مدرسة التحليل النفسي

الموقع: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
المقرر: مدخل إلى علم النفس العام
كتاب: مدرسة التحليل النفسي
طبع بواسطة: Visiteur anonyme
التاريخ: Thursday، 16 May 2024، 5:34 AM

1. مقدمة

لاقى المنهج التحليلي النفسي في فهم الشخصية وتطورها المنبثق من دراسات سيجموند فرويد اهتماما كبيرا، ثم ما لبث بعض تلامذته "أدلر، يونج ورانك" أن وضعوا نظريات مختلفة، ثم هناك محللون آخرون "فروم وهورني وسلفيان وريك" (وهم أعضاء في مدرسة لندن في جماعة شيكاغو) أعادوا تفسير بعض نتائج فرويد وعدلوا فيها، كما أن هناك آخرون (أبراهام، فينكل وشتيكل) طوروا وجهات نظرهم الخاصة، ومن المناسب أن نناقش هذه النظرية تحت العناوين التالية بناء الشخصية مستويات النشاط النفسي الدوافع النمو النفسي الجنسي.

1.1. بناء الشخصية:

        يقول سيجموند فرويد Freud (1927-1933) مؤسس هذه النظرية إن الجهاز النفسي يتكون فرضا من الهو، الأنا والأنا الأعلى.

  1. الهوid  هو أقدم قسم من أقسام هذا الجهاز، وهو منبع الطاقة الحيوية والنفسية التي يولد الفرد مزودا بها وهو يحتوي على ما هو ثابت في تركيب الجسم فهو يضم الغرائز والدوافع الفطرية الجنسية والعدوانية، وهو الصورة البدائية للشخصية قبل أن يتناولها المجتمع بالتهذيب، وهو جانب لا شعوري عميق ليس بينه وبين العالم الواقعي صلة مباشرة، يسيطر على نشاطه مبدأ اللذة.
  2. الأنا الأعلىsuper-ego هو مستودع المثاليات والأخلاقيات والضمير والمعايير الاجتماعية والتقاليد والقيم، فهو بمثابة السلطة داخلية(رقيب نفسي)، وهو لاشعوري، وينمو مع نمو الفرد، ويعمل الأنا الأعلى على ضبط الهو وكف دفاعاته.
  3. الأنا ego هو مركز الشعور والإدراك الحسي الخارجي والإدراك الحسي الداخلي والعمليات العقلية، وهو المشرف على جهازنا الحركي الإرادي، ويتكفل الأنا بالدفاع عن الشخصية ويعمل على توافقها مع البيئة وإحداث التكامل وحل الصراع بين مطالب الهو وبين مطالب الأنا الأعلى وبين الواقع، والأنا له جانبان شعوري ولا شعوري، وظيفة الأنا هي التوفيق بين مطالب الهو والظروف الخارجية، و ينظر إليه فرويد كمحرك منفذ للشخصية ، ويعمل الأنا في ضوء مبدأ الواقع .

يقول فرويد أن الجهاز النفسي لابد أن يكون متوازنا حتى يكفل للفرد طريقة سليمة للتعبير عن الطاقة اللبيدية، ويحاول الأنا حل الصراع بين الهو والأنا الأعلى فيلجأ إلى عملية تسوية ترضي- ولو جزئيا- كلا الطرفين، وإذا أخفق ظهرت أعراض العصاب. 

1.2. مستويات النشاط النفسي:

انتهى فرويد إلى أن هناك ثلاثة مستويات من النشاط النفسي وهي الشعور، وما قبل الشعور واللاشعور، ومن الواضح أن الشعور هو المستوى الظاهر للتفكير والسلوك حيث يكون من السهل استدعاء مادته وتطبيقها في البيئة المحيطة، وأما ما قبل فهو مكون من ذكريات من الممكن استدعاءها ولكن بشيء من الصعوبة ومادة الشعور وما قبل الشعور متلائمة مع الواقع ومستجيبة له، أما اللاشعور فيتكون من الاتجاهات والمشاعر والأفكار التي لا تخضع للضبط الإرادي، ولا تستحضر على المستوى إلا بصعوبة بالغة ولا تربطها قوانين المنطق ولا تخضع لقيود الزمان والمكان.

1.3. الدوافع:

        يرى فرويد أن الدوافع تنبع من طاقة بيولوجية عامة، وقسمها إلى دافع بنائي ودافع تدميري، وتعبر الدوافع البنائية أو قوى الحياة عن نفسها في دوافع الأنا ودوافع الجنس تحافظ دوافع الأنا على الذات عن طريق إشباع الحاجات الغذائية، وتعبر دوافع الجنس(الليبدو) عن نفسها في نشاطات وجدانية وجنسية مختلفة، وأما الدوافع التدميرية فتعبر عن نفسها في دفاعات العداء الموجهة نحو الذات وكذلك نحو الآخرين، هذه الدفاعات قد تأخذ شكل العدوان أو الكراهية أو القتل أو الانتحار.

طبقا لفرويد تؤدي دوافع الحياة ودوافع الموت هذه إلى التوتر الذي يراه الفرد توترا كئيبا أو غير سار، والسلوك الهادف في معظمه هو محاولات الفرد لخفض هذا التوتر، ويفترض أن دوافع الموت والحياة هذه تستمر طوال حياة الإنسان وبالإضافة إلى ذلك فإنها تميلان إلى الامتزاج وتصبحان غاية في التعقيد حتى أنهما كثيرا ما يوجهان معا إلى نفس موضوع الحب، ويسمى هذا الخلط بين دوافع الحياة والموت بالثنائية الوجدانية، وغالبا ما تلاحظ المشاعر الثنائية إكلينيكيا نحو الآباء والأشقاء والأزواج.

وتسير نشاطات الإنسان على أساس مبدأين آخرين: مبدأ اللذة و مبدأ الواقع، ففي الطفولة يكون الفرد مدفوعا باللذة فقط، ولكن بمرور الوقت تجبره ضغوط الحياة على أن ينمي إحساسا بالواقع وهنا يظهر مبدأ الواقع الذي يعدل من مبدأ اللذة  ويؤدي إلى ظهور قوى القمع والكف التي تسيطر على نشاطات البحث عن اللذة. 

1.4. النمو النفسي الجنسي:

        تحتل الغريزة الجنسية مركزا خاصا في نظرية التحليل النفسي، فقد ركز فرويد على أهمية الغريزة الجنسية في توجيه السلوك، وأبرز علاقة اضطراب الغريزة الجنسية والمشكلات الجنسية بالأمراض النفسية، ويلاحظ أن فرويد استخدم مصطلح "جنسي" بمعناه الواسع مشيرا إلى أي نوع من النشاط الجسمي الذي يجلب اللذة بإشباع الحاجات الجسمية، واعتقد فرويد أن النشاط البشري يتأثر بما أسماه اللبيدوLibido أي الطاقة الجنسية أو المظهر الدينامي للغريزة الجنسية، وتحدث فرويد عن مراحل تطور الغريزة الجنسية معتمدا على فكرة المناطق الشبقية (مناطق اللذة الشهوية) في الجسم والتي تؤدي إثارتها إلى الإشباع الجنسي وهذه تتغير تبعا للسن والنمو .

وصف فرويد ثلاث مراحل أساسية في نظريته في التطور النفسي الجنسي للفرد : المرحلة الطفلية وتنقسم إلى ثلاثة مراحل فرعية – المرحلة الفمية والمرحلة الشرجية والمرحلة القضيبية، والسمة الأساسية فيها(الموقف الاوديبي)، ثم مرحلة الكمون ، ثم المرحلة التناسلية.

  • المرحلة الطفلية : تستمر المرحلة الطفلية حتى حوالي سن 6 سنوات، وهي تنقسم إلى:

-      المرحلة الفمية : حيث نجد الشكل الأساسي للاشباع هو المص والعض(وتمتد هذه الفترة خلال الثمانية عشر شهرا الأولى من العمر، تلك الفترة التي يسودها مبدأ اللذة.

-       المرحلة الشرجية: حيث يرتبط الإشباع الأساسي بعمليات الإخراج، وتمتد هذه المرحلة حتي سن الرابعة تقريبا، وهي الفترة التي يبدأ فيها مبدأ الواقع في تعديل مبدأ اللذة.

-      المرحلة القضيبية : تمتد فيما بين سن 4 و سن 6 حيث ينبع الإشباع الليبدي أساسا من الأعضاء التناسلية، ويحدث خلال هذه المرحلة عقدة الأوديب oedipus complex - تحول من النرجسية إلى إشباع موضوعاتي متخيل حيث يصبح الوالدان المصادر الرئيسية للإشباع الوجداني- ونتيجة لذلك يرتبط الأولاد بأمهاتهم وينظرون لآبائهم باعتبارهم منافسين، ويسمى الموقف المقابل بالنسبة للإناث بعقدة إلكترا، ثم يكبت هذا اللصراع الأوديبي نتيجة التهديد بالخصاء الذي يضعه الوالدان تلميحا أو علانية.

  • مرحلة الكمون:

تمتد هذه المرحلة من نهاية المرحلة القضيبية حتى بداية المراهقة عند سن 12 تقريبا، وفي هذه المرحلة تبقى الدوافع الجنسية خامدة، بينما يستمر النمو العقلي والاجتماعي والأخلاقي للفرد.

  • المرحلة التناسلية:

        يفترض أن النمو النفسي والجنسي للفرد يتم اكتماله عندما يصل إلى توافق مشبع في المرحلة التناسلية، فمع بداية البلوغ تنبعث الجاجات الجنسية الطفلية وتتجدد الدوافع اللبيدية الفمية والشرجية والقضيبية، وهذه الدوافع أساسا نرجسية الطابع ، أي أنها تتجه غالبا نحو الإشباع الذاتي للفرد أكثر من اتجاهها نحو إعطاء الحب للآخرين، وبنمو الفرد وابتعاده عن هذه النرجسية يكون أول حب موضوعاتي غالبا واحد من نفس الجنس، وباستمرار النمو يسعى المراهق نحو الإشباع عن طريق الجنسية الغيرية التي هي في المبدأ نرجسية الطابع 

1.5. نقد نظرية التحليل النفسي:

-       أسهمت هذه النظرية في المجال العلمي وفي مجال العلاج النفسي لكنها اهتمت بالمرضى أكثر من الأصحاء.

-      هناك خلافات في وجهات النظر بين فرويد وعلماء النفس المحدثين .

-      ركز فرويد كثيرا على العزيزة الجنسية وأكد أكثر مما يجب على أثرها في الشخصية .

-      اهتم فرويد بالمكونات الداخلية للشخصية أكثر من السلوك الظاهري .

أكد فرويد على أهمية الماضي في فهم الشخصية وعلاجها، لكن يونج ذكر انه لا يمكن فهم السلوك الإنساني في ضوء ماضيه فقط، وإنما في ضوء أهدافه المنشودة أيضا.