مراحل تشكيل مفهوم الجمهور

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: دراسات جمهور وسائل الإعلام
Livre: مراحل تشكيل مفهوم الجمهور
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Friday 22 November 2024, 14:57

1. مرحلة ماقبل ظهور وسائل الإعلام

كانت فكرة الجمهور في أصلها تعني هؤلاء الذين يقبلون على عرض درامي أو أي استعراض عام يستقطب عددا من الناس، وكان هذا الجمهور يتصف بعدة مميزات إذ أن جميع أفراده معروفين بذواتهم ومحددين في الزمان والمكان، ذلك أنهم سكان المدينة أو قرية ما وكان تجمعهم لتشكيل جمهور العبادة أو المسرح أو الملعب أو السوق، وكان الانضمام إلى هذا الجمهور بحكم العادة ووفقا للمراتب والمراكز الاجتماعية، وتشرف عليه سلطة دينية أو روحية أو إدارية حيث كان يجلس سيد القبيلة في الأول، ثم تأتي حاشيته ثم النبلاء وحتى تصل إلى عامة الناس، وقد أضفت تلك السلطات على الجمهور طابع مؤسسة تفرض سلوكيات جماعية معينة.

العديد من الخصائص لازالت قائمة في المفهوم السائد في الاستعمالات الراهنة للجمهور مع بعض التعديلات والتغييرات الشكلية في الترتيب والأهمية.

2. مرحلة ظهور وسائل الإعلام الجماهيرية

قسمت هذه المرحلة إلى أربعة مراحل مهمة ساهمت في إضافة عناصر جوهرية وإدخال تعديلات شكلية على عدة خصائص في الجمهور ويتجلى ذلك فيما يلي:

2.1. المرحلة الأولى

تعتبر أهم مرحلة في تاريخ وسائل الإعلام الجماهيري والتي تنعكس على تشكيل مفهوم الجمهور بشكل ما، وهذا بعد اختراع الطباعة في القرن 15م على يد الألماني "غوتنبرغ"، ذلك الذي أدى إلى ظهور جمهور القراء بفضل التمكن من إصدار النشريات والمطبوعات بما فيها الصحف وتوزيعها على نطاق واسع مما كان عليه الحال سابقا، وقد أوجد هذا التطور النوعي تقسيما اجتماعيا واقتصاديا كان معروفا في الأسبق بين الأغنياء والفقراء والحضر والبدو وساعد هذا التطور على تكوين مفهوم أولي لما يعرف حاليا بالجمهور العام كفكرة أو رأي يربط بين عدد غير محدود من أناس يوجدون ضمن السكان ويختلفون عن عامة الناس تبعا لاهتماماتهم ومستوى ترتيبهم وتنظيماتهم الدينية أو السياسية أو الفكرية.

2.2. المرحلة الثانية

التطور التاريخي الثاني الذي كان له تأثير يكيف في تشكيل الجمهور هو الإفرازات الاجتماعية والثورة الصناعية التي أعطت دفعا قويا للطباعة مما ساهم في تنمية وتسويق الصحافة خاصة الصحافة الشعبية أو الموجهة إلى أفراد المجتمعات الجماهيرية الجديدة التي نمت حول المدن الصناعية الكبرى المكونة خاصة من شتات المهاجرين الذين تنقلوا من الأرياف التي تسودها الروابط العائلية والصلات الاجتماعية إلى المدن والمجتمعات الحديثة التي تتميز بالتباين بين أفرادها لغياب قيم ثقافية وتقاليد وأعراف اجتماعية مشتركة ،في هذه المرحلة التاريخية بدأت الصحافة تتخذ شكلها الجماهيري الذي لا زال يلازم وسائل الإعلام والاتصال إلى الوقت الراهن مع بعض التعديلات الشكلية.

2.3. المرحلة الثالثة

من العوامل الأساسية التي ساهمت في تشكيل مفهوم الجمهور ورسم معالمه الحديثة ظهور وسائل الإعلام الحديثة من إذاعة وتلفيزيون، إذ أصبح الجمهور غير محدد في المكان حيث باعد البث الإذاعي والتلفزي بين أفراد الجمهور من جهة وبين المرسل أو القائم بالاتصال من جهة أخرى، فظهر شكلان جديدان من أشكال الجمهور هما: جمهور المستمعين وجمهور المشاهدين اللذين لم تعد الأمة والحواجز الطبيعية تحولان دون تعرضهم للرسائل الإعلامية كما كان الشأن بالنسبة للصحافة المكتوبة

2.4. المرحلة الرابعة

ويتمثل العنصر التاريخي في اعتناق النظريات الديمقراطية السياسية التي تعتبر وسائل الإعلام وحريتها أحد أهم مظاهرها، فقد انعكس تطبيق الأفكار الديمقراطية في أنظمة الحكم على مهام ووظائف وسائل الإعلام وعلى الرقابة السياسية والاجتماعية ومبادئ الوصول إليها والمشاركة فيها كما انعكس على وعي المجتمع ككل بأهمية الإعلام ودوره في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، فلم يعد الجمهور مجرد قراء للصحف ومستمعي إذاعات ومشاهدي تلفزيونات وإنما في نفس الوقت يتضمن ناخبون ومستهلكون للسلع والخدمات حيث ظهرت مصطلحات لها علاقة وطيدة بالجمهور مثل: جمهور الناخبين، جمهور السوق، جمهور الكتاب...

إن هذه المراحل الأربعة التي ذكرناها لا تعني أن تطور مفهوم الجمهور قد توقف عند هذا الحد، وإنما لا تزال هناك تطورات في هذا المفهوم مع تطور تكنولوجيات الاتصال ، حيث بدأت تظهر بعض المصطلحات التي ترتبط بتقنية الانترنت مثل جمهور الواب، جمهور على الخط، ...الخ.( عيساني، 2016/2017، ص ص 3،2)