علم أمراض الكلام

2. أنواع اضطرابات الكلام

  تمهيد

  قد تنتج اضطرابات الكلام عن عدة ظروف متنوعة مثل إصابات الدماغ والاختلال الوظيفي لميكانزم الكلام أو التنفس أو تشوهات أعضاء النطق، فبعض الأطفال يخطئون في النطق بسبب عدم القيام بالاستجابة الحركية الصحيحة لتكوين الأصوات بشكل صحيح، وبسبب استعمالهم الخاطئ لميكانزم الكلام المشتمل على اللسان والشفاه والأسنان وسقف الحلق مما يجعل تكوين الأصوات صعباً، وقد تكون المشكلة عضوية كما هو الحال في الشفة المشقوقة palate cleft، وقد تنتج التأتأة عن الضغط النفسي والارتباك، أما مشكلات الصوت فقد ترجع لظروف طبية تتداخل مع عمل النشاط العضلي وقد ترجع للصراخ وتلف الأوتارالصوتية.

    أنواع اضطرابات الكلام:

   تضم اضطرابات الكلام اضطرابات الصوت اضطرابات النطق و اضطرابات الطلاقة:

  - اضطرابات الصوت: يحدث اضطراب الصوت عندما تختلف نوعية أو طبقة أو علو أو مرونة الصوت عن الآخرين ضمن نفس العمر والجنس والمجموعة الثقافية. والصوت يعطينا معلومات حول الصحة الجسمية والصحة النفسية والشخصية والهوية والجانب الحسي الجمالي، ويساعد في فهم الفرد وتنقسم اضطرابات الصوت إلى:

       - اضطرابات الصوت العضوية: يعتبر اضطراب الصوت عضويا إذا كان ناتجا عن أمراض فيزيولوجية أو تشريحية، سواء على مستوى الحنجرة بذاتها أو بسبب أمراض أخرى أثرت على بنية الحنجرة ووظيفتها.

       - اضطرابات الصوت النفسية: تسمى أيضا باضطرابات الصوت الوظيفية وتشمل اضطرابات نوعية وطبقة وعلو ومرونة الصوت الناتجة عن الاضطرابات النفسية أو عن عادات خاطئة لاستعمال الصوت، فالصوت يكون غير طبيعي رغم كون البنية التشريحية والفيزيولوجية للحنجرة طبيعية.

        اواضطرابات الصوت متعددة الأسباب: ويمكن أن تكون ناتجة عن أسباب عصبية أو نفسية أو غير معروفة (أرونسون 1990 Aronson ،(وذلك مثل البححة الصوتية التشنجية بما في ذلك اقتراب أو ابتعاد الأوتار الصوتية عن خط الوسط (الانغلاق والانفراج). في حالة الإصابة باضطراب الصوت يبدي الفرد جهودا عالية للكلام، مما يؤدي إلى ضغط على مستوى الحنجرة والتأثير على عضلاتها، مما يسبب ظهور أعراض متعددة: حروقات، صعوبات البلع، مشكلات في التنفس...

       ومن أمثلة اضطرابات الصوت البحة الصوتية aphonie’l وهي اهتزاز دوري للأوتار الصوتية، وفقدان الصوت la phonie أين يوصف صوت المريض بالهمس مع المعاناة من جفا والتهاب الحنجرة واستخدام مجهود عال لمحاولة الكلام. 

       وهناك فقدان الصوت الدائم والعرضي فالدائم يدرك على شكل همس وينتج عن مشكلات في جانبي الأوتار الصوتية والتي تمنعها من الاقتراب والانغلاق أو ناتجة عن اختلال وظيفي في الجهاز العصبي المركزي وقد تكون نفسية، أما فقدان الصوت العرضي فيأخذ عدة أشكال إذ هناك بعض المرضى يظهرون غياب الصوت في آخر اليوم والبعض الآخر يبدي تقطعات عرضية لإنتاج الصوت.

     -اضطرابات النّطق: يعرف النطق articulation بأنه العمليات الحركية الكلية المستخدمة في تخطيط وإنتاج الكلام، أما اضطرابات النطق فتشير إلى صعوبات في مظاهر الإنتاج الحركي للكلام أو عدم القدرة على إنتاج أصوات كلامية محددة، ويشير هذا التعريف إلى أن تعليم المهارات اللفظية هو عملية اكتسابية ناتجة عن التطور النمائي للقدرة على تحريك أعضاء النطق بطريقة دقيقة وسريعة، فتعلم النطق ما هو إلا نوع محدد من التعلم الحركي. وينظر إلى الأخطاء في النطق على أنها اضطرابات محيطية في العمليات النطقية فالإعاقة تكون في العمليات الحركية المحيطية وليس بالقدرات اللغوية المركزية.

    وإن الطفل المصاب بهذا الاضطراب قد يعاني مشكلة في التحكّم في معدل الكلام speech of Rate وقد يتخلّف عن أقرانه في تعلم أصوات الكلام، مثلا طفل في التاسعة من عمره وينطق (شجرة) شترة، وينطق (ذكر) زكر، وطفلة أخرى تنطق (دجاج) دداد، واضطرابات النطق أمر شائع بين الأطفال، فهو يظهر في 10 بالمئة على الأقلّ من الأطفال تحت سن 8 سنوات، ومن حسن الحظ أن اضطرابات النطق يمكن أن تشفي أو تعالج بنجاح بواسطة الإحصائي الأرطفوني.

     وتتخذ الأخطاء في النطق الإشكال التالية:

    1 -الحذف: حذف حرف أو أكثر من الكلمة كنطق خوف بدلا من خروف.

   2 -الإبدال: ابدال حرف بحرف آخر مثلا نطق ستين بدلا من سكين.

   3 -الاضافة: إضافة حرف إلى الكلمة مثلا نطق لعبات بدلا من لعبة.

   4 -التشويه: إنتاج الحرف أو الكلمة بطريقة غير معيارية أو غير مألوفة.

      وقد ترجع اضطرابات النطق إلى سبب عضوي كحالة الإعاقة الحركية الدماغية وذوي النقص السمعي، وذوي سوء التكوين على مستوى الأسنان كما قد تكون وظيفية بدون إصابة عضوية، فقد تعود إلى مشكل في تمييز الكلام. 

      وقد تصاحب اضطرابات النطق شذوذات جسمية مثل الشفة المشقوقة أو الشفة الأرنبة، أو عيوب عصبية قد تكون مسؤولة عن أخطاء النطق، وقد سميت اضطرابات النطق بالاضطرابات الوظيفية لأنّه لا وجود لسبب واضح يفسرها فقد تنتج عن متغيرات مثل التمييز السمعي أو الذاكرة السمعية أو الشخصية أو الأداء الأكاديمي أو الأسنان أو أية عوامل أخرى قد تكون لها علاقة باضطرابات النطق.

      -اضطرابات الطلاقة: يستخدم مصطلح الطلاقة لوصف أي تداخل في تدفق اللغة الشفوية، ويترجم عدم سلاسة الأصوات والمقاطع اللفظية والكلمات مع وجود التكرار، التردد أو الإطالة في الكلام.

      فالكلام العادي يتميز بسلاسة فعندما نتحدث نتطور ببطء من كلمة إلى أخرى دون توقف واضح أو اضطراب في تدفق الكلمات، ولكن بعض الأفراد يعجزون عن إصدار حديث سلس ويعجزون عن التحكّم في وقفاتهم المتكررة.

      وتعتبر التأتأة من أكثر اضطرابات الطلاقة انتشارا، وهي ظاهرة متعددة الأبعاد تؤثر على طلاقة وسلاسة وجهود تدفق الكلمات، بحبسات متقطعة وتكرارات تشنجية.

      وينص تعريف "وينجيت 1964 Wingate " للتأتاة على وجود: - تمزقات متكررة في طلاقة التعبير اللفظي. - سلوكيات مقاومة مصاحبة للتراكيب الوظيفية في حالة الكلام والسكوت. - وجود حالات انفعالية قد ترتبط أو لا بالحديث.

     وتعرفه منظمة الصحة العالمية (1977 (بأنّها اضطراب ريتم الكلمات، أين يكون الفرد مدرك تماما لما يريد قوله ولكنه يعجز عن قوله بسبب تكرارات لا إرادية إطالة أو وقف في الصوت.

     وتتميز التأتأة بأحد المظاهر الآتية:

      - التكرارات: تكرار مقاطع صوتية تظهر عادة في أول الكلام وقد تقترن بضغط في بعض الحالات، ويختلف عدد التكرارات من فرد لآخر ولكنه لا يتجاوز 5 مرات.

      - التوقف blocage :تقلّص عضلي تشنجي عند محاولة النطق مما يؤدي إلى إيقاف الكلام، ويظهر أيضا في بداية الكلمات، ومدة التوقف تختلف من فرد لآخر ولكنها لا تتجاوز 5 ثوان، وقد يقترن التوقف مع التكرار في تاتاة مختلطة.

      - الاطالات: تتمثل في المحافظة على وضعية النطق مما يجعل الصوت أو الحرف متواصلا، وقد يستمر لمدة 5 ثوان ، وهي لا تظهر أبدا في آخر الكلمات. وقد تقترن هذه الأعراض بسلوكيات أخرى نحو رمش العينين، انكماش الجبهة حركة الجذع أو الأطراف... وهي أعراض ثانوية تسمح للمصاب بتجنب أو تجاوز فترة التاتاة.

      وإن الفرد المصاب بالتأتأة يعاني من مشاعر القلق والخجل والارتباك وسوء التكيف النفسي فالاستمتاع بالحياة والتواصل مع الآخرين، ومشاركتهم خبراتهم، وقبول وتقدير الذات تعتبر مشكلات أساسية تتحدى الفرد المتاتأ.