مفهوم الالتزام

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: مصادر الالتزام الإرادة المنفردة والعقد
Livre: مفهوم الالتزام
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Friday 17 May 2024, 07:20

1. تعريف الالتزام

تنازع مسألة تعريف الالتزام وتحديد معالمه نظريتان هما النظرية الشخصية والنظرية الموضوعية أو المادية. نتعرض لكل من هاتين النظريتين وإلى موقف المشرع الجزائري منهما في ما يلي: 

1.1. تعريف الالتزام وفق النظرية الشخصية

     يعتبر الفقيه سافينيي ( Friedrich Carl von Savigny) مؤسس المدرسة التاريخية من أهم الفقهاء الذين نادوا بالمذهب الشخصي؛ فقد كان يقول بأن الالتزام رابطة شخصية تخضع المدين للدائن بشكل يولد لهذا الأخير سلطة على شخص مدينه. 

     أما بلانيول ( Marcel Planiol ) فيقول بأن الالتزام عبارة عن علاقة قانونية بين شخصين، يكون بمقتضاها لأحدهما وهو الدائن الحق في تقاضي شيء معين من الآخر وهو المدين.

يتبين لنا من خلال هذين الاتجاهين الفقهيين المناصرين للنظرية الشخصية أن العنصر الجوهري في رابطة الالتزام هو الشخص القانوني، ولهذا سميت بالنظرية الشخصية.

     تعريف:  يعرف الالتزام وفق هذا المذهب إذن على أنه العلاقـة أو الرابطـة القانونية التي تربط بين شخصين، يسمى أحدهما الدائــن ويسمى الآخر مدينا، ويكون هـذا الأخير موضع اعتبار و اهتمام، فهي رابطة ملتصقة به لا تنفك عـن شخصه و تعطي للدائن سلطة عليه. (1)

1.2. تعريف الالتزام وفق النظرية الموضوعية

    يجد التصور الموضوعي للالتزام أصله في المدرسة الجرمانية التي كانت تهدف إلى تخليص القانون الألماني من النظريات ذات الأصل الروماني، وذلك بإعادة بعث الفكر القانوني الجرماني. ويعتبر الفقيه جييرك ( Otto von Gierke ) من أكثر المؤيدين للمذهب الموضوعي في تعريف الالتزام؛ فيرى أنّ لعبرة في الالتزام تكون بمحله أي بموضوعه لينفصل بذلك عن الأشخاص ليختلط بالمحل وبهذا يعتبر الالتزام شيئا ماديا ذا قيمة مالية بحتة لا علاقة له بالأطراف.

   وقد لاقى المذهب المادي استحسانا واسعا لدى جانب من الفقه الفرنسي وعلى رأسه الفقيه سالاي (Raymond Saleilles ) عميد المذهب المادي في فرنسا، لكنه وبالرغم من هذا الاستحسان والتأييد لم يتمكن من أن يكون المذهب السائد فيها.

     تنبيه: نتيجة لاعتناق  القانون الألماني أفكار المذهب المادي تم هجر مصطلح "الالتزام" ليستبدل بمصطلح "علاقة الدين" (Verhatnisse Schuld)، ليتم بذلك استبعاد العنصر الشخصي من الالتزام إلى أقصى حد.

تفيدك مشاهدة الفيديو من تعميق نظرتك للمذهبين الشخصي والموضوعي في مجال نظرية الالتزام، من منظور الفقيه عبد الرزاق السنهوري.

1.3. تعريف الالتزام وفق التشريع المدني الجزائري

لم يخص المشرع الجزائري الالتزام بتعريف معين، ولكنه كرس مبادئ النظرية الشخصية التي تأخذ بها مختلف التشريعات اللاتينية وحتى العربية. فجمع المشرع الجزائري بين كل من المذهبين السابقين الشخصي والموضوعي في تنظيمه لمختلف المسائل المتعلقة بنظرية الالتزام؛ فنجد أنه أخذ بفلسفة كل منهما في مواضع عدة، ولكنه غلّب المذهب الشخصي كما سبق القول بصفة عامة على المذهب الموضوعي. وتعتبر حوالة الحق من أبرز المظاهر التي تكرس فكر المذهب الموضوعي.

    نص قانوني: تنص المادة 239 من ق.م.ج. على أنه: "يجوز للدائن أن يحول حقه إلى شخص آخر، إلا إذا منع ذلك نص القانون أو اتفاق المتعاقدين أو طبيعة الالتزام. وتتم الحوالة دون حاجة إلى رضا المدين.

2. خصائص الالتزام

سبق القول أن الالتزام عبارة عن رابطة قانونية بين شخصين أو أكثر يلتزم بموجبها من يقع عليه الالتزام وهو المدين تجاه من يترتب لمصلحته الحق وهو الدائن بأداء مالي معين. من هذا التعريف البسيط، يمكن استخراج خصائص الالتزام على النحو التالي:

1. الالتزام رابطة قانونية.

2. الالتزام رابطة شخصية.

3. الالتزام رابطة مالية.

2.1. الالتزام رابطة قانونية

لا يمكن أن ينشأ الالتزام إلا إذا وجدت رابطة قانونية؛ معنى ذلك وجود علاقة يعترف بها القانون وينظمها وبالتالي يحميها، فلا يتصور وجود التزام ترتب عن علاقة يمنعها القانون.

   مثال: ومثال ذلك أن ينشأ دين نتيجة جلسة للقمار، أو أن يترتب التزام بدفع الثمن نتيجة إبرام عقد بيع للمخدرات.

2.2. الالتزام رابطة شخصية

أطراف الالتزام أشخاص، ولا يهم إن يمون الشخص هنا طبيعيا أو معنويا، فالعبرة في الالتزام أن تكون الرابطة بين شخصين؛ ذلك أن الالتزام هو الوجه الثاني للحق الشخصي، والذي يتميز عن الحق العيني الذي يعد سلطة لشخص على شيء. فلا يمكن تصور علاقة الدائنية بين شخص وشيء، ذلك أن هذه العلاقة تقتضي أن يكون طرفاها متمتعين بالشخصية القانونية.

وفي ما يلي فيديو يوضح مركز نظرية الالتزام من كل من الحق العيني والحق الشخصي.

2.3. الالتزام رابطة مالية

قلنا أن الالتزام هو الوجه الثاني للحق الشخصي أو ما يصطلح عليه كذلك بحق الدائنية، وبالتالي فالاتزام لا يمكن أن يقوم إلا بشأن علاقة أساسها المال، ويقصد بالمال كل ما يمكن تقويمه بالنقود. بمعنى آخر أن الرابطة القانونية التي تربط بين أطراف الالتزام قوامها المال. 

   ملاحظة: محل الالتزام قد يكون قياما بعمل، أو امتناعا عن عمل، أو إعطاء شيء، وكل هذا يكون في مقابل نقدي. لهذا نقول أن أساس العلاقة القانونية في نظرية الالتزام هو المال.