الفصل الثاني: المنازعات المتعلقة بالإجراءات التمهيدية للعملية الانتخابية

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: المنازعات الدستورية
Livre: الفصل الثاني: المنازعات المتعلقة بالإجراءات التمهيدية للعملية الانتخابية
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Wednesday 8 May 2024, 21:15

Description

تسبق أي انتخابات بعملية تحضيرية لها وإجراءات ممهدة، وهي عمليات وإجراءات ضرورية لا يمكن إجراء المرحلة الثانية من العملية الانتخابية إلا بها، فهي لا تقبل الانفصال عن العملية الأخرى (الانتخاب وإعلان النتائج). ومن بين العمليات التحضيرية والإجراءات التمهيدية لأي عملية انتخابية هي إعداد القوائم الانتخابية وفتح الترشيحات وتعيين قوائم أعضاء مكاتب التصويت والحملات الانتخابية.

1. المبحث الأول: منازعات القوائم الانتخابية

إن المقصود بالقوائم الانتخابية هي مجموعة الجداول التي تحوي أسماء وألقاب الناخبين وكل المعلومات المتعلقة بهم (تواريخ ومكان الميلاد وأسماء الأولياء والموطن أو محل الإقامة في الدائرة الانتخابية)[1]. لذلك فإن المشرع يجبر أي مواطن أن يكون مسجلا في القائمة الانتخابية في الموطن الذي يقيم فيه، سواء كمسجل جديد متى بلغ السن الانتخابية المطلوبة أو كان مسجلا وغير محل إقامته.

    وعملية القيد في القوائم الانتخابية عملية صعبة ومعقدة تتولى إعدادها لجنة إدارية انتخابية تتكون من قاضي وعضوية كل من رئيس المجلس الشعبي البلدي والأمين العام للبلدية وناخبين اثنين من البلدية يعينهما رئيس اللجنة، وهذا ما نصت عليه المادة 15 من القانون العضوي المتعلق بالانتخابات 16-10.

 



[1] أنظر القانون العضوي المتعلق بالانتخابات 16-10، المواد 6، 7، 8، 9 وما بعدها.

1.1. المطلب الأول: الطعن الإداري في القوائم الانتخابية

إن القائمة الانتخابية هي تلك القائمة التي تحوي جميع أسماء كل من تتوفر فيهم الشروط القانونية المنصوص عليها في المواد 3، 4، 5 من القانون العضوي 16-10 من السن المطلوب (18 سنة كاملة يوم الاقتراع) والتمتع بالحقوق السياسية والمدنية وغير فاقد للأهلية المحددة (المادة 3)، وأن يكون مقيما في البلدية بمفهوم الإقامة الواردة في المادة 36 من القانون المدني (المادة 4)، ثم ألا يكون له سلوك معادي للثورة التحريرية أو محكوم عليه في جناية ولم يرد له اعتباره أو محكوم عليه بالحبس في الجنح التي يحكم فيها بالحرمان من ممارسة حق الانتخاب وفقا للمواد 9 ،9 مكرر1 و14 من قانون العقوبات أو أشهر إفلاسه ولم يرد اعتباره أو المحجور عليه (المادة 5 من القانون العضوي 16-10).

    مكن المشرع المواطن من الطعن إداريا في القوائم الانتخابية إذا رفضت المصالح البلدية تسجيل اسمه في القائمة بالرغم من توافر الشروط القانونية سالفة الذكر. كما يجوز الطعن في أي عملية تسجيل لشخص لا تتوافر فيه الشروط المطلوبة، وذلك طبقا للمادة 18 من القانون العضوي 16-10 والمادة 19 من ذات القانون العضوي. ويحال هذا الطعن على اللجنة الإدارية سالفة الذكر التي تفصل في الطعن بقرار في أجل أقصاه 03 أيام حسب المادة 20 من القانون العضوي نفسه، والذي يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي بتبليغه للطاعن.

1.2. المطلب الثاني: الطعن القضائي في القوائم الانتخابية

يعتبر قرار اللجنة الإدارية الانتخابية المختصة بنظر الطعن الإداري في القائمة الانتخابية قرارا قابلا للطعن القضائي طبقـــــا لنص المـــــــــادة 21 من القانون العضوي 16-10 وذلك في خلال مدة 05 أيام من تبليغه من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي طبقا للفقرة الأولى من هذه المادة. ويكون الطعن أمام المحكمة المختصة إقليميا طبقا للفقرة الثالثة من المادة نفسها التي تفصل في هذا الطعن بحكم خلال 05 أيام دون أية مصاريف قضائية.

    تظهر المادة 21 أن المشرع لم يفصح عن المحكمة المختصة إقليميا بنظر الطعن القضائي في قرار اللجنة الإدارية في القوائم الانتخابية، هل هي الإدارية أم لا؟ ولماذا لم تذكر بالاسم؟

    إن قرارات البلدية هي قرارات إدارية يطعن فيها أمام المحاكم الإدارية التابعة لها البلدية طبقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية (م800 و801). لذلك كان من الأحسن أن تكون عبارة المادة 22 أكثر دقة «... يسجل هذا الطعن بمجرد تصريح لدى كتابة الضبط، ويقدم أمام المحكمة الإدارية المختصة إقليميا...».

  لكن الواقع العملي يؤكد عكس ذلك، إذ أن الطعون القضائية ضد قرارات اللجنة الإدارية البلدية في حالة المنازعة المتعلقة بالقوائم الانتخابية ترفع أمام القسم المدني في المحكمة المختصة إقليميا. والسبب في الخروج على القاعدة، حسب بعض الشراح، هو أن القاضي المدني هو الذي يكون أدرى بالأمور المتعلقة بالأهلية والسن والموطن وغيرها من الشروط المتعلقة بالناخب قبل تسجيله في القائمة الانتخابية. لكن يبقى توضيح الجهة المختصة مباشرة ودون مواربة من النقائص التي يستوجب تداركها في أي تعديل مقبل للقانون العضوي المتعلق بالانتخابات.

 

 

2. المبحث الثاني: المنازعات المتعلقة بعملية الترشح

   بعد الانتهاء من عملية إعداد القوائم الانتخابية وتصنيفها وحل كل المسائل المتعلقة بها، سواء كان طعنا إداريا أو قضائيا، تأتي مرحلة الترشح للانتخابات. وتكون عملية الترشح وفقا لنوع الانتخابات المراد إجراؤها، فقد تكون انتخابات رئاسية أو تشريعية أو محلية. فالترشح قد يكون صحيحا فيقبل من الجهات المعنية، وقد يكون الترشح معيبا فترفضه الجهة المختصة باستقبال ملفات الترشح، وهنا تثور المنازعة الانتخابية المتعلقة بعملية الترشح. لذلك سوف ندرس هذا النوع من المنازعة حسب نوع الانتخابات.

2.1. المطلب الأول: منازعات الترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية

الفرع الأول: منازعات الترشح للانتخابات الرئاسية

    حددت المادة 87 من التعديل الدستوري 2016 شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، حيث اشترطت الجنسية الجزائرية الأصلية، الديانة الإسلامية، سن الأربعين يوم الانتخاب، الجنسية الجزائرية للزوجة والمشاركة في الثورة التحريرية لمن كان مولودا قبل يوليو 1942، وإثبات عدم تورط الأبوين في نشاط معادي للثورة إذا كان مولودا بعد يوليو 1942، وأخيرا التصريح بالممتلكات العقارية والمنقولة داخل الوطن وخارجه. ثم أحالت المادة ذاتها إلى القانون لتحديد شروط أخرى، وهو ما تكفلت به المادة 139 من القانون العضوي 16-10 المتعلق بالانتخابات[1].

   يتم إيداع ملف الترشح لدى المجلس الدستوري وحده دون سواه. فلا يمكن وضع ملف الترشح للرئاسيات لدى وزارة الداخلية أو أي جهة أخرى[2]. ويتم تسليم وصل بإيداع الملف ثم يتم تعيين مقرر أو أكثر للتحقيق ودراسة الملف وإعداد تقرير مفصل حول صحته من عدم صحته بموجب قرار يبلغ للمترشح والسلطات المعنية خصوصا الأمانة العامة للحكومة لنشره في الجريدة الرسمية. ويكون قرار المجلس الدستوري في ظرف 10 أيام من تاريخ انتهاء المدة المحددة لوضع الملفات (المـادة 141 من القانون العضوي 16-10). ولا يجوز الطعن في قرار المجلس الدستوري في هذه الحالة كما سبق التفصيل في هذه المسألة في دراستنا السابقة حول الرقابة السياسية لدستورية القوانين في الجزائر عن طريق مجلس دستوري[3].

الفرع الثاني: منازعات الترشح للانتخابات التشريعية

   تمارس السلطة التشريعية في الجزائر بواسطة مجلسين، هما المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، طبقا للمادة 112 من التعديل الدستوري 2016.

   يشترط القانون مجموعة من الشروط للترشح لعضوية هاتين الهيئتين، وهي الشروط التي نصت عليها المادة 92 وما بعدها من القانون العضوي 16-10 بالنسبة للمجلس الشعبي الوطني، وهي التسجيل في القائمة الانتخابية وبلوغ سن 25 سنة كاملة يوم الاقتراع والجنسية الجزائرية وغير محكوم عليه في جناية أو جنحة المنصوص عليها في المادة 05 من القانون العضوي 16-10 ولم يرد اعتباره.

   كما نصت المادة 111 من ذات القانون العضوي على شروط الترشح لعضوية مجلس الأمة في الثلثين المنتخبين من بين أعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية (المادة 110). وهذه الشروط هي بلوغ 35 سنة كاملة يوم الانتخاب، إضافة إلى الشروط العامة الواردة في المادة 92 سالفة الذكر، ما عدا السن. ثم أضاف القانون العضوي الخاص بالانتخابات شروطا أخرى في طريقة وضع القائمة سواء كان المترشح حرا أو تابعا لحزب سياسي، إضافة إلى شروط أخرى. وبعد أن يوضع الملف لدى الولاية من طرف المترشح الذي يترأس القائمة أو ممن يليه (المادة 93) لفحص القوائم أو دراستها وتصدر قرارا لقبول الترشح أو ترفضه (المادة 98). ويكون قرار الرفض قابلا للطعن أمام المحكمة الإدارية المختصة إقليميا خلال 03 أيام ابتداء من تاريخ تبليغ الرفض وتفصل المحكمة خلال 05 أيام، وحكمها نهائيا (المادة 98).



[1] يرجى الاطلاع على الشروط بالتفصيل في الفصل الثالث من الباب الثاني من هذا المؤلف.

[2] العوفي، المرجع السابق، ص. 31

[3] يرجى مراجعة هذه المسألة في هذه الدراسة اعلاه.

2.2. المطلب الثاني: منازعات الترشح للانتخابات المحلية (البلدية والولائية)

تعتبر البلدية والولاية من الهيئات اللامركزية في النظام الإداري الجزائري حسب نص المادة 16 من التعديل الدستوري 2016. فالولاية جماعة عمومية إقليمية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتشكل مقاطعة إدارية للدولة وتنشأ بموجب قانون، لها مجلس منتخب يسمى المجلس الشعبي الولائي. أما البلدية ففيها مجلس شعبي بلدي منتخب يدير شؤونها.

   يتم انتخاب أعضاء المجالس الشعبية الولائية والبلدية بموجب انتخابات عامة يشارك فيها مواطنو الولاية والبلدية، باختيارهم لمترشحين، لهم أحزاب سياسية أو أحرار، يحدد القانون شروط ترشحهم، وهو ما حددته المادة 79 من القانون العضوي 16-10 المتعلق بالانتخابات، منها أن يكون ناخبا طبقا للمادة الثالثة من هذا القانون العضوي نفسه، ثم بلوغ سن 23 سنة كاملة يوم الاقتراع والجنسية الجزائرية وغير محكوم عليه وغيرها من الشروط المذكورة في ذات القانون العضوي. كما أن هناك شروط خاصة كضرورة الانتماء إلى حزب سياسي (المادة 73) أو كان المترشح حرا أن تتوافر فيه نسبة مساندة معينة (الفقرة الثانية من المادة 73)، ثم تودع الترشيحات لدى الولاية طبقا للمادة 72 من ذات القانون العضوي، والذي تقوم بدراسة ملفات الترشح وتصدر قرارات إدارية بقبولها أو رفضها.

   ففي حالة رفض الترشح، يبلغ المعني (المترشح الحر أو القائمة الحزبية) بقرار معلل في خلال 10 أيام من تاريخ إيداع الترشح (78 الفقرتين 1، 2)، ويكون هذا القرار الإداري بالرفض محلا للطعن القضائي أمام المحكمة الإدارية المختصة إقليميا خلال 03 أيام من تبليغ قرار الرفض، لتصدر حكمها خلال 05 أيام من تاريخ رفع الطعن (78، الفقرتين 3، 4). ويكون حكم المحكمة الإدارية نهائيا غير قابل للطعن بأي طريق من طرق الطعن (الفقرة 5 من المادة 77).

    أما فيما يخص المنازعات المتعلقة بقوائم أعضاء مكاتب التصويت فقد عالجتها المادة 29 من القانون العضوي 16-10 التي حددت تكوين مكتب التصويت من رئيس ونائب للرئيس وكاتب ومساعدين اثنين، اللذين يعينون بقرار من الوالي (المادة 30) وتسلم إلى الأحزاب وممثليهم والمترشحين الأحرار. ولهؤلاء الاعتراض على القائمة كتابيا خلال 05 أيام من نشرها وتسليمها لهم. وفي حالة رفض الوالي الاعتراض المقدم ضد القوائم المحددة لتكوين مكاتب التصويت يمكن الطعن في قراره أمام المحكمة الإدارية المختصة إقليميا خلال 03 أيام من تبليغ قرار الرفض، ويكون قرار المحكمة نهائيا. (المادة 30).