المدرسة الكلاسيكية

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: نظريات التنظيم والتسيير
Livre: المدرسة الكلاسيكية
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Saturday 23 November 2024, 00:37

Description

تحتوي هذه المدرسة على مجموعة من النظريات الكلاسيكية والتي تركز على الجوانب المادي لتحفيز العاملين

1. نظرية الإدارة العلمية

المبحث الأول: نظرية الإدارة العلمية

لقد ارتبطت نظرية الإدارة العلمية باسم المهندس الأمريكي فريدريك تايلور الذي قام ببناء إطار نظري جديد حينها، يختلف من حيث الأساليب المستخدمة في التنظيم والرقابة، حيث يعتمد هذا التنظيم على الأساليب العلمية في دراسة الوقت والحركة وقد بنى تصوراته الفكرية وافتراضاته على خبرته كمهندس وعلى ملاحظاته لتسلسل حلقات العمل وخطواته، وأوجه الهدر والضياع الذي تعانيها المنظمة جراء عدم استخدام الأساليب العلمية في العمليات الإنتاجية ويعتبر تايلور من الأوائل الذين أسهموا في تطوير الإدارة وهذا بالابتعاد عن طرق الإدارة التقليدية النابعة من التجربة والخطأ والحدس والتخمين والتقدير إلى الإدارة العلمية التي تعتمد على الدراسة للعمل ومن هنا نطرح الإشكال الآتي ما هي أهم أفكار ومبادئ نظرية الإدارة العلمية وأهم الانتقادات التي تعرضت لها؟

المطلب الأول: مفهوم الإدارة العلمية.

إن نظرية الإدارة العلمية هي النظرية التي تمتاز بالأهداف النبيلة التي تسعى لتحقيقها والمتمثلة في التوفيق بين مسألتين ارتفاع الأجور للعمال والحد من الارتفاع المتزايد لتكاليف الإنتاج والإدارة العلمية هي التي ينبغي أن تضمن أكبر قدر من الازدهار لصاحب العمل وللعامل، والإدارة العلمية هي الإدارة التي تعتمد على إدخال الأساليب العلمية في الإدارة وهذا بهدف القضاء على التبذير للموارد وكذلك تضييع الوقت من طرف العمال.

- والإدارة العلمية كما يقول تايلور تتضمن ثورة عقلية كاملة لدى الأفراد الذين يعملون في أي منشأة وثورة عقلية أيضا لرجال الإدارة.

المطلب الثاني: أسس وأركان الإدارة العلمية.

- استخدام الأسلوب العلمي في الوصول إلى حلول المشاكل الإدارية واتخاذ القرارات.

- اختيار الآلات والمواد والعمال بطريقة علمية وسليمة.

- تهيئة إمكانيات العمل المادية والإدارية للعمال بالإضافة إلى وضوح التعليمات.

- التعاون بين الإدارة والعمال.

- تعتبر الإدارة العلمية أن وحدة العمل الإداري الرئيسية هي الوظيفة ونوع العمل وطبيعته ومواصفاته هو موضع الاهتمام الكبير.

- هناك خطوط رسمية محددة للاتصال بين أجزاء أو أقسام المنظمة الإدارية يجري من أعلى إلى أسفل في شكل تعليمات وأوامر تصدر من الإدارة للعاملين.

- تحديد نطاق الإشراف والرقابة حيث يمارس خلاله كل رئيس مهام إدارته.

المطلب الثالث: أهم المبادئ والمفاهيم التي تتشكل منها الإدارة العلمية.

1-إحلال الأسلوب العلمي في تحديد العناصر الوظيفية بدلا من أسلوب الحدس والتقدير.

2- استخدام طرق دراسة الوقت والحركة لتحديد أحسن طريقة لأداء العمل.

3- استخدام الحوافز المادية لإغراء العاملين على تأدية العمل بالسرعة المطلوبة.

4- الدراسة العلمية للعمل التي ينبغي أن يقوم بها فرقة مختصة لأنها معقدة وطويلة.

5- الرشد الوظيفي، ويقصد بالرشد الوظيفي أو الإداري أن الفرد عندما تسند إليه وظيفة ما يكون قد أعد لها وتدرب عليها.

المطلب الرابغ: أهم مفكري نظرية الإدارة العلمية.

الفرع الأول: فريدريك تايلور.

يعتبر فريدريك تايلور هو المؤسس الأول لنظرية الإدارة العلمية حيث كان تايلور عاملا ثم مهندسا في أحد مصانع الحديد والصلب بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان حجر الأساس في مبادئ تايلور العلمية هو تحقيق أقصى كفاية إنتاجية للأفراد والآلات المستخدمة في الإنتاج، وقد بدأ فريدريك تايلور دراساته في إحدى شركات الحديد والصلب الأمريكية حيث لاحظ أن العمال ينتجون أقل من طاقتهم الإنتاجية وأنه ليس هناك معيار واحد وطريقة موحدة للعمل، أو معايير للإنتاجية والناتج اليومي المتوقع من العمال، أو علاقة واضحة وثابتة بين الإنتاج والأجور، وبطبيعته التي تكره الهدر وعدم الكفاية وتحب التحليل المنطقي، بدأ تايلور يبحث عن الوسيلة الأفضل للقيام بالعمل، وبدأ تطبيقاته بدراسة عملية تقطيع الصلب في المصنع حيث قسم إلى مجموعة عناصر وقام بقياس الوقت اللازم لكل عنصر، حيث توصل إلى معايير علمية واضحة لطريقة وكمية الإنتاج المتوقع من كل عامل ونتيجة لدراساته للزمن والحركة تمكن تايلور من زيادة إنتاجية العمال إلى ثلاث أمثال ما كانت عليه قبل الدراسة وارتفع أجر العامل بحاوالي60% من الأجر قبل الدراسة.

وقد قدم تايلور أربع مبادئ أساسية للإدارة العلمية:

1- تطوير علم لكل عنصر من عناصر العمل ليحل هذا التحليل العلمي محل الطريقة التخمينية.

2- الطريقة العلمية في تدريب واختيار العمال.

3- التعاون بين الإدارة والعمال.

4- تقسيم العمل والمسؤولية بين الإدارة والعمال.

الفرع الثاني: فرانك جيلبرث(تبسيط العمل)

يعتبر فرانك جيلبرث أحد المهندسين الذين قدموا إسهاما مباشرا وعملوا على تقديم الإدارة الصناعية على مستوى العامل أيضا، وكان جل اهتمامه مرتبطا بدراسة الحركة لمحاولة إيجاد الوسيلة الأفضل للأداء، حيث لاحظ أن طريقة العمل تختلف من عامل لآخر ومن آن لآخر مع نفس العامل، وأن العمال غالبا ما لا يتبعون توصياتهم وطرقهم التي ذكروها للعمال، وقد قام جيلبرث بتحليل حركات العمال باستعمال التصوير وقام بتحليل وتبسيط الحركة بهدف الوصول إلى أقل الحركات الممكنة وأكثرها راحة للعامل أثناء العمل، وإلغاء الحركات غير الضرورية، وإعادة ترتيب الحركات، وترتيب الأدوات والمواد والحركات اللازمة، وقد حقق أهدافه إذا زادت الإنتاجية وبالتالي ارتفاع أجور العمال.

- وقد قام جيلبرث بتحليل طرق العمل التي تتلخص في خريطة تحليله للحركات والعمليات قدمها جيلبرث أن قسم الحركة إلى سبعة عشر نوعا، وهذا التقسيم ما زال معتمد حتى الآن.

المطلب الثالث: هنري جانت (جدولة العمل)

يعتبر هنري جانت أحد رواد الإدارة العلمية، بخريطة جانت الزمنية الشهيرة والتي ما تزال تستعمل حتى الآن في الصناعة وخريطة جانت ابتدعها لتبيين العلاقة بين مخطط العمل والجزء المتقد منه في المحور الأول والوقت في المحور الثاني.

كما تبدوا أهمية جانت كأحد علماء الإدارة العلمية في اعتقاداته الخاصة بأجر العامل، فحيث كان تايلور يربط الأجر ربطا كاملا بعدد الوحدات المنتجة قدم جانت نظام للعمل والحوافز يعتمد على تقديم المكافآت للعمال الذين ينتجون أكثر من المعدل المطلوب، وبهذا قدم جانت نوع من الضمان المادي للعمال بالرغم من مستوى الإنتاج.

كما اهتم جانت بعملية تحليل طرق العمل الخاصة بالمديرين وإمكانيات دراستها بطريقة علمية، بهدف زيادة إنتاج المديرين التي تنعكس مباشرة على خفض التكاليف وزيادة إنتاج العمال.

وكان جانت منتقدا للجهل وعدم الكفاية إلا أنه لام الإدارة وليس العمال، على هذه الأخطاء والمشاكل، وبالتالي رأى أنه يجب على الإدارة أن تتحمل مسؤولية تدريب العمال ورفع مستواهم إلى الحد المطلوب من المهارة والكفاية.

2. النظرية البيروقراطية

المبحث الثاني: النظرية البيروقراطية

تعتبر نظرية البيروقراطية كما وصفها ماكس فيبر هي البداية لنظرية التنظيم العلمية، وقد هدف فيبر من نظريته عن البيروقراطية إلى وصف الجهاز الإداري للتنظيمات وكيف يؤثر على الأدء والسلوك التنظيمي.

وكان فيبر يقصد بتعبير البيروقراطية أن يصف النموذج المثالي Ideal Type للتنظيم والذي يقوم على اساس من التقسيم الاداري والعمل المكتبي.

ويعتبر مفهوم البيروقراطية من المفاهيم الغامضة نسبياً لما تتضمنه من معان متعددة، وفق الهدف من استعماله، وذلك أن مصطلح البيروقراطية Bureaucracy يتكون من كلمتين Bureau بمعنى مكتب و Cracy بمعنى حكم، والكلمة في مجموعها تعني سلطة المكتب أو حكم المكتب، وبعبارة أخرى فإن البيروقراطية تعني أسلوب ممارسة العمل الإداري من خلال التنظيم المكتبي الذي يكتسب سلطته من خلال هذا التنظيم، ومن جهة أخرى، فإن كلمة Bureaucrats تعني الموظفين المكتبيين، أي الذين يعملون في الوظائف المكتبية والإدارية في المكاتب الحكومية. وتتعدد معاني المفهوم في الاستعمالات التي شاع فيها, فعلى سبيل المثال

- قد تعني البيروقراطية تنظيما إداريا ضخماً يتسم بخصائص ومميزات معينة.

- وقد تعني مجموعه الإجراءات التي يجب إتباعها في مباشرة العمل الحكومي بصورة عامة داخل المكاتب أو التنظيمات الإدارية.

- وقد تستعمل البيروقراطية السلطة التي يمارسها الموظف العام، أو التنظيم الإداري الحكومي.
-
وقد تعني البيروقراطية الدور Role الذي يمارسه الموظفون العموميون في إطار النظام السياسي وذلك لتنفيذ السياسة العامة في الدولة.

-يمكن النظر إلى البيروقراطية من خلال خصائص بناء التنظيم على أساس أنها مرادفة لمفهوم بناء السلطة الهرمية Hierarchical في التنظيم الإداري والذي يتحقق فيه تقسيم واضح للعمل.
-
هناك اتجاه يقول بأن البيروقراطية نمط معين من السلوك الذي يعتمد على القواعد Rules والإجراءات المحددة سلفاً.

- قد تتحدد فكرة البيروقراطية على أساس أنها تعني ذلك التنظيم الذي يحقق أكبر قدر من الكفاية في الإدارة وفي تحديد الوسائل التي تحكم التنظيم الاجتماعي بدقة.

- قد يعني مفهوم البيروقراطية معنى آخر يتسم بالسلبية حيث تعتبر البيروقراطية مصدراً للروتين وتعقيد الإجراءات وصعوبة التعامل مع الجماهير.

- ونحن نرى أن البيروقراطية تعني ذلك التنظيم الإداري الضخم الذي يتسم بتقسيم الأعمال وتوزيعها في شكل واجبات رسمية محددة على الوظائف، حيث يتم تنظيم العلاقات والسلطان بينها بأسلوب هرمي لتحقيق أكبر قدر من الكفاية الإدارية لإنجاز أهداف التنظيم.

والبيروقراطية كتنظيم إداري ضحم ترجع في نشأتها التاريخية إلى تواجد أقدم حكومة عرفها التاريخ في الحضارات القديمة، منذ الحضارة المصرية القديمة، حيث شهدة الإدارة المصرية القديمة خاصة في الفترة مابين ( 2900 – 2475 ق.م) تنظيما وتنسيقاً للجهاز الحكومي على درجة عالية من الكفاءة يدل على مدى تقدم الإدارة آنذاك.

وفي عهد الإمبراطور شن الكبير الذي يرجع تاريخه إلى عام 2200ق.م. كانت الإدارة في الصين القديمة على مستوى عالي من التنظيم الحكومي. وفي فترة ما بعد القرن السابع قبل الميلاد، شهدت الإدارة الصينية، في عهد كونفوشيوس وغيره من فلاسفة الصين، أستقراراً سياسياً واجتماعياً وإدارياً نتيجة لتطبيق القوانين، ونتيجة لتطبيق نظم الامتحانات في شغل الوظائف الإدارية.

ولقد عرفت الإدارة اليونانية القديمة بعض المبادئ الإدارية مثل مبدأ دوران الوظيفة كما عرفت مبدأ الخدمة العامة والذي يتمثل في التأكيد على أن المصلحة العامة تسمو على المصالح الشخصية، وهو مايعتبر من الخصائص المميزة للسلوك الإداري الجيد في ا لبيروقراطيات الحديثة.
وقد عرفت الإدارة الرومانية القديمة، خاصة، في الفترة مابين عام 500 ق.م. وحتى عام 14 ميلادية الكثير من التطورات التي كان لها الأثر الكبير في تنظيم الجهاز الحكومي تأثرت بها الإدارات الأوربية فيما بعد.

ولقد شهدت الحضارة الإسلامية الكثير من الممارسات الإدارية المتقدمة مثل اختيار الأفراد للوظائف العامة على أساس مبدأ الجدارة، كما فرقت بين عمالة (التفويض) وعمالة (التنفيذ) وهذه التفرقة هي التي عرفتها الإدارة الحديثة بصورة التفرقة بين الوظائف الاستشارية والوظائف التنفيذية.
كذلك عرفت الإدارة الإسلامية مبدأ تفويض السلطة وتقسيم العمل، كما طبقت مبدأ الشورى في نظم الحكم والإدارة.

مما سبق، يتضح لنا أن ظاهرة البيروقراطية قد تعلقت أساساً ، وفق نشأتها التاريخية وظاهرة هذه النشأة ونموها وأسبابها بالوظيفة العامة والإدارة الحكومية.

بيد أن البيروقراطية كموضوع يستثير عمة العلماء ارتبط بعالم الاجتماعي الألماني (ماكس فيبر 1864م - 1920م) والتي أثارت كتاباته عن البيروقراطية العديد من التعليات والمزيد من الأبحاث والدراسات.

دراسات ماكس فيبر

يكاد جميع الباحثون في العلوم الإدارية على أن أهم الدراسات التي أسهم بها ماكس فيبر، فيما يتعلق بالدراسات التنظيمية والإدارية، هي كتاباته الخاصة بنظرية السلطة هذه الدراسات قادته إلى تحليل كثير من التنظيمات وأساليب وانسباب خطوط السلطة داخل هذه التنظيمات، وهذه الدراسات كانت تدور في نطاق اهتماماته الأساسية التي توضح لماذا يطيع الأفراد الأوامر التي تصدر اليهم ؟ ... ولماذا يقوم الأشخاص بأداء الأعمال وفقاً للتعليمات التي تنساب إليهم في حدود الأوامر المشددة والتي تتلخص في مفهوم "إصدع بما تؤمر" وقد قام في هذه الدراسة بتوضيح أسلوب إكساب الشرعية لممارسة السلطة داخل هذه التنظيمات وقسمها إلى ثلاثة أنواع.

النوع الأول : السلطة البطولية

النوع الثاني : السلطة التقليدية

النوع الثالث : السلطة القانونية الرشيدة.

وقد أوضح في دراساته الفرق بين هذه الأنواع، مع أعترافه بأن هذه الأنواع الثلاثة يمكن أن يتضمنها تنظيم واحد.

كما أوضح في دراسته، أن النوع الأول يمارس السلطة من خلال المواصفات الشخصية التي يتحلى بها القائد، ولذلك استخدم كلمة Charism وهي مقتبسة من اللغة اليونانية والتي توضح مدى تحلى الإنسان بمواصفات غير عادية، وتمكنه من ممارسة سلطاته بالأسلوب الذي يحقق له قدراً هائلا من ضبط النفس، وطاقة استثنائية في ممارسة هذه السلطة في التأثير على العاملين معه بحيث يتقبلون هذه التعليمات أو هذه التوجيهات برحابة صدر ورضي كامل. وقد أدى هذا إلى اتجاه عدد من العلماء والمفكرين الذين تأثروا بدراسات ماكس فيبر إلى البحث عن سمات وصفات هؤلاء القادة.
أما فيما يتعلق بالنوع الثاني القائم على " العلاقات التقليدية" فإن القائد يمارس سلطته من خلال موقعة في التنظيم. وكثيراً ما يمارس مثل هذه القائد سلطته من خلال العادات والتقاليد المتوازنة، وقد ضرب ماس فيبر في بحوثه الكثير من الأمثلة التي توضح هذه الأسلوب، ومن بينها الأساليب التي أدار بها الإقطاعيون ممتلكاتهم ومنشآتهم الواسعة، وأوضح أن المراكز الإدارية كانت تنتقل بالوراثة من الأب إلى الإبن.

أما النوع الثالث، وهو ترشيد العلاقات القانونية داخل المنشآت والوحدات من خلال الشكل البيروقراطي للتنظيم وهو التنظيم الذي يوجد في المنشآت الحديثة، ويرى فيبر أن هذه التعبير يتفق مع التطور الذي وصلت إليه مختلف الوحدات في المجتمعات المعاصرة، ذلك أن الشرعية أو قانونية السلطة يمارسها القائد من خلال مجموعة من القواعد والإجراءات. هذه القواعد والإجراءات هي التي تكسبه شرعية ممارسة السلطة في الموقع الذي يتواجد فيه أثناء الفترة الزمنية التي يصدر فيها تعليماته ويمارس فيها سلطاته، وهذه المجموعة من القواعد والإجراءات التي تمارس من خلال المراكز التي تشغلها المستويات الإدارية المختلفة في التنظيمات الضخمة والحديثة، وهي التي أطلق عليها ماس فيبر كلمة بيروقراطية.

ويلاحظ عند الإطلاع على بحوث ودراسات ماكس فيبر أنه كان يهدف إلى تحقيق تنظيم على أعلى قدر ، ويسمح هذا النظام للعاملين أو المرؤوسين بأن يتظلموا من قرارات أحد الرؤساء إلى المستوى الإداري الأعلى منه بطريقة منظمة ومحددة، ويسود هذا التنظيم الهرمي أشكال التنظيمات الضخمة كافة، العامة والخاصة على حد السواء.

6 - تعتمد إدارة التنظيم البيروقراطي على المستندات وبالتالي يوجد جهاز من الموظفين والكتبة مهمتهم الاحتفاظ بالوثائق والمستندات، وعلى هذا الأساس يرى فيبر أن مجموعة العاملين بقسم معين وما يستخدمونه من معدات ووثائق (ملفات) يكونون مكتباً.

7- يفصل التنظيم البيروقراطي المكتب عن النشاط الخاص للموظف، بمعنى أن العمل البيروقراطي يجب أن ينفصل ويبتعد عن حياة الموظف الخاصة، وعلى هذا الأساس فإن الأموال العامة والمعدات الخاصة بالتنظيم يجب أن تُفصل تماما عن الملكية الشخصية للموظف.

8 - إن الإدارة المكتبية تحتاج إلى خبرة ومران وتدريب، ومن ناحية أخرى فحين يكتمل التنظيم فإنه يتطلب عادة كل نشاط وجهد الموظف حتى ولو كانت ساعات عملة محددة بمعنى أن العمل الرسمي يأتي في المقام الأول بالنسبة لوقت الموظف ولا يمكن تأخيره لأداء أعمال خاصة.

9 - تطبق الإدارة في هذه المنظمات قواعد وتعليمات للعمل وتتصف بالشمول والعمومية والثبات النسبي، كذلك تستخدم الإدارة أنواع القواعد والتعليمات التي يمكن للموظف تعلمها وفهمها، كلما زاد فهم الموظف لتلك القواعد والإجراءات كلما ارتفعت خبرته وكفاءته.

وتلك هي خصائص التنظيم البيروقراطي كما رسمها ماس فيبر في أوائل هذا القرن وتدل على اهتمامه بتقديم نظرية مثالية تحدد نمط العمل والسلوك الواجب في التنظيم المثالي.

ومن ثم، فإن ماكس فيبر يقصد بالبيروقراطية وصف التنظيم الإداري الضخم وما يتضمنه من قواعد وتأثيره في الإدارة والسلوك التنظيمي، كل ذلك في إطار ما يجب أن يكون، كما يعدد مزايا كثيرة للتنظيم البيروقراطي، أهمها: السرعة، الانضباط، الاستقرار ، الاستمرارية، الدقة في تطبيق مبدأ التخصص، تقسم العمل، المعرفة في مسائل المستندات، الوضوح التام في خطوط السلطة وتسلسلها الهرمي، الخضوع الكامل للرؤساء، تخفيض الاحتكاك بين الأفراد وتخفيض التكلفة الإنسانية والاقتصادية للعمل.

مما سبق، يتضح أن تفكير ماكس فيبر عن البيروقراطية يختلف تماماً عن المفاهيم الشائعة عنها والتي تربط بينها وبين انخفاض الكفاءة، وتعقيد الإجراءات في الأجهزة الحكومية وصعوبة التعامل مع

3. نظرية التقسيم الإداري

المبحث الثالث :نظرية التقسيم الإداري

إن أهم ما يميز كتابات هذه النظرية هو سعيها للوصول إلى مبادئ إدارية نظرية لتكون أساساً لعمليات التنظيم والتصميم الإداري وقد جاء دعاة هذه النظرية من بلدان مختلفة حيث إن هنري فايول فرنسي، وليندال أرويك بريطاني، أما لوثر جيوليك وموني ورايلي فهم أمريكيون والذي جمعهم في مدرسة واحدة أنهم كانوا معنيين بالوصول إلى المبادئ الإدارية التي تحكم التنظيم في البيئات المختلفة، وذلك فإن أفكار هذه النظرية كانت أكثر عمقاً وتجريداً من نظرية الإدارة العلمية واسترشد كتابها بالتنظيمات الصناعية العسكرية وغيرها للوصول إلى هذه المبادئ التي اعتبروها أساساً لإيجاد علم إداري.

المطلب الأول :اسهمات هنري فايول 1841م – 1925

لقد تميز هنري فايول عن فريدريك تايلور رغم أنه كان هو الآخر مهندساً ، بأنه كان من بين الكتاب الأوائل الذين حاولوا تطوير نظرية عامة للإدارة لأنه كان يشغل منصباً إداريا، بينما كان تايلور يعمل في خط الإنتاج، ومن ثم اهتم فايول بوظائف الإدارة على المستويات المختلفة، وحاول يطور نظاماً فكرياً إدارياً يمكن تعليمه ودراسته.

فعلي حين شغلت الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا بالنتائج التي توصل إليها فريدريك تايلور لرفع الكفاءة الإنتاجية للعامل في المصنع، كانت هناك محاولات مهمة تجري على أرض فرنسا بمعرفة هنري فايول رجل الصناعة الفرنسي لوضع نظرية عامة للإدارة ، اتضحت معالمها في كتابه الذي ظهر في فرنسا عام 1916م تحت عنوان " الإدارة الصناعية والعامة ".

ولم يترجم هذا المؤلف الذي نشر بالفرنسية إلى الإنجليزية حتى عام 1929م في بريطانيا، وعام 1949م في الولايات المتحدة الأمريكية. وإن كان جانب من إنتاج فايول قد تضمنته مجموعة الوثائق التي أصدرها لوثر جوليك وليندال أرويك عام 1937م.

وقد كتب فايول كأحد العاملين بالإدارة ، ومن هنا قدم خبراته الطويلة وملاحظاته المهمة التي أسهمت في تحديد أسس الإدارة، ولعل أهمية كتاباته في الفكر الإداري الحديث تكمن في تحليلاته العميقة للنشاط الإداري، وفي إيمانه القوي بوجود مبادئ للإدارة تتميز بعموميتها ، ووجوب تدريسها. فلقد اهتم فايول بالإدارة في قطاع الأعمال، ولما كانت الأصول العامة للإدارة يمكن أن تسرى في ميداني الإدارة العامة وإدارة الأعمال، ونظراً للحقائق المهمة التي أبرزها فإننا نقدم ملخصاً لآرائه التي اثرث الفكر الإداري.

لقد وجد فايول أن النشاط في إدارة الأعمال يمكن أن يقسم إلى ستة مجموعات رئيسة وهي على النحو التالي :

- النشاطات الفنية ( الإنتاج والتصنيع).

- النشاطات التجارية ( المشتريات، المبيعات والتبادل).

- النشاطات التمويلية ( الموارد المالية , الاستثمارات والمصروفات).

- النشاطات الأمنية ( الممتلكات والأشخاص).

- النشاطات المحاسبية تقدير التكاليف والإحصاءات.

- النشاطات الإدارية ( التخطيط ، التنظيم والتوجيه، التنسيق والرقابة).

وقد بين فايول أن هذه المهام تتواجد في كل منظمة مهما كان حجمها. كما أكد على أهمية النشاطات الإدارية بالنسبة للوظائف العليا، فإذا استطاع الإداري القيام بهذه المهام الإدارية فإن قيادته ستكون ناجحة وفعالة.

ولقد تضمن مؤلف فايول موضوعات تعالج النواحي التالية:

  1. صفات الإداريين وتدريبهم.

  2. الأسس العامة للإدارة.

  3. وظائف الإدارة.


أولاً : صفات الإداريين وتدريبهم

يرى فايول أن الإداريين يحتاجون إلى مجموعة من السمات والصفات الفذة يجب توافره، وهي صفات جسمية وصفات ذهنية وصفات أخلاقية، يضاف إليها سعة إطلاع المديرين وثقافتهم العامة. وأشار فايول إلى أن أهمية هذه الصفات نسبية ، وأن القدرات والمهارات الإدارية تتزايد أهميتها كلما ارتفع المدير في السلم الإداري، في حين تكون القدرات والمهارات الفنية مهمة في المستويات الإدارية الوسطى والدنيا.

ثانياً : الأسس العامة للإدارة

مع تسليم فايول بأن أسس الإدارة مرنة ولا تعبر عن قواعد ثابتة ومحددة، فقد وضع أربعة عشر ( 14) مبدأ من مبادئ الإدارة التي توصل إليها نتيجة مشاهداته وخبراته مؤكداً أنها تتضمن حسن أداء المدير لدوره إذا ما التزم بها وسار عليها, وهذه المبادئ هي:

1- تقسيم العمل : ينتج تقسم العمل عن تطبيق مبدأ التخصص الذي نادي به الاقتصاديون كضرورة للاستخدام الأمثل للقوى العاملة، ويرى فايول انطباق هذا المبدأ على جميع أنواع النشاطات الإدارية والفنية.
2- السلطة والمسؤولية : أوضح فايول الارتباط الوثيق بين السلطة والمسؤولية، وأن الأخيرة موازية للسابقة منبثقة عنها، ويرى فايول السلطة مزيجا من السلطة الرسمية المستمدة من المنصب الرسمي واختصاصاته، والسلطة الشخصية التي قوامها الذكاء والخبرات والخلق القويم والقدرة على القيادة.
3-الالتزام بالقواعد : وهي في نظر فايول احترام الالتزامات الهادفة إلى تحقيق الطاعة والتنفيذ ومظاهر الاحترام، ويقرر فايول أن تحقيق النظام يرتبط بوجود مديرين على درجة علية من الكفاءة في جميع المستويات.
4- وحدة الأمر : وهذا يعني أن يكون لكل موظف رئيس واحد يتلقى منه الأوامر والتوجيهات ويرفع إليه التقارير.

5- وحدة الإتجاه : ذلك أن كل مجموعة من النشاط متحدة الهدف يجب أن يكون لها رئاسة واحدة وخطة واحدة، وتختلف عن سابقتها في أنها تهتم بالنشاط لا بالأفراد.


6 - خضوع الأفراد للمصلحة العامة : وهذا المبدأ يتطلب من الإدارة التدخل حينما تتعارض مصالح العاملين مع المصالحة العامة أو الأهداف العامة للمنظمة، وذلك من أجل المحافظة على استقرار التنظيم واستمراريته.
7 - المكافآت : يقضى هذا المبدأ بأن تكون الرواتب والمكافآت عادلة ومجزية لجميع العاملين في جميع المستويات.
8 - المركزية : ويقصد بها مدى تركيز السلطة أو توزيعها، وهذا المدى يختلف من منظمة لأخرى، وتحكمة ظروف وعوامل متداخلة في الموقف الإداري، ويجب أن يكون هناك نقطة توازن بين المركزية المطلقة والمركزية الكاملة.

9- تسلسل القيادة : يرى فايول تدرج مستويات القيادة في التنظيم بشكل هرمي.
10 - النظام : ويقصد به فايول وضع كل شيء وكل شخص في مكانه ويقسمه فايول إلى قسمين، نظام مادي يعني بوضع الآلات والأدوات والمعدات في مكانها المناسب لمصلحة العمل، ونظام اجتماعي يتهم بوضع كل شخص في المكان المناسب، كما يتهم بتنسيق الجهود، وتحقيق الانسجام بين نشاطات الوحدات المختلفة في التنظيم.

11- العدالة : يجب أن يعامل جميع العاملين معاملة واحدة بهدف الحصول على ولائهم وانتمائهم، وأن يلتزم كل منهم بأداء واجباته وأن يحصل كل منهم على حقوقه كافه.

12- الاستقرار الوظيفي : ينص هذا المبدأ على أهمية استقرار الموظف في عملة، كما يؤكد على أن المنظمات الناجحة هي المنظمات المستقرة.

13- المبادأة : المبادأة عند فايول تعني المبادرة لإعداد الخطط وكيفية تنفيذها، ويطالب فايول الرؤساء بإعطاء الفرصة للمرؤوسين لممارسة المبادأة في العمل وأبدا المقترحات وتنمية روح الابتكار.
14- العمل بروح الفريق : يوضح هذا المبدأ أهمية العمل الجماعي وأهمية الاتصالات الفعالة، والتعاون بين الرئيس والمرؤوسين بما يكفل أداء الأعمال بكفاءة وفاعلية. وهو ما يرتبط بقدرة القائد الإداري على التأثير في سلوك العاملين.

ثالثاً : وظائف الإدارة : حيث يرى فايول أن وظائف الإدارة تشمل على :

- التخطيط

- التنظيم

- التوجيه

- التنسيق

-الرقابة

وقد كرس هنري فايول جانباً من اهتماماته كممارس للإدارة لمناقشة هذه الوظائف. وقد كان لأفكاره وما تركته من أثر مميز في الفكر الإداري – سواء في فرنسا أو غيرها – أهمية لا تقل عن أهمية الأثر الذي تركته أفكار فريدريك تايلور في الفكر الإداري الأمريكي.

المطلب الثاني :لوثر جوليك

أسهم الكاتب الأمريكي لوثر جوليك في تطوير الإدارة من خلال تقديمه لنموذج Posdcorb والذي يرمز إلى المهام التي يمارسها القائد الإدارية . وكلمه (Posdcorb) تمثل الحروف الأولى من الكلمات الآتية : تخطيط ، تنظيم ، إدارة أفراد، توجيه ، تنسيق، عمل التقارير، عمل إعداد الميزانية.
ويرى البعض أنه إذا أحسن المدير استخدام هذه المهام الإدارية كان قائداً إداريا ناجحاً ، فإذا أحسن التخطيط على أساس من بعد النظر وسعة الأفق وحسن الاختيار بين الوسائل المتعددة والحلول الممكنة، وتوافرت لديه ملكة التنظيم التي تجعل منه منظماً ماهراً، وكان تعامله مع مرؤوسيه على أسس سليمة قوامها التنسيق التام بين نشاطاتهم ومهامهم، وأقام نظاما للاتصالات يسهل نقل المعلومات والبيانات من خلال نظام محكم للتقارير، وأحسن التصرف في الإعتمادات المالية وأوجه صرفها ... كان قائداً إدارياً ناجحاً.

المطلب الثالث: سهمات ليندال أرويك

تمثل أسهامات عالم الإدارة الانجليزي ليندال أوريك في تطور الإدارة من خلال عرضه لأفكار كتاب الإدارة وماتوصلوا إليه من مبادئ إدارية، وصياغة هذه المبادئ وعرضها في صورة مبادئ عامة لتحقيق الكفاية الإدارية وخاصة في مجال الإدارة العامة.

وقد حرص كل من لوثر جوليك وليندال أرويك على التأكيد على أهمية بعض المبادئ في عملية التنظيم ، ومن هذه المبادئ:

- وحدة الأمر.

- الاستعانة بالخبراء الاستشاريين.

- تقسيم الإدارات والأقسام بأسلوب يحقق الهدف من التنظيم.

- توازن السلطة والمسؤولية.

- نطاق الإشراف.

- تناسب الأشخاص مع الوظائف في الهيكل التنظيمي.

ويعتبر كتابهما (أبحاث في علم الإدارة) من أكثر الجهود العلمية تعبيراً عن المنهاج التقليدي في بحث وتحليل موضوع الإدارة والتنظيم.

المطلب الرابع: اسهمات جيمس موني و آلان رايلي

كان كل من جيمس موني وآلان رايلي من رجال الأعمال الأمريكيين، وقد كانا أيضاً معنيين بالوصول إلى المبادئ الإدارية العامة حيث اعتمدا على خبرتهما في مجال الصناعة، وعلى دراستهما للتنظيمات الميدانية والعسكرية لاستخلاص مبادئ التنظيم الرسمي التي وجدا أن تطبيقها لا ينحصر فقط في إدارة الأعمال بل يشمل المجالات المختلفة.

وتعكس هذه المبادئ التنظيمية والخبرة العلمية وأسلوب التكفير التطبيقي، وتكون في مجموعها تمثيلاً حياً على نظريات التقسيم الإداري وهذه المبادئ هي :

- مبدأ التنسيق : ويقوم هذا المبدأ على أساس توفير وحدة العمل في سبيل تحقيق هدف محدد، ويعتمد على نجاح هذا المبدأ ليس فقط على استخدام السلطة فحسب، بل أيضاً على وجود روح التعاون والحالة المعنوية بين أفراد التنظيم.

- مبدأ التدرج الهرمي : ويؤكد هذا المبدأ على تدرج السلطة والمسؤولية من القمة إلى القاعدة في شكل هرمي. وينطوي هذا المبدأ على العمليات الفرعية التالية : القيادة-تفويض السلطة – تحديد الوظائف.
-
المبدأ الوظيفي : ويشير إلى أهمية التخصص الوظيفي ويمكن على أساسة تقسيم العمل وتنظيمه.
-
المبدأ الاستشاري : وهو يعنى بالاستعانة بأهل الخبرة، وتحديد دور الاستشاريين في تقديم النصح والإرشاد. بينما يتحمل التنفيذيون المسؤولية عن النتائج وبالتالي تفوض لهم السلطة التنفيذية.

يتضح مما سبق أن نموذج موني ورايلي يتبع الأسلوب الكلاسيكي في تركيزه على الأركان التنظيمية الأساسية التالية :

  • الهيكل الرسمي .

  • التخصص وتقسيم العمل.

  • تدرج السلطة.

  • نطاق الإشراف.

وهكذا يتضح أن نظريات التقسيم الإداري قد ركزت على تقسيم التنظيم إلى إدارات وبالتالي فهي تهتم بتكوين الهيكل التنظيمي ولا يزال هدفها هو تحقيق الكفاءة.

وتتفق نظريات التقسيم الإداري مع نظرية الإدارة العامة العلمية في الأساس الفكري، إلا أنها تختلف عنها في نطاق التطبيق حيث ركزت على المستوى الإداري للتنظيم، بعكس نظرية الإدارة العلمية التي ركزت على المستوى الفني أو الإنتاجي.