سلطات البلدية أثناء وبعد الانتهاء من أشغال البناء

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: قانون التهيئة والتعمير الجزائري
Livre: سلطات البلدية أثناء وبعد الانتهاء من أشغال البناء
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Sunday 5 May 2024, 19:39

Description

يقوم المجلس الشعبي البلدي بدور متميز على مستوى مراقبة وضبط المخالفات في ميدان البناء والتعمير، وهذا الدور المتميز يستمد قوته القانونية من مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية([1])حيث أن المشرع خوله حق زيارة أماكن إنجاز البناء، وحق إصدار قرار هدم البناء غير المرخص، كما خوله سلطة تنفيذ قرار العدالة في حالة تشييد بناء غير مطابق لرخصة البناء إضافة إلى تسليم شهادة المطابقة.



([1])مصطفى جرموني، المرجع السابق، ص144.

1. سلطة معاينة أشغال البناء في طور الإنجاز

نصت المادة 73 من القانون 90-29 على حق رئيس المجلس الشعبي البلدي في زيارة البنايات التي في طور الإنجاز بقولها : "يمكن للوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي وكذا الأعوان المحلفين المفوضين في كل وقت زيارة البنايات الجاري تشييدها وإجراء التحقيقات التي يعتبرونها مفيدة وطلب إبلاغهم في كل وقت بالمستندات التقنية المتعلقة بالبناء". فصيغة "يمكن" تجعل الزيارات الميدانية الدورية اختيارية لكل من الوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي والأعوان المؤهلين، في حين نجد أن التعديل الذي جاء بمقتضى نص المادة 06 من القانون 04-05 المؤرخ في 14/08/2004 المعدل والمتمم للقانون 90-29 المتعلق بالتهيئة والتعمير جعل حق الإدارة بهذا الخصوص بصيغة الوجوب بقولها : "يجب على رئيس المجلس الشعبي البلدي..." وبهذا يجعل القانون من البلدية السلطة الإدارية التي يقع على عاتقها مراقبة وفرض احترام قواعد العمران نتيجة إستثناء السلطة الولائية([1])، الأمر الذي سيدعم مركز رئيس المجلس الشعبي البلدي أكثر باعتباره سلطة إدارية محلية مستقلة في تصرفاتها وأعمالها الإدارية المندرجة ضمن أعمال الرقابة والضبط الإداري المعترف له بها([2]).

كما نصت المادة 05 من المرسوم التنفيذي رقم 06-55([3]) المحدد لشروط وكيفيات تعيين الأعوان المؤهلين للبحث عن مخالفات التشريع والتنظيم في مجال التهيئة والتعمير ومعاينتها وكذا إجراءات المراقبة على أنه : "تطبيقا لأحكام المادتين 73 و76 مكرر من القانون 09-29... يتعين على رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص إقليميا والأعوان المؤهلين قانونا أن يقوموا بزيارة الورشات والمنشآت الأساسية والبنايات الجاري إنجازها وكذلك الفحص والمراقبة التي يرونها مفيدة وطلب الوثائق التقنية الخاصة بذلك، وذلك لأجل معرفة مدى تطابقها مع التشريع والتنظيم المعمول بهما".

ومنه يتضح أن الزيارات الميدانية تخص البنايات قيد الإنجاز فقط والقيام بعملية التحقيق الميداني والتأكد من وجود الوثائق اللازمة ومدى مطابقة الأشغال لها، غير أنه بالرجوع إلى نص المادة 50 من المرسوم التشريعي94-07([4]) نجد أنها تؤكد على زيارة البنايات حتى وإن كانت منجزة للتأكد من مدى وجود مخالفات البناء الفوضوي([5]).هذه الزيارات الميدانية التي يقوم بها رئيس البلدية ينبغي أن تكون وفق شروط محددة حتى ترتب آثار معينة.

1 / الشروط الواجب توافرها لإجراء المعاينة

يمكن رد شروط إجراء المعاينة من قبل رئيس البلدية إلى ما يلي:

1- أن يكون رئيس البلدية مرفقا بأعوان مؤهلين قانونا، وهم الأعوان المنصوص عليهم في المادة 02 من المرسوم 06-55.

2- أن تكون الزيارة وفقا للأوقات المسموح بها قانونا، فبالرجوع إلى نص المادة 73 من القانون 09-29 المعدل والمتمم، فإنها تقض أنه :"...القيام بالمعاينات التي يرونها ضرورية وطلب الوثائق التقنية الخاصة بالبناء والاطلاع عليها في أي وقت" وأضافت المادة 08 من المرسوم التنفيذ 06-55 أنه "يمكن أن تتم المراقبة...نهارا وليلا وأثناء الراحة وأيام العطل...ويمكن الإعلان عنها أو تتم فجائي".وبخصوص الرقابة التي يقوم بها رئيس المجلس الشعبي البلدي المرفق بالأعوان المؤهلين قانونا فإنه لابد من وضع جدول زمني يعده كل من([6])- رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الأعوان المؤهلين التابعين للبلدية ويجب أن يبلغ نسخة من هذا الجدول إلى كل من الوالي ومدير التعمير المختصين إقليميا.- مدير التعمير والبناء فيما يخص الأعوان المؤهلين التابعين لمصالح إدارة التعمير على أن تبلغ نسخة من هذا الجدول إلى كل من الوالي والوزير المكلف بالتعمير.

ثانيا : الآثار المترتبة عن إجراء المعاينة

* إن أول التزام يقع على عاتق المرخص له صاحب المشروع([7]) حتى يمكّن الجهة الإدارية المختصة من ممارسة اختصاصها بمراقبة الأشغال أثناء تنفيذها هو إعلام هذه الأخيرة ممثلة في رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص إقليميا بنية البدء فعلا في مباشرة أعمال البناء وتحدد التاريخ الفعلي لذلك.

من هنا تمارس الإدارة مهمتها الرقابية من خلال الوسائل التي منحها القانون كزيارة البنايات الجاري تشييدها وطلب المستندات التقنية المتعلقة بهذه الأخيرة، وبالمقابل يتحصل المستفيد على وصل استلام تبعا لنموذج التصريح

الذي يحدده الوزر المكلف بالتعمير يثبت أنه قام بهذا الالتزام([8]).

* كما يلتزم المستفيد من الترخيص عند إجرائه لأشغال البناء على حافة الطريق أو ممرات الراجلين أو الأرصفة أو مساحات توقف السيارات أو مساحات اللعب أو المساحات العمومية بإنجاز حاجز فاصل مادي ومرئي ليلا ونهارا يفصل ما بين هذه المساحات ومكان الأشغال.

* ومن جهتها كذلك، ألزمت المادة 60 من المرسوم التنفيذي15-19 المستفيد بوضع لافتة مرئية خلال المدة الكاملة لعمل الورشة توضّح مراجع رخصة البناء الممنوحة ونوع البناء وتاريخ افتتاح والتاريخ المتوقع لانتهاء الأشغال، وكذا اسم صاحب المشروع ومكتب الدراسات والمؤسسة المكلفة بالإنجاز.



([1])عادل بن عبد الله، المرجع السابق، ص03.

([2])عزاوي عبد الرحمن، المرجع السابق، ص668.

([3]) المرسوم التنفيذي رقم 06-55 المؤرخ في 30/01/2006 يحدّد كيفيات تعيين الأعوان المؤهلين للبحث عن مخالفات التشريع والتنظيم في مجال التهيئة والتعمير، ج.ر رقم 06

([4])تواكشت كمال، المرجع السابق، ص123.

([5])المرسوم التشريعي 94-07 المؤرخ في 18/05/1994 المتعلق بشروط الإنتاج المعماري وممارسة مهنة المهندس المعماري، ج.ر رقم 32.

([6])مجاجي منصور، رخصة البناء كآلية لحماية البيئة، المرجع السابق، ص170.

([7])صاحب المشروع وفقا لنص المادة 07 من المرسوم التشريعي  94-07 هو كل شخص طبيعي أو معنوي يتحمل بنفسه مسؤولية تكليف من نجز أو يحول بناء ما يقع على قطعة أرضية يكون مالكا لها، أو أن يكون حائزا حقوق البناء عليها طبقا للتنظيم والتشريع المعمول بهما.

([8])المادة 50 من المرسوم التنفيذي 91-176.

2. الرقابة الإدارية بعد التصريح بانتهاء عمليات البناء

1/ التصريح بانتهاء أشغال البناء

وفقا لنص المادة 66 من المرسوم التنفيذي 15-19 يقوم المرخص له بإعلام الإدارة بانتهاء أعمال البناء المرخص بها، وذلك بإيداع تصريح بمقر المجلس الشعبي البلدي لمكان وجود البناء، حيث يحتفظ بنسخة على مستوى المجلس الشعبي البلدي وترسل نسخة ثانية من هذا التصريح إلى مصلحة الدولة المكلفة بالتعمير على مستوى الولاية.

هذا التصريح بانتهاء أشغال البناء ([1]) يمكن الجهة الإدارية المختصة من القيام بالمعاينة الدقيقة للأشغال، ومنحه شهادة المطابقة في الأجل القانوني المرغوب فيه حتى يتمكن من استعمال المبنى في الغرض أو النشاط الذي أنجز من أجله إعمالا لحرية استعمال حق الملكية، وعليه يتعين على الباني صاحب المصلحة المباشرة في استعمال حق الملكة، وعليه يتعين على الباني صاحب المصلحة المباشرة في استعمال المبنى في الغرض الذي أنجز من أجله إيداع تصريح بذلك خلال مدة محددة بـ 30 يوما تحتسب انطلاقا من انتهاء الأشغال أو أعمال البناء المرخص بها لإخطار رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص إقليميا، وبهذا يمكن اعتبار التصريح بانتهاء الأشغال بمثابة طلب من أجل استصدار شهادة المطابقة.

ثانيا: استصدار شهادة المطابقة           

أوجب المشرع –كما سبق ذكره- عند الانتهاء من أشغال البناء على المستفيدين من الترخيص أن يشعر المجلس الشعبي البلدي بإنهاء الأعمال لتسلم له شهادة المطابقة التي مكن التأكد خلالها من مدى مطابقة أشغال البناء الأصول الفنية والمواصفات العامة المقرة قانونا لاسيما فيما يتعلق بمتطلبات الأمن في المباني وسلامتها وأحكام الإضاءة والتهوية والقيود الواردة على الارتفاع، وغيرها من القواعد الخاصة بالمحافظة على البيئة العمرانية من أي تلوث أو خطر يهدد الصحة العامة لشاغلي المبنى وغيرهم من المارة والجيران([2]).

شهادة المطابقة وسيلة رقابية هامة تتوّج باحترام المرخص له لقانون التعمير ولمواصفات رخصة البناء، هذه الوثيقة الإدارية تعلن أن إنشاء البناء وحدوده وطبيعته ومظهره الخارجي مطابق لما حدد في رخصة البناء المتعلقة به، وبالتالي تكون شهادة المطابقة محدودة ومحصورة في حدود النقاط المدروسة والمحددة من خلال أحكام رخصة البناء([3]) هذا ما نصت عليه المواد من 73 إلى 78 من القانون 90-29 تحت عنوان "المراقبة والمخالفات والعقوبات".

وقد نظمت كذلك المواد من 63 إلى 69 من المرسوم التنفيذي 15-19 كيفيات تحضير ومنح شهادة المطابقة في القسم الثاني منه تحت عنوان "دراسة شهادة المطابقة"، حيث نصت المادة 63 على وجوب الحصول على هذه الشهادة من طرف المستفيد من رخصة البناء عند انتهاء الأشغال، وحيث تقوم في المادة 56 مقام رخصة السكن أو الترخيص باستقبال الجمهور إذا كان البناء مخصصا لخدمات أو صناعة أو تجارة مع احترام الأحكام القانونية في مدان استغلال المؤسسات الخطرة وغير الصحية، وبذلك توفر عملية الرقابة على الأماكن المعدة لاستقبال الجمهور والسكن والسماح بذلك([4]).

يمكن القول أن شهادة المطابقة هي الشهادة أو الوثيقة الإدارية التي تتوج بها العلاقة بن الجهة الإدارية مانحة رخصة البناء والشخص المستفيد منها تتأكد من خلالها الإدارة من مدى احترام المرخص له لقانون البناء، والتزامه بالمواصفات التي تضمنها قرار الترخيص بناءا على التصميم المقدم لهذا الغرض والمرفق بطلب الترخيص بالبناء مدعما بالوثائق والمستندات الإدارية والتقنية اللازمة.

وعليه، فإن موضوع دراسة شهادة المطابقة يتم تحريكهمن قبل الباني صاحب المصلحة المباشرة في استعمال المبنى في الغرض الذي أنجز من أجله، هذا بإيداعه تصريح بأنه انتهى من الأشغال وأعمال البناء وفق المواصفات المحددة في رخصة البناء في نسختين لدى المصلحة البلدية للتعمير مقابل وصل إيداع، ترسل نسخة منه لمصلحة الدولة المكلفة بالتعمير على مستوى الولاة بصفتها جهة رقابة تقنية.

أما عن كيفية التحقيق في مدى مطابقة الأشغال المنتهية مع مواصفات رخصة البناء، فيتم تشكيل لجنة لدراسة المطابقة وتحقيقها، وإجراء الرقابة الميدانية للبناء تتكون من ممثلين مؤهلين عن رئيس المجلس الشعبي البلدي ومصلحة الدولة المكلفة بالتعمير على مستوى الولاية، وممثلين عن المصالح المعنية الأخرى لاسيما الحماية المدنية، وتجتمع هذه اللجنة بناءا على استدعاء من رئيس المجلس الشعبي البلدي المعني وذلك في أجل 03 أسابيع بعد إيداع التصريح بانتهاء الأشغال إن حصل ذلك، أي بمعنى أنه إذا لم يحدث التصريح بانتهاء الأشغال من قبل المستفيد من رخصة البناء، فإن الأمر يرجع إلى السلطة الإدارية المكلفة بمنح شهادة المطابقة، رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص إقليما والذي قد يكون وسيطا إداريا في الحالات الأخرى التي يعود فيها الاختصاص إلى الوالي وفق نص المادة 55 من المرسوم التنفيذي 91-176.

وبعد هذا الاجتماع، يرسل رئيس المجلس الشعب البلدي إشعار بالمرور يخطر فيه المستفيد من رخصة البناء بتاريخ إجراء المراقبة، وذلك قبل 08 أيام على الأقل، وعلى إثر زيارة موقع البناء ومعاينة أعمال البناء، يحرّر أعضاء لجنة المراقبةالمعينة لهذا الغرض محضرا لجرد الأعمال التي تمّت معاينتها ومراقبتها وإبراز مدى مطابقتها لقانون التهيئة والتعمير ممهورا بتوقيعاتهم، عندئذ تقوم مصلحة الدولة المكلفة بالتعمير على مستوى الولاية، بإحالة المحضر مع جميع اقتراحاتها إلى السلطة التي سلّمت رخصة البناء، وذلك للبت في تسليم شهادة المطابقة خلال المهل المفروضة.

إذا أثبت محضر مطابقة الأشغال المنجزة للقانون والتنظيمات المعمول بها وكذا مواصفات وأحكام رخصة البناء، تسلّم شهادة المطابقة، أمّا إذا حدث العكس فيؤجل أمر تسليمها، وعلى السلطة المختصة بمنح هذه الشهادة أن تعلم المعني بعدم إمكانية تسليمه إياها، وضرورة استكمال واستدراك أوجه أو مظاهر وحالات عدم المطابقة، على أن تحدّد أجلا للقيام بإجراءات المطابقة([5]) وهي 03 أشهر، وبعد انقضاء هذا الأجل تسلّم السلطة المختصة بناءا على إقتراح من مصلحة الدولة المكلفة بالتعمير على مستوى الولاية شهادة المطابقة إن حصل ذلك، أو رفضها عند الاقتضاء، وتشرع بالملاحقات القضائية طبقا لأحكام المادة 78 من القانون 90-29.

ثالثا: سلطة الأمر بهدم البناء المخالف

نصت المادة 76 مكرر 4 من القانون 04-05 على أنّه "عندما ينجز البناء دون رخصة بناء، يتعيّن على العون المؤهل قانونا تحرير محضر إثبات للمخالفة وإرساله إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي والوالي المختصين في أجل لا تتعدى إثنان وسبعون (72 ساعة)، في هذه الحالة، ومراعاة للمتابعات الجزائرية، يصدر رئيس المجلس البلدي المختص قرار هدم البناء في أجل ثمانية (08) أيام من تاريخ استلام محضر إثبات المخالفة...".

هذا على خلاف ما نصت عليه المادة 76 من القانون 90-29 (الملغاة)، حيث مكنت هذه الأخيرة السلطة الإدارية من اللجوء إلى الغرفة الإدارية الاستعجالية لاستصدار أمر بوقف الأشغال، كما يمكنها رفع دعوى أمام الغرفة الإدارية أين يأمر القاضي الفاصل في الموضوع إمّا بمطابقة المواقع والمنشآت مع رخصة البناء، وإمّا هدمها وإعادة تخصيص الأراضي.

هكذا أصبحت للسلطة الإدارية صلاحية واسعة بمنحها سلطة توقيع الجزاء دون حاجة إلى اللجوء إلى القضاء لاستصدار الحكم في ذلك، ففي حالة تأكد الإدارة من وجود جريمة البناء بدون ترخيص تلجأ مباشرة إلى هدم البناء دون حاجة إلى الأمر بوقف الأشغال.

وإعمالا لسلطة الحلول، إذا انقضت مدة 08 أيام من تاريخ استلام محضر إثبات المخالفة، دون أن يصدر رئيس المجلس الشعبي البلدي قرار الهدم، يحل الوالي المختص إقليميا محلّه ليصدر قرار الهدم في أجل لا يتعدى 30 يوما من تاريخ انقضاء المهلة الممنوحة لرئيس البلدية، إذا تعلق الأمر بموضوع يتصل بالنظام العام في أحد صوره ومظاهره التقليدية والحديثة، لاسيما المحافظة على أمن الأفراد وسلامتهم من الأخطار التي يشكلها البناء غير المطابق للقانون.

هكذا مكّن المشرع الإدارة من سلطة مباشرة عملية هدم كل بناية أنشأت دون رخصة بناء دون اللجوء إلى القضاء([6]) حيث أن الإدارة في حالة تأكدها من وجود جريمة البناء دون ترخيص، تلجأ مباشرة إلى هدم البناء دون تطبيق التدبير الأول والمتمثل في الأمر بوقف الأشغال([7]).

وأما عن الآثار المترتبة عن إصدار قرار الهدم نوجزها في ما يلي:

* إن تنفيذ أشغال الهدم يكون من قبل مصالح البلدية، وفي حالة عدم وجود هذه الأخيرة، يتم التنفيذ بوسائل يسخرها الوالي([8]).

* إن إجراءات الهدم لا يتم توقيفها رغم لجوء المعني إلى القضاء المختص، أي القضاء الاستعجالي حسب نص المادة 76 مكرر 14/06 من القانون 04-05 التي تقضي أنه: "إنّ معارضة المخالف قرار الهدم المتخذ من قبل السلطة البلدية أمام الجهة القضائية المختصة لا يعلّق إجراء الهدم المتخذ من قبل السلطة الإدارية".

هكذا فإنّ المشرع منح سلطة واسعة للإدارة، حيث منحها سلطة استصدار أمر الهدم وتنفيذه في آن واحد([9]) بعدما كانت مجبرة في المادة 76 (الملغاة) من قانون 90-29 على اللجوء إلى القضاء لاستصدار قرار الهدم.

 رابعا: تحقيق مطابقة البنايات وإتمام إنجازها

إن الوضع العمراني السيئ، وانتشار البناءات الفوضوية، دفع المشرع إلى البحث عن السبل والوسائل الملائمة والكفيلة وتطبيقها لمعالجة هذه الظاهرة، فكان رد فعل المشرع إصدار القانون 08-15 لحل هذا المشكل وذلك بمحاولة تسوية وضعية هذه البنايات ومحاولة تكييفها مع قواعد التهيئة والتعمير، هنا نتساءل عن التدابير التي أتى بها هذا القانون([10]).وهل تشكل آلية رقابة في مجال التهيئة والتعمير؟

تنص المادة 14 من القانون 08-15 على أنه: "يمكن تحقيق مطابقة البنايات التي انتهت بها أشغال البناء أو هي في طور الإتمام قبل نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، إذا توافرت فيها الشروط المحددة في هذا القانون".

باستقراء هذه المادة نجد أن المشرع الجزائري قد حدّد شروط الاستفادة من التسوية والمتعلقة بحالة البنايات، سواء كانت هذه البنايات تامة الإنجاز أو هي في طور الإنجاز بشرط أن تكون قبل نشر هذا القانون أي قبل 20/07/2008 وأن تكون البنايات من ضمن البنايات المشمولة بعملية تحقيق المطابقة والمنصوص عليها في المادة 15 من القانون 08-15 والتي تتمثل في:

- البنايات غير المتممة التي تحصل صاحبها على رخصة بناء.

- البنايات التي تحصل صاحبها على رخصة البناء وهي غير مطابقة لأحكام الرخصة المسبقة.

- البنايات المتممة والتي لم يتحصل صاحبها على رخصة البناء.

- البنايات غير المتممة التي لم يتحصل صاحبها على رخصة البناء.

أما البنايات غير المشمولة أو المستثناة من تطبيق تحقيق المطابقة فهي تلك البنايات المقامة في المواقع المنصوص عليها في المادة 16 من نفس القانون والتي تتمثل في:

- البنايات المشيدة في قطع أرضية مخصصة للارتفاقات ويمنع البناء عليها.

- البنايات المتواجدة بصفة اعتيادية بالمواقع والمناطق المحمية المنصوص عليها في التشريع المتعلق بمناطق التوسع السياحي والمواقع والمعالم التاريخية والأثرية وبحماية الساحل فيها مواقع الموانئ والمطارات وكذا مناطق الارتفاقات المرتبطة بها.

- البنايات المشيدة على الأراضي الفلاحية أو ذات الطابع الفلاحي، أو الغابية أو ذات الطابع الغابي باستثناء تلك التي يمكن إدماجها في المحيط العمراني.

- البنايات المشيدة خرقا لقواعد الأمن أو التي تشمل بشكل خطير البيئة والمنظر العام للموقع.

- البنايات التي تكون عائقا لتشييد بنايات ذات منفعة عامة أو مضرة لها والتي يستحيل نقلها.

وعليه، فإن البنايات المذكورة أعلاه يجب أن تكون بعد معاينتها من طرف الأعوان المؤهلين موضوع هدم طبقا لأحكام المادة 76 مكرر 04 من القانون 04-05 وتقع أعباء عملية الهدم على عاتق المخالف.

وما يلاحظ على الاستثناءات المذكورة أنها تؤكد فرضية تسوية البنايات غير الشرعية لا مطابقتها، لأن المطابقة تفترض وجود رخصة مسبقة على أساس أحكامها تتم المطابقة، بدليل أن المادة 170 من القانون 08-15 تنص على أن البنايات المستثناة تكون موضوعا للهدم بعد معاينتها من طرف الأعوان، فلقد ألزم المشرع كل مالكي وأصحاب المشاريع أو الأعوان المؤهلين اتخاذ إجراء تحقيق المطابقة وإتمام الإنجاز([11]) بعد انتهاء الأجل الممنوح لهم في رخصة البناء، تقديم تصريح إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص إقليميا، ويتم إعداد التصريح في خمس (05) نسخ طبقا لاستمارة النموذج الملحقة بالمرسوم التنفيذي رقم 09-154 ([12]).

أما في حالة عدم إتمام أشغال البناء أو إذا كانت البناية غير مطابقة لرخصة البناء المسلمة، فإن المشرع ألزم صاحب التصريح بأن يوقف الأشغال فورا أو يبلغ رئيس المجلس الشعبي البلدي المعني الذي يسلم له شهادة توقيف الأشغال من أجل تحقيق المطابقة، ويمنع استئناف الأشغال قبل تحقيق مطابقة البناية، أي بعد الحصول على شهادة المطابقة، وعند عدم امتثاله يقوم الأعوان المؤهلون قانونا بالمعاينة وغلق الورشة المعنية مع تحرير محضر عدم المطابقة مع فرض العقوبات المنصوص عليها.

وإذا أراد استئناف إتمام أشغال الإنجاز يشترط إيداع طلب فتح الورشة لدى رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص إقليميا من طرف المالك أو صاحب المشروع، وعند قبول الطلب تسلم رخصة فتح الورشة في أجل ثمانية (08) أيام، وتكون الورشة محيطة بسياج الحماية وتوضع لافتة تدل على أشغال إتمام الإنجاز([13]).

وبعد إيداع التصريح لدى الجهة الإدارية المختصة، ألزم المشرع الأعوان المؤهلين قانونا بزيارة ميدانية لمعاينة حالة البناية ومعرفة إطارها القانوني وذلك لمطابقة البناية مع المعلومات والوثائق المرفقة مع التصريح والتأكد من توقف الأشغال في حالة البنايات غير المتممة، وتكون الزيارة فجائية وفي حالة عدم مطابقة البناية مع المعلومات والوثائق المرفوقة يتم تحرير محضر من طرف الأعوان بعدم المطابقة.

بعدها يرسل رئيس المجلس الشعبي البلدي أربع (04) نسخ من التصريح مرفقة بمحضر المعاينة إلى مصالح التعمير التابعة للبلدية وإلى مدير التعمير والبناء للولاية وذلك خلال خمسة عشر (15) يوما الموالية لتاريخ إيداع التصريح من أجل دراسته والبث فيه.



([1])يجب عدم الخلط بين التصريح بانتهاء الأشغال الذي يقوم به المرخص له من أجل استصدار شهادة المطابقة، وبين رخصة إنهاء الأشغال التي تمنح للباني الذي لم يتمم إنجاز بنايته سواء تحصل على رخصة بناء أو لم يتحصل عليها وهذا من أجل إتمام الأشغال والمنصوص عليها في المادة 19 و 22 من قانون 08-15 أنظر الفرع الثالث من المطلب الثاني، المبحث الثاني من الفصل الأول.

([2])مجاجي منصور، رخصة البناء آلية لحماية البيئةـ المرجع السابق، ص168.

([3])Auby Jean- Bernard et perinet Marquet Hugues- OP. cit, P,416.

([4])المادة 57 من المرسم التنفيذي 91-176.

([5]) المادة 59 من فقرتيها 3 و4 من المرسوم التنفيذي رقم 91-176.

([6]) عزري الزين، دور الجماعات المحلية في مجال التهيئة والتعمير، المرجعالسابق، ص، 37. وكذلك الحكم الصادر عن محكمة تمالوس بتاريخ 29/11/1996

فهرس 65/96، حيث أن المستأنف التمس من قاضي الجهة القضائية للدرجة الأولى إبطال المقرر البلدي المتخذ في 07/11/1995 تحت رقم 95/05 والذي يأمره بهدم ما تم بناؤه فوضويا، وأنه تدعيما لطلبه يثير مقتضيات المادتين 52 و53 من المرسوم التشريعي 94/07 المؤرخ في 18/05/1994

حيث يستخلص بكل وضوح من الملف وغير المنازع فيه أن المستأنف باشر أشغال مخالفة لتشريع العمران ومتعديا من جهة أخرى على الملكية الوطنية العامة، وأنّه لم يقدم لأية سلطة مختصة طلبا لرخصة البناء. وأنه بتشييد بناء غير قانوني فإنه مخالفة قواعد تنظيم العمران قائمة بمفهوم المادة 50 من المرسوم المذكور حيث أن المخالفة قد عوينت وأن المحضر قد حرّر في 19/10/1995 من قبل اللجنة التقنية المؤهلة بموجب قرار صادر عن الوالي في 06/12/1993 لمكافحة البناءات الفوضوية.

وأن الأمر بإيقاف الأشغال قد تبلغه للمستأنف من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي مؤرخ في 18/09/1995، وأنّه بعدم الامتثال إلى الأمر وبالاستمرار في الأشغال دون رخصة بناء وفوق أرض تخضع إلى الملكية الوطنية العامة على شارع، فإن السلطة الإدارية كانت مؤهلة تماما مثلما تنص على ذلك المادة 53 من المرسوم التشريعي 94/07 أن تتخذ المقرر بهدم جزء من الأشغال المستبدة دون رخصة وهذا دون اللجوء إلى قرار قضائي.

وأن اللجوء إلى السلطة القضائية المختصة إقليميا لم يكن لازما مسبقا إلاّ في حالة رفض مطابقة الأشغال المنجزة لرخصة البناء والمسألة ليست كذلك في قضية الحال- فإن مقتضيات المادة 52 لا يمكن تطبيقها، وأنه نتيجة لذلك فإنه عن صواب تم طلب إبطال مقرر الهدم في الموضوع.

([7]) فبعد استنفاذ الإجراءات الوقائية المتمثلة خاصة في أمر وقف تنفيذ الأعمال المخالفة لقانون ورخصة البناء، وكذلك الأمر بتصحيحها وتحقيق مطابقتها للقانون، يصدر قرار الهدم والإزالة من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي كقرار إداري تنفيذي.

([8]) المادة 76 مكرر 4/04 من القانون 04-05 المعدل والمتمم للقانون رقم 90-29.

([9]) عادل بن عبد الله، المرجع السابق، ص، 05.

([10])هذا القانون يعتبر أحدث القوانين المتعلقة بالعمران والهندسة بسبب معالجته وتسويته لوضعية البنايات من ناحية الملكية العقارية ومن ناحية الطبيعة العمرانية الجمالية.

([11]) المادة 07 من القانون رقم 08-15 المحدد لقواعد مطابقة البنايات وإتمام إنجازها.

([12]) المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 09-154 المؤرخفي 02 ماي 2009 يحدد إجراءات تنفيذ التصريح بمطابقة البنايات ج.ر العدد 27 سنة 2009.

([13]) المادة 56 من القانون رقم 08-15 المحدد لقواعد مطابقة البنايات وإنجازها.