مضمون المحاضرة

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: مقياس الضبط الإداري البيئي
Livre: مضمون المحاضرة
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Wednesday 27 November 2024, 02:56

Description

يتضمن هذه المحاضرة تعريف بالضبط الإداري و طبيعته القانونية و أهم ما يميزه عن المصطلحات المشابهة

1. مفهوم الضبط الإداري البيئي

 

تطور مفهوم الضبط الإداري عبر الزمن، حيث كان له مفهوم واسع وغير محدد، فكانت المفاهيم متداخلة بالأخلاق والفلسفة والسياسة والقانون[1] إلا أن هذه المفاهيم تطورت مع الدولة الحديثة، وأصبحت تتحدد وتتقلص وتتركز حول فكرة قانونية وتنظيمية إدارية بحتة هي قانون النظام العام في مفهوم القانون الإداري[2].

 



[1] أحم كحل، دور الجماعات المحلية في حماية البيئة، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2014، ص166.

[2] عمار عوابدي، الجوانب القانونية لفكرة البوليس الإداري، ديوان المطبوعات الجامعية، طبعة 1986، ص03.

1.1. تعريف الضبط الأإداري البيئي

الضبط لغة: الضبط في اللغة يتضمن عدة مفاهيم ومعان، منها العودة بالأمور إلى وضعها الطبيعي المنسجم مع القانون الحاكم لها، وذلك عقب خلل أو اضطراب أصابها، وانحراف بها عن حكم القانون[1].

      ويقال ضبط الشيء بمعنى حفظه بالحزم، واسم الفاعل منه ضابط أي رجل حازم[2]، ويقال ضبط ضبطا ضابطة أي لزمه قهره وقوى عليه، ولزمه وحبسه، والضبط أي خس الشيء، والضابط القوى[3] وقد يحمل الضبط معنى الدقة في التحديد وقد يعني الحفظ، وقد يأتى بمعنى التدوين الكتابي المشتمل على معالم يخشى أو ترك أمرها دون التسجيل لها تبدد معالمها ويزول أثرها من ذاكرة من عاينها وشاهدها.

1-         الضبط بلغة القانون:      

ويعرف الضبط بلغة القانون: وفق مهمته الوقائية التي يصطلح بها في المحافظة على النظام العام، ويتجدد تعريفه بتحديد الهدف الذي يسعى إلى بلوغه وهو المحافظة على النظام العام.

      وقد عرّفه الدكتور طعيمة الجرف بأنه: «من أهم وظائف الإدارة تتمثل في المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاث الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة وذلك عن طريق إصدار القرارات اللائحية والفردية واستخدام القوة المادية مع ما يتبع ذلك من فرض قيود على الحريات الفردية، تستلزمها الحياة الاجتماعية»[4].

      ويعرّفها الدكتور محمد فؤاد مهنا: «يقصد بالضبط بمعناه العام تنظيم الدولة تنظيما وقائيا يكفل سلامة المجتمع ويدخل في هذا المعنى الواسع تنظيم وضمان سير جميع المرافق والمشروعات العامة في الدولة والنظام الذي يسود في الدولة وفق هذا التنظيم الوقائي يسمى نظام الضبط»[5].

      ويرى الفقيه الفرنسي (Claude Kilein) أن السمة المميزة له هي تهيئة وقابلته للتكيف، وتلك التهيئة تأتي من طابعة الغائي إذ يرى أن سلطه الضبط ما دامت مكلفة بحفظ ووقاية النظام العام مهما كان الشكل الذي يتخذه، وأن الضبط نشاط يمارس من أجل غايات وأهداف معينة.... ويردف حديثه «ليس للضبط الإداري ذلك الطابع السلبي، وشبه الرادع فحسب بل له أيضا طابع ايجابي وواق ولم تعد وظيفة الضبط تقتصر على منع الاضطرابات، فحسب بل  تتدخل (ديناميكيا) في حياة المجتمع، ويضيف أننا لم نعد ندرك الضبط بدون خطة عامة هي خطة المحافظة على الأمن أو الصحة وتدراك حوادث الطريق، لذلك يقرر بأن وظيفة الضبط مختلفة وقابلة للتكيف، ومن ثم فهي منظمة للحياة الاجتماعية المختلفة»[6].

      كما عرّف الضبط العام بأنه مجموعة الإجراءات التي تتخذها الدولة بهدف المحافظة على النظام في المجتمع وضمان سلامة أمنها واستقرارها، وتوفير الخدمات اللازمة لمواطنيها من أجل تحقيق الصالح العام[7].

      وتجدر الإشارة إلى أن الضبط العام يقسم إلى ضبط إداري وضبط قضائي وضبط تشريعي، وهذه تتضافر معا لتحقيق الصالح العام، وإن الإجراءات التي تتخذها السلطات التشريعات والقضائية والهيئات الإدارية لا ترمي إلى تقييد حريات الأفراد بقدر ما ترمي إلى تنظيم نشاطهم تحقيقا للمصلحة العامة[8].

      وقد تطور مفهوم الضبط الإداري عبر التاريخ، حيث كان له مفهومًا واسعًا وغير محدد، فكانت المفاهيم متداخلة بالأخلاق والفلسفة والسياسة والقانون عبر أن هذه المفاهيم تطورت مع الدولة الحديثة، فأصبحت تتركز وتتمحور حول فكرة قانونية إدارية بحتة، هي قانون النظام العام في مفهوم القانون الإداري[9]، فهناك مفاهيم ارتكزت في تعريف الضبط الإداري على أساس المعيار الشكلي أو العضوي الذي يركز على الهيئات والأشخاص العاملين والمكلفين بتنفيذ الأنظمة وبحفظ النظام[10]، دون أن يتطرق هذا التعريف إلى العناصر والجوانب المادية الموضوعية والقانونية لفكرة الضبط الإداري.

أما التعريف الثاني فيركز على الجانب أو المعيار المادي الذي يركز على مجموع الإجراءات والنشاطات والأعمال التي تهدف إلى حفظ النظام العام بغض النظر عن الأجهزة القائمة على هذه النشاطات.

من خلال هذه التعاريف، وجدت تعاريف أخرى حاولت الجمع بين هذين المعيارين، العضوي والمادي، تتمثل في:

«الضبط الإداري هو كل الأعمال والإجراءات والأساليب القانونية والمادية والفنية التي تقوم بها السلطات الإدارية والمختصة، وذلك يهدف ضمان المحافظة على النظام العام بطريقة وقائية في نطاق النظام القانوني للحقوق والحريات السائدة في الدولة»[11].

وعليه فالنظام العام في مفهوم القانون الإداري والوظيفة الإداري في الدولة هو هدف الضبط الإداري، وهو المحور العام الذي تدور حوله سلطات الضبط الإداري، وصيانة هي الهدف الأساسي من إجراءات الضبط الإداري، وهو واجب على السلطة للقيام به بحكم وظيفتها.

2-          تعريف الضبط الإداري البيئي:

يعرف هذا الأخير بأنه السلطة التي تملكها الإدارة من أجل حماية البيئة وذلك عن طريق تقييد حريات الأفراد من أجل حماية النظام العام البيئي في المجتمع[12]، وعليه فالاختصاص القانوني لحماية البيئة ومنع الجرائم الواقعة عليها منوط بسلطة الضبط الإداري في مرحلة قبل وقوع الجريمة البيئية، وفي مرحلة بعد وقوعها منوط بسلطة الضبط الجنائي.

كما يعرّف الضبط الإداري البيئي بأنه: «وظيفة من وظائف الإدارة، يقوم باتخاذ إجراءات وإصدار قرارات (تنظيمية وفردية) وقائية تنظم بموجبها ممارسة الحريات بهدف حماية النظام العام البيئي في المجتمع في حالات وشروط معينة»[13].

إذن يمكننا تعريف الضبط الإداري البيئي بأنه كل الإجراءات والتدابير والأعمال المادية والقانونية الصادرة عن الهيئات الإدارية المختصة بحماية البيئة ويدون موضوعها تقييد وتنظيم ممارسة بعض حريات الأفراد من أجل حماية ووقاية النظام العام البيئي في الدولة.



[1] أحمد كحل، المرجع السابق، ص167.

[2] عارف صالح معرف، المرجع السابق، ص168.

[3] المنجد في اللغة، لويس معلوف، ط35، إنتشارات إسلام، تهران 1383، ص445.

[4] طعيمة الحرف، القانون الإداري والمبادئ العامة في تنظيم نشاط السلطات الإدارية، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، طبعة 1978، ص471.

[5] محمد فؤاد مهنا، مبادئ وأحكام القانون الإداري في مصر، الناشر مؤسسة شباب الجامعة، د. س. ن، ص630.

[6] Claude Kilein, La police du domaine public, LGD, Paris, 1959, p.178.

[7] H. WALINE, Precis de droit administratif, L. G. D, Paris, 101, p.437. et j- Riveo, Precis de droit administratif, p.410.

[8] Ibid; p.437.

[9] عمار عوابدي، المرجع السابق، ص03.

[10] المرجع نفسه، ص04.

[11] عمار عوابدي، القانون الإداري، ديوان المطبوعات الجامعية، 1990، ص378.

[12] صلاح هاشم جمعة، البيئة ودور الشرطة في حمايتها، القاهرة، 2001، ص161.

[13] اسماعيل نجم الدين زنكنه، القانون الإداري البيئي دراسة تحليلية مقارنة الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2012، ص261.

1.2. طبيعة و خصائص الضبط الإداري البيئي

ثانيا: طبيعة و خصائص الضبط الإداري البيئي

باعتبار أن الضبط الإداري وظيفة ضرورية من وظائف الدولة، له خصائص وطبيعة تميزه عن باقي الوظائف الأخرى للدولة، كما أن له مجموعة من الخصائص الأساسية التي تميزه عن أنواع الضبط الأخرى.

1ـــ طبيعة الضبط الإداري البيئي

أ1-ذو طبيعة سياسية: تظهر طبيعة الضبط اإلداري من خالل هذا االتجاه أنه مظهر من مظاهر سيادة الدولة، باعتبارها الوسيلة التي تستعين بها للدفاع عن وجودها وفرض هيمنتها، من خالل تقييد الحريات والتضحية بها أحيانا بذريعة حماية النظام العام من جهة، وحماية نظام الحكم من جهة اخرى.

2 ــــذو طبيعة إدارية:

 يترتب على هذه الطبيعة ممارسة السلطات الإدارية لمهامها بصفة محايدة هدفها حماية النظام العام في الدولة، باعتباره يمثل العالقة بين الجزء والكل، إذ أن الضبط اإلداري البيئي جزء من الضبط اإلداري بصفة عامة[1]، وبالتالي يجب أن تكون هذه الممارسة موافقة ألحكام القانون والدستور في إطار مبدأ المشروعية، أي أن سلطات الضبط اإلداري تقوم بممارسة سلطاتها في حدود القانون.

أ‌-    أن وظيفة الضبط تعد وظيفة ضرورية لوقاية النظام العام من خطر الإخلال به، وبتم ذلك عن طريق ضبط حدود ممارسة الحريات المختلفة ويجسد النظام العام الحد الأدنى من القواعد التي لا يمكن قبول أقل منها، والتي تستوجب المحافظة عليها.

ب‌-   يعد الضبط الإداري تنظيما قانونيا غائبا، إذ تحكمه المبادئ القانونية والقواعد التي تخضع لها السلطة التنفيذية في مباشرة نشاطها الضبطي، ومن أهم تلك المبادئ احترام مبدأ المشروعية الذي يمنع الإدارة من تجاوز حدود القواعد القانونية التي تحكمها لاسيما في ما يتعلق بالسبب (وجود إحلال بالنظام العام) والغاية (حماية النظام العام).

ت‌-    أو وظيفة الضبط الإداري هي وظيفة قانونية محلية وليست ذات صبغة سياسية إلا ما يتعلق منها بحكم الدولة، لأنه يرتبط أكثر فأكثر بأمن الجماعة أو بصحتهم أو بسكينتهم[2].

ث ـ أن الضبط الإداري يتميز بتهيئته وقابليته للتكيف، وتأتي هذه الخاصة من خاصية الغائبة، فسلطة الضبط ما دامت مكلفة بحفظ النظام العام فإنها تتهيأ وتتكيف مع كافة أسباب الإخلال والإضطراب الذي قد يصيب النظام العام.



[1] زينب عباس محسن،» الضبط الإداري البيئي في العراق «، مجلة رسالة الحقوق، عدد 03 ،العراق 2013، . ص،148

[2] ومع ذلك يجب ألا يفهم من ضرورة حياد الضبط الإداري بأنه وظيفة لا تحض حماية السلطة على نحو مطلق، ذلك إن سلطة الضبط شأنه شأن النظام العام لا يمكن تجريده تماما من ذلك الطابع، خاصة وأنه يعتبر في الجوهر فكرة سياسية واجتماعية، راجع لأكثر تفصيل: فوزي حسين سليمان الجبوري، الأغراض غير التقليدية للضبط الإداري، رسالة ماجستير، مقدمة إلى مجلس كلية صدام للحقوق، جامعة صدام، 1997، ص09.

2. التمييز بين الضبط الإداري البيئي و غيره من المصطلحات المشابهة

سوف نحاول التمييز بين الضبط الإداري البيئي و الضبط التشريعي من جهة، و بين الضبط الإداري البيئي و الضبط القضائي في مجال البيئة.

2.1. التمييز بين الضبط الإداري البيئي و الضبط التشريعي البيئي

يتفق كل من المفهومين في أنهما ينصرفان إلى تنظيم الحقوق والحريات العامة بهدف المحافظة على النظام العام البيئي على الرغم من اختلاف الهيئة القائمة عليهما والوسيلة المستعملة.

      فيعتمد الضبط الإداري البيئي على اللوائح والقرارات الفردية البيئية الصادرة عن السلطة التنفيذية، أما الضبط التشريعي البيئي فيعتمد على التشريعات البيئية الصادرة عن السلطة التشريعية.

      مع الإشارة إلى أن تنظيم الحقوق والحريات هو اختصاص أصيل للسلطة التشريعية فلا يجوز فرض قيود عليها الأبناء على تشريع قانوني يجيز ذلك لذلك صدرت العديد من التشريعات المتعلقة بحماية البيئة[1].



[1] راجع نص المادة 140 من التعديل الدستوري الجزاىري لعام 2016 ، المرجع السابق، ويمكن الإطلاع على رمضان محمد بطيخ، الضبط الإداري وحماية البيئة، بحث مقدم إلى ندوة "دور التشريعات والقوانين في حماية البيئة العربية"، الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، 7-11/ أيار/ 2005، ص05.

2.2. التمييز بين الضبط الإداري البيئي و الضبط القضائي البيئي

      كل من هذين الإصطلاحي أو المفهومين يساهمان في الحفاظ على النظام العام فالأول وقائي يمنع وقوع اخلال بالبيئة أو عتداد صارح على النظام البيئي، إما الثاني فهو رادع زاجر يحاول معاقبة مرتكبي الاعتداء على البيئة والجرائم البيئة من خلال جمع الاستدلالات والتحريات اللازمة عن الجريمة والقيام بكل الإجراءات إلى توصل المنتهك إلى العدالة[1].

      كذلك يتميزان من حيث النظام القانوني الذي يحكمهما، فالأول يخضع للقانون الإداري، ويخضع للرقابة القانونية على أعمال الإدارة وتنظر المنازعات التي تثار بصددها من قبل القضاء الإداري، والمسؤولية المشارة بشأنها مسؤولية مرفقية، وتكون قراراتها وإجراءاتها معرضة للإلغاء إذا كانت غير مشروعة، في حين تكون إجراءات الضبط القضائي خاضعة لرقابة القضاء العادي والمسؤولية الناجمة عن أخطاء موظفيها مسؤولية مدنية[2].



[1] ماجد راجب الحلو، المرجع السابق، ص84.

[2] ومبررات ذلك فهو تحقيق استقلالية مرفق القضاء عن الدولة وتحقيق أكبر قدر من نزاهة وحياد القاضي وحجية الشيء المقضي فيه، ومع ذلك فإن هذه التبريرات لم تكن كافية في استمرار عدم المسؤولية، حيث اتجه المشرع الفرنسي والمصري إلى الخروج عنها في بعض الحالات، حيث أصدر المشرع الفرنسي عام 1972 قانون 05/07/1972 مقرر به مسؤولية الدولة عن أعمال القضاء دون الحاجة إلى الالتجاء الطريق الأساس المادة النظر أو دعوى المخاصمة، وأعقب ذلك تضمن قانون المواقعات في 5/12/1975 المادة 505، التي نصت على مسؤولية الدولة عن الأخطاء التي تقع من مرفق القضاء في حالة الخطأ الجسيم وفي حالة إنكار العدالة، علاوة على مسؤولية رجال القضاء عن أخطائهم الشخصية، راجع: سامي جمال الدين، القضاء الإداري، منشأة المعارف الإسكندرية، 2003، ص 145-146.