مدخل لمنازعات الصفقات العمومية و المنازعات الناشئة عنها.

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: منازعات الصفقات العمومية
Livre: مدخل لمنازعات الصفقات العمومية و المنازعات الناشئة عنها.
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Thursday 18 April 2024, 21:01

Description

سنتناول في هذا المحور ماهية العقود الإدارية ثم ماهية الصفقات العمومية فصد تبيان خصوصية الصفقات العمومية مقارنة بالعقود الإدارية لنتطرق في الأخير للمنازعات التي تنشا عن الصفقات العمومية و التي سنصنفها إلى منازعات الإبرام و منازعات التنفيذ

1. مدخل إلى الصفقات العمومية والمنازعات الناشئة عنها

تعتبر الصفقات العمومية من أشهر العقود التي تبرمها الإدارة العامة مع المتعاملين معها قصد تنفيذ البرامج الاقتصادية التي تمثل أبرز أوجه الإنفاق العام، لما تطلبه من إعتمادات مالية ضخمة.لكن من المفيد أن ننوه أنه ليست كل العقود الإدارية صفقات عمومية تطبق عليها أحكام المرسوم 15/247 سالف الذكر.إذيستلزم الأمر توافر خصائص و معايير خاصة إذا ماتوافرت في العقد الإداري أعتبر صفقة عمومية ،الأمر الذي يدفعنا إلى ضرورة الوقوف بداية عن الإطار النظري للصفقات العمومية قصد تحديد خصوصيتها.ثم ضبط المنازعات التي يمكن أن تنشا عنها.

1.1. القسم الأول: الإطار النظري للصفقات العمومية

سننطلق في هذا القسم من تعريف العقد الإداري، وصولا إلى تعريف الصفقة العمومية وتحديد خصوصيتها.

أولا: ماهية العقد الإداري:

  إن العقد الإداري المقصود بالدراسة في هذه الجزئية،هو العقد الخاضع للقانون العام، الذي تتجلى فيه امتيازات السلطة العامة المحجوزة للإدارة باسم المصلحة العامة،وهو ما يعبر عنه في الفقه الإداري بالاعتبارات الجوهرية التي تأتي في مقدمتها اعتبارات المصلحة العامة .لذا يتعين علينا إيجاد تعريف للعقد الإداري ،وتحديد المعايير التي يمكن الارتكاز عليها في تحديده، ثم التطرق لبعض أنواعه.

1/ تعريف العقد الإداري:

اشترك كل من القضاء الإداري الفرنسي والمصري في إعطاء تعريف للعقد الإداري لا يختلف إلا من حيث الصياغة، يمكن إدراجه بشكل مبسط كما يلي:

  "العقد الإداري هو اتفاق يبرمه شخص معنوي عام قصد تسيير مرفق عام،وفقا لأساليب القانون العام، بتضمينه شروط استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص."[1]

    يتبين من التعريف السابق،أنه لكي يكون هناك عقد إداري بالمعنى الفني الدقيق لابد من توافر ثلاث شروط تشكل في مجملها معيارا أو ضابطا قضائيا تتحدد على أساسه الطبيعة الإدارية للعقود، أصطلح على تسميتها بالمعيار العضوى،المعيار الموضوعي والمعيار الشكلي.[2]

2/معايير العقد الإداري:

   إن تحديد العقد الإداري يرتكز على جملة من المعايير التي يمكن من خلالها تمييزه عن باقي أنشطة الإدارة العامة. هذه المعايير وكما سبق استنتاجها من تعريفه تتمثل فيما يلي:

أ‌-     المعيار العضوي:Critère Organique

          يقصد بالمعيار العضوي في تحديد طبيعة العقد الإداري، أن يكون أحد أطراف العقد شخص إداري.وقد حدد المشرع الجزائري أشخاص القانون العام بموجب المادة 801 من( ق إم إ)  ب:الدولة، الولاية، البلدية والمؤسسة العمومية ذات الصيغة الإدارية. كما يمكن للقوانين الخاصة أن تحدد من يتمتع بهذه الصفة.غير أن هذا المعيار العضوي لا يعتبر كافيا لتحديد طبيعة العقد الإداري فقد تكون الجهة إدارية،لكن العقد مدني.[3]

ب‌-    المعيار الموضوعي:          Le Critère Objectif

   وفقا لهذا المعيار حتى تضفى الصفة الإدارية على العقد لا بد أن يرتبط محله بالمرفق العام، سواء تعلق الأمر بتسييره أو تنفيذه، ويمكن إجمال صور اتصال العقد بالمرفق  العام في ما يلي :

  • إتصال العقد بالمرفق العام في صورة تنظيم واستغلال المرفق العام، كما هو الحال في عقود الإمتياز وعقود الأشغال العامة.
  • إتصال العقد بالمرفق العام في صورة تقديم مساهمة لتسير المرفق العام، عن طريق تقديم خدمات وتوريد سلع ،كما هو الحال في عقود التوريد،النقل البيع والإيجار.
  • إتصال العقد بالمرفق العام في صورة التزام الإدارة العامة إزاء الأفراد بتقديم سلع وخدمات، كما هو الحال في العقود التي يبرمها المرفق العام مع المنتفعين بخدماته.[4]

 

 

ج- المعيار الشكلي:    Le Critère Formel

   ويقصد به اعتماد وسائل القانون العام في إبرام العقد وتنفيذه، بتضمينه شروط استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص.وهو ما يضفي الصفة الإدارية على العقد.ويعتبر هذا المعيار هو الضابط الفاصل في تحديد العقود الإدارية بطبيعتها، إلا أن الفقه الإداري واجه صعوبة تحديد هذه الشروط الاستثنائية،لكن القضاء الإداري بذل جهودا في تعريفها باعتبار أنها:" تلك الشروط التي تمنح أحد المتعاقدين حقوقا وتحمله التزامات غريبة في طبيعتها عن تلك التي يمكن أن يوافق عليها من يتعاقد في إطار القانون المدني أو التجاري"[5] ،ومن أبرز صورها:

  • حق وسلطة الإدارة في تعديل التزامات المتعاقدين معها نقصا أو زيادة.
  • إمتياز سلطة التدخل للإشراف على تنفيذ العقد.
  • إمتياز سلطة تغيير طريقة تنفيذ العقد ووقف تنفيذه مؤقتا.
  • إمتياز سلطة فسخ العقد بالإرادة المنفردة لطرف دون حاجة لموافقة الطرف الآخر.[6]
  • إمتياز سلطة الإدارة في توقيع عقوبات مختلفة على المتعاقد معها في حال إخلاله بالتزاماته، حتى لو لم يحدث لها ضرر ودون حاجة للجوء إلى القضاء.[7]

3/ أنواع العقود الإدارية:

   أمام صعوبة حصر كل العقود الإدارية،والتي لاتسعنا هذه الجزئية من الدراسة احتواءها جميعا.سنكتفي بإدراج أهم العقود الإدارية كما يلي:

1-    عقد الأشغال العامة:

   هو عبارة عن اتفاق بين الإدارة وأحد الأفراد والشركات، قصد القيام ببناء أو ترميم أو صيانة عقارات لحساب شخص معنوي عام، لأجل تحقيق المصلحة العامة في نظير المقابل المتفق عليه، وفقا للشروط الواردة في العقد.

2-    عقد الامتياز:

    يقصد به أن تعهد الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى إلى الملتزم بإدارة المرفق العام،واستغلاله لمدة محددة ،وذلك عن طريق عمال وأموال يقدمها الملتزم وعلى مسؤوليته في مقابل تقاضي رسوم من المنتفعين من هذا المرفق.[8]

3-    عقد التوريد:

   هو اتفاق بين شخص معنوي من أشخاص القانون العام وفرد أو شركة،يتعهد بمقتضاه الفرد أو الشركة بتوريد منقولات معينة للشخص المعنوي لازمة للمرفق العام، مقابل ثمن معين يتفق عليه في العقد بهدف تحقيق مصلحة عامة.[9]

4-    عقد إيجار خدمات:

   هو اتفاق بمقتضاه يقدم أحد الأشخاص خدماته لشخص معنوي عام،مقابل تعويض يتفق عليه وفقا للشروط الواردة في العقد.[10]

-5عقد القرض العام:

    هو اتفاق بين الإدارة وأحد أشخاص القانون الخاص، يتعهد بمقتضاه الطرف الثاني بقرض مبلغا من المال إلى شخص من أشخاص القانون العام، مقابل فائدة سنوية محددة، ورد مبلغ القرض عند حلول الأجل المتفق عليه.[11]

5-      عقد النقل:

    هو اتفاق بين الإدارة وأحد أشخاص القانون الخاص، يتعهد بمقتضاه هذا الأخير بنقل أشياء أو أشخاص، أو يضع وسيلة نقل تحت تصرفها مقابل ثمن معين.[12]

6-    عقد البوت:

   هو صورة مستحدثة من العقود الإدارية،بهدف القيام بمشاريع ضخمة تعهد به الدولة إلى إحدى الأشخاص أو الشركات الوطنية أو الأجنبية، بإنشاء مرفق عام،وتشغيله لحسابها لمدة محددة على أن يلتزم بنقل ملكيته للدولة بعد انقضاء المدة المتفق عليها في طيات هذا العقد[13].

     ما هذه إلا عينة من أهم العقود الإدارية الأكثر انتشارا، لكن دراستنا ستنصب على أحد هاته العقود وهي الصفقة العمومية وهو ما سنتناوله في الجزئية الموالية.

 

ثانيا: ماهية الصفقات العمومية.

    تعتبر الصفقات العمومية النموذج الأكثر شيوعا للعقود الإدارية. وهي تحتل في الجزائر مكانة مميزة، ذلك أنه منذ سنوات الأولى للاستقلال وإلى يومنا هذا كانت السياسة الاقتصادية والتنموية للدولة الجزائرية ترتكز على الصفقة العمومية كآداة قانونية لتنفيذ المشاريع والمخططات الحكومية التي تتطلب إعتمادات ضخمة ،الأمر الذي جعلها تخضع لنظام قانوني خاص،يختلف عن ذلك الذي يحكم العقود المدنية والتجارية فقد خصها المشرع الجزائري بنظام قانوني خاص نظمت أحكامه في العادة بموجب مرسوم رئاسي.

   وتجدر الإشارة هنا أنه لا تكيف جميع العقود الإدارية التي تبرمها الإدارة على أنها صفقات عمومية، وإنما يتعين توافر معايير محددة إذا ما تحققت في عقد إداري اعتبر صفقة عمومية[14].لذا يتعين علينا بداية إعطاء تعريف للصفقات العمومية ثم محاولة الإحاطة بالمعايير المتبعة في تشخيصها، والتطرق لجمله الخصائص التي تنفرد بها ،لنصل في الأخير إلى أطرافها والمبادئ التي تحكمها، كل هذا في إطار ما نص عليه المشرع الجزائري من خلال المرسوم 15/247 ساري المفعول حاليا.

1/ تعريف الصفقات العمومية:

   إن الأهمية التي تحضى بها الصفقات العمومية في الجزائر،جعلت المشرع يخرج عن القاعدة العامة التي تقضي بأن المشرع لا يعرف المصطلحات القانونية ،باعتبار أن مهمة التعريف بها تترك دائما للفقه والقضاء. والتزم في جميع القوانين المتعاقبة في تنظيم هذا النوع من العقود(الصفقات العمومية) بإعطاء تعريف لها، وباعتبار أن التعريف التشريعي يعلو عن أي تعريف آخر.سنكتفي في هذه الجزئية بإدراج التعريف التشريعي فقط[15]. والذي ورد في المرسوم رئاسي رقم 15/247 مادته الثانية على أن الصفقات العمومية هي "عقود مكتوبة  في مفهوم التشريع المعمول به،تبرم بمقابل مع المتعاملين اقتصاديين وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون ،لتلبية حاجات المصلحة المتعاقدين في مجال الأشغال واللوازم والخدمات والدراسات".

   إن الاستقراء والتحليل الدقيق لهذا التعريف التشريعي يبين لنا أهم معايير تحديد الصفقة العمومية، أطرافها، وكذا القواعد المطبقة عليها،وذلك بعد ربطه ببعض المواد القانونية المدرجة في نفس المرسوم.

 

2/ معايير تكييف الصفقات العمومية:

باعتبار أنه ليست كل العقود الإدارية المبرمة صفقات عمومية ،فإنه من الأهمية بمكان تحديد معايير واضحة التي يمكن على آساسها تكيف العقود الإدارية على أنها صفقات عمومية ،والتي لا يمكن استخراجها إلا من صلب المرسوم الرئاسي 15/247 الساري العمل به حاليا، والتي يمكن تحديدها كما يلي:

أ‌-     المعيار العضوي:

   كرس المشرع الجزائري من خلال المرسوم 15/247 المعيار العضوي في تكييف الصفقات العمومية، وهو معيار يهتم بطبيعة أطراف العقد وليس موضوعه[16] ،حيث حدد بموجب المادة 06 وعلى سبيل الحصر،الجهات التي تبرم عقودها مع المتعاملين الاقتصاديين حتى يعتبر العقد صفقة وهي:

vالدولة.

vالجماعات الإقليمية.

vالمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.

vالمؤسسات العمومية الخاضعة للتشريع الذي يحكم النشاط التجاري عندما تكلف بالجاز عملية ممولة كليا أو جزئيا بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة أو من الجماعات الإقليمية.[17]

ب‌-    المعيار الموضوعي:

أضاف المرسوم الرئاسي 15/247 معيارا آخرا في تكييف العقد الإداري على أنه صفقة عمومية ، وذلك في نص المادة 02 ، والذي يقتضي أن ينصب موضوع الخدمة التي يقدمها المتعامل الاقتصادي على إحدى العمليات التالية المحددة حصرا[18]:

1)إنجاز أشغال:

   تنصب على العقارات،وهي تتعلق بعمليات البناء ،أو الصيانة، أو التأهيل، أو الترميم، أو الهدم بالنسبة للمنشآت أو جزء منها.

2)- اقتناء اللوازم:

   تتعلق بتوريد السلع والتجهيزات واللوازم الضرورية لسير المرفق العمومي.

3)- إنجاز الدراسات:

   عند حاجة المرفق العمومي لدراسات فنية أو تقنية من طرف أشخاص مختصين (مهندسين أو تقنين) لإنجاز المشاريع الموكلة إليه.

4)-تقديم خدمات:

   يقصد بها اتفاق المصلحة المتعاقدة مع المتعامل الاقتصاديلأداء خدمة ما حددها في دفتر الشروط، لكن المشرع الجزائري لم يحددها تحديدا كافيا ،بل اكتفي بالإشارة إلى  أن كل صفقة تختلف عن صفقات الأشغال واقتناء اللوازم وانجاز الدارسات هي صفقة للخدمات.[19]

ج- المعيار المالي: Le Critère Financier

حتى يعتبر العقد الإداري صفقة عمومية لا بد من تحقق ضابط ثالث يعرف بالمعيار المالي، والذي يقصد به العتبة المالية الدنيا التي يحددها القانون للصفقة . وقد عرفت هذه القيمة المالية تزايد تدريجي تماشيا على التطور الاقتصادي والمالي.[20] لتستقر وفق المادة 13 من المرسوم 15/247 .إلا أنه لا يعتبر صفقة عمومية ما بلغ:

12 مليون دينار (12000.000 دج) أو يقل عنه لصفقة الأشغال واللوزام.

06 ملايين دينار (6.000.000 دج) لصفقة الدارسات أو الخدمات.

د- المعيار الشكلي:

   ويقصد به بحسب نص المادة الثانية (02) من المرسوم 15/247 أن تتم الصفقات العمومية في شكل عقود مكتوبة وفق ما تقضيه الإجراءات المحددة في هذا المرسوم، وهو توجه سبق تأكيده في القضاء الإداري الجزائري بموجب قرار صادر بتاريخ 14 ماي 2001[21] الذي أكد أن الصفقات العمومية عقود مكتوبة تتضمن تحت طائلة البطلان بيانات محددة على سبيل الحصر قانونا ،ما يجعلها تتعلق بالنظام العام.

 

ه- معيار البند غير المألوف: Clause exorbitante

     سبق وأن أكدنا أن البند غير مألوف في العقد الإداري هو أهم السمات المميزة له، والتي جعلته يختلف عن العقود في القانون الخاص،قصد تمكين الإدارة من تحقيق الأهداف المرجوة منها، خدمة للصالح العام[22]. وتكرس هذا المفهوم أكثر في مختلف القوانين المنظمة للصفقات العمومية. من خلال منح المصلحة المتعاقدة امتيازات وحقوق في مواجهة المتعاملين الاقتصاديين ،أهمها سلطتها بالإشراف والرقابة ،وامتياز تعديل العقد وتوقيع الجزاءات المالية، وحقها في فسخ العقد بإرادتها المنفردة.

كانت هذه هي المعايير التي تكيف من خلالها العقود الإدارية على أنها صفقات عمومية، و التي أمكن استنتاجها من خلال استقراء مواد المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

3/خصائص الصفقات العمومية في الجزائر:

     تعتبر عقود الصفقات العمومية من أهم أنواع التعاقدات، نظرا لعلاقتها بتنشيط التنمية من جهة، وحجم الأموال التي تنصب عليها من جهة أخرى. الأمر الذي جعلها تنفرد بخصائص خاصة عن باقي عقود الإدارة، يمكن إدراجها كما يلي:

أ‌-     تنظيمها بموجب مرسوم رئاسي:

     المرسوم ورئاسي هو سلطة يتمتع بها رئيس الجمهورية في المجال التشريعي، يرتبط عادة بالمجالات الحساسة وذات الأهمية البالغة داخل الدولة.وباعتبار الصفقات العمومية أحد أهم قنوات الصرف العام،فقط حضي تنظيمها بهذا النوع من التشريع[23].

ب‌-    تعلقها بالمال العام:

   للصفقات العمومية صله وثيقة بالخزينة العمومية،كونها تنصب على مصاريف الإدارات العمومية،أي على عملية الإنفاق العام،وهي تنضوي ضمن الحماية الدستورية والتشريعية التي تحضى بها الأموال العامة.[24]

 

 

ج- إحاطتها بحماية قانونية خاصة:

    لقد خص المشرع الجزائري الصفقات العمومية بتشريع خاص ومستقل بذاته مقارنه بالعقود الأخرى،بتضمينه جملة من الشروط والإجراءات الشكلية، وكذا الشروط التي تبرم وتنفذ بها الصفقة العمومية. وكيفية اختيار المتعامل الاقتصادي تختلف في كثير من الأحيان على القواعد العامة المتعارف عليها، خاصة من حيث الطعون وآليات التسوية ،والآجال القانونية التي تختلف عن قواعد قانون الإجراءات المدنية وقلما تعود إليها.[25]

4/أطراف الصفقات العمومية:

   الصفقة العمومية باعتبارها إحدى العقود الإدارية فهي تبرم بني طرفين، المصلحة المتعاقدة من جهة،و المتعامل المتعاقد من جهة أخرى

أ‌-      المصلحة المتعاقدة:

سبق وأن وضحنا بأن المشرع الجزائري كرس المعيار العضوي ضمن معايير تحديد الصفقات العمومية، وذلك بنص

المادة 06 من المرسوم 15/247[26]. لكنه اختلف مع المعيار العضوي المدرج في قانون الإجراءات الإدارية والمدنية بنص المادة 801، فزيادة على الدولة ،الجماعات الإقليمية، والمؤسسات ذات الطابع الإداري. أدرج المرسوم 15/247 شخصا رابعا ممثل في "المؤسسات العمومية الخاضعة للنشاط التجاري" عندما تكلف بإنجاز عملية ممولة كليا أو جزئيا، بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة أو الجماعات الإقليمية. وهذا التعارض في محتوى المعيار العضوي بين قانون الإجراءات الإدارية والمدنية وقانون الصفقات العمومية ستتم مناقشة لاحقا عند التطرق إلى مسألة الاختصاص القضائي.

 

 

ب‌-    المتعامل المتعاقد:

    المتعامل المتعاقد هو الطرف الثاني في الصفقة العمومية،والذي تمت الإشارة إليه في المرسوم الرئاسي 15/247 في المواد 37 و81 ، والذي يمكن أن يكون شخص طبيعي أو مجموعة أشخاص طبيعية،شخص معنوي أو تجمع أشخاص معنوية، تختاره الإدارة وفقا لشروط وإجراءات الصفقة العمومية.

تجدر الإشارة في الأخيرأن المرسوم الرئاسي 15/247 استثنى بنص 07 كأطراف في الصفقات العمومية:

  • العقود المبرمة فيما بين الهيئات والإدارات المؤسسات العمومية الإدارية فيما بينها.
  • العقود المبرمة بين المؤسسات ذات الطابع التجاري كما حددتها 06 من المرسوم سالف الذكر عندما تزاول نشاطا غير خاضع للمنافسة.

5/المبادئ التي تحكم الصفقات العمومية:

   أمام الأهمية التي تحضى بها الصفقات العمومية بسبب ارتباطها بالإنفاق العام خصها المشرع بحماية تشريعية خاصة،وتدخل بإقرار مجموعة من المبادئ التي يتعين على الإدارة القائمة بالتعاقد مراعاتها واحترام أحكامها،تتمثل هذه المبادئ فيما يلي:

أ‌-     مبدأ العلنية:

   يقصد بالعلانية في الصفقات العمومية وجوب أن لا يتم إبرام عقد الصفقة بطريقة سرية التي تثير الريبة والشك، وذلك من خلال الإعلان عليها للعامة تحقيقا للشفافية، حتى تتاح الفرصة لمن يرغب في التعاقد ضمن مبدأ تكافؤ الفرص.[27]

وقد نصت المادة 61 من المرسوم الرئاسي 15/247 على أنه يكون اللجوء إلى الإشهار الصحفي للصفقات العمومية إلزاميا في الحالات التالية:"طلب العروض المفتوح،طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا، طلب العروض المحدود، المسابقة، التراضي بعد الاستشارة عند الاقتضاء".

   وأكدت المادة 65 من نفس المرسوم أن طلب العروض لا بد أن ينشر إجباريا في النشرة الرسمية لصفقات المتعامل العمومي، وعلى الأقل في جريدتين وطنيتين يوميتين موزعتين على المستوى الوطني، ويتعين على الإدارة إحترام أوضاع الإعلان من حيث الآجال وكيفية إجرائه وعدد مراته[28].

ب‌-    مبدأ حرية المنافسة:

      عبر عنه المشرع بحرية الوصول إلى الطلبات العمومية، ويقصد به إتاحة الفرصة لكل من تتوفر فيه الشروط أن يتقدم بعطائه[29]،إعمالا لمبدأ المساواة أمام القانون، وتكريس الحرية الاقتصادية.

       لكن الانفتاح على المنافسة ليس بالمبدأ المطلق ، إذ أورد عليه المشرع استثناء يعرف بالمنح بحكم القانون، وهو إجراء وقائي لكل الحالات التي يمكن أن تشكل عبء على إنجاز موضوع الصفقة[30]، والتي تم النص عليها في المادة 75 المرسوم 15/247 كالإفلاس أو التوقف عن النشاط ،عدم استيفاء الواجبات الجبائية. كما منح المشرع نوعا من السلطة التقديرية للمصلحة المتعاقدة في بعض الصفقات العمومية، لما تمتاز به من جوانب فنية ،وتشجيعا منه لبعض المؤسسات خاصة الوطنية، وهو ما أدرج في المواد من 83 إلى 87 من ذات المرسوم.

ج- مبدأ المساواة بين المتنافسين:

    وهو مبدأ مكمل لمبدأ حرية المنافسة، من خلال منح المتعاملين الاقتصاديين فرص متساوية للتقديم عطاءاتهم ، وفق الإجراءات والشروط التي حددتها المصلحة المتعاقدة. حيث يمنع على هذه الأخيرة أن تمنح امتيازات أوتضع عقبات عملية أمام المتنافسين[31].

د- مبدأ سرية العطاءات:

    تحقيقا لمبدأ المنافسة ومبدأ المساواة كان لا بد من تكريس مبدأ سرية العطاءات، التي توضع في أظرفة مغلقة لا يتم الكشف عنها إلا وقت فتحها من طرف "لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض"  وفقا للمادتين 62 و67 من ذات المرسوم .

وفي الأخير يمكن القول أنه رغم اختلاف هذه المبادئ، إلا أنها متكاملة فيها بينها وتسعى لتحقيق هدف واحد هو غلق باب التحايل، خوفا من مغبة الوقوع في فخ الفساد الذي من شأنه إهدار المال العام.

 

 

ثالثا: طرق إبرام الصفقات العموميةLes modes de passation des marchés  publics

    بموجب المرسوم الرئاسي 15/247 أعاد المشرع النظر في اختيار المتعامل المتعاقد، أين تخلى نهائيا على نظام المناقصة، واستبدله بنظام طلب العروض، حيث نصت المادة 39 من المرسوم الرئاسي "تبرم الصفقات العمومية وفقا لإجراء طلب العروض الذي يشكل القاعدة العامة[32] . أو وفق إجراء التراضي" وعليه يفهم من نص المادة أعلاه أن المشرع الجزائري جعل من طلب العروض هو الأصل وإجراء التراضي استثناءا عليه.

1/ القاعدة العامة: إجراء طلب العروضL’appel d’offre

وفقا للمادة 40 من المرسوم الرئاسي 15/247 ، يمكن تعريف طلب العروض بأنه:" إجراء يستهدف الحصول على عروض من عدة متعهدين متنافسين مع تخصيص الصفقة دون مفاوضات المتعمد الذي يقدم أحسن عرض من حيث المزايا الاقتصادية، استنادا إلى معايير موضوعية تعد قبل انطلاق الإجراء".

وحددت الفقرة الثانية حالات عدم الجدوى من إجراء طلب العروض في ثلاث حالات:

1-   حالة عدم استلام أي عرض.

2-   عدم مطابقة أي عرض لموضوع الصفقة ومحتوى دفتر الشروط.

3-   عدم إمكانية تمويل الحاجات.

أما المادة 42 فحددت أشكال طلب العروض ب04 أشكال ندرجها كما يلي:

أ‌-     طلب العروض المفتوح:L’appel d’offre ouvert

نصت عليه المادة 43 بأنه "كل إجراء يمكن من خلاله لأي مترشح مؤهل أن يقدم تعهدا" ويعتبر أهم صور الصفقات العمومية التي تكرس مبدأ المنافسة، لأنه يسمح  بتقديم عدد كبير من المتعاملين لعروضهم. وعادة مايخص المشاريع التي لا تتطلب إمكانيات مادية أو بشرية كبيرة.

 

 

 

ب‌-    طلب العروض مع اشتراط قدرات دنيا:L’appel d’offre avec exigence de capacités minimales

تناوله المرسوم الرئاسي 15/247 بنص المادة 42 ، واعتبره إجراء يسمح فيه لكل المترشحين الذين تتوفر فيهم بعض الشروط الدنيا المؤهلة ،التي تحددها المصلحة المتعاقدة مسبقا قبل إطلاق الإجراء، بتقديم تعهد . ويقصد بالشروط الدنيا المؤهلة القدرات المالية والتقنية والمهنية التي لا بد أن تتوفر لدى المتعامل لتنفيذ الصفقة.

ج- طلب العروض المحدود:Appel d’offre sélective

عرفته المادة 45 من ذات المرسوم الرئاسي بنصها" بأنه إجراء لاستشارة انتقائية،يكون المرشحون اللذين تم إنتقائهم من قبل مدعوين وحدهم لتقديم تعهد". ما يميز هذا النوع من الصفقات هو إعطاء قدر من الحرية الواسعة للمصلحة المتعاقدة في الإتصال بالمتعاملين الاقتصاديين وانتقائهم ،إلا أن ذلك يجب أن يتم دائما في إطار الضوابط القانونية التي أقرها المشرع[33].

د- المسابقة:Le Concours

نص على هذا الأسلوب من الصفقة العمومية، المرسوم الرئاسي 15/247 في مادته 47 بأنها: "إجراء يضع رجال الفن في منافسة لاختيار، بعد رأي لجنة التحكيم مخطط أو مشروع مصمم استجابة لبرنامج أعده صاحب المشروع، قصد إنجاز عملية تشمل على جوانب تقنية أو اقتصادية، أو جمالية، أو فنية خاصة،قبل منح الصفقة لأحد الفائرين بالمنافسة"

   ما يميز هذا النوع من الصفقات هو وجود لجنة خاصة لتقييم عروض المتعاملين، تتميز بالكفاءة والاستقلالية تسمى ب" لجنة التحكيم"[34].

2/ الاستثناء: إجراء التراضي. Le gré à gré

     رغم أن طلب العروض يعتبر الأصل والقاعدة في إبرام الصفقات العمومية ،إلا أنه في حالات معينة تحتاج المصلحة المتعاقدة إلى الخروج عن هذه القاعدة، وإتباع أسلوب أكثر مرونة نتيجة، وجود حالات تستدعي السرعة لتغطية الحاجات العامة. وهو ما يعرف بإجراء التراضي،نص عليه المشرع في المادة 41 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر ،و"هو إجراء يستهدف تخصيص الصفقة لمتعامل متعاقد واحد، دون المرور بالإجراءات الشكلية لطلب العروض" وأمام هذه الخصوصية، أولى المشرع الجزائري هذا الأسلوب عناية بالغة قصد ضبط حالات اللجوء إليه، وتقرير قواعد وشروط إعماله،و ارتأى  أن يتم وفق نمطين:

 ا- التراضي البسيط.  ب- التراضي بعد الاستشارة.

أ‌-     التراضي البسيط:Le gré à gré simple

   وهو إحدى أشكال التراضي، يجعل المصلحة المتعاقدة تستبعد مبدأ التنافس لتقوم مباشرة باختيار المتعامل المتعاقد بعد أن تتفاوض معه.[35] وقد نص عليه المرسوم 15/247 في مادته 49 بحالات حصرية،حيث تميزت المادة بصيغتها القطعية في تحديد هذه الحالات بنصها:

"تلجأ المصلحة المتعاقدة إلى التراضي البسيط في الحالات الآتية فقط" وتتمثل هذه الحالات في:

أ/1. الوضعية الاحتكارية للمتعامل المتعاقد:

   حيث لا يمكن تنفيذ الخدمة إلا على يد متعامل وحيد ، إما لاحتلاله وضعية احتكارية ،أو إنفراده بامتلاك الطريقة التكنولوجية أو لاعتبارات ثقافية وفنية.

أ/2. حالة الإستعجال الملح المعلل:

وهي حالة قيدها المشرع بشروط:

1-   أن يتعلق الاستعجال بخطر داهم يتعرض له ملك أو استثمار، ويتعين على المصلحة المتعاقدة تبيان هذه الحالة وتبريرها. لكن المشرع الجزائري لم يضبط حالات الاستعجال المقصودة.

2-   أن يتجسد ذلك الخطر في الميدان، والوقاية منه لا تتكيف وآجال طلب العروض.

3-   أن لا يكون من الممكن توقع الظروف المسببة لحالات الإستعجال.

4-   أن لا يكون نتيجة مناورات للمماطلة من جانب المصلحة المتعاقدة.

ومن دون هذه الشروط تزول حالة الاستعجال الملح المعلل، التي تسمح للمصلحة المتعاقدة إبرام الصفقة وفقا لإجراء التراضي البسيط[36].رغم هذا نرى أن المشرع لم يضبط حالات الإستعجال الملح المحلل بالقدر الكافي، فورود المصطلح بهذه الصيغة العامة من شأنه أن يفتح باب التحايل.

أ/3. حالة تموين مستعجل مخصص لضمان توفير حاجات السكان الأساسية:

حيث تكون المصلحة المتعاقدة في وضعية حاجة سريعة لخدمة ما يتوقف عليها نشاطها، وقد ضبط المشرع هذه الحالة بشرطين أساسين:

1)   عدم توقع الظروف المسببة لهذه الحالة.

2)   أن لا تكون نتيجة مناورات للمماطلة من طرف المصلحة المتعاقدة .

وعادة ماتتحقق هذه الحالة في ظل الكوارث الطبيعية التي تفرض على الدولة سرعة اتخاذ القرار من أجل تغطية حاجات المنكوبين.

أ/4. حالة مشروع ذي أهمية وأولوية وطنية:

وهي المشاريع الوطنية التي تحمل أعباء ماليةضخمة وبعود تقدير الأهمية الوطنية للمشروع للمصلحة المتعاقدة ما يجعل مساءلتها في ذلك أمر صعب خاصة و أن مصطلح "الأهمية الوطنية" غامض و مبهم قد توضع تحته كل المشاريع التي تعود بالنفع على المواطن وفي ظل هذا العنوان طالب الكثير من الولاة بتعميم حالات اللجوء إلى التراضي في معظم المشاريع بالرغم من أن المشرع حاول وضع ضمانة لعدم الانحراف و استغلال هذا الباب و ذلك بفرض الموافقة المسبقة لمجلس الوزراء  آو لمجلس الحكومة [37]و عليه تتحقق هذه الحالة بتوفر شرطين :

1)   أن لا تكون الظروف التي استوجبت الاستعجال متوقعة من المصلحة المتعاقدة.

2)   أن لا تكون ذلك نتيجة مناورات للمماطلة من طرف المصلحة المتعاقدة.

وتجدر الإشارة أن  هذا النوع من الصفقات تخضع في إبرامها للموافقة المسبقة لمجلس الوزراء إذا كان مبلغ الصفقة يساوي أو يفوق عشرة ملايير دينار جزائري (10.000.000.000دج)، وإلى الموافقة المسبقة لمجلس الحكومة إذا قلت عن هذا المبلغ[38]

أ/5. ترقية الإنتاج أو الأداة الوطنية للإنتاج:

وهي حالة تتميز أيضا بخضوع قرار إبرامها للموافقة المسبقة لمجلس الوزراء إذا كان مبلغ الصفقة يساوي أو يفوق 10 ملايير دينار جزائري (10.000.000.000دج) ، وإلى الموافقة المسبقة لمجلس الحكومة إذا قل المبلغ عن هذا الحد.[39]

أ/6. عندما يمنح نص تشريعي أو تنظيمي مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري حقا حصريا للقيام بمهمة الخدمة العمومية ،أو عندما تنجز هذه المؤسسة كل نشاطها مع الهيئاتوالإدارات العمومية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.

 

ب‌-    التراضي بعد الاستشارة:

هو أسلوب تلجأ إليه المصلحة المتعاقدة لإبرام صفقاتها،بإقامة المنافسة بين عدة مترشحين مدعوين خصيصا بوسائل مكتوبة، دون اللجوء إلى الإجراءات الشكلية المعتمدة في طلب العروض.[40]وتلجأ المصلحة المتعاقدة إلى هذا النوع من التعاقد إذا تحققت واحدة من الحالات المذكورة على سبيل الحصر في المادة 51 من المرسوم الرئاسي 15/247 والتي حددت كما يلي:

1-   حالة عدم جدوى طلب العروض للمدة الثانية.

2-   حالة صفقات الدراسات واللوازم والخدمات الخاصة التي لا تستلزم طبيعتها اللجوء إلى طلب العروض (كالطابع السري للخدمات مثلا).

3-   حالة صفقات الأشغال التابعة مباشرة للمؤسسات العمومية السيادية في الدولة.

4-   حالة الصفقات الممنوحة التي كانت محل فسخ، وكانت طبيعتها لا تتلاءم مع آجال طلب عروض جديد.

5-   حالة العمليات المنجزة في إطار إستراتيجية التعاون الحكومي ،أو في إطار اتفاقات ثنائية تتعلق بالتمويلات الإمتيازية،وتحويل الديون إلى مشاريع تنموية أو هبات، عندما تنص اتفاقات التمويل المذكورة على ذلك.[41]

في الأخير وبناءا على ما سبق يبدوا أن المشرع كرس مبدأ المنافسة الحرة بتقيد حرية المصلحة المتعاقدة في اختيار المتعامل الاقتصادي وفق إجراء طلب العروض الذي يعد القاعدة العامة، وجعل من إجراء التراضي استثناء لا يمكن اللجوء إليه في حالات محددة حصرا.



[1]1- محمد الصغير بعلي، العقود الإدارية، دار العلوم للنشر و التوزيع،عنابه، الجزائر، ص 07

[2]- أنظر: ماجد راغب الحلو، القانون الإداري، دار المطبوعات الجديدة، الإسكندرية، طبعة 2000،ص ص. 602و603.

[3]- للمزيد أنظر: حلمي مجيد الحمدي، كيفية تمييز العقد الإداري عن غيره،مجلة العلوم القانونية والسياسية، المجلد الخامس، العدد الأول، كلية الحقوق، جامعة بغداد.1986.ص99 و ما بعدها.

[4]- أنظر:محمد الشافعي أبوراس،مرجع السابق، ص29.

[5]- André De Laubadere, Jean Claude Venezia, Yves Gaudemet, Droit Administratif, 17iéme édition L.G.D.G, Paris, 2002, pp 248 et Suivants.

[6]سطيف،الجزائر 2006، ص، 283.        L.E. B.E.D،2- ناصر لباد، الوجيز في القانون الإداري: التنظيم الإداري و النشاط الإداري، الطبعة الأولى

[7]- للمزيد أنظر: عبد الفتاح صبري أبوالليل، أساليب التعاقد الإداري بين النظرية والتطبيق، دار الكتاب الحديث،القاهرة،1994، ص ص 32-34.

[8]- محمد الشافعي أبوراس، مرجع السابق،ص 40.

[9]- أنظر:عبد الله حنفي، العقود الإدارية،الطبعة الأولى، دار النهضة العربية،القاهرة،1999، ص99.

[10]- (A) Mahiou, Cours d’institution administratives, 3ème édition, Alger, OPU, 1981,p 233.

[11]- أنظر: ياقوته عليوات، تطبيقات النظرية العامة للعقد الإداري: الصفقات العمومية في الجزائر. رسالة دكتوراه في القانون العام، جامعة منتوري،قسطنية.2008/2009، ص .71.

[12]- محمد الشافعي أبو راس، مرجع السابق، ص66.

[13]- إلياس ناصيف،سلسلة الأبحاث القانونية المقارنة"عقود البوت" ،المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان,2006.ص71.

[14]- خاصة و أن المرسوم الرئاسي15/247سالف الذكر و في المادة الثانية منه عرف الصفقات العمومية على أنها "عقود مكتوبة" فقط دون أن  يحدد طبيعتهاالقانونية .

[15]2- ذهب مجلس الدولة الجزائري في تعريفه للصفقات العمومية، في قرار غير منشور مؤرخ في 17 ديسمبر 2002في قضية رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية ليوة ببسكرة ضد (ق.ا) ،تحت رقم 6215 فهرس 873 إلى القول:"  حيث أن الصفقات العمومية عقد يربط الدولة بالخواص حول مقاولة أو انجاز مشروع أوأداء خدمة ...." ويلاحظ أن مجلس الدولة الجزائري لم يوفق في تعريفها، لأنه حصر صفة المصلحة المتعاقدة في الدولة فقط مهملا بقية أشخاص القانون العام نقلا عن عمار بوضياف، الصفقات العمومية في الجزائر،دراسة تشريعية قضائية فقهية ،الطبعة الأولى ،جسور للنشر والتوزيع، المحمدية،الجزائر،2007، ص31

[16]- أنظر: عمار بوضياف، الصفقات العمومية في الجزائر،دراسة تشريعية قضائية فقهية ،مرجع سابق، ص29 وما بعدها.

[17]- تجدر الإشارة هنا أن المادة 10 من المرسوم 15/247 سالف الذكر أضافت كذلك الصفقات العمومية المبرمة من طرف صاحب مشروع منتدب باسم ولحساب صاحب المشروع ،تطبيقا لاتفاقية إشراف منتدب على مشروع ،وأدرجتها ضمن طائفة العقود التي تخضع لأحكام هذا القانون.

[18]- كما تأكد المعيار الموضوعي للصفقة العمومية بنص المادة 29 من المرسوم 15/247 سالف الذكر، للمزيد أنظر: حمامة قدوج ،عملية إبرام الصفقات العمومية في القانون الجزائري ، ديوان المطبوعات الجامعية ،بن عكنون، الجزائر،2006، ص 105.

[19]- فاتح خلاف، محاضرات في قانون الصفقات العمومية طبقا لأحكام المرسوم الرئاسي 15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، مطبوعة محكمة موجهة لطلبة السنة الثالثة حقوق –قسم القانون العام،كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد الصديق بن يحي،جيجل السنة الجامعية 2015/2016، ص 11.

[20]-للمزيد أنظر: فيصل نسيغة،النظام القانوني للصفقات العمومية وآليات حمايتها، مجلة الاجتهاد القضائي، العدد الخامس جامعة محمد خيضر بسكرة ، سنة2009، ص111.

[21]- قرار صادر عن مجلس الدولة بتاريخ 14 ماي 2001 ،بين بلدية بوزريعة ومقاولة تحت رقم 519/00 الغرفة الرابعة (قرار غير منشور)

[22]- ماجد راغب الحلو،العقود الإدارية، دار الجامعة الجديدة القاهرة، 2009، ص 15.

[23]- حيث لم ترد الصفقات العمومية ضمن مجال التشريع المحدد صراحة للبرلمان بنص المادة 122 من دستور 1996، وبالتالي هي تدخل ضمن ما يسمى ب"التنظيم"،إعمالا لنص المادة 125 من الدستور، والتي جاء فيها: "يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية في المسائل غير المخصصة للقانون. يندرج تطبيق القوانين في المجال التنظيمي الذي يعود لرئيس الحكومة".

[24]- أنظر:حمزة خضري، آليات حماية المال العام في إطار الصفقات العمومية، أطروحةدكتوراه، كلية حقوق، جامعة الجزائر-1- 2015، ص85.

[25]- من المواضع القليلة التي نص فيها المرسوم 15/247 سالف الذكر على تطبيق قواعد قانون الإجراءات المدنية نص المادة 82/1 التي بدأت بعبارة "زيادة على حقوق الطعن المنصوص عليها في التشريع المعمول به......" في إشارة منه أنه زيادة على الطعون المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية و الاداربة هناك طريق طعن إضافي تضمنه المرسوم يمكن تقديمه إلى لجنة الصفقات العمومية المختصة.

[26]1 - حيث جاء في نص المادة 16 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر ما يلي " لا تطبق أحكام هذا الباب إلا على الصفقات العمومية محل نفقات

-الدولة

-الجماعات الإقليمية

-المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري

-المؤسسات العمومية الخاضعة للتشريع الذي يحكم النشاط التجاري عندما تكلف بانجاز عملية ممولة كليا أو جزئيا بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة أو الجماعات الإقليمية .

 وتدعى في صلب النص "المصلحة المتعاقدة "

[27]- وقد تطرق المشرع الجزائري لمبدأ الشفافية في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، وأكد عليه بشكل صارم وأقر بوجوب إنجاز التدابير اللازمة، وذلك من أجل تعزيز الشفافية والمسؤولية والعلانية في تسيير الأموال العمومية، طبقا للقانون06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته المؤرخ 20 فيفري 2006 الجريدة الرسمية،( العدد 14 ) ، سنة 2006 وللمزيد ارجع إلى مقال ل حمزة خضري .الوقاية من الفساد ومكافحته في إطار الصفقات العمومية، دفاتر السياسة والقانون، العدد السابع،جامعة قاصدي مرباح ورقلة ،جوان ،2012.

[28]- أضافت المادة 65 في فقرتها الثانية من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر أن إعلان المنح المؤقت فيما بعد يدرج في الجرائد التي نشر فيها إعلان طلب العروض، متى كان ذلك ممكنا مع تحديد السعر وآجال الإنجاز وأسباب الاختيار.                        

[29]- مراد بلكعيبات،مجال تطبيق قانون الصفقات العمومية في التشريع الجزائري، الملتقي الوطني السادس حول دور قانون الصفقات العمومية في حماية المال العام ، بتاريخ 20 ماي 2013،جامعة يحي فارس المدية ، 2013.

[30]- عبد الكريم تافرونت،  القواعد المنظمة لمبادئ الصفقات العمومية في التشريع الجزائري،مجلة كلية الحقوق و العلوم السياسية،العدد الخامس ، جامعة عباس لغرور، خنشلة  جانفي 2016، ص 113.

[31]-  Ibrahim RéfaatMohamed El-Béhérry, Théorie des contrats administratifs et marchés publics internationaux, Thèse de Doctorat en Droit, Soutenu le 06 mars 2009, Université de Nice, France, p 262.

[32]- إن مصطلح المناقصة في إبرام الصفقات العمومية يوحي بأن الإختيار سيتم وفقا لإعتبار مالي،بأن الفائز بالصفقة هو من يقدم السعر الأقل ،وهو أمر كان مكرس في مرحلة الأولى، التي ساد فيها تطبيق الأمر 67/90 سالف الذكر. أما فيما بعد فإن الاختيار لم يعد يؤسس على الجانب المالي لوحده ،بل يؤخذ بعين الاعتبار الجوانب الفنية والتقنية، وعليه فإن المشرع الجزائري حسن فعل باستبدال مصطلح "المناقصة" ب "طلب العروض".

[33]- للإستزادة: أنظر: الكاهنة زواوي،إبرام الصفقات العمومية في ظل القانون 15/247،مجلة الشريعة والاقتصاد ، العدد الثاني عشر، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، قسنطينة،ربيع الثاني 1439، ديسمبر 2017 ص39.

[34]1- تم النص على لجنة التحكيم في المادة 48/ 5 حيث تتكون من أعضاء مؤهلين و مستقلين عن المرشحين،  و  تحدد تشكيلتها بموجب مقرر من مسؤول الهيئة العمومية أو الوزير أو الواليأو رئيس المجلس الشعبي البلدي المعني .

[35]- Cherif Bennadji, Marchés publics et corruption en Algérie, Revue d’études et critiques socials, N°25, Alger, 2008, p144.

[36]- CherifBennadji, Op,Cit  , p144.

[37]2- انظر: كمال معيفي، إشكالات إبرام الصفقات عن طريق التراضي في التشريع الجزائري و أثره على حماية المال العام،مجلة الفقه و القانون، العدد الثاني

 و العشرون، غشت2014 ص 129

[38]- الفقرة 4 من المادة 49 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

[39]- الفقرة 5من المادة 49 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

[40]- أنظر: محمد بن محمد، صفقات التراضي في الجزائر أسلوب إبرام خاص بضوابط قانونية غامضة، مجلة دفاتر السياسة والقانون العدد 13، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة  قاصدي، مرباح ورقلة ،جوان 2005، ص 27

[41]- للمزيد أنظر: عادل بوعمران، النظرية العامة للقرارات والعقود الإدارية،دار الهدى، الجزائر، 2016، ص 105.

1.2. القسم الثاني: المنازعات الناشئة عن الصفقات العمومية

    يحوز قانون الصفقات العمومية أهمية كبيرة في القانون الإداري، نظرا لاحتوائه على أحكام قانونية مميزة عن أحكام القانون الخاص، إذ تتميز الصفقة العمومية بنفس مميزات العقد الإداري، لكن المتمعن للمرسوم الرئاسي 15/247 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية خاصة المادة الثانية منه،يجد أن المشرع عند تعريفه للصفقة العمومية أكتفي بوصفها بأنها عقود مكتوبة دون تحديد طبيعتها القانونية فيما إذا كانت تنمي إلى طائفة العقود المدنية والتجارية ، أو إلى طائفة العقود الإدارية، خاصة وأن الحياة القضائية في الجزائر عرفت الازدواجية منذ دستور 1996.

من جهة أخرى اقتصر تنظيم الصفقات العمومية الحالي بخصوص تسوية نزاعات الصفقات العمومية على المواد 153و154و155، دون ذكر التفاصيل المتعلقة بالجهات القضائية المختصة بالفصل في نزاعاتها بصفة صريحة.[1]وفي مواضع أخرى يحيل فض المنازعة إلى القواعد العامة المعمول بها كما جاء في نص المادة 82 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر، كل هذا جعل النظام القانوني للصفقات العمومية يتوزع بين النص العام ممثلا في القانون 08/09 المؤرخ في 15 فبراير 2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية من جهة،وبين النص الخاص ممثلا في المرسوم الرئاسي 15/247، وهو أمر انعكس عن طبيعة المنازعة الناشئة عن الصفقة العمومية في حد ذاتها لذا يتعين علينا بداية ضبط مفهوم لمنازعة الصفقات العمومية ثم محاولة إعطاء تصنيف لها:

أولا: مفهوم منازعات الصفقات العمومية

إن الفصل في "منازعات الصفقات العمومية " أمر متوقف على ضرورة ضبط مفهوم لها، خاصة وأن هذا المصطلح يتشابه مع مصطلحات أخرى على غرار مصطلح "المنازعات الإدارية"،ومصطلح "منازعات العقود الإدارية" خصوصا، لذا سنحاول إيجاد تعريف لمنازعات الصفقات العمومية ثم نحاول تمييزه عن باقي المنازعات التي تتشابه معها،من خلال تسليط الضوء على جهود كل من التشريع والقضاء وكذا الفقه في محاولة إيجاد تعريف لمنازعات الصفقات العمومية.

1-  التعريف التشريعي:

نقصد من وراء التعريف التشريعي لمنازعات الصفقات العمومية ،البحث في النصوص القانونية في التشريع الجزائري لإيجاد تعريف لهذا النوع من المنازعات، ويتعلق الأمر بالنص الخاص متمثلا في المرسوم الرئاسي 15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية ،والنصوص العامة ممثلة في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية 08/09 سالف الذكر.

أ‌-      في النص الخاص:( ممثلا في المرسوم الرئاسي 15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية).

باستقراء مواد المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر وجدنا أن  التشريع الجزائري، وعلى غرار باقي التشريعات المقارنة، لم يتطرق إلى تعريف منازعات الصفقات العمومية،وإنما اكتفي بالإشارة إلى الطرق والإجراءات المتبعة في تسويتها، حيث جاء ذلك في قسم فرعي مستقل تحت عنوان:"التسوية الودية للنزاعات"،من خلال ثلاث مواد أساسية هي المواد 153،154و155. وهو ما سيتم التعرض إليه بكثير من التفصيل لاحقا في المحور الثاني من هذه المطبوعة.

ب‌-في النصوص القانونية العامة (ممثلة في قانون الإجراءات المدنية والإدارية) :

    نجد أن الطابع الإجرائي لقانون الإجراءات المدنية والإدارية يحتم عليه في العديد من المواضيع عدم الخوض في إعطاء تعريفات لبعض المسائل القانونية.كذلك هو الحال بالنسبة لمنازعات الصفقات العمومية، والتي أشير إليها ضمنا بنص المادة 800 من ق إم إ المتعلقة بالاختصاص القضائي بالنسبة لأشخاص القانون العام والتي تنص: " المحاكم الإدارية هي جهة الولاية العامة في المنازعات الإدارية.

تختص بالفصل في أول درجة،بحكم قابل للاستئناف في جميع القضايا التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها."

وعليه فإن كل النزاعات بها فيها منازعات الصفقات العمومية اختصاص القضاء الإداري هذا من جهة.من جهة أخرى،نص الفصل الخامس من الباب الثالث من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية  "في الاستعجال"،ومن خلال المادتين 946 و947 على الإستعجال في مادة إبرام العقود والصفقات العمومية[2]، وهي إشارة ثانية لمنازعات الصفقات العمومية. وعليه فإن قانون الإجراءات المدنية والإدارية أكتفي فقط بالإشارة إلى منازعات الصفقات العمومية دون إعطاء تعريف لها.

2-  التعريف القضائي:

   اجتهد القضاء الإداري كثيرا في مادة الصفقات العمومية،لكن اجتهاده لم يرق لدرجة إعطاء تعريف لمنازعة الصفقات العمومية يسد به غياب التعريف التشريعي، فقط أحاط بجوانب كثيرة لهذا النوع من المنازعات ،على سبيل المثال أشار إلى معايير المعتمدة لتحديد الاختصاص القضائي لهذا النوع من المنازعات،كقرار محلى الدولة رقم 34786 الصادر بتاريخ 09/05/2007 في قضية المؤسسة ذات المسؤولية المحددة أشغال الغرب،ضد ديوان الترقية والتسيير العقاري لبشار الذي كرس المعيار المادي لتحديد اختصاصالقاضي الإداري في نزاع يتعلق بصفته عمومية.[3]

 

3-  التعريف الفقهي:

لم يهتم الفقه الإداري الجزائري بالبحث عن تعريف للمنازعة الإدارية بقدر ما أهتم بإيجاد تصنيفات لها، فأغلب الفقهاء الجزائريين أمثال "عمار بوضياف" و"محمد الصغير بعلي" وغيرهم لم يوردوا أي تعريف لهذا النوع من المنازعات، فقط تطرقت الأستاذة "دغبار نورة"  في مقال لها إلى تعريف وجيز وعرضي للمنازعات الصفقات العمومية جاء فيه:  "يقصد بالمنازعة في مجال الصفقات العمومية تلك التي تنشأ بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد بخصوص تفسير أو تنفيذ بنود الصفقة" وأضافت بعدها:"أنها لا تشمل المنازعات التي تكون النيابة العامة طرفا فيها والمتمثلة، في قضايا الفساد في الصفقات العمومية.[4]

أما الفقه الفرنسي فقد أبدىاهتماما بضرورة وضع تعريف لمنازعات الصفقات العمومية.نذكر على سبيل المثال التعريف الذي قدمه"Xavier Boissy" "كسافي بواسي": بأنها المنازعات المتعلقة بالمساس بالمبادئ التي تحكم إبرام الصفقات العمومية ،وهي مبدأ مساواة المرشحين، ومبدأ حرية الوصول إلى الطلب العمومي،ومبدأ الشفافية في إجراءات إبرام الصفقات العمومية.[5]

نلاحظ أن التعريف الأول حصر المنازعة في مسائل التفسير والتنفيذ فقط في حين أن المنازعة قد تنشأ حتى قبل عملية التنفيذ، أما التعريف الثاني فأكد على المبادئ التي إذا تم الإخلال بها تنشأ المنازعة، وبالجمع بين التعريفيين،وتداركا للنقائص التي تشوب كل منها يمكننا اقتراح التعريف التالي:"هي تلك المنازعة التي تنشأ بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد في أي مرحلة من مراحل الصفقة العمومية"

ثانيا: تمييز منازعات الصفقات العمومية عما يشبهها من مصطلحات

إن أهم المصطلحات التي تتشابه ومصطلح منازعات الصفقات العمومية هي مصطلح "المنازعة الإدارية"،وكذا مصطلح "منازعات العقود الإدارية".

1/-تمييز منازعات الصفقات العمومية عن المنازعات الإدارية:

لا يمكننا تمييز مصطلح منازعات الصفقات العمومية عن مصطلح المنازعة الإدارية إلا بعد إعطاء تعريف للمنازعة الإدارية،وأمام كثره التعاريف وتنوعها سنستشهد فقط بالتعريف الذي قدمه الأستاذ رشيد خلوفي، والذي جاء فيه:"المنازعة الإدارية هي كل القضايا الإدارية التي يعود النظر فيها للقاضي الإداري الذي يطبق قواعد القانون الإداري."[6]

يظهر للوهلة الأولى أن هناك تشابه كبير بين المنازعتين، باعتبار أن كلاهما يشكل ما يسمى الرقابة القضائية على أعمال الإدارة، لكنهما يختلفان من حيث أن كل منازعات الصفقات العمومية ليست بالضرورة منازعات إدارية،ذلك أن بعض منازعاتها تخضع للقانون العادي،هذا لأن نطاق المادة 06 من المرسوم الرئاسي 15/247،أشمل من نطاق المادة 800 من ق إم إ، وهو أمر ستناوله تفصيلا عند التطرق إلى الاختصاص القضائي لمنازعات الصفقات العمومية لا حقا.

2/- تمييز منازعات الصفقات العمومية عن منازعات العقود الإدارية:

سبق وأن انتهينا في القسم الأول إلى نتيجة هامة مفادها أنه ليست كل العقود والإدارية صفقات عمومية لان المشرع الجزائري اشترط ضرورة توافر معايير وضوابط خاصة لإصباغها بهذه الصفة. وعليه لا يمكن اعتبار كل منازعات الصفقات العمومية خاضعة للقضاء الإداري،إذ تكيف بعض منازعاتها على أنها منازعات عادية تخضع للقضاء العادي.

    بعد هذا العرض الموجز لماهية المنازعة في مادة الصفقات العمومية وتمييزها عما يتشابه معها من مصطلحات،بقي علينا أن نحاول إعطاء تصنيف لمنازعات الصفقات العمومية وهو ما سنتعرض إليه لآن.

ثالثا: تصنيف المنازعات الناشئة عن الصفقات العمومية

إن الصفقة العمومية شأنها شأن باقي العقود الإدارية الأخرى تمر بعدة مراحل وإجراءات. ومادامت تتم بين طرفين مختلفين:المصلحة المتعاقدة التي تسعى إلى تحقيق الصالح العام، والمتعامل المتعاقد الذي غايتهمصلحة خاصة هي تحقيق الربح،فإن هذا العقد لا يخلو من الوقوع في النزاع ، الذي قد يحدث في مرحلة الإبرام أو في مرحلة التنفيذ.[7] ( أنظر المخطط التوضيحي-1- في الملحق).

1-  المنازعات الناشئة عند إبرام العقد:

تختلف الأحكام التي تحكم المنازعات الناشئة عند إبرام الصفقة العمومية عن تلك المتعارف عليها في عقود القانون الخاص،بل وحتى في باقي العقود الإدارية الأخرى،ذلك أن المرسوم الرئاسي 15/247 أعاد النظر في اختيار المتعامل المتعاقد، بتبنيه نظام طلب العروض (عوض المناقصة) كقاعدة، وإجراء التراضي كاستثناء بنص م 39.كما حدد إجراءاتوشروط إبرام خاصة بكل نوع منها،التي في حال مخالفتها بحق للمتضرر استعمال الوسائل القانونية المتاحة لحماية حقوقه.

وعادة ما يكون سبب نشوب النزاع بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد في هذه المرحلة بسبب عدم احترام المبادئ التي تحكم عملية الإبرام،كمبدأ العلنية المحكوم بنص المادة 461 من المرسوم الرئاسي 15/247 ، ومبدأ المنافسة العامة المكرس بنص المادتين 40و78 ،والذي عادة ما يكون سببا في نشوب النزاع في هذه المرحلة بسبب الإخلال به. وكذلك بسبب عدم احترام مبدأ المساواة والشفافية المنصوص عليه في المادة 09. كما قد ينشأ النزاع بسبب الطريقة التي اختارتها المصلحة المتعاقدة لإبرام الصفقة العمومية، كاعتماد أسلوب التراضي على حساب طلب العروض.[8] وعليه يمكن تصنيف منازعات الإبرام إلى ثلاثةأصناف:

أ‌-      المنازعة بسبب سحب دفتر الشروط وإيداع العروض.

ب‌-المنازعة بسبب فتح العروض وتقدمها.

ت‌-منازعات المنح المؤقت للصفقة.

أ‌-      المنازعة بسبب سحب دفتر الشروط وإيداع العروض:

Les Contentieux  sur les opérations de retrait des cahiers des charges :

تتعدد أسباب نشوب منازعة بسبب سحب دفتر الشروط وإيداع العروض، ومن أكثرها شيوعا:

  • طبع عدد محدود من دفاتر الشروط، أو وضع عراقيل تمنع المتنافسين من سحبها.
  • تحديد مدة قصيرة لسحب دفتر الشروط أو إيداع طلب العروض أو تمديده دون مبرر.
  • تعديل محتوى دفتر الشروط بعد عمليات السحب دون إعلام من سبق وأن سحبوه أوإنقاص بنود أو صفحات من بعض النسخ.
  • غياب السجل الخاص بإيداع العروض ،أو التلاعب في تواريخ الإيداع وسلامة الأظرفة من الفتح المسبق.[9]

ب‌-    منازعات يسبب فتح العروض وتقييمها:

وتنقسم بدورها إلى قسمين:

  • منازعات بسبب فتح العروض.
  • منازعات بسبب تقييم العروض.

ب/1 منازعات بسبب فتح العروض:

أهم أسباب هذا النوع من المنازعات يتجسد في:

-      الفتح المسبق للأظرفة أو قبول عروض خارج الآجال المحددة.

-      وضع عراقيل أمام المتنافسين لحضور جلسات فتح العروض.

-      التلاعب في إمضاء محضر فتح العروض كتوقيع الصفحة الأخيرة فقط أو غياب توقيع بعض الأعضاء.

ب/2 منازعات بسبب تقييم العروض:

أهم أسباب هذه المنازعات يمكن عرضها كما يلي:

-      عدم التأكد من أن المتعاقد المختار لا يقع تحت طائلة الأشخاص الموقعة ضدهم عقوبات أو حالات الإقصاء.

-      إلغاء أو توقيف الصفقة دون مبررات.

-      عدم تحديد أو  عدم إمضاء محاضر التفاوض.[10]

ويصنف هذان النوعان من المنازعات ضمن منازعات المراحل التمهيدية للصفقة العمومية.

ج‌- منازعات المنح المؤقت للصفقة : Les Contentieux  sur l’avis d’attribution provisoire

يعتبر المنح المؤقت للصفقة إجراءا إعلاميا، تحظر بموجبه المصلحة المتعاقدة المتعهدين والجمهور باختيارها المؤقت وغير النهائي لمتعاقد ما، وهذا وفقا لأحكامنص المادة 65 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

ويجب أن يتضمن الإعلان كل البيانات والعناصر(المعلومات الشخصية، آجال التنفيذ مبررات الاختيار) للفائز المعلن عنه مؤقتا، ولا يعتبر الحائز حائزا للصفقة بصورة نهائية إلا بعد دراسة الطعون إن وجدت. وعادة ما تبنى هذه الطعون بسبب:

  • مخالفة أحكام دفتر الشروط المنصوص عليها قانونا.
  • عدم وضوح معايير الاختيار أو غموضها (كعدم تحديد درجة الجودة أو النوعية المطلوبة).[11]

2-  المنازعات الناشئة عند تنفيذ العقد:

إن الغرض الأساسي من إبرام الصفقة العمومية هو تنفيذها،  و هو ما يرتب آثار قانونية بالنسبة للمصلحة المتعاقدة وكذا المتعامل الحائز على الصفقة.حيث تتولد حقوق والتزامات متبادلة بين الطرفيين ، لكن قد يتعثر هذا التنفيذ فتنشأ نزاعات بين الطرفين عند البدء في التنفيذ أو أثناء التنفيذ أو عند التسليم النهائي للصفقة.[12] وعليه يمكن تقسيم المنازعات الناشئة عن تنفيذ عقد الصفقة العمومية إلى قسمين:

v  المنازعات الناشئة بسبب إخلال المتعامل المتعاقد بالتزاماته.

v  المنازعات الناشئة بسبب إخلال المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها.

أ‌-     المنازعات الناشئة سبب إخلال المتعامل المتعاقد بالتزاماته:

ينشأ هذا النوع من المنازعات في مرحلة تنفيذ الصفقة العمومية،بسبب إخلال المتعامل المتعاقد بالتزاماته التعاقدية، إما بالامتناع عن التنفيذ،أو أن الأداء جاء مخالفا لبنود العقد،أو الخروج عن الآجال المحددة لتنفيذ الصفقة ،وهو ما يدفع المصلحة المتعاقدة إلى التدخل إما بالمتابعة القضائية،أو استعمال امتيازاتها كسلطة عامة إما بتوقيع جزاءات على المتعامل المتعاقد المخل بالتزاماتهو التي قد تكون طبيعة مالية أو غير مالية .

أ/1الجزاءات المالية:

نص المرسوم رئاسي 15/247 في مادته 147 على سلطة المصلحة المتعاقدة في توقيع جزاءات مالية في حال إخلال المتعامل المتعاقد بالتزاماته في التنفيذ في الأجل المحدد،أو التنفيذ غير المطابق لما جاء في دفتر الشروط ،وتسمى هذه الجزاءاتبالجزاءاتالاتفاقية، لأنه يتم النص عليها في بنود العقد ،وهي عبارة عن جزاءات جزافية أو تأتي في صورة مصادرة مبلغ الضمان (ضمان التعهد)،كفالة حسن التنفيذ،كفالة رد التسبيقات وهي كلها عبارة عن ضمانات تضمن تنفيذ الصفقة في أحسن الظروف[13]

أ/2 الجزاءات غير مالية: وتنقسم إلى ثلاثة أنواع جزاءات ضاغطة،الفسخ، الإقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية

1/ الجزاءات الضاغطة:الهدف من هذه الجزاءات هو ممارسة الضغط على المتعامل المتعاقد قصد تنفيذ التزاماته التعاقدية،وهي ليست جزاءات اتفاقية.لأن المصلحة المتعاقدة يمكن أن توقيعها حتى في غياب النص عليها في العقد[14]، إلا أن ذلك مقيد بتوافر شروط محددة هي:

  • ارتكاب خطأ جسيم عن جانب المتعامل المتعاقد.
  • وجوب أعذار المتعامل المتعاقد بذلك.
  • منح المتعامل مهلة لتسوية الوضع.

من أهم صور هذه الجزاءات،الشراء على حساب المورد،وضع المتعامل تحت الحراسة،وضع المقاولة تحت الإدارة المالية وغيرها. وتجدر الإشارة انه في حال تنفيذ عقد مناولة المنصوص عليه في المواد من 140 إلى 144 الذي يمكن اللجوء إليه من طرف المتعامل المتعاقد لتنفيذ جزء من الصفقة لا يتجاوز 40 يبقي هذا الأخير هو المسؤول عن عمل المناول اتجاه المصلحة المتعاقدة[15]

2/ فسخ العقد:

نصت عليه في المواد من 132 إلى 149 من المرسوم 15/247 في حال عدم تنفيذ المتعامل المتعاقدة لالتزاماته التعاقدية في الأجل المحدد ويتخذ الفسخ شكلين:

  • ·       الفسخ من جانب واحد:

يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تفسخ عقد الصفقة بإرادتها المنفردة،عندما يكون هناك مبرر بسبب المصلحة العامة ،وحتى من دون ثبوت وجود أي خطأ من جانب المتعامل المتعاقد حسب المادة 150 من المرسوم الرئاسي 15/247[16]،وهذا بعد توجيه أعذار له ومنحه أجلا لاستكمالالتزاماته[17]. وهذا الفسخ يمكن أن يكون فسخا كليا أو فسخا جزئيا في جانب واحد فقط من جوانب التنفيذ، طبقا لأحكام المادة151.

  • ·       الفسخ التعاقدي:

يسمى كذلك لأن إرادة الطرفين (المصلحة المتعاقدة، والمتعامل المتعاقد) يشتركان في إقراره عندما يكون المبرر لا يد للمتعامل المتعاقد فيه،لظروف تخرج عن إرادته. وهو ما تم النص عليه في المادة 151 من المرسوم 15/247 وهو يعتبر إمتياز مقرر لحماية المصلحة العامة الأمر، الذي يمنح المصلحة المتعاقدة حق مباشرته حتى لو لم يتم النص عليه في دفتر الشروط الذي يحكم الصفقة.

3-  الإقصاء من المشاركة:

وهو جزاء نصت عليه 75 من المرسوم 15/247 يؤدي إلى الإقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية بشكل نهائي أو مؤقت ،وفقا للسبب الذي لأجله فرض الإقصاء بحسب الحالات التي حددتها هذه المادة.

ب/المنازعات الناشئة بسبب إخلال المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها:

قدلا يكون المتعامل المتعاقد هو المقصر الوحيد في عقد الصفقة،بل قد يكون هو نفسه ضحية عدم وفاء المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها المنصوص عليها في عقد الصفقة العمومية،هذهالالتزامات قد تكون من طبيعة مالية أو غير مالية، وعليه يمكن تقسم المنازعات الناشئة سبب إخلال المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها في تنفيذ الصفقة إلى قسمين: إما بسبب الإخلال بالتزاماتها المالي أوالإخلال بالتزاماتها غير مالية.

ب/1- إخلال المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها المالية:

إن تنفيذ المتعامل المتعاقد لموضوع الصفقة على الوجه المنصوص عليه في دفتر الشروط يقتضي حصوله على المقابل المالي، قصد تغطية الأعباء المالية لتنفيذ الصفقة والحصول على الأرباح المحققة بهذه الطريقة المشروعة.

لكن قد يحدث أن تخل المصلحة المتعاقدة بالتزامها المالي بعدم تسديد المبلغ المالي المتفق عليه كليا أو جزئيا،أو عدم تسديده في الأجل المتفق عليه[18]ما يسبب أضرار للمتعامل المتعاقد،ومن أهم صور إخلال المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها المالية،عدم الوفاء بثمن السلع والبضائع في عقود التوريد ،وقد يكون ثمن العمل المقدم في عقود الأشغال العمومية[19]،رفض مراجعة الأسعار أثناء التنفيذ أو بسبب حجز مبلغ الضمان بعد التسليم.

ب/2-إخلال المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها غير المالية:

يتخذ عدم التزام الإدارة بالوفاء بالتزاماتها غير المالية عدة صور أهمها:

1/ منازعات بسبب الإخلال بالالتزامات غير المالية العقدية:

وهو يتمثل هذا الإخلال في عدم التزام المصلحة المتعاقدة بتنفيذ التزام معين تم النص عليه في عقد الصفقة، كأن تمتنع عن تقديم المواد الضرورية لتنفيذ الصفقة.

2/ منازعات بسبب ممارسة المصلحة المتعاقدة لامتيازاتها:

قد تستعمل المصلحة المتعاقدة الامتيازات الممنوحة لها كسلطة تتمتع بامتيازات السلطة العامة تحقيقا للصالح العام على نحو غير مشروع (تعسفي) ،ما يسبب أضرار للمتعاقد معها.بل وقد تستعمل هذه الامتيازات بصفة مشروعة ومع ذلك تتسبب في ضرر للمتعاقد معها. وفي كلتا الحالتين بحق التعويض للمتعاقد معها.[20]

3/منازعات بسبب ظروف خارجة عن إرادة الطرفين:

قد يكون مصدر المنازعة الناشئة بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد ظروف خارجة عن إدارة الطرفين، بسبب وقائع وأحداث غير متوقعة تؤدي إلى استحالة تنفيذ الصفقة وهي بدورها تأخذ عدة أشكال:

  • ·    حدوث ظرف طارئ:

الظرف الطارئ هو ظرف غير متوقع لا يؤدي إلى استحالة التنفيذ وإنما يؤثر على خطة وشروط التنفيذ،ما قد يوقع المتعامل المتعاقد في خسارة كبيرة مع بقاءه ملزما بمتابعة التنفيذ:كارتفاع أسعار أوندرة المواد الضرورية للصفقة. في هذه الحالة ،ووفقا لنظرية الظروف الطارئة للمتعامل المتعاقد الحق في الحصول على تعويض جزئي، يكون بمثابة تحمل المصلحة المتعاقدة لجزء من هذه الخسارة،ويتم التعويض تحت رقابة القضاء[21].

  • ·    حدوث قوة قاهرة:

    هو في العادة مستقل عن إرادة طرفي العقد ويصعب توقعه مسبقا، يحول دون تنفيذ الصفقة جزئيا أو كليا.[22]

  • ·    حدوث صعوبة مادية:

الصعوبة المادية التي قد تطرأ على موضوع الصفقة العمومية هي أيضا من طبيعة غير متوقعة ،تكون بسبب استحالة مادية ما ،كأن تكون أرضية تنفيذ الصفقة من طبيعة استثنائية غير متوقعة، فتزيد من الأعباء المالية على المتعاقد مما يؤدي إلى تعويض المتعاقد المرهق ماديا[23].

كان هذا تصنيف للمنازعات التي تثيرها الصفقات العمومية في الواقع العملي، سواء في مرحلة إبرامها أو تنفيذها، محدثة عراقيل تحول دون ذلك ،مما يؤدي إلى تعطيل عجلة التنمية ، ما يستوجب البحث عن آليات من أجل إزالة هاته العراقيل،وتسوية المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية في أقرب الآجال، وضمان السير الحسن للحياة التنموية واستمرار تقديم الخدمات وتنفيذ المشاريع على أكمل وجه ،وهو ما سنتطرق إليه في المحور الثاني.

 



[1]- جاءت المواد 153و152و154 ضمن القسم الحادي عشر المعنون بـ"التسوية الودية للنزاعات" ضمن الفصل الرابع المعنون بـ"تنفيذ الصفقات العمومية وأحكام تعاقدية" من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

[2]- جاء في نهاية المادة 946 ق إ م إ :"... التي تخضع لها عمليات إبرام العقود الإدارية والصفقات العمومية وهو دليل آخر على أن المشرع الجزائري لا يعتبر كل العقود والإدارية صفقات عمومية

[3]- قرار مجلس الدولة رقم 34786 الصادر بتاريخ 09/05/2007 ،صادر عن الغرفة الأولى لمجلس الدولة (قرار غير منشور).

[4]- نورة بن بوزيد دغبار، مرجع السابق،ص441

[5]-Xavier Boissy, Nicolas Cros, Les litiges des marchés publics, 1ér édition, Berger, Levrault, 2010, p29.

[6]3- رشيد خلوفي، قانون المنازعات الإدارية في النظام القضائي الجزائري، الجزء الأول ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر 2011، ص 04

[7]-Michel Rousset et Olivier Rousset ,Droit administratif : Le contentieux administratif, 2 iéme édition ,Presse Universitaire de Grenoble, 2011, p 09

[8]- للمزيد أنظر: عبد العالي حاحة،منازعات الصفقات العمومية، مجلة المنتدى القانوني،العدد 03،جامعة محمد خيضر، بسكرة، الجزائر،2006، ص40.

[9]- للمزيد أنظر: النوي حرشي،تسيير المشاريع في إطار تنظيم الصفقات العمومية،دار الخلدونية ،القبة القديمة الجزائر،طبعة 2012، ص 401.

[10]- Voir : OunissiLayachi, La procédure de passation des marchés publics : Etude analytique et réflexions a la lumière du code des marchés publics 2015, journée d’étude portant sur les marchés publics, Faculté de droit et des science politiques, Université de Biskra, 17 décembre 2015.

[11]- Josef Disahabe, Les Pratiques frauduleuses dans la phase d’attribution des marchés publics, Institut Supérieur de Commerce de Kinshasa , Université de Liége ,2014,p28

[12]- أنظر: محمود عبد المجيد المغربي، المشكلات التي يواجهها تنفيذ العقود الإدارية و آثارها القانونية، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس.1998، ص 126.

[13]- تم النص على الضمانات في المواد من 124 إلى 134 من المرسوم 15/247 سالف الذكر.

2-انظر: إبراهيم السيد احمد، الحماية الجنائية للعقود الإدارية و المدنية طبقا لأحكام الفقه و القضاء، الطبعة الأولى، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2000، ص 14.

[15]-  أورد المرسوم الرئاسي 15/274 سالف الذكر التعاقد من الباطن ،أو ما يعرف بالمناولة، ضمن القسم السادس من الفصل الرابع تحت تسمية "المناولة" .و خصص لها المواد من 140 إلى 144 ،و اعتبرها عقد من الباطن يتم بين المتعامل المتعاقد و المناول بموجب عقد المناولة . للمزيد انظر: عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية طبقا للمرسوم الرئاسي 15/247 المؤرخ في 16 سبتمبر 2015، جسور للنشر والتوزيع،2017،ص28.

[16]- أورد المشرع الجزائري مصطلح الفسخ في نص م 150 والأصح هو الإنهاء لأن الفسخ يتم في حال إخلال المتعاقد بالتزاماته أما لإنهاء فيكون لسبب لهذا الأخير فيه.

[17]3- نظرا لخطورة الفسخ فان المصلحة المتعاقدة ملزمة بأعذار المتعامل المتعاقد، و هو أمر تم إقراره في اغلب التشريعات المقارنة، للمزيد انظر: سليمان محمد الطماوي،الأسس العامة للعقود الإدارية، دراسة مقارنة،  دار الفكر العربي، القاهرة ، 1991، ص 195.

[18]- للمزيد أنظر: اسكندر لحماري. هشام قندوزي،منازعات الصفقات العمومية،مذكرة تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء دفعة 16، الجزائر،2008، ص31و مابعدها

[19]- انظر ياقوتة عليوات،تطبيقات النظرية العامة للعقد الإداري الصفقات العمومية،رسالة دكتوراه دولة في القانون العام ،كلية الحقوق  جامعة منتوري قسنطينة، 2008/2008 ،صص174-190

[20]- Voir : Josef Dizahane, Op.Cit, p31.

[21]- أنظر: محمود عبد المجيد المغربي، مرجع سابق, ص 126.

[22]- وهو ما أ ورده المشرع بنص المادة 147 فقرة 3و4 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر.

[23]-نواف كنعان. القانون الإداري (الوظيفة العامة،القرارات الإدارية، الأموال العامة) الجزء الثاني،دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2007. ص375.