مفهوم التنشئة الاجتماعية:
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | علم النفس الاجتماعي |
Livre: | مفهوم التنشئة الاجتماعية: |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | samedi 26 avril 2025, 21:24 |
Description
ستجد هنا محتوى محاضرة: مفهوم التنشئة الاجتماعية، خصائص ووظائف التنشئة الاجتماعية، مؤسسات التنشئة الاجتماعية
1. مفهوم التنشئة الاجتماعية
التنشئة في التعريف اللغوي:
التنشئة لغويا من نشأ ينشأ نشؤا، نشأ الطفل شب و قرب من الادراك، يقال نشأت في بني فلان، أي ربيت فيهم شبيت بينهم.
ويقال نشأ و رباه ونشأ الله السحابة رفعها، و يقال نشأ سوء أو نشئ سوء و النشء جمع ناشئ، و قد ورد مصطلح التنشئة في القران الكريم، قال الله تعالى: ﴿ هو أنشأكم من الأرض ﴾.
أي ابتدأ خلقكم منها أباكم آدم ، و قال أيضا: ﴿ ثم أنشأناه خلقا آخر﴾.
قال ابن عباس "يعني تنقله من حال إلى حال، إلى أن خرج طفلا ثم نشأ صغيرا ثم صار شابا، فكهلا ثم شيخا، ثم هرما.
و أخذ مفهوم التنشئة في القرآن عدة معاني منها ما جاء بمعنى التربية، كما في قوله تعالى: ﴿ومن ينشأ في الحلبة وهو في الخصام غير مبين ﴾.
بمعنى التنشئة لغويا تلك العملية التي يشب فيها الطفل و يتربى من خلال اندماجه الاجتماعي مع الجماعة أو المجتمع، و في الاخير مهما اختلفت معاني التنشئة الاجتماعية في اللغة العربية و تنوعت فإنها تشير إلى مفهوم أساسي الذي يعتبر أن التنشئة هي عملية تربوية، يتم من خلالها إكساب الطفل وتعليمه وتربيته على قيم و مبادئ تجعل منه فرد واعي منتج في المجتمع الذي يعيش فيه.
التعريف الاصطلاحي للتنشئة الاجتماعية:
يرى علماء الاجتماع أن عملية التنشئة هي التربية التي تدل على تنمية القدرات العقلية و الفكرية والقيم الاخلاقية للأطفال سواء داخل المدرسة أو الاسرة أو في المؤسسات والمنظمات المخصصة للتربية و هذا ما يؤكده "دوركايم" و"جون ديوي" و"منهايم"، حيث يتفقون حول أن التربية هي عملية التنشئة الاجتماعية المنظمة للأجيال الصاعدة أو الناشئة. فالتنشئة الاجتماعية عملية تربوية تقوم على الزيادة في قدرات الفرد العقلية مع تعليمه لمجموعة من المبادئ و القيم الاخلاقية الصحية التي يتبناها المجتمع.
تعريف التنشئة الاجتماعية: هي عملية الترسيخ التي تستمر طوال حياة الفرد كلها، حيث يتعلم منها القيم والرموز و الأهداف الرئيسية للأنساق الإجتماعية التي يشارك فيها، يكون التعبير عن هذه القيم عن طريق الأدوار التي يؤديها هو و الاخرون.
وهي عملية ترسيخيه تستمر على مدى فترة حياة الإنسان منذ ميلاده إلى مماته، في هذه الفترة يكتسب خبرات و مهارات و معارف، أراء و قيم من أجل عملية تفاعله مع الآخرين.
وهي تلك العملية الاجتماعية الاساسية التي من خلالها يصبح الفرد مندمجا في جماعة اجتماعية، فهي عملية ضرورية لتكوين ذات الطفل و تطوير مفهومه عن ذاته كشخص من خلال مكتسباته المقتبسة من سلوكيات الآخرين و اتجاهاتهم نحو ذلك عن طريق تعلم كيفية أداء الادوار الاجتماعية المختلفة الذي يؤدي بدوره إلى ظهور الذات الاجتماعية.
2. خصائص ووظائف التنشئة الاجتماعية
1- خصائص التنشئة الاجتماعية
تتميز التنشئة الاجتماعية بالخصائص التالية:
- أنها عملية تعلم اجتماعي تنطلق من الأسرة وتتوسع لتحقق في المجتمع الأوسع من خلال تفاعل الفرد اجتماعيا و قيامه بأدوار اجتماعية تحدد وفق معايير و بما يناسب عمره.
- متوجهة لإكساب وتعليم الطفل اتجاهات و أنماط سلوكية يتقبلها المجتمع، مما يعزز السلوك الاجتماعي، أي هي تلك العملية التي تتعلق بتعليم الفرد عادات واتجاهات و أنماط سلوكية تتماشى مع قواعد مجتمعه.
- من خلالها يتحول الفرد من شخص منغلق على ذاته بهدف إشباع حاجاته الفيسيولوجية إلى فرد منفتح على مجتمعه بمعنى ذلك مبتدئا بإدراك معنى مسؤوليته الملاءمة لعمره.
- هي عملية مستمرة متواصلة و دائمة على مدى حياة الفرد من طفولته حتى وفاته عبر مراحل حياته مما يمكن الطفل من مواجهة أية مستجدات أو متطلبات جديدة. أي أنها تتنوع بتنوع المجتمعات و إن كانت تتقارب في ما يستهدفه فلما بذلك صفتها النسبية.
- إنها عملية فردية و سيكولوجية بالإضافة إلى كونها عملية اجتماعية في الوقت نفسه. أي أن التنشئة الاجتماعية عملية فردية تخص الفرد و الجماعة في الوقت نفسه.
- إنها عملية ديناميكية تتضمن التفاعل و التغيير فالفرد في تفاعله مع أفراد الجماعة يتعلم المعايير والأدوار الاجتماعية و الاتجاهات النفسية. هذا يعني أنها متغيرة تتغير مع تغير الادوار الاجتماعية.
- هي عملية معقدة متشعبة تستهدف مهام كبيرة وتستعين بأساليب ووسائل عديدة لتحقيق و بلوغ ما تهدف إليه.
- تتغير التنشئة الاجتماعية وفق معطيات المر احل الحضارية التي يمر بها المجتمع. أي أن كل مرحلة حضارية لها تنشئتها.
- لها عمقها التاريخي، حيث مارسها الانسان ضمن جماعته منذ بداية ظهورها بشكل أو آخر فامتدادها هو امتداد تاريخ البشرية. هذا يعني أن التنشئة الاجتماعية تتواجد مع الانسان و خلال فترة حياته أنها ذات أبعاد إنسانية من خلال مقوماتها وأهدافها و عملياتها. ذلك أنها تعمق الصفة الانسانية للفرد، المنبثقة من طبيعته الانسانية عبر مراحل تنشئته و مشاركته المجتمع في حياته بمتغيراتها
وفي الأخير نرى أن خصائص التنشئة الاجتماعية هي خطوة هامة لتحقيق أهداف التنشئة من قبل القائمين عليها في مؤسساتها المختلفة، فمثال الأسرة تعتبر أولى مؤسسات التنشئة حين تدرك أن التنشئة من خصائصها التعلم والنمو والديناميكية والاستمرارية، ومن ثم فإن الأسرة حين تدرك تلك الخصائص لعملية التنشئة هذا يجعلها لا تتخلى عن دورها في أي مرحلة من المراحل.
2- وظائف التنشئة الاجتماعية
الوظيفة الأساسية للتنشئة الاجتماعية هي نمو الفرد اجتماعيًا بحيث يتكيف مع المجتمع ويتشرب عاداته وسلوكياته ويصبح عضوا -منتمياً إليه مواليًا له.وتتحقق هذه الوظيفة من خلال النقاط التالية:
1- إكساب الفرد ثقافة المجتمع من وظائف التنشئة إكساب الفرد اللغة، العادات، التقاليد، أنماط السلوك السائدة، القيم الخاصة بالمجتمع وبذلك تتحدد هويته الاجتماعية ويتحول إلى كائن اجتماعي حاملا لثقافة المجتمع... قاد ارً على نقلها بعد ذلك لأجيال الأخرى كما نقلت إليه... ثم يقوم أفراد المجتمع بتطوير هذه الثقافة والإضافة إليها أو الحذف منها لتساير التقدم الإنساني في كل عصر.
- .2إشباع حاجات الفرد: فما تحويه الثقافة (عادات - سلوكيات – أفكار.) يجب أن يشبع حاجات الفرد وطموحه ورغباته حتى يكون منسجماً مع نفسه وافراد مجتمعه. وإذا لم تلبي التنشئة حاجات الفرد المعرفية والوجدانية والمهارية في ظل الثقافة السائدة في المجتمع تظهر هناك فجوة بين الفرد وبين مجتمعه، حيث يميل بعض الافراد إلى العزلة والاغتراب والانطواء وحتى الهجرة.... :
3- التكيف مع الوسط الاجتماعي وهى عملية تكيف الفرد مع الوسط المحيط به سواء أكانت الاسرة أو مكان العمل أو جماعة الرفاق (الشلل – التقليعات...)
4-تحقيق عملية التطبيع الاجتماعي ترتبط عملية التطبيع الاجتماعي بالدور الوظيفي الذي يلعبه الفرد في المجتمع أو بالوظيفة التي يشغلها. فكل وظيفة أو منصب يكون هناك قيم وسلوكيات وعادات أقرها المجتمع تحكم هذه الوظيفة وعلى كل من يشغل هذه الوظيفة أن يكتسبها (المدرس – الطبيب – الممرضة – الجندي ...) وبذلك فإن التطبيع الاجتماعي يرتبط بنمط السلوك المرغوب والمتوقع من أى فرد يشغل وظيفة معينة.
3. مؤسسات التنشئة الاجتماعية:
1- الأسرة:
الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي يفتح فيها الطفل عينيه ، والأسرة أول جماعة يعيش فيها الطفل ويشعر بالانتماء إليها ويتعلم كيف يتعامل مع الآخرين في سعيه لإشباع حاجاته، وهي المسؤولة عن تطوير المجتمع وتوحيده وتنظيم الأفراد بما يتلاءم مع المجتمع الذي ينتمي إليه.
2- رياض الأطفال:
تعد الروضة المؤسسة الاجتماعية الثانية التي يتعامل معها الطفل، حيث تعد الفترة الزمنية التي يلتحق فيها الطفل بالروضة من أشد الفترات تأثيرا في سلوكه الاجتماعي وتشكيل شخصيته، حيث أن الحياة الاجتماعية في الروضة وما تنتجه من تفاعل الأطفال مع بعضهم البعض تأثيرا هاما و فعالا في التنشئة الاجتماعية.
ويلاحظ هذا التأثير في ازدياد الألفة والمحبة و التعاون بين الطفل الاطفال الآخرين في الروضة ، وكذلك في لقاءاتهم مشاركة الطفل طعامه الخاص مع طفل آخر وبداية الاهتمام بالصداقة، فنرى أن طفلة ما قد اختارت طفلة اخرى وأخدت تلازمها وتشاركها اللعب والطعام والغناء.
3- المدرسة:
مؤسسة اتفق المجتمع على إنشائها بقصد المحافظة ونقل الثقافة من جيل إلى جيل آخر وتوفير الفرص المناسبة كي ينمو جسمانيا وعقلانيا وانفعاليا واجتماعيا إلى المستوى المناسب الذي يتفق مع ما يتوقعه المجتمع من مستويات وما يستطيع الفرد.
وتتيح المدرسة الفرصة لتلاميذها الذين ينحدرون من طبقات اجتماعية مختلفة على أن يقيموا علاقات متناغمة فيما بينهم، مع الحرص على محافظة كل واحد منهم على مفاهيمه واتجاهاته وقيمه الخاصة المستمدة من أسرته و طبقته الاجتماعية .
ويرى الدكتور معن خليل العمر "أن تنشئة التلميذ في المدرسة غالبا تبدأ من سن السادسة و يكون لشخصية المعلم دورا بالغا في تنشئة التلاميذ، فهو الذي يتولاهم بالتعليم و الإرشاد و يقضي أغلب أوقات اليوم معهم فيكون لهم قدوة في كل شيء وهم في هذا السن الصغيرة يكونون كالعجينة التي يسهل تشكيلها ."
4- جماعة الأقران (الرفاق)
الأقران هم الأطفال الذين يشبهون الطفل في المستوى الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي وصفات أخرى مثل السن والميول والاهتمامات، وللأقران دور مهم في التأثير بسلوك الطفل فإن اعتمد على مجموعة من الأطفال وشعر بالانتماء لهم يولد لديه الاحساس بالثقة بالنفس والاعتزاز ويكسبه سلوكه الاجتماعي ويعلمه كيف يضبط عدوانيته و يعبر عن أفكاره و مشاعره وكيف يتقبل وجهة نظر الآخرين.
كما تحقق من الوظائف الأساسية ضمن عملية التنشئة الاجتماعية منها قدرا على نقل جماعة الأقران مجموعة ثقافة المجتمع إلى الطفل و تساعده ايضا على تحقيق الاستقلال الانفعالي وتعلمهم بعض مهارات التعامل الاجتماعي مع الآخرين بعيدا عن جو الكبار، وتتحمل الأسرة المسؤولية الكبيرة في مراقبة هذه الجماعات ومتابعة أنشطتها المباشرة في تشكيلها حتى لا تقع في أخطاء.
5- المؤسسات الدينية:
تقوم المؤسسات الدينية بدور مهم و وظيفة حيوية في عملية التنشئة الاجتماعية لما تتميز به من خصائص فريدة حيث لها تأثيرا هاما في تنشئة الفرد من حيث:
ــ تعليم الفرد و الجماعة التعاليم الدينية والمعايير السماوية التي تحكم السلوك بما يضمن سعادة الأفراد داخل البشرية جمعاء.
ــ امداد الفرد باطار سلوكي نابع من تعاليم دينية
- الدعوة إلى ترجمة التعاليم السماوية الى ممارسة عملية و تنمية الضمير عند الفرد والجماعة.
ـ توحيد السلوك الاجتماعي و التقريب بين مختلف الطبقات الاجتماعية
6- وسائل الاعلام
تقوم وسائل الاعلام بدور فعال في عملية التنشئة الاجتماعية للأفراد حيث تسهم في إكسابهم معارف ومعلومات حول موضوعات معينة، كما تساعد على تكوين اتجاهات وقيم الافراد، ووسائل الاعلام متعددة فهناك التلفزيون والراديو والصحف والمجلات، حيث توجد الوسيلتين الأوليتين لدى معظم الأسر.
ويتمثل أثر الاعلام في التنشئة الاجتماعية فيما يلي :
- نشر التعليم : تساعد وسائل الإعلام في تيسير سبل التعليم و التعلم.
- غرس القيم والمفاهيم والمعتقدات المناسبة في النفوس.
ـ الاسهام في حل المشكلات التي تعترض الحضارة الانسانية و في مقدمتها الأميةّ.
- تكوين الاتجاهات الفكرية المرغوب فيها عند الأفراد وتعديل الاتجاهات التقليدية.
- تسهم وسائل الاعلام في التعارف الاجتماعي واحتكاك الجماهير مع بعض عن طريق نشر أخبار المجتمع واستضافة مفكرين وعلماء و غيرهم.
- الترفيه وهو ضروري لمنح الراحة التي تمكن البشر من مواجهة متطلبات الحياة.