علم النفس اللغة وعلم اللغة النفسي
1. علم النفس اللغوي
ترجع العلاقة بين اللغة وعلم النفس إلى طبيعة اللغة باعتبارها أحد مظاهر السلوك الإنساني ، وحيث أن علم النفس يعنى بدراسة السلوك الإنساني عامة ، فإن دراسة السلوك اللغوي تُعتبر حلقة اتصال بين علم اللغة وعلم النفس .
وقد اهتمت المدرسة السلوكية اهتماما بالغا بالسلوك اللغوي ، وكان لها أثر واضح في البحث اللغوي الأمريكي في النصف الأول من القرن الماضي، لكن البحث في قضايا اللغة من وجهة نظر اللغويين تختلف كثيرا عنه من وجهة نظر علماء النفس، فالفرق شاسع بينهما، إذ يهتم علماء اللغة بدراسة العبارات اللغوية المنطوقة عند صدورها من الجهاز الصوتي وعند تلقيها من طرف المخاطب، وهنا نلاحظ أن العمليات العقلية لا تدخل ضمن مجال علم اللغة، بينما يهتم علماء النفس بتلك العمليات العقلية التي تسبق تلك العبارات المنطوقة وانصب اهتمام الباحثين في الآونة الأخيرة بدراسة اللغة لا من حيث أنها استجابات لغوية فحسب ، وإنما من حيث البنية اللغوية في تلك الاستجابات .
وقد كانت لآراء تشومسكي في قواعد النحو التحويلي الأثر البالغ في ظهور (علم النفس اللغوي) حيث استبدل مصطلح Psychologie du langage إلى psycholinguistique، أي من علم نفس اللغة إلى علم النفس اللغوي وهو يدل على نوع من التغيير في اتجاهات علماء النفس بالنسبة إلى موضوع السلوك اللغوي والظاهرة اللغوية.
فبعدما كانت الدراسات النفسية للغة تتضمن مجال علم النفس، جاء تشومسكي بعدها بنظريات تساءل فيها عن : كبيعة اللغة (فطرية)، ووظيفتها (أداة للتفكير)، والمنهج في دراستها (عقلي)، ومن ثم بدأ علم اللغة النفسي يتطور في الإطار اللساني التطبيقي.