الاكتساب اللغوي
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | علم اللغة النفسي |
Livre: | الاكتساب اللغوي |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | Sunday 22 December 2024, 23:04 |
1. تعريف الاكتساب اللغوي
تُعَدُّ نظرية اكتساب اللغة وتعلُّمها، من أهم الإشكالات التي عرَفتْها الساحة العلميَّة اللغوية والاجتماعية؛ فقد توسع نطاق اهتمامات علوم اللغة الحديثة، ولم يعد الأمر مقتصرًا على الجوانب النظرية والتحليلية - كما كان في السابق - بل تعدَّاه إلى ظهور علوم تطبيقيَّة تعتمد الملاحظة والتجارِب والتطبيقات الفعَّالة في الواقع المحسوس الملموس، ومن بين هذه الاهتمامات التي شملتها العلوم اللغوية: دراسة نمو الطفل اللغوي، ودراسة مشاكل النطق والتخاطب ومهارات الاتصال اللغوي، وكل الموضوعات التي تربط اللغة بالمجتمع.
ولهذا فيعد اكتساب اللغة من أهم مجالات الدراسة والبحث في علم اللغة النفسي، سواء أكانت اللغة الأم أم اللغة الثانية (الأجنبية)، ولهذا فالاكتساب اللغوي هو الميدان الذي تتضح فيه العلاقة الحقيقية بين علم اللغة وعلم النفس.
ومن البديهي أن الطفل الذي يعيش مرحلة طفولته في بيئة معينة، يكتسب اللغة التي تميزها بشكل طبيعي، فيتلقاها من الوالدين أو من مربيه أو أقرانه، وهذا يعني أن اللغة لا تورث ولا علاقة لها بالأصل أو العرق أو الجنس[1].
واللغة التي ينطق بها تسمى (اللغة الأم)، أو (اللغة الأولى)، وإن اكتسبها قبل غيرها في مرحلة طفولته بشكل طبيعي، وإن لم تكن لغة والديه أو أجداده، ولهذا فيمكن القول إن العربي نسبا لا يعد عربيا لغة إذا لم يكتسب هذه اللغة في طفولته، ومن يكتسب اللغة العربية من بيئتها في طفولته يعد عربيا وإن لم يكن عربي الأصل أوالعرق.
2. مراحل اكتساب اللغة
كان الشائع قديماً أنّ اكتساب الأطفال للّغة يكون عن طريق التّقليد، ولم تُدحَض هذه الفكرة إلّا في منتصف الخمسينات حين أثبت الأخصّائي نوام تشومسكي أنّ الأطفال يبدؤون باكتساب اللّغة عند نمو أجواءٍ معيّنةٍ في أدمغتهم مسؤولةٍ عن اكتساب اللّغة، وأنّه يستحيل على الطّفل أن يكتسب لغته عن طريق تقليده لأمّه، وللأصوات الّتي تُصدرها ما لم تكتمل هذه الأجزاء الدّماغيّة، ودور الأمّ يكمن في هذه العمليّة بتدريب طفلها وتعليمه على نطق الحروف والكلمات عند استعداده النّضجي لذلك.
يمكن تلخيص المدة التي يستغرقها الاكتساب اللغة لدى الطفل
في مرحلتين هما:
2.1. مرحلة ما قبل اللغة
وهي مرحلة تمهيد واستعداد، والتي تشمل بدورها على ثلاثة أطوار وهي: الصراخ، والمناغاة، والتقليد.
. مرحلة الأصوات:
وهذه العملية الصوتية التي تميز الكبار ولكنها لا تحدث للأطفال الصغار بصورة تلقائية، فلا تكتمل في الأسابيع الأولى ولا في الأشهر الأولى من ولادتهم، وإنما تنمو تدريجيا، ويمكن التمييز بين عدد من مراحل اكتساب الأصوات، ونقتصر الذكر على مرحلة الأصراخ ومرحلة المناغاة.
- مرحلة الصراخ:
يبدأ إنتاج الصوت لدى الطفل منذ اللحظة الأولى لولادته حين يصرخ لحظة خروجه من بطن أمه مباشرة، وذلك نتيجة دخول الهواء إلى رئتيه، وهذه العملية هي بداية لما يعرف بمرحلة الصراخ، والتي تختلف حسب درجتها من طفل لآخر، وذلك حسب درجة صحته، وقوة تنفسه، وطبيعة حباله الصوتية.
ويصدر الطفل في هذه المرحلة أصواتا من مخارج الكلام المعهودة عند الكبار بصورة غير مستقلة ولا تحمل معاني واضحة، ولا تعد أصواتا لغوية متميزة، فيصدر أصواتا تسمع أثناء البكاء أوالهمهمة التي تشبه هذيل الحمام.
وتعد هذه المرحلة مهمة للتأسيس والبناء، إذ يتدرب الطفل أثنائها على تحريك أعضاء النطق والتحكم فيها والسيطرة عليها.
- مرحلة المناغاة:
تبدأ مرحلة المناغاة بإصدار الطفل لسلسلة منتظمة من الأصوات المبتورة أو المتتابعة، وتظهر على هيئة مقاطع متماثلة، والتي تتكون إما من صوتين مثل: آا، أو من صامت وصائت، مثل: با، ما، مي...
ولوحظ أن الطفل يبدأ نطق الصوامت تدريجيا إبتداءً من آخر نقطة أو عضو من أعضاء النطق، مثل: الصوامت الشفوية، نحو (با)، و(ما)، واللثوية، نحو، (د)...
- مرحلة التقليد:
بعد اجتياز الطفل لمرحلة المناغاة يحاول تقليد الضجة التي يسمعها من حوله، خاصة ما كان منها صوتا بشريا، وهو يفعل ذلك يخترع كلمات هي من صنعه.
2.2. المرحلة اللغوية
والتي تختصر في ثلاثة أطوار هي:
الأوّل: تعلم الصرف:
لقد تبين من نتائج الدراسات في هذا المجال أن اكتساب الطفل للكلمة لا يبدأ من الحفظ الآلي لشكلها الظاهر، وإنما يعتمد على فهم معناها وإدراك وظائفها الصرفية والتركيبية، ولهذا نجد بعض الأطفال يقعون في بعض الأخطاء المتشابهة رغم أنهم يسمعونها من المحيطين بهم سليمة.
الثاني: تعلم التراكيب النحوية:
من المعروف أن الطفل لا يبدأ إصدار الكلام على هيئة جملة نحوية دفعة واحدة، وإنما يمر بمراحل تبدأ من نطق الكلمة الواحدة، ثم كلمتين، فثلاث كلمات.
الثالث: نطق الجملة الكاملة:
وتتميز هذه المرحلة بنطق الطفل لجمل كاملة وسليمة، تحتوي على مفردات معجمية وأدوات وظيفية، وخاصة الضمائر والأسماء الموصولة، لكنها جمل بسيطة وقصيرة وإن تعددت كلماتها.