نشأة العلاقات العامة وتطورها

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: مقياس العلاقات العامة أ/ برش بشرى
Livre: نشأة العلاقات العامة وتطورها
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Saturday 23 November 2024, 01:27

1. نشأة وتطور العلاقات العامة:

إن العلاقات العامة بمفهومها الحديث لم تعرف إلا في هذا القرن، ولكن بالنظر إلى نشاطها يتضح لنا أن جذورها عريقة تمتد لحضارات قديمة، فالإنسان كائن اجتماعي كائن اجتماعي لا يمكن عزلة عن الآخرين  فقد نشأت بينه وبين أفراد المجتمع علاقات مختلفة نتيجة التفاعل .

وتبدأ علاقة الفرد بأسرته أولا ثم المجتمع الذي يحيط به ثم نطاق القبيلة وكلما اتسع نطاق المجتمع تنوعت وزادت علاقاته الاجتماعية، كان رئيس القبيلة حريص على حضور أفراح أعضاء القبيلة والمشاركة في المناسبات الاجتماعية المختلفة وكل ذلك ضرب من ضروب الإعلام عن طريق خلق علاقة داخلية جيدة مع أفراد القبيلة . وقد قام الشعراء في القبائل بدور إعلامي كبير حيث نشر مناقب القبيلة أثارها .

و بهذا يمكن القول بان وظيفة العلاقات العامة وجدت مع وجود الإنسان نفسه، وتدرجت أصولها حتى أسندت إلى شخص معين لإجادته التعبير لما لديه كم قوة إقناع وتأثير على الآخرين.

2. العلاقات العامة القديمة

: تطورت من خلال ما يلي:

*العلاقات العامة في العصور البدائية:

ظهرت  العلاقات العامة في العصور البدائية كنشاط إعلامي تهدف إلى إعلام الجمهور بالمعلومة بصيغة مناسبة ، وقد كان رؤساء القبائل يستخدمون نشاط يشبه العلاقات العامة حيث استعانوا بالأطباء والسحرة أو ما يملكون القدرة على طلاقة الحديث والشرح والتفسير لإقامة العلاقات بالقبائل الأخرى، وكان رئيس القبيلة يتولى عملية الإعلام نظرا لما يجيده من فنون التعبير، وقوة الحجة ويجتمع  بأفراد قبيلته للتداول في الشؤون التي تخص القبيلة وكانت ه\ه النشاطات تشكل النواة الأولى لتطور العلاقات العامة.

*العلاقات العامة في الحضارات القديمة:

*العلاقات العامة في الحضارة المصرية:

اهتم ملوك الفراعنة بالاتصال بالأهالي في مناسبات كثيرة. واهتمت الدولة بتسجيل ووصف الأحداث الهامة في المجتمع مثل الانتصارات الحربية والبعثات التجارية وحفر الترع وإقامة الجسور وتعبيد الطرق ... الخ ، واهتمت الدولة بتسجيل هذه الأحداث و عرضها على الناس وكانت تهدف من وراء هذا العرض والإعلام إلى كسب تأييد الجماهير وإقناعهم بان الحاكم حريص على مصلحتهم ومهتم بقضاياهم و أمورهم .

واستخدموا واجهات المعابد وجدرانها لنقس التعاليم الدينية كما كانوا يصورون عليها بعض الأحداث البارزة و التي تكشف عن جوانب سياسية أو اقتصادية أو دينية .مثال ذلك عندما اعتلى الملك مينا العرس تم توحيد الوجهين القبلي والبحري حيث أعلنت هذه المناسبة في لوحة تذكارية تبين ذلك واستخدموا لها الرمز الذي أشار إلى توحيد الوجهين ووضعوا تحت العرش نبات البردي المجلوب من الجنوب مع زهر الزنبق المجلوب من الشمال.

*العلاقات العامة في الحضارة اليونانية والرومانية:

عني اليونان والرومان بالاتصال بأفراد الشعب وتوسعوا في أنشطة العلاقات العامة نظرا لارتفاع ثقافة الشعب، وكانوا يستخدمون العديد من الوسائل منها القصائد الشعرية مثل إشعار هوميروس والنشرات اليومية عن أعمال مجلس الإشراف لتعريف الشعب بالأحداث. 

3. العلاقات العامة في العصور الوسطى

 لعبت العلاقات العامة في هذه العصور دورا أساسيا في شؤون الدعوة الدينية، خاصة بعد ظهور المذهب البروتيستانتي أين وجدت الكنيسة الكاثوليكية نفسها في مأزق حرج وراحت تشد الخلاص من هذا المذهب الجديد الذي اعتبرته خروجا على الكنيسة المسيحية، واهتم الكرادلة بمسائل الإعلام والنشر وإعادة الثقة إلى الكنيسة الكاثوليكة، ونشأت في ظل هذه الظروف الكنيسة البروتيستانتية على يد "مارثن لوثر"  الذي أفلح في إقناع العديد من الجماهير بمظاهر الظلم الذي كانت تمارسه الكنيسة الكاثوليكة. 

4. العلاقات العامة في الحضارة الإسلامية

عنى الإسلام بالإنسان وكرامته وأفكاره ورغباته ولذلك نجد أن الدعوة الإسلامية لم تأخذ نهج الإرغام بل اعتمدت على البراهين والإقناع والحجة في نشرها. واستخدم الرسول صلى الله عليه وسلم وسائل الاتصال الشخصي وغير الشخصي حيث كان يوفد الرسل ويبعث الكتب إلى الملوك والأمراء ويدعوهم إلى الدخول في الإسلام. ويعد أسلوب لإقناع من أهم الوسائل الحديثة التي يقوم عليها علم العلاقات العامة.

واهتم الإسلام بعد فتح البلاد بكتابات الفقهاء في التوجيه والإرشاد . وكانوا يرون في تلاوة القران أثرا قويا في رفع الروح المعنوية للمسلمين في الحرب والسلم .

وان الدين الإسلامي دعا إلى المعاملة الحسنة و المعشر الطيب لما لذلك من اثر في تصفية النفوس بعضها من بعض .

 وقد لعبت الخطب الدينية دورا مهما في العلاقات العامة، فقد كان الخطباء يقومون إلى جانب الإرشاد الديني بالتوجيه الاجتماعي والسياسي.

5. العلاقات العامة في العصور الحديثة

 إن اصطلاح العلاقات العامة بمعناها الحديث ، قد استخدم لأول مرة في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر وقد كان ” دومان ايتون ” من مدرسة بيل للقانون أول من استخدم الاصطلاح في خطاب ألقاه 1882 بعنوان ” العلاقات العامة وواجبات المهنة القانونية ”ثم ظهر الاصطلاح سنة 1906 م وكذلك سنة 1913م في الأحاديث التي ألقاها مديرو شركات السكك الحديدية في ” بلتيمور “و” أومايو ” حول السكك الحديدية ومشكلات العلاقات العامة التي تتصل بها وقد أصبح الاصطلاح شائعا ومألوفا في العشرينيات عندما ابتدع ” بيرنيز ” عبارة ” مستشار العلاقات العامة ”رغم ما قوبل به من سخرية على أنه اصطلاح مرادف لعبارة السكرتير الصحي وإن كان ينطوي على تفخيم سخيف ” ولم تظهر العلاقات العامة بشكل أكثر وضوحا حتى الثورة الأمريكية ، إذ كان الوطنيون الأمريكان واعين بالدور الهام الذي يمكن أن يلعبه الرأي العام في الحرب مع الإنجليز وبناءا عليه فإنهم خططوا نشاطاتهم ، وعلى سبيل المثال فإنهم خططوا لإحداث حفلة شاي ببوسطن لجذب انتباه الجمهور ، واستخدموا مجموعة من الرموز كشجرة الحرية التي يمكن ملاحظتها بسهولة وتساعدهم في تصوير قضيتهم بشكل إيجابي ”.

ويرجع الفضل في تحديد معالم العلاقات العامة الحديثة إلى الرجل الأمريكي " إيفي لي Ivy Lee  " حيث يعتبر أبو العلاقات العامة بعد أن وضح كثيرا من مبادئها خلال رحلته مع المهنة كمستشار للنشر، وخبير النشر، ومديرا للنشر عام 1921، واستخدم لأول مرة تعبير العلاقات العامة في النشرة التي أصدرها تحت عنوان " العلاقات العامة" Relation public"، وأدرك أن النشر وحده لا يكفي لكسب تأييد الجمهور، وفيما قبل كان إيفي لي يشغل منصب المدير العام للشركة بنسلفانيا للسكك الحديدية عام 1906، وكان "إيفي لي"  أول من استخدم الإعلان كوسيلة من وسائل العلاقات العامة لتحقيق أهدافها.

وبعد الحرب العالمية الاولى ظهر منافس لا فيلي على لقب رجل العلاقات العامة هو" إدوارد بيرنيز" كان يعمل وكيلا صحفيا قبل الحرب، ثم أثناء الحرب في اللجنة التي أنشأها الرئيس الامريكي " وليسن" لتغذية الجمهور بالمعلومات وتعبئة الرأي العام ويعتبر كتابه "تعبئة الرأي العام" 1923 الذي نشره الأول من نوعه في معالجة موضوع العلاقات العامة، وقد قام في نفس السنة بتدريس مادة العلاقات العامة في جامعة نيويورك.

6. نشأة وتطور العلاقات العامة عربيا

أما في الوطن العربي فقد عرفت العلاقات العامة في مصر منذ الخمسينيات ، ولعل ” إبراهيم إمام ” هو الرائد في هذا المجال إذ أصدر كتاب ” العلاقات العامة والمجتمع ” عام 1959 م ،وقام بتدريس العلاقات العامة لطلبة قسم الصحافة بجامعة القاهرة في الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي ( 1957 – 1958 ) وهكذا كان كتاب إبراهيم إمام هو مقدمة دخول علم العلاقات العامة لإلى الوطن العربي ويتحدث إبراهيم إمام عن التجربة بقوله :و لم أكن أتصور أن هذا العلم الذي قدمته لأول مرة سوف يلقى ذلك الإهتمام الكبير الذي لقيه داخل الجامعة وخارجها. وسرعان ما أنشئت معاهد لدراسة هذا العلم في مصلحة الاستعلامات ومعهد الإعلام ومعهد الاشتراكي ومعهد الإرشاد القومي ، كما اهتمت به وزارة الثقافة ووزارة التربية والتعليم وهيئة الإذاعة ومؤسسة السياحة والفنادق ووزارة الشباب ووزارة الحكم المحلي  وغيرها من الوزارات والهيئات”، وقد أصبح للعلاقات العامة أهمية عندما أنشئت كثير من الهيئات والمؤسسات الصناعية والتجارية أقساما قوية للعلاقات العامة، مما أدى بالكليات والمعاهد إلى تدريسها كمادة وتخصص مستقل.