تعريف العقد الإداري الإلكتروني

2. خصائص العقد الإداري الإلكتروني

انطلاقا من التعريف أعلاه وبالعودة إلى عناصر العقد الإداري التقليدي التي سبق ذكرها (الإدارة طرف في العقد، اتصال العقد بنشاط المرفق العام، اتباع أسلوب القانون العام في ابرام العقد) نخلص على أن العقد الإداري الالكتروني يتميز بمجوعة من الخصائص التي تميزه عن غيره من عقود القانون العام والخاص، وإن كانت هذه الخصائص مشتركة بين العقد الإداري الالكتروني والعديد من العقود الأخرى ويمكن حصر هذه الخصائص في:

أ-عقد ملزم للطرفين: يعتبر العقد الإداري الالكتروني من العقود الملزمة للطرفين، والتي ترتب التزامات متبادلة، بحيث يقع على عاتق الإدارة في حال ما كانت متلقية الخدمة أن تلتزم بدفع ثمنها والذي يتم غالبا في إطار العقد الإداري الالكتروني عن طريق الدفع الالكتروني، الذي يتناسب مع هذا الشكل من أشكال العقود، وفي المقابل يلتزم الطرف الثاني من العقد المقدم للخدمة للإدارة العامة بالقيام بمهامه التعاقدية وتسليم البضاعة أو الخدمة محل العقد في الزمان والمكان المتفق عليها، وفي هذا الإطار يقسم الفقه العقود الإدارية الالكترونية من حيث مدى ارتباط العقد وتنفيذه من خلال شبكة الانترنت إلى قسمين:

***عقود تبرم وتنفذ بواسطة الشبكة مباشرة، وهي العقود التي يكون محلها غير ملموس، والتي تكون إما مسموعة وإما مرئية، دون إمكان لمسها باليد على نحو ابرام الإدارة العامة لعقد اداري بغرض الحصول على معلومات أو استشارات أو برامج معلوماتية.

***عقود يتم ابرامها من خلال شبكة الانترنت ويتم تنفيذها خارج الشبكة مثل العقود التي يكون الهدف منها الحصول على سلع ملموسة تورد مباشرة للإدارة العامة.       

ب-عقد اتصال عن بعد: تتميز العقود الإدارية الالكترونية بكونها من عقود الاتصال عن بعد أو عقود المسافة، وهي ذات الخاصة التي تتميز بها العقود الالكترونية المتعامل بها في ظل القانون الخاص.

ج-عقد واسع المجال: يتميز العقد الإداري الالكتروني بأنه يزيد من مجال الاختيار أمام الإدارة العامة ويوسعه، بصورة أصبح معها بإمكانية الإدارة العامة استعراض العديد من خيارات واختيارات التعاقد على شاشة جهاز الحاسوب، الامر الذي من شأنه تدعيم مبدأ تكافؤ الفرص أمام المتعاملين المتعاقدين مع الإدارة العامة، ويفتح أمامهم المجال للعرض الواضح والمفصل لكافة منتجاتهم وخدماتهم بحرية دون أي تمييز أو قيود وهو الامر الذي يسمح للإدارة العامة بالاطلاع المفصل والاختيار الدقيق لما يناسبها.

  وعليه فإن العقد الإداري الالكتروني يتميز بطابع خاص يميزه عن العقد الإداري التقليدي وذلك لكونه يخضع للقواعد العامة لعقود القانون الخاص من جهة وقواعد العقود الورقية من جهة أخرى وهو الأمر الذي يجعله يخضع لقواعد خاصة في تسييره وطرق إبرامه.

انطلاقا من هذه الخصائص اكتسب العقد الإداري الالكتروني أهمية كبرى في ظل التطور التقني والتقدم التكنولوجي، وأصبح وسيلة فعالة في يد الإدارات العمومية لتحقيق التنمية الوطنية والمحلية على حد سواء، والاضطلاع بمختلف مهام تقديم الخدمات العمومية، ويمكن حصر هذه الأهمية في:

أ-التغلب على مشاكل البيروقراطية: لما كانت من أهم أهداف تطبيق الإدارة الالكترونية على مستوى الجماعات الإقليمية واداراتها العمومية القضاء على البيروقراطية بمختلف صورها السلبية، فإن العقد الإداري الالكتروني أصبح يشكل وسيلة فعالة لمساعدة الإدارة الالكترونية على تحقيق هذا الهدف، لكونه يساعد الدولة كثيرا في تجاوز البيروقراطية التي تعاني منها إجراءات إبرام العقود الإدارية التقليدية، فاعتماد الإدارة العمومية على الانترنت في أعمالها التعاقدية يقلل كثيرا من الروتين الإداري الذي يعاني منه المتعاملون المتعاقدون مع الإدارات من جهة، كما أنه يسهل ويبسط الإجراءات للإدارات العمومية وموظفيها لكونه لا يستلزم تواجد الموظف في مكتبه وقت ابرام العقد وهو الأمر الذي يقلل كثيرا من الأعباء الوظيفية الملقاة على الموظفين في هذا المجال.

ب-توفير التكلفة المادية على الإدارة: فنشر العطاءات وفق الإجراءات المنصوص عليها في إطار ابرام العقد الإداري في الصحف الورقية وإعادة نشرها لأكثر مرة في كثير من الحالات يكلف الإدارة مبالغ مالية ضخمة في إطار العقد الإداري التقليدي، غلا أن التحول إلى نظام العقد الإداري الالكتروني باستخدام أساليب النشر والاعلان الالكتروني من خلال شبكة الإنترنت يوفر على الإدارة كثيرا تكاليف النشر الورقية، ويفتح أمامها مجال نشر الإعلانات عن نية التعاقد عبر موقعها الالكتروني أو من خلال مواقع حكومية خاصة يتم استحداثها من طرف الدولة لهذا الغرض خصيصا ويبقى الإعلان منشورا على المواقع الالكترونية طيلة صلاحيته دون أي تكلفة مادية.

ج-السرعة والشفافية في القيام بالمعاملات الالكترونية التعاقدية: يفتح التعاقد الالكتروني أمام الإدارة باب إيصال عروضها إلى أكبر عدد من المتعاملين المتعاقدين محليا ودوليا، ويخولهم السرعة في تبادل البيانات حين ابرام العقد بصرف النظر عن مكان تواجدهم وهو الأمر الذي من شأنه توفير الكثير من الوقت والجهد للطرفين، ويسمح بالحصول على المعلومات بكل سهولة ووضوح تجسيدا لمبادئ الشفافية في التعاقد التي ينص عليها القانون الأمر الذي من شأنه التأثير إيجابا على صواب عمليات اتخاذ القرارات ويساهم في اختيار الإدارة العمومية المتعاقدة لمتعاملين متعاقدين أكفاء، علاوة على أنها تساهم بصورة كبيرة في السرعة في اتخاذ القرار لكونها لا تتقيد بوقت ولا مكان معين لإبرام العقود واتخاذ القرارات الإدارية المتصلة بالعقد من طرف الإدارة وهو الأمر الذي يترتب عنه إيجاد حلول للكثير من مشاكل العقود المؤجلة والمعطلة في إطار التعاقد الإداري الورقي.