مجال علم السكان (الديمغرافيا)

4. أهمية الديمغرافيا

    لعل من أبرز أسباب تأخر هذا العلم في بلادنا العربية  وتأخره عن مواكبة أحدث التيارات العالمية سواء على صعيد الدراسة أو التجارب والاجراءات العلمية، يكمن في تقدم البحث في هذا العلم يعتمد على توافر قدر كاف من البيانات الاحصائية الموثوق بصحتها بقدر المستطاع، لأن هذه البيانات هي المادة الأولية التي يتناولها الباحث بمنهجه العلمي الخاص، ويسعى إلى استخلاص الأسس والقواعد التي تحكمها، أو تؤثر فيها، وربما ليكتشف ما قد تحتويه من مفارقات تنم عن وجود أخطاء بها، فيعمل على تعديلها بما يقربها من الواقع، والدولة هي السلطة الوحيدة التي يمكنها أن تجمع مثل هذه البيانات إذا ما أقنعت بأهميتها وأصدرت التشريعات اللازمة لتنظيم عملية جمعها وتحديد التفاصيل التي تشملها.

ومن هنا يتبين لنا أهمية هذا العلم ويكن أن نوجزها في عدة نقاط كالتالي:

-       الناس هم موضوع الدراسة في علم السكان، والناس كما يقول " لين سميث" هم أهم ما في هذا العالم " فأنت وأنا وملايين غيرنا من البشر ننتشر فوق سطح الأرض ونمثل غاية جهد المجتمع ووسيلة في نفس الوقت، فكل نشاط في مجال الاقتصاد أو الصناعة أو السياسة، التربية أو الدين أو الرياضة، وغير ذلك من أوجه النشاط يقوم به الناس للناس.

-       البيانات السكانية هي الأساس الذي تنبى عليه أي خطة اقتصادية أو اجتماعية، ولعلنا ندرك أهمية ذلك عندما ندرك أنه لم يعد على وجه الأرض مجتمع لا يأخذ بالتخطيط سبيلا إلى التنمية، متقدما كان أو متخلفاً.

-       الحقائق الأساسية عن السكان على المستوى المحلي تعتبر ضرورية لرسم أية سياسة عامة، فالمسائل المتعلقة مثلا باختيار مواقع المدارس ومبانيها وتجميعها، واختيار مواقع المستشفيات وتخطيط الطرق واصلاحها لابد أن ترتبط دراستها ارتباطاً وثيقاً بحقائق السكان واتجاهاتهم نحو الزيادة أو النقصان أو الثبات.

-       يمثل السكان مركز الثقل العام في وزن الدولة وتحديد مكتانتها على المسرح العالمي سياسيا وعسكريا.

-       يعتبر عدد السكان كعامل من العوامل التي تشكل القوة الحقيقية في كل النواحي، والسكان كقوة عاملة منجة والسكان كقوة مستهلكة، كما أن العدد الضخم من السكان يساعد على ظهور تقسيم العمل والتخصص بشكل واضح ومتزايد.

-       السكان كقوة اقتصادية فيبدو ذلك من ناحيتين رئيسيتين من نواحي النشاط الاقتصادي وهما الانتاج والاستهلاك، ففي عملية الانتاج تعد القوة البشرية العاملة أحد الأركان الأساسية، وتتبر القاعدة العريضة للمجتمع، أما عن السكان كقوة مستهلكة، ذلك لأن كثرة الاستهلاك تحدد حجم السوق المحلية بالنسبة لمختلف السلع، وبالتالي تساعد على تنمية صناعات محلية ضخمة تستفيد من ميزات الانتاج الكبير في تحقيق دفعات اقتصادية.

-       يساعد العدد الضخم من السكان على ظهور تقسيم العمل والتخصص بشكل واضح، وبهذا تعطي القاعدة السكانية العريضة فرصة أكبر لظهور المختصين والخبراء والعباقرة والفنيين والأبطال الرياضيين وغيرها....

-       من الناحية النفسية نجد أن العدد الضخم من السكان الذي ينمو بسرعة يولد الثقة والعزم في نفوس أفراد المجتمع.

وما يمكن قوله أن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل فقر سكاني أو حتى تخلخل سكاني، فإن أعداد النوعية المطلوبة بالمستوى المنشود لا يمكن أن يبدأ من فراغ، وإنما لابد أن يستند إلى قوة كمية هائلة.