مملكة الفونج في السودان الشرقي
3. قيام مملكة الفونج الإسلامية
3.1. نشأة مملكة الفونج
كان لسقوط دولة المقرة في شمال النوبة على يد المسلمين ، واعتلاء عرشها ملك مسلم عام 1317م تمهيدا لتحول السلطة في كل أقاليم النوبة الوسطى والجنوبية للقبائل العربية المسلمة ، وقد مرت فترة ليست بالقصيرة حتي قيام مملكة الفونج الإسلامية، حيث تكاثر العرب في إقليم علوة ، وبرز وجودهم بصورة واضحة حتى طغى على السكان الأصليين ، وإنتشر بذلك الإسلام يوما بعد يوم.
وقد كان قيام مملكة الفونج الإسلامية ثمرة تحالف بين الفونج بقيادة زعيمهم عمارة ابن عدلان ( دنقس )، والعبدلاب بقيادة زعيمهم عبدالله جماع سنة 1504م على أرجح الأقوال،
وتشير المصادر إلى أن عبدالله جماع زعيم العبدلاب قام بالدور مهم في هذا الحلف وعمل على تجميع كل القبائل العربية في المنطقة ، وعلى لعب الفونج الدور الاعظم بساقط مملكة علوة المسيحية ، لتحقيق أهدافه وغاياته النبيلة في الإنتصار للإسلام والمسلمين ، فكان عمارة معروف بثقابة الفكر ، وسداد الرأي ، وقوة الشكيمة ، وكان ظهوره في مسرح الأحداث في السودان في مستهل القرن السادس عشر الميلادي نقطة تحول بارزة في تاريخ السودان، أما الفونج فقد كان دورهم الرئيسي في قيام المملكة هو الإشتراك بقوة عسكرية غالبة أدت إلى سقوط دولة علوة وتخريب عاصمتها سوبا.
إن قيام دولة الفونج كان مـن الأحداث ذات الشأن في تاريخ النوبة وإفريقيا ، ولم يكن مثل هذا الحدث أمراً هيناً كما يتصور البعض ، وقد ترتبت عليه نتائج هامة علي الصعيدين المحلي والعالمي ، وقيامها كان إعلانا رسميا لإنتشار الدين الإسلامي والسيطرة العربية في بلاد النوبة.
لقد بدأ بقيام دولة الفونج الإتصال الرسمي بين النوبة والبلاد العربية والإسلامية ، وهذا يعتبر تحولا هاما ومنعطفا خطيرا ستكون له آثاره المستمرة علي مدي الأيام ، وكان انتصارا لحركة الجهاد الإسلامي في إفريقيا ، وعم الفرح والسرور معظم البلاد الإسلامية لأنها كانت بلسما لجراح المسلمين الذين أصابهم الحزن والاسي لسقوط دولة الأندلس على يد المسيحيين عام 1492م في وقت قريب من قيام دولة الفونج .