ماهية التوجيه المهني

1. مفهوم التوجيه المهني

تعريف التوجيه المهني

تعددت مسميات القائم بعملية التوجيه المهني، ومن أهم هذه المسميات: المرشد المهني، والموجه المهني، وأخصائي (اختصاصي) التوجيه المهني في بعض الدول، الا أن جميعها تشترك في تحقيق جميع أهداف التوجيه المهني

وعرف كينيث هاملتون (Kenneth Hamilton ) التوجيه المهني بأنه عملية مساعدة الفرد على اختيار مهنة والاستعداد لها والعمل بها والنجاح فيها

ويؤكد سوبر Super أن التوجيه المهني يتركز في انماء وتقبل صورة الفرد لذاته بحيث تكون متكاملة وملائمة لدوره في عالم العمل، وكذلك مساعدته على أن يختبر هذه الصورة في عالم الواقع، وأن يحولها الى حقيقة واقعية بحيث تكفل له النجاح، وتحقيق المنفعة لمجتمعه ويشعر بلذة العمل عند أدائه ويكون راضيا به وغير راغب في الانتقال منه الى عمل اخر مما يؤدي لشعوره بالاستقرار والاطمئنان

وعرفه حامد زهران: بأنه عملية مساعدة الفرد في اختيار مهنته، بما يتلائم مع استعداداته وقدراته وميوله وطموحه وظروفه الاجتماعية، والاعداد والأهيل لها، والدخول في العمل والتقدم والترقي فيه، وتحقيق أفضل مستوى من التوافق  المهني

ويعرفه محمد مصطفى زيدان: "بأنه مساعدة الفرد على اختيار المهنة التي تتفق مع ميوله وقدراته وقيمه وظروفه الاجتماعية والشخصية، ثم مساعدته على أن يجد نفسه في هذه المهنة، وأن يتقدم فيها ويصل الى أقصى ما يمكن من نجاح"

وأخيرا يعرفه عبد الحميد مرسي: "بأنه توجيه الأفراد للوظائف والأعمال، والمهن التي تناسب مقدرتهم الذهنية، والثقافية والجسمية، وحالتهم الصحية والاجتماعية وميولهم

التوجيه المهني من منظور تاريخي:

ترجع نشأة التوجيه المهني الى الحاجة الملحة التي ظهرت في المجتمعات الغربية وخاصة في الولايات المتحدة الامريكية نتيجة للتطورات المختلفة التي شهدتها تلك المجتمعات، ونتيجة للكساد الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة، وتعدد المهن وتنوعها

ونشأ التوجيه المهني عام 1908 على يد فرانك برسونز Parons ، الذي يعتبر المؤسس الأول في أمريكا، ويعتقد بارسونز بأن الأفراد  يستطيعون اتخاذ قرارات مهنية صحيحة، اذا كانت لديهم معلومات دقيقة عن قدراتهم وسماتهم الشخصية وشروط النجاح في المهن المختلفة، وما تتطلبه هذه المهن من استعدادات وميول، حتى يستطيع أن يختار من بينها المهنة التي تناسبه، ولقد طبق بارسونز الجانب الثاني الذي يتمثل بتزويد الأفراد بمعلومات عن المهن، لأن الجانب الأول يتعلق بمعرفة قدرات واستعدادات الفردوميوله كان في ذلك الوقت من الصعب قياسه الا بعد الحرب العالمية الأولى حيث انتشرت حركة القياس وخاصة مقياس الذكاء

يعد فرانك باسزونز (Frank Parsons) من أبرز الشخصيات العلمية   التي ساهمت في ترسيم نشاط التوجيه المهني وهو مهندس أمريكي مختص في مجال القانون، قام بتأسيس أو مكتب للتوجيه المهني بمدينة بوسطن، وكذلك نشر كتابه المشهور تحت عنوان اختيار المهنة (Choisi of Vocation)  وذلك عام 1909، والذي عرض فيه الخطوات الرئيسية التي يتعين تبنيها بغرض مساعدة الأفراد على اختيار المهنة المناسبة لهم والتي يمكن حصرها في النقاط التالية:

الخطوة1.تشخيص قدرات وخصائص الفرد أي ( تعريف الفرد بذاته، باستعداداته سمات شخصيته، طموحه,...)

خطوة2.تحديد المتطلبات والشروط الخاصة بكل مهنة أي ( تحديد متطلبات ومواصفات كل مهنة)

خطوة3. محاولة مطابقة خصائص الفرد مع متطلبات المهنة أي ( اتخاذ قرار واعي يعتمد على الموازنة والمطابقة يعني تحليل صائب للعلاقة بين المجموعتين من معطيات ( المهنة-الفرد)

الأدوات التي استعملها بارسونز: المقابلة- أسئلة الوالدين- استمارة من 16 ورقة

لم يقم بقياس النشاط الذهني ( القدرة العلقلية- الذكاء....)

لماذا لم يستعمل مقاييس القدررات العقلية والذهنية؟ لأن الفترة التي عاش فيها لم تكن هناك مقاييس الذكاء

وقد دعمت جهود بارسونز بعد المؤتمر القومي الأول للتوجيه المهني في مدينة بوسطن عام 1910 ثم عقد المؤتمر الثالث وتكوين الرابطة القومية للتوجيه المهني في مدينة جيراند رابدز بولاية ميتشجان عام 1913

الحاجة التي أدت الى نشأة التوجيه المهني( العوامل): لقد كان التوجيه المهني فيما مضى موجودا ويمارس بدون أن يأخذ الاسم العلمي، ولكنه تطور وأصبح الان له أسسه ونظرياته وطرقه ومجالاته وبرامجه، يقوم بها أخصائيون متخصصون علميا وفنيا، وأصبحت الحاجة ماسة للتوجيه في مدارس وفي أسر ومؤسسات الانتاجية وفي المجتمع، وهذا يؤكد الحاجة الى التوجيه المهني. وفيما يلي تفصيل في ذلك

1- التغيرات التي طرأت على الأسرة: طرأت الكثير من التغيرات على الأسرة ووظائفها وعلاقة أفرادها بعضهم ببعض، لذلك فقد تتعرض الأسرة الى بعض المشاكل الجديدة نتيجة ظهور الأسر الزوجية الصغيرة بدلا من الأسر الممتدة، وخروج المرأة  للعمل وابتعاد الأم عن بيتها وأطفالها، وتغير العلاقات الاجتماعية في مجال العمل والمهنة وفي المجتمع بشكل عام. ان جميع هذه المشاكل بحاجة الى التوجيه والارشاد المهني حتى تستقر الأسرة

2- الغيرات التي طرأت على العمل: ان التغيرات التي طرأت على الحياة المهنية، تعد من أبعد التغيرات أثرا في حياة الانيان، واذا كان التطور قد وفر للانسان سرعة في الاتصال وسهولة في التنقل، الأمر الذي زاد ظهور مشكلات لم تكن معروفة منها القلق والظغوط النفسية والتوتر، واتساع الطموح، والتبدل السريع للقيم والتقاليد والأعراف السائدة، كل هذه دفع المؤسسات التربوية والتعليمية والاجتماعية الى التعامل مع هذه الظروف على المستوى الخارجي، باتجاه الاسهام في تغيير الظروف المحيطة بما يلائم قدرات الانسان وامكاناته كلما كان ذلك ممكنا، وعلى المستوى الداخلي باتجاة زيادة مستوى التحمل لدى الانسان وامكاناته كلما كان ذلك ممكنا، وعلى المستوى الداخلي باتجاة زيادة مستوى التحمل لدى الانسان ومساعدته على التكيف وتبصره بامكاناته وتسهيل عمليات تعلمه، والذي يضطلع بهذه الخدمات هو التوجيه والارشاد المهني

3- التقدم العلمي والتكنولوجي: نعيش الان في عصر التكنولوجيا كما نواجه ثورة معرفية كبيرة، فبعد أن كان المتعلم يلم بكل العلوم في العصور السابقة أصبح اليوم يختص اختصاصا دقيقا، ولكي يواكب الفرد والجماعات ما يجري في العالم من تقدم عملي وتكنولوجي، فانه لا بد أن يمر بمشكلات يحتاج الى من يساعده في مواجهتها وحلها وهذا ما يقوم به التوجيه والارشاد المهني

4- تطور التعليم: لقد اختلفت طرائق التعليم عما كانت عليه في الماضي، ذلك لأن أهدافه قد تغيرت وطرائقه قد تعددت، حيث أصبح التعليم يشجع المتعلم على التفكير الناقد والتفكير، ويهتم بشخصية المتعلم في جميع جوانبها، فقد أصبح المتعلم محور العملية التعليمية التربوية، فصار بامكانه أن يختار ما يناسب ميوله وقدراته واستعداداته من المواد الدراسية، وارتبط التعليم بحياة المتعلم وحاجاته، ومن أجل زيادة التعاون بين البيت والمدرسة تم ادخال خدمات التوجيه والارشاد الى المدارس، وهذا يؤكد حاجة الى التوجيه المهني، الذي يساعد المتعلمين في اختيار ما يناسب امكانياتهم واستعداداتهم وميولهم اتجاه المهن

5- زيادة أعداد المتعلمين في المدارس: ان تطور التعليم ومفاهيمه من حيث أهتمام التعليم بالمتعلم وجعله محور العملية التربوية، وزيادة مصادر المعرفة وعدد التخصصات والمواد، جعلت المعلم غير قادر على مواجهة هذا الكم من الأعباء، الأمر الذي أدى الى وجود مرشد نفسي في كل مدرسة، وخاصة أن المدرسة تجمع الطلاب المتفوقين والمتخلفين والمعاقين والجانحين، وهكذا نجد أن الحاجة ملحة الى خدمات التوجيه والارشاد المهني، علاوة على ذلك أن الفرد يمر بحياته بفترات انتقالية تزيد فيها حاجته الى التوجيه المهني والارشاد النفسي والرعاية ومن هذه الفترات:

-       انتقال من الطفولة الى المراهقة

-       انتقال من المراهقة الى الرشد

-       انتقال من البيت الى المدرسة

-       انتقال من الدراسة الى العمل

وكل هذه الفترات تعد فترات حرجة في حياة الفرد تزداد فيها حاجته الى ما يقدمة التوجيه المهني والارشاد النفسي من خدمات تساعده على التكيف أثناء فترات الانتقال لصلة بتكيفه الاجتماعي والانفعالي