينكر أصحاب هذه النظرية وجود كوامن فطرية مهمتها اكتساب اللغة، ولكنهم يقولون بأن البيئة والعوامل الخارجية هي التي تشكل السلوك اللغوي للإنسان الذي يولد ولديه استعدادات للتعلم كبقية المخلوقات. ويعُدّ أصحاب هذه النظرية اللغة سلوكاً يُكتَسب كأي سلوك آخر. وأبرز مثل على هذه النظريات: المدرسة السلوكية. يعتقد أصحاب هذه المدرسة بأن السلوك اللغوي يتم تعلمه نتيجة توفر مثير يولد استجابة تُعزَّز سلباً أو إيجاباً تبعاً لسلامة الاستجابة اللغوية. يورث التعزيز الإيجابي ديمومة السلوك اللغوي بينما يورث التعزيز السلبي انمحاء هذا السلوك (Skinner, 1957). وقد حاول أصحاب هذا الاتجاه تطوير هذه النظريات بمحاولة تفسير ظاهرة التعليم من خلال ما أسموه بالارتباطات في ما بين أجزاء المثير اللغوي الذي يشكل المدخل اللغوي. إن تكرار هذه العلاقات أو عدمه يقوي أو يضعِّف السلوك اللغوي. وهكذا فإن التعلم في منظورهم هو انعكاس لمدى قوة الارتباطات بين مكونات المدخل اللغوي.

المصادر المعتمدة في هذه المحاضرة: 

- نظريات اكتساب اللغة الثانية وتطبيقاتها التربوية: موسى رشيد حتاملة.

- اكتساب اللغة الثانية وتأثيره على اللغة الثانية: معزوزن سمير.