حركة انتشار الإسلام في إفريقيا جنوب الصحراء

4. دور ملوك السودان ودعاتهم في نشر الإسلام في إفريقيا جنوب الصحراء

4.2. الدعاة الأفارقة

ومن أهم الدعاة الذين ساهموا في نشر الإسلام في السودان الشرقي نجد؛ الشيخ "أبادير" الذي نشر الإسلام في عدوليس وهرر، كذا الشيخ "ابراهيم أبو زرباي" الذي انتقل إلى بربرة وممبسة وأمارتي هرر وعدوليس في النصف الأول من القرن العاشر الهجري، لنشر الإسلام فيها وبناء مساجد ومعاهد ومراكز اسلامية،  كما برز الإمام "أحمد بن ابراهيم الاشول " في القرن السادس عشر أين حرر الصومال من المعتقدات الفاسدة ونشر الإسلام في مناطق كثيرة. كما ظهر الشيخ "حسن بن عبد الله حسن " فس القرن التاسع عشر، فدعا غلى الإصلاح والجهاد في وجه أعتى أربع قوى عالمية وهي ؛ بريطانيا، فرنسا ، ايطاليا والحبشة. ومن هنا مكن القول أن الأفارقة الذين اعتنقوا الإسلام قد ساهموا مساهمة فعالة في نشر الإسلام وتأصيله في النفوس وتأمين استمراره في شرق إفريقيا. 

أما عن السودان الغربي نجد؛ أحمد بابا التنبكتي: من مواليد عام 963ه (1555م) بـ أروان تنبكتو، نشأة في اسرة عريقة في العلم، تولى غالبية أفرادها مناصب القضاء، درس علوم اللغة العربية والشريعة الإسلامية على جده وأبيه، وبذل حياته للتدريس والتأليف لما يربو عن 50 مؤلفا، وأصبح له دور كبير في نشر العلم والإسلام في السودان الغربي.

سقط أسيرا بين يدي جيوش السلطان المغربي أحمد المنصور الذهبي، عند غزوهم لتنيكتو هو و 169 عالم، وأخذوا رفقة اسرهم إلى المغرب وتم سجنه بحجة اثارته للفتن ضد حكم المنصور الذهبي، وبعد اطلاق سراحه قام بالتدريس والوعظ والارشاد فأخذ الناس تاتيه من كل البقاع  لما له من علم غزير وسمعة طيبة، وأصبحت كتبه أكثر تداولا  بين الناس، من أهم مؤلفاته؛ " نيل الإبتهاج بالذيل على الديباج" و"كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج"، هذان الكتابان من أهم كتبه، إذ يتوفران على معلومات قيمة في شتى الجوانب الثقافية، الاجتماعية، السياسية و الإقتصادية.

ما أن الكتاب يعتبر سجلا لأعلام الاندلس، والمغاربية من ليبيا إلى المغرب الأقصى، ما جعلهما أهم المصادر لتلك الفترة في جميع أنحاء العالم الإسلامي حتى اليوم لأنهما في الواقع موسوعة في الحركة الدينية المغربية التي ضمت كثيرا من رجال الدعوة الإسلامية المخلصين. وعندما ولى العرش السلطان زيدان العرش خلفا لأحمد المنصور أذن للتنبكتي بالعودة إلى تنبكتو عام 1605م، فرجع إلى وطنه وواصل حياته العلمية، تتلمذ له عدد كبير من أبناء مالي والسنغاي وبورنو فكان السعدي المؤرخ الشهير بمؤلفه "تاريخ السودان" وقد توفي أحمد بابا عام 1032ه(1622م).

الملاحظ أن تعلق الملوك بالدين الإسلامي يظهر جليا في فترة التواجد الأوروبي بالقارة، حيث ظهرت حركات إصلاحية محلية تدعو للعودة إلى الدين الإسلامي، فبعد الغزو المراكشي عاش الأفارقة في عزلة اقتصادية و تشرد العلماء، و بوصول الاستعمار  عاد السكان إلى الديانة المحلية الوثنية ، فظهرت حركات إصلاحية ، مثل حركة الشيخ عثمان بن فودي الفقيه القادري الذي تأثر بدعوته بالشيخ محمد بن عبد الوهاب ،على أساس انه أكثر الزعماء الأفارقة تأثرا بهذه الدعوة و أولهم ، وساهمت هذه الحركة في تدعيم ترسيخ الإسلام و يظهر ذالك من خلال محاولة الشيخ عثمان التوحيد الخالص بمحاربة كل ما يؤدي إلى الشرك، و رجوعه إلى القرآن و السنة، الأمر الذي أدى به إلى تكوين دولة كبيرة في غرب إفريقيا.

بالإضافة إلى حركة الحاج عمر الفوتى الإصلاحية الذي تصدى للاستعمار، و حركة ساموري توري (1835م-1900م)، الذي اخذ منحى إسلامي لحركته أيضا ، و نجد الحركات الإصلاحية في غرب إفريقيا تتفق على ضرورة العودة إلى الإسلام و الكتاب و السنة و الدعوة إلى الجهاد ضد الإحيائية و البدع و التقاليد الوثنية التي علقت بتعاليم الإسلام منذ قرون طويلة.