التطور التاريخي للإطار القانوني لنظام التهيئة والتعمير في الجزائر
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | قانون التهيئة والتعمير الجزائري |
Livre: | التطور التاريخي للإطار القانوني لنظام التهيئة والتعمير في الجزائر |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | Saturday 23 November 2024, 08:52 |
Description
مرّت إستراتيجية وسياسات التهيئة والتعمير في الجزائر بعدّة مراحل حاولت من خلالها الحكومات المتعاقبة ومنذ الاستقلال التحكّم في قواعد البناء والتوسّع العمراني، ورغم أنّه كان لها الأثر الإيجابي في تغيير نوعا من مظاهر الحياة العمرانية والاجتماعية، إلاّ أن هذه القواعد ظلّت ناقصة وغير كافية ولم تواكب ما توصّلت إليه الحضارات الإنسانية المقارنة لأسباب قانونية أهمها عدم التنظيم المحكم لقواعد التهيئة والتعمير وأخرى موضوعية ترتبط بالتخلف الاقتصادي والنزوح الريفي والنمو الديمغرافي المفرط وكذلك عدم فعالية القوانين والتنظيمات التي طبقت في مجال التهيئة والتعمير.
1. التطور التشريعي لقواعد التهيئة والتعمير منذ الاستقلال إلى غاية 1990
قبل الاستقلال كان التنظيم العمراني مبينا على التضامن الاجتماعي والتكامل بين كل مناطق الوطن ليمحي المستعمر هذا المنطق ويكيّف بناءا وعمرانا حسب ما تقتضيه ظروف الاحتلال ليصل سنة 1962 إلى عمران ريفي مدمّر، وورثت الجزائر بعد الاستقلال قاعدة إقليمية مختلة نجد فيها السهول الساحلية ومناطق الاستغلال المكثف للسكان الأوربيين تتمركز فيها معظم الهياكل الأساسية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نجد باقي البلاد موزّع بين مناطق ذات استغلال فلاحي تقليدي والجهات المصدّرة لليد العاملة الفلاحية الجزائرية المهمشة والضعيفة.
فأوّل ما واجه الدولة الجزائرية هو إعادة التوازن والتكامل بين كامل ربوع الوطن وفق نظام عمراني جديد، وذلك من خلال أحكام جديدة تتلاءم مع بلد مستقل حديثا، وعليه سنتناول القوانين الصادرة في مجال التهيئة والتعمير في الفترة الممتدة بين 1962 إلى غاية 1978، والمرحلة من 1978 إلى غاية 1990.
الفرع الأول: مرحلة التوازن الجهوي (1962 إلى غاية 1978)
بموجب الأمر 62-157 المؤرخ في 31/12/1962 قرّر المشرع الجزائري تمديد العمل بالقوانين الفرنسية السائدة باستثناء ما يتعارض مع السيادة الوطنية أو يشمل قواعد التمييز العنصري، وبذلك تمّ الاستمرار في العمل بالمرسوم الفرنسي الصادر في 31/12/1958 الذي دخل حيّز التطبيق في الجزائر بموجب المرسوم رقم 60-650 الصادر بتاريخ 06/09/1960 وصدر الأمر رقم 74-26 المؤرخ في 20/02/1974 ([1]) أين كان مخطط التعمير الأصلي الخاص بعمران البلدية يضعه المجلس الشعبي البلدي ويصادق عليه الوزير المكلّف بالبناء حسب المادة 156 من الأمر رقم 67-24 المؤرخ في 18/01/1967 ([2]) ومخطط التعمير المؤقت PUP كأدوات عمرانية تظهر في شكل مخططات إعلانية ([3])، والتي تم التخلّي عنها بسبب الفشل في تطبيقها لعدّة أسباب أهمها ضعف أجهزة تسيير المدن والنسيج العمراني بصفة عامة من جهة، وإطغاء القرار السياسي على النظرة التقنية والمعمارية على المستوى المحلي من جهة أخرى([4])،وبعدها صدر الأمر 75-67 المؤرخ في 26/09/1975 ([5]) وهو أوّل نص تشريعي يصدر عن الدولة الجزائرية في مجال التهيئة والتعمير.
وقد اعتمد المشرع الجزائري سياسة التوازن الجهوي الذي نصّت عليه المادة 18 من دستور 1976حيث تقضي بأنّه: "تشكل الثورة الثقافية والثورة الزراعية والثورة الصناعية والتوازن الجهوي والأساليب الاشتراكية للتسيير المحاور الأساسية لبناء الاشتراكية" وفصّلت فيه المادة 22 حيث أقرّت أنه: "سياسة التوازن الجهوي اختيار أساسي وهي ترمي إلى محور الفوارق الجهوية وبالدرجة الأولى إلى ترقية البلديات الأكثر حرمانا من أجل تأمين تنمية وطنية منسجمة".
فالتوازن الجهوي هو مبدأ ثابت في السياسة التنموية الجزائرية يهدف بالأساس إلى تحقيق العدالة الاجتماعية بين كافة أفراد الشعب، وذلك عن طريق توزيع الدخل الوطني وتوفير فرص الترقية بكيفية متساوية للجميع والقضاء على الفوارق الجهوية الصارخة بين مختلف جهات الوطن، وبالخصوص بين مناطق الشمال والهضاب العليا والجنوب. وقد شهدت هذه المرحلة ظهور المخطط العمراني الموجه PUD بموجب الأمر رقم 73-29 المؤرخ في 08/07/1973، ثم صدور المنشور الوزاري رقم 1181/PU/2174 المؤرخ في 16/10/1974 الذي أسّس رسميا المخطط العمراني الموجّه وحدّد إجراءات إعداده والمصادقة عليه ([6]).
تميّزت هذه المرحلة بأن الإصلاحات تركّزت على المناطق الساحلية والتلية وبالتالي دعّمت وبصورة غير مباشرة التوجّه العمراني والاقتصادي الموروث عن الفترة الاستعمارية وزادت في حدّة الفوارق بين المناطق الشمالية والجنوبية للبلاد وعمّقت الفجوة، وهذا يدل على غياب إستراتيجية واضحة المعالم للتهيئة العمرانية في الجزائر آنذاك وأنّ كل الإجراءات المتخذة كانت تتسم بغياب خطة متكاملة للتهيئة العمرانية ومن سلبيات هذه الإجراءات كذلك أنّها مسّت المدن الكبرى فقط واستهلكت أراضي زراعية خصبة لتوقيع الأقطاب الصناعية مثل سهول متيجة، عنابة، وهران، وقد فشلت هذه الأقطاب في لعب الدور المنوط بها، فعوض أن تحقق التنمية في محيطها تحوّلت إلى مناطق استقطاب وجلب للسكان خاصة النازحين من المناطق الداخلية وزيادة تضخم المدن وانتشار البيوت القصديرية على حواف المدن والتي تحوّلت فيما بعد إلى بؤر للفقر والحرمان والتهميش.
الفرع الثاني: مرحلة سياسة التهيئة والتعمير من 1978 إلى 1990
نتيجة السلبيات السابقة ومع بداية الثمانينات زاد الوعي بالمخاطر التي أنتجتها الإختلالات الموجودة بين أرجاء الوطن، فظهرت التهيئة العمرانية للمرة الأولى ضمن صلاحيات دائرة وزارية، وذلك بإحداث فرارة التخطيط والتهيئة العمرانية سنة 1980، وتمّ إنشاء المركز الوطني للدراسات والبحث العمراني وفقا للمرسوم رقم 80-276 المؤرخ في 12/11/1980 قصد تأطير ووضع سياسات للتهيئة والتعمير من شأنها التغيير من الأوضاع المجالية السائدة آنذاك، وقد تزامن هذا مع ووضع المخطط الخماسي الأول (1980-1985) الذي يهدف إلى تنمية المناطق الداخلية للبلاد وكذا إعادة هيكلة القطاع الصناعي.
وفي سنة 1981 تأسست الوكالة الوطنية للتهيئة العمرانية وتمّ تعديل قانوني الولاية والبلدية بموجب الأمر رقم 81-09 المؤرخ في 04/07/1981 وتضمن التعديل صلاحيات الجماعات المحلية وتزويدها بأدوات خاصة للتهيئة متمثلة في كل من المخطط الولائي للتهيئة PAW ([7]) والمخطط البلدي للتهيئة PAC وهذا من أجل تخطيط النمو على مستوى كل الوحدات الإدارية وضبط عمليات التهيئة على المستوى المحلي للولاية والبلدية. لكن هذه المخططات فشلت في علاج المسائل المتعلقة بالبناء أمام ظاهرة النمو الديمغرافي الكبير والتوسع العمراني الضخم والبناء الفوضوي اللامسؤول فتدخّل المشرع الجزائري وأصدر القانون رقم 82-02 المؤرخ في 06/02/1982 المتعلق برخصة البناء ورخصة التجزئة ([8]) والذي ألغى جميع الأحكام القانونية المخالفة له، والملاحظ أنّ هذا القانون جاء لظروف ملحّة وهي تنظيم مسألة جزئية في مجال التعمير والتحكم نسبيا في الوعاء العقاري.
وصدر المرسوم رقم 82-304 المؤرخ في 09/10/1982 المحدّد لكيفيات تطبيق القانون رقم 82-02 ([9]) وكذا القانون رقم 83-03 المؤرخ في 05/02/1983 المتعلق بحماية البيئة ([10]).
ثم بعدها حدّد المشرع الجزائري انتقاليا قواعد شغل الأراضي قصد المحافظة عليها وحمايتها بموجب الأمر رقم 85-01 المؤرخ في 13/08/1985 الذي حدّد قواعد وأحكام انتقالية ([11]) وريثما تنسجم القواعد الإدارية والتسيير العقاري في مجال التعمير والتهيئة العمرانية.
ليصدر في نفس التاريخ المرسوم رقم 85-211 المؤرخ في 13/08/1985 المحدّد لكيفيات تسليم رخصة البناء ورخصة تجزئة الأراضي المخصّصة للبناء، والمرسوم رقم 85-212 المؤرخ في 13/08/1985 المحدّد لشروط تسوية أوضاع الذين يشغلون فعلا أراضي عمومية أو خاصة كانت محل عقود و/أو مباني غير مطابقة للقواعد المعمول بها في إطار تسوية البناءات الفوضوية لتلبية التعليمة الوزارية المشتركة المؤرخة في 13 أوت 1985 المتعلقة بمعالجة البناء غير المشروع ليظهر اتجاه المشرع الجزائري إلى قطاع البناء بشكل أكثر شمولا ممّا كان عليه في القانون رقم 82-02.
وأخير صدر القانون 87-03 المؤرخ في 27/01/1987 المتعلق بالتهيئة العمرانية[12] الذي حدّد الإطار التطبيقي للسياسة الوطنية للتهيئة العمرانية الواردة في الميثاق الوطني، وبموجب هذا القانون تشكل التهيئة العمرانية الإطار الاستدلالي للحفاظ على المجال الجغرافي وحمايته واستعماله وتقيم علاقة بين نشاطات القطاعات المختلفة للاقتصاد الوطني وتهدف التهيئة العمرانية بموجب هذا القانون إلى الاستعمال الأمثل للمجال العمراني الوطني من خلال الهيكلة والتوزيع المحكمة للأنشطة الاقتصادية والموارد البشرية والاستغلال العقلاني للموارد الطبيعية.
وقد جاء هذا القانون بأداتين جديدتين هما المخطط الوطني للتهيئة العمرانية SNAT([13]) والمخطط الجهوي للتهيئة العمرانية SRAT([14])وقد كلّفت الوكالة الوطنية للتهيئة العمرانية التي أسّست سنة 1981 بإعداد هذين المخططين.
والملاحظ أن هذا القانون رغم أنه حاول وضع وتنظيم سياسة جديدة للتعمير إلاّ أنّه فشل في تنظيم عملية البناء في ظل تزايد عدد السكان والانتشار الواسع للأحياء القصديرية المخالفة لأحكام هذا القانون لعدم وجود الرادع القوي للالتزام بتطبيق أحكام القانون في ظل غياب المراقبة لأعمال البناء والمخالفات وكذا إشكاليات تنفيذ وتطبيق مخططات التعمير، ممّا استدعى وجود قانون أكثر فعالية يتماشى مع متطلبات البناء والتعمير وتجلّى هذا في صدور القانون رقم 90-29 المتعلق بالتهيئة والتعمير.
[1]- الأمر رقم 74-26 المؤرخ في 20/02/1974 المتعلق بالاحتياطات العقارية لصالح البلديات، ج.ر عدد 19.
[2]- الأمر رقم 67-24 المؤرخ في 18/01/1967 المتضمن القانون البلدي ج.ر عدد 06.
[3]- Chaabane Ben Akzouh, de la loi d’orientation foncière du droit de l’urbanisme, Revue IDARA, N° 22, 2001, Alger, P05.
[4]- ديرم عائدة، الرقابة الإدارية على أشغال التهيئة والتعمير في التشريع الجزائري، دار قانة، باتنة، 2011، ص 13.
[5]- الأمر 75-67 المؤرخ في 26/09/1975 المتعلق برخصة البناء ورخصة التجزئة لأجل البناء ج.ر عدد 83.
[6]- خصّص المخطط العمراني الموجّه للمدن الكبرى والمتوسطة وهو يرسم الحدود العمرانية للمدينة ويهدف إلى توضيح مجالات التوسع العمراني ويحدّد استخدامات الأرض مستقبلا حسب الاحتياجات الضرورية للتجمع السكاني ويعد هذا المخطط العمراني الموجّه أوّل مخطط وأداة قانونية لتنظيم المجال على مستوى كل بلدية مدته الزمنية من 10 إلى 15 سنة ويصبح بمثابة قانون عمراني بمجرّد المصادقة عليه من طرف الوزراة الوصية.
[7]- مخطط التهيئة الولائيPAW باعتباره الإطار المرجعي للتنمية المحلية، فإن الولاية تعتبر إطار التماسك الطبيعي الذي يساعد على تنمية الأقاليم حسب التوجهات المحدّدة في مخطط SNAT وخطط SRAT ويهدف إلى توضيح التوجيهات في المخطط الجهوي للتهيئة العمرانية أما مخطط التهيئة البلدي PAC باعتبار أن البلديات مجالات قاعدية فهي المجالات التي ينبغي أن تنفذ وتتجسّد فيها الأساسيات التي تحملها إستراتيجية التهيئة العمرانية.
[8]- القانون رقم 82-02 المؤرخ في 06/02/1982 المتعلق برخصة البناء ورخصة التجزئة ج.ر عدد 06 (ملغى)
[9]- المرسوم رقم 82-304 المؤرخ في 09/10/1982 يحدد كيفيات تطبيق القانون رقم 82-02، ج.ر عدد 41.
[10]- القانون رقم 83-03 المؤرخ في 05/02/1983 المتعلق بحماية البيئة، ج.ر عدد 6 (ملغى)
[11]- الأمر رقم 85-01 المؤرخ في 13/08/1985 يحدّد انتقاليا قواعد شغل الأراضي قصد المحافظة عليها، ج.ر عدد 34.
[12]- القانون رقم 87-03 المؤرخ في 27/01/1987 المتعلق بالتهيئة العمرانية، ج.ر عدد 05 (ملغى).
[13]- وهو مخطط يرسم الخطوط العريضة للسياسة الوطنية للتهيئة والتعمير من أجل إيجاز المشاريع الكبرى ذات البعد الوطني ويحدّد توجيهات أساسية في مجال تنظيم التراب الوطني وتنمية وتحديد الإستراتيجية العامة لعملية شغل التراب الوطني كتحديد أماكن المناجم والحقول البترولية وتفرض المشاريع نفها على المخططات الأخرى جهوية كانت أو ولائية
[14]- يعتبر أداة إستراتيجية لتنفيذ المخطط الوطني للتهيئة العمرانية يتولى شرح وتوضيح التوجيهات والمبادئ المخطط لها في المخطط الوطني، ويبين كل مخطط جهوي تفاصيل الصور المستقبلية للإقليم أو الجهات وهذا حسب المعطيات الجهوية لكل منطقة حيث يجمع عدة ولايات ذات طابع اقتصادي واجتماعي موحّد لهدف تثمين الإقليم الجهوي وتفرض المشاريع نفسها على مخططات ذات البعد الولائي والمحلي
2. المرحلة الجديدة لسياسة التهيئة والتعمير في الجزائر
إنّ تطوّر نشاط البناء كان ضرورة ملحة لإعادة النظر في القوانين المتعلقة بالبناء والتعمير خاصة رخصة البناء، وهذا ما أدّى إلى صدور القانون رقم 90-29 المؤرخ في 01/12/1990 ([1]) وصدرت القوانين والمراسيم التطبيقية له فيما بعد للتفصيل في كل ما يتعلق بالتهيئة والتعمير خاصة فيما يتعلق بشهادات ورخص التعمير ومخططات التهيئة، ولتدارك النقائص في القانون 90-29 تمّ تعديله بموجب القانون رقم 04-05 وصدر أيضا القانون 08-15 المتعلق بتحقيق مطابقة البنايات.
الفرع الأول: واقع التهيئة والتعمير من 1990 إلى 2004
صدر القانون رقم 90-29 المتعلق بالتهيئة والتعمير في الجزائر لينظم بشكل تام وشامل مجال التهيئة والتعمير في ظل التطورات التي استوجبها صدور دستور 1989 الذي حدد نمط جديد للنظام السياسي في الجزائر وتغيرت بموجبه القوانين تطبيقا للنص الدستوري، حيث ألغي القانون رقم 90-29 القانون رقم 82-02، وتضمن وضع القواعد القانونية الجديدة الرامية إلى تنظيم إنتاج الأراضي القابلة للتعمير، وتكوين وتحويل المبنى في إطار التسيير الاقتصادي للأراضي والموازنة بين وظائف السكن والفلاحة والصناعة، وأيضا وقاية المحيط والأوساط الطبيعية والمساحات والمواقع المحمية على أساس احترام المبادئ أهداف السياسية الوطنية الجديدة للتهيئة والتعمير، وحدد الأحكام القانونية والتنظيمية وكل ما يتعلق بالنشاط العمراني من حيث:
- التعريف بأدوات التعمير والوظائف المسندة إليها وإجراءات إعدادها والمصادقة عليها والجهات الإدارية المختصة بالاستشارة وكذلك الأهداف التي تسعى لتحقيقها.
- تحديد المناطق المحمية والتعريف بها وقواعد وإجراءات حمايتها كالساحل المردود الفلاحي العالي أو الجيد والغابات.
- تحديد الجهات الإدارية المكلفة بالرقابة ووضع المخالفات والعقوبات المقررة لها واختصاصها الجهات القضائية في ذلك.
- النص على مختلف الشهادات والرخص الإدارية وطرق تسليمها وكذا الطعن فيها.
وتوالت القوانين والمراسيم التطبيقية للتفصيل في كل ما يتعلق بالتهيئة والتعمير خاصة رخص وشهادات التعمير، فصدر المرسوم التنفيذي رقم 91-175 المؤرخ في 28/05/1991([2])، حيث حدد القواعد الفنية العامة للأراضي العمرانية والمقاييس الواجب اعتمادها في البناءات كحد أدنى من الضوابط أو في حالة غياب أدوات التعمير والتي على أساسها تمنح رخصة البناء أو يرفض منحها أو تمنح ضمن أحكام وشروط خاصة أهمها:
- من حيث موقع البنايات والطرق المؤدية لها.
- من حيث موقع البنايات وحجمها.
- من حيث كثافة البنايات في الأرض عن طريق تحديد معاملات استغلال الأراضي العمرانية.
- من حيث المظهر العام للبنايات والشكل الخارجي.
- من حيث الإجراءات التي تطبق على العمارات ذات الاستعمال السكني.
وبعدها صدر المرسوم التنفيذي رقم 91-176 المؤرخ في 28/05/1991 المحدد لكيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة البناء وشهادة المطابقة ورخصة الهدم وتسليم ذلك المعدل والمتمم[3]، والذي يعد الإطار العام المتعلق بكيفية استغلال واستعمال الأراضي العمرانية وتحديد إجراءات وشروط تسليم الرخص العمرانية وشهادات التعمير.
بعدها ركزت المراسيم على مخططات التعمير، فصدر المرسوم التنفيذي رقم 91-177 المؤرخ في 28/05/1991 المحدد لكيفيات إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير والمصادقة عليه ومحتوى الوثائق المتعلقة به المعدل والمتمم ([4])، والمرسوم التنفيذي رقم 91-178 المؤرخ في 28/05/1991 المحدد لإجراءات إعداد مخطط شغل الأراضي والمصادقة عليها ومحتوى الوثائق المتعلقة بها المعدل والمتمم([5]) ويعد هذين المرسومين أهم التشريعات التي تحدد إستراتيجية الدولة في تحديد وإنتاج الأراضي القابلة للتعمير.
ثم صدر المرسوم التشريعي رقم 94-07 المؤرخ في 18/05/1994 المتعلق بشروط الإنتاج المعماري وممارسة مهنة المهندس المعماري، هذا المرسوم ألغى المواد 76 من القانون رقم 90-29 المتعلقة بمنع الشروع في أشغال البناء دون رخصة أو إنجازها دون احترام المخططات البيانية التي سمحت بالحصول على رخصة البناء، والمادة 78 التي تناولت صلاحية الجهات القضائية المختصة إما مطابقة المواقع والمنشآت مع رخصة البناء أو بهدم المنشآت وإعادة تخصيص الأراضي بقصد إعادة المواقع إلى ما كانت عليه من قبل وتم إلغاء هذه المواد من القانون 90-29 بموجب المادة 54 من المرسوم التشريعي 94-07.
وصدر المرسوم التنفيذي رقم 95-318 المؤرخ في 14/10/1995 المحدد لشروط تعيين الأعوان المؤهلين لتقصي المخالفات المتعلقة بقانون التهيئة والتعمير([6])، والذي ألغي بموجب المادة 20 من المرسوم التنفيذي رقم 06-55 المؤرخ في 30/01/2006([7])، وذلك لبسط الرقابة البعدية على البنايات المخالفة لأحكام التهيئة والتعمير في إطار القضاء على البنايات غير القانونية.
كل هذه القوانين والمراسيم حاولت تنظيم عملية البناء وضبط إجراءات الرقابة القبلية من خلال المخططات العمرانية ورخص البناء والرقابة البعدية من خلال محاضر المخالفات، غير أنها صدرت في فترة التسعينات التي عانت فيها الجزائر من وضع أمني سيء أثر سلبا على تفعيل هذه القوانين على أرض البناء وزاد التوسع العمراني على حساب الأراضي العمرانية.
ورغم الحلول القانونية التي جاء بها المشرع الجزائري بموجب القوانين السالفة الذكر للقضاء على البناء غير القانوني أو على الأقل للتقليل منه إلا أن زلزال بومرداس 21 ماي 2001 قد أظهر محدودية تلك الوسائل، مما جعل المشرع يتدخل من جديد ليعدل أحكام القانون 90-29 بموجب القانون رقم 04-05 المؤرخ في 15/08/2004 وتعديل المرسوم التشريعي 94-07 بمقتضى المرسوم رقم 04-06 وهذا لفرض قواعد أكثر فعالية.
الفرع الثاني: واقع التهيئة والتعمير في ظل التعديلات المستحدثة 2004 إلى يومنا هذا
نتيجة الأزمة الأمنية التي مرت بها الجزائر في التسعينات جعلتها غير متحكمة في التعمير والبناءات وكثرت البناءات الفوضوية وللحد من هذه الفوضى أصدرت في البداية حلولا ترقيعية لمطابقة البنايات وكانت غير ردعية في الحد من البناء غير القانوني المخالف لأحكام التهيئة والتعمير.
وبعد الاستقرار الأمني تتالت التعديلات لقوانين التهيئة والتعمير لتتلاءم مع توجه الجزائر نحو اقتصاد السوق الحر، وبناء سياسة عمرانية جديدة تستجيب لمستجدات التاريخ المعاصر، ويلاحظ أن القانون رقم 04-05 عدل كل من المواد 76 مكرر، 76 مكرر1، 76 مكرر2، 76 مكرر3 ، 76 مكرر4، 76 مكرر5، فقد جاء بإجراءات صارمة لتغطية جميع الثغرات التي كانت تستغل في تشييد بنايات مخالفة لقواعد التعمير، وقد حاول هذا التعديل تكريس آليات أكثر فعالية من خلال طرق البحث ومعاينة المخالفات عن طريق مفتشي التعمير وأعوان البلدية المكلفين بالتعمير...
وقد تم تعديل كل القوانين والمراسيم السابقة:
- المرسوم التنفيذي رقم 91-176 المحدد لكيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة البناء شهادة المطابقة ورخصة الهدم وسليمة ذلك، عدل وتمم بموجب المرسوم التنفيذي رقم 06-03 المؤرخ في 08/01/2006 الذي عدل وتمم هو الآخر بالمرسوم التنفيذي رقم 09-307 المؤرخ في 22/09/2009.
- المرسوم التنفيذي رقم 91-177 عدل وتمم بموجب المرسوم التنفيذي 05-317 الذي عدل وتمم هو الآخر بالمرسوم التنفيذي رقم 12-148 المؤرخ في 28/03/2012.
- المرسوم التنفيذي رقم 91-178 عدل وتمم بموجب المرسوم التنفيذي 05-318 الذي عدل وتمم هو الآخر بالمرسوم التنفيذي رقم 12-166 المؤرخ في 04/04/2012.
- أما المرسوم التشريعي رقم 94-07 عدل وتمم بموجب القانون رقم 04-06 الذي يتضمن إلغاء المواد 50-51-52-53-54 من المرسوم التشريعي 94-07.
وفي مجال تفعيل الآليات القانونية لضبط عملية البناء ومراقبتها البعدية أقر المشرع الجزائري المرسوم رقم 06-55 المؤرخ في 30/01/2006 المتعلق بشروط وكيفيات تعيين الأعوان المؤهلين للبحث عن مخالفات التشريع والتنظيم في مجال التهيئة والتعمير وكذا إجراءات المراقبة وألغي بمقتضى المادة 20 منه أحكام المرسوم التنفيذي 95-318.
وحصر المرسوم التنفيذي 06-55 المحاضر التي تحدد بشأن مخالفة قواعد التهيئة والتعمير في ثلاثة أصناف فقط: محضر أشغال بدون رخصة، محضر أشغال غير مطابقة لأحكام رخصة البناء ومحضر أشغال بدون رخصة هدم، وألزم رئيس المجلس الشعبي البلدي وكذا الأعوان المؤهلين قانونا بزيارة كل البنايات في طور الإنجاز والقيام بكافة المعاينات التي يرونها ضرورية وطلب الوثائق التقنية الخاصة بها لمعرفة مدى تطابقها مع القانون في أي وقت، وقد تم تعديل هذا المرسوم بموجب المرسوم رقم 09-343 المؤرخ في 22/10/2009 ([8]).
كما صدر المرسوم التنفيذي رقم 15-19 المؤرخ في 25/01/2015 والمحدد لكيفيات تحضير عقود التعمير وتسليمها ([9])، والذي ألغى أحكام المرسوم التنفيذي رقم 91-176 بحيث تم تبسيط الإجراءات واختصار الوقت من خلال تجميع الشروط المطلوبة لتراخيص أعمال التعمير والبناء وتطبيق فكرة الشباك الوحيد على مستوى الولاية والبلدية استنادا إلى نصي المادتين 58 و59 منه من خلال استحداث بطاقية إلكترونية تتفاعل مع طالبي تراخيص أعمال البناء والرد عليهم.
[1]- القانون رقم 90-29 المؤرخ في 01/12/1990 المتعلق بالتهيئة والتعمير.
[2]- المرسوم التنفيذي رقم 91-175 المؤرخ في 28/05/1991 يحدد القواعد العامة للتهيئة والتعمير، ج.ر 26.
[3]- المرسوم التنفيذي رقم 91-176 المؤرخ في 28/05/1991 يحدد كيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة البناء وشهادة المطابقة ورخصة الهدم وتسليم ذلك ج،ر26 معدل ومتمم بموجب المرسوم التنفيذي رقم 06-03 المؤرخ في 07/01/2006 ج،ر1 والمعدل والمتمم بموجب المرسوم التنفيذي رقم 09-307 المؤرخ في 22/09/2009، ج، ر55.
[4]- المرسوم التنفيذي رقم 91-177 مؤرخ في 28/05/1991 يحدد إجراءات إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير والمصادقة عليه ومحتوى الوثائق المتعلقة به ج،ر عدد 26، المعدل والمتمم بموجب المرسوم التنفيذي رقم 05-317 المؤرخ في 10/09/2005، ج،ر عدد 62 المعدل والمتمم أيضا بموجب المرسوم التنفيذي رقم 12.148 المؤرخ في 28/03/2012، ج ر عدد 19.
[5]- المرسوم التنفيذي رقم 91-178 مؤرخ في 28/05/1991 يحدد إجراءات إعداد مخططات شغل الأراضي والمصادقة عليها ومحتوى الوثائق المتعلقة بها ج،ر عدد 26، المعدل والمتمم بموجب المرسوم التنفيذي رقم 05-318 ج،ر عدد 62 المعدل والمتمم أيضا بموجب المرسوم التنفيذي رقم 12-166 المؤرخ في 05/04/2012، ج ر عدد 21.
[6]- المرسوم التنفيذي رقم 95-318 المؤرخ في 14/10/1995 المحدد لشروط تعيين الأعوان المؤهلين تتقضى المخالفات المتعلقة بقانون التهيئة والتعمير، ج،ر عدد 61 (ملغى).
[7]- المرسوم التنفيذي رقم 06-55 المؤرخ في 30/01/2006 المحدد لشروط وكيفيات تعيين الأعوان المؤهلين للبحث عن مخالفات التشريع والتنظيم في مجال التعيئة والتعمير، ج، ر عدد06.
[8]- المرسوم التنفيذي رقم 09-343 المؤرخ في 22/10/2009 يحدد شروط وكيفيات تعيين الأعوان المؤهلين للبحث عن مخالفات التشريع والتنظيم في مجال التهيئة والتعمير المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي 06-55.
[9]- المرسوم التنفيذي رقم 15-19 المؤرخ في 25 جانفي 2015 يحدد كيفيات تحضير عقود التعمير وتسليمها، ج.ر عدد07.