السياسة الاعلامية في الجزائر قبل و بعد التعددية
1. السياسة الاعلامية في الجزائر قبل التعددية
لم يلق الاهتمام من قبل الجزائريين إلا سنة 1956 حيث خصصت أرضية مؤتمر الصومام فصلا كاملا لوسائل الاعلام والدعاية، غير أن محرري هذه الأرضية، استعملوا مصطلح الاعلام مرة واحدة فقط وكانت أحكام الفصل تنص معظمها على الدعاية، لأن الهدف منها كان الوصول إلى الاستقلال، ولم تتطرق هذه الأرضية إلى دور الصحافة بعد الاستقلال ويقول زهير إحدادن في هذا الشأن : بما أن النشاط في الميدان الاعلامي لم يعتبر في البداية مسا بالسيادة فانه في حيز التطبيق استند إلى أحكام قانون سنة 1881 الفرنسي والقوانين الاضافية التابعة له، وبالفعل فقد صدر غداة الاستقلال عدد كبير من الصحف يملكها جزائريون لا علاقة لهم بالحكومة ولا الحزب و بدأت تمارس نشاطها بكل حرية بحيث أصبحت توجد ثلاثة أنواع من الصحف :
- صحف تابعة للحكومة.
- صحف تابعة للحزب.
- صحف خاصة[1].
- · أخلاقيات المهنة من خلال قانون الاعلام 1982 :
يعتبر قانون الإعلام الصادر رسميا بتاريخ 6 فيفري 1982 أول قانون للإعلام في تاريخ الجزائر المستقلة، وبذلك يكون قد جاء بعد مرور عشرين سنة على الاستقلال الوطني وفي وقت أصبحت فيه الصحافة تعاني من جميع أنواع الضغوط، وفي ظل الفراغ القانوني ورغبة منها في سد هذا الفراغ قدمت الحكومة نص مشروع هذا القانون على مكتب المجلس الشعبي الوطني بتاريخ 25 أوت 1981، وبعد مناقشات طويلة تم ضبط المحتوى النهائي لهذا المشروع الذي صودق عليه فيما بعد، وهو يتكون من 128 مادة موزعة على مدخل يحتوي المبادئ العامة وخمسة أبواب.
ومن بين المواد التي تناولت وتطرقت بصفة مباشرة لأخلاقيات وآداب المهنة الاعلامية في هذا القانون فهي مواد تكاد تنعدم ويمكن عدها على أصابع اليد الواحدة وهي خمسة مواد : 35-42-45-48-49.
وقد تطرقت المادة 35 الخاصة بالجانب الأخلاقي موصية الصحفي : أنه يتوجب على "الصحفي أن يكون ملتزما بمبادئ حزب جبهة التحرير الوطني ويدافع عن الاحتياجات الاشتراكية" مما يعني ربط الصحفي إيديولوجيا بمبادئ الحزب الواحد.
أما المادة 42 : "فألزمت الصحفي بضرورة الاحتراس من نشر الأخبار الخاطئة أو استعمال الامتيازات المرتبطة بمهنة الصحافة من أجل المصلحة الشخصية أو تمجيد خصال مؤسسة أو مادة تعود عليه بالفائدة". وهنا يمكن ملاحظة التناقض الموجود في هذه المادة وواقع الممارسة الإعلامية، إذ أن الصحافي الذي لا يمجد مؤسسات السلطة أو الذي يسمح لنفسه بانتقادها يتعرض للعقاب .
أما المادة 45 : فتنص على أن "للصحافي المحترف الحق والحرية الكاملة في الوصول إلى مصادر الخبر في إطار الصلاحيات المخولة له قانونيا". وهنا نسجل ما منحته هذه المادة للصحفي المحترف قد ربطته بالصلاحيات المخولة له قانونيا، وهو ما يشكل وسيلة ضغط عليه أثناء تطبيق هذا القانون .
وتنص المادة 48 على أن "سر المهنة الصحافية معترف به للصحافيين الذين تسري عليهم أحكام هذا القانون". وهو في صالح الممارسة الإعلامية الراقية، لولا أن المادة التي تليها 49 قلصت مما منحته المادة 48 وأنقصت من حصانة الصحافة بشأن حماية سرية المصادر وذلك بتحديد مجالات ليس من حق الصحفي الاحتفاظ بالسر المهني عند خوضه فيها وهي :
- مجال السر العسكري على الشكل الذي يحدد التشريع المعمول به.
- السر الاقتصادي والاستراتيجي.
- عندما يمس الإعلام أطفالا أو مراهقين.
- عندما يتعلق الأمر بأسرار التحقيق القضائي.
وعموما نلمس أن ما جاء في هذه المادة 49 يقلص من حرية الصحافة ويجعله مترددا في خوض أي مجال، إن الشيء الذي يمكن قوله هو أن هذا القانون وفيما يخص أخلاقيات المهنة قد تطرق إليها بطريقة سريعة وغامضة، حيث لم يحدد المقاييس والمعايير التي تبنى مبادئ أخلاقيات المهنة ونجد أن معظم المواد الواردة في هذا القانون تغلب عليه صفة القاعدة القانونية الآمرة[2].