المحاضرة الثانية

3. الدراسات الوصفية

 ان هدف الدراسات الوصفية  هو توضيح خصائص اي ظاهرة  ،أي حدث ،أي وضعية او جماعة ونستطيع ان نضيف لهذا الغرض غرضا آخر يتمثل في تحديد سرعة ظهور أو تكرار أية ظاهرة .وخلافا للدراسات الاستطلاعية التي تعد مقاربة لتحديد مشكل دقيق ،تركز الدراسات الوصفية على تفسير الأوجه البارزة لأية ظاهرة ،وتعتبر هذه الأخيرة انشغالها الرئيس ،لأنه لوصف أية ظاهرة أو اي حادث لابد من تجنب الانحرافات المنظمة والتأكد من مصداقية المعلومات المحصل عليها .

وعكس الدراسات الاستطلاعية تفرض الدراسات الوصفية معرفة جيدة مسبقة للمشكل المزمع دراسته ،وينبغي أن يكون للباحثين القدرة على تحديد ما يريدون قياسه بوضوح وايجاد المناهج المناسبة للقيام بذلك ولابد أن تكون كل من :من و ماذا اللتين تفيدان التقييم على المستوى المفهومي والإجرائي محددتين بطريقة دقيقة ( المرجع نفسه ، ص،239)

ان الهدف الأول والنهائي للأبحاث الوصفية هو الحصول على معلومات كافية ودقيقة عن الموضوع محل الدراسة ،كما هو في الحيز الواقعي ،اي وصف ما هو موجود في الواقع من زوايا مختلفة محققة للأهداف المتوخاة من اجراء الدراسة دون التدخل في الأسباب الكامنة وراء وجود هذه الظاهرة المدروسة في هذه الوضعية أو تلك أو التحكم فيها بصورة  جزئية أو كلية .وهنا لابد من الاشارة الى ان الدراسات الوصفية ليست مجرد جمع للبيانات عن الواقع المدروس ،بل هي ايضا عملية تصنيف هذه البيانات الى عناصرها الرئيسية والفرعية ،وتفسيرها تفسيرا شاملا من أجل استخلاص النتائج في شكل دلالات تساعد الى الوصول الى تعميمات حول المواقف المدروسة ،وعلى بناء الأرضية التي يقوم عليها وضع الفرضيات بالنسبة للدراسات التفسيرية للعلاقات السببية ( أحمد بن مرسلي مرجع سابق ، ص،51)

وهكذا فان الدراسات الوصفية لا تتمتع بمرونة الدراسات الاستطلاعية ،لأنه لوصف اي شيء لابد ان تكون المناهج المستخدمة مخططة بعناية ،وذلك أن هدف الدراسات الوصفية هو الوصول الى معلومات مقبولة من طرف مجموعة من الباحثين ،لذلك يجب أن يتضمن مخطط البحث احتياطات أكثر لمواجهة الافكار المسبقة التي لا تتطلبها الدراسات الاستطلاعية ( لارامي أ. ،ب. فالي ،مرجع سابق ، ص،ص،240 ،239)

وفي الدراسات الاعلامية تستخدم الدارسات الوصفية لأغراض الوصف المجرد والمقارن للأفراد والجماعات ووصف الاتجاهات والدوافع والحاجات واستخدامات وسائل الاعلام والتفضيل والاهتمام وكذلك وصف النظم والمؤسسات الاعلامية والوقائع والأحداث ثم وصف وتفسير العلاقات المتبادلة بين هذه العناصر وبعضها في اطار علاقات فرضية يمكن اختبارها

وتتسم هذه الدراسات بالآتي :

  • وصف الظاهرة وعناصرها وعلاقتها في وضعها الراهن
  • هدف الوصف يتعدى الوصف المجرد للظاهرة وحركتها وعناصرها ولكن يمتد ليشمل وصف العلاقات والتأثيرات المتبادلة والوصول الى نتائج تفسر العلاقات السببية وتأثيراتها للوقوف على الأسباب والمقدمات في علاقتها بالنتائج وهذا هو جوهر عملية التشخيص الذي يشير بالتالي الى أنسب الحلول للمشكلات الخاصة بالظاهرة نفسها أو علاقتها.
  • هذه الدراسات وان كانت تهتم في معظم اجراءاتها المنهجية بعملية جمع البيانات وتسجيلها ،إلا ان ذلك لا يمثل الهدف الأساسي حيث يجب أن تكتمل الدراسات الوصفية بأهداف التحليل والتفسير المقارن.
  • لا تعتمد هذه الدراسات على الأساليب الكمية فقط ولكنها تعتمد أيضا على الأساليب الكيفية ،وان كانت الصدارة دائما للأساليب الكمية والتحليل الاحصائي في تفسير البيانات   ( محمد عبد الحميد ، 2004 ، ص،13)

ان الهدف العلمي للأبحاث الوصفية هو تصويري للواقع المدروس ،ومن ذلك فهي لا تستخدم الفرضيات في تحقيق نتائجها النهائية ،لكونها ليست ابحاثا تفسيرية للعلاقات السائدة بين المتغيرات ،بل تستخدم التساؤلات حتى يتمكن الباحث من الحفاظ على التطوير السليم لمسارات البحث وفق ما يستجيب لأهدافه النهائية ،من خلال الارتباط دائما بما يتطلبه التساؤل من اجابة على مستوى كل محور من محاور الدراسة ،ومن هنا كان منهج المسح والأساليب الكمية هي الادوات التحليلية الأكثر ملائمة للاستجابة لهذا النوع من الأبحاث ،لكونها أدوات تعتمد على المسح الدقيق للمعطيات والتعبير عن النتائج بطرق خاصة ،تستند فيها الى وحدات القياس الكمي التي يتم فيها تسجيل المعطيات ،وعدها في مرحلة أولى ثم الاعتماد على الطرق الاحصائية في تبويبها وجدولتها وتحليلها ،لاستخراج المؤشرات التي تحتويها في مرحلة ثانية .

وبما أن الدراسات الوصفية تستخدم في التعرف على وسائل الاعلام وعلى ما تبثه من مضامين مختلفة على جماهيرها المتنوعة ،فهي تعتمد الى الجانب منهج المسح على منهج دراسة العلاقات المتبادلة الذي يوظف في دراسة الحالة ،او في الدراسات السببية المقارنة(دراسة المواقف المختلفة ثم المقارنة بينها)،أو في الدراسات الارتباطية (تأكيد أو نفي ما اذا كانت هناك علاقات ارتباطية بين المتغيرات) ،وعلى منهج الدراسات التطورية (وصف الوضع الراهن والتغييرات التي حدثت خلال فترة زمنية معينة). ( أحمد بن مرسلي ،مرجع سابق ،ص،ص،52،51)