أدوات جمع البيانات في التوجيه والإرشاد

1. المقابلة وأنواعها

     المقابلة الإرشادية (Interview)

01- تعريف المقابلة

عرفت سترانج (Strang) المقابلة، بأنها: قلب الإرشاد النفسي، حيث تشمل على عدد من الفنيات التي تسهم في نجاحه، وقد ميزت ملامحها الأساسية بقولها أن المقابلة الإرشادية: عبارة عن علاقة مواجهة دينامية وجها لوجه بين المسترشد الذي يسعى في طلب المساعدة لتنمية استبصاراته التي تحقق ذاته، وبين المرشد النفسي القادر على تقديم هذه المساعدة خلال فترة زمنية معينة وفي مكان محدد (أحمد عمر،1983، 53).

ويعرف (زهران،1977، 189) المقابلة بأنها: علاقة اجتماعية مهنية دينامية وجها لوجه بين المرشد والعميل في جو آمن يسوده الثقة المتبادلة بين الطرفين بهدف جمع المعلومات من أجل حل مشكلة. أي أنها علاقة فنية حساسة يتم فيها تفاعل اجتماعي هادف، وتبادل معلومات وخبرات ومشاعر واتجاهات ويتم خلالها التساؤل عن كل شيء. وهي محادثة عادية، بل هي نشاط مهني هادف.

ويؤكد العالمان شافر ولازاروس(Schafer & lazarusأن الاختبارات ليست في حقيقتها سوى مقابلة مقننة،  وأن ليس هناك بديل للمقابلة في الخدمات النفسية فهي المحور الأساسي فيها.(الخطيب،2009، 102)

2- أهمية المقابلة: تبرز أهمية المقابلة الإرشادية في ما يلي:

- تعتبر عملية تتيح الفرصة للمستجيب للتعبير الحر عن الآراء والأفكار والمعلومات.

- تتحول من أداة اتصال ووسيلة التقاء إلى تجربة عملية، خاصة فيما يتعلق منها بميدان الإرشاد بين الأخصائيين النفسيين والآباء.

- مصدر كبير للبيانات والمعلومات فضلا عن كونها أداة للتبصير والتوعية والتفاعل الديناميكي.

- تختلف أهداف المقابلة باختلاف الغاية التي ستهدف المقابلة إلى تحقيقها في نهاية المطاف.

03- أنواع المقابلة الإرشادية: تتنوع المقابلة الإرشادية بحسب عدد المفحوصين إلى مقابلة فردية وجماعية، كما تقسم أيضا من حيث الغرض من إجرائها إلى مقابلة استطلاعية ومقابلة تشخيصية عيادية، كما يمكن تقسيمها أيضا من حيث طبيعة الأسئلة ودرجة الحرية التي تمنح للمسترشدين إلى مقابلة غير موجهة نصف موجهة وموجهة،  والتي نكتفي بها في هذا المقام، ويمكن تحديد أنواعها، كما يلي:

3-1- المقابلة غير الموجهة: لا يتدخل الإكلينيكي ولا يوجه المفحوص أثناء الكلام، ويترك له المجال للتحدث بكل حرية، دون مقاطعته أو توجيه مسار حديثه، وهي الطريقة التي كان يطبقها خصوصا روجرزRogers في أسلوبه العلاجي، انطلاقا من أن المفحوص أدرى بالمشاكل التي تؤرقه ويريد الحديث عنها.

3-2- المقابلة شبه الموجهة: وهنا يعمل الإكلينيكي، على توجيه المفحوص في الوقت المناسب، وجعله دائم الصلة بالوقائع التي لها علاقة بموضوع الحوار. وفي الغالب، تقوم على عدم التدخل في الحوار، وترك المجال للمفحوص كي يعبر عن تجاربه الشخصية، من خلال توجيه الحديث للتركيز على مواضيع بعينها.

3-3- المقابلة الموجهة: وتقوم على توجيه مجموعة من الأسئلة المحددة سلفا، قصد الحصول على معلومات تفيد الفاحص في التشخيص.

وعموما يمكن توظيف هذه التوجهات الثلاثة في المقابلة العيادية وفق المقام الذي تجرى فيه المقابلة، إذ يمكن مثلا في بداية المقابلة استعمال المقابلة الموجهة للحصول على المعلومات الخاصة بالمفحوص، ثم بعد ذلك توظيف المقابلة غير الموجهة لترك المجال للمفحوص للتعبير عن مشاعره بكل حرية، وأثناء بداية الحصص العلاجية الأولى يمكن للفاحص أن يتدخل في الحوار لمناقشة أفكار المفحوص ومعرفياته، ومحاولة رصد تناقضاته وأفكاره غير العقلانية ومعتقداته المشوهة، والعمل على تعديلها أو تليينها.(زغبوش و علوي،2011، 116).

4- ميزات وعيوب المقابلة:

يشير كاردنر(Gardner) إلى للمقابلة محاسن كثيرة منها:

- أنها تتصف بالمرونة عند طرحها للأسئلة أو الفقرات.

- أنها أداة مناسبة للحصول على بيانات في عالم القيم والاتجاهات والآراء والمواقف الحرجة.

- أنها تساعد على خلق حوار ودي بين المفحوصين وبين الباحث.

- أنها تستخدم مع الأشخاص الذين لا يعرفون القراءة والكتابة.

أنها تمكن الباحث من أخذ تصور واضح عن الشخص الذي ستأخذ منه البيانات وبذلك تساعد الباحث على تكوين بعض الأحكام عن مدى صحة الإجابات المعطاة عن الشخص المفحوص.(الحلبوسي وآخرون،2002، 132)

وبالرغم من أن المقابلة تعتبر الوسيلة الأولى في الإرشاد النفسي ولها مميزاتها الهامة، إلا أن لها بعض العيوب، منها:

- انخفاض معامل الصدق، وذلك لاختلاف الاستعدادات والقدرات والميول وتقدير المشاعر.

- انخفاض معامل الصدق، وذلك لاختلاف مشاعر العميل تجاه خبراته ومشكلاته من يوم لآخر.

- الذاتية في تفسير نتائج المقابلة، حيث قد يختلف المرشدون المختلفون في ذلك، وقد تختلف هذه النتائج مع الحقائق الموضوعية، وقد يخطئ المرشد في تقدير السمات أو يبالغ فيها حسب خبرته واتجاهاته، وقد يكون متحيزا عند تسجيل ملاحظاته أو عند تحليلها.

- عدم جدواها كثيرا في حالات الأطفال الصغار الذين يصعب عليهم التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم.(زهران، 1977، 196).

- تحتاج المقابلة لأشخاص لديهم خبرة وتدريب ومهارات على إجراء المقابلات، ودون ذلك فإن المعلومات التي يتم جمعها بطريقة المقابلة، قد تكون غير حقيقية، إما بتزييف من المستجيب، أو بتحيز من المقابل.

- يصعب مقابلة أعداد كبيرة من الأشخاص، فذلك يحتاج لوقت وجهد كبيرين.

- قد يعطي المجيب إجابات لا تعبر عن رأيه الحقيقي إذا كان خائفا أو خجولا، أو شاعرا بالذنب، أو محاولا الاحتفاظ بكرامته وشعوره.(الخطيب، 2009، 118).

ü      الملاحظة العلمية.( (Observation

1- تعريف الملاحظة

الملاحظة عبارة عن وسيلة علمية منظمة تستخدم لتثبيت فرض ما أو نفيه حول ظاهرة سلوكية معينة، بحيث يكون التركيز على متضمنات محددة فيها، وتهدف الملاحظة إلى اختبار الأداء السلوكي لفرد ما في موقف معين، ومدى علاقته بسلوكياته الأخرى في المواقف المتباينة، أو سلوكيات أشخاص آخرين تربطهم صلات اجتماعية، وذلك خلال فترة زمنية تختلف مدتها حسب طبيعة الظاهرة السلوكية المراد ملاحظتها، ويشترط أن تتم الملاحظة، بموضوعية ووضوح وتكامل.(أحمد عمر،1983، 104)

ويعرفها كل من(أبو أسعد والغرير،2009، 41) الملاحظة بأنها الانتباه إلى ظاهرة أو حادثة أو شيء ما بهدف الكشف عن أسبابها وقوانينها. وتعرف أيضا بأنها المراقبة المقصودة لرصد ما يحدث وتسجيله كما هو.

ويعرفها خليفة نقلا عن(شاكر جودت،2007، 335)، بأنها: وسيلة دراسة حقلية يجريها الباحث في البيئة الطبيعية، وفي البيئة الاصطناعية، مستخدما فيها حاسة البصر، للحصول على بيانات ومعلومات، تحقق له غرض الدراسة التي يجريها.

2- أهداف الملاحظة: تهدف الملاحظة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف أشار إليها زهران، وهي:

- تسجيل الحقائق التي تثبت أو تخفي فروضا خاصة بالسلوك الملاحظ.

- تسجيل المتغيرات التي تحدث في السلوك الملاحظ نتيجة النمو.

- تحديد العوامل التي يحرك المُلاحظ سلوكيا في مواقف وخبرات معينة.

- دراسة التفاعل الاجتماعي للفرد في مواقفه الطبيعية.

- تفسير السلوك المُلاحظ. (شاكر جودت،2007، 336).

3- أنواع الملاحظة (Types of Observation)

(الملاحظة البسيطة- الملاحظة المنظمة- الملاحظة بالمشاركة- الملاحظة من غير مشاركة- الملاحظة الجماعية- الملاحظة الفردية- الملاحظة في الطبيعة- الملاحظة في المختبر- الملاحظة في العيادة).

4- مزايا الملاحظة وعيوبها: يذكر كل من أبو أسعد والغرير أن لاستعمال الملاحظة كأداة في جمع البيانات والمعلومات عدة مزايا، بخاصة في دراسة الظاهرات الاجتماعية، ودراسة تحليل المضمون والوثائق، وأهم مزاياها:

1- دقة المعلومات بسبب ملاحظة الظواهر في ظروفها الطبيعية.

2- الملاحظة من أكثر وسائل جمع المعلومات فائدة للتعرف على الظاهرة أو الحادثة.

3- دقة التسجيل بسبب إجراءه أثناء فترة الملاحظة.

4- أسلوب الملاحظة الأسلوب الأكثر أهمية في حال عدم التمكن من استخدام أسلوبي المقابلة والاستبيان لجمع المعلومات.

5- يمكن إجراء الملاحظة على عدد قليل من المفحوصين.

6- تمكنك كأخصائي نفسي من جمع بيانات تحت ظروف سلوكية مألوفة.

7- تمكنك كأخصائي نفسي من جمع حقائق عن السلوك في وقت حدوثه.

8- لا تعتمد كثيرا على الاستنتاجات.

أما عيوب الملاحظة فهي:

1- يغير الملاحظون من سلوكهم إذا شعروا بإجراء الملاحظة.

2- قد تستغرق الملاحظة وقتا طويلا وجهدا وتكلفة مرتفعة من الباحث. (أبو أسعد والغرير،2009، 46)

3- تدخل الذاتية ورجوع الملاحظ في ملاحظته إلى إطاره المرجعي الشخصي وإلى خبراته الشخصية.

4- لكي تتم ملاحظة السلوك في إطاره الطبيعي لا يخبر العميل بذلك مسبقا، وقد يتعارض هذا مع مبدأ رئيسي من أخلاقيات الإرشاد النفسي وهو تعريف العميل بل واستئذانه في ذلك (زهران،1977، 202).