المبحث الأول: مفهوم الصفقات العمومية

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: الصفقات العمومية
Livre: المبحث الأول: مفهوم الصفقات العمومية
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Wednesday 24 April 2024, 14:30

Description

يتضمن هذا الملف محتوى المحاضرة الاولى من المقياس، بعنوان مفهوم الصفقات العمومية، والمقسم إلى ثلاث مطالب حيث نحدد في المطلب الأول التعريف التشريعي للصفقات العمومية ونحدد في المطلب الثاني طبيعتها القانونية، أما في الثالث فنحدد أنواع الصفقات العمومية.    

1. المطلب الاول: التعريف التشريعي للصفقات العمومية

تناول المشرع الجزائري تعريف الصفقات العمومية في التشريعات التي نظمت الصفقات العمومية، سواء التشريع الساري المفعول أو التشريعات السابقة، وذلك من خلال المواد التالية:

1.1. الفرع الأول: التعريف التشريعي للصفقة العمومية في قانون الصفقات الستري المفعول

ورد تعريف الصفقة العمومية في المادة الثانية من تنظيم الصفقات العمومية الساري المفعول الصادر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 15-247، بالصيغة التالية:  " الصفقات العمومية هي عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به، تبرم بمقابل مع متعاملين اقتصاديين وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم، لتلبية حاجات المصلحة المتعاقدة في مجال الأشغال واللوازم، والخدمات والدراسات "، و تقابلها في النص القديم المادة الرابعة مع إضافة عبارات : "... بمقابل ... لتلبية  حاجات المصلحة المتعاقدة ".

1.2. الفرع الثاني: التعريف التشريعي للصفقات العمومية في قوانين الملغية المنظمة للصفقة

ورد تعريف الصفقات العمومية في مختلف القوانين المنظمة للصفقات العمومية والتي أصدرها المشرع الجزائري سواء في شكل أوامر أو مراسيم تنفيذية و رئاسية حيث تضمنتها المواد التالية:

أولا/  المادة الأولى من الأمر 67- 90 المؤرخ في 17 جوان 1967 المتضمن قانون الصفقات العمومية، وتنص على أن "الصفقات العمومية هي عقود مكتوبة تبرمها الدولة أو العمالات أو البلديات أو المؤسسات أو المكاتب العمومية قصد انجاز أشغال أو توريدات أو خدمات ضمن الشروط المنصوص عليها في هذا القانون" [1].

ثانيا/  المادة الرابعة من المرسوم 82- 145 المؤرخ في 10 أفريل 1982 المنظم للصفقات العمومية التي يبرمها المتعامل العمومي، وتنص على أن صفقات المتعامل العمومي هي عقود مكتوبة حسب مفهوم التشريع الساري على العقود ومبرمة وفق الشروط الواردة في هذا المرسوم قصد انجاز الأشغال أو اقتناء المواد والخدمات [2].

ثالثا/  المادة الثالثة من المرسوم التنفيذي رقم 91- 343 المؤرخ في 09 نوفمبر 1991 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية، التي تنص على أن عقود مكتوبة حسب التشريع الساري على العقود ومبرمة وفق الشروط الواردة في هذا المرسوم قصد انجاز الأشغال واقتناء المواد والخدمات لحساب المصلحة المتعاقدة[3].

رابعا/  المادة الثالثة من المرسوم الرئاسي رقم 02- 250 المعدل والمتمم المؤرخ في 24 جويلية 2002 والمتضمن تنظيم الصفقات العمومية، وتنص على أن الصفقات العمومية عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به، تبرم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم، قصد انجاز الأشغال واقتناء المواد والخدمات والدراسات، لحساب المصلحة المتعاقدة [4].

 خامسا/ المادة الرابعة من المرسوم الرئاسي رقم 10-236 المؤرخ في 07 أكتوبر 2010، والمتضمن تنظيم الصفقات العمومية، وتنص على أن الصفقات العمومية عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به، تبرم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم، قصد انجاز الأشغال واقتناء اللوازم والخدمات والدراسات، لحساب المصلحة المتعاقدة [5].



[1] - أنظر: المادة 01 من الأمر 67- 90 المؤرخ في 17 جوان 1967 المتضمن قانون الصفقات العمومية، الجريدة الرسمية رقم 52.

[2]  - أنظر: المادة الرابعة من المرسوم 82- 145 المؤرخ في 10 أفريل 1982 المنظم للصفقات العمومية التي يبرمها المتعامل العمومي، ج ر عدد 15.

[3]  -  أنظر: المادة الثالثة 91- 343 المؤرخ في 09 نوفمبر 1991 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية، ج ر عدد 57.

[4]  - أنظر: المادة الثالثة من المرسوم الرئاسي رقم 02- 250 المعدل والمتمم المؤرخ في 24 جويلية 2002 والمتضمن تنظيم الصفقات العمومية، ج ر عدد 52، صادرة بتاريخ 28 يوليو 2002.

[5]  - أنظر: المادة  الرابعة من المرسوم الرئاسي 10- 236 المؤرخ في 07 أكتوبر 2010 والمتضمن تنظيم الصفقات العمومية، ج ر عدد 58، صادرة بتاريخ  07 أكتوبر 2010.

2. المطلب الثاني: الطبيعة القانونية للصفقات العمومية

بالاستناد لنص المتضمن التعريف التشريعي للصفقة العمومية تتحدد طبيعتها القانونية باعتبارها عقد، والذي حدد المشرع الجزائري بموجب النص المتضمن تعريف هذا الاخير المعايير التشريعية لقيامه كعقد اداري من عقود القانون العام، وهو ما نبيّنه في الفرعين التاليين من هذا المطلب.

2.1. الفرع الأول: الخاصية العقدية للصفقات العمومية

أول ما ميز به المشرع الجزائري الصفقات العمومية عند تعريفها، أنها عقود مكتوبة فكان التكييف القانوني للصفقة بأنها عقد، تكييف صريح من قبل المشرع محددا من خلاله خصائص هذا العقد في الخصائص التالية:

أولا/ الصفقات العمومية عقود مكتوبة: وهو ما حدده المشرع الجزائري صراحة عند تعريفه الصفقات العمومية بأنها عقود مكتوبة.

ثانيا/ الصفقات العمومية عقود إدارية: تكيّف عقود الصفقات العمومية باعتبارها عقود إدارية أحد طرفيها شخص من أشخاص القانون العام، حدده تنظيم الصفقات العمومية تحت مسمى "المصلحة المتعاقدة".

ثالثا/ الصفقات العمومية عقود تبرم بمقابل مع متعاملين اقتصاديين: بمفهوم المخالفة لا تعد صفقة عمومية ما يبرم بين اشخاص القانون العام، فيما بينهم من عقود، وهو ما حددته صراحة المادة السابعة من المرسوم الرئاسي 15-247، المتضمنة الاستثناءات الواردة على نطاق تطبيق قانون الصفقات العمومية[1]

رابعا/ الصفقات العمومية عقود تبرم وفقا لشروط خاصة حددها التنظيم المتعلق بالصفقات العمومية: وهو ما يتلخص في الشروط والاجراءات والكيفيات الخاصة لابرام الصفقات العمومية، وهو أيضا ما يؤكده صراحة نص المادة الثانية المتضمنة تعريف الصفقة العمومية بأنها تبرم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم...".

خامسا/ الصفقات العمومية عقود تبرم لتلبية حاجات المصلحة المتعاقدة في مجالات محددة في القانون: وهو ما يضفي الطبيعة الخاصة والنوعية لموضوع عقود الصفقات العمومية، باعتبارها عقود إدارية مسماة محددة المجالات منها من حددها تشريع الصفقات العمومية بنص خاص، ومنها من حددتها بعض النصوص العامة كقانون البلدية والولاية، وهو ما سنفصل فيه عند تحديدنا لأنواع الصفقات العمومية في المطلب التالي.    



[1]  - أنظر: المادة السابعة من المرسوم الرئاسي 15- 247 المؤرخ في 16 سبتمبر 2015 والمتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، ج ر عدد 50، صادرة بتاريخ 20 سبتمبر 2015.

2.2. الفرع الثاني: المعايير التشريعية لقيام عقد الصفقة العمومية

بالعودة إلى نص المادة 02 من المرسوم الرئاسي رقم 15 247- يمكننا أن نحدد معايير قيام عقد الصفقة العمومية في أربع معايير أساسية وهي: المعيار العضوي، المعيار الشكلي، المعيار الموضوعي، المعيار المالي [1].

أولا/ المعيار العضوي: يتمثل الشرط أو المعيار العضوي لقيام عقد الصفقة العمومية في وجوب أن يكون احد أطراف العقد شخصا من أشخاص القانون العام، والمصطلح على تسميته حسب تنظيم الصفقات العمومية "بالمصلحة المتعاقدة"، والمحددة حصريا حسب نفس النص في أشخاص القانون العام التالية:

الإدارات العمومية، الهيئات الوطنية المستقلة، الجماعات المحلية (البلديات و الولايات)، المؤسسات العمومية الخاضعة للتشريع الذي يحكم النشاط التجاري عندما تكلف بانجاز عمليات بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة أو الجماعات المحلية[2]، حيث تتعاقد المصلحة المتعاقدة كشخص من أشخاص القانون العام في إطار الصفقة العمومية مع شخص أو عدة أشخاص من القانون الخاص[3]، كطرف ثاني في عقد الصفقة العمومية والمسمى حسب تنظيم الصفقات العمومية بالمتعامل المتعاقد.

هذا وقد حدد المشرع الجزائري بصريح النص الاستثناءات الواردة على تطبيق المعيار العضوي، في نص المادة السابعة من المرسوم الرئاسي رقم 15-247[4].

ثانيا/ المعيار الشكلي: يقصد بالمعيار الشكلي هو وجوب خضوع العقد لشكليات خاصة، واجراءات وآجال محددة قانونا، وهو ما يتلخص عموما في شرط الكتابة، وما يسطره القانون من بنود الزامية وجب أن يتضمنها العقد الاداري، ؤبالنظر في أحكام تنظيم الصفقات العمومية الجزائري نجده يعرف عقد الصفقة العمومية ويحدد أول خصائصها باعتبارها عقود مكتوبة.

 وهو ما تسطره باقي مواد المرسوم رقم 15-247، بالتوافق مع نص المادة المتضمنة التعريف، محددة مكونات عقد الصفقة العمومية، والبنود الالزامية والتعاقدية الواجب أن يتضمنها العقد، بالاضافة إلى التحديد الدقيق لإجراءات وأساليب الابرام والتأكيد على إحترام آجال وشكليات ابرام العقد والرقابة على تنفيذه[5]، ورغم إرساء المشرع الجزائري لمعيار الكتابة في مختلف قوانين الصفقات العمومية إلا أنه أورد استثناء على القاعدة العامة وهو مايؤكده نص المادة 12 من المرسوم الرئاسي 15-247 الوارد فيه أنه:

 "... في حالة الاستعجال الملح المهدد بخطر داهم يتعرض له ملك  .... تجسد في الميدان ....ولا يسعه التكيف مع آجال إجراءات إبرام الصفقات العمومية، بشرط أنه لم يكن في وسع المصلحة المتعاقدة توقع الظروف المسببة لحالات الاستعجال، أو أن لا تكون نتيجة مناورات للمماطلة من طرفها، يمكن لمسؤول الهيئة المعنية أو الوزير، أو الوالي أو رئيس البلدية المعني، يرخص بموجب مقرر معلل بالشروع في بداية تنفيذ الخدمات قبل إبرام الصفقة، يجب أن تقتصر على ما هو ضروري فقط، وترسل نسخة من المقرر إلى الوزير المكلف بالمالية وإلى مجلس المحاسبة، ويجب أن تقتصر هذه الخدمات على ما هو ضروري فقط لمواجهة الظروف، وعندما لا يسمح الاستعجال الملح باعداد الصفقة قبل الشروع في بداية تنفيذ الخدمات يثبت اتفاق الطرفين عن طريق تبادل الرسائل، ومهما يكن من أمر لابد من ابرام صفقة عمومية على سبيل التسوية خلافا لأحكام المادة  3 أعلاه خلال ستتة أشهر ابتداء من تاريخ التوقيع على المقرر المذكور أعلاه إذا كانت العملية تفوق المبالغ المذكورة في الفقرة الاولى من المادة 13 أعلاه، وعرضها على الهيئة المختصة بالرقابة الخارجية على الصفقات العمومية".

 إذن، بتحليل نص المادة يتضح لنا أن المشرع قد جعل القاعدة العامة في التنفيذ أن يكون عملية لاحقة على الإبرام حيث أن هذا الأخير مرهون بالكتابة أو صياغة العقد، إلا أنه استثناءا منح ترخيصا للمصلحة المتعاقدة بتنفيذ العقد قبل إبرامه وعلق الأمر على ترخيص يمنح من مسؤول الهيئة المعنية أو الوزير، أو الوالي أو رئيس البلدية المعني، وبموجب مقرر معلل إذ يحتوي هذا الأخير على جملة من الأسباب التي تصوغ اللجوء للتنفيذ قبل مباشرة عملية الإبرام.

ثالثا/ المعيار الموضوعي:  يقصد بالمعيار المادي أو الموضوعي الالتزام بموضوع العقد، أو محل الصفقة العمومية، وهو موضوع الخدمة التي يقدمها المتعاقد المتعاقد للمصلحة المتعاقدة،  ولا يقصد به موضوع أو محل الالتزامات كما هو وارد في القانون الخاص[6]، ويشمل موضوع الصفقات العمومية حصريا، الأشغال، التوريد، الدراسات والخدمات، وبحكم أن الإدارة تبرم عقودا كثيرة، فلا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار جميع ما تبرمه من عقود مختلفة بمثابة عقود إدارية، بحيث أن الشرط الأساسي لاعتبار العقد إداريا هو أن تسلك الإدارة فيه طريق القانون العام، لذلك كان لزاما علينا إبعاد جملة من العقود التي تبرمها الإدارات العمومية وعدم إطلاق وصف الصفقة العمومية عليها ومن أمثلتها: عقود التأمين، عقود النقل وغيرها من العقود الخاصة.

 ولمعرفة موضوع الصفقة العمومية فما علينا سوى الرجوع إلى النصوص التشريعية كون الصفقات العمومية هي عقود إدارية محددة الموضوع بموجب القانون، وهو ما نصت عليه المادة 01 من الأمر 67- 90 قد ذكرت كل من عقد انجاز الأشغال، التوريدات والخدمات على أنها صفقات عامة ، في حين أشارت المادة 04 من المرسوم رقم 82- 145 إلى عقود انجاز الأشغال، اقتناء المواد والخدمات وهي نفس الصفقات المشار إليها في المادة 03 من المرسوم التنفيذي رقم 91- 434، في حين نجد أن المرسوم الرئاسي رقم 02- 250 المعدل والمتمم إضافة إلى ذكره لعقود الأشغال، التوريد والخدمات فإنه أضاف عقود الدراسات كنوع من أنواع الصفقات العمومية وهو نفس المنهج الذي انتهجه المرسوم الرئاسي رقم 10- 236[7]، والمرسوم الحالي الساري المفعول رقم 15-247[8].

وهنا تجدر الاشارة إلى أن أنواع الصفقات من حيث الموضوع يتعدى الاربع أنواع التي حددتها المواد السابقة، وذلك لأن موضوع الخدمات في الصفقة العمومية ورد شاملا فمجال الخدمات واسع ومنه من نص عليه تنظيم الصفقات العمومية كخدمات خاصة كما في نص المادة 24، والمادة 25، في شكل صفقة طلبات، ومنها ما يندرج ضمن نص المادة 29، باعتباره يخرج عن موضوع صفقات الاشغال واللوازم والخدمات، وهو ما تؤكده المطة الأخير من المادة 29 دائما، والتي تنص على أنه: "تهدف الصفقة العمومية للخدمات المبرمة مع متعهد خدمات إلى تقديم خدمات، وهي صفقة عمومية تختلف عن صفقات الاشغال واللوازم والدراسات".

رابعا/ المعيار المالي: أو العتبة المالية: إن ارتباط الصفقات العمومية بالخزينة العامة يستلزم ضبط حد مالي أدنى لاعتبار العقد صفقة عمومية، تخضع لقواعد وأحكام تنظيم الصفقات العمومية، ذلك لأنه من غير المعقول إلزام جهة الإدارة على التعاقد بموجب أحكام قانون الصفقات العمومية في كل الحالات وأيا كانت قيمة مبلغ الصفقة، وذلك لما ينطوي عليه إبرام الصفقة من مراحل مختلفة وإجراءات معقدة، وعليه فإنه من غير المنطقي أن تخضع المصلحة المتعاقدة في كل عقودها لهذا النظام المعقد من التعاقد.

 ولذلك وضع المشرع عتبة مالية محددة للجوء إلى إبرام صفقة عامة، إذ تلزم المصلحة المتعاقدة بإجراء صفقة عامة متى فاق مقدار العقد المراد إبرامه قيمة مالية محددة قانونا تختلف اختلاف موضوع الصفقة، وهي كالتالي كل صفقة عمومية يساوي فيها المبلغ التقديري لحاجات المصلحة المتعاقدة:

-  اثني عشر دينار جزائري (12.000.000 دج) أو يقل عنه للأشغال أو اللوازم.

-   وستة ملايين دينار جزائري (6.000.000)، للدراسات أو الخدمات، لا تقتضي وجوبا إبرام صفقة عمومية وفق الاجراءات الشكلية المنصوص عليها في الباب الأول من تنظيم الصفقات العمومية الصادر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 15-247[9].



[1]  - أنظر: المادة الثانية، من المرسوم الرئاسي 15- 247، المصدر السابق.

[2]  - أنظر: المادة السادسة من نفس المصدر.

[3]  -  وبمفهوم المخالفة لنص المادة السادسة، لا تعد صفقة عمومية العقود المبرمة بين أشخاص القانون العام المحددة في نص المادة المذكورة باسم المصلحة المتعاقدة مع بعضها البعض، وهو ما حدده المشرع الجزائري، في شكل استنثناء يرد على تطبيق النص المذكور بنصه الصريح في المطة الاولى من المادة السابعة الموالية على أنه لا تخضع لأحكام هذا الباب العقود الآتية: - المبرمة من طرف الهيئات والادارات العمومية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الاداريفيما بينها.

[4]  - أنظر: نص المادة السابعة، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق.

[5]   -  لعل سر اشتراط الكتابة والتأكيد عليها في القانون الجزائري، يعود لسببين رئيسيين هما: إن الصفقات العمومية هي أداة لتنفيذ مخططات التنمية الوطنية والمحلية وأداة لتنفيذ مختلف البرامج الاستثمارية لذا وجب أن تكون مكتوبة، إن الصفقات العمومية تحمل أعبائها المالية الخزينة العامة، فالمبالغ الضخمة التي تصرف بعنوان الصفقات العمومية لجهاز مركزي أو مرفقي أو محلي أو هيئة وطنية مستقلة تتحمل أعبائها الخزينة العامة ولذلك وجب أن تكون مكتوبة، أنظر: عمار بوضياف،الصفقات العمومية في الجزائر، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2007، ص 54.

[6]  - قدوج حمامة،عملية إبرام الصفقات العمومية في القانون الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ، 2006 ص 105.

[7]  - أنظر: المادة 13 من المرسوم الرئاسي رقم 10- 236، المصدر السابق.

[8]  - أنظر: المادة 29 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق.

[9]   - أنظر: نص المادة 13، من المرسوم الرئاسي 15-247، المصدر السابق.

3. المطلب الثالث: أنواع الصفقات العمومية

يتم تصنيف الصفقات العمومية بالاستناد إلى مجموعة من المعايير أو الاسس، تتعلق بموضوع الصفقة، أو طبيعتها أو نطاقها أو تسميّتها التشريعية بموجب قوانينها المنظمة، وهو ما يطرح مجموعات أو فئآت مختلفة تضم كل منها أشكال معينة من الصفقات العمومية، نحددها في الانواع التالية:   

3.1. الفرع الأول: أنواع الصفقات العمومية حسب معيار موضوع

حددت هذا النوع من الصفقات المادة 29 من المرسوم الرئاسي 15-217 في الصفقات التالية:

أولا/ صفقة إنجاز الاشغال: تهدف الصفقة العمومية للأشغال إلى انجاز منشأة، أو أشغال بناء أو هندسة مدنية من طرف مقاول في ظل إحترام الحاجات التي تحددها المصلحة المتعاقدة صاحبة المشروع وتعتبر المنشأة مجموعة من أشغال البناء أو الهندسة المدنية التي تستوفي نتيجتها، وتشمل الصفقة العمومية للأشغال بناء أو تجديد أو صيانة أو تأهيل أو تهيئة أو ترميم أو إصلاح أو تدعيم أو هدم منشأة أو جزء منها، بما في ذلك التجهيزات المرتبطة بها الضرورية لاستغلالها[1].

يعتبر هذا النوع من أهم عقود الصفقات العمومية من حيث الاعتمادات المالية التي ترصد له بهدف التجهيز مثل بناء السدود أو الجامعات أو الطرق، توصيل قنوات المياه الصالحة للشرب وكذا توصيل الأعمدة الكهربائية [2].

ثانيا/ صفقة اقتناء اللوازم: تهدف الصفقة العمومية لللوازم إلى اقتناء أو ايجار أو بيع بالايجار بخيار أو بدون خيار الشراء من طرف المصلحة المتعاقدة، لعتاد أو مواد مهما كان شكلها موجهة لتلبية الحاجات المتصلة بنشاطها لدى مورد، وإذا أرفق الايجار بتقديم خدمة فإن الصفقة العمومية تكون صفقة خدمات.

 كما يمكن أن تشمل الصفقة العمومية لللوازم مواد تجهيز منشآت انتاجية كاملة غير جديدة والتي تكون مدة عملها مضمونة أو مجددة الضمان[3].

 وفي نفس المعنى ولكن بصياغة مختلفة عرف الفقه الإداري صفقة اقتناء اللوازم بأنها: " اتفاق بين الإدارة وأحد الأشخاص ( المورد) بقصد تموينها وتزويدها باحتياجاتها من المنقولات، وهذا لقاء مقابل تلزم بدفعه وبقصد تحقيق مصلحة عامة" [4].

ثالثا/ صفقة انجاز الدراسات: تشمل الصفقة العمومية للدراسات عند إبرام صفقة أشغال لاسيما مهمات المراقبة التقنية أو الجيوتقنية والاشراف على إانجاز الأشغال ومساعدة صاحب المشروع، وتحتوي الصفقة العمومية للاشراف على الانجاز في إطار إنجاز منشأة أو مشروع حضري أو مناضر طبيعية، تنفيذ المهام الآتية على الخصوص:

-    دراسة أولية أو التشخيص أو الرسم المبدئي.

-    دراسة مشاريع تمهيدية موجزة ومفصلة.

-     دراسة المشروع.

-    دراسة التنفيذ أو عندما يقوم بها المقاول تأشيرتها.

-    مساعدة صاحب المشروع في إبرام وإدارة تنفيذ صفقة الأشغال، أو تنظيم وتنسيق وتوجيه الورشة  واستلام الأشغال[5].

رابعا/ صفقة تقديم الخدمات: تهدف الصفقة العمومية للخدمات المبرمة مع متعهد خدمات إلى انجاز تقديم خدمات، وهي صفقة عمومية تختلف عن صفقات الاشغال أواللوازم أو الدراسات[6].

أما الفقه الاداري فيعرف صفقة تقديم الخدمات بأنها: 'اتفاق بين الإدارة المتعاقدة وشخص آخر (طبيعي، معنوي) قصد توفير خدمة معينة للإدارة المتعاقدة، تتعلق بتسيير المرفق نظير مقابل مالي"[7].



[1]   - أنظر: الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 29، نفس المصدر .

[2]   -  نصر الشريف عبد الحميد، العقود الإدارية في التشريع الجزائري، مذكرة تخرج من المعهد الوطني للقضاء، الدفعة 12، 2001- 2004.

- في تعريف صفقة الاشغال العمومية لدى الفقه أنظر: عبد العزيز عبد المنعم خليفة، الأسس العامة للعقود الإدارية، منشأة المعارف، مصر، 2004، ص 46.

- هيبة سردوك، المناقصة العامة كطريقة للتعاقد الإداري، مكتبة الوفاء القانونية، مصر، 2009، ص 26.

[3]   - أنظر: الفقرتين السادسة والتاسعة من المادة 29، من المرسوم الرئاسي 15-247، المصدر السابق.

[4]   - أنظر: عمار بوضياف،الصفقات العمومية في الجزائر، المرجع السابق، ص 80.

-  للتوسع راجع:  ماجد راغب الحلو، العقود الإدارية، دار الجامعة الجديدة، 2008، ص 191.

- أنظر: هيبة سردوك، المرجع السابق، ص 26.

-أنظر:  ناصر لباد، القانون الإداري، الجزء الثاني، ب د ن، ب س ن ، ص 407.

[5]   - أنظر: الفقرتين الحادية عشر والثانية عشر، من المادة 29، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق .

[6]   - أنظر: الفقرة الأخيرة، من المادة 29، نفس المصدر .

[7]   - أنظر: محمد الصغير بعلي، العقود الإدارية، دار العلوم، عنابة- الجزائر، 2005، ص 23.

3.2. الفرع الثاني: أنواع الصفقات حسب معيار التسمية التشريعية الخاصة

وهو ما نصت عليه المادة 32 من المرسوم الرئاسي 15-247، في نصها التالي: "يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تلجأ حسب الحالة إلى إبرام عقود برنامج أو صفقات طلبات كلية أو جزئية طبقا للتنظيم المعمول به".

أولا/ عقد البرنامج: تم تنظيم عقد البرنامج باعتباره نوع من أنواع الصفقات العمومية المسماة بنص تشريعي، في المرسوم الرئاسي المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام رقم 15-247 بموجب المادة 33[1]، وعقد البرنامج حسب هذه الأخيرة يكتسي شكل "اتفاقية سنوية أو متعددة السنوات تكون مرجعا، ويمكن أن لا توافق السنة المالية، ويتم تنفيذها من خلال صفقات تطبيقية تبرم وفقا لأحكام هذا المرسوم، و لا يمكن أن تتجاوز مدة عقد البرنامج خمس سنوات"، في حين يبرم عقد البرنامج مع المؤسسات الخاضعة للقانون الجزائري، المؤهلة والمصنفة بصفة قانونية، ويمكن أن يبرم هذا العقد أيضا مع المتعاملين الأجانب الذين تتوفر لديهم ضمانات تقنية ومالية.

ثانيا/ صفقة الطلبات: تم تنظيم صفقة الطلبية في المرسوم الرئاسي المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام من خلال المادة 34 [2]، التي حددت مدتها بسنة واحدة قابلة للتجديد، ولا يمكن أن تتجاوز صفقة الطلبات الخمس سنوات، كما حددت نفس المادة أيضا مشتملات هذه الصفقة، و كيفيات تشكيل وسير مجموعة الطلبات.

ثالثا/ صفقة الاشراف على المشروع المنتدب: وهي ما نص عليها المرسوم الرئاسي رقم 15-247، ضمن الاحكام الواردة في المادة .



[1]   - أنظر: المادة 33، المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق .

[2]   - أنظر: المادة 34، نفس المصدر .

3.3. الفرع الثالث: أنواع الصفقات العمومية حسب معيار طبيعة الصفقة

أولا/ الصفقة الكلية: حسب المادة 35 الفقرة الاخيرة فإنه يمكن استثناء للمصلحة المتعاقدة أن تعهد لمتعامل متعاقد واحد في إطار صفقة إجمالية بمهمة تتضمن في آن واحد إعداد الدراسات وانجاز الأشغال، شرط تعيين لجنة تحكيم لابداء رأيها حول إختيار المشروع، أو صفقة دراسة وانجاز واستغلال أو إلى صفقة انجاز واستغلال أو صيانة، عندما تبرر أسباب تقنية أو اقتصادية ذلك، في شكل صفقة إجمالية، حيث تحدد قائمة المشاريع التي يمكن أن تكون موضوع صفقة إجمالية بموجب؛ مقرر من مسؤول الهيئة العمومية أو الوزير المعني، بعد أخذ رأي لجنة الصفقات للهيئة العمومية أو اللجنة القطاعية للصفقات حسب الحالة، وتوضح كيفيات تطبيق أحكام هذه المادة عند الحاجة بقرار من الوزير المكلف بالمالية[1].

كما يمكن في الحالة العكسية (وحدة المشروع وتعدد المتعاملين المتعاقدين) أن تعهد لمجموعة متعهدين متشاركين أو متضامنين في إنجاز مشروع الصفقة في إطار تجمع مع مراعاة أنه:

1 في حال شكل تجمع المتعاملين المتعاقدين "تجمع مؤقت لمؤسسات متضامنة": حيث يلتزم حينها  كل عضو من أعضاء التجمع لانجاز المشروع بالتضامن، بتنفيذ الصفقة كاملة.  

2 - في حال شكل تجمع المتعاملين المتعاقدين "تجمع مؤقت لمؤسسات مشاركة"، والتي يلتزم فيها كل عضو من أعضاء التجمع لانجاز المشروع بالتضامن، بتنفيذ الخدمات التي وضعت على عاتقه فقط، ويكون وكيل التجمع المؤقت للمؤسسات المشاركة متضامنا وجوبا لتنفيذ الصفقة مع كل عضو من أعضاء التجمع بشأن التزاماتهم التعاقدية إزاء المصلحة المتعاقدة.

 ثانيا/ الصفقة المجزأة: وهنا نميز بين أمرين أو حالتين لتجزأة الصفقة وهما:

1- حالة تعدد المتعاملين المتعاقدين: وهو ما يسمى بحالة "تحصيص" الصفقة أي تقسيمها إلى حصص متعددة يلتزم كل متعامل متعاقد واحد، بتنفيذ حصة وحيدة من مشروع الصفقة، وهي الحالة التي نص عليها عدد من مواد المرسوم الرئاسي رقم 15- 247، مثل المادتين 27 و 31 [2].

2حالة تعدد المصالح المتعاقدة، وهو ما يسمى بحالة تشكيل "مجموعات الطلبات": حيث يجتمع  عدد من المصالح المتعاقدة وتنسق ابرام صفقاتها مع بعضها البعض، وهو ما حددته المادة 36 من نفس المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية الساري المفعول بنصها على أنه"يمكن للمصالح المتعاقدة أن تنسق إبرام صفقاتها عبر تشكيل مجموعات طلبات فيما بينها، ويمكن للمصالح المتعاقدة التي تنسق ابرام صفقاتها أن تكلف واحدة منها بصفتها مصلحة متعاقدة منسقة بالتوقيع على الصفقة وتبليغها، في حين تبقى كل مصلحة متعاقدة مسؤولة عن حسن تنفيذ الجزء من الصفقة الذي يعنيها، ويوقع الأعضاء اتفاقية تشكيل مجموعات الطلبات التي تحدد كيفيات سيرها".



[1]   - أنظر: المادة 35، من نفس المصدر.

[2]   - أنظر: المادتين 27 و 31، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق.

3.4. الفرع الرابع: أنواع الصفقات حسب معيار نطاق الصفقة

وتتحدد هذه الانواع حسب نطاق النشاط أو الاختصاص الاقليمي للمصلحة المتعاقدة المعلنة على الصفقة وبالتالي نطاق الاعلان عن الصفقة تباعا: وهو ما يحدده بدوره موضوع الصفقة والالتزامات المطلوب تحملها من المتعامل المتعاقد وذلك بالنظر لتعقد موضوعها أو ارتباط تنفيذها بالكفاءة والخبرة المهنية العالية أو التقنيات العلمية والتكنولوجية والقدرات الفنية الدقيقة، ووفقا لهذا المعيار أو على هذا الاساس تنقسم الصفقات العمومية إلى الانواع الثلاثة التالية:

أولا/ الصفقة المحلية: وتخص الصفقات التي تعلن عنها الولايات والبلديات والمؤسسات العمومية التي تحت وصايتها، والتي تتضمن صفقات الاشغال واللوازم والدراسات أو الخدمات، التي يساوي مبلغها تبعا لتقرير إداري على التوالي: مائة مليون دينار جزائري (100.000.000 دج) أو يقل عنها، وخمسين مليون دينار جزائري (50.000.000 دج) أو يقل عنها، وتكون محل إشهار محلي حسب الكيفيات المحددة في المادة 65، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247 [1].

ثانيا/ الصفقة الوطنية: عكس الصفقة المحلية فإن الصفقة الوطنية يستدل عليها بمفهوم المخالفة لنص المادة 65 المذكورة سابقا، فكلما زادت العتبة المالية عن الحد المذكور في نص المادة والتي تقدر بـ/

مائة مليون دج بالنسبة لصفقات الأشغال العامة واللوازم وتزيد عن الخمسين مليون دج بالنسبة لصفقات الخدمات والدراسات، والتي يجب الإعلان عنها وبالنشر الإجباري في النشرة الرسمية لصفقات المتعامل العمومي، وعلى الأقل في جريدتين يوميتين وطنيتين، موزعتين على المستوى الوطني، وهو ما يفتح باب المنافسة على المستوى الوطني، وتسمى الصفقة في هذه الحالة بالصفقة الوطنية.

وتم النص على هذا النوع من الصفقات العمومية صراحة في جملة من مواد المرسوم الرئاسي 15- 247 الساري المفعول، حيث ذكر أن الصفقة حسب نوع الاعلان عن طلب العروض يمكن أن تكون وطنية و/ أو دولية[2]، مؤكدا في نص المادة 65، أن الاعلان عن طلب العروض يجب أن يحرر باللغة العربية، وبلغة أجنبية ثانية واحدة على الأقل، وينشر إجباريا في النشرة الرسمية لصفقات المتعامل العمومي، وعلى الأقل في جريدتين يوميتين موزعتين على المستوى الوطني.

ثالثا/ الصفقة الدولية: تظهر دولية الصفقة بداية من نطاق الاشهار عن طلب العروض، وذلك عندما يتم النشر عن الطلب دوليا، لاستقطاب متعاملين متعاقدين من المجتمع الدولي، أما ما يمنح الصفقة العمومية الطبيعة الدولية قانونا فهو التعاقد مع شخص أجنبي، حيث أشار المشرع الجزائري للصفقة الدولية في عدد من المواد، مثل المادة 84 التي حددت أحد الشروط الاساسية الواجب أن تتضمنها أو تنص عليها دفاتر شروط دعوات المنافسة الدولية في إطار السياسات العمومية للتنمية بالنسبة للمتعهدين الاجانب، وهي الالتزام بالاستثمار في شراكة، والمادة 67 المتعلقة بتحديد محتوى أو مشتملات العروض، والمادة 38، التي ترخص صراحة للمصلحة المتعاقدة من أجل تحقيق أهدافها، أن تلجأ بغية تنفيذ خدماتها إلى إبرام صفقات تعقد مع مؤسسات خاضعة للقانون الجزائري، أو المؤسسات الأجنبية، طبقا لأحكام هذا المرسوم.



[1]   - أنظر: المادة 65، من نفس المصدر.

[2]   - أنظر: نص المادة 42، من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المصدر السابق.