ماهية علم النفس

الموقع: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
المقرر: مدخل إلى علم النفس العام
كتاب: ماهية علم النفس
طبع بواسطة: Visiteur anonyme
التاريخ: Thursday، 16 May 2024، 11:46 AM

الوصف

إ

1. مفهوم علم النفس

1.1. مقدمة

إن الحضارة الحديثة و التي نعيشها في هذه الأونة تتغير ظواهرها بين برهة وأخرى، وقد أخذ التطور شكل الطفرة في التحول الكلي من ظاهرة إلى أخرى ، مما ألقى  الكثير من التبعات على سكان الأقطار النامية ، و التي تسعى جاهدة لملاحقة هذا التغير العالمي ومما تبعه بالتالي تعدد الأدوار ، وكثرة الحاجات وتنوعها، و زيادة المشكلات وتضخمها. و لذلك تسعى هذه الحضارة إلى دراسة الهندسة البشرية من خلال علم النفس و الذي يعتبر من أهم العلوم التي تهتم بدراسة السلوك و يسعى إلى رفاهية الفرد و سعادته، من خلال إشباع حاجاته بما يؤدي إلى زيادة قدرته الإنتاجية ، و تحسين علاقاته الانسانية في كافة المجالات و اقتراح الحلول وتقديم الأطر النظرية و العملية للقضاء على مشكلات الأفراد و خاصة بعد أن تطور هذا العلم ، وأصبحت له فروعه المتعددة و نظرياته التي شملت جميع نواحى الحياة، وربما ساعد على ذلك جهود العديد من العلماء من مختلف التخصصات و التي ساهمت بتطوير علم النفس بعد أن كان موضوعا من موضوعات الفلسفة تناوله الفلاسفة القدامى بالبحث و التنقيب ،و تبعهم علماء المسلمين بالبحث متأثرين في بحوثهم بالفلسفة اليونانية ، فلقد ضل التداخل بين الفلسفة و العلم إلى فترة طويلة قبل أن تبدأ حقول المعرفة في التخصص و الانفصال عن الفلسفة و إن بقي لكل منها بعد فلسفي يتعلق بطبيعة العلم و منهجه و أساليب تحليله للمعرفة الخاصة به.كما ضل علم النفس موضوعا فلسفيا حتى بداية القرن 19 م مع ظهور حركة علم النفس التجريبي و حركة القياس النفسي . قد يصعب على بعض الطلبة أن يفكروا في علم النفس بوصفه علما مثله في ذلك مثل الفزياء و الرياضيات ، خاصة و أن المقررات التمهيدية لمناهج البحث في علم النفس و الاحصاء عادة ما تكون في السنة الأولى التي يلتحق بها الطلبة بالجامعة وهم لا يعرفون إلا القليل عن علم النفس، بل أن الكثير منهم لا يفرق بين علم النفس و الفلسفة . حقا يمكن اعتبار علم النفس ارثا من الفلاسفة ، غير أنه انفصل عن الفلسفة بتحديد موضوع بحثه ، وتطوير مناهجه، وتحسين أدوات القياس التي اصبح بعضها يتسم بالموضوعية و الدقة و الثبات. وهذا ما سنحاول إدراجه في هذا المقياس الموسوم ب : مدخل إلى علم النفس حيث سطرت فيه عدة محاور . و محتوى هذا المقياس موجه لطلبة السنة الأولى جذع مشترك علوم اجتماعية المتحصلين على شهادة باكالوريا.

إن علم النفس قديم قدم التاريخ، وبدأ حينما بدأ الانسان يشعر بوجوده في هذا الكون متأملا ذاته في بيئة ذاخرة بالظواهر و الكائنات، و مليئة بالعديد من المثيرات التي أثارت انتباهه و دعته إلى العديد من التساؤلات عن هذه الظواهر الطبيعية و القضايا المتعددة التي قادت هذا الانسان إلى أن يتأمل في ذاته و هي بدايات علم النفس التي سادت كل العصور المختلفة. فلقد اهتم الإنسان بذاته كثيرا ، وحاول جاهدا أن يعرف نفسه ، ويفهم سلوكه ، كما اتجه إلى تقدير إمكانيات شخصيته وخصائصها ومقارنتها بما يجده في شخصيات الآخرين.و يدرس جوانب نشاطه وسلوكه، فالإنسان يعيش في وسط اجتماعي، ويسعى لإشباع حاجاته ، العضوية والنفسية، حيث تعترضه العوائق المادية والاجتماعية ، فهو في محاولة دائمة في التوفيق بين حاجاته ومتطلبات الواقع ،و اكتشاف خفايا نفسه.

1.2. تعريف علم النفس

تتكون كلمه علم النفس Psychology في اللغه الانجليزيه من مقطعين لهما أصل يونانى هى:Psyche وهى تشير إلي الحياه أو الروح، أما المقطع الثانى logos فهو يفيد معنى العلم أي البحث الذى له أصول منهجيه علميه. علم النفس هو الدراسة العلمية للسلوك ، ويمكن تعريفه بأنه: "الدراسة العلمية لسلوك الكائنات الحية، وخصوصا الإنسان، وذلك بهدف التوصل إلى فهم هذا السلوك وتفسيره والتنبؤ به والتحكم فيه". وكما أنه من العلوم المهمة حديثا  وهذا العلم لايختصر على فرع واحد بل لديه عدة فروع وأقسام بالإضافة إلى ذلك فإنه من العلوم الممتعة مع أن دراسته قد لاتكون بالسهلة ويساعد هذا العلم في معرفة أنماط الشخصيات المختلفة... وأبسط تعريف لعلم النفس يحدد بأنه العلم الذي يدرس السلوك الانساني و الحيواني، فهو العلم الذي يتناول بالوصف و التحليل كل أوجه النشاط الانساني .

1.3. موضوع علم النفس

دراسة السلوك: 

يختلف علماء النفس في زاوية دراستهم للسلوك ، فبينما نجد السلوكيون يهتمون بالسلوك على انه مجموعة من الاستجابات التي تصدر عن الفرد وما يرتبط بها من مثيرات (مثير/ استجابة)، نجد أصحاب النظرية التحليلية ينظرون إلى السلوك على أنه مصدر للدلالة على الدوافع المكبوتة (مثير/شخصية / استجابة )، كما حدد الباحث كارت لوين ( 1890- 1947) في نظرية المجال أن السلوك هو دالة لتفاعل الشخص مع محيطه ، ووضع هذه الفكرة في معادلة التالية : السلوك = ( الشخص . المحيط) مؤدى هذه المعادلة أن الفرد يؤثر و يتأثر بالمحيط الذي يكون فيه أثناء اصداره السلوك ، ومن هنا فإن تأثير منبه ما لا يتوقف على خصائصه الذاتية و لكن ايضا وبدرجة كبيرة على الحالة النفسية التي يكون عليها الشخص الذي يكون تحت تأثير هذا المنبه.

1.4. الشخصية

تعريف: 

أهم تعاريف الشخصية تعريف جوردن ألبورت Allport1937 وهو: "الشخصية هي التنظيم الدينامكي في الفرد لجميع الأجهزة النفسية والجسمية الذي يحدد توافقه الفريد مع بيئته." يعرفها حامد عبد السلام زهران على أنها: " جملة السمات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية (الموروثة والمكتسبة) التي تميز الشخص عن غيره" كان فرويد Freud أول من قدم تفسيرا للشخصية باستخدام مصطلح ديناميكية الشخصية الذي يعني بباسطة تفاعل شبكة من المتغيرات سواء كانت في النفس البشرية أو كانت في الظواهر الطبيعية أو البيولوجية، وكان التفسير لأي ظاهرة إنسانية كانت أو اجتماعية أو فيزيقية لا يتأثر إلا بالمفهوم الديناميكي وهو مفهوم شبكي يتجاوز المفهوم المتداول (سبب ونتيجة) الذي كان يميز الفهم للظواهر والأحداث.

ويعد تعريف Allport للشخصية من أفضل التعاريف وذلك لتميزه عن غيره من التعاريف بالنواحي التالية: - أوضح أن الشخصية عبارة عن تنظيم ديناميكي، أي أنها تتميز بالثبات النسبي الذي يساعد على التنبؤ باستجابتها تجاه المواقف المختلفة. - بين أن هذا التنظيم الديناميكي العام يشتمل على تنظيمات جزئية، كل تنظيم منها له نظام أو نسق معين يعمل ضمن إطار التنظيم الكلي. - أشار إلى أن الشخصية تلعب دورا حيويا في تحديد سلوك الفرد تجاه بيئته. - أشار إلى أن أساليب تكيف الشخص مع البيئة هي أساليب خاصة تميزه عمن سواه من الأشخاص

1.5. لمحة تاريخية عن الشخصية

 اشتقت كلمة "Personnalité"من اللاتينية"Personna"وتعني أصلا (القناع المسرحي) وهو السبب الذي دفع باشتقاق مصطلح "Personna" من اليونانية "Prosopon" الذي يعني أيضا القناع المسرحي". يشير"سيسرون "Ciceron أنه وحسب "ألبورت Allport" (1937) يمكن تمييز عدة معان لمصطلح Personna"": • نظرة الآخرين لنا (هي نظرة لا تعكس حقيقة شخصيتنا) • الدور الذي يؤديه شخص معين في الحياة • الجمع بين خصائص الشخصية التي تجعل الفرد قادرا على تأدية عمله. ظهور أول تعريف ل Personna"" هو تعريف "بويس Boece ": الشخصية هي مصدر العقلانية الطبيعية في الفرد، وهنا يظهر أن مفهوم Personna""لا يعني إطلاقا المظهر، وإنما يعني جوهر الفرد في حد ذاته. وقد طورت الفلسفة الأكاديمية ((Scholastique هذا المصطلح وأصبح يدعى ""Personalitas، ثم تبناه الفلاسفة الألمان وترجموه "Personlichkeit"، حيث يعني "Lich" الجسم ويعني "Kiet" الجوهر فالشخصية بهذا المعنى هي خالدة في الكائن.

2. تاريخ علم النفس

علم النفس عند اليونان: 

تعتبر الحضارة اليونانية من أعظم الحضارات ، فهم أول من درسوا علم النفس دراسة منظمة على يد فلاسفة من أشهرهم العالم : ديمقريطس 460- 370 ق م : وهو يعتبر من أوائل علماء النفس السلوكيين و له نظريته في الاحساس التي تعني بأن العضو الحساس مهأ لاستقبال الاحساسات الخاصة به. كما أنه يفسر الوظائف النفسية على أساس الحركة، ومن أقواله أن الأحلام تدخل إلى الجسم في حالة ضعفه سواء أكان عند النوم أو في اليقضة سقراط 477- 399 ق م : لقد أوضح قيم و فضائل متعددة كالخير و العدل و الشجاعة و الجمال، اهتم في فلسفته بالانسان ، و من أهم تعاليمه النفسية قوله المشهور اعرف نفسك فهو يرى أن المعارف الحقيقية موجودة داخل الأنسان ن كما يرى أن الطبيعة الانسانية تحتوي على قوتين هما العقل، و الشهوة وهما في صراع دائم. أفلاطون 427- 347 ق م  : و هو يعتبر ثاني أشهر الفلاسفة ، وله اكتشافات هامة في علم النفس القديم و من أهم أعماله جمهورية أفلاطون كما له اسهامات واسعة فله عدة نظريات منها نظرية افلاطون في علم النفس القائلة بأن النفس و الجسد شيئان مختلفان ، وأن النفس سابقة على الجسد و النفس خالدة و تحتوي على أسام ثلاثة و هي : النفس العاقلة و مركزها الرأس، و النفس الغضبية و مركزها القلب، و النفس الشهوانية و مكانها البطن مع وجود صراع بين هته الأنفس، و يتحدد السواء و الكمال بسيطرة النفس العاقلة .و النظرية الثانية هي نظرية المعرفة و قوامها أن النفس أقدم من الجسد إذن فهي كانت تعيش في عالم سابق قبل وجود الجسد أسماه أفلاطون عالم المثل ، فالمعرفة الحقيقية حسبه هي استعادة الانسان لمعرفته بهذه المثل ، وذلك لايتم إلا باتباع المنهج الاستدلالي العقلي الذي يعتمد على التفكير المجرد.كما يعد أفلاطون أول من اهتم بدراسة الفروق الفردية ،حيث اهتم في مدينته الفاضلة باختيار الناس حسب قدراتهم و توجيههم إلى الأعمال التي تتناسب مع هذه القدرات. أرسطو 384- 322 ق م و يعد من أوائل علماء النفس و له مؤلفه الشهير في هذا المجال وهو كتاب النفس كما جعل دراسة علم النفس مع العلوم الطبيعية على أن كل شيء طبيعي يتكون من المادة و الصورة ، وكذلك الانسان فهو مادة و صورة ، فالمادة هي جسمه و الصورة هي نفسه ، وبذلك أكد أن الجسم و النفس كلا واحد لا يتجزأ. و قد فرق أرسطو بين ثلاثة أنواع من الأنفس الأولى هي النففس النامية و هي أساس الحياة و النمو، أما الثانية فهي النفس الحيوانية ووظيفتها الحركة و الاحساس باستخدام الحواس الخمس، أما النفس الثالثة فهي النفس الناطقة صاحبة الفكر و التفكير و ينفرد بها الانسان دون غيره من الكائنات. ومن اسهاماته أيضا في علم النفس نظريته في الوسط السعيد حيث أكد ان السعادة في الفضيلة ، و الفضيلة وسط أي تقع بين طرفين متناقضين كلاهما يمثل الرذيلة مثلا الشجاعة وسط بين الجبن و التهور. و هكذا نرى أن الفلسفة اليونانية فلسفة أرسطو و أفلاطون قد سادت العصر القديم و العصر الوسيط و أثرت على الفكر الإنساني.

2.1. علم النفس عند العرب و المسلمين

ن العلماء المسلمين في دراساتهم النفسية قد استمدوا العديد من العناصر البنائية لفلسفتهم من اليونان إلا أن كيفية استخدامها و طبيعة هيكلها البنائي مختلف تماما ، ذلك أن علماء المسلمين قد أقاموا فلسفتهم من منظور الدين الاسلامي ، وعلى هذا نظروا للانسان نظرة دينية. و بالرغم من تأثر الفلسفة الاسلامية بالفلسفة اليونانية ، ولكن هذا لم يستمر طويلا ، وقد ظهر العديد من المفكرين منهم : الفرابي 257-339 ق م : أكبر فلاسفة المسلمين ،وهو من بلاد التركستان ولقد تفوقت دراساته النفسية حيث عرف النفس بأنها كمال أول لجسم طبيعي ألي ذو حياة بالقوة ، وقال أن النفس العاقلة هي جوهر الانسان ، وأن النفس توجد مع تواجد الجسم في ذات الوقت عكس أفلاطون كما أنه يؤكد أن صلة النفس بالجسم تشبه صلة السجين بسجنه و لكنها تظطر مادامت في هذه الحياة إلى مساعدة البدن الذي هو محل لها .و أيضا اكد الفرابي في دراساته عن النفس بأنها تنقسم إلى قسمين الاول موكل بالعمل و الثاني بالادراك ، كما تاثر برأي أرسطو فيما يخص الفروق الفردية بين الناس. كما كان للفرابي أيضا بعض الدراسات في علم النفس الاجتماعي حيث يرى أن الانسان في احتياج إلى جماعة تشبع حاجاتهن وقد وضح ذلك في مدينته الفاضلة التي ركز فيها على تعاون أعضائها مما يحقق لهم السعادة ، وقد وضح دور القائد أو رئيس الجماعة و صفاته التي يجب أن يتسم بها في قيادته للجماعةمن صحة جسمية و ذكاء ومحبا للعلم و الصدق و العدل و الشجاعة. إبن سينا 370-428 هجري : وهو فارسي الاصل وهو من أشهر أطباء المسلمين وهو صاحب نظرية النفس النباتية و التي هي كمال الجسم ، ثم النفس الحيوانية و لها قوتان محركة و مدركة ، أما النفس الثالثة التي تحدث عنها ابن سينا هي النفس الناطقة الانسانية و هي نفس عاملة ونفس عالمة ، أي عقل علمي و عقل عملي فالأول هو الذي يحرك بدن الانسان إلى الأفعال الجزئية الخاصة ، أما الثاني فهو قوة نظرية تتطبع بالصورة الكلية المجردة. الغزالي 450-505 هجري ويسمى أبو حامد الغزالي نسبة إلى بلدة الغزالة بخراسان، و نظريته في علم النفس تحدث فيها عن قوى النفس حيث يقول ان البدن مملكة النفس التي لها قوة عقلية مفكرة ونفس شهوانية ، ونفس غضبية فإذا استعانت النفس بالعقل أي أصبحت عاقلة فإنها تقمح النفس الشهوانية و تقلل من الغضب و تؤدي إلى تحسن الأخلاق.وتحدث الغزالى عن الدوافع و صنفها إلى أربع أنواع هي : دوافع الطعام و الجنس - الدوافع الغضبية - الدوافع الشيطانية - و الدوافع الربوبية أي المثل العليا .وتناول موضوع إعلاء الدوافع فهو يرى أن الدوافع العضوية يجب أن تخدم أهدافا دينية . و تحدث عن الانفعالات و قسمها إلى مجموعتين مجموعة تتميز بالألم مثل الخوف و الغضب ، والمجموعة الأخرى تتسم بالارتياح مثل الفرح ، وقد حلل كل انفعال إلى ثلاث عناصر هي : المثير و قد يكون خارجا أو داخليا ، أما العنصر الثاني فهو الشخص نفسه و هنا يختلف الناس في شدة انفعالهم طبقا لخبرتهم و درجة نضجهم، أما العنصر الثالث فهو الاستجابة أي أن الانفعال له مثير و استجابة و بينهما الانسان الذي يتأثربالمثير و يكون الاستجابة الانفعالية لهذا المثير . كما تحدث عن أثر هته الانفعالات و ما تحدثه من تغرات لدى الانسان من رعشة و اضطراب الكلام و الحركة و تغير اللون و غيرها.و أيضا من ضمن دراسات الغزالى دراساته في علم النفس الاجتماعي حيث يعتبر الانسان اجتماعي بالفطرة ، فأي إنسان عليه أن يحدد أهدافه ، وأن رغبة الانسان في تحقيق أهدافه الاجتماعية و إشباع دوافعه الحياتية في مجتمع معين هي غاية إلهية ضرورية لاستمرار الحياة الاجتماعية و العضوية و الدنيوية. ابن رشد 525-599 هجري  : ولد في قرطبة بالأندلس و لقد احتوت دراساته في علم النفس نظريته في النفس حيث قال بأن كل جسم مركب من مادة و صورة فالمادة هي الجسم و الصورة هي النفس التي تتكون من خمسة أجزاء هي : النباتية  ، الحساسة، المتخيلة ، النزوعية، الناطقة . ابن خلدون 732-808 هجري  : ولد بتونس و له عدة مؤلفات من أبرزها ديوان المبتدأ و الخبر في أيام العرب و العجم و البربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر ، وقد تبين في سيكولوجية الجماعة و علم نفس الشعوب ، وقد اهتم بدراسة علم النفس الاجتماعي ، ثم وضح أثر البيئة على سلوك الفرد ، كما أن له العديد من الاراء في علم النفس التربوي فقد وضح السلوك الذي يجب أن يتبع في عملية التدريس حتى تحقق العملية التربوية اهدافها.

2.2. علم النفس في عصر النهضة

اختص رجال الدين في المسيحية و الاسلام بدراسة الروح، و الفلاسفة بدراسة العقل ،الأمر الذي جعل هذه المرحلة مرحلة دراسة العقل، اذن فإن علم النفس هنا يكون علم دراسة العقل و ان كانت المحاولات الفكرية تدور في نطاق ثنائية الجسم و العقل ، و ذلك كله بطريقة تأملية. ديكارت : بدأ ديكارت في الدراسة النفسية مستخدما الاكتشافات العلمية التي قامت في علم الفسيولوجيا و علم الطبيعة فلقد حاول حل مشكلة العلاقة بين العقل و الجسم، ذلك أن الجسم من خصائصه الجوهريية الامتداد في المكان ، أما خاصية العقل فهي التفكير و الشعور لذا فهما مختلفان و ليس بينهما أي ارتباط طبيعي، إنما الارتباط هو تفاعل ميكانييكي يجري في الغدة الصنوبرية في المخ . و اقد أقام ديكارت نظرية الفعل المنعكس الفسيوسيكولوجية حيث يرى ديكارت أن الحيوان لايشعر و لا يفكر إنما هو يستجيب للمنبهات الخارجية، أما الانسان فإنه يعقل، و يشعر فالشعور خاصية من خواص العقل ، و الشعور هو ما يفكر فيه الانسان و ما يستطيع ملاحظته في نفسه و يعبر عنه، و بذلك أصبح علم النفس هو علم الشعور . جون لوك، هارتيللي ، هيوم، هربرت و سبنسر : لقد ظهرت المدرسة الانجليزية الترابطية التي قام على تأسيسها لوك و من أنصارها هارتللي و هيوم و سبنسر كان لها أثرا بالغا في توجيه الدراسات النفسية حتى نهاية القرن 19 م و من المسلمات الأساسية التي كانت تعتنقها هذه المدرسة أن الانسان يولد و عقله صفحة بيضاء تنقش الخبرات الحسية عليها ما تريد ، و ليس قبل الخبرة في العقل من شسء و مصدر هذه الخبرة الحواس و الاحساسات هي عناصر العقل ووحداته ، وتكون هذه الاحساسات في أول أمرها غير مترابطة و غير منظمة ، ثم تترابط و تتنظم هذه العناصر لما بينها من تشابه أو تضاد أو تجاوز في المكان أو الزمان.ومن هذه الترابطات تنشأ العمليات العقلية مثل الإدراك و التخيل و التفكير و الابداع ، وتتميز عملية الترابط هذه بأنها ألية ميكانيكية.

2.3. علم النفس في القرن 19م و 20م

ظل علم النفس فرعا من الفلسفة التأملية و العقلية وقتا طويلا وإن تحدد موضوعه بعض الشيء فإن منهج البحث فيه ظل جدلا و تأملا فلسفيا ، ثم أخذ التفكير الانساني بعد ذلك ينحو جهة دراسة الظواهر الطبيعية و القوانين ، الأمر الذي أثر في مجرى الدراسات السيكولوجية فلقد اكتشفت في هذه الفترة وظائف الجهاز العصبي ، وقامت دراسات على الأساس العصبي للفعل المنعكس ووضعت أصول علم الغدد الصماء و فكرة التوازن الفسيولوجي. دارون : لقد كان البيولوجى قبل دوران يهتم بالوصف والتصفيف بالتسميات و التعاريف ، ثم جاء دارون فتحول الاهتمام إلى ديناميكية الوظيفة البيولوجية و سبب الاختلاف بين الأجناس و أصل الانسان و التطور و كان لنظرية النشوء و الارتقاء لدارون أنها قضت على الرأى الذي قال به ديكارت ، فالانسان ككائن بيولوجي لا يختلف عن الحيوان إلا في ارتقائه في سلم التطور البيولوجي. ولقد أدى هذا كله بالباحثين إلى دراسة سلوك الحيوان كمدخل لدراسة سلوك الانسان ،كذلك دراسة أثرر البيئة و الوراثة على التطور و على مراحل النمو النفسي للانسان. فونت : قام فونت بتجارب حول العمليات الفسيلوجية المتصلة بالحواس و قياس زمن الرجع ، و كذلك بدراسته حول مكونات الشعور و العمليات الشعورية و كان يستخدم في هذا منهج التأمل الباطني، فأسس هذا العالم الألماني أول مخبر في علم النفس التجريبي في ألمانيا عام 1879م ، وبدأ علم النفس يستقل و يذهب مذهب العلوم الطبيعية. و لقد ساهم تلاميذ فونت الأمريكيون بعد ذلك في ترسيخ استقلال علم النفس عن الفلسفة، وجعله علما بالمعنى الحقيقي لهذا اللفظ، فظهر علم النفس التطبيقي و سيكولوجية الطفل ، و علم النفس الوظيفي و لابد هنا من الاشارة إلى : فرانسيس جالتون الذي جاء بدراسة الفروق الفردية و بعلم النفس الفرد و كانت دراسته تقوم على دراسة التوائم و تاريخ حياة الفرد و العوامل الوراثية .و إلى جهود بيرسن و سبيرمان و استخدامهما للأساليب الإحصائية في معالجة المشكلات السيكولوجية التي تناولاها. فرويد : بينت جهود فرويد وجود حياة لاشعورية للفرد إلى جانب حياته الشعورية ، فحياة الفرد اللاشعورية فيها الدوافع و مخاوف و تفكير و تذكر و إدراك، وكل هذه تجري على نحو لاشعوري يبدو على سلوكه القسري و غالبا ما تكون سببا للإضطرابات النفسية أو العقلية ( سنتطرق إلى اسهاماته بالتفصيل في نظريته التي أسسها الموسومة بالتحليل النفسي)