إثبات الحق

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: نظرية الحق
Livre: إثبات الحق
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Thursday 2 May 2024, 00:36

1. إثبات الحق

من خلال هذه المحاضرة سنتطرق إلى مفهوم إثبات الحق لنعرج أخيرا على تصنيف طرق الإثبات

1.1. مفهوم إثبات الحق

الحق لا يحتاج  إلى إثبات إلا إذا كان هناك نزاع يهدده، وفي هذه الحالة من المعتاد أن يلجأ صاحب الحق إلى رفع دعوى قضائية ويلزمه القاضي عند الادعاء بتقديم الدليل على وجود الحق وهذا الدليل هو ما نقصده من عبارة طرق إثبات الحق.

 

الفرع الأول: التعريف بالاثبات:

هو إقامة الدليل أمام القضاء على وجوده. فكل من له حق ينازعه فيه آخر، عليه إثباته.

واستنادا إلى هذا التعريف فالمقصود بالإثبات الذي يتعلق بالحق هو الإثبات القضائي وليس الإثبات العلمي الذي يهدف إلى إقامة الدليل على صدق نظرية علمية معينة.

 

الفرع الثاني: أهمية الإثبات

        للإثبات أهمية عملية كونه أداة لتسوية المنازعات بين الأفراد بشأن حقوق يدعونها، حيث يتعين على المدعي بالحق تقديم الدليل على وجود هذا الحق، وتكمن أهمية الإثبات فيما يلي:

-         يعتبر وسيلة لحماية الحق.

-         يعتبر أداة للفصل في الخصومات.

الفرع الثالث:  المبادئ العامة للإثبات

        يقوم الإثبات على مجموعة من المبادئ، أهمها: مبدأ حياد القاضي، ومبدأ عدم جواز إجبار الخصم على تقديم دليل ضده إلا في حالات معينة مثلما نصت عليه أحكام المادة 73 من ق إ م إ بقولها: " يجوز للقاضي أن يأمر باستخراج نسخة رسمية أو إحضار عقد رسمي أو عرفي أو إحضار أي وثيقة محجوزة لدى الغير بناء على طلب أحد الخصوم حتى ولم يكن طرفا في العقد".

        كما يقوم الإثبات على مبدأ عدم جواز اصطناع الدليل، ومبدأ حق الخصم في الإثبات وتقديم ما لديه من الأدلة، ومبدأ تمكين كل خصم مناقشة الدليل المقدم من خصمه.

1.2. تصنيف طرق الإثبات

نظم المشرع الجزائري طرق الإثبات في المواد من 323 إلى 350 من القانون المدني والمواد من 70 إلى 193 من ق إ م إ.

        وتتمثل هذه الطرق أساسا في: الكتابة، البينة، القرائن، الإقرار، اليمين، الخبرة والمعاينة.

أولا: الكتابة (المحررات).

        قبل اكتشاف الكتابة كانت البينة تحتل الصدارة في مجال الإثبات لكن مع اكتشاف الكتابة تضاءل دور البينة خاصة في العصر الحديث الذي يمنحها القوة الثبوتية المطلقة انطلاقا من مقولة أن الكتابة تبقى والكلمات تزول، وتعود أهمية الكتابة إلى وضوحها كدليل إثبات مع ديمومتها، حيث تبقى حتى بعد وفاة من حررها أو من وقع عليها، كما أن الكتابة تتفادى عيوب البينة كخطر النسيان أو خطر شهادة الزور[1].

        تتخذ المحررات نوعين: محررات رسمية ومحررات عرفية، فأما الرسمية منها فقد عرفتها أحكام المادة 324 من القانون المدني بنصها: " العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة وفق ما تم لديه أو تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه".

        وانطلاقا من التعريف التشريعي للمحرر الرسمي يجب توافر ثلاثة شروط في الورقة الرسمية: 1- صدور المحرر الرسمي عن موظف عمومي أو ضابط عمومي (موثق) أو شخص مكلف بخدمة عامة، 1- أن يكون صدور المحرر في حدود سلطته واختصاصه، 3- مراعاة الأشكال القانونية في تحرير المحرر الرسمي، 4- أن يكتسب المحرر الرسمي قوة ثبوتية مطلقة.

        كما تتخذ المحررات نوعا ثانيا يتمثل في المحررات العرفية، والتي يقصد بها كل ورقة مكتوبة يحررها أطراف عاديين دون تدخل أطراف رسمية[2]، وتنقسم إلى محررات عرفية معدة للإثبات، ومحررات عرفية غير معدة للإثبات، فأما تلك المعدة للإثبات، فقد عرفها المشرع الجزائري بموجب نص المادة 327 ق م[3]، والتي تشترط شرطان لانعقاد المحرر العرفي المعد للإثبات وهما: شرط الكتابة وشرط التوقيع.

        أما المحررات العرفية غير المعدة للإثبات، فقد عددها بموجب أحكام المواد من 329 إلى 332 من القانون المدني، وتتمثل في: الرسائل، البرقيات، الدفاتر التجارية، الدفاتر والأوراق المنزلية، التأشير على سند الدين بما يفيد براءة ذمة المدين.  

ثانيا: الإقرار

        يعرف الإقرار بأنه اعتراف شخصي بادعاء يوجهه إليه شخص آخر[4]، كما يعرفه المشرع الجزائري بنص المادة 341 ق م " الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه، وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بها الواقعة".

ثالثا: اليمين

        ويسمى باليمين الحاسمة لأنها تحسم النزاع، وهي اليمين التي توجه من أحد الخصمين للآخر بقصد حسم النزاع، وذلك ما عرفته المادة 343 ق م بقولها: " يجوز لكل من الخصمين أن يوجه اليمين الحاسمة إى الخصم الآخر.."

رابعا: البينة أو شهادة الشهود   

        إن شهادة الشهود هي التصريح الذي يدلي به الشخص أمام القضاء بواقعة صدرت من غيره وترتب عليها حق لهذا الغير، ويجب أن تكون هذه الواقعة المصرح بها وصلت إلى علم الشاهد بسمعه أو بصره، كأن يسمع تعاقدا بين طرفين فيشهد بما سمع أو رأى، وهي إخبار من شخص ليس خصما في مجلس القضاء بإجراءات معينة منها حلف اليمين بما رآه أو سمعه، أو أدركه بحاسة من حواس الإدراك[5].

        ويشترط في الشاهد أن يكون راشدا متمتعا بكامل الأهلية، كما تقبل شهادة المميز وتسمع شهادته بدون يمين وتكون على سبيل الاستدلال، كما يشترط في الشاهد ألا يكون محكوما عليه بعقوبة جنائية لم تنقض مدتها بعد، وتسمع على سبيل الاستدلال.

        وتوجد حالات يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود، وذلك في المواد التجارية (م 333 ق م)، الوقائع المادية، التصرفات المدنية التي لا تتجاوز مائة ألف دينار.

خامسا: القرائن

        القرينة هي ما يستخلصه القاضي أو المشرع من أمر معلوم الدلالة على أمر مجهول، وبذلك تعتبر القرائن أدلة غير مباشرة، حيث لا ينص الإثبات فيه مباشرة على الواقعة محل التعدي، وإنما على واقعة أخرى بديلة.

        وتنقسم القرائن إلى قرائن قضائية وأخرى قانونية، فأما القضائية منها فهي ما نصت عليه المادة 340 ق م: " يترك لتقدير القاضي استنباط كل قرينة لم يقررها القانون..."، وأما القرائن القانونية فهي التي يستنبطها المشرع من حالات يغلب وقوعها، وقد نصت المادة 337 ق م على أن: " القرينة القانونية تغني من تقررت لمصلحته عن أية طريقة أخرى من طرق الإثبات..." ومعنى ذلك أن القرينة إذا وجدت في صالح المدعي فإنها تعفيه من عبء الإثبات المباشر الذي كان مكلفا به.

سادسا: الخبرة القضائية

        أصبحت الخبرة طريقا من طرق الإثبات لاسيما في بعض المسائل الفنية الدقيقة التي يصعب على القاضي إدراكها والوقوف على حقيقتها دون الاستعانة بخبير أخصائي، إذا فالخبرة هي وسيلة للتحري في جميع فروع القضاء سواء منها المدني أو الجنائي أو التجاري أو الإداري، وتتنوع الخبرة فمنها الخبرة للمرة الأولى، الخبرة المضادة، الخبرة الجديدة، الخبرة التكميلية.

سابعا: المعاينة

        يقصد بالمعاينة انتقال القاضي أو من يكلفه من أعوان القضاء كالمحضرين إلى مكان النزاع لمعاينته بنفسه أو بموجب أمر صادر عنه (م 146 ق إ م إ)، واعتبر المشرع المعاينة كطرقة من طرق الإثبات يلجأ إليها القاضي من تلقاء نفسه أو بطلب من أحد الخصوم لإثبات واقعة مادية تستوجب معاينتها للفصل في النزاع.

 



[1]  عجة الجيلالي، مرجع سابق، ص560.

[2]  عجة الجيلالي، مرجع سابق، ص 564.

[3]  راجع أحكام المادة 327 من الأمر 75-58 المتضمن القانون المدني.

[4]  عبد الرزاق السمهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، دار إحياء التراث العربي، بيروت 1981، ص741.

[5]  عجة الجيلالي، مرجع سابق، ص593.