الجغرافيا الطبيعية والبشرية لبلاد السودان

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: تاريخ إفريقيا جنوب الصحراء
Livre: الجغرافيا الطبيعية والبشرية لبلاد السودان
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Saturday 23 November 2024, 12:20

Description

تتعرفون في هذه المحاضرة على الجانب الجغرافي لبلاد السودان وأصول سكان المنطقة كما تتعرفون على الشعوب السودانية وتوزيعها في كل من السودان الشرقي والأوسط والغربي للمنطقة.

1. الجغرافيا الطبيعية

1-1 التضاريس:

تختلف تضاريس هذا المجال الجغرافي من نطاق إلى نطاق، حيث نلاحظ أن البنية الطبيعية لبلاد السودان تختلف بمختلف عناصرها، بحيث تفتقد للوحدة الفيزيوغرافية[1] ، ففيها الصحاري الواسعة والأودية الخصبة والسهول المنبتة، تضاريسها تمتد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهندي وهي على أقسام من الشمال إلى الجنوب(شريط من الرمال ويليه السافانا ثم الغابات الإستوائية).

2-1 الأنهار:

بالنسبة للأنهار التي تجري في إفريقيا جنوب الصحراء فإن هناك ثلاثة أنهار كبرى وهي النيل والنيجر والكونغو،بالرغم من أنها تعتبر مصدرا لحياة السكان الذين ينتشرون على ضفافها إلا أن  الملاحة فيها صعبة نتيجة  الشلالات وحواجز رملية وتقلبات فصلية في كميات مياهها، إضافة إلى مجموعة من الأنهار  التي تنبع من غرب بلاد السودان، مثل مثل نهر السنغال، النيجر وغامبيا، إضافة إلى وجود أنهار أخرى مثل نهر الكازامانس، أنهار الجنوب، نهر الداهومي والفولتا.

3-2 المناخ:

يؤثر كل من الموقع الجغرافي والفلكي تأثيرا كبيرا على تنوع المناخ، ففي إقليم الجنوب مثل أجزاء من غينيا وسيراليون وليبيريا وساحل العاج وحوض الكونغو الأوسط ودلتا النيجر وساحل الكامرون،  تسوده المناخ الإستوائي، حيث تصل كميات الأمطار المتساقطة إلى 4.000 ملم سويا وتتناقص كمياته كلّما اتجهنا شمال هذه الدوائر؛ حيث تنخفض ما بين 2.000 ملم و4.000 ملم سنويا، ما بين دائرتي عرض 10° إلى 15° شمال خط الاستواء، أين يلتقي بمناخ السافانا أو المناخ المداري القاري حيث يقل التساقط كلما اتجهنا شمالا، حتى يلتقي بالمناخ الصحراوي الشبة الجاف، الذي تتراوح كميات التساقط به ما بين 100 و500 ملم.

3-3 الغطاء النباتي:

يساير الغطاء النباتي الظروف المناخية للمنطقة، بالنسبة لبلاد السودان فإن المناطق التي تسقط بها الأمطار طوال العام، تكثر فيها الأشجار الطويلة الدائمة الخضرة، تتركز بشكل كثيف في الجزء الجنوبي من لبلاد السودان، مع الاتجاه شمالا تقل كمية الأمطار ويقل معها الغطاء النباتي، أين تنتشر السافانا الفقيرة وتتداخل مع الأشجار، كما تنتشر في هذا الإقليم حشائش فصلية ذات قيمة اقتصادية محدودة، على هوامش جنوب الصحراء يوجد نطاق يمتد من الغرب إلى الشرق، تسود فيه حشائش الإستبس التي تنمو في فترة المطر.



[1] . الفيزيوغرافيا: هو علم دراسة الظواهر الطبيعية لسطح الأرض من حيث العوامل التي أدت إلى تشكيلها والعلاقة بين بعضها البعض، يفرق البعض بين الفيزيوغرافيا والجيمورفولوجيا، فبينما تكون الدراسة الأولى دراسة وصفية تكون الدراسة الثانية تحليلية.

2. أصل الأفارقة

من خلال إطلاعنا على بعض الكتابات العربية التي أرخت لأصل الأفارقة، نلاحظ أنها لم تختلفوا كثيرا في أصل الأفارقة، فالبعض منهم قد أرجع أصلهم إلى السبئيين(الحميريين)  أي جدهم سبأ بن حام ، هؤلاء كانوا يعيشون في اليمن قبل أن يطردهم الأشويون منها، ومنهم من يرى أنهم ينتمون إلى الفلسطينيين أي جدهم مصرائيم بن حام، حيث هاجروا إلى إفريقيا حين طردهم الأشوريون، أما الرأي الثالث فيدعي أن الأفارقة كانوا يسكنون بعض جهات آسيا، فحاربتهم بعض الشعوب المعادية لهم، ففروا إلى بلاد الإغريق الخالية آنذاك من السكان، ثم تبعهم الأعداء فعبروا بحر المورة واستقروا بإفريقيا ، وهذا فيما يتعلق بالأفارقة الذين استوطنوا شمال إفريقيا.أما الأفارقة السود فإنهم جميعا من نسل كوش بن حام بن نوح، والملاحظ أنه مهما اختلفت ملامح ومظاهر الأفارقة البيض والسود، فإنهم ينتمون إلى نفس الأصل أي أنهم من نسل حام سواء كانوا بيضا أو سودا.

  • ما يهمنا هنا هو شعوب بلاد السودان؛ تسميهم المصادر العربية بالسودان، وإليهم تنسب بلاد السودان، كما يعرفون باسم الزنوج، ينسبهم المسعودي إلى الحاميين، أما إبن خلدون فقد نسبهم إلى ولد حبش بن كوش بن حام ويقسمهم إلى أقسام وهم: النوبيون وهم أبناء نوبة بن كوش بن حام، والزنوج هم أبناء زنجي بن كوش بن حام ، أما القسم الثالث فهم سائر السودان الذين ينتمي إليهم السودان الغربي، حيث قال:"السودان أصناف شعوب وقبائل، أشهرهم بالمشرق الزنج والنوبة، يليهم الزغاوة، ويليهم الكانم، ويليهم من غربهم كوكو وبعدهم التكرور ويتصلون بالبحر إلى غانية".
  • المتفق عليه من روايتي المسعودي وابن خلدون أن السودان ينحدرون من ولد كوش بن حام ، وكوش هو أول انسان ذو بشرة سوداء من ذرية نوح عليه السلام، لذا نلاحظ أن جل المصادر العربية تسمي السودان بالكوشيين، يبدو أن الموطن الأصلي للسودان عند هجرتهم الأولى إلى إفريقيا كان سواحل المغرب الأقصى ونتيجة قدوم شعوب عمالقة بيض من سوريا ، خاضوا حروبا مع السودان فدفعوهم نحو جنوب الصحراء.
  • وهناك روايات تقول بأن الهجرات نحو الجنوب بسبب طبيعي وهو الجفاف الذي حل بالصحراء الكبرى مما دفع بهذه الشعوب السودانية المزارعة تتوجه نحو  نهري السنغال والنيجر  بحثا عن مصادر الري. ثم أخذت في التوسع إلى غاية أن بلغت السودان الأوسط والشرقي.


 

3. شعوب السودان الغربي

تبين الآثار والإثنوغرافيا لهذا الفضاء الجغرافي أن العامل الاقتصادي له علاقة مباشرة في التوزيع البشري لاسيما في الشريط الصحراوي الذي يربط بين شمال وجنوب إفريقيا الصحراء، كما يعتبر العامل الاقتصادي المحرك الرئيسي في امتزاج الدماء البشرية بين ضفتي الصحراء، حيث يشكل سكان السودان الغربي ثلاث مجموعات كبرى وهي؛ الماندي، السنغاي والفولان، أغلب هذه الشعوب اعتنقدت الإسلام في فترات تاريخية متعاقبة، ويعود الفضل للمغاربة في نشر الإسلام بهذه المناطق.

3.1. الصنهاجيون

هم شعب صنهاجة اللثام من البربر سكنوا أقاصي الصحراء، حيث ابعدوا إلى تلك المناطق منذ عصور ما قبل الإسلام سكنوا بلاد البربر وبلاد السودان، ينقسمون إلى عدة فروع أشهرها لمتونة وجدالة اللتان كانتا في صراع دائم حول رئاسة صنهاجة الصحراء. هناك من يطلق عليهم شعب الطوارق يسمون أنهفسهم بــ "ايماجورن" أو " إيماشورن". هؤلاء انتشروا في منطقة السنغال الأعلى والنيجر  وكانت أهم الهجرات الخاصة بهم من قبائل لمطة، هوارة، مسوفة، كيل تادمكة، جدالة، لمتونة وأوليميدن إضافة إلى خليط من الفولاتة والسنغاي.


3.2. الفلان

يعرفون أيضا بالفولاني أو الفولوب، وهم شعوب سامية جاءت من المشرق، والفلاني يمثلون أحد المجموعات الكبرى من القبائل الرعوية لغتهم هي السودانية، وقد صبحوا خلال مراحل تاريخهم من أهم القوميات الكبرى في السودان الغربي والأوسط، في البداية نزحوا من المغرب الأقصى  إلى السودان الغربي ثم السودان الأوسط واحتلوا أقاليم السنغال حيث قامت هجرات منهم ومن أولادهم وأحفادهم إلى غينيا في فوتاجالون ثم إلى مالي ومنها إلى فولتا العليا فالنيجر وأخيرا نيجيريا فازدادوا قوة، وقويت بوجودهم إمارات الهوسا التي استقروا بها، حيث أسسوا بها دولة سوكوتو من قبل عثمان دان فوديو.

3.3. الماندينغ

يطلق عليهم إسم "ماندي" و "ماندينكا" ويشكل الماندينغ القسم الأساسي لشعوب المجرى الأعلى لثلاثة أكبر  أنهار في السودان الغربي وهي: السنغال، غامبيا والنيجر، فهم ينتشرون في كامل منطقة السودان الغربي (جنوب السنغال، النيجر الأعلى، من سواحل المحيط الأطلسي إلى غاية جمهورية نيجيريا الحالية)، يتحدد مجالهم الجغرافي من الغرب مرتفعات فوتا جالون، ومن الجنوب غابات جنوب غينيا ومن الشرق والشمال غابات السافانا السودانية 

وهم يمثلون الشعب السوداني الخالص، حيث ينقسم شعب المانيدينغ أو  الماندي إلى ثلاث مجموعات فرعية وهي ؛

    • ماندينغ الشمال: ويعرفون بماندي تان (Mandi-tan) ويمثله شعبا "البوزو" و"السوننكي" أو "السراكولي"،  كما أن الديولا (Dioula)  أو "الجيولا" ينحدرون من سلالة السوننكي لكنهم انفصلوا عنهم قبل أن يختلطوا مع شعوب الساحل من الساميين والموريين.
    • ماندينغ الوسط:  يتفرعون إلى أربع مجموعات وهي؛ كاغورو (Kagoro) ؛ البامانا أو البمبارا؛ الخاسونكي.
    • المالنكي و الماندي؛ يعتبر المالنكي فرع من فروع الماندينغ وهم سكان مالي.
    • السينوفو؛ يعد شعب السينوفو  شعبا أصيلا في المنطقة سواء في النيجر الأعلى أو السنغال وكوت ديفوار الحالية.

3.4. السنغاي

أطلق هذا المصطلح في بداية الأمر على البلد الذي يسكنه هذا الشعب، وهي المنطقة المجاورة لنهر النيجر عند ثنيته أو ما يعرف بالنيجر الأوسط، وهي المنطقة الإنتقالية بين عالم الماندينغ والسودان الاوسط، فالسونغاي يعيشون[1] على طول ثنية النيجر في منطقة البحيرات ومنطقة تمبكتو  إلى غاية غاو والنيجر الأسفل في منطقة ساي.



[1] . يسكنون الأقاليم الواقعة جنوب تمبكتو وتمتد على ضفتي نهر النيجر إلى الشمال من الداهومي عند مدينة داندي إلى جنوب فولتا العليا وشمال نيجيريا. 

3.5. التكرور

يعرفون بأسماء مختلفة منها التوكولور (Toucouleur) أو الساراكولي (Sarakhoulé)، يعد من أقدم الشعوب السودانية وأشهرها، حتى أن المشارقة يطلقون اسم تكرور على كل بلاد السودان، مع العلم أن مملكة التكرور لم تكن سوى إقليم صغير من إمبراطورية مالي المترامية الأطراف وهم مسلمون.

اقترن اسمهم باسم البلد التي سكنوها وهي التكرور  وهي فوتا السنغالية (Fouta Sénégalaise) لكن موطهم الأصلي الأول إلى غاية القرن السابع للهجرة (ق 13م) هو ضفتي نهر السنغال كما أخبرنا ابن سعيد المغربي.

3.6. الولوف

هي الشعوب التي سكنت في حوضي نهري السنغال وغامبيا، حيث يشكلون اتحادات قوية أو ضعيفة، حيث قاموا بإنشاء دويلات بدائية التنظيم، متاخمة للماندينغو وقبائل الفولاتة ومن أهم شعوبها نجد؛ أن هؤلاء احتلوا مناطق شاسعة بين نهري السنغال وغامبيا، وقد أجبروا على الخروج منها بعد غارات قبائل الطرارزة المغربية، لينقسموا إلى ست دويلات وهي؛ الوالو، الابوول، الكايور، السين، السالوم والولوف، كانت معظم قبائل السينيغامبيا ما عدى الماندينغ والفلان يخضعون لنفوذ الولوف، حتى قبائل السيرير الذين يتمركون في الناحية الجنوبية كانوا مرتبطون بهم ارتباطا وثيقا.

3.7. الفولتا

يضمون سبع مجموعات وهي: مجموعة الموسي (Mossi) أو الموشي ، اللوبي (Lobé)، كولونغو (Kolango)، باريبا (Bariba) وغورونسي (Gourounsi).

4. شعوب السودان الأوسط

بالنسبة للشعوب التي سكنت السودان الأوسط؛ فإنّ المصادر التاريخية لا تمدّنا بمعلوماتٍ كافية عن تاريخ الاستيطان ومساره في المنطقة، إلا أن المعطيات الأركيولوجية تأكد أنّ السودان الأوسط من أقدم المناطق الحضارية بالقارة الإفريقية، وقد أهّله لذلك ما يتمتّع به من مزايا طبيعية ومناخية جعلته صالحاً للاستيطان والتحضّر، حيث يتوفر على الواحات الصحراوية في الشمال وبحيرة تشاد في الجنوب، وهنا سنعرض أهم الشعوب التي سكنت المنطقة.

4.1. التوبو

يعتبر التبو أو التوبو (Toubou) من سكان غرب كوار ويمتد إلى مرتفعات الأهقار  كما ينتشرون في فزان ويمتدون إلى جبال تبستي وما جاورها وهناك مجموعات منهم في بحر الغزال وبلاد الكانم وواحات كوار، يتكلمون لغة خاصة بهم وهي الدازاقا (Dazaga)  أو اليتدلقيا (Tedega)  التي تنتمي إلى احدى اللغات الصحراوية، والتبو ليسوا بيضا صرحاء ولا سودا خالصين وإنما هم شعب هجين يعتنقون الإسلام.

4.2. الساو

وهو من أهمّ وأقدم الشعوب التي سكنت بالسودان الأوسط، وهناك اختلاف كبير في أصوله، ويعتقد أنّ شعب الساو هم أسلاف شعب كوتونو الموجودين حاليّاً في تشاد[1]، وحسب الروايات المحلّية؛ فإنّ شعب ساو كانوا منذ القرن السابع الميلادي مستقرّين في منطقة كوار، ومنها بسطوا سيطرتهم ابتداءً من القرن العاشر ميلادي (ق4ه) على كلّ الأقاليم الواقعة بين بحيرة فتري (جنوب دولة تشاد) وبلاد الماسا (شمال دولة كاميرون).

ويُعتقد أّنّه تمّ طرد شعب الساو  إلى الجنوب زمن تأسيس مملكة كانم، وأنّ سلاطين برنو عملوا على القضاء عليهم، في زمن السلطان إدريس ألوما في القرن السابع عشر ميلادي (ق11ه)، وهذه الفترة توافق زمن اختفاء الساو كشعبٍ واحدٍ منظّم من تاريخ المنطقة، حيث لم يعد لهم وجود.



[1] . كان شعب كوتوكو يستخدمون لفظة "ساو" للدّلالة على أسلافهم.

4.3. الزغاوة

لقد اختلف المؤرخون اختلافاً كبيراً في تحديد أصل "الزغاوة"، حيث يُرجع بعضهم أن أصلهم يعود إلى الحميريّين عرب الجنوب، ويعود بهم البعض إلى البربر، ويرى آخرون أنّهم زحفوا من هضبة دارفور غربي دولة السودان، واستقرّوا في حوض بحيرة تشاد، وأسّسوا مملكة عُرفت باسمهم، امتدّت من تخوم الواحات الليبية إلى الحدود الغربية لدارفور.

4.4. الكانمبو

هناك روايات مختلفة عن أصول "كانمبو"، من أشهرها تلك التي تعتبرهم من سلالة الملك اليمني سيف بن ذي يزن[1]، ، وينفي كثيرٌ من المؤرّخين هذه النسبة، ويعتبرون الشعب «الكانمبي» خليطاً من المجموعات الإثنيّة ذات الأصول النيلية والنيلو- تشادية، كما يعتبرهم آخرون من أصولٍ بربرية.



[1] . لقد ورد في خطابٍ أرسله الملك عثمان بن إدريس الكانمي إلى السلطان برقوق المملوكي في مصر: «نحن بنو سيف بن ذي يزن».

4.5. الهوسا

حول أصل شعب «الهوسا»؛ توجد نظريات متعدّدة منها: أنّهم من أصول عربية قادمة من بغداد بالعراق، أو أنّهم كانوا من سكّان الصحراء الكبرى قبل تصحّرها، ولمّا جفّت الأرض زحفوا إلى الجنوب واستقرّ بهم المقام في هضبة بوشي، ومنها بسطوا سيطرتهم على ما عُرف فيما بعد ببلاد الهوسا.

يرى آخرون أنّهم كانوا يقطنون الضفّة الغربية لبحيرة تشاد، وكانوا يمتهنون الصيد، ولمّا بدأت البحيرة في التقلّص قرّروا البقاء واعتماد مهنة الزراعة، وحسب هذه النظرية؛ فإنّ الموطن الأصلي للهوسا هو: كانو ودورا ورانو... ومنها امتدّوا نحو الغرب والشمال.

يعتبر شعب «الهوسا» من أهمّ شعوب السودان الأوسط، وهم الآن- على مستوى الكثرة- ثاني أكبر شعب إفريقي بعد الشعب السواحلي، وتسكن قبائل «الهوسا» في مجالٍ جغرافيٍّ واسع، يمتدّ من الحوض الأوسط لنهر النيجر غرباً إلى بورنو شرقاً.

5. شعوب السودان الشرقي

تمثل شعوب السودان الشرقي خليط من الشعوب السودانية الخالصة  وشعوب البانتو وكذا الشعوب السامية والحامية التي هاجرت إلى المنطقة عبر فترات مختلفة من الزمن، مشكلة بذلك مجتمعات وقبائل مختلفة ساهمت في تأسيس ممالك قوية بالسودان الشرقي وأهم هذه الشعوب نجد:    

5.1. النيلي

تشير الكتابات العربية أن هناك هجرات للشعوب الإفريقية نحو الشرق خلال فترات طويلة، استقرت بعض القبائل السودانية في أقاليم أعلي النيل والمناطق المحيطة بها واختلطت مع القبائل الحامية التي تعيش في الركن الشمالي الشرقي لافريقيا، هذا الإختلاط نتج عنه ظهور شعب النيلي وكانت لغته مزيجا بين اللغتين الحامية والسودانية وهو شعب رعوي زراعي وهم يمثلون قبائل المادي والشولي الدنكا، النوير، باري والشيلوك وهم وثنيون قائمون على عبادة الثيران.

5.2. النوبة

يطلق لفظ "النوبة" على أجزاء وادي النيل الممتدة على جانبي نهر النيل الأعظم من أسوان إلى جنوبي إلتقاء النيلين الأبيض والأزرق، بالإضافة إلى مناطق من حوض النيل الأزرق والأتبرا حتى أطراف الحبشة شرقا وأقاليم كردفان ودارفور غربا.

هناك اختلاف حول مصطلح النوبة؛

-  Nub: التي تعني الذهب في اللُّغة الفرعونيَّة القديمة.

- Anobades أو Anouba: بمعنى يُضفر، وفي هذه الحالة يكون معنى (نوبة) ذو الشَّعر المضفَّر أو المجعد.

- كلمة "نوباتا" مشتقة من العاصمة نبتة (Napata)

- Nubile: في اللغة الإنجليزية تعني الفتاة البَّالغة سن الزَّواج.

- أطلق العرب اسم "النُّوبة" عليهم، كما أطلقوا اسم "المريس" (Nobatia) على إقليم النُّوبة بين أسوان و دنقلا.

أما عن أصلهم فقد حدث خلط بين النوبييين على النيل (البرابرة كما يسمونهم الآن في مصر)، وبين النوباويين سكان جبال نوبا في جنوب كردفان، حيث صنفهم إليوث سمث بأنهم حاميو الأصل من نفس سلالة قدماء المصريين وتأثروا على مدى العصور بمؤثرات زنجية.

هناك بعض الموجات النوبية قد هاجرت إلى الأقاليم الجنوبية من كردفان والفونج في نواحي إقليم سنّار والبرتا في حوض نهري تومات وجوباس من روافد النيل. هؤلاء اختلطوا مع الشعوب النيلية والبانتو ومن أهم شعوبنها، الشوا واللاجا، الدناكل، النوبة، جوجام، تيجري، أما عن الديانة التي اعتنقوها فهي المسيحية في القرن الأول الميلادي وبعدها اعتنقوا الدين الإسلامي. 

5.3. الفونج

يحتل الفونج مساحة في الجزء الشمالي من السودان الشرقي، من مدينة مشو بالقرب من الشلال الثالث حتى جنوب عاصمتهم سنّار الواقعة على النيل الأزرق ثم امتد ملكهم ليشمل أجزاء كبيرة من بلاد البجة في الشرق وكردفان في الغرب.

هناك اجماع بين الورايات السودانية على أن أجداد الفونج من الأمويين وقد اتخذوا من الحبشة موطنا لهم، ويبقى الإختلاط الشديد بين العرب الوافدين والسود الأصليين قد منح كل ما يميز الأوائل عن الأواخر.

5.4. البجة

نزح شعب البجة منذ القدم من شبه الجزيرة العربية، ثم اتصلت بقدماء المصريين، إلا أنهم لم يعتنقوا الديانة المسيحية مثلهم وبقوا وثنيين قرونا طويلة. وقد انقسمت قبائلهم إلى ثلاث مجموعات رئيسية:

- المجموعة الشمالية؛ وهم العبابدة والذين كانت لهم علاقات وثيقة بالفراعنة ولغتهم العربية.

- المجموعة الوسطى؛ مثلون البشارة والهدندوة واحتفظوا بلغتهم الكوشية.

- المجموعة الجنوبية؛ ويمثلون بنو عامر وكانوا تحت التأثير الحبشي يتحدثون بلغة اليتجري.

بالنسبة لإقتصادهم كان يعتمد على تربية الماشية كما كانت بلادهم مصدرا مهما لانتاج الذهب، حيث كان يستخرج بكميات كبيرة مما جعلهم على اتصال بالدول المجاورة لهم.


5.5. الحبشة

لفظة «الحبشة» مأخوذة من فعل عربي اسمه «حبش»، وهو جنس من السود يمثلون سكان بلاد الحبشة، التي تمتد من وادي النيل العلوي والجزء الجنوبي الجزيرة العربية، يحدها شمالا البيليميين وغربا مملكة علوة وجنوبا الصومال وكينيا. أما عن أصلهم من حيث الدم نجد سلالتان هما؛ السلالة سامية يسكنون الأقاليم الجنوبية من الجزيرة العربية. والسلالة الثانية زنجية فيسكنون الأقاليم الغربية للحبشة. قبل ظهور الإسلام اعتنقوا الديانة المسيحية في القرن الرابع ميلادي لكن بعد ظهور الإسلام أخذ سكان الحبشة تنعتنقون الإسلام على مراحل.