المحاضرة

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: Political Economics الاقتصاد السياسي
Livre: المحاضرة
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Tuesday 14 May 2024, 14:15

Description

تتناول المحاضرة اهم تعاريف علم الاقتصاد، موضوعه، علاقته بالعلوم الاخرى، ومناهج البحث فيه

1. اولا: ظهور الاقتصاد السياسي

استخدم تعبير الاقتصاد السياسي لأول مرة على يد انطوان ديمونتركريستيان (Antoine De Montchrestien) في سنة 1615 الذي األف كتاب وجه للأمير يتضمن جملة من النصائح لادارة الأموال العامة في المدينة وسبل زيادة الثروة فيها وتوزيعها. وبالتالي، فالاقتصاد السياسي كان يهدف الى البحث في السياسات الواجبة الاتباع لزيادة ثراء الدولة وحل المشكلات الاقتصادية التي تواجهها. 

عرف الاقتصاد السياسي تطورا قبل ظهور الثورة الصناعية، فقد كانت عبارة الاقتصاد السياسي تشير الى معنى ادارة شؤون الدولة المالية بقصد زيادة ثروتها، ثم تطور أكثر بظهور الاقتصاد الاجتماعي، بحيث أضيف الى وظائف الدولة الأساسية السهر على تحقيق الامن وتعزيز الرفاه الاجتماعي للمجتمع. رغم محاولات البرجوازيين في مطلع القرن العشرين، في خضم الصراع مع الاشتراكيين، فصل الاقتصاد عن السياسة بتفضيلهم عبارة الاقتصاد بدلا من الاقتصاد السياسي، الا أن الواقع الاقتصادي وظهور أزمة الكساد العظيم قد عمق من ارتباط الاقتصاد بالسياسة، حيث أن علاقة الاقتصاد بالسياسة (الاقتصاد السياسي)  لم تنقطع أبدا، فحتى في الدول الليبرالية الحاملة لواء الرأسمالية والمدافعة عن المذهب الحر هناك أشكال كثيرة من التدخلات الحكومية في النشاط الاقتصادي لأغراض كثيرة؛ كحماية أو تشجيع الانتاج المحلي والمحافظة على استقرار الأسعار.   

2. ثانيا: تعريف علم الاقتصاد

مع تشعب تعاريف علم الاقتصاد، أصبح  اعطاء تعريف واحد يحظ بالاجماع أمرا صعبا. من أشهر التعاريف لعلم الاقتصاد او علم الاقتصاد السياسي، هناك:

1ـ عرف مؤسس علم الاقتصاد آدام سميث الاقتصاد بأنه علم الثروة، والعلم الذي يبحث عن الوسائل المثلى التي تمكن من تجميع الثروة وتوزيعها، أي اأنه علم  يدرس سبل تكوين الثروة المادية وتوزيعها واستهلاكها، فالغاية الأساسية للنشاط الاقتصادي هو تكوين الثروات، ذلك أن ثروة الأمم كانت قاس بما تنتجه من السلع المادية الصالحة لاشباع الحاجات الانسانية بطريقة مباشرة وغير مباشرة، فكلما زاد انتاج تلك السلع زادت ثروة الدولة. الملاحظ في تعريف سميث أن الثروة تم حصرها في الأموال المادية والسلع المادية فقط فيما تم استثناء الخدمات، خلافا لما هو متداول حاليا من تعاريف والتي تهتم بالخدمات باعتبارها سلع غير مادية تحمل منفعة وقيمة اقتصادية، فلا يوجدأحد ينكر دور الخدمات الترفيهية والتعليمية والصحية في رفع انتاجية الفرد.

2ـ أما مارشال، فقد أشار في سياق تعريفه للاقتصاد إلى أن موضوعه الانسان، وبالتالي فهو العلم الذي يبحث في كل تصرفات الانسان في أعمال حياته اليومية التي تتعلق بكيفية الحصول على دخله (ثروته) وطرق إدارة واستعمال واستهلاك الدخل. وفي ذلك، فقد أضاف مارشال الى تعريف آدام سميث دراسة الانسان، أي أن الاقتصاد يجب ان يتسع ليشمل، بالاضافة الى الثروة المادية، نشاط الانسان وتصرفاته الاقتصادية في كيفية حصوله على دخله وطرق استعماله، واعتبر أن الانسان أهم من الثروة. 

3ـ-عرف البعض بأن الاقتصاد هو علم اشباع الحاجات الانسانية  المتعددة والمتغيرة حسب الزمان والمكان. وأشار البعض الآخر بأن الاقتصاد هو علم المبادلة مع إدخال مفهوم الاثمان.

4ـ عرف روبنز الاقتصاد بأنه علم دراسة سلوك الانسان في مجال العلاقة بين أهدافه المتنوعة والمتغيرة ووسائل نادرة ذات استخدامات متنوعة، أي أنه العلم الذي يبحث في تنظيم الموارد المحدودة والنادرة ذات الاستعمالات المتعددة على الأهداف والحاجات المتعددة. فعلم الاقتصاد هو علم الملاءمة بين الوسائل والغايات. ويعتبر هذا التعريف أكثر التعاريف انتشارا، ذلك أنه يظهر بوضوح ما يسمى بالمشكلة الاقتصادية.

وعليه، يختلف علم الاقتصاد عن باقي العلوم الانسانية الأخرى في كونه يدرس نوع معين من النشاط الانساني هو النشاط الاقتصادي، ويقصد به التصرفات التي يقوم بها الانسان لاشباع رغباته وحاجاته في مسعى منه لتحقيق التوازن بين الحاجات اللامتناهية ووسائل إشباعها المحدودة.

5ـ أما بيجو، فقد عرف الاقتصاد بأنه العلم الذي يعنى بدراسة الرفاهية الاقتصادية .

6ـ  عرف كريغمان علم الاقتصاد بأنه يمثل دراسة الاقتصاديات على مستوى الأفراد والمجتمع بكامله، فالاقتصاد نظام كامل لتنسيق نشاطات الانتاج للمجتمع بهدف تعظيم المنافع وإشباع الحاجات.

7ـ هناك تعاريف أخرى ربطت الموارد بالحاجات في إشارة واضحة إلى ان علم الاقتصاد هو العلم الذي يبحث في مشكلة التوفيق بين الحاجات المتعددة والمتجددة والموارد النادرة.

ـ عرف رمينس علم الاقتصاد بأنه العلم الذي يدرس السلوك الانساني على أنه علاقة بين أهداف ووسائل ذات استعمالات بديلة.

ـأما ساميولسون، فقد عرف الاقتصاد على أنه دراسة الكيفية التي يختار بها الأفراد والمجتمع توظيف الموارد النادرة لانتاج السلع المختلفة في أوقات متعاقبة، وكيفية توزيع هذه السلع على الاستهلاك الحاضر والمستقبل، وبين مختلف الافراد أو المجموعات المكونة للمجتمع.

ـ اما اوسكار لاتكه، فقد عرف الاقتصاد بأنه علم تنظيم وتدبير موارد الثروة الانسانية والطبيعية النادرة نسبيا في المجتمع الانساني لغرض اشباع الرغبات الانسانية المتعددة بالسلع والخدمات الاقتصادية المختلفة. 

ـ علم الاقتصاد هو دراسة رفاهية الانسانية في إستخدام الموارد لإشباع  الحاجات.

ـ علم الاقتصاد هو دراسة القوانين الاقتصادية التي تتحكم في عمليات الانتاج وتوزيع الوسائل المادية لإشباع حاجات البشر.

ـ علم الاقتصاد يعنى بدراسة العلاقات التي تتكرر باستمرار بين عناصر العملية الاقتصادية خلال إنتاج السلع واستهلاكها ليسجل الظواهر الاقتصادية ويرتبها ثم يستخلص منها ما يتصف بالتكرار على نسق من الانتظام، ليضع القوانين التي تحكمها.

8ـ علم الاقتصاد عند المفكرين العرب:

ـ علم الاقتصاد هو مجموعة القواعد والاحكام التي تفسر الظواهر الاقتصادية المتعلقة بانتاج الثروة وتوزيعها واستهلاكها.

ـ الاقتصاد علم اجتماعي موضوعه الانسان ذو الإرادة.

ـ يهدف علم الاقتصاد الى دراسة العلاقة بين الحاجات المتعددة والموارد المحدودة بغرض تحقيق إكبر قدر ممكن من اشباع الحاجات عن طريق الاستخدام الكفئ للموارد المتاحة، مع العمل على انماءها باقصى طاقة ممكنة.

وفي الاخير، يمكن تعريف الاقتصاد السياسي بصفة عامة بإنه العلم الذي يدرس نشاط وسلوك الإفراد والجماعات البشرية للحصول على الموارد الاقتصادية أو السلع أو الخدمات التي تحقق أقصى إشباع ممكن.

3. موضوع علم الاقتصاد

تتميز النشاطات الاقتصادية بالتعقد والتشابك، حيث يجري يوميا عدد لا يحصى من العمليات الاقتصادية من انتاج وشراء وبيع داخل البلد وبين دول العالم. ولذلك، فقد حصر بعض رجال الاقتصاد موضوع علم الاقتصاد  في دراسة مختلف الظواهر الاقتصادية المصاحبة لتلك الأنشطة؛ كدراسة العرض والطلب وتوازن السوق والبطالة والتضخم. فالدور المنوط بالاقتصاديين هو وصف الحياة الاقتصادية انطلاقا من معطيات احصائية، وكشف التفاعلات بين المتغيرات الاقتصادية وإعداد تشخيصات وتوقعات، وإقتراح حلول للمشاكل المطروحة وتوقع نتائج مختلف التدابير والسياسات المنتهجة.  

يتميز موضوع علم الاقتصاد بالتغير والتوسع والتجدد وكذلك بالتعقيد والتشابك، حيث أن هناك من المواضيع التي كانت حكرا على علوم اخرى أصبحت الآن ضمن اهتمامات علم الاقتصاد، نظرا لصلتها برفاهية الانسان وكرامته وصحته، فالنشاطات الاقتصادية التي تعد موضوع دراسة علم الاقتصاد لا يمكن فصلها ودراستها بمعزل عن دراسة الانسان ومحيطه. ولهذا، يمكن تصور علم الاقتصاد كعلم اجتماعي، ولذلك فهناك إجماع بين الاقتصاديين المعاصرين بأن الاهتمام بالانتاج الاقتصادي والاشباع وتكوين وإدارة الثروات ليست هي غاية في حد ذاتها كما كان معمول به قديما، بل هي وسيلة تساعد على تعظيم رفاهية الانسان وخدمة التنمية ككل.

وعليه، لا يهدف موضوع علم الاقتصاد فقط إلى البحث عن النجاعة القصوى من خلال رفع الانتاج الى حده الاقصى وتعظيم الارباح والحصول على إقصى حد من الفوائد من عملية التبادل والانتاج بأقل تكلفة، بل إنه يركز إهتمامه على الانسان وترشيد استهلاكه. فالاقتصاد مصمم ليستهدف مساعدة المجتمعات على التطور ليس فقط على مستوى الرفاهية المادية، بل على مستوى العدالة الاجتماعية وملاءمة المحيط وبيئته لضمان استدامتها والمحافظة على كرامة الانسان وطموحه.

ولفهم أفضل لموضوع علم الاقتصاد، هناك بعض المصطلحات الاساسية التي يجب استيعابها:

1ـ مفهوم الحاجة: هي كل شعور بالنقص والحرمان لسلعة أو خدمة ما يكون الفرد بحاجة إليها لتلبية رغبته.

2ـ مفهوم الثروة: لكي يلبي رغبته ويقتني السلعة أو الخدمة، لابد للفرد أن يستخدم الثروة المتاحة في الطبيعة التي لا تتوفر عادة بسهولة أو في شكل قابل للاستخدام، لذلك فهي تتطلب مجهودا للحصول عليها وتحويلها الى سلع اقتصادية وإضافة منافع اقتصادية أخرى عليها. غير أن الثروات في الطبيعة لا تكون متوفرة بالكميات المطلوبة لما تحتاجه العمليات الانتاجية، ما دفع بالمختصين إلى الأشارة إليها بمصطلح الندرة. يمكن تعريف الثروة على انها مجموع السلع الاقتصادية التي توجه مباشرة لتلبية حاجات الافراد والأنشطة الاقتصادية سواء كانت مواد اولية أو مواد نصف مصنعة أو حتى ثروات نادرة.

3ـ مفهوم علم الاقتصاد: علم الاقتصاد يركز على دراسة كيفية إستعمال الثروات النادرة (التحويل الذي تقوم به المؤسسات) وتوزيعها لتبيبة الحاجات الكثيرة للغفراد .

4ـ تعريف علم الاقتصاد باعتباره علم الثروة: يدرس الاقتصاد التنظيم الاجتماعي للانتاج المادي المتحقق لتوفير الانتاج والتوزيع والاستهلاك للثروات المنتجة على افراد المجتمع. بما أن ثروة الامم تعتبر من الاهتمامات الأساسية لعلم الاقتصاد، فإن الاهتمام الرئيسي للعلم هو النظام الاقتصادي وتنظيمه لتحقيق الغاية المتمثلة في تحقيق الإشباع وتعظيم الرفاهية.

5ـ الاقتصاد وتحليل السلوكيات: إن ندرة الموارد جعلت علم الاقتصاد يوجه إهتمامه إلى دراسة السلوكيات لترشيد الاختيارات، حيث أن تحقيق غاية إشباع الحاجات، في ظل قيود ندرة الثروات، قدأعطت إهتماما كبيرا، إضافة إلى الإنتاج، للمتعاملين الاقتصاديين الذي ساهموا في عملية الانتاج، وهو ما ينقل التصورات التي كانت منحصرة في مادية الانتاج الى أخرى أكثر واقعية واكثر ذاتية لعلم الاقتصاد، بحيث أصبح الاهتمام لا ينصب فقط على العلاقات بين السلع ولكن على سلوكيات الأفراد مقارنة بالأشياء.  

4. ثالثا: علاقة علم الاقتصاد بالعلوم الأخرى

يعتبر علم الاقتصاد علما اجتماعيا، وبالتالي لا يمكن باي حال عزله عن العلوم الاجتماعية الأخرى أو وضع حدود فاصلة بينها. إن تفسير الظواهر الاقتصادية يتطلب من الاقتصادي الاستعانة بعلوم اخرى، فالمشاكل الاقتصادية كثيرا ما ترتبط بشكل أو بآخر بهذا العلم أو ذاك، وإذا إستعان الاقتصادي بذلك، فإنه يجمع بين التجريد النظري المطلق الذي تقوم عليه الدراسات الاقتصادية وبين المعارف الانسانية الأخرى، ويجمع بين دوره كباحث اقتصادي وباحث اجتماعي، ما يقودنا إلى البحث في حقيقة علاقة علم الاقتصاد ببقية العلوم الانسانية.

هناك إتفاق متعارف بين العلماء حول تقسيم العلوم الى قسمين هما العلوم الطبيعية (علوم الجماد) التي تضم الرياضيات والفيزياء وغيرها، وبين العلوم الاجتماعية (علوم الحي)؛ كالعلوم الاقتصادية والسياسة وغيرها.  

4.1. علاقة علم الاقتصاد بعلم السياسة

يرتبط علم الاقتصاد بعلم السياسة، فالنشاط الاقتصادي يتأثر بنظام الحكم وشكل وتوجهات الحكومات، وبالعكس فقد كان للأوضاع الاقتصادية دورا جوهريا في تحديد التطورات السياسية، بل كانت في مناسبات عديدة سببا مباشرا في سقوط حكومات أو استمرارها في الحكم، فالدولة القوية اقتصاديا عادة ما تساعد أنظمتها السياسية على الاستقرار، والذي يساعد بدوره على توسع النشاط الاقتصادي وتقويته.

4.2. علاقة علم الاقتصاد بعلم القانون

يوفر القانون الإطار القانوني والتشريعات اللازمة للنظام الاجتماعي القائم الذي يحدد طبيعة النشاط الاقتصادي. يمكن للمشرع القانوني أن يوسع أو يحد من دائرة النشاط الاقتصادي ويضع قيود على المعاملات الاقتصادية، حيث قد يحدد شكل السلع وأثمانها تبعا لاعتبارات اجتماعية أو انسانية أو حتى سياسية، وقد يفرض قوانين الضرائب وسياسات جمركية ويحدد الملكية والعقود وتنظيمات الأجور والعلاقات الاقتصادية داخل الدولة ومع الدول الاخرى، كما ان وجود عدالة قوية عادة ما تساهم في توفير بيئة مناسبة لدعم الانشطة الاقتصادية والعكس صحيح.

4.3. علاقة علم الاقتصاد بالفلسفة

يهتم الاقتصاد بدراسة تصرفات الإنسان، هته الأخيرة تتصل اتصالا وثيقا بالأخلاقيات التي هي أحد فروع الفلسفة، كما أن  إتباع الطرق الإستنباطية أو الإستقرائية في التحليل الاقتصادي تعتمد على قواعد المنطق.

4.4. علاقة علم الاقتصاد بالتاريخ

يقدم التاريخ للباحث الاقتصادي العوامل الاجتماعية والسياسية والثقافية والقانونية التي تكون قد أثرت في تطور المجتمعات، فلا يمكن إهمال الأحداث التاريخية في تفسير بعض الظواهر الاقتصادية، حيث يمكن الإستباط منها لوضع الحلول للمشاكل الاقتصادية أو تفادي الوقوع في نفس الأخطاء السابقة.

4.5. علاقة علم الاقتصاد بالجغرافيا

تبرز اهمية الجغرافيا في تحديد الموارد الطبيعية التي يمكن الاستفادة منها، فالجغرافيا تزود الاقتصاد بالمعلومات حول الوسط الطبيعي للنشاط الاقتصادي .

4.6. علاقة علم الاقتصاد بعلم الاجتماع

يتجلى تأثير علم الاجتماع في تزويد الاقتصادي بالمعلومات عن العادات والتقاليد والطبائع والتركيبة السكانية التي يستند عليها في تحديد أساليب وطرق الانتاج، مواصفات المنتجات، وصياغة السياسات الفعالة لتحقيق توزيع الدخل والثروة أو وضع خطة تنموية مثلى للنهوض بمنطقة معينة.

4.7. علاقة علم الاقتصاد بعلم النفس

يشترك كل علم في دراسة سلوك الأفراد والعوامل والدوافع التي تدفعهم الى سلوك معين، فالاقتصادي عليه الأخذ بعين الإعتبار السلوك الخارجي للافراد.

4.8. علاقة علم الاقتصاد بالديموغرافيا

الديموغرافيا هي علم دراسة السكان وتوزيع السكان والخصوبة والتخطيط العائلي، فالانسان عند المشتغلين في حقل الاقتصاد يبقى هو الفاعل الرئيسي في النشاط الاقتصادي وموضوع علم الاقتصاد، فالعوامل الديموغرافية تؤثر على السلوك الاقتصادي للانسان.

4.9. علاقة علم الاقتصاد بالاحصاء والرياضيات

لإعطاء الدقة لعلم الاقتصاد، يعتمد رجال الاقتصاد على علوم الاحصاء والرياضيات لجمع البيانات وتبويبها وإخضاعها للتحليل بغية تحليل الظواهر والعلاقات الاقتصادية في مجالات الانتاج والنمو وغيرها، لمساعدة متخذ القررات والتنبؤ بدقة بمختلف الإتجاهات للمتغيرات الاقتصادية.

5. رابعا: مناهج البحث في علم الاقتصاد

إن مجال التحليل العلمي المنظم المبني على قواعد المنطق هو ما جعل من مادة الاقتصاد علما بإستحقاق، فللوصول إلى فهم ومعرفة الظواهر الاقتصادية وتوضيح العلاقات التفسيرية لها الى غاية صياغة قوانين ونظريات اقتصادية، فإن علم الاقتصاد يستند في آن واحد على معاينات تجريبية وعمليات استنباط. 

لمعالجة اي ظاهرة اقتصادية، فغن الأمر يتطلب المرور على المراحل التالية:

 

5.1. المرحلة الميدانية او المعاينة

يعتمد الاقتصادي في تشخيص الظاهرة الاقتصادية والبرهنة على القوانين والنظريات الاقتصادية على جمع المعلومات ومعطيات بطريقة موضوعية. خلال هذه المرحلة يتصف الباحث بعدم التحيز .

5.2. مرحلة التحليل او التفسير

بعد جمع المعلومات، يقوم الباحث بتحليلها ويقارن بين الحقائق والاكتشافات بإستخدام مفاهيمه ونظرياته.

تعد الظواهر الاجتماعية بما فيها الاقتصادية صعبة الدراسة، حيث يستحيل تحليلها ودراستها بواسطة المجهر أو من خلال التفاعلات التي تكون في الكيمياء، وهو ما يحتم على الباحث الاقتصادي استخدام التجريد في فهم القوانين الاقتصادية بحكم أن الظواهر الاقتصادية والأفعال عادة ما تتكرر في ظروف وأحوال متنوعة. في الحقيقة، هناك اساليب وطرائق متعددة تتبع عادة في التحليل الاقتصادي تتباين وفقا على حسب الهدف من الدراسة. ومن الطرق الهامة في عملية االبحث العلمي، نذكر طريقتين أساسيتين:

ـ الطريقة الإستنباطية: التي تهتم بدراسة العموميات لمبادئ عامة مسلم بها، ثم يتنقل الباحث تدريجيا عن طريق التحليل المنطقي إلى الجزئيات أو الظواهر الفردية، وقد أستخدمت هذه الطريقة من طرف الاقتصاديين التقليدين من جيل آدام سميث وريكاردو، حيث أنطلق هؤلاء من مبادئ عامة مسلم بها في عصرهم ثم بنو عليها نظرياتهم الاقتصادية المستنتجة منها.

ـ الطريقة الإستقرائية: وهي عكس الأولى، حيث ينطلق التحليل من الجزئيات وملاحظتها  والتأكد من العلاقات السائدة  بينها إلى إستخلاص المبادئ العامة الشاملة .

 تجدر الإشارة إلى أنه يمكن الجمع بين الطريقتين .

إضافة إلى الطريقتين السابقتين، يمكن صياغة التحليل الاقتصادي بإستخدام طرق أخرى:

ـ التحليل الوصفي: الذي يسعى إلى وصف الظواهر الاقتصادية ودراسة مختلف العوامل التي أدت إلى ظهورها حتى يكون بالإمكان تحديد أبعادها المختلفة وعلاقتها بالمتغيرات الاقتصادية الأخرى وأثرها عليها، ومن ثم يمكن وضع مقترحات لحلها.

ـ التحليل الرياضي: يستخدم فيه المنطق الرياضي ممثلا بالعلاقات الدالية بين المتغيرات الاقتصادية لتلافي إحتمال الوقوع في خطئ منطقي إذا ما استخدم المنطق الوصفي وحده في حالة تعدد المتغيرات الاقتصادية المستخدمة.

ـ التحليل القياسي: هو أعمق من التحليل السابق، حيث يسعى إلى معرفة العلاقة الكمية بين تلك المتغيرات.

ـ التحليل البياني: حيث يعرض العلاقات بين المتغيرات الاقتصادية في شكل تصويري على منحنيات بيانية أكثر جاذبية.

5.3. التنبؤ أو التوقع

ليست كل التصرفات الانسانية قابلة للتنبؤ، ولكن بإعتمادنا على استنباطات منطقية والتموضع ضمن أعداد كبيرة يمكن أن نتوقع تصرفات مجموعة بشرية إتجاه حدث معين، حتى ولو كانت بعض التصرفات الفردية فجائية؛ مثل توقع أثر إيجابي لتخفيف الضريبة على الدخل على إستهلاك الأسر المنزلية عبر تحسين قدراتها الشرائية، ولكن النسبة التي يتوزع فيها هذا التحسن على الإستهلاك والإدخار أو بين إستهلاك المنتجات المحلية والأجنبية تكون صعبة التقدير، ولذلك يتعين معاينة الميولات السابقة ودراسة كافة المتغيرات التي تؤثر على سلوكيات الأسر المنزلية، فالتوقعات الاقتصادية تبنى على معرفة جيدة بالتطورات السابقة والوضع الحالي، ولذلك فالتوقعات الدقيقة تبقى مستحيلة التحديد لأن المتغيرات كثيرة وصعبة التحديد. ويبقى التنويه بأن التنبؤ يبقى سمة علم الاقتصاد.