امبراطورية مالي الإسلامية في السودان الغربي

4. تطور وازدهار امبراطورية مالي

4.2. عهد سكورة

بعد وفاة سندياتا خلفه ابته "منسا ولي" والذي حكم بين عامي (653-668ه/1255-1270م) وكان من أعظم ملوكهم، حيث شهدت فترة حكمه اتجاه الإمبراطورية نحو اللامركزية بعدما أقطع الأراضي لقادته الكبار،  وبعد وفاته خلفه "أبو بكر الأول" الذي كان ابن بنت سندياتا على اعتبار أنه لم يكن لسندياتا إلا ابن واحد وهو "منسا ولي"، لكن فترة حكم "أبو بكر الأول" اتسمت بالضعف وكثرت الخلافات حول العرش في عهده فتلاشت قبضته على الإمبراطورية، لهذا فإن وفاة "أبو بكر الأول" عام (683ه/1285م) أحدث غموضا في تاريخ مالي، وواجه الإمبراطورية مشكلة من يخلفه على العرش.

وفي ظل هذه الفوضى ظهر رجل من القادة العسكريين والذي كان من العبيد في السابق قبل أن يتحرر، وهو "سكورة"، أين استولى على العرش عام (683ه/1285م) ونصب نفسه إمبراطورا جديدا على مالي، وبالتالي يعد هذا الأخير أول امبراطور لا ينتمي إلى عائلة "كيتا".

لكن مع مرور الوقت تبين أن "سكورة" ملكا كفءا، بارعا في الحرب وفي السياسة، حيث استطاع أن يعيد لمالي هيبتها وعمل على توسيعها أكثر، حيث مدد حدودها شرقا على حساب مملكة كوكو أما غربا فقد ضم منطقة مسينا وأصبح ملك التكرور تابعا له، كما تميز سكورة بالتقوى والإيمان، حيث استطاع أن يعيد لمالي الأمن والإستقرار إلى أن قتل عام (700ه/1300م)، وهو عائد من الحج في منطقة تاجورة قرب طرابلس.  

بعد وفاة "سكورة"، يعود الحكم مرة أخرى لعائلة "كيتا"، حيث تذكر المصادر العربية أنه بعد وفاة سكورة توالى على العرش كل من الملك "قو" وبعده ابنه "محمد بن قو"، إلى أن انتقل الملك إلى "أبي بكر الثاني" عام (703ه./1303م) وهو ابن أخ سندياتا. الذي اشتهر بطموحه الكبير، الأمر الذي دفعه لتجهيز مائتي سفينة وأرسلها إلى المحيط الأطلسي من أجل الإستطلاع والبحث عما يوجد وراء هذا البحر لكن لم تعد سوى سفينة واحدة، وأتبعها بألفي سفينة أخرى لكن هذه المرة لم تعد ولا سفينة. وهكذا راح الملك ضحية طموحه مع السفن، حيث اختفى ولم يعد، وبالتالي شهدت الإمبراطورية عهدا جديدا عندما تولى الحكم الملك المشهور "منسا موسى" ابن "أبي بكر الثاني".