محاضرة (06): من المعلومة الأثرية إلى نظام المعلومات الأثرية

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: مدخل إلى علم الآثار
Livre: محاضرة (06): من المعلومة الأثرية إلى نظام المعلومات الأثرية
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Tuesday 7 May 2024, 15:27

1. مقدمة: مفهوم المعلومة الأثرية

تمثل المعلومة الأثرية منتوج العلاقة التفاعلية بين الباحث الأثري و اللقى الأثرية بالإضافة إلى البيئة المحيطة، فهي بهذا مركب كلي لمركبين جزئيين اللقية و محيطها.

يمكن أن نلخص تعريف المعلومة الاثرية بأنها مجموع الأوصاف و القياسات التي نهدف من خلالها التعريف باللقية الأثرية – بالمعنى الافتراضي للمصطلح -، بربطها بمعلومات مميزة لبيئتها في صورة شبكة علاقات مجموعة لقى + وسط + علاقات.

2. مصادر المعلومة الاثرية

المصدر الأساسي و المباشر للمعلومة الأثرية هو اللقى الأثرية نفسها بكل أنواعها و بكل أبعادها، إلا أن هذا المفهوم الذي يطلق علية تارة اللقى أو البقايا الثقافية المادية أو الأدوات الأثرية تبقى غامضة غير ذات دلالة إلا إذا استخرجت منها كل المعاني التي يمكن أن تدل عليها في شكل شبكة علائقية من المعلومات.

حصر أنواع اللقى الأثرية أمر يكاد يكون مستحيلا إذا ما تتبعنا أصغر لقية يمكن أن يقدمها لنا موقع أثري، إلا أنه يمكن إدراجها في مجموعات كلية تنضوي تحتها الأصناف غير المحدودة و التي نعرضها كالآتي:

2.1. البقايا الثقافية المادية

هو مفهوم وضع للإشارة إلى البقايا المعثور عليها بالمواقع الأثرية، و التي تحمل أثرا لعمليات التصنيع أو الاستعمال من طرف الانسان، لكن هذه التسمية تتركها في دائرة الغموض و عدم التعريف نذكر منها:

أدوات حجرية مقصبة، أدوات حجرية مشكلة، كتل حجرية خام إلى أنه يظهر عليها آثار الفعل الإنساني، الفخار، أدوات معدنية، أسلحة معدنية، ألبسة ...الخ

2.2. الهياكل المكانية

هي مجموعة من البقايا المادية الثقافية، المادية و اللامادية، لمسكن ما: موقد، كتل من الحجارة، بقايا تقصيب، منطقة نشاطات، حواف تؤشر على حدود المسكن (بقايا جدار، خندق،...الخ)، حفر صغيرة موزعة على الأرضية ترتيبا منتظما، قبور، فرن،...الخ

2.3. البنايات العمائرية

و هي عبارة عن مجموعة من العمائر – هياكل بنايات – تشكل نسيجا معماريا منتظما، نجد فيها المساكن و فضاءات النشاطات المتخصصة.

- مسكن: كهف، ملجأ، كوخ، منزل، معبد...الخ

- فضاء لتربية الحيوانات: إسطبل، سياج، خم...الخ

- فضاء مخصص لصناعة: حداد، خزاف، حرفي...الخ

- آثار تدل على النقل: طرقات، جسور، أنفاق، قنوات، نفورات...الخ

- شبكات التوزيع: دكاكين، مستودعات، أسواق...الخ

- ...الخ

2.4. آثار التعمير البشري

ممثلة في مجموعة من البنايات الدالة على وحدة  نسيج مجتمعي، يشكل في الغالب فضاءات متخصصة نذكر منها:

مناطق سكنية: مساكن معزولة، قرية، بلدة، مدينة، مرافئ...الخ

مناطق صناعية: منجم، منابع مائية، مؤسسات صناعية...

مواقع زراعية: مسح أراضي، مصاطب، منحدرات

أماكن دينية: المجمعات الدينية، الدير، الاماكن المقدسة...الخ

2.5. العينات الميدانية

تتميز بشدة تنوعها من حيث طبيعتها، فهي تتعلق بـكل ما له علاقة بالدراسات الستراتيغرافية، الرسوبية، البالينولوجية، دراسة الفحم، الكيمياء...الخ

- العينات النباتية: من خلالها يمكن تحديد طبيعة الغطاء النباتي و الذي منه المستأنس – ممارسة الزراعة – أو الطبيعي، تتحول المعطيات التي يقدمها هذا النوع من العينات إلى معلومات حول طبيعة المناخ و كذا نمط الحياة الذي إما ان يكون انتهازيا أو إنتاجيا.

- العينات الحيوانية: و التي بدورها تمنحنا معلومات بيئية حول المناخ، الاستئناس أو الصيد

- العينات الجيولوجية: و التي تمنحنا معلومات عن تضاريس البيئة القديمة بالإضافة إلى كيفية تشكل طبقات الموقع و ديناميكيات تشكلها التي قد تكون مائية أو هوائية أو تكتونية.

2.6. قياس المتغيرات الطبيعية

و الذي كثيرا ما يحدث أثناء المسح الأثري و الحفرية الأثري، و التي تخص:

- المسح الجيوفيزيائي

- القياسات الجيوكيميائية

- الصور الفضائية

- الصور الجوية

هذه القياسات المسجلة يمكن ان تستخرج منها معلومات ذات فائدة كبيرة في فهم شبكة العلاقات المعقدة التي تربط جل اللقى و التسجيلات في شكل مشهد ثقافي موحد.

كما يدخ في هذا النوع من مصادر المعلومات كل أنواع الرفع الأثري الذي نقوم به أثناء العمليات الميدانية للبحث الأثري: الرفع الطباقي، الرفع المساحي، الارتفاع (Z)، الرفع الفوتوغرافي ثلاثي الأبعاد...الخ.

2.7. الوثائق

و نقصد بها كل التسجيلات:

- القديمة بمعنى المصادر ( الكتابات أو الرسوم أو الصور ) المنجزة وقت وقوع الحدث

- الجديدة و التي تخص كل من البيبليوغرافية، الفوتوغرافية بكل أنواعها، الرسوم، و التي تم إنجازها إثر القيام بدراسات و بحوث متخصصة في فترات سابقة و لاحقة للعمل الميداني

يمكن أن نستخرج من هذا النوع من المصادر معلومات أثرية من شأنها أن تدفع إلى إثارة جملة من التساؤلات التي تبني إشكالية بحث جديدة، كما يمكن أن توفر إجابات مباشرة لإشكالية البحث المطروحة.

3. أنواع المعلومات الأثرية

تعد المعلومات الاثرية متغيرات قابلة للملاحظة و القياس، يعتمدها الباحث للكشف عن نسق حضاري أو ثقافي خاص بفترة كرونولوجية محددة.

إلا أن المعلومات الأثرية لا تقتصر على تلك المتعلقة باللقية مباشرة أي تلك التي تصف البقايا الثقافية المادية فقط، بل هو مفهوم أوسع، هو كل ما يمكن أن يقدمه الموقع الأثري و ما من شأنه أن يفسر التعقيد المحيط بالظاهرة موضوع الدراسة. لذلك يمكن عد أربعة أنواع من المعلومات الاثرية وهي كالآتي:

3.1. المعلومات السياقية / البيئية

تصف هذه المعلومات البيئة المحيطة باللقية الأثرية، و لا يمكن تسجيلها إلا أثناء العمل الميداني – الحفرية الأثرية – أما عن المعلومات المندرجة حتى هذا المسمى فنجد:

- الكرونولوجية: و التي يمكن استخلاصها من خلال فهم المنظومة الستراتيغرافية وفقا لمبدأي: التناضدية أو التوازي بمعنى الانتماء لنفس الطبقة أي التزامن و التعاصر، كما يمكن أيضا إجراء تاريخا مطلقا من خلال إخضاع بعض عناصر الطبقات لطرق التأريخ بالاعتماد على الخصائص الفيزيائية للمواد.

- إحداثيات  التموضع: و ذلك من خلال إعطاء موقع اللقية في لموقع بالتدقيق، داخل بنية مكانية أو داخل مبنى، أو على طول مساحة منطقة تعمير بشري.

- البيئة: و هي المتعلقة بالبيولوجية النباتية او الحيوانية و كذا الجيولوجية

دقة كل هذه المعلومات مرهون بمدى التقيد بالتقنيات و المنهجيات المتبعة في أخذ عينات أثناء العمل الميداني في الحفريات الأثرية.

3.2. المعلومات الجوهرية / الكنهية

للتعريف باللقية الأثرية نحتاج إلى تسجيل العديد من المعلومات المختلفة الأبعاد:

- وصف تقنيات الإنجاز

- تحديد وظيفة اللقية أو الفضاء

- وصف الجانب المورفولوجي / الشكل الخارجي

- وصف أسلوب الإنجاز

- أخذ و تسجيل المقاسات

- وصف الزخرفة

- تحديد التركيبة الكيميائية و الفيزيائية

- الوصف الهندسي و كذا طبيعة التوزيع الفضائية

كل لقية أثرية تعبر عن شبكة من المعلومات المتفردة تجعل منها كيانا مستقلا بذاته، يحمل دلالات أكثر إذا ما قرأت داخل نسق المعلومات السياقية.          

3.3. المعلومات المرجعية

يتبوأ هذا النوع من المعلومات مكانة جد هامة في نظام المعلومات الأثري، فلا يمكن ان نباشر أي عملية ميدانية (مسح / حفرية)، دون وضع نظام تموضع للقى متناسق و منسجم وطبيعة الموقع.

يعمل هذا النظام على تسهيل الوصول إلى المعلومات الجوهرية و المعلومات السياقية المتعلقة بلقية معينة من خلال تنظيم نظام التوثيق وفقا لنظام التموضع (النصوص، الصور، الرسوم، البيبليوغرافية، الأرشيف...إلخ).

3.4. المعلومات الإدارية

هي معلومات مخصصة لتسيير العمليات المختلفة لمخطط البحث الأثري، و هي معلومات خارجة عن تحرير الخطاب أو الكتابة الأثرية:

- تسجيلات (تاريخ، محرر، ارتفاع،...)

- حماية اللقية (غسل، تسجيل، تعليب، ترتيب...الخ)

- الحفظ (عنوان الإيداع، العوائق، مظاهر و عوامل التلف على اللقية،...الخ)

- الجرد

- الالحاق (مكان الإيداع النهائي: متحف، مستودع، مخبر،...الخ)

4. نظام المعلومات الأثري

يمكن بناء نظام معلومات أثري انطلاقا باعتماد مقاربة موجهة أساسها و منطلقها اللقية الأثري و ذلك كالآتي:

     - اللقية الاثرية

     - المعلومات (الجوهرية، السياقية، المرجعية، الإدارية)

     - الوظائف

مثال: بناء نظام معلومات أثري لعملية المسح الاثري تكون كالآتي:

المسح الاثري

اللقى الأثرية             النطاق: (تغطية فوتوغرافية شاملة، أسبار، تحديد وحدة التجميع، البناية،...الخ)

المعلومات الجوهرية      العد بحسب النوع، القياس، التوصيف

المعلومات السياقية       إحداثيات اللقية، ارتفاع، وصف البيئة المحيطة

المعلومات المرجعية      النصوص التي تكلمت عن اللقية الاثرية، الخرائط

 الوظائف

على المعلومة الجوهرية و السياقية:

                                       - إنجاز خرائط موضوعاتية

                                       - إنجاز خرائط توزيع نسب الكثافة (نقاط التركيز الكبير)

                                       - وضع مخطط لنظام التربيع

على المعلومة المرجعية:

                           - معالجة الصور بكل أنواعها

5. المراجع

عاصم محمد رزق. (1996). علم الآثار بين النظرية و التطبيق. مكتبة مدبولي

منى يوسف نخلة. علم الآثار في الوطن العربي – مدخل -، جروس برس، طرابلس لبنان

Demoule JP, et al. , Guide des méthodes de l’archéologie, Paris, La Découverte.

P. Jockey, L’Archéologie, Paris, Belin.

Ph. Boissinot, L’Archéologie comme discipline ? , Paris, Seuil

De Beaune, L’archéologie à découvert, Paris, CNR

Djindjian, F. (1991). Méthodes pour l’archéologie. Ed. ARMAND COLIN, Paris.

Djindjian, F. Manuel d’archéologie, Armand Colin, Paris, 2011