المبحث الثاني: تكوين عقد الصفقة العمومية
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | الصفقات العمومية |
Livre: | المبحث الثاني: تكوين عقد الصفقة العمومية |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | Saturday 23 November 2024, 07:58 |
Description
يتضمن هذا الملف محتوى المحاضرة الثانية من المقياس، بعنوان تكوين عقد الصفقة العمومية، والمقسم إلى ثلاث مطالب حيث، خصص المطلب الأول لدراسة أول مرحلة من مراحل تكوين عقد الصفقة العمومية وهي مرحلة الابرام، و المطلب الثاني: لدراسة المرحلة الثانية وهي مرحلة تنفيذ العقد، وبطبيعة الحال يرد المطلب الثالث: بعنوان نهاية عقد الصفقة العمومية، وذلك لبيان حالات وكيفيات نهاية هذا العقد بعد تكوينه .
1. المطلب الأول: ابرام عقد الصفقة العمومية
نظّمت أحكام ابرام الصفقات العمومية من خلال المواد الواردة في الفصل الثالث من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، حيث ورد في القسم الاول الأحكام المتعلقة بكيفيات الابرام، وفي الفصل الثالث ما تعلق بإجراءات الابرام، ويتوسطهما القسم الثاني الذي تضمن الاحكام الخاصة بتأهيل المترشحين، بينما كان التحديد التشريعي للمبادئ التي وجب أن تجرى في إطارها عمليات ابرام عقود الصفقات العمومية في المواد الأولى من هذا المرسوم ضمن الأحكام التمهيدية الواردة في المادة الخامسة من مواد الفصل الاول لهذا المرسوم.
1.1. الفرع الاول: مبادئ ابرام عقد الصفقة العمومية
تجد هذه المبادئ أساسها القانوني في المادة الخامسة من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، ، والتي حددتها في المبادئ التالية:
أولا/ مبدأ المساواة بين المترشحين: يقضي هذا المبدأ وجوب احترام الشروط القانونية للتعاقد والالتزام بها على قدم المساواة أمام جميع المتقدمين بعروضهم دون تفرقة، وتلك الشروط تتعلق بالمواعيد والإجراءات الشكلية والشروط الموضوعية التي تحكم بإبرام العقد، فمثلا لا تقبل العروض خارج الآجال القانونية، أو التي لا تستوفي الشروط المطلوبة للتعاقد، وبهذا يكون أي استثناء في التطبيق يرد على قاعدة عامة من القواعد المقررة للتعاقد لا مبرر قانوني له، يعد إخلالا بمبدأ المساواة بين المتقدمين بعروضهم[1].
ثانيا/ مبدأ حرية الوصول للطلبات: وهو المبدأ الذي يتحقق من خلال الدعوى للمنافسة، التي تتم عن طريق النشر والإشهار بكل الوسائل المتاحة، ما يؤدي إلى وصول العرض أو طلب التعاقد إلى عدد أكبر من الناس، وبالتالي توسيع نطاق العرض للعملية العقدية، وتعد الدعوى للمنافسة حسب القواعد التي أرساها الفقه والقضاء و اعتمدها التشريع بفرنسا، من المبادئ الأساسية التي تحكم إبرام العقود الادارية ومنها عقد الصفقة العمومية وعقود تفويض المرفق العام [2].
وقد لازم مبدأ المنافسة تسيير النشاط الاقتصادي، فتعددت التشريعات التي تبنت المبدأ ومنعت الاحتكار تحقيقا للمنافسة المشروعة وحمايتها.
وفي نفس الاطار تم رصد سلطات ضبط تهدف إلى حماية الحرية الاقتصادية من أجل الحفاظ على النظام العام الاقتصادي[3]، وقد ضمن المشرع الجزائري لمبدأ المنافسة حماية قانونية فعالة في قوانين كثيرة، على رأسها قانون الوقاية من الفساد ومكافحته[4].
والمنافسة تنظم عادة بقوانين خاصة تحدد أحكام المنافسة المشروعة وتمنع الاحتكار وهو ما نظمه المشرع الجزائري بموجب القانون رقم03-03، المتعلق بالمنافسة المعدل والمتمم[5].
ثالثا/ مبدأ شفافية الإجراءات: يتحقق مبدأ الشفافية عندما تخضع عملية إبرام العقد للعلانية، هذا من جهة لاسيما خلال تقييم العروض، ومن جهة أخرى إذا كانت شكليات التعاقد وإجراءاته واضحة ومحددة سواء في التشريع والتنظيم الذي يخضع له إبرام عقد الصفقة العمومية بأحكامه العامة أو في الإعلان عن العملية العقدية في حد ذاتها، بما يتضمنه من معلومات كافية ويحدده من شروط وآجال محددة ودقيقة، ومعلومات ضرورية تخص العملية العقدية.
[1] – محمد فؤاد عبد الباسط، العقد الإداري (المقومات - الإجراءات -الآثار)، دار الجامعة الجديدة للنشر، مصر، 2006، ص: 127.
[2] - Alain SERGE, Mescheriakoff, Droit des services publics, presses universitaire de France, 2em édition mise à jour, PARIS, 1991, p:304.
- Martine LOMBARD, Gilles DUMONT, Droit administrative, Dalloz, 8em édition, paris, 2009, p: 278.
- Christophe LAJOYE, Droit des marchés publics, BERTI Edition, Alger, 2007, p: 52
[3] – معين فندي الشناق، الاحتكار والممارسات المقيدة للمنافسة في ضوء قوانين المنافسة والاتفاقيات الدولية، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، 2010، ص: 27.
[4] – أنظر: المادة 09، من القانون، رقم 06-01، المؤرخ في 20 فبراير2006، المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، ج ر عدد14، الصادرة بتاريخ 08 مارس 2006، ص: 04، المعدل والمتمم، بالأمر، رقم 10-05، المؤرخ في 26 غشت 2010، ج ر عدد 50، الصادرة بتاريخ 01 سبتمبر 2010، ص 16، والقانون، رقم 11-15، المؤرخ في 02 غشت 2011، ج ر عدد44، الصادرة بتاريخ 10 غشت 2011، ص: 4.
[5] – أنظر: الأمر، الأمر، رقم 03-03، المؤرخ في 19 يوليو2003، المتعلق بالمنافسة، ج ر عدد 43، صادرة بتاريخ 20 يوليو2003، ص: 25، المعدل والمتمم، بالقانون، رقم 10-05، المؤرخ في 15 أوت 2010، ج ر عدد46، صادرة بتاريخ 18 أوت 2010، ص 10.
1.2. الفرع الثاني: اساليب ابرام عقد الصفقة العمومية
حدد المشرع الجزائري أساليب ابرام عقود الصفقات العمومية في أسلوبين يمثل الاول المبدأ العام في الابرام والوارد باسم طلب العروض، ويمثل الاسلوب الثاني الاستثناء، والمتمثل في إجراء التراضي.
أولا/ طلب العروض المبدأ العام في إبرام عقد الصفقة العمومية: يعرف المشرع الجزائري طلب العروض في الفقرة الأولى من المادة 40، من المرسوم الرئاسي 15-247، بأنه: " إجراء يستهدف الحصول على عروض من عدة متعهدين متنافسين مع تخصيص الصفقة دون مفاوضات للمتعهد الذي يقدم أحسن عرض من حيث المزايا الاقتصادية استنادا إلى معايير اختيار موضوعية تعد قبل اطلاق الاجراء".
أما الفقرة الثانية من المادة 40، فقد حددت حالات عدم جدوى طلب العروض، والملخص في الحالات التالي: عندما لا يتم استلام أي عرض، عندما لا يتم الاعلان عن مطابقة أي عرض لموضوع الصفقة ولمحتوى دفتر الشروط بعد تقييم العروض، وعندما لا يمكن ضمان تمويل الحاجات.
وهنا نشير إلى أن النص المقابل للمادة 40 في تنظيم الصفقات العمومية الملغى رقم10-236، والواردة تحت رقم 26 كان يسمي اجراء طلب العروض بالمناقصة، رغم أن النص الفرنسي للمادة المذكورة يسميها بمعبارة "l’appel d’offres" وهي نفس التسمية الواردة في النص الفرنسي للمادة 40 من التنظيم الحالي المنظم لعقد الصفقة العمومية، وهي الترجمة الأكثر دقة للنص من الفرنسية إلى العربية.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن مصطلح طلب العروض يعتبر أكثر دقة لا سيما مع التعريف التشريعي الوارد لهذا الاجراء والذي يفيد بمنح عقد الصفقة العمومية للمتعهد الذي يقدم أحسن عرض، بدل مصطلح المناقصة، الذي يشير معناه اللغوي إلى اتجاه التعاقد مع المتعهد الذي يقدم أقل سعر، وهو أيضا ما يؤكده على نحو صريح تعريف إجراء المناقصة في أولى التشريعات المنظمة لعقد الصفقة العمومية الملغية، كالمرسوم الرئاسي رقم 82- 145، و الأمر رقم 67-90[1]، رغم أن ما صدر لاحقا من تشريعات تنظم عقد الصفقة العمومية، وإن أبقت على مصطلح المناقصة فإنها أكدت عند تعريفها على ارساء معيار النوعية المعبر عنه بعبارة "أحسن أو أفضل عرض"، بدل معيار السعر المنخفض المستدل عنه بعبارة "أقل ثمن"، كما في المادة 24 من المرسوم التنفيذي 91- 434، والمادة 21 من المرسوم الرئاسي رقم 02- 250، والمادة 26 من المرسوم الرئاسي 10- 236.
أما عن أشكال هذا الاجراء فقد حددها نص المادة 42، في الأشكال التالية:
1- طلب العروض المفتوح: تعرفه المادة 43 بأنه: إجراء يمكن من خلاله أي مترشح مؤهل أن يقدم تعهدا".
2- طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا: تعرفه المادة 44، بأنه: "إجراء يسمح فيه لكل المترشحين الذين تتوفر فيهم بعض الشروط الدنيا المؤهلة التي تحددها المصلحة المتعاقدة مسبقا قبل إطلاق الاجراء بتقديم تعهد، ولا يتم انتقاء قبلي للمترشحين من طرف المصلحة المتعاقدة، وتخص الشروط المؤهلة القدرات التقنية والمالية والمهنية الضرورية لتنفيذ الصفقة وتكون متناسبة مع طبيعة وتعقيد وأهمية المشروع".
3- طلب العروض المحدود: تعرفه المادة 45 بأنه: "إجراء لاستشارة انتقائية يكون المترشحون الذين تم انتقاؤهم الأولي من قبل مدعوين وحدهم لتقديم تعهد، يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تحدد في دفتر الشروط العدد الأقصى للمترشحين الذين ستتم لتقديم تعهد بعد انتقاء أولي بخمسة منهم".
تنفذ المصلحة المتعاقدة الانتقاء الاولي لاختيار المترشحين لاجراء المنافسة عندما يتعلق الامر بالدراسات أو بالعمليات المعقدة أو ذات الاهمية الخاصة، ويجري اللجوء إلى طلب العروض المحدود عند تسلم العروض التقنية إما على مرحلتين طبقا لاحكام المادة 46، وإما على مرحلة واحدة حسب الحالات التي بينتها المادة 45، كما يمكن للمصلحة المتعاقدة القيام باستشارة مباشرة للمتعاملين الاقتصاديين المؤهلين المسجلين في قائمة مفتوحة تعدها المصلحة المتعاقدة على أساس انتقاء أولي بمناسبة انجاز عمليات دراسات أو هندسة مركبة أو ذات أهمية خاصة أو عمليات انتقاء لوازم خاصة ذات طابع تكراري، وفي هذه الحالة يجب تجديد الانتقاء الاولي كل ثلاث سنوات، ويجب أن يتم النص على كيفيات الامتقاء الاولي والاستشارة في إطار طلب العروض المحدود في دفتر الشروط، كما تحدد قائمة المشاريع التي تكون موضوع لطلب العروض المحدود بموجب مقرر من مسؤول الهيئة العمومية أو الوزير المعني، بعد أخذ رأي لجنة الصفقات للهيئة العمومية أو اللجنة القطاعية للصفقات حسب الحالة.
كما حددت المادة 46 بعض الاحكام الخاصة الاضافية، لتنفيذ إجراء طلب العروض المحدود والمتعلقة أساسا بكيفيات أو وسائل دعوة المترشحين ومحتوى العروض المقدمة من طرفهم، وكيفيات تنظيم وسير الاجتماعات التوضيحية مع المترشحين[2].
4- المسابقة: حددت المادة 47 تعريف هذا الاجراء بأنه: "إجراء يضع رجال الفن في منافسة لأختيار بعد أخذ رأي لجنة التحكيم المذكورة في المادة 48 أدناه، مخطط أو مشروع مصمم استجابة لبرنامج أعده صاحب المشروع قصد إنجاز عملية تشتمل على جوانب تقنية أو اقتصادية أو جمالية أو فنية خاصة، قبل منح الصفقة لأحد الفائزين بالمسابقة وتمنح الصفقة بعد المفاوضات للفائز بالمسابقة الذي قدم أحسن عرض من الناحية الاقتصادية، وتلجأ المصلحة المتعاقدة لاعمال هذا الاجراء لاسيما في مجال تهيئة الاقليم والتعمير والهندسة المعمارية والهندسة أو معالجة المعلومات "، والمسابقة حسب نص المادة 48، قد تكون مفتوحة أو محدودة، إلا أن مسابقة الاشراف على الانجاز تكون دائما محدودة وجوبا[3].
نشير هنا إلى أن تنظيم الصفقات الحالي الساري المفعول الصادر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 15-247، قد حذف إجراء "المزايدة" الذي كان مدرجا في ظل التشريعات السابقة المنظمة للصفقات العمومية في الجزائر باعتباره أحد أشكال أو صور "المناقصة" التي تمثل المبدأ العام في ابرام الصفقة العمومية[4].
ثانيا/ أسلوب التراضي: يمثل أسلوب التراضي الاسلوب الاستثنائي في ابرام عقد الصفقة العمومية: وقد عرفته المادة 41، وحددت أشكاله في نصها التالي: "التراضي هم إجراء تخصيص صفقة لمتعامل متعاقد واحد دون الدعوى الشكلية إلى المنافسة، ويمكن أن يكتسي شكل التراضي البسيط أو التراضي بعد الاستشارة، وتنظم هذه الاستشارة بكل الوسائل المكتوبة الملائمة".
وباعتبار أن أسلوب التراضي أسلوب خاص واستثنائي للابرام ، يتم اللجوء إليه دون الدعوى الشكلية للمنافسة، على عكس إجراء طلب العروض، القائم أساسا على الدعوى الشكلية للمنافسة[5]، وذلك بكل ما يحتويه تنفيذ هذا الاجراء من مراحل وما تتضمنه تلك المراحل من شكليات للتعاقد.
يشكل التراضي البسيط القاعدة لاستثنائية لابرام عقود الصفقات العمومية ولا يمكن إعتماده إلا في الحالات الستة (6 حالات)، التي حددتها المادة 49 من هذا المرسوم على سبيل الحصر، ووفقا للشروط والضوابط التي تضمنتها المادة 50، والتي وجب على المصلحة المتعاقدة الالتزام بها واحترامها.
أما التراضي بعد الاستشارة فقد حددت حالاته المادة 51 في خمس (5 حالات) حصرا، في حين حددت المادة 52 التالية لها شروط وضوابط إعمال هذا الاجراء.
[1] - تنص المادة 33 من المرسوم الرئاسي 82- 145، المصدر السابق، على أن المناقصة هي: "إجراء يستهدف منح الصفقة للعارض الذي يطلب أقل الأثمان".
- تنص المادة 32 من الأمر 67-90، المصدر السابق، على أن المناقصة هي: "إجراء يسمح مبنح الصفقة للعارض الذي يقدم أقل ثمن".
[2] - أنظر: نص المادة 46 من المرسوم الرئاسي 15-247، المصدر السابق.
[3] - للتوسع حول الأحكام المنظمة لاجراء المسابقة أنظر: نص المادة 48 من نفس المصدر.
[4] - على سبيل المثال أنظر: المواد: 25، 29، 41 من المرسوم التنفيذي 91- 434، المصدر السابق.
- أنظر : المواد: 23، 27، 39 من المرسوم الرئاسي 02- 250، المصدر السابق.
[5] – مبدأ المنافسة من المبادئ الاساسية الذي يحكم ابرام العقود الادارية المسماة في الجزائر 'عقد الصفقة العمومية وعقود تفويض المرفق العام'، وهو ما أقره المشرع الجزائري في التنظيم المتعلق بالصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام الساري المفعول، بالتوافق مع التشريعات السابقة المنظمة لعقد الصفقة العمومية، في المادة الخامسة منه، أنظر: المادة 5، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق.
- أنظر: سوهيلة فوناس، (عقود تفويض المرفق العام دراسة مقارنة بين التشريع الجزائري والفرنسي)، المجلة الأكاديمية للبحث القانوني، عدد 02، 2014، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، ص:246.
- Alain SERGE, Mescheriakoff, op.cit , p: 304.
1.3. الفرع الثالث: إجراءات ابرام عقد الصفقة العمومية
تتم هذه الاجراءات حسب المراحل الاساسية التالية:
أولا/ مرحلة التحضير للصفقة: تدخل عملية إعداد المشروع ضمن اختصاص المصلحة المتعاقدة وتتمثل هذه العملية في تحديد الحاجيات الأساسية التي تريد المصلحة المتعاقدة تحقيقها من وراء إبرام الصفقة العمومية، وتتم عبر المحطات التالية:
1- تصميم المشروع: تقوم المصلحة المنعاقدة بداية بتحضير التصميم المبدئي للمشروع، ويكون في شكل تصور عام للمشروع تحدد من خلاله العناصر المختلفة الواجب استخدامها لاعداد التصميم التفصيلي للمشروع ولتحديد التكلفة التقديرية له. وبعد مراجعة التصميم التفصيلي واعتماده، يتم إعداد التصميم النهائي للمشروع، والذي يتضمن كافة التفاصيل الجزئية اللازمة لضمان دقة التنفيذ، وكذلك إعداد المواصفات الفنية العامة والخاصة، وجداول الكميات والجدول الزمني المقترح لتنفيذ المشروع والتكلفة التقديرية وشروط الدعوى للعطاء، والشروط العامة والخاصة لعقد التنفيذ[1].
2- عرض الملف للرقابة والتأشير على الصفقة من طرف لجنة الصفقات العمومية المختصة: تسمى لجنة الصفقات العمومية المختصة بالرقابة في هذه المرحلة والتي تدخل ضمن هيئات الرقابة الخارجية القبلية على الصفقات العمومية، بلجنة الصفقات العمومية للمصلحة المتعاقدة، والتي اختلف نطاق اختصاصها وتشكيلتها باختلاف المصالح المتعاقدة التي تمثلها، كما تحددها المواد من 165 إلى غاية 202 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247[2].
تختص لجنة الصفقات العمومية للمصلحة المتعاقدة، باختلاف نطاق اختصاصها الاقليمي والنوعي، حسب نص المادة 169 من المرسوم المذكور، بتقديم مساعدتها في مجال تحضير الصفقات العمومية واتمام تراتيبها[3]، في إطار ما يسمى بالرقابة على مشروع الصفقة، تتوج هذه المرحلة بتأشيرة قبول إبرام الصفقة من طرف لجنة الصفقات وذلك في ظرف خمس وأربعون (45) يوما، ابتداء من تاريخ إيداع الملف الكامل لدى كتابة اللجنة[4].
3- مرحلة إعداد دفتر الشروط والمصادقة عليه: تدخل عملية اعداد دفتر الشروط، ودراسة جميع جوانبه ضمن اجراءت المرحلة التحضيرية، والتي تختتم بالمصادقة على هذه الوثيقة، المسماة دفتر الشروط[5]، أما عن أنواعه فقد حددها المشرع من خلال المادة 26، في الدفاتر التالية:
- دفاتر البنود الإدارية العامة: المطبقة على كل صفقات الأشغال واللوازم والدراسات والخدمات الموافق عليها بموجب مرسوم تنفيذي.
- دفاتر التعليمات المشتركة: التي تحدد الترتيبات التقنية المطبقة على كل الصفقات المتعلقة بنوع واحد من الأشغال واللوازم والدراسات أو الخدمات الموافق عليها بقرار من الوزير المعني.
- دفاتر التعليمات الخاصة: التي تحدد الشروط الخاصة بكل صفقة[6].
ثانيا/ مرحلة الاعلان عن الصفقة: يتم الالتزام وجوبا باجراء الاعلان عن الصفقة، إذا تم التعاقد باتباع أسلوب طلب العروض كمبدأ عام، أو التراضي بعد الاستشارة كاستثناء، وفقا للأحكام المنظمة لهذا الاجراء في تنظيم الصفقات العمومية رقم 15-247، والواردة في المواد التالية:
- المادة 61: التي حددت الحالات التي تلتزم فيها المصلحة المتعاقدة باجراء الاعلان وجوبا وهي: طلب العروض المفتوح، طلب العروض المفتوح مع إشتراط قدرات دنيا، طلب العروض المحدود، المسابقة، التراضي بعد الاستشارة عند الاقتضاء.
- المادة 62: حددت بيانات أو محتوى الاعلان عن طلب العروض، كبيانات الزامية يجب ادراجها في نص الاعلان.
- لمادة 65: حددت هذه الاخيرة شكليات أو كيفيات تحرير الاعلان وشروط نشره.
ثالثا/ مرحلة الإعداد ثم ايداع العروض من طرف المتعهدين: بعد تمكين المصلحة المتعاقدة وجوبا، المتعهدين من دفتر الشروط والوثائق المتعلقة بالصفقة المنصوص عليها في المادة 64 [7]، يقوم المتعهدين باعداد عروضهم[8]، وفقا للشروط المطلوبة والمنصوص عليها في دفتر الشروط، و يتم إيداعها في الأجل المحدد وبالكيفية المبينة في الاعلان.
وقد حدد تنظيم الصفقات العمومية مكونات أو مشتملات العروض، أي ما يجب أن تضمه العروض المقدمة من وثائق، والتي وجب تقديمها في ثلاث مجموعات حسب المادة 67 و تتمثل في: ملف الترشح، العرض التقني، العرض المالي.
كما حدد هذا التنظيم كذلك، حالات الاقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية بموجب المادة 75، الواردة في قسم منفصل تضمن أحكام الاقصاء، والتي تخص 12 حالة.
رابعا/ مرحلة فحص وتقييم العروض: تدخل مهمة فحص العطاءات وتقييم العروض ضمن اختصاص لجان خاصة لضمان الحياد[9]، والمنشاة في إطار الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية في هذه المرحلة من مراحل تكوين عقد الصفقة العمومية، وهو ما أرسته النصوص المنظمة لعقود الصفقات على الدوام، لكن ما يميز التنظيم الساري المفعول هو أنه أقر لجنة وحيدة، مكلفة بعمليتي فتح الاظرفة وتقييم العروض[10]، حددت المواد من 159 إلى 162 من تنظيم الصفقات العمومية الساري المفعول، الاحكام الخاصة بتشكيلها وكيفيات سير جلساتها، مؤكدة على أنها تقوم بعمل ذو طابع إداري وتقني.
أما إختصاصاتها بصفتها لجنة لفتح الأظرفة، ولجنة لتقييم العروض فقد حددتها المواد التالية:
- لمادة 70: منظمة لأحكام تنفيذ عملية فتح الاظرفة، وسير جلساتها حسب كل شكل من أشكال طلب العروض.
- المادة 71: أسندت مهمة فتح الاظرفة للجنة فتح وتقييم العروض، وحددت إختصاصاتها بهذه الصفة بجملة من المهام تتمحور حول: اثبات صحة تسجيل العروض، اعداد قائمة المترشحين و قائمة الوثائق التي تتكون منها عروضهم، تحرير محاضر التحفضات، دعوة المتعهدين عن طريق المصلحة المتعاقدة لاستكمال عروضهم عند الاقتضاء حسب الشروط وفي الحالات المبينة قانون، الإقتراح عند الاقتضاء على المصلحة المتعاقدة بموجب محضر، إعلان حالة عدم جدوى الاجراء، ...
- المادة 72: أسندت مهمة تقييم العروض للجنة فتح وتقييم العروض، وحددت إختصاصتها بهذه الصفة جملة من المهام تتمثل في: إقصاء العروض غير المطابقة حسب الشروط المحددة سلفا، والعمل على تحليل العروض المؤهلة على مرحلتين حيث:
المرحلة الأولى: تقوم فيها اللجنة بالترتيب التقني للعروض، مع تحديد العروض المقصاة وغير المؤهلة تقنيا.
وهنا نشير إلى أن التنظيم الساري المفعول رقم 15-247، قد حدد صراحة أهم الأحكام الخاصة بتأهيل المرشحين والمتعهدين، والتي تضمنتها المواد من 53 إلى غاية 58، الواقعة في القسم الثاني الوارد بعنوان تأهيل المترشحين والمتعهدين، من الفصل الثالث المتعلق بابرام الصفقات العمومية.
المرحلة الثانية: تقوم اللجنة بدراسة العروض المالية للمتعهدين المؤهلين تقنيا، واختيار أحسن عرض بينها بناء على دفتر الشروط من حيث المزايا الاقتصادية كما حددتها المادة 72، وأحكام هذا المرسوم.
كما لللجنة أن تستبعد أو ترفض العرض المقبول إذا ثبتت على المتعهد ممارسات تعسفية، أو كان السعر المقدم منخفض ولا يحوز التبريرات الكافية، أو كان سعرا مبالغا فيه بالنسبة لمرجع الاسعار.
كما حدد نص المادة 72 دائما، أحكاما خاصة بعملية التقييم تتعلق باجراء المسابقة أو طلب العروض المحدود.
وتنظيم الصفقات العمومية الساري المفعول رقم 15-247، حدد كغيره من التشريعات السابقة المنظمة لعقد الصفقة العمومية، معايير اختيار المتعامل المتعاقد في عدد من المواد الواردة في القسم الخامس المعنون بـ/ "إختيار المتعامل المتعاقد": من الفصل الثالث المتعلق "بابرام الصفقات العمومية": لا سيما المادة 78، التي حددت هذه المعايير مؤكدة على أن: معايير اختيار المتعامل المتعقد ووزن كل منها يجب أن تكون مرتبطة بموضوع الصفقة وغير تمييزية، وأن تذكر إجباريا في دفتر الشروط الخاص بالدعوى للمنافسة، كما يجب أن نستند المصلحة المتعاقدة لاختيار أحسن عرض من حيث المزايا الاقتصادية وذلك إما لاعتبارات السعر وحده إذا سمح موضوع الصفقة بذلك، أو لعدة معايير موضوعية كان أولها معيار النوعية والنجاعة وآجال التنفيذ، والقيمة التقنية وغيرهم.
وهنا تجدر الاشارة إلى أن اجراءات إبرام الصفقات العمومية لا تتضمن "إجراء التفاوض"، وهو ما تؤكده المادة 80، من هذا المرسوم التي تنص على أنه: "لا يسمح بأيّ تفاوض مع المتعهدين في إجراء طلب العروض، ويسمح بالتفاوض فقط في الحالات المنصوص عليها في أحكام هذا المرسوم".
والمقصود هنا بحالات التفاوض المنصوص عليها في هذا المرسوم هو التفاوض القائم في إجراء التراضي بعد الاستشارة، و التفاوض عند إبرام عقود تفويض المرفق العام، حيث أجاز المرسوم المشار إليه في نص المادة رقم 15-247، التفاوض فيهما [11].
خامسا/ مرحلة الارساء(المنح المؤقت للصفقة): إن مرحلة إرساء الصفقة أو كما يصطلح عليها بالمنح المؤقت للصفقة هي مرحلة حاسمة من مراحل إبرام الصفقة العمومية بطريقة المناقصة إذ يتم بمقتضاها منح الصفقة مؤقتا أو مبدئيا للعارض أو المتعهد الذي استوفى عرضه الشروط والمعايير الموضوعية المحددة قانونا[12] ، كما يحددها دفتر الشروط.
حيث تصدر المصلحة المتعاقدة قرار المنح المؤقت بناء على رأي لجنة تقييم العروض، والذي يخضع لاجراء النشر حسب المادة 65، وهو ما أكدته كذلك المادة 53.
هذا وتمكن المادة 82، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المتعهد الذي يحتج على قرار المنح المؤقت للصفقة أو إلغائه، أن يرفع طعنا لدى لجنة الصفقات المختصة، وتلتزم المصلحة المتعاقدة بالتبليغ في اعلان المنح المؤقت عن نتائج تقييم العروض التقنية و المالية لحائز الصفقة العمومية مؤقتا، ورقم تعريفه الجبائي عند الاقتضاء، وتشير إلى لجنة الصفقات المختصة بدراسة الطعن ورقم التعريف الجبائي للمصلحة المتعاقدة.
أما عن إجراءات هذا الطعن وآجاله، وآثار هذا الأخير على تبليغ الصفقة وبدأ تنفيذها فقد حددته المادة 82 المذكورة، على نحو مفصل.
وهنا نشير إلى أن تنظيم الصفقات العمومية في المادة 74، قد تناول تنظيم الحالة التي يتنازل فيه، حائز الصفقة العمومية أي "المستفيد من قرار المنح المؤقت"، أو رفض استلام الاشعار بتبليغ الصفقة، فإنه يمكن للمصلحة المتعاقدة مواصلة تقييم العروض الباقية، بعد إلغاءها المنح المؤقت للصفقة، شرط مراعاتها مبدأ حرية المنافسة ومتطلبات اختيار أحسن عرض من حيث المزايا الاقتصادية حسب أحكام المادة 99، من هذا المرسوم، كما تبقي على عرض المتعهد المتنازل عن الصفقة التي منحت له في ترتيب العروض.
سادسا/ مرحلة ابرام العقد: وهي المرحلة التي تختتم بها الاجراءات الشكلية لعملية ابرام عقد الصفقة العمومية، وتسفر نهايتها عن تمام تكوين عقد الصفقة العمومية، كالتزام قانوني مرتبا لآثاره القانونية، وجاهزا للتنفيذ، عن طريق الاجراء المسمى "اعتماد الارساء".
وإعتماد الارساء: هو ما يتمثل في إمضاء الصفقة العمومية مع المتعامل المتعاقد الذي رست عليه الصفقة وصدر لفائدته قرار المنح المؤقت، بعد نهاية الأجل المقرر للطعن في هذا الأخير حفظا لحقوق الغير، أو بعد انتهاء اجراءات الطعن متى ما تم الطعن فيه، حيث تبادر المصلحة المتعاقدة إلى تبليغ المتعامل المتعاقد المستفيد من قرار منح مؤقت بمنحه الصفقة بصفة نهائية استعدادا لابرام العقد، الذي يتم تجهيز بنوده في شكل نص اتفاقية الصفقة، التي يوقع عليها الاطراف ممثلين في المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد بعد حيازتها على تأشيرة لجنة الصفقات المختصة[13].
خلال هذه المرحلة وجب أن نحدد مكونات العقد الاساسية، التي يتشكل منها عقد الصفقة العمومية عند تمام تكوينه، والتي تحتوي على بنود العقد المبرم بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد ولا يمكن للصفقة العمومية أن لا تتضمن هاذين المكونين والمتمثلة في: نص اتفاقية الصفقة العمومية، ودفتر الشروط المتعلق بالصفقة.
كما توجد ملحقات أو وثائق تكمل عقد الصفقة الأصلي، والتي تؤطر الوضعيات الخاصة بالصفقة التي تستجد بعد ابرام العقد، والتي نظمتها نصوص مواد من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، و خصتها بأحكام نوعية، تؤطر وضعيات إعمالها أو حالات ابرامها، مثل مثل تحيين الاسعار التي تتضمنها أو تحدد وتصاغ في وثيقة تسمى بــ/ "ملحق الصفقة"[14]، والاتفاقيات أو العقود الثانوية التي يبرمها المتعامل المتعاقد مع الغير، والمتعلقة بتنفيذ جزء من الصفقة لحسابه، والتي تبرم حسب قانون الصفقات بموجب اتفاق ثانوي يسمى "عقد المناولة"[15].
[1] – فيصل نسيغة ،(النظام القانوني للصفقات العمومية وآليات حمايتها)، مجلة الاجتهاد القضائي، أعمال اليوم الدراسي الأول المرسوم "بقراءة في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته رقم 06-01 " كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة محمد خيضر بسكرة العدد الخامس، 2009، ص117.
[2] – تتمثل هذه اللجان حسب المواد من 165 إلى غاية 202، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق، في: "اللجنة الجهوية للصفقات العمومية، لجنة الصفقات للمؤسسة العمومية الوطنية والهيكل غير الممركز للمؤسسة العمومية الوطنية ذات الطابع الاداري، اللجنة الولائية للصفقات العمومية، اللجنة البلدية للصفقات العمومية، لجنة الصفقات للمؤسسة العمومية المحلية والهيكل غير الممركز للمؤسسة العمومية الوطنية ذات الطابع الاداري الغير مذكورة في القائمة المنصوص عليها في المادة 172 من هذا المرسوم، اللجنة القطاعية للصفقات العمومية، اللجنة أو اللجان الخاصة الموضوعة لدى وزارة الدفاع الوطني والخاصة بالرقابة الخارجية للصفقات التي تبرمها وزارة الدفاع الوطني حصريا".
[3] – تنص المادة 169، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، من نفس المصدر، على أنه: "تحدث لدى كل مصلحة متعاقدة مذكورة في المادة 6 من هذا المرسوم، لجنة للصفقات العمومية تكلف بالرقابة القبلية الخارجية للصفقات العمومية في حدود مستويات الاختصاص المحددة في المادة 184 من هذا المرسوم ".
[4] – أنظر: المادة 189، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، نفس المصدر.
[5]– يقصد بدفتر الشروط: تلك الوثيقة الإدارية التي تقوم المصلحة المتعاقدة بوضعها، والتي تقوم من خلالها بتحديد احتياجاتها أو بالأحرى شروطها التي يجب أن تكون معدة مسبقا وتهدف هذه الدفاتر إلى تبيان شروط المناقصة ومواصفات وأصناف المواد والأعمال المراد التعاقد عليها بصفة وافية ومفصلة ومشروحة شرحا دقيقا، أنظر: هيبة سردوك، المرجع السابق، ص 167.
[6]– أنظر: نسيغة فيصل، المرجع السابق، ص117.
[7]– حيث تلتزم المصلحة المتعاقدة وجوبا، من تمكين المتعهدين من دفتر الشروط والوثائق المتعلقة بالصفقة وذلك إما بوضعها تحت تصرف المتعهدين حيث يمكن سحبها من طرف المترشح أو المتعهد أو ممثله القانوني، أو من طرف الوكيل أو ممثله بالنسبة للمتعهدين المتقدمين في إطار تجمع مؤقت لمؤسسات، ما لم ينص الاتفاق على خلاف ذلك في اتفاقية التجمع، كما يمكن أن ترسل دجفاتر الشروط والوثائق المذكورة للمترشح الذي يطلبها، أنظر: المادة 63، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق.
[8] – يمكن تعريف العطاءات أو التعهدات التي يقدمها المتعهدون على أنها: " العروض التي يتقدم بها الأشخاص في الصفقة والتي يتبين من خلالها الوصف الفني لما يستطيع المتقدم القيام به وفقا للمواصفات المطروحة في الصفقة، وكذلك تحديد السعر الذي يقترحه والذي يرتضي على أساسه إبرام العقد فيما لو رست الصفقة عليه"، أنظر: عمار بوضياف، الصفقات العمومية في الجزائر، المرجع السابق، ص117
[9] – هيبة سردوك، المرجع السابق، ص 116.
[10] – تنص المادة 61، من المرسوم الرئاسي 10-247، المصدر السابق، على أن: "تحدث المصلحة المتعاقدة في إطار الرقابة الداخلية، لجنة دائمة واحدة أو أكثر مكلفة بفتح الأظرفة وتحليل العروض ...، تدعى في صلب النص: لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض، وتتشكل من موظفين مؤهلين تابعين للمصلحة المتعاقدة"
[11]– قارن بين نص المادة 80، والفقرة السادسة من المادة 52، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق، ونص المادتين 35 و40 من المرسوم التنفيذي رقم 18-199، المؤرخ في 02 غشت 2018، ياعلق بتفويض المرفق العام، ج ر عدد 48، صادرة بتاريخ 05 غشت 2018.
[12]– عمار بوضياف، الصفقات العمومية في الجزائر، المرجع السابق، ص 125.
[13]– أنظر على سبيل المثال: المواد 33 و 36 الفقرة الثانية و 74 ، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق.
[14]– أنظر: المواد من 135 إلى غاية 139، من نفس المصدر.
[15]– أنظر: المواد من 140، إلى غاية 144، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق.
2. المطلب الثاني: تنفيذ عقد الصفقة العمومية
بعد استكمال اجراءات ابرام عقد الصفقة العمومية، يدخل حيز التنفيذ بإجراء قانوني، يصدر في شكل قرار إداري يسمى "الأمر بالتنفيذ"، الذي تصدره المصلحة المتعاقدة لفائدة المتعامل المتعاقد، ويتمثل الاثر القانوني المباشر لهذا القرار في بدأ احتساب آجال تنفيذ الصفقة، أو ما يسمى بمدة سريان العقد.
حيث يدخل عقد الصفقة المومية ابتداء من تاريخ صدور هذا القرار، حيز التنفيذ كالتزام قانوني ملزم ومرتبا لاثاره القانونية تجاه أطرافه، والتي نبينها فيما يلي:
2.1. الفرع الاول: أثار العقد بالنسبة للمصلحة المتعاقدة
تتمثل الآثار القانونية التي يرتبها عقد الصفقة العمومية بالنسبة للمصلحة المتعاقدة، في مجموعة الحقوق أو السلطات التي تحوزها في مواجهة المتعامل المتعاقد والمحددة في التالي:
أولا/ سلطة الرقابة: يقصد بسلطة الاشراف والرقابة تحقق الادارة من أن المتعاقد معها يقوم بتنفيذ التزاماته التعاقدة على النحو المتفق عليه [1]، وتثبت هذه السلطة للمصلحة المتعاقدة قانونا دون شرط النص عليها في عقد الصفقة العمومية [2]، وإن كان قانون الصفقات يضع البند المتعلق بكيفيات ممارسة سلطة أو حق الرقابة على الصفقة العمومية ضمن البنود الالزامية، التي وجب أن يتضمنها عقد الصفقة العمومية ودفاتر الشروط المتعلقة بها، كما نجد مظاهر ممارسة المصلحة المتعاقدة لصلاحياتها في الرقابة المالية والاشراف التقني على تنفيذ عقد الصفقة العمومية حسب الشرروط المتفق عليها، باعتبارها سلطة عامة أو طرف ممتاز في العقد، في الكثير من مواد المرسوم الرئاسي رقم 15-247، نذكر مثلا المواد: 88 و 90 و 106 و 153، وغيرها.
كما يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تمارس حقها في الرقابة بصفة مباشرة أو غير مباشرة وذلك بالاستعانة، بالغير، وهو ما تؤكدة المادة 107 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247 [3].
ثانيا/ سلطة التعديل: تعد هذه السلطة أهم مظاهر تميّز العقد الاداري عن غيره من العقود قانون الخاص، التي لا يملك أطرافها سلطة تعديل بنود العقد بالارادة المنفردة، والزام الطرف الآخر المتعاقد معه بهذا التعديل[4]، وهو ما تملكه المصلحة المتعاقدة من سلطة في مواجهة المتعامل المتعاقد في عقد الصفقة العمومية كعقد إداري، ومبررات ذلك دائما المصلحة العامة ومتطلبات حسن سير المرفق العام محل العقد، التي تقتضي التعديل في التزامات المتعامل المتعاقد، سواء بالزيادة أو بالنقصان، وهي غالبا البنود الجديدة التي تتضمنها ملاحق الصفقة، التي حدد تنظيم الصفقات العمومية أحكام تحت اسم الم.
وإن كانت سلطة الادارة أو المصلحة المتعاقدة في التعديل من النظام العام، تثبت لها هي الأخرى دون حاجة للنص عليها في بنود عقد الصفقة العمومية إلا أنها غير مطلقة، وتمارس ضمن شروط محددة يتفق عليها الفقه الاداري في الثلاث شروط التالية:
- أن لا يغير التعديل موضوع العقد: وإلا يصبح المتعامل المتعاقد ملتزم بموجب عقد جديد: وهو ما تؤكده المادة 27 المتعلقة بتحديد حاجات المصلحة المتعاقدة، بنصها، على أنه: "في حالة الحاجات الجديدة يمكن للمصلحة المتعاقدة، إما ابرام ملحق طبقا لاحكام المواد 135-139، من هذا المرسوم أو إطلاق إجراء جديد"، أي الاعلان عن صفقة جديدة
- أن يكون التعديل لاسباب موضوعية تبررها المصلحة العامة: وهو ما تؤكده الاحكام المنظمة لملحق الصفقة العمومية في المرسوم الرئاسي رقم 15-247، في المواد من 135 إلى غاية 139.
- أن يصدر قرار التعديل في حدود القواعد العامة للمشروعية: وهو تحديدا ما يمثله ملحق الصفقة العمومية كوثيقة قانونية، تخضع في تكوينها لشكليات وتمر باجراءات محددة قانونا، وترتبط بصدور قرارات مشروعة من طرف المصلحة المتعاقدة، لتسوية وضعيات التعديل بموجب ملاحق، وهو ما تؤكده صراحة المادة 136، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، في نصها التالي"فأنه يمكن للمصلحة التعاقدة في انتظار انهاء الملحق إصدار أوامر بالخدمة تسمح بالأمر بخدمات إضافية أو تكميلية بأسعار جديدة، ...، ومهما يكن من أمر فإنه يجب على المصلحة المتعاقدة إعداد ملحق وعرضه على دراسة لجنة الصفقات،...، لا يمكن أن تكون الخدمات التي لا تمنح بأوامر الخدمة محل تسوية بملحق ".
ثالثا/ سلطة إنهاء العقد، أو فسخ العقد: لا تتوقف سلطة الادارة العامة عند حد تعديل بنود العقد، بل قد تتعدات إلى وقف تنفيذ العقد وانهاءه قبل استنفاذ مدته، إذا بررت مقتضيات المصلحة العامة ذلك، وهنا سلطة فسخ العقد بالارادة المنفردة للمصلحة المتعاقدة، لا تقع كجزاء على المتعامل المتعاقد، حيث يثبت هذا الحق للمصلحة المتعاقدة في مواجهة المتعامل المتعاقد حتى دون إخلاله بالتزاماته التعاقدية، وهو ما يميز الفسخ في هذه الحالة عن الفسخ الجزائي أو الفسخ كعقوبة.
ذلك أن سبب الفسخ في هذه الحالة هو كما ذكرنا تنفيذا لمقتضيات المصلحة العامة، وهو ما عبر عنه المشرع الجزائري في تنظيم الصفقات العمومية الساري المفعول رقم 15-247 في المادة 150، الواردة في القسم المنظم لأحكام فسخ الصفقة العمومية بالنص الصريح على أنه: "يمكن للمصلحة المتعاقدة القيام بفسخ الصفقة العمومية من جانب واحد عندما يكون مبررا بسبب المصلحة العامة، حتى بدون خطأ من المتعامل المتعاقد".
رابعا/ سلطة توقيع الجزاءات: تقتضي ممارسة سلطة الاشراف والرقابة أن تمكن المصلحة المتعاقدة من حق أو ممارسة سلطة توقيع الجزاءات، كسلطة ردعية تمنحها القوة والامتياز الكافي لجبر المتعامل المتعاقد على الامتثال لأوامرها الرقابية، وتنفيذ التزاماته التعاقدية وفقا لتوجيهاتها، بموجب جزاءات إدارية تملك سلطة تسليطها عليه مباشرة دون حاجتها في اللجوء للقضاء[5]، بصفتها سلطة عامة وليست طرف متعاقد، وهذه الجزاءات تتنوع بين الجزاءات المالية، و وسائل ضغط.
- الجزاءات المالية: تخص هذه الجزاءات الجانب المالي في الصفقة، تؤثر في الوضع المالي للمتعامل المتعاقد، ومن أمثلتها: الغرامات التي تطبق على المتعامل المتعاقد إذا لم ينفذ التزاماته التعاقدية في الآجال المحددة، "كغرامة التأخير" [6]، أو إذا تم التنفيذ على خلاف ما اتفق عليه، وهو ما يسمى بالتنفيذ غير المطابق، وهنا تطبق المصلحة المتعاقدة غرامة مالية على المتعامل المتطابق وهي مصادرة مبلغ الضمان، أو ما يسمى "بكفالة حسن التنفيذ" [7].
- وسائل الضغط: تخص أو تشمل هذه الوسائل كل التدابير والاجراءات الادارية التي تتخذها المصلحة المتعاقدة في حق المتعامل المتعاقد دون المساس بمركزه المالي، وتعتبر من الوسائل أو الآليات المتبعة للضغط على المتعامل المتعاقد، بما قد تحمله من التزامات اضافية ترهق كاهله كإجراء "التنفيذ على حساب المتعامل المتعاقد"، أو بما لها من تأثير معنوي على وضع المتعامل المتعاقد في الوسط الاقتصادي ومجال نشاطه، أو "كتوجيه الاعذارات"، وكإجراء "التسجيل في قائمة المتعاملين الاقتصاديين الممنوعين من المشاركة في الصفقات العمومية .".، الذي يتبع إجراء الفسخ، إذا تم هذا الاخير نتيجة لثبوت وضعية فساد إداري في عملية الابرام التي أسفرت عن منح الصفقة للمتعامل المتعاقد ثبت عدم نزاهته.
يعد "الفسخ الجزائي للعقد" أشد العقوبات الادارية التي تملك المصلحة المتعاقدة تسليطها على المتعامل المتعاقد، إذا ما أخل بالتزاماته التعاقدية إخلال جسيم، ولخطورة هذا الاجراء أو العقوبة التي يترتب عنها انهاء عقد الصفقة العمومية قبل أوانه، فقد نظم المرسوم الرئاسي رقم 15-247، أحكامه، في اربع مواد، تضمنها قسم مستقل، هو القسم العاشر الوارد تحت عنوان "الفسخ".
[1]– عمار بوضياف، الصفقات العمومية في الجزائر، المرجع السابق، ص 142.
[2]– حيث تجد هذه السلطة أساسها القانوني في فكرة المرفق العام وليست الشروط التعاقدية، وهنا يبرز الفرق الواضح بين عقد الصفقة العمومية كعقد الاداري وبين العقود المدني، الذي لا يخول سلطة لأحد المتعاقدين إلى إذا نصت عليه بنود العقد صراحة، أو قررها القانون، أنظر: عمار بوضياف، نفس المرجع ص 142 -143.
[3]– تنص المادة 107 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق، على أن: "....، يعد الاعوان المؤهلون للقيام بالمراقبة المذكورة أعلاه، بموجب مقرر من مسؤول الهيئة العمومية أو الوزير أو الوالي المعني، الذين يمكنهم الاستعانة بمستخدمين لا يخضعون إلى سلطتهم".
[4]– عمار بوضياف، الصفقات العمومية في الجزائر، المرجع السابق، ص 145.
[5]– أنظر: رشا محمد جعفر الهاشمي، الرقابة القضائية على سلطة الإدارة في فرض الجزاءات على المتعاقد معها دراسة مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، ط1، لبنان، 2010، ص: 20.
[6] – غرامة التأخير: نظرا لأهمية الآجال في مجال الصفقات العامومية فإن التأخير في التنفيذ، يستلزم تسليط جزاء مالي على المتعاقد المخل بآجال الصفقة المتفق عليها لتنفيذ الخدمات محل التعاقد، وهو ما يطبق عليه غرامة مالية سميت بغرامة التأخير، لارتباطها بتأخر تنفيذ الالتزامات المتعاقد عليها، أنظر: عمار بوضياف، الصفقات العمومية في الجزائر، المرجع السابق، ص 152.
[7] – الضمنات بصفة عامة، هي أحد العناصر المالية التي تتضمنها الصفقة العمومية والتي لأهميتها أولاها المشرع الجزائري الاهتمام الكافي بأن نظم أحكامها في تنظيم الصفقات العمومية مفردا لها قسم خاص، هو القسم الرابع الوارد بنفس العنوان "الضمانات"، والمتضمن 10 مواد تؤطر هذا البند من بنود الصفقات العمومية، أنظر: المواد من 124-133، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق.
- أما كفالة حسن التنفيذ: وهي أحد أهم أو أشهر أنواع مبالغ الضمان المنصوص عليها في التشريعات المنظمة للصفقات العمومية، مبلغ مالي يلزم المتعامل المتعاقد(صاحب العرض المقبول)، بوضعه تحت تصرف المصلحة المتعقدة، تضمن به عدم اخلال المتعامل المتعاقد معها بشروط تنفيذه الصفقة العمومية الممنوحة له، وذلك تحت طائلة مصادرتها مبلغ الكفالة بطريقة التنفيذ المباشر دون حاجتها باللجوء إلى القضاء،أنظر: هيبة سردوك، المرجع السابق، ص 180.
2.2. الفرع الثاني: أثار العقد بالنسبة للمتعامل المتعاقد
تتلخص الاثار القانونية لعقد الصفقة العمومية بالنسبة للمتعامل المتعاقد، فيما يحمله العقد من اتزامات وما يمنحه من حقوق، والتي نبيّنها فيما يلي:
أولا / حقوق المتعامل المتعاقد: يثبت عقد الصفقة العمومية للمتعامل المتعاقد في مواجهة المصلحة المتعاقد ةمجموعة من الحقوق تأخذ في مجملها طبيعة واحدة هي الطبيعة المالية، وتتمثل في:
1- حق قبض المقابل المالي للعقد: أول ما يثبت للمتعامل المتعاقد من حقوق هو: قبض المقابل المالي لتنفيذه التزاماته التعاقدية وفق المواصفات والشروط المتفق عليها، ولأهمية هذا الحق وصلته بالمال العام والخزينة العمومية فقد فصلت فيه على الدوام النصوص القانونية المنظمة للصفقات العمومية تحت مسمى كيفيات الدفع، وهو ما نظمه المرسوم الرئاسي رقم 15-247، في المواد التي تضمنها قسم مستقل خاص بهذا الحق، في 15 مادة القسم هو الثالث، الوارد تحت عنوان: "كيفيات الدفع"، محددا في المادة الاولى منها رقم 108، تلك الكيفيات بالنص على أنه: "تتم التسوية المالية للصفقة بدفع التسبيقات[1]، أو الدفع على الحساب[2]، أو بالتسويات على رصيد الحساب[3] ".
أما عن كيفيات حساب هذا المقابل المالي فقد حددته المواد الواردة في القسم الثاني المنظم لبند الاسعار، في المادة 96، التي تنص على أن أجر المتعامل المتعاقد يدفع بإحدى الكيفيات التالية: بالسعر الاجمالي و الجزافي، أو بناء على قائمة سعر الوحدة، بناء على النفقات المراقبة، أو بسعر مختلط.
أما المادة 97، فقد أكدت على أن سعر الصفقة قابل للتحيين، كما يمكن أن يكون ثابتا أو قابلا للمراجعة، مع وجوب تحديد صيغ المراجعة المذكورة ضمن الشروط القانونية التي يحددها هذا المرسوم.
2- الحق في التعويض: يثبت هذا الحق للمتعامل المتعاقد طبقا للمبادئ العامة المقررة في القانون المدني، حيث يجوز للمتعامل المتعاقد طبقا لتلك المبادئ مطالبة المصلحة المتعاقدة بالتعويض إذا تسببت في إحداث ضرر له[4]، وكذلك الحال إذا اخلت المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها التعاقدية تجاه المتعامل المتعاقد، فإن لهذا الأخير الحق في مطالبتها بالتعويض، وفي كل الحالات وجب على المتعامل المتعاقد أن يلجأ للقضاء المختص، وأن يثبت إما خطأ الادارة، أو تجاوزها وخرقها لأحد بنود العقد عند المطالبة بالتعويض، سواء كان الخرق صريح أو لحقه ضرر جراء تحميلها إياه، أعباء إضافية أو مطالبته القيام بأعمال ثانوية، وغيرها من الحالات الموجبة للتعويض[5].
3- حق اعادة التوازن المالي للعقد: قد يحدث أثناء تنفيذ الصفقة العمومية أحداث أو وقائع من شأنها إرهاق المتعامل المتعاقد، وتؤثر بشدة على مركزه المالي، وهو الوضع الذي يثبت له إعادة التوازن المالي للعقد، ومبدأ إعادة التوازن المالي للعقد، أساسه نظريات قضائية من وضع مجلس الدولة الفرنسي، كرستها التشريعات كمبادئ راسخة تحكم تنفيذ العقد الإداري[6]، يعود سبب اقرارها إلى أن المتعامل المتعاقد مُلزم في كل الحالات بالوفاء بالتزاماته التعاقدية ومواصلة تنفيذ الصفقة العمومية تحت أي ظرف، وهو الامر الذي يستحيل تحقيقه عمليا في بعض الحالات، أو أنه يسفر عن افلاس المتعامل المتعاقد وتوقف انجاز المشروع محل الصفقة العمومية، وبالتالي خرق مبدأ سير المرفق العام[7]، وهو ما تضمنه المصلحة المتعاقدة باعتبارها سلطة عامة تضمن سير المرفق العام بانتظام واطراد، وهو ما يجعلها بالضرورة، ملزمة باعادة التوازن المالي للعقد، باعتبارها تبقى المسؤولة الأولى عن استمرارية خدماته المقدمة لجمهور المنتفعين كونها الشخص القانوني المكلف قانونا بتلك المهمة[8].
ويثبت حق اعادة التوازن المالي للعقد لصالح المتعامل المتعاقد، عند حدوث إختلال في اقتصاديات العقد سواء كان مرد هذا الاختلال بعض أعمال الإدارة التي تمارسها المصلحة المتعاقدة، وهنا يثبت للمتعامل المتعاقد حق اعادة التوازن المالي للعقد باعمال "نظرية فعل الأمير"، أو رُدَ ذلك الاختلال إلى ظرف طارئ أو إلى قوة قاهرة، وعندها يتم التعويض في هذه الحالة بالاستناد إلى نظريتي "القوة القاهرة" أو"الظروف الطارئة[9]".
ثانيا/ التزامات المتعامل المتعاقد: يحمّل عقد الصفقة العمومية المتعامل المتعاقد الالتزامات التالية:
1- واجب الأداء الشخصي للخدمة موضوع العقد: عقد الصفقة العمومية هو التزام شخصي فلا يجوز للمتعامل المتعاقد أن يعهد للغير بموضوع الصفقة الممنوحة له، إلا بوجود نص يرخص له ذلك، وهو ما تؤكده النصوص المنظمة لعقود الصفقات العمومية، وهو أيضا ما أقره المرسوم الرئاسي رقم 15-247، محددا الحالة التي يرخص فيها للمتعامل المتعاقد بالاستعانة بالغير لتنفيذ بعض التزاماته التعاقدية المتعلقة بموضوع الصفقة العمومية، مؤكدا على أن لا يتعدى ما نسبته 40% من اجمالي مبلغ الصفقة، وأن يتم التعاقد الثانوي وفقا للشكل المحدد في هذا المرسوم باسم "عقد المناولة"، ووفقا للظوابط والشروط المنظمة لهذا العقد كما حددتها نصوص المواد الواردة في القسم السادس، المعنون بــ/ "المناولة"[10]، والسابق بيانها.
2- واجب أداء الخدمة موضوع العقد حسب الكيفيات المتفق عليها وفي الآجال المحددة: وذلك حسب ما تحدده دفاتر الشروط، من ضمانات مالية ومتطلبات تقنية، شكلت في الاساس المقياس أو المرجع الذي اعتمده المتعامل المتعاقد لاعداد عرضه، الذي أهله محتواه المالي والتقني، لنيل الصفقة خلال مرحلة الابرام، وعليه وجب الالتزام خلال مرحلة التنفيذ، بتنفيذ الصفقة وفق ما ابرمت عليه من شروط، وما اتفق عليه الاطراف من آجال، وإذا ما استجدت ظروف حالت دون الالتزام التام بما اتفق عليه الاطراف عند الابرام، وبررت تعديل بعض شروط التنفيذ، يتم ذلك وفقا لاجراء قانوني نظمه قانون الصفقات العمومية، تحت اسم "ملحق الصفقة"، كما سبق بيانه.
3- الالتزام بدفع مبلغ الضمان: يُلتزم المتعامل المتعاقد حسب تنظيم الصفقات العمومية، وقبل مطالبته بحقه في التسبيقات، بدجفع مبلغ الضمان المتفق عليه كإحتياط مالي يوضع تحت تصرف المصلحة المتعاقدة، والتي يمكنها مصادرته في الحالات المحددة قانونا[11].
[1] – التسبيقات: هو كل مبلغ يدفع قبل تنفيذ الخدمات موضوع العقد، وبدون مقابل للتنفيذ المادي للخدمة، وقد تسمى التسبيقات حسب الحالة إما جزافية أو على التموين أنظر: المادتين: 109 و 111، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق.
[2] – الدفع على الحساب: هو كل دفع تقوم به المصلحة المتعاقدة مقابل تنفيذ جزئي لموضوع الصفقة، أنظر: المادة 109، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، نفس المصدر.
[3] – التسوية على رصيد الحساب: هو الدفع المؤقت أو النهائي للسعر المنصوص عليه في الصفقة بعد التنفيذ الكامل والمرضي لموضوعها، أنظر: نفس المصدر.
[4]– عمار بوضياف، الصفقات العمومية في الجزائر، المرجع السابق، ص 165.
[5]– أنظر: عمار بوضياف، الصفقات العمومية في الجزائر، المرجع السابق، ص 166.
[6] – Rachid ZOUAIMIA, Droit Administratif, Edition : BERTI, Alger , 2009, p p : 188-190.
[7]– عمار بوضياف، الصفقات العمومية في الجزائر، المرجع السابق، ص 167.
[8] - Rachid ZOUAIMIA, Droit Administratif, op.cit , p: 220.
[9]– للتوسع حول: نظرية فعل الامير، ونظرية القوة القاهرة، ونظرية الظروف الطارئة، من حيث مضمون كل نظرية وشروط إعمالها، راجع: عمار بوضياف، المرجع السابق، ص ص: 167- 174.
[10] – أنظر: المواد من 140 إلى 144، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق.
[11]– عمار بوضياف، الصفقات العمومية في الجزائر، المرجع السابق، ص 176.
3. المطلب الثالث: نهاية عقد الصفقة العمومية
عقد الصفقة العمومية كرابطة عقدية مؤقتة تسري لمدة محددة لابد له من نهاية، والتي تتحقق كمبدأ عام في الحالة العادية بعد استنفاذ مدة العقد، وهو الأصل، إلا أنه في حالات كثيرة ينتهي عقد الصفقة العمومية قبل استنفاذ مدته، وهي ما تسمى بالنهاية غير العادية أو المبسترة لعقد الصفقة العمومية.
3.1. الفرع الأول: النهاية العادية لعقد الصفقة العمومية
تتحقق النهاية العادية لعقد الصفقة العمومية في الحالتين التاليتين:
أولا: بتنفيذ محتوى الالتزام أي موضوع الصفقة العمومية: ينتهي عقد الصفقة العمومية نهاية عادية بتنفيذ موضوع العقد، فتنحل الرابطة العقدية تلقائيا بوفاء كل طرف بالتزاماته المتفق عليها، إلا أنه في الحالة التي يأخذ فيها عقد الصفقة العمومية شكل "صفقة الاشغال"، ترتبط النهاية الطبيعة للعقد بأحكام خاصة حددها تنظيم الصفقات العمومية، حيث تبقى مسؤولية المتعامل المتعاقد صاحب المشروع قائمة حتى بعد وفاءه بكامل التزاماته وتسليمه المشروع جاهزا للمصلحة المتعاقدة، وهو ما نصت عليه المادة 108 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، في بيان مسؤولية المتعامل المتعاقد صاحب المشروع، والتي تنص على أنه: لا يترتب على دفع ما يحتمل من تسبيقات أو دفع على الحساب أي أثر من شأنه أن يخفف مسؤولية المتعامل المتعاقد من حيث التنفيذ الكامل والمطابق والوفي للخدمات المتعاقد عليه".
أما عن تسليم المشروع في حال "صفقة الاشغال" فإننا نميز بين مرحلة التسليم المؤقت للمشروع، ومرحلة التسليم النهائي للمشروع، على النحو التالي:
مرحلة التسليم المؤقت: يقوم المتعامل المتعاقد بعد نهاية الاشغال بتسليم المشروع للمصلحة المتعاقدة، التي تحتفظ في هذا الوقت بمبلغ الضمان حتى يتم التأكد من حسن تنفيذ الصفقة طبقا للاتفاق المبرم، وتثبت واقعة التسليم بموجب محضر تسليم مؤقت للمشروع.
مرحلة التسليم النهائي: في حال تسجيل المصلحة المتعاقدة لتحفظات عى كيفية التنفيذ خلال مرحلة التسليم المؤقت لمشروع الصفقة العمومية، يتولى المتعامل المتعاقد الاستجابة لمتطلبات التنفيذ المطابق لبنود العقد، والامتثال لملاحظات المصلحة المتعاقدة حول تنفيذ الصفقة، وبعد رفع التحفظات يسلم المتعامل المتعاقد المشروع نهائيا للمصلحة المتعاقدة، والتي تقوم بدورها برد اقتطاعات الضمان وشطب الكفالات، "بكفالة حسن التنفبذ"، كما سبق بيانها.
ثانيا/ باستنفاذ مدة العقد: وهي المدة المتفق عليها عند الابرام كأجل قانوني لتنفيذ عقد الصفقة العمومية والتي يبدأ سريانها من تاريخ إصدار المصلحة المتعاقدة للأمر ببدأ الأشغال لفائدة المتعامل المتعاقد.
3.2. الفرع الثاني: النهاية غير العادية لعقد الصفقة العمومية
تتحقق النهاية العادية لعقد الصفقة العمومية في الحالتين التاليتين:
أولا: بتنفيذ محتوى الالتزام أي موضوع الصفقة العمومية: ينتهي عقد الصفقة العمومية نهاية عادية بتنفيذ موضوع العقد، فتنحل الرابطة العقدية تلقائيا بوفاء كل طرف بالتزاماته المتفق عليها، إلا أنه في الحالة التي يأخذ فيها عقد الصفقة العمومية شكل "صفقة الاشغال"، ترتبط النهاية الطبيعة للعقد بأحكام خاصة حددها تنظيم الصفقات العمومية، حيث تبقى مسؤولية المتعامل المتعاقد صاحب المشروع قائمة حتى بعد وفاءه بكامل التزاماته وتسليمه المشروع جاهزا للمصلحة المتعاقدة، وهو ما نصت عليه المادة 108 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، في بيان مسؤولية المتعامل المتعاقد صاحب المشروع، والتي تنص على أنه: لا يترتب على دفع ما يحتمل من تسبيقات أو دفع على الحساب أي أثر من شأنه أن يخفف مسؤولية المتعامل المتعاقد من حيث التنفيذ الكامل والمطابق والوفي للخدمات المتعاقد عليه".
أما عن تسليم المشروع في حال "صفقة الاشغال" فإننا نميز بين مرحلة التسليم المؤقت للمشروع، ومرحلة التسليم النهائي للمشروع، على النحو التالي:
مرحلة التسليم المؤقت: يقوم المتعامل المتعاقد بعد نهاية الاشغال بتسليم المشروع للمصلحة المتعاقدة، التي تحتفظ في هذا الوقت بمبلغ الضمان حتى يتم التأكد من حسن تنفيذ الصفقة طبقا للاتفاق المبرم، وتثبت واقعة التسليم بموجب محضر تسليم مؤقت للمشروع.
مرحلة التسليم النهائي: في حال تسجيل المصلحة المتعاقدة لتحفظات عى كيفية التنفيذ خلال مرحلة التسليم المؤقت لمشروع الصفقة العمومية، يتولى المتعامل المتعاقد الاستجابة لمتطلبات التنفيذ المطابق لبنود العقد، والامتثال لملاحظات المصلحة المتعاقدة حول تنفيذ الصفقة، وبعد رفع التحفظات يسلم المتعامل المتعاقد المشروع نهائيا للمصلحة المتعاقدة، والتي تقوم بدورها برد اقتطاعات الضمان وشطب الكفالات، "بكفالة حسن التنفبذ"، كما سبق بيانها.
ثانيا/ باستنفاذ مدة العقد: وهي المدة المتفق عليها عند الابرام كأجل قانوني لتنفيذ عقد الصفقة العمومية والتي يبدأ سريانها من تاريخ إصدار المصلحة المتعاقدة للأمر ببدأ الأشغال لفائدة المتعامل المتعاقد.