خصائص الجمهور
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | دراسات جمهور وسائل الإعلام |
Livre: | خصائص الجمهور |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | Friday 22 November 2024, 14:30 |
Description
نشأت دراسات الجمهور وتطورت كما سبقت الإشارة، في ظل ظروف المنافسة الاقتصادية والسياسية الليبرالية التي تسعى إلى البحث على أنجع السبل وأقصرها لكسب رضا أكبر عدد ممكن من الزبائن أو من الناخبين، حتى الدراسات التي تنجزها هيئات وفرق بحث جامعية غالبا ما تمولها شركات تجارية أو مؤسسات سياسية مما يؤدي إلى التركيز على الأهداف التي ترمي الجهات الممولة إلى تحقيقها.
ونتيجة لذلك، فإن الاستعمالات الشائعة لمفهوم الجمهور تعتبر هذه الظاهرة الاجتماعية المعقدة مجرد حصيلة عددية للمتفرجين على مسرحية أو مقابلة رياضية...أو بصفة أكثر شمولا: هو مجموع قراء صحيفة أو نشرة، ومجموع المستمعين لمحطة إذاعية، ومشاهدي قناة تلفزيونية، ومجموع زوار موقع إلكتروني على شبكة الإنترنت، هذا المفهوم نجده أكثر شيوعا واستعمالا في معظم الأبحاث الخاصة التي تنجزها وسائل الإعلام نفسها باسمها ولحسابها، لأن أهمية أي وسيلة إعلامية بالنسبة للمعلنين والقادة السياسيين، تكمن في حجم جمهورها.
فالجمهور حسب المفهوم العددي، هو مجموع الأشخاص الذين يفترض أن تصلهم وحدة إعلامية لمحطة إذاعية، أو لقناة تليفزيونية، أو لصحيفة أو لموقع إلكتروني، أو مجموع جمهور هذه الوسائل مجتمعة، وهو بالتحديد مجموع الأشخاص الذين تتوفر فيهم ولديهم خصائص معينة تهم المرسل للرسالة الإعلامية من مثقفين، وشباب، وربات بيوت ، وأجراء، ومستهلكين...الخ.
إن تطبيق هذا المفهوم بهذا الشكل المبسط لا يعكس الواقع ويخفي اعتبارات أخرى هامة وضرورية ليس فقط لفهم هذه الظاهرة، ولكن حتى بالنسبة للحملات التسويقية والانتخابية، وقد تفطن منذ نهاية الستينات من القرن الماضي الباحث "كلوس" إلى بعض التعقيدات والصعوبات التي يخفيها الاعتبار العددي للجمهور، إذ بين هذا الباحث مختلف درجات مساهمات الجمهور التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند تحليل جمهور وسيلة إعلامية معينة تحليلا عدديا، حيث يزعم أن هناك، عدة أنماط من جمهور الوسائل المادية والتقنية التي تمكنهم من استقبال الرسائل الإعلامية لوسيلة معينة، ومن هنا، فإن كل الذين يمتلكون جهاز استقبال تلفزيوني أو إذاعي يشكلون الجمهور المفترض لهما، وجمهور الصحيفة المفترض يقاس غالبا بعدد نسخ السحب والمبيعات والمرتجعات، أما جمهور الواب المفترض، حسب هذا المنظور، فهو أكثر تعقيدا، لأنه يتطلب توفر جهاز كومبيوتر، وخط هاتفي ن وآلة مودم، إلى جانب اشتراك في الإنترنت عن طريق ممون محلي خاصة في البلدان التي لم تصبح فيها خدمات الإنترنت مجانية بعد.
1. السمات الظاهرية لجمهور وسائل الإعلام
يبدو أن شكل "الجماهير" (mass) الذي ارتبط بمضامين وسائل الإعلام ذات المستوى الفكري والثقافي والفني المنخفض والموجهة أساسا لعامة الشعب دون تحديد أماكن تواجدهم أو أزمنة تعرضهم للرسائل الإعلامية، هذا الشكل يتضمن العديد من خصائص جمهور السينما والإذاعة والمسرح التي تختلف عن تجمعات الناس حول هدف مشترك مثل الجماعة والحشد والجمهور العام ، الجماهير هذا الأخير يعتبر عنصر أساسي في الشكل الجماعي لجمهور وسائل الإعلام، حيث أنه يتضمن في بنتيه الظاهرية العديد من الخصائص التي تميزه عن تلك الأشكال الأخرى، ويحددها الفكر الإعلامي الحديث الذي يأخذ بعين الاعتبار آثار تكنولوجيات الإعلام والاتصال الجديدة، على النحو التالي:
1.1. الحجم الواسع large size
حيث يأخذ شكل الجماهير" حجما أو سع بكثير من الأشكال الأخرى.
1.2. التشتت (التباعد) Dispersion
إذ يتواجد عناصر الجماهير في أوضاع وأماكن متباعدة، ومع الاستعمال المكثف لتكنولوجيات الاتصال الحديثة وخاصة الإنترنت،
اكتسب الجمهور بعدا كوينا جعله غير محدد في المكان، وأضفي عليه صفة التواجد الكلي في كل مكان
في نفس الزمن.
1.3. عدم التجانس Heterogeneity:
فأفراد الجمهور غير متجانسين، الأمر الذي يجعلهم متمايزين في احتياجاتهم وإدراكهم ومصالحهم واهتماماتهم، وبالتالي في سلوكهم الاتصالي.
2. السمات السوسيولوجية لجمهور وسائل الإعلام
إن دراسة الجمهور في بحوث الإعلام تعتبر من دراسات الماكرو( الدراسات الاجتماعية) التي تعتمد على دراسة عينات كبيرة الحجم نسبيا من جمهور وسائل الإعلام، تتحقق فيها صفة الانتشار التي ترتبط بالأطر الجغرافية للبث أو التوزيع، مما يجعل دراسة مفردات صغيرة الحجم من الجمهور، التي يمكن من خلالها دراسة السمات الفردية والنفسية.
كما أن وسائل الإعلام تتعامل مع أفراد يتفاعلون في وحدات اجتماعية، وتجتمع لهم مجموعة من السمات المشتركة التي تتأثر بالسياق الاجتماعي العام لهذه المجموعات أو الوحدات.
و بالتالي فإن التخطيط الإعلامي وصياغة رسائله يضع في اعتباره السمات المشتركة لعدد من الجماعات.
وبخصوص السمات الاجتماعية، يتعلق الأمر أساسا بالزاوية التي ينظر منها إلى جمهور وسائل الإعلام: هل هو مجرد حصيلة لعدد معلوم أو غير معلوم من الأفراد يشتركون في تعرضهم لرسائل إعلامية معينة، تنقلها لهم وسيلة إعلامية معينة، أم هو جماعة اجتماعية تختفي فيها بعض السمات الخاصة بالأفراد وتحكم سلوكياتها ضوابط ومعايير اجتماعية أكثر منها فردية؟
وفي سياق هذا الاتجاه السوسيو- ديموغرافي، كرس الباحث السوسيولوجي(إينيس) جهدا معتبرا في البحث عن سمات الجمهور السوسيولوجية، ووضع عددا من السمات التي حاول الباحثون الإعلاميون تطبيقها على جمهور وسائل الإعلام، وكانت نقطة البداية في محاولة إينيس أنه ميز بين الحدود الظاهرية لأي تجمع وخصائص البنية الداخلية، فإذا انطبقت على جمهور ما مواصفات جماعة مسبقا (جمهور عام، حزب، جمعية...) اكتسب هذا الجمهور خصائص البنية الداخلية للجماعة، مثل الحجم، درجة الالتزام، الاستقرار في الزمن (قسايسية، 2003، ص58).
وعليه وضع الباحث السوسيولوجي "إينيس" منذ بداية الستينات ثلاثة جوانب رأى أنها حاسمة في تحديد الطابع الاجتماعي لسلوك أي جماعة، عممها كتاب وباحثون إعلاميون بعده على جمهور وسائل الإعلام وهي على النحو التالي:
- التمايزالاجتماعي social différentiation
- التفاعل الاجتماعي social interaction
أنساق الضبط المعيارية normative control systems
2.1. التمايزالاجتماعي
إن الدراسات والأبحاث التي أجريت على جمهور وسائل الإعلام المختلفة أثبتت وجود اختلافات شكلية جوهرية عند جماهير وسائل الإعلام المختلفة وعند الجمهور الواحد للوسيلة الإعلامية الواحدة ، نتيجة اختلاف الحاجيات لدى مختلف فئات الجمهور ولدى أفراد الفئة الواحدة من الجمهور من هذا المنظور، فإنه يوجد دائما عند كل جمهور اختلاف في المصالح والاهتمامات وفي درجة الإدراك وفي الاستجابة للرسائل الإعلامية أي اختلاف درجة التأثير، وبالتالي أثبتت دراسات إمبريقية وجود اختلافات "شكلية وجوهرية" عند جمهور وسائل الإعلام المختلفة وعند الجمهور الواحد للوسيلة الإعلامية الواحدة، ويمكن تلخيص هذه الفروق فيما يلي:
أ/- اختلاف المصالح والاهتمامات: لقد أصبح بديهيا أن مصالح أفراد الجمهور من خلال استعمال وسائل الإعلام ليست متجانسة ولا متطابقة، وهذا ما يفسر جزئيا تنوع الرسائل الإعلامية في الوسيلة الواحدة وتنوع وسائل الإعلام الموجهة للجماعة الواحدة، ويحدد الدوافع والحوافز التي تدفع الجمهور إلى اقتناء وتفضيل وسيلة إعلامية أو رسالة إعلامية دون الأخرى.
ب / اختلاف درجات الإدراك: يظهر التمايز الاجتماعي أيضا من خلال الاختلاف في مستوى الإدراك العقلي والحسي الذي يتوقف على التربية والتعليم والثقافة، وذلك بتحديد الموقف اتجاه الرسائل والوسائل الإعلامية وفهمها وتفسيرها، وقد أدى هذا التمايز الاجتماعي لأفراد جمهور وسائل الإعلام إلى ظهور نظرية تدفق الاتصال على مرحلتين ومفهوم قادة الرأي.
ج/ اختلاف مدة التأثير: حيث ا، الجمهور لا يتأثر بالرسالة الإعلامية في وقت واحد، فهناك اختلاف بين قطاعات الجمهور كذلك من حيث استمرار التأثير في هذا الجمهور (أسبوع، شهر، ساعة...).
2.2. التفاعل الاجتماعي
تستدعي معالجة التفاعل الاجتماعي الذي يثيره التعرض لوسائل الإعلام، النظر إلى جملة من العناصر تتداخل بشكل بارز في توضيح هذه الظاهرة من خلال:
أ/- اجتماعية سلوك الجمهور(الطابع الاجتماعي): استخلص "فريدسون" منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي، أي بداية دخول التلفزيون فضاء الاتصال، أي أن وسائل الإعلام أقحمت في جل نشاطات الحياة الاجتماعية حتى أصبح الناس ينظرون إلى أعمال فردية، مثل الذهاب غلى السينما، على أنها سلوك اجتماعي، فالتلفزة على سبيل المثال التي تشاهد وسط العائلة تعرض رسائل إعلامية يتفاعل معها أفراد العائلة ويتفاعلون مع بعضهم البعض، لما توفر لهم من مواضيع للحديث وتبادل الآراء والإحساسات وحتى اتخاذ المواقف، وربما تكون مشتركة، أما بعض وسائل الإعلام مثل الصحف والراديو ينتج عن استعمالها العزلة عن المحيط الاجتماعي.
ولقد توصلت عدة دراسات نظرية وأبحاث إمبريقية إلى نتائج تدعم الأطروحة القائلة بأن استعمال وسائل الإعلام هو أداة فضلى لتحسين العلاقات الاجتماعية ، وعليه فقد ظهر في سياق التفاعل الاجتماعي الاستعمالات الاجتماعية لوسائل الإعلام.
ب/- الاستعمالات الاجتماعية: لقد أصبح واضحا أن استعمال وسائل الإعلام والاتصال هو عمل اجتماعي ، وخاصة منها الجماهيرية، حيث أنجزت عدة دراسات حول مشاركة أفراد العائلة في استعمال وسائل الإعلام المنزلية، وتوصلت إلى وضع إطار يتجلى من خلاله الطابع الاجتماعي لوسائل الإعلام تتضمن الجوانب التالية( الانضمام، الكفاءة، الهيمنة، التعلم الاجتماعي).
وتعني هذه الجوانب علاقات أفراد الأسرة، كبنية توفر خلفية مشتركة لبناء علاقات وتنظيم نشاطات وتوفير مواضيع للحديث وتكوين رأي مشترك، وأحيانا تبني موقف مشترك، كما أن الاستعمال الجماعي لوسائل الإعلام يدعم هذه العلاقات البنيوية، ويوفر الفرصة لتبني الفكرة أو تجنبها حسب قناعة الفرد والجماعة ومدى قدرة هذا الاستعمال الجماعي على إشباع الحاجات الفردية والجماعية.
ج /- العزلة الاجتماعية: وقد تم تفسير هذه المسألة من زاوية سيكولوجية على أنها نتيجة الشعور بالحرمان أو الاستلاب شكل من أشكال العزلة النفسية والانصراف عن الواقع الضاغط خوفا أو عجزا عن مقاومة الضغوطات الاجتماعية، وهذه العزلة نجدها خاصة عند الأوساط المحتشمة مثل المرضى، البطالين، ربات البيوت...الخ، وقد طرحت هنا مسألتان تبدوان متعارضتين: هل وسائل الإعلام تعمل في اتجاه مناقض للانسجام الاجتماعي وتحسين العلاقات الاجتماعية؟ أم أن الظروف الاجتماعية المتدنية هي التي تدفع إلى استعمال وسائل الإعلام لتدعيم العزلة الاجتماعية؟
*وفي هذا الصدد، أثبتت الدراسات الحديثة أن الاستعمال المكثف لوسائل الإعلام يعمل في اتجاه تحسين التواصل الاجتماعي وتطويره وأن الظروف الاجتماعية المتدنية هي التي تحرم الناس من استعمال وسائل الإعلام للتخفيف من حدة التوترات النفسية التي يتعرض لها هؤلاء المعوزون(الحكيم، مرجع سابق، ص66)
د/-علاقة الجمهور/المرسل: إن الحديث عن التفاعل الاجتماعي عند الجمهور يحيل أولا إلى الاتصالات الشخصية بين الناس، ولكن الأمر هنا يتعلق بنوع من العلاقات الاجتماعية بين الجمهور والمرسل، ويرى جل الباحثين الغربيين أنه من الممكن النظر إلى العلاقة الممكن إقامتها أو المحافظة عليها بين المرسل والجمهور من خلال وسائل الإعلام، من مستويين اثنين:
- عندما يحاول المرسل الاتصال بمستقبليه عن طريق رسالة إعلامية.
- عندما يحاول كل من المرسل والجمهور بلوغ نفس الأهداف عن طريق وسائل الإعلام.
2.3. أنساق الضبط المعيارية
إن وجود أنظمة معيارية متعلقة باستعمال وسائل الإعلام، تبدو للوهلة الأولى متعارضة مع الرأي القائل بأن وسائل الإعلام وجدت نشاط إضافي لملء أوقات الفراغ، حيث يعتقد الأستاذ "عبد الرحمان عزي" أن طبيعة هذه الوسائل (السمعية البصرية) ترفيهية تخاطب الجمهور وهو في حالة استرخاء"، مضيفا: "تاريخيا ارتبط ظهور هذه الوسائل جزئيا بالحاجة إلى ملء أوقات الفراغ بعد انخفاض ساعات العمل بفضل التطور التكنولوجي"، وهي بالتالي ليست لها التزامات اجتماعية، ومما يزيد في هذا الاعتقاد أن استعمال وسائل الإعلام نسبيا غير مراقب.
إن القيم المتعلقة بالمحتوى مستمدة أساسا من الأحكام التقليدية التي تتضمنها الثقافة السائدة وتعاضدها المؤسسات التربوية والأسرية والدينية، وتنطبق هذه القيم أولا على بعض أنواع المحتوى، حيث يفضل الجمهور ، خاصة الآباء إذ توفر هذه الوسائل :التعليم، التربية، والأخلاق على أن تقتصر على السلبية والترفيه والثقافة المبتذلة التي تحتويها الرسائل الإعلامية ومواقع الواب.
عموما ينتظر الجمهور من وسائل الإعلام أن توفر له الإعلام والتعليم والترفيه في تطابق تام مع قواعد الذوق الرفيع، ومن جهتها تعتبر وسائل الإعلام التي تعمل في ظل المبادئ الليبرالية، هذه المطالب نوعا من الرقابة الاجتماعية على نشاطها وخرقا لحريتها.( بوغزي: السمات العامة لجمهور وسائل الإعلام، متاح على الرابط، audience-studies.over-blog.com)
3. السمات الديموغرافية لجمهور وسائل الإعلام
مع تنوع وسائل الإعلام واتساع حجم الجمهور واحتياجاته واهتماماته في إطار البعد الدعائي والتجاري التسويقي للإعلام والاتصال، أضحت دراساته تعتمد على تحديد حجمه ووصف تركيبته وتجزئته إلى فئات فرعية على أساس سمات ديموغرافية مثل (السن، والجنس، الوظيفية) التي تتفاعل مع عناصر سيكولوجية وسوسيولوجية تؤثر في السلوك الاتصالي وتصنف هذه السمات إلى نوعين هما
3.1. السمات الأولية
وهي الخصائص غير القابلة للتغيير، أي الثابتة، وتنسب إلى الفرد بميلاده مثل: تاريخ ومكان الميلاد، الجنس، الانتماء العرقي
3.2. السمات المكتسبة
وهي الخصائص القابلة للتغيير/ مثل: اللغة، الدين، السن، ومستوى التعليم، مكان الإقامة والوظيفة والدخل والحالة المدنية).
3.3. السمات الموظفة في بحوث الإعلام
وقد أصبح لهذه السمات دلالات اجتماعية منذ أن لاحظ "روبرت ميرتون" أن عناصر بعض الفئات مثل فئات السن، والنوع والتعليم والدخل، يمكن أن تتماثل في سلوكياتها تجاه الرسائل الإعلامية في إطار العلاقة كلها أو بعضها بهذه السمات.
فهي تشكل اتجاها في بحوث الإعلام يهدف إلى تحليل تركيبة جمهور المتلقين لمعرفة أنواعه التي تميل إلى وسيلة إعلامية معينة في أوقات مختلفة ونوع المحتوى، وذلك لأسباب سياسية ، اقتصادية...
ولقد انتشر استخدام هذه السمات من خلال الدراسات التي تقوم بها المراكز والوكالات والمؤسسات المتخصصة في التسويق التجاري والسياسي، حتى أصبحت صناعة قائمة بذاتها في المجتمعات الليبرالية وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتستخدم الدراسة الإعلامية لهذه السمات تبعا لطبيعة وأهداف أبحاث الجمهور، إلا أن فئات النوع، السن، ومستوى التعليم، والدخل نجدها أكثر السمات الديموغرافية استعمالا نظرا لدورها في تكوين خبرات الفرد وموقعه في سياق حياته الخاصة والاجتماعية ن ونظرا لتأثيرها في شخصيته ونموذج سلوكه الاجتماعي بصفة عامة، وسلوكه الاتصالي بصفة خاصة.
وانطلاقا من استعمالها الواسع في أبحاث الجمهور، نتطرق فيما يلي لهذه الفئات الأربع وعلاقتها بطبيعة المواقف الممكن اتخاذها تجاه الرسائل الإعلامية.
1/- النوع (genre): يقسم الجمهور وفقا لسمة النوع إلى ذكور/إناث، اعتمادا على عوامل بيولوجية وفيسيولوجية نظرا لثبوت تباين استجابة كل نوع للرسائل الإعلامية تبعا لاختلاف مصالح وحاجيات كل من الذكور والإناث التي يمكن إشباعها من خلال التعرض لوسائل الإعلام ن وكذلك اختلاف درجة قابلية الإقناع.
وتستعمل عادة فئة إناث/ذكور للدلالة على النوع فقط دون الخوض في الفئات النوعية، لأن رجال/ نساء أو فتيان /فتيات تتضمن الإشارة إلى فئات عمرية، غير أن البحوث الأكثر دقة تتناول النوع مقترنا بالعمر أو المهنة أو مستوى التعليم أو الوضعية الاجتماعية والاقتصادية.
2/- السن (Age): ويستخدم علماء السكان الفئات الخماسية أو العشرية لتبيان الهرم السكاني في دراسة التركيب العمري لسهولة التصنيف والتبويب، إلا أن هذه الفئات العمرية لا تقدم دلالات عملية لتفسير السلوك الاتصالي للجمهور عبر مختلف مراحل العمر التي تنتقل بالفرد من الطفولة إلى الكهولة والشيخوخة، حيث تتمايز مصالح الفرد واهتماماته.
ولقد استخدمت البحوث المبكرة حول جمهور وسائل الإعلام الفئات العشرية حسب طبيعة وأهداف الدراسة، حيث استخدم "لازرسفيلد" فئات (21-29)، (30-39)، (40-49)، (+60) لاهتمامه بالسلوك الانتخابي لقراء الصحافة التي كانت تشكل في أربعينات القرن الماضي الوسيلة الإعلامية الأكثر انتشارا.
أما ولبرشرام، فقد استخدم فئات (10-19)،(20-29)، (30-39) لنفس الأسباب المتعلقة بالقدرة على القراءة التي تمكن من التعرض إلى رسائل الصحافة.
وبدورها استخدمت مؤسسة BBC البريطانية في السبعينات فئات (5-9)،(10-14)،(15-19) لأهداف الدراسة الرامية إلى علاقة السن بتأثير أفلام العنف التلفزيونية على سلوكيات الأطفال المراهقين.
3/- مستوى التعليم (Education): تمكن هذه السمة من تحديد مستوى المعارف والخبرات التي قد يتحصل عليها الفرد من خلال أسلوب التعليم، والتي توجه سلوك الفرد نحو الرسائل الإعلامية ويعتبر إدماج فئة الأميين وضعيفي التعليم ضرورة موضوعية في الدراسة الاجتماعية والإعلامية بالنسبة للمجتمعات التي ترتفع فيها هذه النسبة من الأفراد، خاصة إذا تعلق الأمر بوسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وتتوزع فئات هذه السمة على النحو التالي:( أمي (لا يقرأ ولا يكتب)، يقرأ ويكتب ( فئة الذين تعلموا خارج النظام المدرسي، بفضل برامج محو الأمية)، المرحلة العليا (ما بعد التدرج)، وقد تدمج فئة مع أخرى حسب طبيعة البحث وإشكاليته، وعينة الدراسة الميدانية، ويفيد هذا التوزيع في طرح أسئلة الإثبات في دراسة الرأي العام، ويعبر عن دلالات سلوكية في التعامل مع الرسالة الإعلامية.
4/- الحالة الاقتصادية أو الدخل: تحدد فئة الدخل قدرة الأفراد على اقتناء الوسيلة الإعلامية الملائمة لوضعهم الاقتصادي، وعلى استهلاك السلع والخدمات، ولذلك تنال اهتماما كبيرا في وصف الجمهور لارتباطها الوثيق بتخطيط الحملات الاشهارية، بالإضافة إلى أنها تعكس الوقت المتاح للقراءة أو الاستماع أو المشاهدة.
وفي التفرقة بين مستويات الدخل، يلجأ الباحثون عادة إلى أخذ الخيارين: وضع مستويات ثلاثية أو خماسية تعبر عن الحالة الاقتصادية/ مثل :عالية، متوسطة، منخفضة، أو عالية، فوق المتوسطة، متوسطة، تحت المتوسطة، منخفضة ، ويستعمل أيضا نوع السكن (شقة، فيلا...) أو مكان الإقامة ( ريف ، مدينة، حي شعبي ...)، أو ملكية الأجهزة التكنولوجية، أو الحالة العائلية (أعزب، متزوج، أب ، أم..)، أو اللغة، أو مكان الميلاد وغيرها من السمات التي تتفق مع طبيعة البحث وأهدافه.
- وعلى الرغم من كثرة البحوث التي تناولت علاقة فئات السمات العامة أو الشخصية أو السكانية بالعادات والأنماط الاتصالية مع وسائل الإعلام، واستندت على نوع هذه العلاقة واتجاهها وشدتها في تفسير السلوك الاتصالي، فإنها لم تقدم تفسيرات للمتغيرات الوسيطة في تنظيم البناء الإدراكي والمعرفي لهذه الفئات، مثل الخبرات المتراكمة التي ترتبط بعامل السن، أو الصفات السوسيولوجية التي ترتبط بعامل النوع، والتي تنعكس في مظاهر متعددة من السلوك المتباين حسب الفئات المستخدمة.
ولذلك فإن نجاح استخدام فئات هذه السمات منفردا يرتبط إلى حد بعيد بالأهداف أو الطموحات المحدودة للاستخدام، التي تتمثل في قياسات الحجم، ومعدلات التعرض، وكثافته، بين الوسائل الإعلامية المختلفة أو محتواها، وبالتالي ينجح السؤال المطروح لمن؟.( عبد الحميد،، 1993، ص 36،37).
4. الاتجاهات الأساسية في دراسة السمات العامة
إن الحاجة غلى جمع المعلومات عن هذه السمات في السياق المنهجي لأي بحث عن الجمهور، مهما كانت أهدافه، أصبح هو السمة العامة في هذه البحوث.
فمنذ الدراسات المبكرة التي تناولت علاقة فئات هذه السمات ومستويات الاهتمام والتفضيل في الراديو والصحف، وحتى الآن، لم تخلو دراسة من سؤال منهجي حول سمات الجمهور أو خصائصه العامة أو الأولية.
وعليه تتضح الاتجاهات الرئيسية لدراسة السمات العامة أو الخصائص الأولية لجمهور وسائل الإعلام كالآتي:
4.1. دراسة هذه السمات باعتبارها تصنيفا لحجم وتركيب الجمهور المستهدف
وهذه الدراسة تعتبر استكمالا للدراسات التي تستهدف التعرف على حجم (عدد) جمهور الوسيلة أو المفردات أو المحتوى في وسائل الإعلام للأغراض العلمية أو العملية أو التسويقية مثلا.
وبذلك فإن الحجم وحدة قد لا يعطي دلالة صادقة لحجم التعرض، دون دراسته في إطار التصنيف الفئوي للسمات العامة أو الأولية أو السكانية.
4.2. • دراسة هذه السمات كمتغيرات في علاقات فرضية مع الأنماط الخاصة بالسلوك الاتصالي مع وسائل الإعلام، أو معدلات الاستخدام والإشباع لهذه الوسائل
وتهتم هذه الدراسات بمحاولة وصف السلوك الاتصالي مع وسائل الإعلام الذي يختلف باختلاف التصنيفات الفئوية لهذه السمات العامة، مثل توقيت التعرض، وكثافته، ومستوى الاهتمام، والاستخدام المتباين بين الوسائل أو المفردات، أو وصف معدلات الرضا والإشباع الذي يكون مثل تحقيق الدوافع أو الحاجات الفردية والاجتماعية من خلال الاستخدام المفرد أو المتبادل للوسائل الإعلامية، أو تكوين الآراء في الموضوعات أو القضايا التي تطرحها وسائل الإعلام.
4.3. • دراسة هذه السمات متكاملة مع السمات الاجتماعية والفردية
تظهر أهمية هذه الدراسات في تحقيق العلاقة بين السمات العامة والتأثيرات الثقافية والاجتماعية المرتبطة بفئات هذه السمات، ومؤشرات السلوك الاتصالي، والتأثيرات المتوقعة عن هذا السلوك.
وتمثل هذه الاتجاهات في دراسة السمات العامة و الأطر العامة لاستخدامها في دراسات الجمهور، في سياق الأهداف البحثية لهذه الدراسات، لوصف تركيب الجمهور، وبنائه وعلاقته الاتصالية بالوسائل الإعلامية ومفرداتها، كإطار لتغيير السلوك الاتصالين وتأثيرات الإعلام، وبناء قاعدة علمية ...لنماذج الرضا والإشباع المرتبطة بفئات هذا البناء تكون مدخلا للتخطيط العلمي للسياسات الإعلامية.